فرانسوا ديروش
يرتبط الكودیكس codex كشكل خاص للكتاب المخطوط ارتباطا وثيقا بالكراس. والكراس هو «مجموع من الأوراق المزدوجة المتداخلة بعضها في بعض ويجمعها مرور خيط واحد للتجليد»[1]. ويجب أن نوضِّح بجلاء بعض المصطلحات: فـ «الورقة المزدوجة» (أو الدبلوم) هي قطعة مستطيلة من المادة المستخدمة مطوية نصفين من وسطها بحيث تشكل «ورقتين» (تكتب اختصارا: ق) وتحمل كل واحدة منها وجهين نطلق عليها صفحة (تكتب اختصارا: ص) (شكل16). وللتمييز بين وجهي الورقة يطلق على الوجه الذي يقابلنا أولاً خلال القراءة اسم «وجه recto» (يرمز له بالحرفr أو a باللاتينية، وبالعربية و أو أ)، ويطلق على الثاني «ظهر verso» (يرمز له بالحرف v أو b باللاتينية، وبالعربية ظ أو ب)، وغالبا ما تكون الإشارة إلى «الوجه» مضمرة، ولا يُشَار إلا إلى «الظهر» فقط، وقد اتبعنا هذه الطريقة في هذا الكتاب. وعندما يقَدَّم لنا المخطوط المفتوح ظهر ورقة ووجه الورقة التالية متقابلين فإننا نتحدث عن «صفحتين متقابلتين». وتكون الصفحة اليسرى في المخطوطات المكتوبة بالحرف العربي أو بالحروف السامية هي وجه الورقة.
/ المفاهيم الأساسية
يتكون الكراس، كما سبق أن رأينا، من أوراق مزدوجة، أي «قطع مستطيلة من الرق أو الورق مطوية من وسطها لتشكل ورقتين»[2] [أي كراس ذي أربع صفحات]. وعملية الطي هذه مرحلة حاسمة في صناعة الأوراق المزدوجة، ويمكن تطبيق ذلك على قطعة منفردة من المادة المستعملة أو على مجموع من القطع المجزأة تبعا للمقاییس نفسها والموضوعة الواحدة فوق الأخرى. وفي الغرب الوسيط تطورت هذه التقنية بشكل كبير، وكانت تُعد وسيلة سهلة التداول (وإن لم تكن الوحيدة) للحصول على كراسات من فرخ من الرق أو الورق[3]: وتبعا للحجم المطلوب، كان هذا الفرخ يُطْوی مرة واحدة للحصول على كراسة تتكون من ورقتين (in-folio)، أو مرتين للحصول على كراسة تتكون من أربع ورقات (in-quarto)، أو ثلاث مرات للحصول على كراسة تتكون من ثماني ورقات (in-octavo).. إلخ. فنحصل إذا مباشرة على كراسات يختلف بعضها عن بعض، في الوقت نفسه، في الشكل وفي عدد الأوراق المشتملة عليه: وتتكون الكراسة في الحالة الأولى من ورقتين (فهي أحادية)، وفي الحالة الثانية من أربع ورقات (فهي ثنائية)، وفي الحالة الثالثة من ثماني ورقات (فهي رباعية)... إلخ. وتتكون جميعها من أوراق مزدوجة - بما أنها نتجت عن طي ورقة واحدة - بعدد زوجي. ولا يبقى إلا قطع الرق من الأماكن، غير التي تم فيها الطي، والتي تبقي الأوراق متلاحمة مع بعضها في شكل ثنائيات.
أنواع الكراسات
من الممكن جدا أن نحصل على كراسات ذات ورقتين أو أربع ورقات أو ثمان ورقات وفي مختلف الأشكال دون أن نطوي فرخا من الرق أو الورق، كذلك فإنه وُجِدَت أنواع أخرى من الكراسات تشتمل على عدد فردي من الأوراق المزدوجة. ولتسهيل الأمر فقد جمعنا في الجدول التالي الصِّيغ المختلفة، حيث ضمَّناه للتذكير التسميات التقليدية لأنواع الطي مع الإلحاح على أن الكراسات المتماثلة يمكن الحصول عليها عن طريق التجميع.
عدد الأوراق المزدوجة | نمط الطي | اسم الكراس | عدد الأوراق |
1 | بقطع النصف | أحادي | 2 |
2 | بقطع الربع | ثنائي | 4 |
3 | ثلاثي | 6 | |
4 | بقطع الثمن | رباعي | 8 |
5 | خماسي | 10 | |
6 | بقطع الاثنى عشر | سداسي | 12 |
7 | سباعي | 14 | |
8 | بقطع الست عشر | ثماني | 16 |
وبعد الكراسات ذات الثمانية أوراق نتحدث فقط عن الكراسات ذات التسع والعشر ورقات... إلخ. وبعض الصيغ المذكورة في الجدول السابق لا يمكن أن تتحقق عن طريق طي بسيط: وسنعود إلى هذه النقطة فيما بعد. وعلى العكس فإن كل هذه الكراسات يمكن أن نطلق عليها أنها «منتظمة»، لأنها تتكون من أوراق مزدوجة كاملة.
حالات شاذة
قد يحدث أن نضيف أو نقتطع ورقة أو أكثر من كراس، بحيث إن هذا الكراس يتضمن أوراقا لا يوجد لها مقابل فتكون «غير متجانسة»، أو «مستقلة»[4]. ولإضافة ورقة مستقلة إلى كراس، فهناك طريقتان أمام الناسخ: تقوم الأولى على أخذ ورقة مستقلة يفوق عرضها قليلا سائر أوراق الكراس، يطويها الناس بحجم هذه الأوراق، بحيث يظهر منها شريط ضيق فيما يلي علامة الطي: «العقب» (شكل ۱۷). وبذلك تُدمج الورقة في الكراس ويدخل العقب في النصف المواجه لها ويسمح بخياطة المجموع تبعا للتقنية المألوفة ويجعل الورقة المستقلة بذلك متضامنة مع بقية الكراس. وفي هذه الحالة، فإن الملاحظة تسمح بإيجاد هذا الجزء المتبقي الذي ليس أثرًا لورقة مُنْتَزَعَة ولكنه «العقب»: ففي الكراسة الثانية من نسخة «جامع الفصولَيْن» (باريس رقم BnF ar. 6905)، نجد الورقة 15 قد أُلْصِقَت عن طريق «عقِب»، على الورقة المزدوجة الأوراق 14-16[5].
وإذا اقتضى الأمر إضافة العديد من الأوراق إلى الكراس فسيظهر عدد متجاور من الأعقاب. ونضيف إلى ذلك أن ورقة أو عددا من الأوراق غير المتجانسة يمكن أن يشكل كراسا[6]، وصاحب استخدام الرق استعمال شبيه بنسق هذه العملية، سنتناوله بتفصيل أكثر فيما بعد.
/ والطريقة الأخرى لإدراج ورقة إضافية تعتمد على استخدام «زائدة» (شكل 18): ويعني هذا المصطلح شريط رقيق من الورق أو الرق مطوي إلى اثنين ينزلق داخل كراس، ويلصق على أحد طرفي الشريط (أو طرفيه) بادئ ذي بدء ورقة نجدها مدمجة هكذا في الكراس. وتُستَخْدَم «الزائدة» أيضا في ترميم المخطوطات، عندما يكون مؤخَّر الكراس متلفا بطريقة خطيرة: فيتم إعادة لصق الأوراق على «الزائدة» بحيث تعيد تكوين الكراس.
وفي حالة قطع ورقة (دون نزعها)، فإن الإبقاء على بقيتها داخل الكراس يكون في وضع خطر. لذلك فإننا نهيئ عقبًا بقطع هامشه الداخلي بجوار مكان الطي. ونری أنه، في كل الحالات، عندما نلاحظ عقبا، فمن الضروري التأكد إذا كان النص متصلا: فإذا ظهر أن هناك خرما (سقطا) في موضع العقب، فيجب أن نستنتج أن هذا العقب هو أثر ورقة فُقِدت الآن.
كراسات المخطوط
يختلف عدد الكراسات داخل مخطوط واحد بطريقة ظاهرة. وفي بعض الحالات قد لا يحوي المخطوط إلا كراسا واحدا[7]؛ ويكون حجمه حينئذ غالبا أكبر قليلا من الكراسات المعتادة، ويمكن أن نطلق على هذه النوعية من المخطوطات مصطلح «أحادي الكراسة»[8]. ومع ذلك، فإنه نادرا جدا أن نجد، في المجال الذي يعنينا، كراسات وحيدة يتجاوز عدد أوراقها العدد المعتاد بصورة كبيرة، فيوجد مخطوط في برلين (SB Sprenger 517، كتب قبل سنة459هـ/ 1066-1067 بقليل)[9] تتألف الكراسة الوحيدة التي تكونه من عدد لا يقل عن أربعين ورقة، وربما كان مصدره من الهند، الأمر الذي يسمح لنا بالحديث، من باب الفضول، عن الكراسات الأحادية التي أُنتِجَت في شمال غرب الهند وقت احتكاكه بالإسلام، على غرار مخطوط میونخ رقمBSB cod, hind. 6 المؤرخ سنة 1184هـ/ ۱۷۷۰م، والمكون من كراس وحيد ذي ثمانين ومائتي ورقة مزدوجة[10].
/ ومكان طي الورقة موضع حساس في بناء الكراس، وقد دفع الاهتمام بحمايته ضد التمزيق أحيانا صناع الكتاب إلى تدعيمه بإدماج شريط - من الورق أو الرّق – في ثنية الكراس في وسطه - أو أيضا في كعبه - وتُخاطُ معه: يُطلَق عليه «الواقي»[11]أو «كعب الكراس»[12]. ومن بين النماذج النادرة التي نعرفها لهذه الطريقة في العالم الإسلامي يبدو مخطوط برلين الذي سبق أن ذكرناهSB Sprenger 517 : فيمكن أن تُفَسَّر سماكة الكراسة الوحيدة بالسعي وراء هذه الحماية. وقد دلّنا مراد الرَّمَّاح على مخطوط فِقْهي يرجع تأريخه إلى جمادی الثاني سنة 404هـ/ ديسمبر سنة 1013م (متحف الفن الإسلامي برقَّاده، رُطْبي247) تُمثل أحد كراساته التركيب نفسه.
فحص الكراسات
عرف علماء العصور الوسطى أهمية المراجعة الدقيقة لحالة كراسات المخطوط[13]. فعند فحص أحد المخطوطات يُلاحِظ عالم المخطوطات بعناية طريقة تركيبه: فقد يكون أي شذوذ مؤشرا على ضياع قسم من النص أو انتقال أو إضافة ورقة[14]. ويجب أن نذكر أن هذه العملية يجب أن تتم دائما مع الاهتمام بعدم إتلاف الكتاب – على الأخص إذا كان تجليده مضغوطا ولا يسمح بملاحظة كعب الكراسات.
ويتطلب إثبات وجود عدم الانتظام، على سبيل المثال وجود كراس ذي أربع ورقات في مخطوط كل كراساته خُماسية، أو أيضا كراس مكون من رقم فردي من الأوراق، مراجعة إذا كان النص متصلا أم لا. وأي خروج عن القياس يمكن كذلك أن يتطابق مع اختيار للناسخ: فقد يشعُر الناسخ أنه قارب الانتهاء من عمله، وأن عدد أوراق الكراس التي أعدها لا تكفي لكتابة ما تبقى من النص الذي قد لا يحتاج إلى كراس جديد، فيقوم بإدماج ورقة أو ورقتين في الكراس الذي بدأ استخدامه بالفعل بحيث يُتيح المكان اللازم لهذا النص. فأيُّ عدم انتظام نُصادفه في نهاية المخطوط يكون ناتجا غالباً عن أوضاع من هذا النوع.
ويعتمد تعيين نمط كراسات مخطوط ما على الترقيم في حالة وجوده: فهذه الإشارة التي نقابلُها أحيانا على وجه الورقة الأولى لكل كراس يمكن الاستفادة منها لتحديد ما إذا كنا بإزاء كراسة رباعية أو خماسية... إلخ. وعندما لا تتوفر/ هذه المساعدة، فيجب أن نبدأ بتعيين موضع خيوط الخياطة: فهذه الخيوط تمرُّ عمليا في طية الورقة المزدوجة الوسطى لكل كراس. فنبحث إذا عن نقطة مرور أحد هذه الخيوط، ثم اعتبارا من ذلك نمد البحث إلى الكراسات المجاورة للبحث عن مواضع الخياطة. ونستطيع أن نحدد بسهولة عدد أوراق كل كراسة بإحصاء عدد الأوراق بين كل خياطتين متجاورتين إذا كان هذا الرقم ثابتا ومتساويا مع تعاقب العديد من المسافات من هذا النوع. فنلاحظ مثلا وجود خياطة بين الأوراق 36-37 و46-47 و56-57 و66-67، 76-77: وينتج عن ذلك وجود عشرة أوراق بين كل خیاطتين - خمسة أوراق في النصف الثاني من الكراس الأول ثم خمسة من التالية. وفي كل الحالات، إذا سمح التجليد بذلك، فإن مراجعة تفرض نفسها: فيجب أن نلاحظ بعناية أكبر كعوب الكراسات لنحدد عدد أوراق كل كراس. وهذه المراجعة لا غنى عنها لتقصي أثر المخطوطات، والمؤكد أنها قليلة العدد، وتتعاقب فيها باطّراد كراسات ذات أنماط مختلفة. وتعد علامات تحديد وسط الكراس كذلك مرشدا يعتمد استخدامه على الأساس نفسه الذي تعتمد عليه الخياطة. وحدث أن لاحظنا في المخطوطات المرمَّمَة في الغرب وجود خیاطتين في قلب الكراس نفسه، على سبيل المثال في مخطوط باريس رقم BnF ar. 1544 بين الورقتين ۷ و۸ ثم الورقتين ۸ و۹ أو أيضا بين الورقتين 16 و17 من ناحية و۱۸ من ناحية أخرى[15]؛ وإلى الآن، لم نجد نماذج عن اتباع المجلدين المشارقة لهذه الطريقة في العصر القديم. وبالنسبة للمخطوطات الرَّقّية، هناك ملاحظات إضافية ضرورية سنتناولها بالتفصيل فيما بعد.
وصف الكراسات
توجد تعابیر بسيطة تسمح بوصف الكراسات وتلفت الانتباه إلى نقاط مختلفة مهمة. فثمة طريقة أولية يمكن تطبيقها بشكل عام[16]. ويُقَدَّم الوصف على شكل متتالية من الأرقام: إشارة أولية بالأرقام العربية تتعلق بعدد الكراسات تبقي ثابتة، ويحدد بداخلها عدد الأوراق المزدوجة برقم روماني يُوضَع مباشرة بعدها: ويُتبع هاذان المعطيان برقم آخر ورقة من هذه المتتالية المتجانسة مكتوبًا بين قوسين. فمجلد من مائة ورقة عبارة عن خماسيات فقط يُوصف بالطريقة التالية:10V (100). ومجلد آخر مكوَّن من ست خماسیات متبوعة برباعية نهائية يظهر كالتالي: 6V(60), IV(68)؛ وإذا فُقِدَت ورقة من الكراسة الأخيرة/ نكتب:6V(60), IV-1 (67). وبالمقابل، إذا حدثت إضافة لهذه الرباعية الأخيرة. فستظهر بالطريقة التالية: 6V(60), IV+1(69). وكما نری، فليس من الضروري أن نسبِق الإشارة إلى كراسة وحيدة ب: 1. وبالنسبة إلى كراسات الرق، فإن نوعيات المادة تطلب أحيانا وصفا أكثر عمقا سنعرض له بمثال فيما بعد.
كراسات المخطوطات الرَّقّية
ملاحظة كراسات الرَّقّ
إضافة إلى الاختبارات المذكورة فيما تقدم، فمن المهم أن نلاحظ توالي جانبي الشعر واللحم للجلد في المخطوطات المكتوبة على الرق (شكل ۱۰، ۱۰ مكرر). ونطلق على الجانب الذي يمثل وجه الورقة الأولى للكراسة «الجانب العلوي»، وعلى ظهر هذه الورقة نفسها «الجانب السفلي». فإذا كان وجه الورقة الأولى من مخطوط على الرق هو الجانب الشعري - وأنها بالفعل الورقة الأولى الأصلية. فتوصف الكراسة إذا بأن جانبها العلوي هو الجانب الشعري.
وقبل أن ندرس بتفصيل أكثر الطريقة التي كون بها النساخ المسلمون كراسات الرق، يبدو لنا من المفيد أن نذكر بإيجاز مرة أخرى ما سبق قوله عن التقنية التي استخدمها بكثرة نساخ الغرب الوسيط لصناعة كراساتهم: فقد كانوا، للحصول على كراسات مكونة من ورقتين (in-folio) أو أربع (in-quarto) أو ثمان (in-octavio) أو اثني عشرة ورقة، يطوُون الجلد في العموم مرة أو مرتين أو ثلاث أو أربع مرات إلى طيَّتين[17]. وكان ينتج عن هذا النمط من الطي ما يُعرَف بقاعدة جريجوري Gregory، نسبة إلى العالم الألماني الذي كان أول من لاحظ أن الجانبين المتقابلين لورقة كراسة رقية يكونان دائما من طبيعة واحدة: الشعر أو اللحم[18]. وهكذا، إذا كانت الورقة X ظ هي الجانب الشعري للرق، فإن الوجه المقابل لها (1+Xو) سيكون كذلك الجانب الشعري. ويمكن أن نشير إلى هذا الفرق بين الوجهين بطريقة مبسطة ضمن نظام وصف الكراسات الذي سنقدم له هنا خلاصة موجزة.
يكون ترقيم الكراسات بالأرقام الرومانية (chiffres romains) وترقم الأوراق بالأرقام العربية ويلحق بها حرف صغیر «ش» (شعر) و«ل» (لحم)- أو العكس- لتعيين طبيعة الوجه والظهر. ويشار إلى منتصف الكراسة بالعلامة «/»، وإلى وجود عقب/ بالرمز«ع». ويمكن استخدام حروف أخرى لاستكمال معلومات إضافية، مثل «ض»، للإشارة إلى ضياع ورقة أو فَقْدِها. فيكون وصف الكراس الخامس من مخطوط، تبعا لذلك، بالطريقة التالية.
V: ل ۳۹ ش ل 40 ش ل 41 ش ل 4۲ ش ع ل4۳ ش/ ش 44 ل ش45ل ع ش46ل ش47ل ش48ل
وإذا كان المخطوط مرقما بالصفحات بدل الأوراق، فإن هذه الطريقة الوصفية تتطلب أن تُكَيَّف فحسْب باستخدام علامة وصل (-) لربط الصفحات المُشتملة على وجه الورقة وظهرها، كالتالي:
V: ل 77-78ش ل79-80 ش ل81-82ش ل83-84ش ع ل85-86ش/ ش87-88ل ش89-90ل ع ش91-92 ل ش93-94 ل ش95-96ل
المصاحف المبكرة
نسخ القرنين الأول والثاني للهجرة/ السابع والثامن للميلاد
إن أقدم المخطوطات التي وصلت إلينا هي المصاحف، ويمكن تأريخها بالنصف الثاني للقرن الهجري الأول/ السابع الميلادي، وهي في أغلبها قطع من مصاحف كتبت بـ «الخط الحجازي»، الذي كان الأساس الذي اعتُمِد عليه في تأريخها. ويحمل القليل من هذه النسخ تعاقبا مستمرا للأوراق يسمح بفهم كيفية استخدام الرق في هذه الفترة المبكرة لصنع الكراسات. فقطعة مصحف باريس رقم BnF ar. 328 a والمرجَّح كتابتها في نهاية القرن الأول الهجري/ السابع الميلادي[19]، تحمل العديد من مجموعات أوراقها نصاً متصلا: من 4-۲۲ و23-40 و41-48، التي يمكن أن نُضيف إليها كذلك الأوراق من 57-64 من قطعة مصحف باريس رقم ar. 328 b - التي تتميز من وجهة نظر قِدَم خطِّها، والتي لا نستبعد أن تكون قسما من المصحف نفسه[20]. ونظرا لعدم إمكان القيام بتحليل كوديكولوجي أبعد من ذلك للمخطوط، بسبب الوضعية الحالية للمصحف؛ فإننا نقترح، مع التَّحفُّظات اللازمة، التحليل التالي: تشتمل القطعة على أربع مجموعات رباعية: الأوراق من 7-14 و24-۳۱ و۳۲-۳۹ و57-64، والتي يمكن أن نضيف إليها الكراس المشتمل على الأوراق من 42-48 (أي سبع ورقات) حيث فُقِدَت منه الورقة الأخيرة. وعلى العكس من ذلك فإن ترتيب الأوراق من 15-21 غير منتظِم، كما أن تتابع جانبي الرق، على سبيل المثال، يسترعي الانتباه في الأوراق من 7-14.
ش7 ل ل8ش ش9ل ل10ش/ ش11ل ل12ش ش13ل ل14ش (شكل19)
وبما أنه يمكننا ملاحظة هذا النمط في مواضع أخرى، فيمكن أن نذهب إلى أن هذا المخطوط يعد أنموذجا للحصول على الكراسات عن طريق الطي. ولكن مثالين من المجموعات الرباعية تدعونا إلى استبعاد هذه الفرضية: فالأوراق المزدوجة للأوراق من 43-48 و44-47، وكذلك من59-62 و60-61/ يتواجه فيها الجانب اللحمي مع الجانب الشعري، أي أنها برهان قوي ضد طريقة الطي. على كل حال، استُخْدِم الجانب اللحمي بانتظام ليكون الجانب الأعلى للكراسات المختلفة.
ومع ذلك لا يجب أن نخلص من ذلك إلى أن المجموعات الرباعية من النمط الذي أتينا على وصفه هو الأنموذج الوحيد المعروف في هذا العصر، فتوجد قطعة أخرى من مصحف بـ «الخط الحجازي» محفوظة في باريس برقم BnF ar. 328 c مكونة من مجموعة خُماسية بتركیب معتاد (أي أن الوجه الشعري يشكل وجه جميع الأوراق في نصفها الأول). ويجب علينا أن ننتظر التعرف الجيد على المصاحف «الحجازية»، لنميز مجموع هذه التوجهات. ونستطيع أن نتأكد الآن فحسب من التنوع النسبي في استخدام الرق في هذا العصر - نهاية القرن الأول الهجري/ السابع الميلادي وبداية القرن الثاني الهجري/ الثامن الميلادي، وهو لا يقدم لنا سمات استثنائية فيما يخص عدد أوراق الكراس، وعلى العكس فإن وضع الجانب اللحمي فيها كجانب أعلی للكراس يبدو لنا غير اعتيادي إزاء الممارسات التي تبدو هي المعتادة في المجموعات المعروفة. ومع ذلك فمن الملاحظ في المخطوطات اليونانية أن جانب الكراس اللحمي هو كذلك جانبها الأعلى[21].
وتوجد قطعة من مصحف، يعود إلى مطلع القرن الثاني الهجري/ الثامن الميلادي، ويمثل أسلوب خطِّها تطورا بالنسبة إلى الخط الحجازي، وتتميز بكراساتها المكونة من عشر ورقات مزدوجة، فإذا كان إعادة البناء الذي افترضناه صحيحا، فإن توالي جانبي الرق فيها يظهر بالطريقة التالية:
ل1ش ل2ش ل3ش ل4ش ل5ش ش6ل ش7ل ش8ل ش9ل ش10ل/ ش11ل ش12ل ش13ل ش14ل ش15ل ش16ل ش17ل ش18ل ش19ل ش20ل
/ مصاحف القرن الثالث الهجري/ التاسع الميلادي...
*الجزء المتبقي من هذا المقال متاح حصريًا في النسخة المطبوعة من هذا الكتاب. الكتاب متاح بالصيغتين الإلكترونية والمطبوع، وذلك ضمن إصداراتنا على الرابط التالي:
http://doi.org/10.56656/100098
[1]D. Muzerelle, Vocabulaire, p. 94; The New Shorter Oxford Dictionary (Oxford OUP, 1993).
[2] D. Muzerelle, Vocabulaire, p.9. وعُرفت الورقة بأنها «كل من نصفي الورقة المزدوجة» (Ibid.)؛ وسيتم التمييز جيدا بين الورقة والصفحة التي هي «كل من وجهي الورقة».(Ibid.)
[3] ذكّر Maniaci بأن الأنموذج الذي اقترحه جليسان L. Gilissen فيProlégomènes à la codicologie, Recherches sur la construction des cahiers et la mise en page des manuscrits médiévaux, (Gand, 1977 لم يكن مطبَّقا بطريقة منتظمة على المخطوطات البيزنطية
M. Maniaci, «L’art de ne pas couper les peaux en quatre: les techniques de découpage des bifeuillets dans les manuscrits byzantins», Gazette du livre médiéval 34 printemps 1999, p. 1-12)
[4] وهي «ورقة مستقلة دون رديف... في النصف الآخرمن الورقة المزدوجة التي تنتمي إليها الورقة المعنية» (D. Muzerelle, Vocabulaire, p.92). ولا توجد في الفرضية التي قدمناها ضياع لنصف الورقة المزدوجة، فالورقة منفردة منذ البداية.
[5] FiMMOD 274، وانظر فصل «حوامل الكتابة: الورق».
[6]انظر فيما يلي.
[7] يعد مخطوط باريس رقم BnF suppl. turc 986، أنموذجا ممتازا: يتعلق بجامع لمجموعة من الأجزاء يتألف كل منها من كراسة وحيدة؛ وهي في العموم أكبر من تلك التي نصادفها عادة في المخطوطات المؤلفة من العديد من الكراسات (حتى 22 ورقة بالنسبة للثانية، من ورقة 19-41، دون أن نعد الورقة المزدوجة الرقية التي هي في الواقع غلاف). انظر
G. Vajda, «Trois manuscrits de la bibliothèque du savant damascain Yusuf ibn ‘Abd al- Hadi», JA 270 (1982), p. 229-256 (repris dans La transmission du savoir en Islam, 1983).
وانظر أيضا:
P.S. Van Koningsveld, The Latin-Arabic glossary of the Leiden University Library, Leyde, 1976, p. 69, n. 89,
حيث توجد إشارة إلى مخطوط القدس
JNUL Yahuda MS Ar. 409; The Qur’an, scholarship and the Islamic Arts of the book, Londers, 1999, p. 36.
[8] D. Muzerelle, Vocabulaire, p.60.
[9] W. Ahlwardt, Verzeichnis der arabischen Handschriften, II [Die Handschriften der k?niglichen Bibliothek zu Berlin, VIII], Berlin, 1889, p.249-250, no 1557.
[10] Munich 1982, p.234. وشكل 48.
[11] J. Lemaire, Introduction, p.43 وانظر فيما يلي (الكراسات المختلطة). وانظر كذلك مدخل guard عندMichelle Brown, Understanding illuminated manuscripts: a quide to technical terms, Malibu, CA/London 1994.
[12] D. Muzerelle, Vocabulaire, p. 98.
[13] F. Rosenthal, The technique and approach of muslim scholarshipe [Analecta orientalia 24]. Rome, 1947, p. 12.
[14] سنقدم لاحقا توضيحا يتعلق بالمخطوطات المكتوبة على الرق.
[15] Y. Sauvan, M.G. Guesdon, Cat. 5, p.88
[16] J.J. Witkam, Cat. 1, p. 13-14
[17] L. Gilissen, op. cit., p. 26-35; J. Lemaire, Introduction, p.69-94 وانظر كذلك ملاحظات مانياسي:.M. Maniaci, op. cit. وتستعيد الملاحظات التالية جزئيا ما سبق أن نشرناه في مقالنا
«L’emploi du: parchemin dans les manuscrits islamiques: Quelques remarques liminaires», Codicology,.p. 27-40.
[18] G. R. Gregory, «Les cahier des manuscrits grecs», Comptes rendus des séances de l’Académie des inscriptions et belles-lettres, 1885, p. 261-268.
[19] M. Amari, «Bibliographie primitive du Coran» (éd. H. Dérenbourg), في Centenario della nascita di M. Amari, t. I, Palerme, 1910, p. 18-19, E. Tisserant, Specimina codicum orientalium, bonn, 1914, p. XXXII et pl. 4 la; G. Bergsträsser, O. Pretzl, Die Geschichte des Korantexts [Th. Nöldeke, GdQ2], Leipzig, 1938, p.255 وشكل 9؛N. Abbott, The rise of the North Arabic script and its Kur’anic devlopment, p.24; A. Grohmann, «The problem of dating early Qur’ans», Der Islam 33 (1958), p. 216, 222, 226 et n. 48; id., API, p. 42, n. 1; F. Déroche, Cat. I/1, p. 59-60, no2; F. Déroche, S. Noja Noseda, Le maniscrit Arabe 328 (a) de la Bibliothèque nationale de France.
[20].F. Déroche, Cat. I/1, p.60, no3.
[21] P. ladner, Lexicon des Mittelalters, VI,.s.v. pergament, col. 1886.
ملاحظة: نشر النص في الكتاب التالي: المدخل إلى علم الكتاب المخطوط بالحرف العربي، 2010 - النسخة العربية، مؤسسة الفرقان بالتراث الإسلامي، لندن، ص 121-173، نقله إلى العربية وقدم له أيمن فؤاد سيد. |