ديفيد كنج
ملاحظات تمهيدية
يقدر عدد المخطوطات العلمية باللغات العربية والفارسية والتركية بحوالي عشرة آلاف مخطوط، وإلى جانب ذلك توجد الآلات الفلكية التي تبلغ حوالي ألف آلة. وتشكل هذه المخطوطات والآلات المصادر الرئيسية لمعرفتنا عن الرياضيات والفلك في الحضارة الإسلامية. ويرجع تاريخ معظم هذه المخطوطات والآلات إلى الفترات التي أعقبت أكبر عصر إبداعي في تاريخ العلوم الإسلامية وهو العصر الذي يشمل الفترة من القرن الثامن إلى القرن الخامس عشر. غيرأن بعض المخطوطات اللاحقة قد اختفظت لنا أيضا بأعمال مبكرة كان يمكن أنتضيع لولا وجود هذه المخطوطات، كما تتسم بعض الآلات التي يرجع تاريخها لفترات لاحقة بخصائص أو سمات ليست معروفة لنا إلا من خلال النصوص المبكرة.
ويمكن تلخيص الترتيبات المثالية لتوثيق تاريخ العلوم في الحضارة الإسلامية كما يلي: تتم فهرسة المخطوططات والآلات في عرض عام للببليوجرافيا والتراجم، وبعد ذلك يمكن إجراء دراسات مفصلة تتناول أعمالا معينة أوموضوعات فردية تنطوي على أهمية بالغة. وعلى هذا النحو فإن معرفتنا تحقق التقدم المطلوب على أساس سليم وبشكل معقول أو في حدود ما يمكن أن يكون أساسا سليما وذلك بافتراض أن كثيرا من الأعمال الكبرى قد فقدت ولا أثر لوجودها الآن. وحتى مع افتراض هذا الوضع الأمثل فإن ما نأمل في استعادتهمن تاريخ العلوم في الحضارة الإسلامية لا يزال يتوقف على عامل الصدفة إلى حد كبير.
وغني عن الذكر أن الوضع الفعلي يختلف عن ذلك الوضع الأمثل تمام الاختلاف. فأولا لا تزال فهرسة المخطوطات العلمية الإسلامية في حلة متردية وسيئة وتتطلب التحسين. وفي حين أن بعض المجموعات الغربية الكبرى قدتمت فهرستها بالدقة المطلوبة فإن هذه الفهارس غالبا ما قام بإعدادها علماء إسلاميات غير متخصصين في العلوم الإسلامية. فالمكتبة السليمانية في إستانبول- وهي تضم أكبر مجموعات المخطوطات في العالم الإسلامي منحيث الحجم والتنوع – لا يوجد لها حتى الآن أي فهرس (كاتالوج) على الإطلاق (راجع قائمة ماكس كراوزه أدناه). كذلك لا يوجد فهرس لأكبر مجموعة للآلات العلمية الإسلامية وهي المجموعة التي يضمها "متحف تاريخ العلوم" فيأكسفورد. أضف إلى ذلك أن المنشور من النصوص الرئيسية غير محقق بالمستوى المطلوب – وبعضها غير منشور على الإطلاق. وهذا حقيقي أيضابالنسبة إلى أهم الآلات العلمية الإسلامية. ولذلك فإن نشاطنا الحالي لا يعدوأن يكون مسألة عشوائية نوعا ما بمعنى أنه يقوم على الصدفة أو المفاجأة.
وفي العرض الموجز التالي لتاريخ التعرف بالنصوص المتعلقة بالعلوم الإسلامية (في الرياضيات والفلك أساسا) فإني لن أذكر سوى أسماء قليلة، وهذايعني بالضرورة إغفال كثير من العلماء الذين يستحقون إدراجهم في العرض. غير أنه ينبغي ألا نتجاهل أسماء العلماء الذين ندين لهم بأعظم التقدير والوفاء حتى في أكثر الدراسات أو العروض إيجازا، ومن هذه الأسماء جاكوبجوليوس Jacob Goliusالذي ندين له بجمع المخطوطات، وفلهيلم آلواردتWilhelm Ahlwardtودي سلين de Slane اللذان ندين لهما بفهرسة المخطوطات، وفرانز فوبكه Franz Woepckeوهاينريش زوترHeinrich Suter اللذان ندين لهما بتحليل المخطوطات،ولويس إيفانز Lewis Evansالذي أبدأ أعظم مجموعة في العالم للآلات العلمية الإسلامية (وغيرها) في أكسفورد. وفي هذا العرض لن أتناول بطريقة منهجية أو منظمة الأعمال اليونانية المترجمة إلى اللغة العربية أو الأعمال العربية التي لا يتوافر وجودها إلا في الترجمة العبرية واللاتينية أو اليونانية. كماأنني لن أتناول علمي الجغرافيا والتنجيم بشكل منتظم. وسيجد الزملاء أننيقد تجاهلت مجالات مختلفة حتى في علمي الرياضيات والفلك، وكذلك مؤلفات هامة عن هذين الموضوعين تم تأليفها في العصور الوسطى. وباختصار فلعلالملاحظات التالية إنما تعكس اهتماماتي الخاصة.
العلم الشعبي والعلم الرياضي
ظهر تقليدان مختلفان في مباشرة العلوم الإسلامية، ولم يحدث أيتفاعل بين هذين التقليدين إلا نادرا. وقد كرس الفقهاء أنفسهم للنوع الأولوكان سندهم في ذلك هو القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة، كما قام هؤلاء الفقهاء بتنظيم الأمور المتعلقة بالتقويم وأوقات وأوقات الصلاة واتجاه الكعبةالتي هي قبلة المسلمين في أداء الصلاة. أما النوع الثاني من التقاليد فقد كرس العلماء المسلمون أنفسهم لمتطلباته وكانوا يحبذون اتباع الإجراءات والمناهج الرياضية التي غالبا ما كانت بالغة التعقيد لتحقيق نفس أهداف الفقهاء. وبالضرورة كانت النتائج التي توصلوا إليها نتائج مختلفة. وقد نشركاتب هذه السطور عدة مقالات تتناول هذين النوعين من التقاليد وما يسفرعنه هذا المنهجان المختلفان في علم ضبط الوقت الشائع وكذلك في توجهاتفنون العمارة الإسلامية وتخطيط المدن. وقد قام الفقهاء بتطوير نظام أو نسق"كوزمولوجي" ديني، درسه مؤخرا أنطون هاينين Anton Heinenواختلف هذا النسق تماما عن النسق الكوني الذي قدمه العلماء الذين تأثروا بالتقاليد اليونانية. والأنظمة الكونية الإسلامية العلمية قام بدراستها أساسا الدكتور سيد حسين نصر، كما استعرض هذه التقاليد الباحث إي ياخيموفتز E Jachimowicz.
العروض العامة للببليوجرافيا والتراجم
ونواصل الآن عرض الدراسات التي تتناول الببليوجرافيا والتراجم. ففي نهاية القرن الماضي قام هاينريش زوترHeinrich Suter بترجمة جزء من"فهرست" ابن النديم الذي يتناول العلماء وأعمالهم. كما ترجم زوتر أيضا الأجزاء التي تتناول المخطوطات العلمية في فهرس المكتبة الخديوية بالقاهرة - وكان جديدا حينذاك. وقد ألهمه هذا النشاط أن يقوم بتأليف عرض عام للببليوجرافيا والتراجم لحوالي خمسمائة عالم مسلم وأعمالهم، ولا يزال هذاالعرض مصدرا رئيسيا للدراسات الحديثة. أما ماكس كراوزه Krause فقام بتسجيل قائمة المؤلفات الإسلامية المبكرة التي تتناول الفلك والرياضيات في مكتبات إستانبول وبذلك قدم ملحقا بالغ الفائدة لإكمال إنجاز زوتر. وقد حقق رينو Renau نفس الشيء بالنسبة لمكتبات الرباط. أما كارل بروكلمانCarl Brockelmann فقد أدرج العلوم العلوم الإسلامية في دراسته المستفيضة عن الأدب العربي ولم يكن تحت تصرفه حينذاك سوى العرض العام غير الكامل الذي كان كراوزه قد قام به لمجموعات أستنانبول الغنية. وقد قام تشارلز أ ستوريStorey بنفس العمل بالنسبة للأدب الفارسي. وأعاد فؤاد سيزكين صياغة بروكلمان لتغطية الفترة التي تصل إلى العام أربعمائة وثلاثين هجرية، وقد خصص سيزكين ثلاثة مجلدات فاخرة للرياضيات والفلك (العلمي) والفلك الشعبي إلى جانب التنجيم وعلم الأرصاد الجوية. وفيما يختص بالجانب الكبير من هذه المادة الجديدة فإن سيزكين اعتمد إلى حد كبير على المجموعات الموجودة في كل من تركيا وإيران، حيث قام بزيارة هاتين الدولتين لهذا الغرض. وهذه هي الطريقة الوحيدة المضمونة لجمع المعلومات. وتعكس المجلدات التي تحمل اسم سيزكين عناصر هذا الإسهام الشخصي. لقد قام كل من زوتر وبروكلمان بجمع وتأليف مؤلفاتهما في مكتبتيهما الخاصتين. أما مجلدات سيزكين فإنها تعتبر في الوقت الحاضر نقطة الانطلاق لأية دراسة جادة للمؤلفات العلمية الإسلامية. فالدراسة التي أنجزها مؤخرا بوريس روزنفلد Boris A Rosenfeldوجالينا ماتفيفسكايا Galina Matvievskaya مثلا والتي تستعرض الفترة من عام سبعمائة إلى عام ألف وسبعمائة (ميلادية)، مبنية على كل هذه الدراسات السابقة. وتساهم هذه الدراسة بتقديم معلومات جديدة حيث يزيد عدد الرياضيين والفلكيين المسلمين الوارد ذكرهم في هذه الدراسة عن ألف عالم مسلم مختص بعلمي الرياضيات والفلك. أما فيما يتعلق بالفترة المتأخرة للفلك الإسلامي (القرن الثالث عشر وما بعده) فإن الفهرس الذي وضعه كاتب هذه السطور للألفين وخمسمائة مخطوطة علمية الموجودة في دار الكتب المصرية والعرض الببليوجرافي وتراجم المؤلفين اللذان قمت بوضعهما على أساس هذا الفهرس، يقدمون معلومات كثيرة وجديدة. وإلى جانب ذلك قمت بتوثيق أكثر من مائة مخطوطة يمنية تتناول الفلك والرياضيات.
وبالنسبة لآلات الفلكية فلدينا المؤلف الكبير بقلم روبرت تي جنثر Robert T Gunther بعنوان "العلوم المبكرة بأكسفورد" – المجلد الثاني، وكتابه الآخر بعنوان "أسطر لابات العالم"، وكلاهما يعبر عن آراء قديمة وللأسف لم يتم تحديثهما أو تصحيحهما منذ ستين عاما. ولم يكن جنثر متخصصا في اللغة العربية وآدابها كما أنه لم يلق النصح والإرشاد اللازمين من علماء اللغة العربية في أكسفورد. أما الدراسة التي قام بها ل أ ماير Mayer لاستعراض ببليوجرافيا وتراجم صانعي الآلات المسلمين فهي تقوم على أساس أفضل وأسلم، وقد تم الآن تحديث وتوسيع هذه الدراسة في الفهرست المعروف باسم "ريبيرتوار" Répertoireتأليف ألن بريوAlain Brieux وفرانسيس ماديسونFrancis Maddison وقد طال انتظار هذا العمل الذي سيظهر قريبا. ومن المتوقع أن يثيرهذا الفهرست (ريبيرتوار) إلى جانب الفهرست الذي أقوم بوضعه والذي سيظهر قريبا ويتناول كل الآلات الإسلامية الهامة من الناحية التأريخية – من المتوقع أن يثير الفهرسان الاهتمام في ميدان هام ظل مهملا فترة طويلة. وفي عام 1985 قامت إيميلي سافيج سميث Emilie Savage Smithبنشر قائمة لحوالي مائة وثلاثين كرة فلكية إسلامية. إن كل آلة من الآلات تساهم بتقديم جزء يساعدعلى رسم الصورة العامة، ومعظم الدراسات السابقة للآلات الإسلامية مجرد محاولات تصيب حينا وتخطئ حينا آخر. وكان المؤلفون يفرضون على أنفسهم شرح ما هو الأسطرلاب قبل الشروع في وصف آلة معينة فأدى هذا بالضرورة إلى إغفال السمات أو المميزات التي نعتبرها الآن أساسية كالأبعاد والنقوش وعلامات الصناعة ودقة العلامات وأسماء النجوم وكا شابه ذلك. والواقع أنه لابديل عن كاتالوج أو فهرست يضم كل هذه السمات والمميزات.
طبعات النصوص العلمية المبنية على الأصول
إن الطريقة المثلى لتنال النصوص هي إصدار طبعة محققة مبنية على الأصول وذلك باستخدام كل المخطوطات المتوافر، أو إصدار صورة طبق الأصل في حالة وجود مخطوط فريد – ومطلوب أيضا ترجمة النص إلى لغة أوروبية وكتابة تعليق مبني على الفهم الحالي للموضوع. والواقع أن عدد العلماء الذين ساهموا في موضوعنا على هذا النحو يعتبر محدودا ولكن الناتج الإجمالي لإنجازاتهم ناتجا هاما طيبا. لقد بدأت الدراسة الجادة لعلم الفلك الإسلامي والرياضيات الإسلامية – من قبل الباحثين الذين يستطيعون قراءة النصوص الأصلية – بالعالم جاكوب جوليوس Golius في القرن السابع عشر في هولنده، حيث نشرت في أمستردام عام 1669م الطبعة التي حققها هذا العالم للنص العربي لتلخيص الفرغاني (بغداد حوالي 825م) للنظرية البطليموسية في الفلك مع ترجمة لاتينية وتعليق جزئي. والواقع أنه كان قد سبق ونشر فيروما في عام 1594م النص العربي لتحرير كتاب "الأصول" لإقليدس وهوالنص المنقح المنسوب للعالم نصير الدين الطوسي (مراغه حوالي 1260م).
وفي باريس في القرن التاسع عشر كانت المكتبة الملكية بمجموعاتها الغنية من المخطوطات العربية تحت تصرف سلسلة من المستشرقين الممتازين. ونشر المستشرق كوسين دي برسيفال Caussin de Perceval ثلاثة فصول من مقدمة كتاب ابن يونس (القاهرة حوالي 990م) بعنوان "الزيج الحاكمي" ويتناول هذا الكتاب أرصاده وأرصاد سابقيه وملاحظاتهم. وتوخى سيديو الأبSédillot وسيديو الابن دراسة زيج ابن يونس وكذلك كتاب المراكشي (القهرة حوالي 1280م) الخاص بالآلات الفلكية، ومقدمة "الزيج السلطاني" تأليف ألغ بك (سمرقند حوالي 1425م)، وقام سيديو الأب بتحليل مقدمة ابن يونس لجداوله ولم يتم نشر هذا العمل – بل ليس من المعروف إن كان ما زال موجودا، ولكنلحسن الحظ قام بسرده الباحث ج ب ديلامبر Delambreفي كتابه "تاريخ الفلك فيالعصور الوسطى" (1819م). كما قام سيديو الأب أيضا بترجمة النصف الأول من كتاب المراكشي وهو الجزء الذي يتناول علم الفلك الكروي والساعات الشمسية، في حين قام سيديو الابن في مرحلة لاحقة بتلخيص الجزء الثاني الذي يتناول الآلات الأخرى. وقد نشر سيديو الابن أيضا في 1847-1853مالنص الفارسي مع ترجمة مقدمة "الزيج" للفلكي ألغ بك، غير أنه لم ينشر أيعالم من هؤلاء العلماء أيا من الجداول الكثيرة الواردة في زيجي ابن يونسوألغ بك.
وفي عام 1831م نشر ف روزينRosen النص العربي لكتاب "الجبروالمقابلة" للخوارزمي (بغداد حوالي 825م) مع ترجمة إنجليزية، وبعد عشرين سنة قام فرانز فوبكه Woepckبنشر كتاب "الجبر" لعمر الخيام (شمال إيرانحوالي 1080م) مع ترجمة بالفرنسية، وفي عام 1874م نشر فوبكه أيضا مبحثين حول الآلة الهندسية التي أطلق عليها اسم البركار التام.
وفي مدينة سانت بطرسبرج قام العالم شيليروبSchjellerup في عام1874م بنشر ترجمة فرنسية لكتاب "صور الكواكب " تأليف عبد الرحمنالصوفي (شيراز حوالي 965م)، وقد تم نشر النص العربي لهذا الكتاب فيحيدر آباد بعد ذلك بثمانين عاما (راجع أدناه).
ونشر إي ساخاو Sachau نص وترجمة عملين كبيرين منى تأليف البيروني (غزنة حوالي 1025م): وهما كتاب "الآثار الباقية" المتعلق بالتواريخ المختلفة (1878،1879) وموسوعة عن الهند معروفة باسم "كتاب في تحقيق ما للهند" (1888، 1910).
ونشر المستشرق الفرنسي ر دوزيDozy في عام 1873 النص العربي لكتاب "الأنواء" وهو تقويم شعبي سنوي تأليف عريب بن سعد (قرطبة عام961) وأعيد طبع الكتاب عام 1961 مع ترجمة فرنسية قام بها شارل بيلاPellat . وقام رينوRenaud بنشر نص كتاب "الأنواء" المنسوب لابن البناء (مراكشحوالي 1300). وقد نشر بيلاPellat مؤخرا نصوص عدة تقاويم مصرية تنتمي للعصور الوسطى. ويتم حاليا طبع تحقيق وترجمة مزودة بالمذكرات والملاحظات لنص التقويم الزراعي الهام لأحد سلاطين الدولة الرسولية، السلطان الأشرف، وهذه الطبعة من تحقيق دانيال م فاريسكوD.M Varisco.
وفي عام 1891 نشر أ كاراثيودريA Carathéodory في القسطنطينية نص رسالة نصير الدين الطوسي في الشكل القطاع التي تتناول المضلع الرباعي الكروي، واعتقد أن هذه الطبعة هي أول طبعة أكاديمية يتم طبعها لنص علمي عربي في العالم الإسلامي.
وفي السنوات الأولى من القرن الحالي كانت الإسهانات الرئيسية في موضوعنا هي الإسهامات التي قدمها علماء كتبوا باللغة الألمانية باستثناءالعالم الإيطالي نالينوNallino . وفي عام 1914 نشر هاينريش زوتر النص اللاتيني لكتاب الزيج للخوارزمي (بغداد حوالي 825) مع المقدمة والجداول ولكن الأصل العربي مفقود. وبعد ذلك بعشرات السنين قام أوتو نويجيباورOtto Neugebauer بترجمة هذا النص إلى اللغة الإنجليزية وأضاف إلى أضاف إلى ذلك تعليقا رائعاعلى المقدمة والجداول. ثم قام زوتر ومن بعده كارل شوىCarl Schoy بإصدارترجمات ألمانية للعديد من الرسائل العربية. ونشر كارلو نالينوNallino النص العربي لكتاب الزيج للبتاني (الرقة حوالي 910) وكذلك ترجمة لاتينية لهذا النص. وقام ماكس كراوزه بإعداد طبعة لكتاب البيروني عن الفلك (غزنة حوالي 1025) بعنوان "القانون المسعودي" وتم نشره لاحقا في حيدرآباد. كما أنه نشر أيضا نص الترجمة العربية لكتاب منلاوسMenelaos بعنوان "كتاب الأكر".
ونشر رمزي رايتR Ramsay Wright في عام 1934 طبعة مصورة طبق الأصل لكتاب البيروني عن الفلك والتنجيم بعنوان "التفهيم في صناعةالتنجيم" ولكن الترجمة التي نشرها على الصفحات المقابلة تم إنجازها أصلامن مخطوط مترجم إلى الفارسية (وهذه النقطة يشار إليها بوضوح فيالمقدمة ص 12-13 ولكن ذلك ليس معروفا بوجه عام).
وفي عام 1936 نشر كارل جاربرز Karl Garbers النص العربي لرسالة ثابت بن قرة (بغداد حوالي 900) في نظرية الساعات الشمسية، وفي عام 1937-1938.
قام باول لوكيPaul Luckey بترجمة هذا العمل إلى اللغة الألمانية. والواقع أن هذا أقدم مخطوط علمي عربي لدينا ويرجع تاريخه إلى سنة 370 هجرية (980/981 ميلادية). وللأسف لم يتم حتى الآن نشر رسالة الدكتوراة التي أعدها نفس العالم وهي إعداد طبعة محققة لنص نظرية إبراهيم بن سنان (بغداد حوالي 925) عن الساعات الشمسية وتلرجمة النص.
وفي الأربعينيات والخمسينيات من هذا القرن قامت مطبعة دائرة المعارف العثمانية في حيدر آباد، الدكن، بنشر العديد من النصوص العربية. وفي حين أن بعض هذه النصوص لا تعدو أن تكون مجرد منقولة عن المخطوطات فإن بعضها الآخر، كنص زيج البيروني الذي يطلق عليه اسم "القانون المسعودي" يمكن أن يعول عليها بدرجة كبيرة. وتضم هذه النصوص كل اتجاهات وميادين العلوم الإسلامية بداية بــ"كتاب الأنواء" لابن قتيبة، الذي يتناول الفلك الشعبي، (دينور حوالي 860) ونهاية بمختلف مؤلفات البيروني وابن الهيثم. ومهما تكن عيوب هذه الطبعات فإن معظم النصوص التي تقدمها كان يمكن أن تظل دون نشر لولا جهود مطبعة حيدر آباد. لقد كانت سنوات الأربعينيات والخمسينيات في أوروبا خلال هذا القرن سنوات غير مشجعة أومواتية لمجال تخصصنا. ولكن ظهر علماء جدد ليواصلوا المسيرة بنفس الروح التي كانت سائدة قبل الحرب العالمية الثانية وانتقل ميدان العمل من ألمانيا إلى أماكن أخرى في العالم لاسيما أسبانيا (ميلاس فاليكوساMillās Vallicrosa ومدرسته) ولبنان (كيندي ومدرسته) والاتحاد السوفيتي سابقا (مجموعة من العلماء استلهموا فكرهم من أ.بي. يوشكيفتشA.P.Youschkevitch ).
إننا ندين بالفضل للعالم ج. ميلاس فاليكروسا لما قام به من عرض جيد لكل المادة المتاحة عن الفلكي الزرقالي (طليطلة حوالي 1075) فضلا عن طبعة لكتاب ابن الصفار (قرطبة حوالى العام الألف) عن الأسطرلاب وكذلك طبعاته لأعمال مختلفة باللغة العبرية. وقام خلفه خوان فيرنيهJuan Vemet بنشر مقدمه كتاب الزيج لابن البناء بدون جداوله. وكان الإسهام الذي قدمه زميل خوانفيرنيه، خوليو سامسرو ó Julio Samsيتمثل في ترجمة عدة رسائل من تأليف أبي نصر بن عراق قد نشر نصها في حيدر آباد سابقا.
وفي عام 1962 حقق المستشرق الروسي بي.بولجاكوف Bulgakov الكتاب الذي اكتشف حديثا للبيروني عن الجغرافيا الرياضية بعنوان "تحديد نهايات الأماكن". ونشر إي س كيندي ترجمات لعدة أعمال للبيروني وتعليقات عليها بما في ذلك "التحديد" و"الظلال" حول ضبط الوقت بوجه عام والظلال بوجه خاص. كما أصدر هذا العالم طبعة طبق الأصل لرسالة الكاشي حول آلة لتمثيل حركات الكواكب السيارة مع ترجمة مهمشة، كما قام بإعداد طبعة طبق الأصل لجداول الكاشي الفلكية المسماة "الزيج الخاقاني". واشترك مع ديفيد بينجري D Pingreeوغيره من العلماء في إصدار دراسة عن التاريخ التنجيمي لما شاء الله (بغداد حوالي 800) وكذلك كتاب عن النظريات الكامنة وراء كتب الزيج للهاشمي (بغداد حوالي 900). وقد أمدنا ديفيد بينجري بنص ترجمة يونانية بيزنطية للزيج المفقود للفهاد (شيروان حوالي 1175) وترجمة بيزنطية لـ"جداول طليطلة"، وكذلك النص العربي لمجموعة المواد الشبه علمية المعروفة باسم "بيكاتريكس"Picatrix . وقد نشر هذا العالم أيضا الشذرات المتبقية من الكتابات الفلكية لعدد من أوائل علماء الفلك المسلمين ولا سيما الفزاري ويعقوب بن طارق وأبي معشر. وقد أتاحت العالمة ماري- تيريز ديبارنو Marie-Thérése Debarnotالفرصة لنشر النص والترجمة والتعليق على "مقاليد علمالهيئة" للبيروني، وهو كتاب على جانب كبير من الأهمية في الفلك الكرويوعلم المثلثات الكروية.
وفي لندن أصدر جيرالد ر. تيبتسTibbets ترجمة لكتاب "الفوائد" لابن ماجد، بحار المحيط الهندي في القرن الخامس عشر، وهو أكبر مبحث عربي أساسي حول الملاحة. وقبل ذلك تم نشر ترجمة فرنسية لهذا الكتاب وكتب أخرى للمؤلف نفسه وقام بنشرها جي. فيراندG.Ferrand .وفي الآونة الأخيرة أمدنا إبراهيم خوري من دمشق بالنصوص العربية لكل الرسائل الموجودة لابن ماجد وملاح القرن السادس عشر سليمان المهري.
وقد نشر العالم إي. ميلاس فندريلE. Millás Vendrell الترجمة اللاتينية لتعليق ابن المثنى (الأندلس، ربما في القرن العاشر) على زيج الخوارزمي. وفيالفترة الأخيرة نشر ب.ر. جولدشتاينB.R.Goldstein نص ترجمتين لهذا التعليق باللغة العبرية وأيضا مع الترجمة وألحق بها تعليقا. وقد فعل نفس الشيءبالنسبة لكتاب حول نظرية حركة الكواكب تأليف البطروجي (إشبيليه حوالي 1190). وقد أدت به أبحاثه حول تركيب أفلاك الكواكب السيارة المنسوب إلى بطليموس وإن كان غير مذكورة في أعماله المعروفة، أدت به إلى اكتشاف أن الفقرة المتعلقة بهذا الأمر في "الافتراضات الكوكبية" لبطليموس قد تم حذفها من النص المنشور. ولذلك فقد نشر هو صورة طبق الأصل لمخطوطة لندن الفريدة مع ترجمة وتعليق على تلك الفقرة. وفي الفترة الأخيرة نشر ريجيس مورل ونRégis Morelon الأعمال الفلكية لثابت بن قرة (بغداد حوالي 900)، ومرة أخرى نجد أن طريقة المعالجة هي الطريقة المثلى: النص المحقق والترجمةوالتعليق.
وفي سنة 1975 نشر باول كونتتشPaul Kunitzch – وهو من ميونيخ - كتاب ابن الصلاح (بغداد حوالي 1150) الذي ينتقد إحداثيات الكواكب الواردة حينذاك في ترجمات كتاب "المجسطي" (راجع أدناه بشأن أعمال هذا العالمالمتعلقة بالمجسطي).
وفي جامعة هارفارد كان موضوع رسالة الدكتوراة للباحث أنطون هايننAnton Heinen موضوعا شاقا وهو تحقيق نص هام توجد منه عدة نسخوعنوانه "كتاب الهيئة السنية في الهيئة السنّية" للسيوطي (القاهرة حوالي 1500)، وهو كتاب يتناول الكونيات (الكوزمولوجيا) من وجهة نظر دينية، وقدأمدنا هذا الباحث بترجمة للنص المحقق وتعليق عليه. ومن الاكتشافات الهامة التي توصل إليها أنه كانت ثمة تقاليد كاملة تقوم على هذا النوع من المباحث قبل السيوطي وبعده – وهي تقاليد تستوجب دراسته مفصلة.
وقدم لنا الراحل الأردني أحمد سعيدان – رحمه الله- خدمات جيدة في ميدان علم الحساب، فقد نشر حساب الأقليدسي (دمشق حوالي 950)، ورياضيات إبراهيم بن سنان، وعدة نصوص أخرى. وفي سنة 1986 نشرسامي شهلوب في حلب كتاب "الكافي في الحساب" تأليف الكرجي (بغداد حوالي 1000).
وقد لقيت الكتب الإسلامية الخاصة بالجبر اهتماما لا بأس به. فسبق أن ذكرنا الطبعة التي حققها روزينRosen لكتاب "الجبر" للخوارزمي. وفي سنة 1962 نشر أيدين سايليSayili كتاب ”الجبر “ لابن ترك، وهو أحد معاصري الخوارزمي، وألحق الباحث بهذه الطبعة ترجمة إنجليزية للنص. وقام رشدي راشد بتحقيق كتاب ”الجبر “ لشرف الدين الطوسي (دمشق حوالي 1165) وعدة بحوث لابن الهيثم، كما اشترك مع أحمد جبار في تحقيق كتاب ”الجبر “ لعمر الخيام ومع س. أحمد في تحقيق كتاب ”الجبر “للسموأل (بغداد حوالي 1180). وفي سنة 1964 نشر عادل عنبوبه نص "البديع في الجبر" للكرجي. ونشر عبد الحميد صبره وباربرا هاربرBarbara Harper طبعات منقحة ومبنية على الأصول لكتابي "حل شكوك كتاب إقليدس" و"شرح مصادرات إقليدس" لابن الهيثم. ومؤخرا قام لين بيرجرين بنشر المراسلات بين عالمي الرياضيات الكوهي والصابئي في أواخر القرن العاشر. وقد ترجمت إيفوندولد ساملونيوسYvonne Dold-Samplonius "كتاب المفروضات" ومؤلفه غيرمعروف.
وحقق جيرالد تومرGerald Toomer طبعة لمخطوطة مشهد الفريدو للبحث الخاص بالمرايا المتوهجة لديوكليس، والأصل اليوناني مفقود، وتوجد حاليا الترجمة الإنجليزية مضافا إليها تعليق على النص، كما أننا ندين لتومر أيضا لما قام به من ترجمة إنجليزية رائعة لكتاب "المجسطي" لبطليموس وكذلك لتحقيقه طبعة للكتاب الخامس والسادس والسابع من "المخروطات" لأبولونيوسApollonius (وهو الآن موجود باللغة العربية فقط)، ولعرضه لمختلف المكونات في "جداول طليطلة" اللاتينية وتقوم أساسا على المصادر العربية. وقام يان هوجنديكJan Hogendijk بتحقيق وترجمة "تمام كتاب المخروطات" الذي ألفه ابن الهيثم بغرض إكمال "مخروطات" أبولونيوس الناقص (القاهرة حوالي 1025). وقام تسيفي لانجرمانTzvi Langermann – وهو من القدس – مؤخرا بإصدار كتاب عن أفلاك الكواكب لابن الهيثم.
وهناك أربعة من خريجي مدرسة "ميلاس – فيرنيه – سامسو" في برشلونة وهم روزير بوتشRoser Puig و م فلينداسM V Villuendas وميرسيكوميسMercé Comes وإميليا كالفوEmilia Calvo ، قاموا بتحقيق نصوص الكتب التالية وترجمتها والتعليق عليها: كتاب المثلثات لابن معاذ (جيان حوالي 1020)، ورسالتان عن "الصفيحة" العالمية تأليف الزرقالى (طليطلة 1070)، ورسالة عن"صفيحة" عالمية من اختراع ابن باصو (قرطبة حوالي 1295)، ودراسة عن مختلف المباحث الأندلسية عن آلات تمثيل حركات الكواكب السيارة. وحقق جوان كرنديلJoan Carandell طبعة لمبحث عن صنع الساعات الشمسية لابن الرقام (تونس حوالي 1325).
وفي أكتوبر 1991 وصلني كتابان جديدان أحدهما من ماريا أنجيليس نافاروNavarro من غرناطة، وهذا الكتاب عبارة عن طبعة محققة لتقويم أندلسي مؤلفه غير معروف، والكتاب الثاني كان من الزميل جورج صليبا Salibaمن نيويورك، وهونص محقق عن الفلك غير البطليموسي العرضي (مراغه حوالي 1250).
والأعمال التالية تنتمي إلى هذا المجال ولكن لم يتم طبعها بعد. قام جميل راغبRageb بإعداد دراسة مفصلة عن كتاب "التذكرة" لنصير الدين الطوسي (مراغة حوالي 1260) حول نظرية الأفلاك. وأعد جورج صليبا Saliba طبعة وترجمة وتعليقا لمبحث ابن الشاطر عن نظرية الكواكب (دمشق حوالي 1350) وسيكون دون شك بنفس المستوى العلمي الذي يتميز به كتابه الجديد عن العرضي. وستصدر قريبا طبعات للنصوص العربية واللاتينية لكتاب "الأكر" لثيودوسيوسTheodosius ويقوم بتحقيقها رتشارد لورتشRichard Lorch كما يتم إدماجها في دراسة علمية ستساهم بدرجة كبيرة في مساعدتنا على فهم عمليات النقل من اليونانية إلى العربية ومن العربية إلى اللاتينية. وينوي س م رأنصاريAnsari أن يحقق كتاب "الزيج" تأليف جاي سنغJai Singh (جيبور حوالي1725)، وسيكون نشر هذا الكتاب خطوة هامة تساعدنا في معرفة الفلك الهندي في مراحله المتأخرة. والتحليل الذي قمت أنا به لفلك الكواكب في كتاب"الزيج" لابن يونس منذ سنوات عديدة، وكذلك التحليل الذي قمت به مؤخرالمجموع جداول ضبط الوقت التي كانت تستخدم في دمشق من القرن الرابع عشر إلى القرن التاسع عشر، لم يتم نشرهما حتى الآن، وكلاهما سيكون أكثر فائدة إذا أمكن توفير المخطوطات الخاصة بهما على شكل طبعات مصورة طبق الأصل – راجع أدناه.
وينبغي علينا ألا نغفل في هذا الصدد ذكر الطبعة الهائلة لكتاب "المناظر" لابن الهيثم والتي يقوم حاليا بنشرها عبد الحميد صبره. (وهذه الطبعة التي تنم عن التقدير لعالم البصرة كان يتم طبعها في الكويت قبل الاعتداء عليها في سنة 1990). وعلى نحو مماثل فإن نصوص وترجمات مختلف المؤلفات المتعلقة بالهندسة الميكانيكية والساعات من تحقيق سيفيم تيكليSevim Tekeliودونالد هيلDonald Hill وأحمد يوسف الحسن قد زادت من معرفتنا بهذا الجانب الهام من العلوم الإسلامية.
إن القائمة الوارد ذكرها أعلاه تعتبر ناقصة وسوف يدرك ذلك بوضوح أي قارئ ينظر إلى المعلومات عن البيروني أو ابن الهيثم في استعراض سيزكين للببليوجرافيا والتراجم الخاصة بالعلماء المسلمين، ناهيك عن الصفحات العديدة في المجلدات بأسرها. ذلك أن هدفي يقتصر هنا على إعطاء فكرة عن الجهود التي بذلت عبر العالم أجمع لبناء أساس قوي لمجال تخصصنا. ورغم أن كثيرا من الأعمال متوفرة على نحو أو آخر إلا أنه يجب ألا يعتقد أيشخص أن مهمتنا تكاد تكون قد اكتملت. والحق أن المطبوعات الوارد ذكرها أعلاه إنما تمثل في الواقع جزءا متواضعا للغاية من الإبداعات الهائلة للعلماء في العالم الإسلامي خلال العصور الوسطى.
عروض لموضوعات فردية
إن الدراسات التي تشكل عرضا ناقدا لمختلف أنواع الكتابة العلمية الإسلامية، والتي تتناول على سبيل المثال الفلك النظري والآلات الفلكية والحساب والمساحة والهندسة النظرية والجبر، تكون دون شك مفيدة. ومن أمثلة ما نشر من هذا النوع من الدراسات ما جمعه ديفيد بنجريPingree لشذرات أعمال أوائل الفلكيين المسلمين مثل الفزاري ويعقوب بن طارق. وكذلك العرض العام للجبر الإسلامي في مراحله الأولى الذي قام به عادل عنبوبه، وبحث كتبته جالينا ماتفيفسكاياMatvievskaya عن نظرية الأعدادالتربيعية الصماء في الجبر، والأعمال العديدة التي كتبها باول كونيتشعن الأسماء العربية للنجوم والأجرام السماوية الشائعة في العالم الإسلامي وأوروبا، والبحث الذي كتبه يان هوجنديكHogendijk عن الرسئل التي تتناول موضوع إنشاء المسبع (وهو الشكل السباعي الأضلاع)، وكتابات فيلبور كنورKnorrعن إنشاء المتناسبين الوسط وتقسيم الزاوية إلى ثلاثة أقسام متساوية،والأبحاث المتنوعة التي ألفها لين بيرجرين Berggren عن إنشاء منحنيات السمتعلى صفائح الأسطرلاب، والدراسة التي أجراها رتشارد لورتش حول نصيتناول الأشكال متساوية المحيط، والإسهامات التي قدمها جاك سيسيانوSesianoعن المربعات السحرية وكتابات سونيا برنتيسBrentjes عن التقاليد النيخوماخية في الرياضيات الإسلامية، والدراسات المتنوعة التي أجراهاجورج صليباSaliba عن نماذج الكواكب غير البطليموسية، والدراسات التيأجريتها شخصيا عن مختلف أنماط الإجراءات بداية بالفلك الشعبي كما سانده الفقهاء والفلك الرياضي كما اقترحه ونادى به العلماء المسلمون لتنظيم التقويم القمري وضبط الوقت وتحديد مواقيت الصلاة وتحديد اتجاه القبلة لأي مكان. وقد قامت مدرسة "ميلاس- فيرنيه- سامسو" في برشلونة بنشر العديد من المجلدات التي تشمل مختلف الدراسات، ونشير أدناه إلى بعض النصوص التيقاموا بتحقيقها.
كانت هناك مدارس إقليمية للفلك في العصور الوسطى المتأخرة وكانت هذه المدارس متباينة في اهتماماتها وأذواقها حتى إنها تستحق الآن إجراء دراسات مستقلة عليها. وقد قام جوليو سامسو بإعداد عرض رائع للفلك الأندلسي سيتم نشره في عام 1992 بمناسبة معرض عن العلوم الأندلسية يقامفي مدريد. وتمت معالجة بعض جواننب علم الفلك الذي كان سائدا في مدينة طليطلة في القرن الحادي عشر في مقال شيق كتبه لوتز ريشتر- بيرنبرجLutz .Richter-Bernburgوقد نشر كينديE S Kennedy مقالات عامة عن الفلك في عصرالدولة السلجوقية والدولة التيمورية في شمال إيران وآسيا الوسطى. وقد استعرض الكاتب الحالي تاريخ الفلك في مصر وسوريا واليمن والمغرب، كما كتب أحمد جبار عدة دراسات عن تاريخ الرياضيات في المغرب. وفيما يختص بتركيا في العصر العثماني والهند في ضوء الحكم الإسلامي فإن أكمل الدين إحسان أوغلي و س م ر أنصاري يشرفان على المصادر والبحوث في ذلك، ومن المتوقع أن يقدما عروضا عامة. وفيما يتعلق بتأثير علم الفلك العثماني في البلقان فإن لدينا الدراسات المفيدة التي أجراها جاسمينكو مولامرفيتسMulaomerovic من سارييفو، وقد تناول بيرنارد جولدشتاينGoldstein في عدد منالدراسات الجادة أثر التقاليد الإسلامية في التقاليد العبرية والعكس. كل هذاولكننا في الوقت نفسه نشير إلى أنه لا توجد عروض موجزة جيدة لعلم الفلك الإسلامي في مراحله الأولى، أو لاستقبال المسلمين للأعمال اليونانية، أولكيفية انتقال الأعمال العربية إلى أوروبا أو حتى لعلم الفلك الإسلامي بوجه عام.
وتوجد مقلات عن مختلف جوانب علم الفلك الإسلامي والرياضيات الإسلامية في المجلدات المخصصة لتكريم آبوAaboe وهارتنرHartner ، ولا سيما المجلد لتكريم كينديKennedy الذي ساهم فيه خمسة وثلاثون من كبار علماء العالمفي تاريخ العلوم بمقالات هامة. ويمكن الاطلاع على مقالات أخرى من هذا النوعفي المجلات الرئيسية المختصة بتاريخ العلم، وفي ثلاث دوريات متخصصة فيتاريخ العلم الإسلامي وهي مجلة تاريخ العلوم عند العرب (حلب)History of Arabic Science ومجلة تاريخ العلوم العربية والإسلامية (صادرة فيفرانكفورت وهي بالألمانية:
Zeuschrift für Geschichte der arabisch-islamischen Wissenschaften)
ومجلة "العلوم والفلسفة العربية" الصادرة في كامبريدج – المملكة المتحدة هي بالإنجليزيةArabic Science and Philisophy . كما أن جلسات المؤتمرات المختلفة تعتبر هامة في هذا الصدد ولا سيما المؤتمرات التي عقدت في حلب سنة 1976وإستانبول سنة 1977 و1986 وتونس سنة 1989.
الكتــب الفلكيــة المـزودة بالجـداول (الأزيـاج)
تعتبر الجداول الفلكية التي تخدم مختلف الأغراض عنصرا هاما من العناصر التي تتكون منها المخطوطات بحيث أنها كانت أدوات البحث القياسية التي استخدمها الفلكيون في العصور الوسطى. وقد قام كيندي بتوثيق كتب الفلك ذات الجداول والنصوص الإيضاحية المسماة بكتب الزيج أو الأزياج، وفي العرض الذي نشره في سنة 1956 عن مؤلفات الأزياج الإسلامية تم إدراج 125مؤلفا من هذه المؤلفات وما نعرفه الآن يقترب من 200 مؤلف ويتناول الزيج
كل المادة المعتادة الخاصة بالفلك في العصور الوسطى فيشمل الجداول الخاصة بالتحويل التقويمي وحساب مواقع الشمس والقمر والكواكب، وكذلك توقعات كسوف الشمس وخسوف القمر ووضوح القمر والكواكب، وإحداثيات النجوم، وقوائم بمواقع مختلفة وخطوط الطول والعرض التي تحددها. وكان لكل منطقة مجموعة من الأزياج تعمل بها، وكثيرا ما كان يتم تحديث الثوابت التي بنيت عليها الجداول. وهذه الثوابت الخاصة بجدول من الجداول وكذلك الأخطاء الحسابية التي قد يحتوي عليها تسهل لنا الآن الربط بين زيج وآخر، ولا سيماوالحاسب الإلكتروني يمكننا من استحضار جداول تشتمل على آلاف البنودفي دقائق قليلة، وهذه الجداول كانت تتطلب من الفلكيين في العصور الوسطى قضاء عدة أسابيع لحسابها. ولا يخفي على أي مؤرخ ما ينطوي عليه هذا الكم الهائل من المواد من أهمية واضحة. وعندي دراسة شاملة تستعرض الجداول الإسلامية لضبط الوقت وتنظيم مواقيت الصلاة وهي جاهزة للنشر. والملاحظ أن هذه الجداول لم تكن مدرجة بشكل عام في مؤلفات الزيج وتعتبر هامة لدراسة تاريخ النواحي الدينية الإسلامية ودراسة العلوم الإسلامية على السواء.
مقالات عـن العلماء المسلمين
وبالإضافة إلى مختلف الأعمال الخاصة بالببليوجرافيا والتراجم المشارإليها فيما سبق، يجب علينا أن نشير إلى المقالات التي تتناول مختلف العلماء المسلمين على المستوى الفردي والتي ظهرت في الموسوعة الإسلامية Encyclopedia of Islamومعجم التراجم العلمية Biography.Dictionary of Scientific وهذه المقالات يكتبها عادة باحث يعرف الكثير عن العالم الذي يكتب عنه، كما أنها تشتمل على ببليوجرافيا مفيدة. ومن الأمثلة المتميزة نذكر المقالات التي كتبت عن أبي معشر والبيروني وابن الهيثم والكرجي والإقليدسي وشرف الدينالطوسي والخيام في "معجم التراجم العلمية" وهذه المقالات ساهم بها بنجري وكيندي وعبد الحميد صبره ورشدي راشد وأحمد سعيدان وعادل عنبوبه ويوشكفتش وروزنفلد: علماء من الأردن والولايات المتحدة الأمريكية وروسيا ولبنان ومصر.
إعادة نشر ببليوجرافيا وتراجم العصور الوسطى عــن العلماء المسلمين
إن إعادة طبع النص الذي حققه جوستاف فلوجلFluegel في 1871-1872 لفهرست ابن النديم (بغداد حوالي 975) ستكون من الأعمال التي تنطوي على فائدة بالغة. وللأسف لم يتم حتى الآن تحقيق طبعة مبنية على الأصول ويمكن أن يعول عليها لكتاب "طبقات الأمم" لصاعد الأندلسي. وسيمر وقت وطويل قبل أن يقوم أي باحث بإصدار طبعة جديدة لأعمال التراجم الهامة لابن القفطي (حلب حوالي 1230) وابن أبي أصيبعة (دمشق، الخ، حوالي 1250). وطبعات القاهرة القديمة تستحق فعلا إعادة الإصدار بشكل محقق تحقيقا علميا حديثا.ومن حسن الحظ أن لدينا الآن طبعة يمكن أن يعول عليها لكتاب "إرشاد القاصد" لابن الأكفاني (القاهرة حوالي 1330) نشرها يان يوست ويتكامJan Just Witkam فيسنة 1989.
طبعات طبق الأصل للمخطوطات الهامة
في حين أنه لا يوجد بديل عن الطبعات المبنية على الأصول للنصوص، فإن هناك العديد من المصادر الأولية الهامة والقليل جدا من العاملين في البحث العلمي في هذا المجال بحيث أنه يكون من المفيد للغاية أن تصدر طبعات "فاكسيميلي" مطابقة للأصل وصحيحة. وقد نشرت مؤخرا في فرانكفورت طبعات "طبق الأصل" للأعمال التالية:
1- مخطوط إسكوريأل الفريد لنص منقح لكتاب "الزيج الممتحن" للفلكيينفي عهد الخليفة المأمون (بغداد حوالي 825).
2- مخطوطات دمشق وميونيخ الفريدة، وهي نصفا رسالة عن التنجيم لابن هبنتا (بغداد حوالي 820).
3- مخطوطات جيدة لرسالة عبد الرحمن الصوفي عن استعمال الأسطرلاب،ولكتابه عن مجموعات الكواكب والنجوم (شيراز حوالي 950).
4- مخطوط من كتاب "الجبر" لأبي كامل (مصر حوالي 875).
5- مخطوطات إستانبول وليدن لــ"كتاب في حل شكوك كتاب إقليدس" لابن الهيثم (القاهرة حوالي 1025).
6- مخطوطات جيدة لـ"جامع المبادئ والغايات" للمراكشي (راجع أعلاه).7- مخطوطات إستانبول الفريد "كتاب الدلائل" للحسن بن بهلول ويتعلق بعلم الفلك الشعبي (سوريا حوالي 990).
ومع ذلك فإن هذه الطبعات ليست دائما صورة طبق الأصل للمخطوطات. والأمل معقود على أنه سيتم التخلي عن بعض الممارسات التي يؤسف لها والتي تتمثل في إزالة أرقام الصفحات الأصلية، أو إلحاق إضافة أوإضافات بالنص لترميم آثار نآكل المخطوط، أو تحسين الرسومات التوضيحية لجعلها أكثر جمالا أو أناقة، أو إدماج أجزاء من مخطوطات مختلفة بدون إشارةإلى ذلك.
إن إصدار طبعات مصورة طبق الأصل، "فاكسيميلي" بالمعنى الصحيح، للأعمال التالية ذات الأهمية الكبرى من الأمور التي تفيد مجال تخصصنا فائدة بالغة (وتعني عبارة "أفضل مخطوط" في القائمة التالية النسخة التي تعتبر أقرب إلى الأصل من غيرها):
1- مخطوطي إستانبول وبرلين لزيج حبش الحاسب، (نشرت ديبارنوM.Th.Debarnotدراسة مستفيضة عن مخطوط إستانبول الذي يعتبر أقرب إلى الأصل.
2- مخطوط إسكوريأل عن زيج البتاني (لمقرنته بالنص المنشور).
3-أحد مخطوطات برلين لكتاب عن صناعة الأسطرلاب للفرغاني ويشمل هذا المخطوط النسخة الوحيدة المعروفة لرسالة عن صناعة الأسطرلاب للخوارزمي.
4- شذرات أكسفورد وباريس وليدن من زيج ابن يونس (راجع أعلاه).
5- أفضل مخطوط (يتم تحديده) لزيج كوشيار بن لبان (إيران حوالي عام1000).
6- مخطوط ليدن (وهو في الغالب أفضل مخطوط موجود) لرسالة البيرونيفي صناعة الأسطرلاب.
7- أفضل مخطوط (يتم تحديده) لزيج البيروني (لمقارنته بالنص المنشور).
8- مخطوط إستانبول الفريد لــ"تحديد" البيروني (لمقارنته بالنص المنشور).
9- أفضل مخطوط (وقد يكون مخطوط القاهرة) لكتاب هام في علم التنجيم بعنوان "روضة المنجمين" من تأليف شاهمردان رازي (الري؟ حوالي 1070).
10- جميع المخطوطات الموجودة لكتاب يوسف المؤتمن بن هود ملك سرقسطة (حوالي عام 060) ويرجع الفضل لكل من جان هوجنشيكJan Hogendijk وأحمد جبار للفت انتباه الزملاء لهذا العمل الهام.
11- مخطوط باريس الفريد للزيج المعروف باسم "دستور المنجمين"، ويحتمل أن يكون قد تم جمعه في ألاموت في أوائل القرن الثاني عشر (وقد أجرى ف.زيمرمانF.Zimmermann دراسة تمهيدية لهذه الوثيقة الهامة).
12- مخطوط لندن أو مخطوط الفاتيكان لزيج الخازني (مرو حوالي عام1120)، وهوكتاب على جانب كبير من الأهمية وإن لم يبحث بعد.
13- مخطوط أكسفورد الفريد وهو مقدمة لــزيج بقلم ابن الهائم (الأندلسحوالي 1205)، ويعتبر مرجعا أساسيا لفهم تراث الزيج في الأندلس.
14- مخطوط حيدر آباد الفريد لزيج ابن إسحاق (تونس حوالي 1195)، وهوأهم عمل في علم الفلك يتم تأليفه في المغرب، وقد اكتشف مصادفة خلال زيارة لمكتبة "أندرا براديش" عام 1978 ويجري بحثه حاليا في برشلونة.
15- أفضل مخطوط موجود (يتم تحديده – ربما في القاهرة)، لكتاب "الزيجالإيلخاني" بقلم نصير الدين الطوسي (مراغه حوالي 1260).
16- مخطوط طوب قابي لـ ” الأعمال المتوسطات “، وهي مؤلفات يونانية ثانوية قام بترجمتها وتحقيقها باحثون مسلمون.
17- مخطوط كامبريدج لكتاب "الزيج المظفري" بقلم محمد بن أبي بكرالفارسي (عدن حوالي 1260)، وهو مبني على الأعمال العربية المفقودة للفهاد، وتوجد هذه الآن في الترجمة اليونانية التي قام بنشرها دافيد بينجرى David Pingree .
18- مخطوطات القاهرة الخاصة بتقويمين سنويين كتبا إبان الدولة الرسولية (تعز 1326 و 1405)، وتم اكتشاف هذه المخطوطات خلال مشروع الفهرسة في السبعينيات (ولم تصلنا أية تقويمات فلكية أخرى ترجع إلى مثلهذا التاريخ المبكر).
19- مخطوط القاهرة لكتاب سلطان الدولة الرسولية السلطان الأشرف (تعزحوالي 1295) حول صنع الأسطرلاب والساعات الشمسية والبوصلةالمغنطيسية.
20- مخطوط ليدن لكتاب من العصر المملوكي عن ضبط الوقت بعنوان "كنزاليواقيت"، وتقوم حاليا بدراسته مرجريتا كاستيلسCastells ، وهي من برشلونة.
21- أفضل مخطوط (يتم تحديده) لزيج ابن البناء، ولم ينشر حتى الآن منهذا الكتاب سوى مقدمته (راجع أعلاه).
22- أفضل مخطوط (يتم تحديده) للزيج الشامل، وهو الزيج الرئيسي الذي استعمل لعدة قرون في المناطق التي تضم العراق حاليا ومناطق الحدود بجنوب تركيا.
23- مخطوط دبلن الأنيق والخاص بمجموع جداول ضبط الوقت وتنظيم مواقيت الصلاة التي كانت تستخدم في القاهرة في العصور الوسطى.
24- مخطوطات باريس الخاصة بنسختين متغايرتين من "الزيج المصطلح"وهو أكثر الكتب شيوعا في الفلك في مصر في العصور الوسطى.
25- مخطوط دبلن الفريد الخاص لرسالة ابن السراج الآلات الفلكية (حلب حوالي 1325).
26- مخطوط أكسفورد لزيج ابن الشاطر (دمشق حوالي 1365).
27- مخطوط باريس لمجموع الجداول الخاصة بضبط الوقت ومواقيت الصلاة تأليف شمس الدين الخليلي (دمشق حوالي 1365)، وكانت هذه االجداول تستخدم في دمشق حتى القرن التاسع عشر.
ولا تزال القائمة تمتد ولم نصل حتى إلى زيج ألغ بك. وإني أدرك ضرورة التوصل إلى نص سهل الاستعمال للترجمات العربية لكتاب "المجسطي" لبطليموس وكتاب "الأصول" لإقليدس، وإنه في نية جورج صليباأن يحقق "المجسطي"، ولكن ليس ثمة أمل حاليا في الحصول على نص محقق لـ"الأصول"، ولذلك فإن طبعة طبق الأصل تكون مفيدة للغاية. والواقع أن التعقيد الملحوظ في الطبعة التي حققها مؤخرا باول مونيتش للترجمة العربية لقائمة بطليموس الخاصة بالنجوم يدل على مدى صعوبة إعداد طبعات مبنية على الأصول لمثل هذه الأعمال.
ومن الأمور التي من شأنها أن تعزز موضوع دراستنا أن يتم توفيرالمخطوطات المختلفة لعدد من الرسائل القصيرة (ما يطلق عليها بالعربية اسم "مجاميع" أو يالألمانية Sammelbande) في شكل طبعات طبق الأصل (فاكسيميلي) وهي ما يلي:
1- مخطوط بانكيبور رقم 2468 (قدم عرضا له أحمد سعيدان ويان هوجنديك).
2- مخطوط إستانبول مكتبة آيا صوفيا رقم 4830 ورقم 4832 (غيرمفهرس وقام م. كراوزه بإدراج بعض محتوياته في قائمة).
3- مخطوطي القاهرة بدار الكتب رقم م ر 40 و41 (قام بفهرستها الكاتب الحالي) ومجموعتان عثمانيتان من الرسائل العربية المفندة لبعض الأعمال اليونانية (وبعضها غير موجود في أية أماكن أخرى) ورسائل مبكرة تتعلق بالفلك والرياضيات.
4- مخطوط باريس بالمكتبة الووطنية رقم 2457 (فهرسه دي سلين) ومن المحتمل أن يكون بخط السجزي (حوالي 970).
5- مخطوط أكسفورد بمكتبة البودليان رقم مارش 633 (مفهرس).
6- مخطوط دمشق رقم 4871 (قام بوصفه جميل راغب وكيندي).
7- مخطوط برنستون رقم يهودا 373 (فهرسه رودلف ماخ) وهو مجلد عثماني يضم عدة رسائل خاصة بالآلات.
وجميع المخطوطات (فيما عدا رقم 2) أعلاه مفهرسة أو موصوفة بإيجار في المراجع الثانوية، وهي تشتمل (فيما عدا الأخير) أعمالا مبكرة عن الفلك والرياضيات لم تتم دراستها على نحو مرض. ويعتبر كل مخطوط من هذه المخطوطات كنزا ثمينا لباحثين ولكن غالبا ما تكون محاولة اقتناء الميكروفيلم واستعماله مصدرا للمتاعب. أما أن يقتني الباحث نسخ طبق الأصل من هذه المجلدات (الخاصة عالم متخصص بوضع مقدمة جيدة لها) ويضعها على رفوف مكتبته الخاصة فهذا يعتبر بمثابة الحلم.
الرسوم التوضيحية في المخطوطات العلمية الإسلامية
تناولت موضوع الرسوم التوضيحية في المخطوطات العلمية الإسلامية وذلك في مؤتمر "الكتاب الإسلامي" الذي نظمه الدكتور جورج عطية في واشنطن في شهر نوفمبر عام 1990. والواقع أن دراسة هذا الموضوع لم تكد أنتبدأ. ويكفي أن نذك في هذا الصدد أن جون ميردوك في كتابه "ألبوم العلم – العصور القديمة والوسطى"(1984)، والمحتوي على أكثر من خمسمائة لوحة، لم يورد سوى عشرين رسما مأخوذا من المخطوطات العربية. ونذكر مع هذا أن الدكتور سيد حسين نصر استطاع أن يزوده كتابه عن العلوم الإسلامية، والذي أعده للمهرجان الإسلامي في لندن في سنة 1976، بمجموعة فاخرة من الرسومات التوضيحية (الكثير منها بالألوان) المأخوذة من المخطوطات العلمية الإسلامية. ويشتمل العرض الذي قمت به شخصيا لمخطوطات القاهرة على مائتين وأربعين لوحة تقريبا، وهي أقل فخامة ولكنها تشتمل على كثير من الرسومات التوضيحية لنماذج الكواكب أو الآلات وأمثلة لمختلف أنواع الجداول ولخط يد بعض الفلكيين وأشياء أخرى ذات قيمة تاريخية. ومن الواضح أن هناك حاجة إلى كتاب مشابه للألبوم المذكور أعلاه يشتمل على رسومات توضيحية من المخطوطات الإسلامية، كما أن هناك حاجة إلى بحوث في تاريخ الفن تدرس أنماط الرسومات التوضيحية المختلفة.
بعض الآلات الفلكية الهامة
تعتبر الآلات مصدرا هاما آخر من مصادر معرفتنا عن تطور العلوم الإسلامية، وفي استطاعتنا الآن أن نقيم الأسطرلاب والأرباع والكرات الفلكية والساعات الشمسية الصادرة عن مختلف المدار الفلكية في العالم الإسلامي من القرن التاسع إلى القرن التاسع عشر. وغالبية هذه الآلات موجودة بالمتاحف، والأقلية – وهي عدد لا بأس به – يقتنيها بعض الأفراد. قيمة هذه الآلات التاريخية تنعكس في الأسعار العالية التي تباع بها في المزادات العامة.
وقد نشرت مؤخرا مقالا مطولا ومزدا بالصور التوضيحية الكثيرة عن الآلات الإسلامية. وحاليا يمكن استعمال كتاب مايرMayer عن صناع الأسطرلاب الإسلاميين والفهرس الذي أعدته إيميلي سافيج – سميث Savage-Smith عن الكرات الفلكية الإسلامية، يمكن استعمالهما لتحديد أماكن وجود الكثير من هذه الآلات. ومن المتوقع أن نشر بريوBrieux وماديسون Maddison لفهرس "ريبرتوار"، وكذلك نشر الفهرس الذي قمت بإعداده (وكلاهمامشار إليه أعلاه) سيثير إهتماما كبيرا بالآلات الإسلامية.
إن علو أسعار الآلات الأصلية يجعل اقتنائها خارج حدود إمكانيات معظم المؤسسات الأكاديمية، ولكن النماذج طبق الأصل (المصنوعة حديثا) لتلك الآلات التاريخية تفي بأغراض التدريس والعرض وتعتبر حلا جيدا. فباستخدام الأساليب الحديثة يمكن استنساخ صور طبق الأصل للآلات التاريخية بأسعار معقولة، وهناك مختلف الشركات التجارية التي تقوم بهذها العمل. وقد قام معهد تأريخ العلوم الإسلامية والعربية في فرانكفورت بإعداد حوالي مائتينموذج حديث للآلات الإسلامية، ولكن هذه المجموعة الخاصة ليست مفتوحة للجمهور العام حتى الآن.
والآلات التالية هي من أهم الآلات الفلكية الإسلامية:
1- أسطرلاب نسطولس (وتاريخه 315هـ/927 أو 928م) وهو من الأسطرلابات الإسلامية الأولى (الكويت، دار الآثار الإسلامية).
2- الأسطرلاب الرائع الخاص بالفلكي المعروف الخجندي (وتاريخه 374هـ/985م) ويمثل ذروة صناعة الآلات في العصر العباسي (مجموعة خاصة).
3- الأسطرلاب الرائع الخاص بعبد الكريم المصري (وتاريخه 678هـ/1240 أو1241م) (لندن، المتحف البريطاني)، وأسطرلاب جلال الكرماني (وتاريخه 830هـ/1426 أو 1427م) الذي أهداه للفلكي ألغ بك، (كوبنهاجن، مجموعة ديفيد).
4- الكرة الفلكية الخاصة بمحمد ابن الفلكي مؤيد الدين العرضي والمصنوعة في مراغة في أواخر القرن الثالث عشر (درزدن، صالون الفيزياء والرياضيات).
5- الساعة الفلكية الكبيرة في مسجد القرويين في فاس، وقد صنعت (في سنة 717هـ/1317م) لتحل محل ساعة سابقة عليها (ولم يبقى سوى وجه الساعة واختفت آليات التحريك).
6- الأسطرلاب الفاخر الخاص بابن السراج الحلبي (وتاريخه 729هـ/1328م أو1329م) ويمكن استخدامه بخمسة طرق مختلفة لأي خط عرض على الكرة الأرضية، ويعتبر دون شك أكثر الأسطرلابات تطورا على الإطلاق (أثينا،متحف بناكي).
7- الساعة الشمسية بالغة التعقيد الخاصة بابن الشاطر وصنعت في سنة (773هـ/1371 أو 1372م) للجامع الأموي في دمشق (دمشق، دار الآثار [أجزاء فقط متبقية من الأصل، ونموذج يطابق الأصل صنع في القرن التاسع عشر ولايزال في الموقع الخاص به من الجامع]).
8- الجهاز الخرائطي الرائع لتحديد اتجاه القبلة والمصنوع في إصفهان (حوالي 1700م) وباستخدامه يمكن إيجاد اتجاه القبلة لأي موقع بين أسبانيا والصين مباشرة من الخريطة (مجموعة خاصة).
هذا عدد محدود فقط من الآلات الإسلامية التي يزيد عددها عن ألف آلة والتي بقيت حتى الآن. وتنطوي الآلات الوارد ذكرها في الرسائل المعاصرة على أهمية تاريخية خاصة. ومن الأمثلة على ذلك نشير إلى الأسطرلاب العالمي الخاص بابن السراج والذي انتقلت ملكيته في القرن الخامس عشر إلى الفلكي المصري عز الدين الوفائي. وكان هذا الأخير قد اشتكى من أن سلفه الشهير لم يؤلف كتابا عن استخدام الآلة، ولذلك فإنه أخذ على عاتقه هذه المهمة. وقبل اكتشاف رسالة الوفائي لم يكن واضحا على الإطلاق كيف كانت تستعمل بعض الأجزاء التي يتكون منها الأسطرلاب. كذلك يمكن أن نشير إلى الأسطرلاب الذي وقع عليه سلطان الدولة الرسولية السلطان أشرف في سنة 690هـ/1291م، وكان هذا السلطان قد ألف كتابا عن صنع الأسطرلاب. وقد ألحق بهذا العمل بعض الملاحظات التي أدلى بها معلموه حول كل الأسطرلابات التي صنعها، ومن بينها نستطيع أن نتعرف على الأسطرلاب الوحيد الذي بقيحتى يومنا هذا وهو الآن في متحف "متروبوليتان" للفن في نيويورك. ولكن كثيرا من الآلات الهامة لا يوجد وصفها إلا في بطون الكتب. ويقوم رتشارد لورتش حاليا بتحقيق كل النصوص الموجودة على الأسطرلابات غير
العادية. وقد اخترعت هذه في القرنين التاسع والعاشر، ولدينا رسائل عنها كتبها عدد من العلماء المسلمين أمثال السجزى والبيروني والمراكشي وابن السراج، ولكن لم تصل الينا آلة واحدة من هذا النوع سالمة من غدر الزمان. ويذكر السجزي أسماء الأفراد الذين صنعت لأجلهم أنواع الأسطرلابات المختلفة.
الدراسات المجمعة
تتوافر الآن البحوث المجمعة التي ألفها الزملاء من الجيل الحالي والجيل الماضي في مجلدات معادة الطبع. ففي عام 1944 نشرت أرملة الباحث نالينوNallino حوثه غير المنشورة في الفلك والتنجيم. كذلك أعيد طبع البحوث العديدة لكل من ميلاس فاليكروساMillás Vallicrosa وخوان فيرنيهJuan Vernt وقامت دار النشر "فيرلاج" بطبع بعض البحوث المجمعة لكل من إيلهارد فيدمانWiedemann (مجلدان) وفيلي هارتنرHartner (مجلدان). ويرجع الفضل لمعهد تاريخ العلوم العربية والإسلامية في فرانكفورت في أن لدينا الآن البحوث المجمعة لمختلف العلماء في القرنين التاسع عشر والعشرين وهم: فرانتسفوبكهWoepcke (مجلدان) وكارل شويSchoy (مجلدان) وهاينريش زوتر Suter (مجلدان)، وبعض مجلدات تحوي أوائل الدراسات عن الآلات الفلكية الإسلامية. وبالرغم من أن الكثير من هذه الدراسات المبكرة تعتبر الآن قائمة على أفكار قديمة وتم تجاوز بعضها إلى آفاق جديدة - إلا أن هذه المجلدات ذات قيمة كبيرة وتعمل على توفير العديد من الساعات التي يقضيها الباحث في تصوير المواد من دوريات القرن التاسع عشر. وقد كرمت الجامعة الأمريكية في بيروت أستاذها المتفرغ كينديE S Kennedy وذلك بإعادة نشر حوالي خمسة وسبعين بحثا من تأليفه أو إلهامه (وكانت إسهاماته مدونة أساسا في الكتب لا في الدوريات) في مجلد واحد كبير. ويرجع الفضل لدار النشر البريطانية "فاريورم" في إعادة طبع البحوث التي كتبها في الفترة الأخيرة بيرنارد جولدشتاينGoldstein (مجلد واحد) وديفيد كنج King (مجلدان والثالث تحت الطبع)وباول كونيتش (مجلد واحد) وفرانز روزنتالRosenthal (ثلاثة مجلدات). وينتظر أن يعاد طبع أعمال دافيد بنجريPingree وخوليو سامسوSamsó فينفس سلسلة هذه الطبعات.
وهناك عدة أعمال تتناول مختلف جوانب العلوم الإسلامية وتستحق أنيعاد طبعها. ومن الأمثلة على ذلك كتاب "المرصد في الإسلام" تأليف أيدين سايليSayili. فعلى الرغم من أن هذا الكتاب قد صدر منذ أكثر من ثلاثين عام افإنه لا يزال دون نظير ولا يحتمل تجاوز أو التفوق عليه لمدة طويلة. وقد أعيد طبعه مرة في 1981م ومع هذا لم يزل من الصعب الحصول على نسخة منه. وهذا الكتاب يجب أن يصل إلى جمهور من القراء أكبر وأوسع ممن قرأوه حتىالآن. وفي الآونة الأخيرة أعادت الجمعية الفلسفية الأمريكية طبع دراسة "الزيج" التي أجراها كيندي في عام 1956 والتي كان يصعب الحصول عليها منذ مدة طويلة.
إقامة مكتبة جديدة للعلوم الإسلامية
يجب على أي مكتبة جديدة لمراجع العلوم الإسلامية أن تقتني ما يلي:
1- أعمال بروكلمان وسيزكين.
2- الأعمال الموسوعية المذكورة أعلاه.
3- جميع أعمال مدرسة كيندي.
4- مطبوعات معهد العلوم عند العرب في جامعة حلب.
5- كل المطبوعات التي يعيد طبعها معهد فرانكفورت لتاريخ العلوم العربية والإسلامية.
6- كل مطبوعات مدرسة برشلونة.
7- كل المطبوعات المتعلقة بالموضوع والصادرة من CNRS في باريس.
8- كل المجلدات المتعلقة بالموضوع والصادرة من "فاريورم" ومطبعة جورج أولمس.
9- المجلات المتخصصة المذكورة سابقا.
ويمكن أيضا إقتناء أعمال مختارة إضافية حسب احتياجات الباحثين الذين يستخدمون المكتبة.
ملاحظات ختامية
إن هذا المجال الذي نعمل فيه مجال مثير، يتعلم الباحث فيه أن يحترم العلماء المسلمين في العصور الوسطى، ويحاول أن يمشي على خطى العلماء المحدثين من مختلف الجنسيات والتخصصات الذين مهدوا لنا طريق البحث ووضعوا له المعايير التي نسعى للحفاظ عليها. وهكذا فإن الفرد منا لا يعمل وحده وإنما ينعم بانتمائه لجماعة متزاملة من الباحثيين في مختلف أرجاء العالم.
إن مهمة تحقيق النصوص هي أصعب مهمة تواجهنا، كما أنها المهمة التي تنطوي على الأهمية العظمى على المدى البعيد. وهي من الصعوبة بحيث يتحاشاها بعض الباحثين. وعندما كنت طالب دراسات عليا كان لي أستاذ لديه تفهم للصعوبات الخاصة بتحقيق النصوص ونصحني هذا الاستاذ قائلا: "ليس النص الذي تعمل في تحقيقه هو المهم – المهم أن تتأكد أنه لا يوجد منه سوى مخطوط فريد". ومن حسن الحظ أن معظم الباحثين الوارد ذكرهم أعلاه كانوا على درجة أكبر من الجرأة.
شـكر وتقدير
أود أن أشير إلى استفادتي من التصحيحات والإضافات التي أدين بها لعدد من الزملاء. وأعبرعن شكري بوجه خاص للدكتور يان هوجنديك (أوترخت) والبروفيسور هنري كنج (ليتل شلفونت، المملكة المتحدة) والبروفيسور باول كونيتش والدكتور رتشلرد لورتش (وكلاهما من ميونيخ) مسؤولين عن أي تقصير أو سهو من جانبي.
ملاحظة: نشر هذا النص في الكتاب التالي: أهـمية المخطوطات الإسلامية: أعمال المؤتمر الافتتاحي لمؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، 30 نوفمبر_ 1 ديسمبر 1991/جمادى الآخر 1413_ النسخة العربية، مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، لندن، ص 159-193. |