الفنون في ضوء مقاصد الشريعة الإسلامية (3)

31.10.2021
استانبول، تركيا
محاضرات مركز المقاصد ندوات
شارك:

تقرير عن ندوة: الفنون في ضوء مقاصد الشريعة الإسلامية (3)

انطلقت، بعون الله تعالى وتوفيقه، يوم الأحدـ 31 أكتوبر 2021م - في رحاب فندق جواهر، بمدينة إستانبول بتركيا الندوة العلمية الثالثة تحت عنوان: "الفنون في ضوء مقاصد الشريعة الإسلامية".

الجلسة الافتتاحية برئاسة الأستاذ صالح شهسواري

افتتحت الندوة بتلاوة آيات بينات من القرآن المجيد، وتلتها كلمة ترحيبية للمدير التنفيذي لمؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، السيد صالح شهسواري، ركز فيها على أهمية موضوع مقاصد الفنون، الذي جاء متمما للندوتين السالفتين، مضيفا بأن مجال الفنون في حاجة ماسة لتعييره بمعيار المقاصد، وأن المقاصد خادمة للفنون. وألقى بعدها فضيلة الدكتور عصام البشير محاضرة افتتاحية لهذه الندوة بعنوان التجديد في موضوع الفن، التي انصبت على بيان أهمية التجديد ودواعيه، وأن تجديد النظر في الفن له علاقة وطيدة بإقامة العمران وبناء الإنسان، وأن موضوع الفن في حاجة ماسة إلى التجديد بدل الركون فيه إلى نظرات التقليد.

ثم أقيم حفل شاي على شرف الضيوف والمشاركين، من العلماء والباحثين.

الجلسة الأولى برئاسة الدكتور سيف الدين عبد الفتاح

عرض الدكتور إدهام محمد حنش بحثه الموسوم بـ"التماهي الجميل: فلسفة الفن ومقاصد الشريعة،تنظير وتطبيق لفن الخط العربي الإسلامي"، وقد قدم لبحثه بإثارة الإشكال عن العلاقة بين فلسفة الفن ومقاصد الشريعة، إذ اعتبر ذلك نوعا من المغامرة والمجازفة والمعركة المعرفية والمنهجية، وأرجع ذلك إلى أن الجواب الإسلامي الإيجابي المعاصر عن سؤال الفن لا يزال جواباً نظرياً محضاً في تفسيراته الدينية العابرة للفن. وقد عرج على تعريف علوم الفن الإسلامي، ثم صنفها أربعة أصناف:أ- علوم تؤسس لبنية الفن الإسلامي؛كالهندسة (الشكلانية)، والموسيقى (الحركة والإيقاع)، والمناظر أو البصريات. ب- علوم تكوِّن ماهية الفن الإسلامي؛كعلم الجمال وفلسفة الفن، وعلم عناصر الفن، والنقد الفني. ج- علوم تؤصل لهوية الفن الإسلامي وطبيعته العمرانية؛ كعلوم الدين والثقافة والنفس والاجتماع.  د- علوم تساعد في تهذيب الفن الإسلامي وترقية خطابه الجمالي؛ كالرياضيات والفيزياء والكيمياء. كما تناول المحاضر مفهوم الخط وطبيعته المعرفية، مبرزا مقاصده الجمالية.

وقد عقب على هذا البحث الدكتور الحسان شهيد، إذ اعتبر بحث الدكتور إدهام حنش بحثا وورقة علمية متخصصة، جال فيها صاحبها بين دروب فن الخط المقاصدية والفلسفية، ومنح له بعدا جديرا بالنظر والدراسة في المجال التداولي الإسلامي، إما مقارنة أو مقاربة أو تكاملا مع غيره من المجالات.

ولم يخف الدكتور شهيد انتقاده تجاه الورقة حيث سجل عليها ثلاثة قضايا نقدية أساسية:

أولها: خطاب الكتابة، فهو مغرق في التعقيد في بيان الحكمة الفلسفية من الفن بتشبيكه مع مجالات أخرى، كالأصول والمقاصد. ثانيها: تخصصية المفاهيم، فهي تتضمّن ربطا كثيفا بين مفاهيم من اللغة الفنية مع أخرى من الفقه والفلسفة. ثالثها: اضطراب في المباحث، إذ تفتقر إلى تناسق وتسلسل المطالب البحثية، مع كم غير يسير من المعلومات.

ومع ذلك فقد بين أهمية البحث، وأنه تعرض لمسائل دقيقة متخصصة في فلسفة الفن وقضاياه. وقد وقف معه الدكتور شهيد حول سؤال المقاصد في فن الخط كيف؟ ولماذا؟ مسجلا من خلال هذا التساؤل أن هناك لبسا في فهم الصلة العلمية أو المنهجية التي وصل بها الكاتب ما أسماه بالمقاصد الجمالية بمقاصد الشريعة، أو مقاصد القرآن أو مقاصد القيم، لأنه لم يعرب عن الترتيب المنهجي أو التلازم المعرفي بينهما. كما تطرق إلى المقاصد الجمالية العامة لفن الخط، وهنا صوب الدكتور الحسان نقده للباحث في قضية تقسيمه المبتكر للمقاصد إلى مقاصد حقانية، ومقاصد جمالية، ومقاصد خيرية، ولم يرتض ذلك منه، ولا سيما عندما جعل المقاصد المتعلقة بالدين من صميم المقاصد الجمالية، لا الحقانية.

وختم الدكتور شهيد ورقته التعقيبية بأن الورقة العلمية ستفتح آفاقا واعدة بإشكلاتها الجادة، لإعادة الوصل بين العلوم والفنون، بمقاصدها العلمية والوجودية والعمرانية. 

وتلاه بعدها بحث الدكتور عبد المجيد النجّار المعنون بـ "تزكيةُ الإنسان مقصـــدًا للفـــنّ" ركّز فيه على أنّ عمارة الأرض هي غاية الوجود الإنساني، مؤكّدا على أن تزكية الإنسان نفسَه في أبعادها المختلفة تكليف ديني، إن لم تكن هي الغاية من التكليف في مجمله، فكلّ عبادة فرضت على الإنسان إنما هي لغاية تزكيته وهي معقد النجاح والفلاح، فمن تزكّى من الناس فقد حاز الفلاح.

وقد تطرق المحاضر إلى أنواع من التزكية وصلتها بالفن، كتزكية الروح إذ خلق الإنسان على فطرة التوحيد، ولكن خلق أيضا على أهواء وشهوات، إذا ما استرسل في إشباعها بدون حدّ فإنها تحجب عنه تلك الفطرة، فتطرأ عليه الغفلة التي قد تستفحل فتنتهي إلى الجحود. والتزكية العقلية ذلك أن الإنسان لا يستقيم له منهج في المعرفة إلا بجهد مكسوب، يؤخذ فيه الإنسان بتربية تفعّل فيها تلك المبادئ الفطرية. والتزكية الجسمية وتنطلق من مبدإ عامّ هو أنّ جسم الإنسان يُعتبر أمانة مودعة عنده، استأمنه الله تعالى عليها. ثم شرع الدكتور النجار في بيان دور الفنّ في تزكية الإنسان، ذلك أن الدين جاء لغاية أن يرتقي بالإنسان إلى أعلى الدرجات في الإنسانية، في بعده الفردي وفي بعده الجماعي، وعبّر عن هذه الترقية بالتزكّي، وأرشده إلى السبل التي يتحقّق بها هذا التزكّي، وجعل سلوك هذه السبل تكليفا دينيا.

وقد لفت النجار إلى أنه قد يبدو أنّ العقل ليس له علاقة بالفنّ، إذ الفنّ باعتباره تعبيرا عن الجمال هو من غذاء الأرواح وليس من غذاء العقول، وأوضح تلك العلاقة بشكل جلي، وهكذا سار على نفس النهج مع مقصد الفنّ في تزكية الجسم، والتزكية الاجتماعية التي تشمل المجتمع كله.

وقد عقب على بحث النجار الدكتور حذيفة عكاش حيث أبدى إعجابه بالبحث وانحيازه إلى إليه وإلى الباحث معا حسب تعبيره. واعتبر المتكلم من أنصار تشجيع الفنون الملتزمة في خطابنا الإسلامي المعاصر بعد أن غلب (فقه النكد) كما عبر بعض المفكرين، الذي يكاد يحرّم أو يضيّق على كثير من المباحات والطيبات، بسبب فهمهم الظاهريّ الحرفيّ.

وقد سجل الدكتور عكاش بعض الملحوظات على بحث الدكتور النجار نجملها فيما يلي: استغرابه من عنوان البحث (تزكيةُ الإنسان مقصـــدًا للفـــنّ) كيف سيستطيع الكاتب إثبات دعوى العنوان؟ (الفنون تقصد تزكية الإنسان)! فغاية الكتابات الإسلامية التي تتناول هذه القضية إثبات أنّ الإسلام يشجّع الفن الهادف ويبيح الفن النظيف، وأنه مع التعبير عن الجمال وفق ضوابط الإسلام، فقد رعت حضارتُنا فنوناً (كالإنشاد الديني، وتخطيط المصحف، وزخرفته، والزخرفة النباتية والهندسية..)، كما أنّ حضارتنا نبذت فنوناً أخرى تتعارض مع القيم والمقاصد الإسلامية، وإذ بالكاتب يوسّع المعنى ويذكر الجمال و(الفنون) في كتاب الله ومخلوقاته ويربط بينها وبين الفنون البشرية.

ومما أثاره الدكتور عكاش قضية علاقة الدين بالفن، وطفق من خلالها يبين تلك العلاقة وكاشفا عن الصلة بما أورده الدكتور النجار.

وقد أعقبه بحث الدكتور عصام تليمة الذي اختار له عنوان: "تجسيد الرسل والأنبياء في السينما والدراما" وذكر أنه ليس المقصود من بحثه تناول الجانب الفقهي في حد ذاته، وإن كان تناولها من هذه الوجهة أمر مهم، وله أهميته العلمية، سواء انتهى بالتحريم أو الإجازة، أو بالتفصيل، لكن أهميته تكمن في النظرة الفقهية للفن كوسيلة أصبحت مؤثرة بشكل ملحوظ، ودور المقاصد الشرعية في التعامل مع هذه الوسيلة.

وقد تطرق الدكتور عصام إلى أن أول قرار سياسي وديني بالمنع من تمثيل الأنبياء كان زمن السلطان عبد الحميد، وكذلك في مصر بصدور فتوى في ذلك. ثم تلا ذلك الفتاوى والقرارات الصادرة بالمنع والتحريم، لعدة مسلسلات. ثم طفق الدكتور عصام يذكر استدلالات المحرمين لتمثيل الأنبياء. وخلص إلى أن جل الفتاوى التي صدرت في الموضوع كانت متأثرة بظرف معين، ونظرة معينة للتمثيل، وبيئته، والقائمين عليه. وذهب إلى أنها فتاوى مبنية على العاطفة ومتأثر بموقف العامة، كما أنها متشددة. وكر عليها بالنقض وخلص إلى أن هناك تشددا من قبل الفقهاء السنيين في هذه المسألة، ورأى جواز ذلك.

وختم الدكتور تليمة بحثه بقضية البحث في الضوابط والشروط، التي ينبغي أن ندقق فيها فيمن يقوم بأداء مثل هذه الأدوار. غير أن كثيرا من المناقشين من أهل العلم لم يرتضوا كلامه، وبينوا له بالأدلة حرمة الأنبياء، لكونهم صفوة الخلق.

وقد عقب عليه الدكتور ونيس المبروك، مستغربا قضية جواز تمثيل الأنبياء التي ذهب إليها الدكتور تليمة، ومؤكدا على أهمية حفظ حرمة الأنبياء، التي يحفظها لهم الدين والمجتمع الإنساني، وأن حرمتهم لا يليق ان تنتهك بالتمثيل لما له من تأثير على النفوس. وقد أثار بحث الدكتور تليمة نقاشا حادا وإشكالات ليست بالهينة.

وقد عقب عليه الدكتور ونيس المبروك، مستغربا قضية جواز تمثيل الأنبياء التي ذهب إليها الدكتور تليمة، ومؤكدا على أهمية حفظ حرمة الأنبياء، التي يحفظها لهم الدين والمجتمع الإنساني، وأن حرمتهم لا يليق ان تنتهك بالتمثيل لما له من تأثير على النفوس. وقد أثار بحث الدكتور تليمة نقاشا حادا وإشكالات ليست بالهينة.

الجلسة الثانية برئاسة الأستاذ محمد ادريوش

وقد بدأت ببحث الدكتور وصفي عاشور، بعنوان "تثوير الفنون قراءةٌ في نماذج تطبيقية ورصدٌ لتأثيراتها المقاصدية" وقد بناه على تمهيد وأربعة مباحث: تطرق في التمهيد إلى علاقة الفنون بالحواس بحيث كل الحواس من السمع والبصر وغيرهما لها علاقة بالفنون، وخص الأول بالفنون اللغوية وأثرها في مقاصد الشريعة، من الشعر، والنصوص الأدبية، والسير، والتراجم، والخط العربي وغيرها، وكلها لها جماليتها ومفاهيمها الجمالية والفنية.

وأما المبحث الثاني فقد تطرق فيه إلى الفنون السمعية وأثرها مقاصد الشريعة، هي كل ما أثر في السمع والتقطته الأذن مثل الموسيقى والغناء وقراءة القرآن بحسبانه فنًّا قائما بذاته. وذكر الدكتور وصفي أن ما يميز الفنون السمعية عند العرب اقترانها بالفعل الحياتي دائما، فالموسيقى والغناء والحداء والنصيب والنشيد والأذان والترتيل وغير ذلك من أشكال الفنون السمعية هو مظهر من مظاهر الفعل الحياتي للإنسان المسلم.

أما المبحث الثالث فقد انصب على بيان الفنون البصرية وأثرها في مقاصد الشريعة. ورأى الدكتور وصفي أن هذا النوع من الفنون يعتبر أحد أهم روافد الإيمان للقلوب، فالإنسان من خلال التأمل فيما خلق الله، في السماوات، في الأرض، في الأنفس، في الآفاق، وكلها "بصريات" ينقاد إلى الإيمان بالله، وتعزيز الإيمان بقدرته وقهره، وجماله وجلاله، من خلال جميل صنعه وإبداع خلقه.

وفي المبحث الرابع تناول الفنون السمع بصرية وأثرها في مقاصد الشريعة، وبعدما بين المقصود من ذلك ذكر أن أهم المجالات التي تستخدم فيها السمعبصريات هو المجال التعليمي، باعتبارها وسيلة إضافية تكمل عملية التعليم وتثري المعلومات المطروحة، فهي بهذا الشكل تسهم بصورة محدودة في تحسين التعليم. ومما أفاد به المحاضر أنه في كل مبحث يأتي بتطبيقات وتعليقات مهمّة جدا.

وتلاه بحث الدكتور محمود النفار بعنوان "الضرورات السينمائية من منظور مقاصد الشريعة - اختلاقا لأشخاص والأحداث نموذجاً"، وقد بناه على تمهيد فني وتمهيد فقهي درس فيه الكذب وصوره في ضوء النظر الأصولي والمقاصدي. ثم شرع في بيان مطالب البحث، وهي:المطلب الأول: رعاية الصنعة السينمائية في ضوء النظر المقاصدي، المطلب الثاني: اختراع الشخصيات الوهمية في العمل السينمائي، ونسبة الأحداث لها في ضوء النظر المقاصدي، المطلب الثالث: اختراع الأحداث الوهمية في العمل السينمائي، ونسبتها إلى شخصيات حقيقية في ضوء النظر المقاصدي. وخلص إلى أن إطلاق القول بتحريم الكذب دون تأطيره بالنظر المقاصدي كان أحد الأسباب الهامة وراء فتاوى المنع والتضييق، في العمل الفني السينمائي. وأن تمثيل الشخصيات الحقيقية ونسبة الأحداث إليها في صورة الكذب، ولذا اختلف فيه المعاصرون بين من ألحقه باختراع الشخصيات، وأن المشاهد يعلم مغايرة المعروض للواقع، وبين من يلحقه بالكذب من جهة الصورة والحقيقة وهم فريقان: مانع ومجيز.

وتطرّقت بعده الدكتورة خديجة بريك إلى "الطرح السينمائي لقصص القرآن الكريم ف يالسينما العالمية، بينا لتحريف والحاجة للتوظيف الأمثل دراسة تحليلية لفيلم -Noah"، أكدّت المحاضرة على أن هناك ميزانية ضخمة مرصودة لمثل هذه الأعمال الفنية، لكنها، مع الأسف، تلجأ إلى التحريف والتشويه. كما بينت أهمية السينما ودورها في خدمة القرآن الكريم، حيث وجدت السينما في قصص القرآن مادة صالحة وثرية، لتقديم الأعمال العالمية. وقد جعلت من كثير من التساؤلات عن فيلم نوح مدخلا مهما لدراسته فافتتحت دراستها بالتساؤلات التالية:

ما هي الدلالات والأبعاد الضمنية التي تحملها الصورة السينمائية الموظفة في الأفلام السينمائية العالمية –الأمريكية -التي تناولت قصة سيدنا نوح عليه السلام. ماهي المواضيع التي تطرق إليها فيلم "Noah" الأمريكي، والمرتبطة بقصة سيدنا نوح عليه السلام؟ هل عكست المضامين المتناولة في فيلم "Noah" الأمريكي، الطرح الديني في الكتاب المقدس والقرآن الكريم. وبعدها شرعت في تتبع الدراسات التي تناولت صورة المسلمين في السينما، وذكرت من ذلك:

  • ''صورة المسلم في السينما الأمريكية''،تحليل تسيميولوجي لفيلمي الخائن Traitor والمملكة The kingdom
  • Reel Bad Arabs: How Hollywood Vilifies a People ، عمل جاك شاهين من خلال هذا الدراسة على تحليل أكثر من1000فيلم، بدئا من أول عصور السينما الصامتة الأمريكية وحتى أحدث أفلامها، وقال إن العرب والمسلمين بحسب تحليله كانوا دائما ممثلين للشر، أعداء، وحشيين.
  • دراسة بعنوان "صورة الإسلاميين على الشاشة"، لأحمد سالم 2014، وتهدف هذه الدراسة إلى استكشاف الصورة السينمائية وكيفية توظيفها في خدمة الأيديولوجيا المسيسة، وتحديدا كيفية تصوير الإسلاميين في الشاشة الغربية والعالم العربي.
  • صورة الإسلام في الإعلام الغربي" لمحمد بشاري 

كما تناولت القصة في القرآن الكريم ومقاصدها وأغراضها وموضوعاتها. ولم يفتها أن تبين أهمية ودور السينما في خدمة القرآن الكريم، معتبرة أن الفيلم الإسلامي أداة للدعوة ناجحة. ثم طفقت تتبع كرونولوجيا الطرح السينمائي للقصص القرآن الكريم في السينما العالمية، وجوانب التحريف فيها. وبعدها ألمعت إلى قصص من الكتاب المقدس، مثل قصة المسيح في السينما.

وركزت الباحثة على تحليل فيلم نوح مستعملة أدوات وتقنيات تحدثت عنها فيما يلي:

الأدوات الوصفية وتضم هذه الأدوات تقنية التقطيع التقني، التجزئة، ووصف صور الفيلم.  * التقطيع التقني مصطلح يشير إلى وصف فيلم "Noah" في حالته النهائية، ويرتكز على ما ذكرت على ما يلي:

اللقطة وتشمل على رقم اللقطة، سلم اللقطات، زوايا التصوير، حركات الكاميرا. شريط الصوت وتشمل على الموسيقي، الصوت والحوار، وعلى المؤثرات الصوتية. شريط الصورة، ويشمل على محتوى الصورة، الشخصيات، المكان والأشياء. التجزئة، وتتمثل هذه التقنية في عملية تحديد المتتاليات. وصف صور الفيلم، وتعنى تحويل الرسائل الإعلامية والمعاني التي يحتويها الفيلم إلى لغة مكتوبة، وتعطي هذه التقنية التفاصيل الخاصة لمحتوى الصورة، وتشمل على تقنية الوقوف عند الصورة.

وخلصت الدراسة إلى أن هناك تحريفا مقصودا لشخصية نوح النبي عليه السلام، بحسب الرواية الدينية، كما جسد الفيلم الصراع الأزلي السرمدي بين الخير والشر، وبين الرحمة والغفران، مستندا بذلك الى السياق التاريخي. ثم ختمت بحثها بتوصية مهمة هو الاعتراف بالقصور الواضح في الخطاب الإعلامي الإسلامي بشكل عام والسينمائي بشكل خاص، مما يتطلب ضرورة انفتاح العالم الإسلامي على العالم الغربي وعلى حقائق العصر مع الحفاظ على ثوابت الأمة وتقاليدها وأن يُشكل المسلمون في الغرب قوة ضاغطة ترفع صوتها مدافعة عن دينها وصورتها وهويتها.

وقد عقب على بحثها الدكتور يوسف فتحي حمدان، حيث أكد على أن البحث فريد وهام، وتناول قضية حيوية من قضايا العلاقة بين الديني والسينمائي، وهو بحث جريء في بابه، وأن له إيجابيات كثيرة، غير أنه اقتصر على بيان بعض الجوانب المهمة، كحديثه عن الاقتباسات والإحالات التي كانت عادة غير محددة عند الباحثة. ثم تناول قضية مهمة وهي علاقة مصطلح الفن الإسلامي والسينما الإسلامية التي أشارت إليها الباحثة خديجة بريك، غير أنه عقب عليها بكون البحث ركز على أثرها ونتائجها المرجوة على الجمهور، دون وصفها وصفاً علمياً أو تحديدها بضوابط واضحة، كما هو معروف في تقنيات تعريف المصطلحات. ورأى الباحث أن الأمر يزداد تعقيدا حين يتم مقارنتها بما هو عند الغرب.

وذهب الأستاذ حمدان إلى أن السينما والفيلم السينمائي كما تناولته الباحثة يحتاج إلى توسيع أكثر ودقة أكبر، باعتبارها أي السينما جزء من الصناعات الثقافية، لها دورة حياة اقتصادية خاصة تختلف عن أي من الصناعات الأخرى. كما تناول قضية القصة في القرآن وارتباطها بالجانب الأدبي والفني، ناهيك عن المصطلحات الفنية المرتبطة بالسينما والثقافة. وكذا اعتبار السينما وسيلة دعوية. وختم تعقيبه بالتطرق إلى قضية تحريم تمثيل الأنبياء وقال بأنها قديمة حديثة، وقصد بذلك كما صرح كتاب عبد الله ابن الصديق (إقامة الدليل على حرمة التمثيل)، وهي تحتاج إلى مقاربة جديدة.

ثم شرع المشاركون في مناقشة البحوث، معبرين عن أهميتها وعمقها، مع إثارة جملة من القضايا العلمية والمعرفية والفنية، التي تكون عونا للبحث العلمي، كما نوهوا بالمجهودات التي تبذلها مؤسسة الفرقان وشركاؤها في الدفع بعجلة البحث العلمي والمعرفي إلى الأمام، ورصد كل ما له جدة وجدوى.

اختتم الأستاذ محمد ادريوش الجلسة بشكر كل الحضور أساتذة ومشاركين ومنظمين، ثم قرأ الأستاذ مولاي حسن البرهومي على الحضور آيات من الذكر الحكيم.

Back to Top