استعمال الأدلة الشرعية بين منهج التشبيك ومنهج التفكيك

26.01.2022
محاضرة افتراضية
محاضرات مركز المقاصد
شارك:

محاضرة «استعمال الأدلة الشرعية بين منهج التشبيك ومنهج التفكيك»

الأستاذ الدكتور أحمد الريسوني

افتتح مركز دراسات مقاصد الشريعة الإسلامية - ضمن سلسلة المحاضرات - نشاطه لعام 2022 بمحاضرة قيمة ماتعة، جديدة في عنوانها قديمة في موضوعها، تحت عنوان «استعمال الأدلة الشرعية بين منهج التشبيك ومنهج التفكيك»، من إلقاء العلّامة المقاصدي فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الريسوني، رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وعضو مجلس خبراء مركز دراسات مقاصد الشريعة بمؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي؛ وذلك يوم الأربعاء 26 يناير 2022، عبر منصة (ZOOM) الافتراضية.

تولّى تسيير الجلسة السيّد محمد ادريوش، مسؤول المشاريع والمنشورات بالمؤسسة، الذي رحّب بالحضور والمحاضر، ثم أعطى الكلمة للمحاضر.

حضر هذا المحفل العلمي العامر، افتراضيا، مجموعة كبيرة من العلماء والطلبة من أنحاء كثيرة من العالم الغربي والعربي والإسلامي.

استهل الدكتور أحمد الريسوني محاضرته القيمة بشرح مصطلحات المحاضرة، مستفتحا بمصطلح "الأدلة الشرعية"، التي هي جميع ما يستدل به العلماء، ويبنون عليها الأحكام والمعاني المستنبطة، وخاصة الفقهاء والأصوليين، من كتاب وسنة وإجماع وقياس واستصلاح واستحسان، ومن قواعد فقهية وأصولية، ومن العقل والنظر السديد.

ثم انتقل فضيلته إلى الحديث عن "التشبيك" و"التفكيك" الذين سيستعملان في المحاضرة بأصلهما اللغوي فقط، ونبّه إلى إن "التشبيك" هو عبارة عن شبكة من الأدلة ومن القواعد، ومن النظر العقلي ومن التجارب، تستعمل عند النظر الفقهي. وبتعبير آخر فـ"التشبيك" هو ضم هذه الأدلة بعضها إلى بعض، وربط بعضها ببعض، وإلصاق بعضها ببعض، وتفريع بعضها عن بعض، تكون كلها حاضرة مع العلماء؛ منهم من يسردها ويفصّل فيها، ومنهم من يقتصر على بعضها؛ وليست أدلة منقطعة أو جزرا معزولة.

وأشار فضيلة الدكتور أحمد الريسوني إلى أن الأصوليين يقولون بالجمع بين الأدلة، أو التوفيق بينها، أو ضم بعضها إلى بعض، عوض مصطلح "التشبيك".

وانتقل المحاضر ليشرح منهج "التفكيك"، قائلا إن هذا المنهج هو عكس منهج التشبيك تماما، أي استعمال الأدلة جزءًا جزءًا، بحيث يستدل المستدل بآية ولا يلتفت إلى غيرها، ولو كانت في نفس الموضوع أو ذات صلة به، أو ذات تأثير عليه، ويغفل المصلحة والقواعد وعددًا من الأدلة؛ فإذا ضفر بنص واحد أو أثر،  أخذ به وأطلق أحكامه، على أساس أن هذا نص شرعي، وما نطق به فهو المطلوب، ولا زيادة على ذلك. وأضاف أن هذا المعنى التفكيكي هو ما عبّر عنه القرآن الكريم حين تحدّث عن ﴿الذين جعلوا القرآن عضين ﴾، فعامّة المفسرين يفسرون ذلك أنهم جعلوا القرآن أجزاء (عضون من الأعضاء) مجزّأة مفرّقة. وحذر المحاضر من مخاطر هذا المنهج التفكيكي، إذ يفهم أصحابه النصوص بشكل تجزيئي، ويقومون بتفكيك لأجزاء القرآن الكريم، ولا ينظرون إلى القرآن نظرة شاملة، بكامل محتوياته وموضوعاته ودلالاته ووحدة مصبّه، بل  يقومون بضرب الأدلة بعضها ببعض، أو إعمال بعضها وإغفال وإسقاط بعضها الآخر، فيقعون في تناقضات.

وقبل الإسهاب في سرد الأدلة، والخوض في بعض النماذج بأمثلة معبرة عن أهمية "منهج التشبيك" بين الأدلة، الذي يحقق مقصود الشارع، وبيان ثمراته، أكدّ فضيلة الدكتور أحمد الريسوني على أنّ المسائل التي لابدّ فيها من إعمال "المنهج التشبيكي" وإظهاره (أي استحضار الأدلّة) هي القضايا المستجدة، المتعدّدة الجوانب، التي لها وضع حالي ووضع  مآلي، وربما فيها تنازعٌ، ولها أهميّة خاصّة يراد بيانها وإثبات قطعية الدلالات الشرعية فيها، فتحشر لها الأدلة من جميع أصنافها.

وبعد انتهاء المحاضرة فتح الباب للأسئلة والمناقشات وتعقيبات الضيوف، إذ أعطيت الكلمة لكل من الدكتور وصفي أبو زيد، و الدكتور عبد الرحمن الكيلاني، و الدكتور محمد عوام، والدكتورة زينب أبو علي وآخرين، بما أغنى المحاضرة. ثم كان تعقيب العلّامة  الدكتور  أحمد الريسوني على أسئلة المتدخلين والمعقبين في النهاية.

وقد استفاد الحضور من هذه المحاضرة الرائدة والماتعة ومن المناقشات التي تلتها أيما استفادة، لما فيها من آراء جديدة نافعة، جرى فيها المحاضر على جميل عاداته في البحث والتحقيق الموافقة للمنهج الأقوم والسبيل الأمثل في استجلاب المنافع.

Back to Top