مراد الرمَّاح
محتويات المقال: التسافير القيروانية العتيقة تاريخ التسافير القيروانية تاريخ الفئة الأولى تاريخ الفئة الثانية |
حافظت مكتبة القيروان العتيقة على مجموعة نادرة من المصاحف المكتوبة على الرِّق والتسافير الجلدية التي تعود إلى فترة مبكرة من التاريخ الإسلامي. وقد كانت هذه المجموعة قبل اكتشاف مصاحف وتسافير جامع صنعاء باليمن المرجع الأساسي والفريد لدراسة أوجه من فنون الكتابة خلال العهد الإسلامي المبكِّر.
وقد خص كل من مارساي وبوانسو التسافير القيروانية ببحث مستفيض[1] سمح بتوثيقها والتعرف على أهم خصائصها الزخرفية والفنية، إلا أن التركيز على دراستها مستقلة عن مصاحفها التي أخذت منها، وفي معزل عن إطارها العام حال دون التوفّق في تصنيفها والنجاح في ضبط تواريخها. كما أن الاطلاع على وثائق ونصوص لم تنشر في ذلك التّاريخ كسجل قديم للمصاحف القيروانية وتحقيق بعض المخطوطات[2] المتصل بالمادة وخاصة كتاب «التيسير في صناعة التسفير» للشيخ بكر بن إبراهيم الإشبيلي[3] يسمح بالتثبت من مختلف مراحل مباشرة الجلد والتعرف على المصطلحات اللغوية والفنية الخاصة بذلك إلى جانب ما يمكن القيام به من استنتاجات حضارية تتعلق بمواد هذه الصناعة.
وقد ازدهرت صناعة الجلد بإفريقية خلال القرنين العاشر والحادي عشر ميلادي[4] وكانت السروج القيروانية المطرزة بالفضّة والخزّ تصدّر إلى الممالك الأوروبية[5] كما راجت صناعة الرق ويذكر المقدسي أن مصاحف ودفاتر أهل إفريقية كانت مصنوعة كلّها من الرق. وقد ساعدت الظروف المناخية على توفير الماشية مما جعل أهل إفريقية يعوّضون عن الكتابة على الكاغد بالكتابة على الرق، وقد أخذ الأندلسيون عن أهل إفريقية الأساليب المعتمدة فيها[6] ونستشف من وثائق الجنيزة أن إفريقية قد أصبحت مركزا هاما لصناعة الكتابة تصدر بضاعته إلى المشرق والأندلس،[7] كما تثبت نفس هذه الوثائق أن التجار الأفارقة كانوا يستوردون من المشرق حيث مستودع التجارة الهندية المواد الأولية اللازمة لذلك كالبقم المستعمل في دبغ الجلود باللون الأحمر[8] وماء الإهليلج بالنسبة للأصفر.[9] كما كانت إفريقية تستورد النوشادر المعتمد في تبيضها[10] وحجز البركان المتخذ للتسوية من جزيرة صقلية[11] إلى جانب الحرير الصالح للتخزيم والحبك[12] ولعل بعض الجلود الجيّدة كانت تستجلب من اليمن مما يعمل بعر والطائف وينبع ومثل هذه الديار.[13] وقد ازدهرت تبعا لذلك صناعة المصاحف بإفريقية وسرى ذكر الوراقين بها ولعل من أشهرهم أحمد بن علي الوراق الذي باشر بمفرده إنجاز مصحف حاضنة الأمير ابن مناد باديس بن منصور الصنهاجي وقد جاء في وثيقة التحبيس: «كتب هذا المصحف وشكله ورسمه وذهبه وجلّده علي بن أحمد الوراق للحاضنة الجليلة حفظها الله على يدي درّة الكاتبة».[14] وذلك سنة 410هـ/ 1020م.
ويمثل أحمد بن علي الوراق أوج المدرسة القيروانية التي أصبحت لها خصائص وتوالت فيه خطوط تميزها[15] وقد تبلورت هذه التجربة وبدا نضجها خلال كتاب «عمدة الكتاب وعدة ذوي الألباب» الذي ألفه صاحبه لتميم بن المعزّ الصنهاجي وهو يعتبر من أهم المصادر الإسلامية المتعلقة بفنون الكتاب.
التسافير القيروانية العتيقة
لقد اكتشفت مجموعة التسافير القيروانية في أول القرن بمقصورة الجامع الأعظم ثم حفظت بمتحف باردو قبل تحول القسم الأوفر منها منذ سنة 1985 إلى مركز دراسة الحضارة والفنون الإسلامية برقّادة - القيروان. وتعرض عيّنات منها حاليا بالمتحف الوطني بباردو وبمتحف رقادة وبمتحف المنستير. وتشتمل المجموعة على فئتين:
الفئة الأولى: وهي ذات قطع مستطيل أصبح يعرف فيما بعد بالنمط الإيطالي ويتراوح طولها بين 6 و27سم وعرضها بين 5، 10 و38سم ويكون طولها عادة قدر ثلثي عرضها ويتراوح سمكها بين 4 و11سم ويشتمل هذا القسم على أقدم التجاليد القيروانية (من أواسط القرن 3هـ/ 9م إلى أواسط القرن 5هـ/ 11م) وأغلبها اللوح المتخذ من خشب التين أو الأرز أو الحور ويبدو أنها كانت تختص بالمصاحف، إلا أن إشارة بسجل قيرواني وضع لها سنة 693هـ تفيدنا بأنها كانت تتخذ في بعض الأحيان للكتب الفقهية ومجامع الأحاديث.[16]
وقد كانت جلدة المخطوط تصنع على شكل صندوق يقفل من ثلاث جهات وتكون الدفة العليا غشاءه.[17] وكانت أوراق المخطوط تحاط وتلزم بكعب الصندوق، وقد حافظت بعض الأمثلة من مصاحف القيروان على بقايا الثقب التي كانت تتخذ للترخيم، وتتراوح سعة الصناديق في ما بين 44 و140 ورقة وكانت الكراريس تضم لبعضها بخيوط من الحرير الملون[18] لتكون سفرا، ويقفل الصندوق بإطلاق الوجه المتحرك على أوراق المخطوط، ويكون القفل كروي الشكل معمول من الحديد أو البرنز ونادرا من الفضّة[19] ويشد إلى القسم السفلي بخيط من الجلد ويثبت في اللوح بمسمار ويبطن من الداخل بقطعتين أو ثلاث من الرّق[20] تمد على أطراف الجلد وتغطّي الرقعة الخشبية وربما أضيفت فوقها طبقة من الجلد أو من الحرير.
وقد يتخذ وجه التبطين لتسجيل التحبيس والقائم به وتاريخه أو لعدد الأجزاء المسفرة. ويلاحظ أن أغلب الجلود من جلد الماعز وقد كان الاهتمام فيها منصبا على زخرفة الأسطح الخارجية، فبعد أن تتم عملية مد الجلد مباشرة يقوم المجلد برسم خطوط زخرفية بواسطة عظم محدب الطرف والجلد طري لم يجف بعد ثم يتركها قليلا ليمر عليها فيما بعد بقطعة من الحرير المحمي وكان تنفيذ الزخارف يتم بواسطة حدائق الكي أو المناقش، ويبدو أن هذه الحدائد المحمية كانت تطفأ بالشمع وهو ما يؤكد وجود بقايا منها على التسافير القيروانية[21] وتوجد ضمن هذه الفئة مجموعة متميزة تحتوي على زخارف أشبه بالعروق، مستقيمة ومنحنية ودائرة، وهي أشبه بالنقش البارز، إذ ترتفع عن السطح بنسبة ملحوظة، وهذه طريقة صنعها:
يلصق الصانع بواسطة الغراء خيوطا على دفة الكتاب الخشبية، وتتخذ هذه الخيوط أوضاعا زخرفية معينة، وبعد تجفيفها يمدّ عليها الجلد، وقبل جفاف الجلد يوضع الكتاب تحت المعصرة لفترة ما ويفصل بين السطح المزخرف وجزء المعصرة الضاغط بقطعة من قماش الصوف، تسمح للزخارف أن تبرز وتأخذ شكلها في الجلد. ثم يقوم المجلد بمتابعة الزخارف البارزة بواسطة قطعة من العاج أو العظم المحدب حتى يتم تحديد الزخرفة تحديدا تاما، كما يقوم بتسطيح الأجزاء المحصورة بين الزخارف. وقد لوحظ أنه توضع أحيانا أقراص جلدية مستديرة بين الدفة الخشبية والجلد لتعطي زخارف مستديرة وشموسا (لوحة 1).
وتتمثل زخارف هذه الفئة من التسافير في تحانيش وتشابيك ودوائر. وتتكون الحواشي غالبا من شريط مضفور أو دويرات أو معينات أو مربعات على القاعدات، وتوجد عدة عناصر زخرفية لطيفة على الأرضية.[22]
الفئة الثانية: وهي أقل عددا وتعود إلى فترات تاريخية متأخرة نسبيا جميعها على النمط المصطلح عليه بالفرنسي، ويتراوح عرضها بين 12سم و4ر22سم وطولها بين 4ر15سم و21سم، كما أنها خالية من القفل المعدني، ذي المسمار والخيط، وهذه الجلود مصنوعة من قطعة واحدة من الجلد تشمل السطحية والكعب واللسان، ولم تعد تقوم كالسابق على دفتين خشبيتين، ولكن تكسي وتغشي الورق الملبد المقوى، كما أصبحت البطانة الداخلية من الجلد، أو من القماش باطراد، وزخارفها أقل كثافة وأحسن صنعة.
تاريخ التسافير القيروانية
وقد قام كل من مارساي وبوانسو بتأريخ المجموعة وتقسيمها إلى خمسة نماذج تمسك كل منها فترة تاريخية، وذلك بالاعتماد على مجموعة من المعطيات الفنية والإشارات التاريخية التي سمحت بالقيام بالاستنتاجات التالية:
1- مجموعة أولى تتكون من أربعة وخمسين مجلدا وتعود إلى القرن التاسع الميلادي وهي ذات قطع مستطيل على الشكل الذي أصبح يعرف فيما بعد بالشكل الإيطالي، ويحلي محور دفة الكتاب عادة تشبيك مكون من سلاسل أو دوائر وفي بعض الحالات من ضفائر ذات أربع أو ست أو ثماني جدائل أو من مربعات متوازية مع الحاشية التي تكون مشتملة على أطر يحتوي بعضها على معينات أو مربعات وأغلبها على ضفائر أو تشابيك أو دوائر أو سطور تكون من وريدات وتحلى حافة الكتاب عادة خطوط مجمعة تكون متعامدة مع الدفة ويتمثل العنصر الأساسي في سرفات chenilles مكونة من حزات يتم تنفيذها بواسطة حديد الكي المشتملة على شفرتين متتاليتين.
وقد أرخ المؤلفان هذه المجموعة من القرن التاسع بالاعتماد على تجليد محفوظ بدار الكتب المصرية بالقاهرة يشتمل على أغلب الزخارف والأشكال المذكورة وهو محبس على جامع دمشق في سنة 270هـ/ 883 - 884م.[23]
2- مجموعة ثانية يبلغ عددها ثمانية عشر تجليدا وهي ذات قطع على الشكل الإيطالي ويستجيب لنفس روح المجموعة الأولى، إلا أن حواشيها متعددة الأطر وزخارفها أكثر تنوعا بحيث تتعدد الدوائر المحفورة والمجوفة والبارزة ويتراجع استعمال المعينات والوريدات. وتتمثل الأطر عادة في أسطر من الدوائر المنقطة أو مربعات على القاعدة أو معينات أو ضفائر أو عقود أو أشكال كمثرية. وقد أرخت هذه المجموعة من القرن العاشر اعتمادا على تحبيس يشتمل عليه إحداهما ويعود إلى جمادى سنة 378هـ/ سبتمبر - أكتوبر 988م.[24]
3- مجموعة ثالثة: ويبلغ عددها 45 تجليدا وأغلبها على شكل المجموعات الأخرى إلا البعض منها فهو على النمط الفرنسي وهي تتميز بتنوع زخارفها وثرائها وكثافتها وبكونها عملا فنيا أكثر إتقانا، وتحلى الأرضيات زخارف متعددة تتمثل في أشكال كمثرية أو معينات متداخلة أو عقود متلاحقة، وتظهر لأول مرة صحون ودوائر تحمل بعضها كتابات، وتتميز الحواشي بأطر متعددة الأشكال وهي نفس العناصر التي تتكرر في ملء الأرضية. وتختص السرفات بصغر حجمها وسلاسة وتناسق تشابيكها ورقة توزيعها.
وتؤرخ هذه المجموعة من القرن الحادي عشر وذلك بالاعتماد على خط مصحف أحد التجاليد الراجعة للمجموعة وعلى وجود زخارف تتمثل في وريقات ذات ثلاثة فصوص، حيث أن هذا العنصر يتكرر في شواهد القبور القيروانية التي تعود إلى أواخر القرن العاشر وأوائل القرن الحادي عشر. كما أن أحد التسافير قد بطن بورقة من الرق مؤرخة من سنة 327هـ/ 938 - 939م وهو حد أقصى لتاريخ إعادة استعماله.[25]
4- مجموعة رابعة: وهي معاصرة للمجموعة الثالثة ويبلغ عدد نماذجها تسعة تسافير وهي تتميز بزخارفها المثبتة بالخيوط وهي أقل كثافة وتنوع مما نراه في الأمثلة السابقة، وتقتصر على أطر ووريقات ذات ثلاثة أو أربع فصوص.[26]
5- مجموعة خامسة: وهي أقلها عددا وتتركز فيها الزخارف على الجاهة والأركان وتمتاز بدقّة صنعتها وهي تؤرخ من القرنين الثاني عشر والثالث عشر حيث أنها تشبه إلى حد كبير التسافير الموحدية المحفوظة بمدرسة ابن يوسف بمرَّاكش، وقد أرخ أحدها في شهر رجب 654هـ/ أغسطس 1256.[27]
وإن تميزت دراسة بوانسو ومارساي بإعطائنا جردا كاملا للتسافير القيروانية ومواصفاتها وأشكالها وأحجامها. وهي من هذه الناحية وثيقة ذات أهمية فائقة، فإن محاولة تأريخها للمجموعات لم ترتكز على مقاييس موضوعية واضحة.[28] خاصة وإنه لم يتسن للباحثين المذكورين الاطلاع على المصاحف التي أخذت منها التسافير وقد ظل بعضها محافظا على تحابيس مؤرخة قد تفيدنا في زيادة التحري في الأمر. ثم إن توزيع المجموعات قد أتى مرتبكا ومتداخلا ولا يستجيب في حد ذاته إلى المقاييس التي ضبطها الباحثان نفسهما، من ذلك فإنه ليس هنالك ما يبرر وجود بعض التسافير في المجموعة الثالثة من دون الأولى، أو الأولى من دون الثانية[29] وهكذا.
تاريخ الفئة الأولى
المجموعات الثلاث الأولى: تثبت دراسة المصاحف القيروانية المكتوبة على الرق أن أقدم مثال مؤرخ فيها هو المصحف الذي حبسته فضل مولاة أيوب على الجامع الأعظم بالقيروان سنة 295هـ/ 1008م (اللوحة 2)، وربما قدمنا ذلك بنصف قرن بالاعتماد على مصحف حبسته على جامع القيروان خديجة بنت الأغلب بن عبد الله بن الأغلب التي عاشت فيما يبدو إلى أواسط القرن الثالث الهجري (اللوحة 3).[30] وقد تطورت ظاهرة تحبيس المصاحف بقدر تبحر إفريقية في العمران وازدهار البلاد وثراء أهلها ونلاحظ من خلال المجموعة القيروانية أن الظاهرة قد استفحلت ونمت خلال النصف الثاني من القرن الرابع الهجري والنصف الأول من القرن الخامس الهجري، وتعود إلى هذه الفترة أنفس وأبهى المصاحف القيروانية التي وصلت إلينا كمصحف الحاضنة ومصحف المعز بن باديس وأم العلو أخت المعز وأم ملال عمته... والمصحف المكتوب بالذهب الخالص... والمصحف الذي حبسه أبو بكر محمد الكاتب على جامع مدينة عزّ الإسلام (أي صبرة المنصورية) سنة 446هـ، وهو آخر المصاحف المحبسة ويوافق هذا التاريخ الزحفة الهلالية وخلاء القيروان ونكاد نجزم بالاعتماد على الإطار التاريخي العام للفترة أن صناعة التجليد والكتابة قد تعطلت خلال بقية القرن الخامس وكامل القرن السادس بالقيروان، حيث أن المدينة قد هجرها أهلها واندرس عمرانها وكسدت أسواقها وليس هنالك ما يبرر حتى الحاجة إلى استجلاب مصاحف من الآفاق بل إن بعض المساجد قد خلت واستلزم الأمر نقل المصاحف التي كانت موجودة فيها وحفظها بالجامع الأعظم بالقيروان، فقد جاء في مقدمة مصحف أم العلو أخت المعز الذي حبسته على مسجد ابن عبد المطلب بباب سلم ما يلي: «نقله قاضي السنة عمر بن أحمد بن علي إلى المسجد الجامع الأعظم بمدينة القيروان للخوف عليه وخلاء الموضع».[31]
ومن ثمة فإنه يمكن القطع أن المصاحف القيروانية وتسافيرها من الفئة الأولى تعود جلها، إن لم نقل جميعها، إلى الفترة الواقعة بين النصف الثاني من القرن الثالث ونهاية النصف الأول من القرن الخامس الهجري أي من النصف الثاني من القرن التاسع إلى نهاية النصف الأول من القرن الحادي عشر الميلادي وفي ذلك اقتصار للمدة وتحديد أولي يتواصل على امتداد قرنين من الزمن فقط.
ومن حسن الطالع أن حافظت مجموعة من هذه المصاحف على تسافيرها وهو ما سيعيننا على إعادة تصنيفها. ومن ذلك فإن مصحف فضل (295هـ/ 1008م) قد أبقى أحد أجزائه على تسفيره مشدودا إليه (لوحة 2) وتتمثل زخارفه في إطار في شكل ضفيرة تحيط بصفتين من الضفائر تحتل محور الكتاب ويعرف هذا الزخرف في مصطلح المسفرين المسلمين بالتحنيش، وقد أرخ صاحبا كتاب Objets Kairouanais أمثلة عديدة مشابهة له من القرن التاسع فقط.[32]
كما أن مصحف خديجة (أواسط القرن التاسع) قد حافظ على تسفيره (لوحة 3) ويتمثل إطاره في ضفيرة تتكون من خصلتين تحيط بمجموعة من المربعات على القواعد وهي تتواتر بين مسطحة وحزوزة ويتولد الزخرف المذكور عن سطور مائلة ومتقاطعة. وقد أرخ بوانسو ومارساي مثالا مطابقا له من القرن العاشر.[33]
كما تم التعرف على تجليد من مصحف مكتوب بخط مولد عن الريحاني الذي كتب به مصحف الحاضنة وهو يتميّز بكتابته الحادة والدقيقة، إلا أن جميع حروفه تكون بنفس السمك بقطع النظر عن زاوية القلم عند رسمه لهيئة الحرف، وقد انتشرت هذه الكتابة بإفريقية بداية من القرن 5هـ/ 11م (لوحة 4) ونحن نملك مصحفا مؤرخا من سنة 423هـ كتب بنفس الخط وهو يطابق المصحف المشار إليه في طريقة تنقيط علامات الإعراب بالأحمر وفي تذهيب بدايات السور وتزويقها، مما يدعم التاريخ الذي اقترحناه. ويتمثل تجليده في دفة من الجلد الأحمر تشتمل حاشيتها على إطار في شكل ضفيرة تحلّي محورها زخارف ساذجة مرسومة رسما بسيطا بعظم محدب يتمثّل في أشكال مختلفة تعتمد العنصر الدائري. وتبدو طريقة زخرفته بدائية بالنسبة للتجاليد المتقدمة رغم أنها أحدث منها.
وتجعلنا مختلف المعطيات التي ذكرناها نتوقف في اعتماد التصنيف الذي أورده مارساي بالنسبة للثلاث مجموعات الأولى من التسافير القيروانية، وإن كان الاطلاع عليها عن قرب مرتبطة بمصاحفنا لا تسمح لنا بتقديم تصنيف جديد نظرا لأن التسافير المؤرخة لا تمثل إلا نسبة قليلة من المجموع، وهذه النسبة تدعونا بدورها إلى الاحتراز، نظرا لعدم بروز تطور واضح فيها يعتمد عناصر زخرفية تتغير بتغير الفترة التاريخية، بل إننا نلاحظ تداخلا وتقديما وتأخيرا فيها. ومن ثمة فإنه لا يمكن التأكد بأن هذا العنصر الزخرفي أو ذاك قد انتهى اعتماده في عهد ما. ومن ذلك أنه إن ثبت اعتماد الضفائر الدائرية منذ/ أواسط القرن التاسع فإننا لا نستطيع الجزم بعدم تواصل استعمالها من طرف بعض المسفرين وصناع التجاليد في الحقب التالية. وبالاعتماد على ذلك فإنه يمكن التسليم بأنه منذ أواسط القرن 3هـ/ 9م تبلورت عناصر زخرفية في التسافير القيروانية تعتمد خاصة الأشكال الهندسية والضفائر والتشابيك والسرفات المحزوزة، وبقيت سائدة إلى أواسط القرن 5هـ/ 11م، على أن ذلك لا ينفي حصول تطور في الأنماط دون العناصر بداية من النصف الثاني من القرن 4هـ/ 10م نتيجة التمرس والنضج الفني بعد أجيال من الممارسة والتطبيق. ونضرب مثلا على ذلك التسافير التي تحمل ضفائر كثيفة ومحززة حزا لطيفا وتتخللها دويرات منتظمة وهي تنم عن تبحر في الصنعة وتراسب في المخزون الفني.
المجموعة الرابعة: إن عدد دفات المجموعة الرابعة المزخرفة بالخيوط قليلة لا تسمح بالقيام باستنتاجات ثابتة، إلا أن مكتبة القيروان حافظت على مثالين يتسنى تاريخهما الأول من مصحف يحمل العدد الرتبي 68 وتؤرخ كتابته الكوفية وزخارفه من النصف الثاني للقرن 4هـ/ 10م، حيث أنه يعتبر متطورا بالنسبة لمصحف فضل السابق الذكر من حيث زخارفه وعلامات وقفه ومنمنماته، إلا أنه يقاربه في خطه وعلامات إعرابه ويعتبر تجليد هذا المصحف من أجمل الأمثلة التي تم العثور عليها بمجموعة القيروان حيث أنه من الجلد الأسود الذي تتوسط محوره زهرة متعددة الفصوص يحيط بها مستدير تنبثق منه أربعة زهيرات تشتمل كل منها على ثلاث وريقات.[34] كما تم العثور على تجليد آخر مثبت بالخيوط تتمثل زخرفته في إطار بسيط تتوسطه دائرة تشتمل على زهرة. وهذا المصحف مكتوب بخط مستمد من الريحاني يؤرخ من بداية القرن 5هـ/ 11م،[35] ونلاحظ أن المثال الأول رغم أنه أقدم من المثال الثاني إلا أنه أثرى منه زخرفة، وأن المعطيات المجمعة إضافة إلى عدم وجود أمثلة من هذه التسافير سابقة إلى أواسط القرن 4هـ/ 10م رغم تعدد التجاليد المؤرخة من قبل ذلك، تجعلنا نذهب إلى التخمين بأن هذه المجموعة تؤرخ من أواسط القرن 4هـ/ 10م إلى أواسط القرن 5هـ/ 11م كحد أقصى، ويدعم ذلك أن هذا النمط من التسافير قد اختصت به مدينة القيروان وهو ابتكار جديد لا يمكن أن يحصل إلا بعد أن يتمرس المسفرون بالأنماط القديمة حقبة من الزمن.
تاريخ الفئة الثانية
لقد فصلت هذه المجموعة عن مصاحفها، ولم تحافظ على تحابيسها التي تسمح بالتدقيق في تاريخها ولا شك أن جميعها متأثر بالفن المغربي[36] وهي مباينة للمدرسة القيروانية التي فقدت صنّاعها وتلاشت مقوماتها، إلا أنه بالاعتماد على الإطار التاريخي للمدينة فإنه يعسر تأريخ المجموعة من قبل أواسط القرن 7هـ/ 13م، ويوافق ذلك إعادة تعمير القيروان واهتمام الخلفاء الحفصيين بترميم معالمها، حيث قام الخليفة المستنصر (647 - 675هـ/ 249 - 1277م) بتجديد صحن الجامع وسقوفه، وتولى أبو حفص تدارك جدرانه وتجميل مداخله. ولم تحفظ لنا مجموعة المصاحف المتبقية إلا مؤشرين لتدعيم رأينا: أولهما أن تبطين أحد المصاحف يحمل وثيقة من الورق مؤرخة من سنة تسع عشرة وستمائة، مما يسمح بتأريخ المصحف من أواسط القرن 7هـ/ 13م، وثانيها أن أحد المصاحف المكتوبة على الورق قد حبسه أو محمد الحسن بن محمد الحفصي (899 - 932هـ/ 1493 - 1526م). ومهما يكن من أمر فإن حصر تأريخ مجموعة التسافير من الفئة الثانية فيما بين أواسط القرن 7هـ/ 13م والقرن 10هـ/ 15م لا يبدو اعتباطيا. وتجدر الملاحظة أننا لا نملك دلائل على أن هذه التسافير قد صنعت بالقيروان والأرجح أنها وردت من تونس أو من مراكش أو غيرها من مراكز التسفير التي ازدهرت في تلك الحقبة الزمنية. إن مجموعة التسافير القيروانية تعتبر مرآة عاكسة لتطور المدينة يرتسم من خلالها خط بياني لمختلف المراحل التاريخية التي مرت بها، وهي تؤكد أن القيروان قد عرفت مدرسة في فن التسفير تضاف إلى المدارس الأخرى التي ازدهرت فيها في مجالات الطب والفقه والعمارة والأدب والشعر. وهي بزخارفها الهندسية النباتية تمثل تواصلا للفن التجريدي الذي ميز الفكر المغربي في العهد الإسلامي المبكر.
G. Marçais & L.Poinssot, Objets Kairouanais: IXe au XIIIes Reliures, Verreries, Cuivres et Bronses, Bijoux - Notes et Documents XI- Fasc. l (Tunis, 1948), 364p + LIV Planches.
[2] إبراهيم شبوح سجل قديم من مكتبة القيروان العتيقة، مجلة معهد المخطوطات العربية بالقاهرة مايو 1956.
[3] بكر بن إبراهيم الإشبيلي «كتاب التيسير في صناعة التسفير» تحقيق وتقديم عبد الله كنون، لقد تفضَّل الأستاذ إبراهيم شبوح مشكورا بالإشارة به علي وتقديمي نسخة منه. يراجع كذلك «عمدة الكتاب وعدة ذوي الألباب» صنف لتميم بن المعز بن باديس تحقيق د. عبد الستار الحلوجي وعلي عبد المحسن زكي، مجلة معهد المخطوطات 17/ 1. القاهرة 1971. «صناعة تسفير الكتب وحل الذهب» تأليف أبي العباس أحمد بن محمد السفياني نشر: P. Ricard باريس 1925 وأعيد نشره مترجما إلى الإنجليزية في: Transactions of the
American philosophical society, New series, vol. 52, Philadelphia, 1962.
[4] حول شهرة جلود القيروان انظر «دائرة المعارف الإسلامية» 1/ 687.
[5] حسن حسني عبد الوهاب «بساط العقيق» ص19 - 20، مجلة الأندلس 12 - 1947 ص293.
[6] المصدر نفسه.
[7] S. D. Goitein, A Mediterranean Society, 1/ 113. ويذكر أحد كبار القضاة اليهود بالمهدية في إحدى رسائله الموجهة إلى الفسطاط في حدود سنة 453هـ/ 1061م أنه كلف أحد أصدقائه بسوسة باشتراء الرق لنسخ أحد كتب الربى نسيم، ولما تم له ذلك حاول إرسال المخطوط مع بعض التجار الشاميين، إلا أنهم رفضوا ذلك لعدم توفّر المكان الكافي نظرا لكبر حجم المصنف الذي كان في ستة عشر مجلدا. انظر:
S. D. Goitein: "Letters of Medieval Jewish Traders" pp. 164-165.
[8] وذلك اعتمادا على وثائق الجنيزة ففي رسالة من المهدية مؤرخة سنة 1040م يشير صاحبها إلى بعض المواد المستجلبة من التجارة الهندية كالبخور وخشب البقم، انظر: المرجع السابق، ص128، وكذلك مواد الكتابة والصباغة كالأنزروت واللك...المصدر نفسه ص95 - 101. وقد أورد الإشبيلي في «كتاب التيسير» ص28 - 29، طريقة طبخ البقم، ويذكر صاحب «عمدة الكتاب» ص20، التراكيب والنسب من البقم وغيره من المواد المتخذة للصبغ باللون الأحمر. ويذكر صفة الصبغ به «أن تجعله في غضارة أو إناء قد أنف البقم وتشربه وخذ مسواك شعر فانزل رأسه في البقم ومر به في سائر الجلد تفعل به ذلك مرتين أو ثلاث مرات ثم تعصره ثم تبسطه... ثم تأخذ صوفة فتنزلها في الشب، ويجب أن يبل يصبغ بساعة..».
[9] وحول الصبغ بالأصفر ينظر «عمدة الكتاب» ص21 «إن أردت أن تصبغه أصفر وهو لونان فمنه النارنجي ومنه أصفر، فأما النارنجي فإنك تخلط العكر مع الزعفران وتصبغ به الجلد... فإن أردت أن تصبغ بعكر وحده فهو يجيء مخالفا لهذا اللون، فإن أردته كان بزعفران وحده فهو أصفر وتسقى هذه الألوان كلها بماء الإهليلج الأصفر... وتمر بمسواك الشعر عليه».
[10] المقدسي، «أحسن التقاسيم» ص239 - 240. ويبدو أن إفريقية قد عوضت النوشادر الصقلي في العهد الفاطمي بما أصبحت تستجلبه من هذه المادة من المشرق:
S. D. Goitein: A Mediterranean Society, I/ 226-229.
[11] «التيسير» ص12، حاشية 3.
[12] المقدسي، «أحسن التقاسيم» ص17، كما أن الحرير كان يستجلب من قابس.
[13] وذلك اعتمادا على إشارة وردت في كتاب «عمدة الكتاب وعدة ذوي الألباب».
Objets Kairouanais I, p. 61 fig. 16.
[15] انظر: ابن خلدون، «المقدمة»، دار العلم، بيروت 1987، ص420 - 421، حيث يشير إلى الخط القيرواني وشيوع كتابته بإفريقية إلى مجيء الأندلسيين.
[16] مكتبة القيروان العتيقة، سجل قديم رتبي 289، قد وضع سنة 693هـ لوصف المصاحف والكتب التي بقيت بمكتبة جامع القيروان بعد هجرة بني سليم وهلال إليها واعتمد واضعوه فهارس أقدم منه ترجع إلى أوائل القرن الخامس للهجرة.
[17] ويستفاد من السجل القيرواني المذكور ورقة 1 قفا أن بعضها كان يحفظ في بيت عود لطيف مبطن بالحرير المدمج المغشى بالجلد الأكحل، ويذكر صاحب «كتاب التيسير» في باب العمل في أقربة المصاحف، ص35، أن المصحف «إن تناهى في التجزئة إلى أربعة أقسام فلا يكون غشاؤه إلا مبنيا أو تابوتا من الخشب» وقد حافظ متحف الفنون الإسلامية على بقايا الصندوق الذي يحفظ فيه مصحف الحاضنة وهو في جرم جافي.
[18] حول تبيّن ذلك انظر: «كتاب التيسير»، ص20، ويسمى هذا النوع «الشطرنجي».
[19] يشير السجل القيرواني إلى وجود مصحف في أجزاء مغشاة بالجلد الأحمر المنقوش بالضرس قفلها ذهب، ورقة 1 قفا.
[20] «كتاب التيسير» ص22 - 23.
[21] ويدعم ذلك إشارة إلى الحدائد الممحاة بالشمع وردت في «كتاب التيسير»، ص30.
[22] انظر: Objets Kairouanais, Fig 13, 22.
[23] المصدر نفسه ص44 - 49.
[24] المصدر نفسه ص49 - 52.
[25] المصدر نفسه ص52 - 56.
[26] المصدر نفسه ص56 - 58.
[27] المصدر نفسه ص58.
[28] إن التسفير الدمشقي المعتمد في تاريخ المجموعة الأولى وإن وافق بعض نماذج منها فإنه يؤرخ من سنة 270هـ/ 284م أي أواخر القرن التاسع وهو ما يدعو إلى مراجعة نسبة المجموعة إلى كامل القرن المذكور ولا يستبعد إذن أن تستعمل أمثلة مشابهة في القرن 4هـ/ 10م لتقارب المدة، وهو ما سنؤكده فيما سيأتي ذكره، كما أن اعتماد استعمال الوريقات ذات الثلاثة فصوص في زخرفة الجلود كمؤشر لتاريخ المجموعتين الثانية والثالثة من القرنين 4 و5هـ/ 10 و11م لا يمكن الاطمئنان إليه نظرا إلى أن هذا العنصر متواجد في الرصيد الزخرفي الإفريقي منذ أوائل القرن 3هـ/ 9م إلى الزحفة الهلالية على الأقل، وأن تأخر استعماله في شواهد القبور الإفريقية لا يعني عدم اعتماده في المواد الأخرى حيث أننا نجد أمثلة منه في منبر القيروان منذ أواسط القرن 3هـ/ 9م وفي الزخارف الجصية التي كشفت عنها حفريات رقادة وهي مؤرخة من النصف الثاني من القرن 3هـ/ 9م. وقد قدم صاحبا كتاب Objets Kairouanais من أسباب تاريخ المجموعة الثالثة من القرن 11م حجتين إضافيتين: 1: أن المثال عدد 76 قد أمكن التعرف على المصحف المنسوب إليه وهو يحمل العدد الرتبي 176 ويؤرخ خطه من بداية القرن 11م، وقد توليت مراجعة العدد المذكور وهو محفوظ حاليا بمركز دراسة الحضارة والفنون الإسلامية برقادة ويشتمل على مصاحف متعددة الأقلام تؤرخ جميعها من أواسط القرن 3هـ/ 9م إلى أواسط القرن 4هـ/ 10م على أقصى تقدير. 2: وجود تبطين ضمن التسفير عدد 106د يحمل وثيقة مؤرخة من سنة 327هـ/ 938 - 939م وقد اعتمدا هذه الحجة للتأكيد على أن هذا التجليد ومن ثمة المجموعة التي ينسب إليها مؤرخة من القرن 11م. وأن أثبتت هذه الوثيقة أن هذا التسفير يعود إلى ما بعد سنة 327هـ، فليس هنالك ما يؤكد أنه أنجز بعد ذلك بأكثر من ستين سنة وينفي القيام به بعيد سنة 327هـ وهو الأقرب إلى المعقول. بل أن التسفير عدد 105د (اللوحة 7) Objets Kairouanais I، 208 - 212، الذي لا نشك في أنه معاصر للتسفير عدد 106 لاشتمالها على نفس الأشكال والزخارف ولاعتمادهما نفس الجلد من حيث اللون والجودة قد حافظ على تحبيسه الذي جاء فيه: «هذه الربعة حبس على مسجد التوفيق باب سلم حبسها عبد الله بن يوسف الرقي (أو الدقي) طلبا ثواب الله الكريم وابتغاء مرضاته». ومن حسن الصدف أن وقع التعرف على المصحف الذي ينسب إليه (اللوحة 9) وتؤرخ كتابته الكوفية من القرن العاشر وليس هنالك ما يؤكد تجاوزها لهذا التاريخ.
[29] من ذلك فإن الرقمين 38ب و63 الواردين في كتاب Objets Kairouanais متشابهان في حين يوجدان في مجموعتين مختلفتين وكذلك الرقم 13، فإنه ليس هنالك ما يبرر وجوده في المجموعة الأولى، في حين أن عدد 69 الذي يشبهه تمام الشبه يوجد في المجموعة الثانية وكذلك الأمر بالنسبة للأعداد 80 و81 و82 و83 و88 من المجموعة الثالثة فإنها تكون أكثر استجابة للمقاييس المتخذة لو وضعت في المجموعة الأولى، بل إننا نملك بالنسبة للرقم 88 دليلا واضحا عن ذلك. فهذا التسفير (انظر Objets Kairouanais 1/ 179) يحمل تجديدا لتحبيسه على يدي القاضي أبي عيسى أحمد بن الشيخ القاضي الإمام أبي البركات محمد بن هاشم وقد أمكن التعرف على المصحف الموافق له في مكتبة القيروان العتيقة وهو يحمل أعداد رتيبة مختلفة وقد حافظ بدوره على تجديد التحبيس نفسه وهو مؤرخ من سنة 440هـ/ 1048م وإذا اعتبرنا أن الحاجة لتجديد التحابيس تأخذ مدة زمنية هامة نتبين ذلك من خلال مجموعة مصاحف القيروان، وبالاعتماد على خط المصحف الذي يؤرخ فيما بين أواسط القرن الثالث الهجري وأواسط القرن الرابع الهجري فإنه تجدر مراجعة تصنيف تسفيره في المجموعة التي نسب إليها.
[30] هي خديجة بنت الأغلب بن عبد الله أخو إبراهيم مؤسس الدولة الأغلبية ووالدها الأغلب ويعرف بغلبون كان وزير زيادة الله الأولى (201 - 223هـ/ 817 - 838م) وقد انهزم أمام منصور الطنبذي سنة 209هـ/ 824م وانسحب من الحياة السياسية على أثر ذلك، كما أن أخاها محمد بن الأغلب لقي حتفه وهو شاب في معركة سبيبة سنة 210هـ/ 825م، واعتمادا على مختلف المعطيات يمكن التخمين بأن خديجة قد عاشت إلى أواسط القرن الثالث الهجري، وهنالك رباط يعرف ببرج خديجة بجهة الشابة (الساحل التونسي) مؤرخ من تلك الفترة لعله من مآثرها. ولا يستبعد أن يكون لنكبتها في أبيها وأخيها أبلغ الأثر على نمو شخصيتها (انظر: محمد الطالبي «الإمارة الأغلبية» ترجمة المنجي الصيادي، ص182، 201، 209).
[31] ونلاحظ أن عددا من المصاحف القيروانية قد استقدمت من مساجد أخرى وحفظت بالجامع الأعظم بالقيروان، وذلك لنفس الأسباب المذكورة، وقد ترد الإشارة إلى المساجد التي كانت محبسة عليها مكتوبة على رقوق الأجزاء المتبقية منها من ذلك تحبيس على مسجد الساحلي بباب سلم مكتبة القيروان العتيقة (رتبي 93) والمسجد المعلق الكبير بباب سلم ومسجد ابن غانم، ومسجد التوفيق بباب سلم.
[32] Objets Kairouanais اللوحات: 2 و3 و5 و6 و7 و9 و10 و16 ونلاحظ أن التجليد عدد 16 ص84 (اللوحة عدد 1) هو من مصحف فضل إلا أنه لم يكن بإمكان المؤلفين التعرف عليه.
[33] المصدر نفسه 1/ 69 لوحة 22.
"30 ans au Service du patrimoine" I.N.A.A. Tunis, 1987, p. 224
[35] انظر ما تقدم ذكره حول المشابه ص26.
Objets Kairouanais I/ 58. P. Ricard, “Reliures marocaines du XIIIes.”, Hesperis, pp. 105-127.
ملاحظة: نشر هذا النص في الكتاب التالي: دراسة المخوطات الإسلامية بين اعتبارات المادة والبشر أعمال المؤتمر الثاني لمؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، ديسمبر 1993/ جمادى الآخرة 1414 - النسخة العربية،1997 ، مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، لندن. ص 135-152. |