فرنسيس ريشارد
كان الورق، الذي تنتمي تقنية صناعته إلى صناعة اللَّبْد، معروفا بالفعل في الصين قبل الإسلام بخمسة قرون. وانتشر استعماله بكثرة كحامل للكتابة في حضارة كان الشكل المعتاد للـ «كتاب» فيها هو الدَّرْج. وكانت عجينة الورق تُجهز في العموم من دق ألياف شجرة التوت في الهاون. وكان يتم الحصول على الأوراق عن طريق قوالب متحركة تتألف من إطار خشبي وخطوط ممددة (أسلاك نحاسية) من أصل نباتي (ألياف الخيْزُران)؛ ويمكن تمييز هذه الخطوط (الأسلاك) بسهولة على المنتج النهائي، بينما تكون الخطوط التي تربط بينها أقل تمييزا. وتتم التَّغْريةُ بنشا الأُرْز. وفضلا عن ذلك، وعلى غرار لفائف الحرير، فإنه كانت تتم أحيانا صباغة أفْرُخ الورق باللون الأزرق والأصفر والأحمر... إلخ، منذ القرن السابع للميلاد، للحصول على نسخ فاخرة[1].ونسخت النصوص البوذية المكتوبة على ورق ووزعت بوفرة خلال العالم البوذي. يضاف إلى ذلك، أن السَّاسانيين ربما بدأوا في استعمال الورق إلى جانب حوامل أخرى، بالرغم من أنه لم يصل إلينا أي كتاب أو وثيقة مكتوبة على الورق ترجع إلى هذا العصر. حقيقة أنهم كانوا يعرفونه بحكم علاقاتهم الدبلوماسية والاقتصادية المنتظمة مع آسيا الوسطى والصين، حيث كان الورق معتادا استخدامه. ومع ذلك فإنه لا يمكن أن يكون إلا منتجا مستوردا مكلفا، ومخصصا في الغالب للاستخدام الرسمي.
ويجب كذلك أن نُذَكِّر بأنه إذا كان مصطلح papier يسمى في العربية «قِرطاسا»[2] أو «ورقاً»[3] فإن الاسم الفارسي للورق هو «كاغذ» (بالعربية «كاغِد» أو «كاغَد») وهو مأخود من اللغة الصُّغدية[4]. فقد كان الصُّغد، الذين كانوا على صلة بآسيا الوسطى الصينية، من بين مروجي تقنيات صناعة الورق. وربما أنجزت في بلاد الصغد كذلك النسخ الأولى للكتابات المسيحية على الورق.
ويبدو أن الورق استخدم في العموم في المخطوطات الإسلامية بالطريقة نفسها التي استُخْدِمَ بها الرَّقُّ. فالكراسات التي كانت تُجَمَّعُ لتكوين مجلد كانت تتكون من العديد من الأوراق المزدوجة المعدة مسبقا؛ وكانت الأوراق تُعَدُّ وتُقطَّع في العموم من ورقة واحدة،/ ولكن يمكن أن توجد كراسات مكونة من أوراق مزدوجة ذات أصل مركب، أو من أوراق مزدوجة مكونة من ورقتين ضُمَّت من وسطها قرب مكان الطي [أي من كراسات ذات أربع صفحات]. والغالب أن تكون جميع أوراق كراسات مخطوط ممددة في الاتجاه نفسه (أو متوازية أو متعامدة على الخياطة). وبالطبع توجد استثناءات لهذه القاعدة. ويوصى إذا بمباشرة اختبار منهجي يسمح بتبيين الحالات الشاذة التي يجب أن نحاول تفسيرها، بالرغم من سآمة هذا العمل. إنها فُرصة لتسجيل تغيُّرات الورق التي يمكن أن تعكس إصلاحا أو ترميما... إلخ.
إن الفترة المنقضية بين صناعة الورق واستخدامه قصيرة نسبيا بسبب ارتفاع ثمنه، الأمر الذي يُثني عن تكوين مخزون منه. والسؤال ذو أهمية بما أنه، في حالة الورق ذي العلامة المائية، يسمح الورق بتقديم تأريخ معقول للنسخة، وهي قرينة قد تدعمها أو لا تدعمها عناصر أخرى. وتبعا للمتخصِّصين في الورق ذي العلاقة المائية – ومنهم بريكيه Briquet - فإننا يجب أن نحسب ما بين عشرة إلى خمس عشرة سنة بين تأريخ الصنع والاستخدام الممكن للورق. وربما يجب أن نحسب فترة أطول بالنسبة للأوراق المستخدمة في الشرق الأدنى البعيد.
الورق غير ذي العلامة المائية الوسيط[5]
انتشار الورق في العالم الإسلامي
يسجِّل انتصار المسلمين [علی حاكم كُوشَا الصيني، كاوسیان – شیش] في ذي الحجة سنة ۱۳۳هـ/ يولية سنة 751م على ضفاف نهر طراز (طلس) في أسيا الوسطى (جنوب كزاخستان الحالية)، التأريخ الحقيقي لبداية التوسع الضخم لصناعة المسلمين واستخدامهم للورق؛ لقد كان لهذا النصر على كل الأحوال أهمية حاسمة. فقد كُلِّف الصينيون الماهرون في صناعة الورق، الذين وقعوا في الأسر، بإقامة مطابخ للورق في سمرقند، المدينة المشهورة بقنواتها العديدة. ويُذْكر كذلك ورق صنع في دَيْرِ مانَوي بسمرقند. ويبدو أن استخدام اللب النباتي وكذلك الخِرَق لصناعة عجينة الورق، قد تم لأول مرة في سمرقند.
وكانت القوالب المستخدمة قوالبا متحركة. وقد أدخلت تحسينات على طريقة دق ألياف العجينة: فيذكر البيرُوني، في القرن الرابع الهجري/ العاشر الميلادي، أنه كان يوجد في سمرقند مطرقة هاون مائية، مثل تلك التي تُستخدم في ضرب الأُرْز[6]. ولا نعرف للأسف نصا بالخط العربي نُسخ/ على ورق في هذه الفترة في هذه المناطق؛ ولكن إدخال الورق إلى بغداد، عاصمة العبَّاسيين، تلا ذلك بقليل: يُؤَكَّدُ ذلك وجود مطبخ للورق في بغداد منذ عام ۱۷۸هـ/ 794م[7]. وصاحب ازدهار الورق التَّراجع السريع للبردي والرق، فقد حل الورق محلهما، لا سيما لأسباب اقصادية. واستخدمت مصر الورق منذ القرن الثالث الهجري/ التاسع الميلادي (وسيوجد فيما بعد مطبخ للورق في الفسطاط). وكانت احتياجات الإدارة العباسية من الورق كبيرة جدا، ومن الصعب أن نقول: إذا كان استخدام الورق لصناعة الكتب قد سبقه استخدام الإدارة للورق (فقد فرض الخليفة استخدام الورق منذ سنة ۱۹۳هـ/ ۸۰۸م)، أم أن تطور هذين الاستخدامين كان متزامنا. وسرعان ما حققت تجارة الورق ازدهارا مرموقا جدا: وعندئذ مُنِحَت لمختلف أنواع الورق أسماء المدن التي نشأت مطابخ الورق بالقرب منها (البغدادي والسَّمَرْقَنْدِي... إلخ) ولم تكن نوعية الماء، من جهة أخرى، بغیر تأثير على الورق الناتج. واشتُهِر الورق البغدادي، على سبيل المثال، حتى القرن التاسع الهجري/ الخامس عشر الميلادي لجودته، وتدل صفة «البغدادي» كذلك على نوع من الورق ذي حجم كبير. وعرفت دمشق صناعة الوراقة في القرن السادس الهجري/ الثاني عشر الميلادي، واشتهر ورقها أكثر من الورق المصري ولكن يبدو أنها تراجعت فيما بعد. ومارست القيروان هذا النشاط في القرن الرابع الهجري/ العاشر الميلادي.
إننا سنصطدم دفعة واحدة بمشكلة المصطلح عندما نتصدى لوصف الورق: فالأمر يتعلق بمجال لا تسمح فيه دائما طبيعة العلاقة بين التسميات التقليدية المختلفة – التي تنوّعت تبعا للعصور والأماكن – وتسميات المتخصصين الحاليين، بامتلاك رؤية واضحة للأشياء الموصوفة. فترجمة دقيقة للنصوص القديمة عن الورق لا غنى عنها، رغم مشقّتها أحيانا.
لقد تم انتشار الورق «العربي» في كل حوض البحر المتوسط، كما رأينا، بطريقة سريعة. فقد أنتجت أرمينية مخطوطاتها الأولى على الورق سنة 349هـ/ 960م (حيث نجد أوراقا تتكون أليافها فقط من القطن)، وعرفت كذلك الإمبراطورية البيزنطية الورق منذ القرن العاشر الميلادي واستخدمه دیوان الإنشاء الإمبراطوري سنة 444هـ/ 1052م. واستُخدِم كذلك في صقلية في القرن الخامس الهجري/ الحادي عشر الميلادي، عن طريق جلب هذه المادة من المناطق الإسلامية أو عن طريق صناعات محلية استخدمت التقنيات نفسها. أما أسبانيا، فقد امتلكت في القرن الثاني عشر الميلادي العديد من مطابخ الورق في أقاليمها الإسلامية: فقد وجد مطبخ في شاطبة سنة 448هـ/ 1056م، وآخر في طليطلة سنة 478هـ/ 1085م.
وعند الفتح العثماني، كان هناك مطبخ للورق يعمل منذ سنة 857هـ/ 1453م في كاغيتان، قرب إستانبول، وآخر في بورصة نحو سنة ۸۹۱هـ/ 1486م.
وظهر في أسبانيا والمغرب بين سنتي563هـ/ 1166-1167م و763هـ/ 1360م نوع خاص جدا من الورق سُمِّي «المتعرج à zigzag»، وهو ورق مُمدد ذي خطوط مسلسلة موضوعة على مسافات منتظمة وبأبعاد أكبر من أبعاد الورق «الشرقي». وتحمل الورقة نحو وسطها علامة متعرجة لم تعرف بعد وظيفتها بيقين: هل هي طريقة رسم متصلة/ بالسِّعْر؟ هل هي علامة المصدر؟ أم هل هي أثر عملية لم نعرف بعد الغرض منها؟ ويوجد هذا التعرج (zigzag) كذلك على أوراق ذات علامات مائية صنعت في إيطاليا[8].
خصائص الورق غير ذي العلامة المائية
تحديد الألياف
ما زالت الأبحاث المتعلقة بتكوين عجينة الورق (الألياف والخِرق) قليلة جدا حتى الآن، ولا تستطيع أن تقدم لنا أية معلومات يمكن الإفادة منها؛ فهذا الحقل البحثي ما زال في حاجة إلى اكتشاف. ما هو نصيب القنَّب؟ والكتَّان (المُعاد استخدامه أحيانا، كما هو الحال مع لفائف المُومْياوات في مصر)؟ والألياف النباتية الأخرى (مثل القطن)[9]، هل نستطيع أن نستخرج منها عناصر للتأريخ أو تحديد المكان؟ وأخيرا، فهناك بعض الأوراق التي صنعت من عجينة من نسيج الحرير (الورق الحريري).
وهناك ظاهرة نلحظها أحيانا في المخطوطات هي «تفريج» بعض الأوراق: ومع ذلك فلا يتعلق الأمر بفصل ورقتين ملتصقتين الواحدة عن الأخرى، وإنما بظاهرة أكثر تعقيدا تتعلق بفصل الألياف، دون شك بسبب وجود أكثر من طبقة من العجين.
معالجة السطح
إن الطريقة التقليدية لتجهيز الورق في العالم الإسلامي تجعل من العسير التعرف عليها عن طريق فحص سطحه فقط. فقد كان فرخ الورق بعد تغريته (بنشا القمح أو الأرز أو الذرة) يوضع على لوح من أجل بشره وصقله بواسطة آلة (زجاج، عقیق) بغرض إزالة خشونته، الأمر الذي يفسر وجود خطوط متوازية، مائلة في العموم – على سطح الورقة، ثم تتعرض الورقة غالبا لمعالجة بمرقاش؛ ويجب أن تكون الورقة شبه شفافة - لا شفافة تماما - وبالطبع قادرة على تحمل الكتابة دون أن تتشّرب الحبر. والورق المصنع في الهند، حتى أيامنا هذه، تبعا للطريقة التقليدية[10]، جدير بالملاحظة في هذا الصدد: فهو يصفَّى على نوع من القماش يمكن أن يترك أليافا على العجينة ثم يُترك ليجف ويُبيض على حوائط من الآجر، التي يمكن أن تترك عليه آثارا هي الأخرى، ويوافق حجم شكل الورقة في الأعم ما يمكن أن يتعامل معه صانع واحد بسهولة.
وبالمقارنة بالغرب الإسلامي يبدو أن الحرفيين في فارس والدولة العثمانية قد أوْلوْا اهتماما استثنائيا لتجهيز الورق ومظهره الخارجي. فالورقة يجب أن تكون شبه شفافة ومصقولة بعناية ومغطاة غالبا بمادة صقل (بياض بيض، صمغ الكُثيراء)، أو طلاء بواسطة مرقاش،/ غالبا ما يكون أكثر وفرة في الأطراف. ونلاحظ كذلك في المخطوطات العثمانية الفاخرة والتي ترجع إلى فترة حكم محمد الفاتح (848-850هـ/ 1444- 1446م و855-886هـ/ 1451-1481م) وبايزيد الثاني (886-918هـ/ 1481-1512م) الوجود المتكرر لورق سكري اللون مصقول جدا، يبدو أنه خضع لمعالجة وفيرة. وفي حالات أخرى، يبدو أنه اعتني فقط بصقل الورق دون معالجة، مما يوجد صعوبة في محوه أو إعادة الكتابة عليه.
الأشكال والأحجام
إن الأحجام الأصلية للورقة نادرا ما تستخدم كما هي إلا في مجلدات استثنائية (مثل مخطوط باريس رقمBnF ar.2324 الذي يرجع تأريخه إلى القرن الثامن الهجري/ الرابع عشر الميلادي، وهو مخطوط من القطع الكامل in plano قياس أوراقه المزدوجة 35×76سم) تتعلق على الأرجح في أكثر الأحيان بإمكانية معالجة الصانع الشكل بمفرده؛ ولا يتعدى فيها حجم الورقة الكاملة على أي حال 35×55 سم (تبعا لما سجلناه عن بلاد فارس في القرن التاسع الهجري/ الخامس عشر الميلادي).
ونجد الخطوط الممددة (الأسلاك النحاسية) في فرخ بقطع النصف in folio متعامدة على الخياطة، وهو ما نجده كذلك في أغلب الأحيان في قطع الثُمن in octavo، بينما تكون الخطوط الممددة (الأسلاك النحاسية) في قطع الرُّبع in qurarto موازية للخياطة. وفيما يتعلق باستخدام الأوراق المزدوجة المعدّة مسبقا يمكننا أن نجد ورقة أو أخرى تكون خطوطها ممددة (أسلاكها النحاسية) في اتجاه منحرف ظاهريا.
وفي حالة المجلدات الفريدة مثل المصحف «بایسُونجور» تظل التقنية المستخدمة في صناعتها غير معروفة؛ وربما استُخدِم فيها قالب ثابث[11]. وتتطلب المصاحف المملوكية، التي يبلغ بعضها أحيانا أحجاما ضخمة - ارتفاعا يقارب المتر، بل حتى أكثر - أن تُفحص أيضا من هذا المنظور.
ونلاحظ كذلك، في العالم الإيراني خاصة، وجود مجلدات ذات شكل متطاول على الفورمة الإيطالية («سفينة» بالفارسية) يُذكر استخدامها بشكل اللفافة. تُستَخدَم فيها الورقة بلا اكتراث في اتجاه أو آخر وتتجاوب كراساتها مع الصيغ نفسها.
وبصورة عامة يبدو أن تقطيع الورق له أهمية نسبية بحيث يمكن إعادة تشغيل دشْت الورق، مثلما هو الحال في فارس في عمل الوصفات الصيدلانية أو كتابة مختلف الوثائق (حسابات... إلخ)، ويكون تقطيع الورق بواسطة شفرة حادة.
وصف الورق غير ذي العلامة المائية
الخطوط المشددة (الأسلاك النحاسية)
لوصف ورقة فإننا نحسب عدد المليمترات التي يشغلها عشرون خطا ممددا. وعلى سبيل المثال، ففي مخطوط باريس رقمBnF suppl. persan 69، المنسوخ في أندكان (قُرب فرغانة) سنة 711هـ/ ۱۳۱۱م[12]،حيث الخطوط الممددة للورق ذي اللون الأسمر الفاتح متعامدة على الخياطة والخطوط المسلسلة يتعذر تمييزها، يشغل العشرون خطا الممددة 40 ملليمترا تقريبا. فتكون الأحجام الكاملة للورقة على كل الأحوال 390× 480مم. وأخيرا فإن المجلد يتكون من كراسات ذات ثمانية أوراق - أو رباعية - وهو شكل سيسود، كما سنرى فيما بعد، في العالم الإيراني ويتواجد على نطاق واسع في الهند في القرنين الحادي عشر والثاني عشر للهجرة/ السابع عشر والثامن عشر للميلاد، وزاحم الـ quinion أو الخماسیات (كراسات ذات عشرة أوراق) في الدولة العثمانية حتى نهاية القرن العاشر الهجري/ السادس عشر الميلادي. ونجد في المغرب والأندلس (أسبانيا) الـ sénions أو (السداسيات) أو كراسات ذات اثنتي عشرة ورقة.
ويمكن أن يمدنا وصف فواصل الخطوط الممددة بمعلومات. فإذا كانت موصلة بدأب فربما نتوصل إلى تعيين الطرز المختلفة للأسل والخيزران أو سيقان النجيلات [النباتات الوحيدة الفلقة] المستخدمة في صناعة القوالب. والورق الجيد هو غالبا الورق الذي تكون شبكة خطوطه الممددة (أسلاكه النحاسية) هي الأكثر تقاربا[13]، وكذلك الذي تكون عجینته منتظمة ولا ترى أليافه بوضوح.
الخطوط المسلسلة (أسلاك السلسلة)
يصعب عادة تمييز الخطوط المسلسلة (أسلاك السلسلة [التي تربط الأسلاك النحاسية فيما بينها])، ونستطيع فقط أن نحزر احتمال وجود خط متعامد على الخطوط الممددة (شكل ۱۲). وتبدو هذه الخطوط مع ذلك، في بعض الحالات- المختصة ببعض طرز الورق - واضحة بما فيه الكفاية بحيث تكون موضوعا للملاحظة. وهكذا فقد أعدت جنيڨيڨ أمبير Geneviève Humbert دراسة تصنيفية[14] للأوراق «العربية» التي لا يوجد بها علامات مائية، والتي تدرك فيها خطوطها الممددة، للفترة الممتدة من القرن الخامس الهجري/ الحادي عشر الميلادي إلى القرن التاسع الهجري/ الخامس عشر الميلادي[15]. وترتكز هذه الدراسة على ملاحظة آثار الخطوط الممددة والخطوط المسلسلة عند تعريض أنموذج للورق للضوء. فالخطوط المسلسلة رصت على مسافات منتظمة نسبيا، ولكن أحيانا على مسافات كبيرة جدا (حتی ۸۰ مم)، أو تُوجَد مجمعة في خطين أو ثلاثة. وقد وضعت جنڨيڨ أمبير تصنيفا تضمن ست مجموعات. في المجموع الأول، الخاص بالأوراق ذات الخطوط المسلسلة البسيطة، غير المجمعة/ (مثل حالة مخطوط باريس رقمBnF ar. 6840 ، المنسوخ في أصبهان سنة 502هـ/ 1108م، وقسم من المخطوط رقم ar. 3423 المنسوخ سنة 852هـ/ 144۸ - 1449م) فإن الفارق بين الخطوط يتراوح من 12 إلى 25سم. وبالنسبة لبعض المخطوطات المصنوعة في الهند في القرن العاشر الهجري/ السادس عشر الميلادي فإننا نجد فروقا تتراوح من 30 إلى55مم: وهذه أيضا حالة الأوراق ذات الجودة العالية التي ترجع إلى الهند المغلية في القرنين الحادي عشر الهجري/ السابع عشر الميلادي والثاني عشر الهجري/ الثامن عشر الميلادي[16]. وتزيد الفروق دائما في الأوراق المغربية على 30مم ويمكن أن تصل إلى ۸۰مم: ولكنها تنحصر في الأغلب بين 40 و50مم. وتظهر سلسلة من أوراق فارس ترجع إلى القرنين السادس الهجري/ الثاني عشر الميلادي والسابع الهجري/ الثالث عشر الميلادي خطوطا مسلسلة بسيطة ومزدوجة (أو ثلاثية) تتعاقب بطريقة شبه منتظمة.
...
الورق ذو العلامة المائية...*
*الجزء المتبقي من هذا المقال متاح حصريًا في النسخة المطبوعة من هذا الكتاب. الكتاب متاح بالصيغتين الإلكترونية والمطبوع، وذلك ضمن إصداراتنا على الرابط التالي:
http://doi.org/10.56656/100098
[1] مثال حالة لفيفة Pelliot الصينية بمكتبة فرنسا الوطنية رقم 3561 والمنسوخة سنة 676 على ورق أمْغر داكن، وقطعة Pelliot رقم 4642 التي يرجع تأريخها إلى النصف الأول من القرن السّابع والمكتوبة على ورق أزرق شاحب.
[2].Gacek, AMT, p.114.
[3] Ibid., p. 149.
[4]انتقل من الفارسية، إلى الأغورية، ثم التركية (كاغت).
[5] نشرت عنها ماري تبريز ببليوغرافيا في غاية الثراء، انظر:
Marie-Thérèse Le Léannec- Bavavéas, Les Papiers non filigranés médiévaux de la Perse à l’Espagne. Bibliographie, 1950-1995, Paris, C.N.R.S.Editions, 1998, 144p, (Documents, études et répertoires publiés par l'Institut de Recherche et d'Histoire des Textes
ويمكن للقارئ أن يراجعها للحصول على معلومات إضافية حول هذه النقطة الدقيقة أو تلك، ويمكن التعرف على تفاصيل أكثر حول تاريخ الورق في العصر الإسلامي لدىBloom, J., Paper before Print.New Haven 2001.
P. Mohebbi, Techniques et ressources en Iran du 7e au 19e siècle, Téhéran, 1996 [Bibliothèque iranienne, 46], p. 182-188.
J. von Karabacek, Arab paper, 1887, trad, de D, Baker et S. Dittmar, Londres, [1991], p. 33 (=«Das arabische Papier», Mitteilungen aus der Sammlung der Papyrus Erzherzog. Rainer 2/3, Vienne, 1887).
[8]راجع مخطوط باريس رقم BnF arabe 2291، حيث توجد علامة مائية على شكل رأس تَيْس.
[9] انظرGacek, A., «On the making of local paper. A thirteenth. century recipe», REMMM 99-100 (2002), pp. 79-93.
[10] انظر على الأخصّ: N. Premchand, Off the Deckle Edge
Islamic calligraphy / Calligraphie islamique, Genève, 1988,p. 104-105; D. James, After Timur [The N.D. Khalili coll. of Islamic art 3], Londres-Oxford, 1992, p. 104-105; A Soudavar, Art of the Persian courts: Selections from the Art and History Trust collection, New York, 1992, p. 59-62; S.S. Blair, A compendium of chronicles, Rashid al-Din’s illustrated history of the world [The N.D. Khalili coll. of Islamic art 27] Londers-Oxford, 1995, p.112, n.19.
وفيما يخص تقنية استخدام شكل ثابت، انظر
J. Irogion, «Les papiers non filigranés, Etat présent des recherches et perspectives d'avenir», Ancient and Medieval book materials and techniques I, M. Maniaci et P. Munafo éd. [Studi e Testi 357], p. 265-312
[12] FiMMOD 158؛ ويذكرنا ورق هذا المخطوط بعض الشيء ببعض أوراق مخطوطات صينية سابقة على القرن الحادي عشر، وجدت دون هوانج، أو في الحقيقة أبعد منها بقليل.
[13] ماذا يراد بـ «ورق سمرقند»؟ أصبح هذا المصطلح يشير في وقت متأخر إلى نوع من الورق، في حين أنه كان يعني في الأصل بكل تأكيد ورقا صنع في سمرقند، ويُصدَّر لسمعته الكبيرة. ونجد في مخطوط باريس الخزائني رقم BnF arabe 5036، والذي أنجز نحو سنة 843هـ/ 1440م بسمرقند، ورقا عاجيا حيث يشغل كل 20 سلكا نحاسيا 22 إلى 24م أصلها من ورقة قياسها على الأقل 36×48سم. فهل نحن هنا أمام «ورق من سمرقند»؟.
Geneviéve Humbert, «Papier non filigranés utilisés au Proche-Orient jusqu’en 1450. Essai de typologie», Journal Asiatique, 286 (1), 1998, p. 1-54.
[15] راجع بالنسبة للورق الفارسي من القرن 15م
F. Richard, «le papier utilisé dans les manuscrits persans du XVe siècle de la Bibliothéque national de France», Le papier au Moyen-Âge: histoire et techniques, M. Zerdoun Bat-Yehouda éd. [Bibliologia 19], Turnhout, 2000. P. 31-40.
[16] من الصعوبة أن نتأكد عن ما هو من بينها ورق عادلشاهي الدكن على سبيل المثال. ونظرا لاختلاف ورق مخطوط باريس رقم BnF suppl. persan 140cالمنسوخ في فيروزآباد، والذي هو أنموذج دال، بخيوطه الممتدة العريضة جدا على نوع ورق سلطنة دلهي في النصف الأول من القرن السادس عشر الميلادي.
ملاحظة: نشر النص في الكتاب التالي: المدخل إلى علم الكتاب المخطوط بالحرف العربي، 2010 - النسخة العربية، مؤسسة الفرقان بالتراث الإسلامي، لندن، ص 99-119، نقله إلى العربية وقدم له أيمن فؤاد سيد. |