القَوَاعِدُ الأَسَاسُ لِعِلْمِ مَقَاصِدِ الشَّرِيعَة: القاعدة الثالثة: قاعدة اعتبار المآل

شارك:
محتويات المقال:
تقديم
الشريعة بين اعتبار الحال واعتبار المآل
المآلات والمقاصد
المصادر والمراجع

تقديم

قاعدة (اعتبار المآل) أو (نظرية اعتبار المآل) تترجم وجها آخر من وجوه (الاستصلاح)، وهو وجه متميز، فيحتاج إلى بيان خاص به.

وهذه القاعدة لم تكن شيئا مذكورا قبل أن يبرزها الإمام أو إسحاق الشاطبي في القرن الثامن الهجري. نعم كان لها تمثل في كثير من تعليلات الفقهاء، وفي تطبيقاتهم الاجتهادية، وحتى في عدد من القواعد الفقهية، لكنها لم تحظَ بتجميع أصولها وربط خيوطها وإبراز أهميتها، إلا على يد الإمام المقاصدي أبي إسحاق الشاطبي.

ولَربما كان الاهتمام المبكر بقاعدة (الذرائع) قد صرف الأنظار عن الاهتمام بقاعدة (المآلات) وحلَّ محله، نظر للتشابه والتداخل بين القاعدتين، رغم أن قاعدة اعتبار المآلات أعم وأوسع من قاعدة سد الذرائع. فسدُّ الذرائع إنما هو وجه من وجوه اعتبار المآلات.

وأما الشاطبي فلم يطرأ جديد يذكر إلا في عصرنا هذا، حيث حظيت قاعدة اعتبار المآل بعناية كبيرة في الدراسات الأصولية والمقاصدية المعاصرة، وصدرت فيها مؤلفات مستقلة وبحوث متنوعة1.

وبما أنني أتحاشى عادةً (الحرثَ في الأرض المحروثة)، فإني لن أكرر دراسة ما درسه غيري في هذه القضية، مكتفيا في ذلك بما يكون مناسبا من اقتباسات وإشارات أو استدراك، وأهم ذلك هو ما يتعلق بالخصوصية المنهجية والمقاصدية لقاعدة المآلات.

ولذلك فإني أقتصر في تناول هذه القاعدة على مبحثين هما:

المبحث الأول: الشريعة بين اعتبار الحال واعتبار المآل

معظم الذين ألَّفوا وكتبوا في موضوع (اعتبار المآل، أو المآلات، أو مآلات الأفعال) أبرزوا أهمية هذا الأصل ووظيفته الاجتهادية الفقهية؛ بمعنى أن اعتبار المآل أصل من أصول الاجتهاد في الفقه الإسلامي، له أدلته وحجيته القاطعة، وله فروعه وآثاره الواسعة ...2

ومعلوم أن (اعتبار المآل)، في الاصطلاح الفقهي الأصولي، يعني استشراف التطورات والتداعيات التي يمكن أن يؤول إليها الفعل مستقبلا، ثم إدخالها في حيثيات الاجتهاد والحكم على ذلك الفعل. أي إن الاجتهاد يأخذ بعين الاعتبار الحال والمآل، الحاضر والمستقبل. فمراعاة ما تؤول إليه الأمور في مستقبلها المتوقعِ، وعدمُ الاقتصار على واقعها وحاضرها ونتائجها الفورية، هو المقصود بقاعدة (اعتبار المآل).

وقد أجاد الأستاذ فريد الأنصاري في بيان الطبيعية الحركية والمجال المستقبلي لقاعدة اعتبار المآل. قال رحمه الله: "وهنا نكتة لا بد من التنبيه إليها، وهي أن (المآل) في الاعتبار الاجتهادي يقتضي نظرا تطوريا، أي غير سكوني؛ ذلك أن اعتبار المآل في تنزيل الحكم الشرعي هو نظر إلى الواقع في صيرورته الحركية. فالمآل هو ذلك الواقع المُصار إليه، بعد حركة الواقع المشاهد. وفرقٌ بين هذا، وبين نظرِ الفقيه في الفتوى في الواقع باعتبار حاله دون مآله. فهذا نظر سكوني وتأمل ثابت، أما النظر في المآل فهو رصدُ الحركة المتغيرة، المؤثرةِ على الحكم الشرعي بعد تنزيله وإلباسه ظروف الزمان والمكان المتوقعة"3

ثم قال: "فتبين إذن أن المآل أصلٌ يُحكم بمقتضاه على الحاضر، باعتبار ما سيكون عليه في المستقبل"4، "فاعتبار المآل يعني في نهاية المطاف اعتبار المستقبل في تنزيل الحكم على الواقع"5.

فهذا في باب الاجتهاد والنظر الاجتهادي الذي يضطلع به الفقهاء المجتهدون. لكنْ ما أريد التركيز عليه ولفتَ الأنظار إليه هو ما لاِ عتبارِ المآلِ، من مكانه في تأسيس الشريعة المنَزَّلة وبناءِ أحكامها المنصوصة، وليس فقط في تقرير الأحكام الاجتهادية التنزيلية لما يستجد أو يَعْرِض أو يُتوقع من أحوال ونوائب وتطورات.

أعني أن الشريعة من أساسها وبدايتها تحكُم على الأفعال في حالها ومآلها، في يومها وغدها، في بدايتها نهايتها؛ أي إنها قائمة على اعتبار الحال والمآل مع وفي آن واحد. فاعتبار المآل – على هذا المعنى – ليس مجرد أصل اجتهادي نَدَّخره ونستدعيه لنُعْمله في حالات معنية، بل هو قائم معمول به في كل ما قررته الشريعة من أحكام. فالفقهاء والأصولين الذين يراعون المآلات ويدعون إلى مراعاتها، لم يزيدوا على أن تفطنوا للأبعاد المآلية لأحكام الشريعة المنصوصة، ثم ساروا على نهجها في مسائلهم الاجتهادية. فاعتبار المآل عندهم، إنما هو امتداد لاعتبار المآل المتأصل في أسس الشريعة ومقاصدها وأحكامها.

• فنحن – مثلا – حين ننظر ونتأمل في حكم الصلاة، ونجد أنها جُعلت ركنا من أركان الدين وفريضة من فرائضه الكبرى، وورد فيها من التعظيم والتشديد، والوعد والوعيد، ما هو معلوم…، لن نفهم ذلك حق فهمه ونَقْدُره حق قدره، إلا بالنظر في وظائف الصلاة وآثارها على المصلين ومجتمعهم، حالا واستقبالا.

-فإذا نظرنا إلى الصلاة في "الحال"، سنجد أن المصلي يعبد ربه ويؤدي حقا من حقوقه تعالى، وهذا شيء جليل. وسنجد أنه يحوز شرف مثوله بين يدي ربه سبحانه، ثم هو يجوز – إن أحسن صلاته – الطمأنينة لقلبه والسكينة لنفسه. ويتكرر هذا ما تكررت صلاته.

-وأما إذا نظرنا إليها في "المآل"، فسنجد أن الصلاة بدوامها واتصال حلقتها، تُدخل صاحبها في تعاقد مؤداه التواصل المستمر مدى الحياة مع الله تعالى. ففي عملية ربط محكم متصل طويل الأمد، للعبد بربه. إنها عقد تأمين على الإيمان والدين.

- والصلاة تشكل مفترق طرق بين مسار ومسار في السلوك الإنساني. فالمصلي عادة هو مظنة الاستقامة والإحسان. وبداية أدائه للصلاة تعني الإقلاع عن عامة الموبقات والمنكرات، لمن كان يقترف شيئا منها، لأن كل المصلين يَعلمون أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر. بكلمة جامعة: هناك سلوك المصلين وطريقهم، وهناك سلوك غير المصلين وطريقهم.

- والصلاة أيضا عملية ربط متصل دائم للمصلي مع المسجد وأهله. فمن يبدأ في الصلاة، ثم يأخذ في التردد على المسجد، يكون كمن سجل نفسه في مدرسة حقيقية هي مدرسة المسجد، ويكون قد انخرط في الجماعة المحلية للمسجد ولمكان العمل. وهما أمران لهما من التأثيرات المتجددة ما لا يحصى: دينيا وثقافيا واجتماعيا.

  • والمصلون في كل مسجد، بتعارفهم وتآلفهم وتواصلهم الدائم، يشكلون الكتلة الصلبة للمجتمع الإسلامي المحلي في الأحياء والقرى والتجمعات المهنية. ولإمام المسجد وخطيبه في ذلك من التوجيه والتأثير ما يجعله شخصا قياديا في تلك الجماعة.
  • والصلاة – فردي كانت أو جماعية – بأذانها وجمال مظهرها، هي دعوة مفتوحة متجددة إلى الإسلام وإلى عبادة الله تعالى.
  • فهذه هي الصلاة في مساراتها ومآلاتها...

وهكذا هي سائر أركان الإسلام. فهي إنما جعلت أركاناً وأُسساً بمساراتها ومآلاتها ومختلف آثارها، لا بمجرد حالها وعاجل أمرها.

فالمنظور إليه عادة في هذه المسألة هو اعتبار الحال؛ وهو ان السارق يعتدي ويسرق فتقطع يده، عقوبة له على سرقته6. وهذا الحكم – من قديم – أثار الاستغراب والتحفظ لدى بعض الناس، بسبب أن قطع اليد شيء جسيم خطير بالغ الأثر، فكيف يكون لأجل سرقة شيء من المال، إذا قيس بيد الإنسان فهو زهيد وخسيس مهما كان مقداره؟ بل إن المقدار المسروق في غالب الأحيان لا يكون لا كمية هائلة ولا ثروة طائلة؟؟ ثم إن نصاب السرقة عند الجمهور هو ربع  دينار ذهبي أو ما يعادله.

قال ابن القيم: "وقد أورد بعض الزنادقة هذا السؤال وضمنه بيتين، فقال:

        يدٌ بخمسمئين من عسجد وُديت7 ... ما بالها قُطعت في ربع دينارِ
        تناقضٌ ما لنا إلا السكوت له ... ونستجير بمولانا من العارِ

فأجابه بعض الفقهاء: بأنها كانت ثمينة لما كانت أمينة، فلما خانت هانت. وضَمَّنه الناظم قوله:

       يد بخمسمئين من عسجد وديت ... لكنها قُطعت في ربع دينار
      حماية الدم أغلاها وأرخصها ... خيانة المال فانظر حكمة الباري

وروي أن الشافعي – رحمه الله – أجاب بقوله:

      هناك مظلومة غالت بقيمتها ... وها هنا ظَلمت هانت على الباري.

وأجاب شمس الدين الكردي بقوله:

     قل للمَعَرِي8 عارٌ أيُما عارِ ... جهلُ الفتى وهو عن ثوب التُّقى عار
     لا تقدحنَّ زناد الشعر عن حِكَم ... شعائر الشرع لم تقدح بأشعار
     فقيمة اليد نصف الألف من ذهب ... فإن تعدت فلا تسوى بدينار"9

على أن هذه الإجابات – مع جودتها – قد ركزت على الحال ولم تنظر إلى المآل.

والمآل هنا: هو أن قطع يد السارق يمنع سرقات أخرى، من الوارد أن يُقْدم عليها السارق، بعد أن يفلت من العقاب، أو متى كانت عقوبته خفيفة غير زاجرة.

ثم إن القطع لمرة واحدة يمنع المئات أو الآلاف من السُّراق المحتملين، بل يصرفهم عن التفكير في السرقة إلى التفكير في الكد والإنتاج؛ فالأمر جد لا هزل فيه.

يضاف إلى هذا أن نسبة كبيرة من جرائم القتل والضرب والجرح واقتحام البيوت وترويع أهلها، إنما سببها السرقة. فيصير الزجر عن السرقة أمناً للأرواح والأبدان والمساكن.

 ومعلوم أن "الأمن المالي" شرط لا بد منه من لتسيير التجارة وتنشيط الحركة التجارية، وشرط لا بد منه لإقامة الأسواق وانتظام نشاطها في ثقة وطمأنينة.

والحقيقة التي يعرفها الجميع هي أن جميع وجوه الإنتاج والرواج الاقتصادي، إنما تنطلق وتزدهر بقدر ما يتوافر لها من حماية وأمان، والعكس بالعكس. ولذلك نجد رؤوس الأموال تهجر البلدان التي لا أمن فيها.

وهناك مسألة شبيهة كثيرا ما سئلت عنها ونحن نتدارس حفظ الضروريات الخمس وترتيبهاَ. وتتعلق بالحديث النبوي المتفق عليه، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: (مَن قُتل دون ماله فهو شهيد). والسؤال هنا هو: إذا كان حفظ المال هو آخر

الضروريات رتبة، وحفظ النفس مقدم عليه، فكيف ساغ أن يضحي الإنسان بنفسه من أجل ماله؟

والجواب يقال فيه بعض ما تقدم.

وفيه أيضا: أن من يغامر بنفسه في هذه الحالة، لا يكون مدافعا فقط عن بفرته أو نقوده أو جهازه أو أثاث منزله، وإنما هو مدافع – في النتيجة والمآل - عن الأمن العام وعن أموال غيره أيضا. فأمنُ الأموال والممتلكات لا يكاد يتجزأ. لا حفظ الأموال والأرواح – معاً – لا يكاد يتجزأ أيضا. فلذلك كان من يَدفع عن نفسه وماله، يَدفع بالنتيجة عن المجتمع، ولذلك لو قُتل كان شهيدا.

ولعل في هذين المثالين – مع ما سيضاف لا حقا – ما يكفي لبيان أن (اعتبار المآلات) أصل مرعي في وضع أحكام الشريعة من أساسها، وليس فقط أصلا اجتهاديا تنزيليا.

وقد أشار الشاطبي إشارات عابرة إلى هذه القضية، في قوله رحمه الله: "المآلات معتبرة في أصل المشروعية؛ كقوله تعالى ﴿ يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون﴾، وقوله ﴿ كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون﴾، وقوله ﴿ ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام﴾ الآية، قوله ﴿ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله﴾ الآية، وقوله

﴿رسلا مبشرين ومنذرين﴾ الآية، وقوله ﴿ كتب عليكم القتال وهو كره لكم﴾ الآية، وقوله ﴿ولكم في القصاص حياة﴾. وهذا مما فيه اعتبار المآل على الجملة"10.

وفي إشارة أخرى قال: "والأشياء إنما تحل وتحرم بمآلاتها"11.

على أن الشاطبي رحمه الله قد قَعَّدَ قواعدَ مقاصديةً ذاتَ صلة بقاعدة المآلات، وإن لم يقم بأي ربط بين هذه وتلك، لا تأصيلا ولا تمثيلا.

- منها قوله: "إذا ظهر من الشارع في بادئ الرأي القصدُ إلى التكليف بما لا يدخل تحت قدرة العبد، فذلك راجع في التحقيق إلى سوابقه أو لواحقه أو قرائنه"12. ومحل الشاهد عندي في هذه القاعدة يكمن في فكرة "اللواحق"، وذلك أن للشرع أحكاما تأمر بأشياء وتنتهي عن أشياء، ومقصودها ليس تلك الأشياء بالذات، وإنما لواحقها، أي ما ينتج عنها، سواء كان قريبا أو بعيدا.

فالنهي عن الخلوة غير الشرعية – مثلا – هو نهي عن لواحقها، وهي الانزلاق عاجلا أو آجلا إلى التشهي، فالمراودة، فالزنا.

والنهي عن الغضب ليس نهيا عن ذات الغضب، وإنما هو نهي عن لواحق الغضب ومآلات الاسترسال وراءه.

ومنها قوله: "وضع الأسباب يستلزم قصدَ الواضع إلى المسبَّبات، أعني الشارعّ"13. والأسباب المقصودة عنده هي عبارة عن أحكام شرعية تكون – في المعتاد – سببا لما يترتب عنها من آثار؛ وهي إما مصالح مجلوبة أو مفاسد مدفوعة. قال: "اّلأسباب من حيث هي أسباب شرعية لمسبَّبات، إنما شرعت لتحصيل مسبَّباتها، وهي المصالح المجتلبة أو المفاسد المستدفعة"14. وهذه المصالح والمفاسد (أي المسبَّبات)، قد تكون عاجلة مباشرة، وقد تكون آجلة تأتي بعد حين. فوضْعُ الشارع للأسباب معناه أنه يرمي إلى مسبَّباتها ونتائجها، سواء كانت حالية أو مآلية.

فمشروعية الزواج والحثُّ عليه سبب شرعي تُقصد من ورائه مسبَّباتُه المقصودة شرعا؛ وهي تحصيل ما يجلبه من مصالح، وتعطيل ما يمنعه من مفاسد. وتلك المصالح المحصلة والمفاسد المعطلة لا ينحصر تحققها في ليلة الزفاف أو ضحاها، بل تمتد لسنين أو بعشرات السنين، ثم تمتد آثارها وتتجدد جيلا بعد جيل. وهذا هو الجانب المآلي لهذه القاعدة المقاصدية الشاطبية.

المبحث الثاني: المآلات والمقاصد

اعتبار المآلات إنما هو في حقيقته اعتبارٌ لمقاصد الشرع الراعية للمصالح حالا واستقبالا، فهو وجه من وجوه الاستصلاح وفرع عنه. فالاستصلاح الحقيقي الكامل إنما هو مراعاة المصالح عاجلا وآجلا، حالا واستقبالا. وكما قال الدكتور مصطفى قرطاج "لا يكون الفعل مصلحة كاملة حتى يجتمع فيه، من بين وجوه النفع، منافعة العاجلة والآجلة"15.

ولما كان مسَلَّماً "أن وضعَ الشرائع إنما هو لمصالح العباد في العاجل والآجل معا"16، فمعناه أن اعتبار المآل فيها هو الشطر الثاني لمقاصد الشريعة، بل هو - بدون مبالغة – الشطر الأعظم منها؛ لأن ما يراعى من المقاصد في المآل هو أضعاف ما يراعى منها في الحال، ولأن الحال محدود قصير الأمد، أما المآل فطويل الأمد غير محدود.

فالمآل إذاً مُراعى "في أصل المشروعة" كما قال الشاطبي، ثم يأتي المجتهد فينظر في المآلات المتوقعة الطارئة والمتغيرة، بحسب ما جدَّ من أحوال الناس وخصوصياتهم الفردية والاجتماعية... وقد يدعوه ذلك النظرُ إلى القول بالمشروعية في أمور أصلها عدم المشروعية، أو القولِ بعدم المشروعية فيما أصله المشروعية. وكل ذلك مداره على ما يتحقق أو يتعطل من المقاصد الشرعية....

فإذا أخذنا – مثلا – قضية "امتلاك عموم الناس للسلاح وحملهم وتداولهم إياه"، فهو في الأصل شيء مباح نصا وإجماعا، وربما عُذَّ مندوبا، أو حتى واجبا، في بعض الأحوال. ولكن تغير السلاح الفردي اليوم، من سيف ورمح وخنجر، إلى بندقية ومسدس ورشاش، وتسارعَ حامليه إلى استعماله والفتك به، وظهور حالات يتحول فيها هذا السلاح إلى خطر داهم على الأمن العام والخاص، وقد يتحول إلى اقتتال طائفي أو قبلي أو عشائري أو حزبي... كل هذا يجعل المشروع غير مشروع، فيكون الصواب هو القول بتحريم حمل عموم الناس للسلاح وتداولهم إياه.

قال الشاطبي: "النظر في مآلات الأفعال معتبر مقصود شرعا، كانت الأفعال موافقة أو مخالفة. وذلك أن المجتهد لا يحكم على فعل من الأفعال الصادرة عن المكلفين بالإقدام أو بالإحجام إلا بعد نظره إلى ما يؤول إليه ذلك الفعل مشروعا لمصلحة فيه تُستجلب أو لمفسدة تدرأ، ولكن له مآل على خلاف ما قُصد فيه، وقد يكون غير شروع لمفسدة تنشأ عنه أو مصلحة تندفع به، ولكن له مآل على خلاف ذلك. فإذا أُطلق القولُ في الأول بالمشروعية فربما أدى استجلاب المصلحة فيه إلى فسدة تساوي المصلحة أو تزيد عليها، فيكون هذا مانعا من إطلاق القول بالمشروعية، وكذلك إذا أطلق القول في الثاني بعد مشروعية ربما أدى استدفاعُ المفسدة إلى مفسدة تساوي أو تزيد، فلا يصح إطلاق القول بعدم المشروعية. وهو مجال للمجتهد صعب المورد إلا أنه عذب المذاق محمود الغب جارٍ على مقاصد الشريعة"17.

نعم هو "مجال للمجتهد صعب المورد"؛ لكونه يتطلب الاجتهاد في فهم الواقع وما سيؤول إليه، والقدرة على فهم الزمان وما يحبل به.

كثير ما نبه العلماء على أن الفقيه لا بد له من فهم الواقع، وكثيرا ما قرأنا وسمعنا الشكوى من فقهاء يفتون من غير فهم للواقع الذي يفتون الناسَ فيه، وأحيانا لا يستوعبون حتى الوقائع التي يُستفتون ويُفتون فيها. فإذا كان هذا عن فهم الحال (الواقع)، فكيف باستشراف المآل (المتوقع)؟ فلذلك كان الاجتهاد المآلي "صعب المورد، إلا أنه عذب المذاق محمود الغب، جارِ على مقاصد الشريعة".

وقد نبه ابن عاشور أيضا على هذه المرتبة الاجتهادية وصعوبتِها فقال: "وللمصالح والمفاسد تقسيم آخر باعتبار كونها حاصلةً من الأفعال بالقصد أو حاصلة بالمآل، وهو تقسيم يسترعي حذق الفقيه. فإن المصالح والمفاسد قد لا تكاد تخفى على أهل العقول المستقيمة... فأما دقائق المصالح والمفاسد وآثارُها، ووسائلُ تحصيلها وانخرامِها، فذاك هو المقام المرتبك، وفيه تتفاوت مدارك العقلاء اهتداء وغفلة، وقبولا وإعراضا، فتطلع فيه الحيل والذرائع، وفيه التفطن للعلل وضدُّه، وفيه ظهر تفاوت الشرائع، وفازت شريعة الإسلام فيه بأنها الصالحة للعموم والدوام..."18.

ومن الأحاديث النبوية الهادية في هذا الاتجاه الحديثُ المتفق عليه، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه، أن رسول صلى الله عليه وسلم قال له يوما: "يا معاذ، هل تدري حق الله على عباده وما حق العباد على الله؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: فإن حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، وحق العباد على الله أن لا يعذبَ من لا يشرك به شيئا. فقلت يا رسول الله أفلا أبشر به الناس؟ قال لا تبشرهم فيتَّكلوا".

فهو عليه الصلاة والسلام نهى عن تحديث عموم الناس بشيء هو من صميم الدين، والأصلُ في تبليغه الوجوب. والنهي النبوي هنا هو نهيٌ مآلي، أي منظور فيه إلى مآل الفعل لا إلى ذاته. وقد فهم العلماء ذلك، فعللوا هذا النهي – أو المنع - النبوي، بكونه قد روعي فيه خشية سوء المآل، وهو أن يتكل بعض الناس على هذه البشارة والوعد الكريم فيتراخوا ويعطلوا الأعمال، وينتهي بهم الأمر إلى تعطيل عامة أحكام الشرع. فلهذا يجب وضع نصوص الشرع – كلها – في مواضعها وحيث لا يساء فهمها ولا يَؤُول استعمالها إلى خلاف ما قُصد بها. فإذا زال الخوف من هذا المآل وجب التحديث بهذا الحديث ومضمونه. ولذلك فقد حدث به النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكتمه، ثم حدث به الصحابة ولم يكتموه، ثم العلماء من بعدهم. فمدار الأمر على المآل في فهم المخاطبين للحديث واستعمالهم له.

قال العلامة المُلاَّ علي القاري: "واحتج البخاري (أي بهذا الحديث) على أن للعالم أن يخص بالعلم قوما دون قوم، كراهة ألا يفهموا. وقد يَتخذ أمثالَ هذه الأحاديث البطلةُ19 والمباحيةُ ذريعةً إلى ترك التكاليف ورفع الأحكام، وذلك يفضي إلى خراب الدنيا بعد خراب العقبى"20.

ومن روائع الاجتهادات المبنية على استشراف المآلات: اجتهادُ الخليفةِ عمرَ وكبارِ الصحابة في مسألة الأراضي المفتوحة في العراق، وذلك بعد أن طالبه بعض الفاتحين بقسمتها عليهم باعتبارها غنائم...

روي أبو يوسف أن عمر رضي الله عنه "أرسل إلى عشرة من الأنصار: خمسة من الأوس وخمسة من الخزرج، من كبرائهم وأشرافهم، فلما اجتمعوا حمد  الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: إني لم أزعجكم إلا لأن تشتركوا في أمانتي فيما  حُمِلْت من أموركم فإني واحد كأحدكم. وأنتم اليوم تقرون بالحق خالفني من خالفني  ووافقني من وافقني ولست أريد أن تتبعوا هذا الذي هواي. معكم من الله كتاب  ينطق بالحق فوالله لئن كنت نطقت بأمر أريده ما أريد به إلا الحق .

قالوا : قل نسمع يا أمير المؤمنين. قال: قد سمعت كلام هؤلاء القوم الذين  زعموا أني أظلمهم حقوقهم وإني أعوذ بالله أن أركب ظلما، لئن كنت ظلمتهم شيئا  هو لهم وأعطيته غيرهم لقد شقيت. ولكن رأيت أنه لم يبق شيئ يفتح بعد أرض  كسرى وقد غنمنا الله أموالهم وأرضهم وعلوجهم، فقسمت ما غنموا من أموال  بين أهله، وأخرجت الخمس فوجهته على وجهه وأنا فِي توجيهه، وقد رأيت أن  أُحَبِّس الأرضين بعلوجها وأضع عليهم فيها الخراج وفي رقابهم الجزية يؤدونها  فتكون فيئاً للمسلمين: المقاتلة والذرية ولمن يأتي من بعدهم. أرأيتم هذه الثغور لا بد لها من رجال يلزمونها، أرأيتم هذه المدن العظام - كالشام والجزيرة والكوفة والبصرة ومصر - لابد لها من أن تشحن بالجيوش، وإدرار العطاء عليهم. فمن أين  يعطى هؤلاء إِذَا قسمت الأرضون والعلوج؟

فقالوا جميعاً : الرأي رأيك ، فنِعْمَ ما قلت وما رأيت ، إن لم تشحن هذه  الثغور وهذه المدن بالرجال وتجري عليهم ما يتقوون به رجع أهل الكفر إلى  مدنهم"21.

-ومن الاجتهادات الرائدة في هذا الاتجاه: ما ذهب إليه إمام الحرمين من أن الحرام إذا عم الأرضَ، وأصبح المكاسب الطيبة منعدمة أو نادرة، فإن للناس أن يتعاملون بالحرام ويتناولوا منه حاجاتهم، ولم بشترط أن يتقصروا على حد الضرورة في تناولهم للحرام عملا بقاعدة "الضرورات تبيح المحظورات"، بل اعتبر أن هذه قاعدة الضرورة وأنها تقدر بقدرها، تخص الأفراد والحالات الفردية، لا مجموع الأمة. وفي هذا المقام صاغ القاعدة الفقهية الشهرية: "الحاجة العامة تنزل منزلة الضرورة الخاصة". وقد بناها على أساس من النظر المآلي الكلي؛ وهو أن نقصان الحاجات وفواتَها عند الفرد يكون ضرره قليلا وجزئيا، فلا يبيح له تناول المحرمات. ولذلك وجب أن يقتصر من الحرام على حد الضرورة، ويصبر فيما زاد على ذلك. وأما مجموع الأمة فإن اقتصارهم على حد الضرورة وفواتَ مصالحهم الحاجية، من شأنه مع مرور الوقت أن يؤدي إلى ضرر كلي فادح، بل سيفضي إلى ضعف الأمة واندحارها.

وفيما يلي بعض ما قاله في المسألة:

قال رحمه الله: "الحرام إذا طبق الزمانَ وأهلَه، ولم يجدوا إلى طلب الحلال سبيلا، فلهم أن يأخذوا منه قدر الحاجة، ولا تشترط الضرورة التي نرعاها في إحلال الميتة في حقوق آحاد الناس، بل الحاجة في حق الناس كافةً تُنَزَّل منزلةَ الضرورة في حق الواحد المضطر؛ فإن الواحد المضطر لو صابر ضرورته، ولم يتعاط الميتة، لهلك. ولو صابر الناسُ حاجاتهم، وتعدوها إلى الضرورة، لهلك الناس قاطبة، ففي تعدي الكافةِ الحاجةَ من خوف الهلاك، ما في تعدي الضرورة في حق الآحاد. فافهموا، ترشدوا.

بل لو هلك واحد لم يؤد هلاكه إلى خرم الأمور الكلية، الدنيوية والدينية، ولو تعدى الناس الحاجة، لهلكوا بالمسلك الذي ذكرناه من عند آخرهم.

وما عندي أنه يخفى مدركُ الحق الآن – بعد هذا البيان – على مسترشد.

فإذا تقرر قطعا أن المرعيَّ الحاجةُ، فالحاجة لفظ مبهمة لا يُظبط فيها قول، والمقدار الذي بَانَ أن الضرورة وخوفَ الروح ليس مشروطا فيما نحن فيه، كما يشترط في تفاصيل الشرع في الآحاد في إباحة الميتة وطعام الغير، وليس من  الممكن أن نأتي بعبارة عن الحاجة نضبطها ضبط التخصيص من الانكفاف، ومما  نقطعه أن الانكفاف عن الطعام قد لا يستعقب ضعفا ووهنا حاجزا عن التقلب في الحال22، ولكن إذا تكرر الصبر على ذلك الحد من الجوع، أورث ضعفا، فلا نكلف هذا الضرب من الامتناع.

ويتحصل من مجموع ما نفينا وأثبتنا أن الناس يأخذون23 ما لو تركوه لتضرروا في الحال أو المآل. والضِّرار الذي ذكرناه في أدراج الكلام عنَيْنا به ما يُتوقع منه فساد البنية، أو ضعفٌ يصد عن التصرف والتقلب في أمر المعاش"24.

*****************

هذا بعض ما قصدت بيانه من أمر هذه القواعد الثلاث، التي هي الأسس والأركان الأُوَّلُ لعلم مقاصد الشريعة.

وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب.

المصادر والمراجع

  • الأبحاث السامية في المحاكم الإسلامية، للقاضي محمد المُرير التطواني - نشر مؤسسة دار الحديث الحسنية بالرباط، 1432هـ -2011م.
  • إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام لابن دقيق العيد – نشر مطبعة السنة المحمدية، د.ت.
  • أحكام القرآن لابن العربي – دار الكتب العلمية بيروت، 1424هـ - 2003م.
  • إحياء علوم الدين، لأبي حامد الغزالي – دار المعرفة – بيروت، د.ت.
  • أصل اعتبار المآل بين النظرية والتطبيق، للدكتور عمر جدية، دار ابن حزم بيروت 2009م.
  • الاعتصام، أبو إسحاق الشاطبي – نشر دار  ابن الجوزي للنشر والتوزيع، بالمملكة العربية السعودية الطبعة: الأولى، 1429هـ- 2008م.
  • أعلام الموقعين عن رب العالمين، ابن القيم – دار الكتب العلمية ببيروت - الطبعة: الأولى، 1411هـ/1991م.
  • بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع – نشر دار الكتب العلمية – الطبعة الثانية، 1406هـ - 1986م.
  • بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، لعلاء الدين الكساني – دار الفكر بيروت، الطبعة الأولى، 1417هـ - 1996.
  • التحرير والتنوير بن عاشور – الدار التونسية للنشر – تونس – 1984. 
  • 11.   ترجمة الشيخ محمد الكتاني الشهيد، لمحمد الباقر الكتاني، الطبعة الأولى، مطبعة الفجر1962.
  • 12.  تعليل الأحكام: عرض وتحليل لطريقة التعليل وتطوراتها في عصور الاجتهاد والتقليد) رسالة قدمها المؤلف لنيل شهادة العلمية من درجة أستاذ في الفقه الإسلامي وعلومه بالأزهر، سنة 1362هـ/ 1943م – الطبعة الأولى- مطبعة الزهر سنة 1947م.
  • تفسير القرطبي، دار الكتب المصرية – القاهرة الطبعة الثانية، 1384هـ - 1964 م.
  • تفصيل النشأتين وتحصيل السعادتين، الراغب الأصفهاني، طبع في بيروت 1319هـ، بعناية الشيخ طاهر الجزائري.
  • جامع البيان، الطبري، تحقيق أحمد شاكر (21/517) –نشر المؤسسة الرسالة – الطبعة الأولى، 1420هـ - 2000م.
  • الجمع والتصنيف لمقاصد الشرع الحنيف، بحث غير منشور أسميته أعددته سنة 1419هـ - 1998، لمجمع الفقه الإسلامي الدولي
  • الخراج، لأبي يوسف.
  • سبل السلام، للأمير الصنعاني – مطبعة السنة المحمدية.
  • شرح صحيح مسلم، للإمام النووي، دار إحياء التراث العربي – بيروت، الطبعة الثانية، 1392هـ.
  • شرح صحيح البخاري لأبي الحسن بن بطال – مكتبة الرشد بالرياض- الطبعة الثانية 1423هـ-2003م.
  • الطرق الحكمية لابن قيم الحوزية – طبعة مكتبة دار البيان.
  • غياث الأمم في الثِياث الظلَم، أبو المعالي الجويني – تحقيق الدكتور عبد العظيم الديب – نشر مكتبة إمام الحرمين – الطبعة الثانية، 1401هـ.
  • الفروق (أنوار البروق في أنواء الفروق)، للقرافي.
  • فقه الجهاد، يوسف القرضاوي – إصدار: مركز القرضاوي للوسطية الإسلامية والتجديد بالدوحة.
  • قواعد الأحكام في مصالح الأنام لعز الدين بن عبد السلام.
  • كتاب إثبات العلل، الحكيم الترميذي، تحقيق خالد زهري – منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط –الطبعة الأولى، 1998.
  • لباب اللباب في بيان ما تضمنه أبواب الكتاب من الأركان والشروط والموانع والأسباب.
  • مآلات الأفعال وأثرها في فقه الأقليات، عبد المجيد النجار، بحث مقدم للدورة التاسعة للمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث جمادى الأول، 1423 هـ يوليو 2002م.
  • مبدأ اعتبار المآل في البحث الفقهي من التنظير إلى التطبيق، للدكتور يوسف احميتو –نشر مركز نماء بيروت – الطبعة الأولى، 2012م.
  • محاسن الشريعة، أبو بكر الشاشي – طبعة دار الكتب العلمية ببيروت – الطبعة الأولى 2007.
  • المحصول من علم الأصول، للفخر الرازي.
  • مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، الملا الهروي القاري، نشر دار  الفكر، بيروت – لبنان الطبعة: الأولى، 1422هـ - 2002م.
  • المستصفى من علم الأصول، أبو حامد الغزالي– مؤسسة الرسالة، بيروت  – الطبعة الأولى- 1417هـ/1997م.
  • المصطلح الأصولي عند الشاطبي، للدكتور فريد الأنصاري – دار السلام بالقاهرة – الطبعة: الأولى، 1431هـ -2010م.
  • المصنف لأبي بكر بن أبي شيبة – نشر دار القبلة، بتحقيق الدكتور محمد عوامة.
  • معالم السنن لأبي سليمان الخاطبي. المطبعة العلمية بحلب –الطبعة: الأولى، 1351 هـ– 1932م.
  • معلمة زايد للقواعد الفقهية والأصولية، الطبعة الأولى، 1434هـ- 2013م.
  • المغني، لابن قدامة – مكتبة القاهرة، 1388هـ -1968م.
  • المغني في أبواب التوحيد والعدل،  للقاضي عبد الجبار.
  • مفاتيح الغيب، أو التفسي الكبير، للفخر الرازي – دار إحياء التراث العربي – بيروت الطبعة الثالثة، 1420هـ.
  • مقاصد الشريعة الإسلامية، الطاهر بن عاشور – طبعة دار سحنون ودار السلام، 1428هـ - 2007م.
  • من أعلام الفكر المقاصدي، لأحمد الريسوني – منشورات الزمن بالرباط الطبعة الأولى، 1999م.
  • الموافقات، لأبي إسحاق الشاطبي – طبعة الشيخ دراز – دار المعرفة -  بيروت.
  • النظر المصلحي عند الأصوليين، مصطفى قرطاج – سلسلة روافد، رقم 47 - نشر وزارة الوقاف الكويتية، 1432هـ -2011م.
  • نظرية المقاصد عند الإمام الشاطبي، أحمد الريسوني، ص 230 – 234 -طبعة مكتبة الهداية بالدار البيضاء، 1432هـ -2011م.

ملاحظة:
نشر هذا النص في الكتاب التالي:
أحمد الريسوني، القواعد الأساس لعلم مقاصد الشريعة،2014، مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، لندن. ص 75- 86.

يرجى الملاحظة بأن بعض الصور المستخدمة في هذه المقالة المنشورة على الموقع قد لا تكون جزءًا من نسخة المقالة المنشورة ضمن الكتاب المعني
Back to Top