من أشكال الفواصل في مخطوطات المصاحف القديمة - مع ملاحظات حولها -

شارك:

محمد الطبراني[1]

محتويات المقال:
تقدمة
أشكال الفواصل
1- مصاحف عارية عن أشكال الفواصل
2-مصاحف تحتجن الإشارة إلى فواصل الآي فحسب
3- مصاحف فيها الإشارة إلى فواصل الآي و الأخماس والأعشار
4- اطراد الأشكال
5- الجمع بين شكل  الفاصلة ورمز الوقف
أشكال الفواصل وحساب الجمل

تقدمة:

إنّ دراسة المصاحف المخطوطة، أفق رحب لاستجلاء معارف متناسلة حول تاريخ الخط وظواهر الكتابة وأنماط التزويق وأساليب التجليد وأدوات الكتابة وأنواع الحوامل وأنظمة الأجزاء والكراريس وتصاريف التسطير؛ وهذا القدر شركة بين العلماء بالقرآن وخبراء الكوديكولوجيا والباليوغرافيا، والبحث فيه متطور الدالّة في الأفق الغربي خاصة، بيد أنه يبقى قدْرٌ أخفى إلا على علماء القراءات والعدِّ والرسم، والحاجةُ فيه إلى الرَّعْيِ لائحةٌ، والدّعَاوَى لتوفية حقِّه متضامَّةٌ متوافرة، وما باليدِ حوله لا يشْفي غُلّةً ولا يهدي سبيلا.

   وقد كنت تفطنت وقت اشتغالي بتحقيق كتاب عدد آي القرآن لأبي الحسن الأنطاكي (ت 377هـ) [2]، إلى أن بعض المصاحف العتُق القديمة ــ التي توفر لها شرط الوثوق المادي والمعرفي ــ تتضمن معطيين باذخين بشأن العَدِّ والتجزئة:

ــ الأول: احتجانُ بعضها، لإفادات موضوعية تتعلق بعلم العدِّ، تُصَدَّر بها السورة، أو تكتَب في نهايتها أو بعد كل خمْس أو عشْرٍ. على أننا نلاحظ بخصوصها أمرين:

ــ «أ: أن كتابةَ هذه المعلومات لا تتخذ شكلا منهجيا مطّردًا، فتارة تُكتب بشكل عمودي، وتارة بشكل أفقي، وقد تلتحمُ الكتابة فتضيق، وقد تنفرج فتنبسط.

ــ ب: أن كتابةَ المعلومات بين يدي السورة تخالفُ نمط كتابة آي السورة شكلا كما أسلفنا، وخطًّا أيضا، ففي حين كُتبت بخط نسخي لم يسلمْ من ملامح كوفية تندُّ عن يَدِ الناسخ في أنحاء شتى [في مصحف دار الكتب المصرية رقم 185 مصاحف]، كُتبتِ الآيات بخط كوفي تأنَّقَ الناسخ في رسم أوضاعه؛ بحيثُ لا مماثلةَ البتةَ بين الخطّيْن. وتزيد قصْديةُ المباينة عند الناسخ، فيكتبُ الآيات المختلف فيها في درج الكلام برسم قياسي؛ ناهيك عن أنه يجعلُ هذه المعطيات كلَّها مؤطرة بجدول فاصل»([3]) .

ــ الثاني: تضمُّنها من خلال التنصيص على مواضع الفواصل أنظمةً في العدّ، تنزَّلُ منزلة الرّواية، لأنها من قبيل العمل المستقِرِّ عند نساخ المصاحف وعلماء القراءات. وتأسيسًا عليه، يكون الاهتمامُ بفواصل المصاحف وأشكالِها بعيدا كلَّ البعد عن الاهتمام الشكلي، بل يكون مقدمة أساسا بين يدي معرفة أنظمة عدِّ هذه المصاحف، وهل تدخل تحت التصنيف المنهجي الذي أيّدتْه الرواية، واستقر عليه العمل، أم يُرْفِدُ البحث القرائي باختيارات لم تنلْ حظوةَ الانتقال من الحيز النظري إلى حيز «العمل المصحفي» إلاَّ في شكل ضيق.

وإذ يحتاج هذا التتبع إلى استقراء لا تسعف هذه الورقة ولا وقتها النزر الذي أعدت فيه إلى استيفائه، اقتصرنا على توصيف شكلي بدائي لأشكال الفواصل في بعض المصاحف، تعلّة أن نغريَ الباحثين بإكمال القصد، أو تتأتى لنا أسبابه فنفرده بدراسة في القابل من الأيام، إن قيض الله ذلك.

ويقْدُم ما نحن بصدده أن ننبه على أن وضعَ أشكال الفواصل عارضٌ لا وجود له في المصاحف العثمانية باتفاق، وقد روي أن نصر بن عاصم هو أول من خمس وعشر المصاحف([4]) ، مع أن كراهية ذلك مرويةٌ عن عبد الله([5]) وعطاء([6]) ومجاهد([7]) وأبي العالية([8]) وابن سيرين([9]) . وكرهه مالك ــ رحمه الله ــ إلا أنه قال: «تعشير المصحف بالحبر لابأس به»([10]) ، فيكون مفهوم كلامه أن لا تستعمل الألوان في ذلك. ورأى أبو عمرو الداني أن ذلك يدل على الترخص في ذلك، والسعة فيه([11])   .

وقال يحيى بن أبي كثير كان القرآن مردا في المصاحف، فأول ما أحدثوا فيه النقط على الباء والتاء والثاء، وقالوا: لا بأس به، هو نور له، ثم أحدثوا نقطا عند منتهى الآي، ثم أحدثوا الفواتح والخواتيم([12]) .

قال الداني: وهذه الأخبار كلها تؤذن بأن التعشير والتخميس وفواتح السور ورؤوس الآي من عمل الصحابة رضي الله عنهم، قادهم إلى عمله الاجتهاد، وأرى أن من كره ذلك منهم ومن غيرهم إنما كره أن يعمل بالألوان كالحمرة والصفرة وغيرها، والحرج والخطأ مرتفعان عنهم فيما أطبقوا عليه إن شاء الله([13]) .

   ومؤدّى كلام أبي عمرو أن وضْعَ رؤوس الآي، عملٌ اجتهادي من الصحابة، يرفده فهمٌ صحيح، استمدَّ قوةً حُكْمية من تسليمهم به وإطباقهم عليه من غيرِ نكير، فتصير له قوّةُ الحكم المجْمَع عليه، ولاسيما إنْ كان المجْمِعون خيرَ القرون بإطلاق، والأمةُ المحمدية لا تجتمع على ضلالة.

أشكال الفواصل:

   لا تخلو المصاحف المخطوطة من أن تكون واحدة من ستِّ قِسَم:

1 ــ مصاحف عارية عن أشكال الفواصل.

2 ــ مصاحف تحتجن الإشارة إلى فواصل الآي فحسب.

3 ــ مصاحف تقتصر على فواصل الخمس.

4 ــ مصاحف تقتصر على فواصل العشر.

5 ــ مصاحف تجمع بين فواصل الآي وفواصل الخمس.

6 ــ مصاحف فيها الإشارة إلى فواصل الآي و الأخماس والأعشار.

   وليكن اختصاصنا بالكلام عن النوع الأول والثاني ثم السادس؛ إذ غالب المصاحف ترتبط بهذه التشكيلات الثلاثة أكثر من غيرها.

1 ــ مصاحف عارية عن أشكال الفواصل:

نلاحظ في المصاحف الشّديدة القدم([14]) ، أن غالبها قد خلا من التنصيص على أشكال محددة للدلالة على الفاصلة القرآنية، واستصحب الأصل واستمسك بالبراءة الأصلية؛ وقد بقي خلو المصحف عن شكْلٍ يحدِّدُ الفواصل اختيارا غيرَ مرْدود حتى بعد فُشُوِّ العمل على مقْتضى التنصيص، فأخْلَى مصحفَه المؤرّخَ بسنة 361هـ، تَبَعًا لذلك، عليُّ بن شاذان الرازي من أيِّ شكل مميِّزٍ لرؤوس الآي([15]) .

والأمثلة من النماذج على هذا كثيرة منها لوحة 1 أ، وهي صفحة من مصحف عتيق يرجع إلى حدود القرن الثالث الهجري، كتب على الرق المصقول، وقد أدخل عليها الإعجام اللفظي من خلال النقط الحمراء للدلالة على الإعراب. ومنه أيضا مصحف القرويين الرقي رقم 904، وقد كتب بخط كوفي يعود ظنا إلى القرن الثالث الهجري، وخلا من كل ما يدل على رؤوس الآي.

2 ــ مصاحف تحتجن الإشارة إلى فواصل الآي فحسب.

   رغم أنه ليس بالوسع البلوغ إلى استقراء نهائي بخصوص هاته الأشكال، إلا أن السائد منها، كما يأتي:

ــ ثلاث نقط كالأثافي:

وهذا هو أول شكْل أُدرج في المصحف للدلالة على الفاصلة، فعن يحيى بن أبي كثير قال: ما كانوا يعرفون شيئا مما أحدث في هذه المصاحف، إلا هذه النقط الثلاث عند رؤوس الآيات([16]) .

   وقد بقيت النُّقط الثّلاث المتراكبة كحجارة الأثافِيّ، أصيلة سواء في المصاحف المتقدمة أو المتأخرة، حيث نجدها مثلا في مصاحف القرن الرابع الهجري، وقد رسمت بلونٍ أزرق في مصحف أبي الحسن عليّ بن هلال المعروف بابن البَوّاب، والمحفوظ تحت رقم 16، بشستربيتي، والمكتوب بمدينة السّلام سنة 391هـ، على مقتضى عدِّ أهل الكوفة، كما وقع التّصريحُ به ــ وهو أمر نادرٌ في المصاحف المتقدِّمة ــ في ناصية المصحف في مزدوجتيْه الثّالثة والرابعة، حيث نقرأ: «في عدد أهل الكوفة، المرويِّ عن أمير المومنين عليِّ بن أبي طالب عن محمد نبيِّنا عليه السلام (كذا)  »([17]) .

ولعلنا نقول إن شكل الهاء المغلقة، حتى وإن بدا مخالفا لشكل النقط الثلاث، إلا أن النساخ قد استبطنوا الشكل الأول ، فحرصوا على وضوح تجزيء الهاء إلى ثلاثة أقسام، سواء أكان رسمهم لها يدويا أو هندسيا كما في اللوحة الموالية، وهو شكل يشترك كثيرا بين الفواصل المجردة والأخماس والأعشار، وقد يتخذ رسمه أشكالا مختلفة، منها رصُّ ثلاثة دوائرَ هندسية على شكل هرمٍ يشبه الهاء.

(مصحف خزانة ابن يوسف رقم 619/4: ورقة 3 ظهر و4 وجه)

وإن من الغريب أن تظل الحجارة الثلاثة الأثافي إلى وقتنا هذا دليلا على الفصل، في أبسط أشكال قسمة الأرض في البادية، حيث يضع القائم على القسمة هذه الأثافي، علامة مؤقتة على حدود كل نصيب.

وقد تحتفظ الفاصلة بعدد النقط الثلاثة، ولكنها ليست متراكبة بل متتابعة في السطر، وهذا الشكل نادر؛ ولعله يرجع إلى القرن الثاني، أخذا من مصحفٍ بقيت لوحةٌ منه، تحت رقم 9، دار المخطوطات في صنعاء([18]) .

ــ أربعة خطوط صغيرة مائلة إلى اليسار كالقلامة:

   ونعثر على هذا الشكل في مصحف رقي في 120 ورقة بخزانة ابن يوسف تحت رقم 620، مثلما يظهر في الصورة المرفقة في السطر الثالث عند قوله تعالى: ﴿وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ أَعۡمَٰلَكُمۡ﴾ [محمد: 31] وفي السطر السادس عند قوله تعالى: ﴿ وَنَبۡلُوَاْ أَخۡبَارَكُمۡ﴾ [محمد: 32] [أنموذج رقم: 3].

 ــ أربع نقط:

كما هو الحال في مصحف كتب بالخط الكوفي المشرقي المجود، في القرن الخامس الهجري، ونلاحظ أن فواصل الآيات قد حددت بواسطة أربع نقط متحاذية بنفس نوع المداد المستعمل في الكتابة .

(مصحف مودع بالمكتبة الوطنية بباريس)

- على شكل دائرة من النقط تحتجن دائرة أصغر منها، ممهورة في وسطها بنقطة متورمة.

- أو تكون على شكل دائرة مذهبة ثمانية التقسيم، مخالفة لعلامات التخميس. ونجد هذا الصنيع في مصحف المرتضى الموحِّدي رقم 432؛ ورقة 27 ظهر و 28 وجه؛ الإسراء: 1-5؛ (انظر السطور: 1؛2؛ 8؛ 10؛ 12؛ 14) .

كما نجده في مصحف خزانة ابن يوسف رقم 444؛ ورقة 60 وجه؛ سورة الزمل: 18/ سورة المدثر: 11 (ن السطور: 2؛ 5-12) .

- على شكل شرطة أو ألف.

- ثلاثة أزواج متتابعة من نقطتين إحداهما فوق الأخرى:

   بقي شكل الفاصلة هذا ماثلا في مصحف رقم 328 أ عربي، بالمكتبة الوطنية الفرنسية، وقد ساق جون ويتكام صورا عن لوحات منه([19])

- كتابة لفظ آية داخل دارة مغلقة:

من المصاحف من ارتأى نساخها أن يتجاوزوا العادة المعتبرة، فرسموا في دائرة كل فاصلة نوعها، فإن كانت فاصلة كتبوا وسط دائرة مغلقة لفظ «آية»، أو خمسا كتبوا لفظ «خمس»، أو عشرا، كتبوا لفظ «عشر». والغريب في هذا الصنيع، التنصيص على الآية أيضا، وإلا فإن كتابة الخمس والعشر في دارة مما هو معهود في كثير من المصاحف.  ومثاله في مصحف ابن يوسف رقم 619/9؛ سورة التوبة: 54-58. (انظر الأسطر: 1؛ 9؛ 11) .

3- مصاحف فيها الإشارة إلى فواصل الآي و الأخماس والأعشار.

أ- في نظام التخميس:

- وضع هاء نهاية خمس آيات:

   ووجْه اختيارِ حرف الهاء دون غيرها للدلالة على الخمس، أنها في حساب الجمَّل تشير إلى عدد خمسة. ويمكن أن تكون الهاء التي قدْ حُرِّفَتْ في زمن تالٍ إلى وردةٍ على شكل قلبٍ مقلوب، قد دلَّتْ - خلافَ الأصل - عند بعض المتأخرين على رقم 5 في الحساب الهندي، لشَبَهِ الدارة البيضاوية في رسم هذا العدد، لكلِ من الهاء والقلب المقلوب.

   والعجيب أن هذا الصنيع لم يقتصر به أصحابه على المصاحف، بل عَدَّوْهُ إلى كتب العَدِّ المعتبرة، فوجدْنا النساخ يضعون عند نهايةِ كلِّ خمسِ فواصل هاءً ملونة بالصفرة.

(لوحة من مخطوط عدد آي القرآن لأبي الحسن الأنطاكي (ت 377 هـ)  ، وينظر فيها شكل القلب المقلوب)

وينبغي التنبيه إلى أن هذا الشكل مشترك بين الدلالة على الآية المجردة والخمس، إلا أنه في الأولى أغلب.

   وهذا الصنيعُ أجْلى حين تختصُّ الخمْسُ برمزِ الهاء المفردةِ المغلَقة دون أن تشترك فيه مع غيرها، وهو واقعٌ في واحدٍ من مصاحف البصرة، وهو مصحف الآثار التركية رقم 457، وتشبيهُ هذا الرمز من لدن د. طيار آلتي قولاج بحرف d، مُذْهِبٌ لكل الدلالات التي ألمعنا إليها، ناهيك عن كونه تشبيها شكليًا بسيطا([20]).

- دائرة أو شكل بيضاوي رسم في وسطه كلمة «خمس» .

- دائرة ضمنها دائرة أصغر، بها نقط ثمانية أو أقل أو أكثر، كما هو واقع في مصحف القرويين رقم 906، عند قوله تعالى: ﴿قَالَ أَنَا۠ خَيۡرٞ مِّنۡهُ خَلَقۡتَنِي مِن نَّارٖ وَخَلَقۡتَهُۥ مِن طِينٖ﴾ [ص: 75].

ب- في نظام التعشير:

- المربع الملون:

ونجد هذا الصنيع في المخطوطات المصاحف الموغلة في القدم، كالمصحف الرقِّي ِّ المعزو لعثمان في المشهد الحسيني بالقاهرة، الذي اعتُمِدَ في عدِّه العدُّ المدني الأخير، وهو مربع مشغول به . (ن اللوحة رقم 15 من سورة الأنعام: اللوحة أ، السطر 3، عند العشر السادس، في قوله تعالى ﴿وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار﴾.

- شكل بيضاوي أو دائرة رسمت وسطها كلمة «عشر» :

وهذا الشكل هو الأغلب في  مخطوطات المصاحف.

(لوحة من مصحف، من محفوظات مكتبة الكونغرس)

- دائرة ضمنها  دائرة مُصَفَّرة أصغر منها، تفصل بينهما نقطٌ ملونة، مثلما هو واقع في مصحف خزانة ابن يوسف رقم 619/5 (ورقة 5 ظهر 6 وجه: السطر 6؛ الأنعام: 149-153)  .

ونفس الأمر واقع في مصحف رقم  619/8 (ورقة 2 ظهر و3 وجه: سورة الفتح: 20-23) .

ملاحظات :

1- نمط مختلف في الدلالة على الفاصلة:

من المصاحفِ المتأخِّرَة ما يفصل بين الآية ورديفتها بفراغ بيِّنٍ غير مشغولٍ، دلالةً على بداية آيةٍ جديدة، ولكنّ هذا الصنيع نادر، وهو واقعٌ في مصحف رقم 619 بخزانة ابن يوسف، كتب بخط مغربي متقن، وقد خمنتُ لأول وهلةٍ أنَّ هذا الفراغ وهو يأتي في طَرَفِ السطر غالبًا (ن الأنموذج رقم 619 أ) ([21]) لربما يكون فرارًا من كَسْرِ رتابة الخطِّ المبسوط، وتضْييقِ أوضاعِ حروفه بكتابةِ الكلمة في حيِّزٍ أضيقَ من النِّسْبة المعلومةِ لها، ولكنَّ هذا التوجيهَ مردودٌ بوقوع هذا الفراغ في وسَط السطر في أحايينَ كثيرة (أنموذج رقم 619 ب) ([22]) ، ناهيك عن أن الناسخ كان فوق هذا يقع في محظورِ قسمةِ الكلمة بين سطرين (ن أنموذج رقم 619 ج) ([23])  بلْ بين صفحتين (أنموذج رقم 619 د) ([24])، مما يدفعُ بالقطع، وجودَ فراغٍ في نهايةِ السطر بتبرير ضيق المساحة المتبقية عن احتجان كلمة تامة.

وسنقع لنفس الناسخ بعين الوضع الخطي على قطعة من مصحف آخر، ضمنه أشكال الفواصل، كما يظهر من خلال اللوحة الموالية (619/5 د: ورقة 13 ظهر و14 وجه: السطران: 1؛ 10: هود: 19-20) .

ومن المصاحف الشهيرة التي تعتمد نظام العد الأبجدي، المصحف  الأزرق، العائد تاريخه إلى النصف الثاني من القرن 4 الهجري (القرن 10م) ؛ والمشار فيه «إلى تقسيم الآيات بواسطة وريدات فضية، مؤكسدة حاليا. وفي موضع آخر، يشار إلى الآية العاشرة بواسطة حرف (الترقيم الأبجدي) »([25]) . والنماذج عن لوحاته مبثوثة في كتب شتى([26]) .

(أنموذج عن المصحف الأزرق القيرواني)

4- اطراد الأشكال:

   رغم أن اختيار شكل الفاصلة اعتباطي في أغلبه، فإنَّ اطرادَ الاختيار في مصحف واحد مما قرَّ عليه نسّاخُ المصاحف، ومع ذلك فقد وقفنا على استثناءٍ فريدٍ يغيِّرُ «طَقْمَ» الأشكال في مصحفٍ واحد، فاختار في البداية أن يجعلَ  الفاصلة دارةً في قلبها كلمة «آية» بخط كوفي رتيب، دلالة على أنّ الناسخ ربما استعان بطابَعٍ يدمغُ به قلبَ الدارة بعد كل آية.

(ن الأسطر 2؛ 5؛ 9 في الورقات 8 ظ- 9 و، مصحف رقم 619 (2))

وللخمس شكل هاءٍ حلَزونية، وللعَشْر دارة فنية شبيهة بالصَّدَفَةِ البحرية، أكبرُ بالضعف من شكل الفاصلة العادية، في طَرَفٍ منها كلمةُ «عشر» داخل دارةٍ أصغر. وبعد انتهاء السورة، يستعيضُ الناسخ عن شكل الفاصلة الأول بالهاء المكونة من ثلاث دارات مدمجة على شكل الأثافي، وعن شكل  العشر بدارة هندسية ثُمانية الأقسام، فيما يحتفظ بشكل الخمس كما كان؛ لكنْ ينبغي التنبيهُ على أن هذا الأنموذج يبقى شاذا، ونظائِرُه نادرةٌ للغاية.

(ن الأسطر 5؛ 11؛ 14 في الورقة 17 ظ-18 و، مصحف رقم 619 (2) )

وقد تعرى بعض المصاحف  عن خيط ناظم واختيار مطرد في أشكال الفواصل، فتجد التنصيص على بعض الفواصل دون بعض، فكأن الناسخ لا يذكرها إلا متى عنَّ له، كما هو واقع في الأنموذج الموالي من مصحف خزانة ابن يوسف رقم  619/5: ورقة 6 ظهر و7 وجه (سورة يوسف: 11-20) .

فقد رسم شكل الفاصـــلة عند رأس الآية ﴿لَحَٰفِظُونَ﴾ (سطر 2) ، وعند قوله تعالى: ﴿غَٰفِلُونَ﴾ (سطر 4) ، وأغفل عند رأس الآية ﴿لَّخَٰسِرُونَ﴾ (سطر 6) ، ثم عاد فرسم شكل الخمس عند رأس الآية ﴿ لَا يَشۡعُرُونَ ﴾ (سطر 9)  ولم يلتفت إلى ما تبقى من الفواصل كما هو واضح في اللوحة.

   وقد تجد في بعض المصاحف المخطوطة ما يدل على الاختيار الاعتباطي لشكل الفاصلة، دون اختصاص كل شكل بدلالة معينة على رأس الآية أو الخمس أو العشر، ومثاله تجده في مصحف خزانة ابن يوسف رقم 619/7 (ورقة 7 ظهر و 8 وجه: انظر السطرين 1 و 13، ففيهما الشكل  الدال على الخمس في العادة، يدل على مجرد الفاصلة) .

5- الجمع بين شكل  الفاصلة ورمز الوقف:

   لم يكن هذا الصنيع فاشيا في المصاحف المتقدمة،  بيد أنّ مصحفا رقّيا كتب بخط كوفي عتيق، تحتجنه مجموعة خزانة القرويين، تحت رقم 903، اختص برسم واوٍ مبسوطة ترمز إلى الوقف، وُضِعَت في المواضع المختارة، من غير أن تكون مقصورةً على الارتباط برؤُوس الآي أو الأشكال التي تدلُّ عليها.

وقد وقفنا على الجمع بين شكل  الفاصلة ورمز الوقف في مصحف مريني، حبَّسه الفقيه الكاتب أبو العباس أحمد بن علي بن محمد القبائلي (ت 802هـ) ([27]) –حاجب أبي سعيد عثمان المريني- على جامع الأندلس بفاس، وهو محفوظ اليوم تحت رقم 877 بخزانة القرويين أيضا([28]) .

ويختص هذا المصحف بجملة أمور؛ منها:

- أولا: أنه يحتفظ بشكل الثلاثة النقط البسيط للدلالة على الفاصلة، وشكل الهاء المغلقة للدلة على الخمس، والدائرة المكررة المشغولة للدلالة على العشر.

- ثانيا: أنه يرسم بخط أدق من خط المصحف بلون أزرق، حرف «ت» أو «ك» فوق النقط الثلاثة –وهو في هذا يتفق مع المصحف الذي قبله في قصدية اللون- ويقصد برمز التاء الوقف التام، وبالكاف الوقف الكافي، وليس يذكر الوقف القبيح رَعْيًا للعمل عند نساخ المصاحف. ويظهر أن ذلك منه متابعة لصنيع ابن الأنباري (ت 328 هـ) ؛ فإنه يرى أن الوقف أقسام ثلاثة، ولذلك يقول: «فينبغي للقارئ أن يعرف الوقف التام، والوقف الكافي الذي ليس بتام، والوقف القبيح الذي ليس بتام ولا كاف»([29]) .

- ثالثا: أنه يكتب الخمس من الآيات، ثم يكتب بعدها بخط أدق في صلب الصفحة، التنصيص على رأس الخمس  أو العشر أو الأجزاء، ثم يذكر ما فيها من الهجاء، مع النزوع إلى استقراء الحروف والمواضع،  والإحالة على ما تقدم؛ مما يشي بأن هذه التعقيبات، قائمة مقام كتاب مستقل لو جمعت.

ونورد لهذه التعقيبات مثالا وقع عند قوله تعالى من سورة الحج([30]): ﴿ وَيَسۡتَعۡجِلُونَكَ بِٱلۡعَذَابِ وَلَن يُخۡلِفَ ٱللَّهُ وَعۡدَهُۥۚ وَإِنَّ يَوۡمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلۡفِ سَنَةٖ مِّمَّا تَعُدُّونَ  ﴾: «رأس الخمس الخامس. وفيه من الهجاء ﴿نَكِيرِ﴾، كتبوه بغير ياء بعد الراء. وكذا جميع الوارد منه في كتاب الله عز وجل؛ وذلك أربعة مواضع هنا وفي سبأ وفاطر وتبارك  الملك، وهي في السور الأربع رأس آية. واختلف عن نافع في إثبات ياء بعدها وفي حذفها، فورش يثبت فيهن ياء في الوصل خاصة، ويحذفها في الوقف، اتباعا  للرسم، ولمن قرأ عليه، وسائر أصحاب نافع والقراء غيره يحذفونها وصلا ووقفا موافقة للرسم ولمن قرؤوا عليه أيضا.

   و﴿ أَهۡلَكۡنَٰهَا﴾، بغير ألف سبعة أحرف، واختلف  القراء فيها؛ فقرأ هذه الكلمة أبو عمرو ابن العلاء البصري، بتاء مضمومة، وتابعه يعقوب الحضرمي على ذلك، وقرأ سائر القراء بالنون المفتوحة مكان التاء المضمومة لمن ذكرنا وألف بعدها على ثمانية أحرف في اللفظ دون الخط لما قدمنا.

وسائر ما فيه من الهجاء مذكور كله».

   ويلحق  بهذا المصحف مصحف أحدثُ بالمكتبة العامة بالرباط رقم 602، كتب بخط نسخي، وقد كتب الناسخ بخط أحمر دقيق، أعلى أشكال الفواصل رموز الوقف: ت؛ ك؛ ج؛ (تام؛ كاف؛ جائز) ، على رأي من يجعل الوقف أقساما أربعة([31]) .

ويمثل مصحف شاطبة، الرقي في ضبط استخدام الأشكال من جهة الصورة والشكل، ومن جهة الدلالة، وويستحق  هذا المصحف وقفة خاصة للتدليل على عمق قيمته الشكلية والاصطلاحية.      

(مصحف شاطبة: خزانة ابن يوسف رقم 431:  المجلد  4،  ورقة 15 ظهر و 16 وجه، سورة يوسف: 84- 86)

لاحظ :

- السطر  الثاني: الجمع بين التعبير عن شكل الفاصلة بالهاء المغلقة، وشكل الفاصلة الدائري المتضمن لحساب الجمل.

- السطر  السادس: شكل  الخمس

- السطر العاشر: شكل الفاصلة الدائري.

(مصحف شاطبة: خزانة ابن يوسف رقم 431:  المجلد  8،  ورقة 41 ظهر، 42 وجه، سورة الزخرف: 39-43)

أشكال الفواصل وحساب الجمل:

مع أنَّني كنت أظنُّ بادِيَ الرأْي أنّ اللجوءَ إلى حساب الجُمَّل لترقيم الآيات خاصةً الأعشار والمئين، متأخِّر نسبيا، لتَرْكيبه الظاهرِ المبَايِنِ للبساطة المقصودة عند نسَّاخ المصاحف الأوائل، إلاّ أن مصحفَ متحف الآثار التركية رقم 457، يجعلُنا نتوقف مليّا قبل الجُنُوح إلى هذا الظن، ويضَعُ في دائرةِ الاحتمال أَنَّ هذا النّمَطَ الحسابي قد عَرف سبيلَه إلى المصاحف على الأقل في النصف الأول من القرن الثاني، وهو التاريخُ التقريبيُّ لكَتْب المصحف المذكور، وبيانُه أني وجدتُ ناسخَه يضعُ قَلْبَ داراتٍ مموَّهةٍ بألوان تغلُبُ عليها الصفْرة، حرفًا مشغولا بشكلٍ فني، يدلُّ على العدد العشري المتصاعد أو المئين. ويتضحُ للتمثيلِ ذلك بجلاءٍ في سورة الأنعام، على اعتبارِ أنها تامةٌ لم تتضررْ رَقَّياتها الغزلانيةُ([32]) كثيرًا، فنجد عند العشر الأول  (ما كانوا به يستهزؤون) دارةً تحتضنُ ياءً موقوصةً تحيط بها دارةٌ من عشْر نقَطٍ ملونة، والياءُ في حساب الجمل بعشرة. (ن السطر 15 من لوحة رقم 92 أ مصحف متحف الآثار رقم 457: 1/187) .

وقلنا إنها ياءٌ موقوصةٌ لأنَّ للناسخ في رسْم الياء كما استقريْنَاه وضعيْن: أن تأتي كما في رسْمها الإملائي العاديّ، مع مطِّ الخطِّ بعد التقْويرَة إلى الأسفل، والاحتفاظِ بشكل إبرة الياء، فتظهر الياءُ كما لو أن الأمر يتعلق بواوٍ طويلةِ الرقبة فُتِحَتْ عينُها كفتحةِ العين والغين (ن الياء من تجري في قوله تعالى: (تجرى من تحتهم)، السطر السادس من لوحة رقم 92 أ مصحف متحف الآثار رقم 457: 1/187)، أو أن تأتي موقوصةً، مع التنبيه إلى أن هذه الأوضاعَ في رسم بعض الحروف داخلَ الآيات يخضعُ لضوابط الرسْم لا لاختيار الناسخ.

فإذا بلغ الناسخُ قوله تعالى: (خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون)، وضع دارةً أخرى تحتضن حرفَ الكاف (20 بحساب الجمل)  بإبرةٍ عمودية على النمط الكوفي، فتكونُ الآيةُ تمام العشرين، كما في عدِّ الكوفيين([33])  (ن السطر 12 من لوحة رقم 93 أ من مصحف متحف الآثار رقم 457: 1/189) .  وهكذا على امتداد  السورة:

-(تكفرون([34]) ):  ل = 30.

-(صدقين([35]): م = 40.

-(تتفكرون([36]) ): ن = 50.

-(تعملون([37]) ): س([38]) = 60.

(العلمين([39]) ): ع=70. ولكنَّ د. قولاج، أخطــأَ فجعل تمامَ السبعين (يكفرون)، ضدًّا على ما في المخطوطة، وفاقا منه لعدِّ الكوفيين وما هو في المصاحف اليوم، وليس المطلوبُ ذاك، بل المطلوبُ نقلُ ما في الأصل كما هو([40]) .

-(تتذكرون([41]) ):  ف = 80.

-(للعلمين([42])): ص= 90.

-(يصفون([43]) ): ق([44]) = 100.

-(يعمهون): ق ي = 110. (وهذا أوضحُ موضع للتحقُّق من إيراد حساب الجمل، فيأتي حرف القاف، متبوعًا بالياء الموقوصة متقاربيْن ومنفصليْن، فانظر صورته المرفقة) ([45]) .

-(يقترفون([46]) ): ق كـ = 120.

-(كفرين([47]) ): ق ل = 130.

-(مهتدين([48]) ): ق م = 140.

-(يعدلون([49]) ): ق ن([50]) = 150.

-(لا يظلمون): ق س([51]) = 160.

ونخلَصُ بعد هذا التتبع إلى أنَّ ناشر المصحف د. قولاج، لم يُلْقِ بالًا البتةَ إلى نمطِ العدِّ هذا، ولا أدركَ أن الأمرَ يتعلقُ بحساب الجمل، فجرَّ ذلك عليه أنْ شايعَ المصحفَ الكوفي المطبوعَ في عدِّه، دون التفاتٍ إلى ما في صُلب نسخة مصحف الآثار، فجاء ترقيمُه لعدد الآي في مواطن شتى من مُحاكاته مخالفًا لما في الأصل؛ وكم كان بودِّنا أن يعرَى جهده العظيم عن هذه النَّقيصة.

   ويؤكدُ قدمَ هذا الصنيع، ورودُه في أَثَرٍ مشابِهٍ لمصحفِ متحف الآثار، هو من المصاحف العُتُق والنوادر المغربية الذاهبة في النفاسة، مودعٍ بخزانة ابن يوسف تحت رقم 620 أ، وأوجه الشبه في كونه كُتب على رق سميك من قطْع مستطيل، بخط كوفي متقدم، خالٍ من النقط، وعلامةُ الهمزات فيه نقطةٌ خضراء، وعلامةُ الحركات الثلاث نقطةٌ حمراء، ويكادان يتفقان في فواصل التخميس والتعشير؛ ففي مئة آية لا يختلفان غير مرّةٍ واحدة، بنسبة 1/20 (ن الموضع 13 في الجدول الآتي) ، ناهيك عن كون نظام العدِّ فيهما بصريًا في الغالب، فقد اتفقا معًا على عدِّ (غالبون)، وهي معدودةٌ للبصري وحده([52])، بل إن المصحفَ ليجري بحسب بعض القرائن([53]) إلى أن يكون بصريا في رسم حروفه أيضا، فقد وقعَ فيه قولُه تعالى في المائدة (يقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا...) بواوٍ قبل «يقول»([54]؛ قال الداني: «وفي المائدة في مصاحف أهل المدينة ومكة والشام (يقول  الذى آمنوا): بغير واو قبل «يقول»، وفي مصاحف أهل الكــوفة والبصرة وسائر العراق «ويقول» بالواو»([55]) . وكذلك الشأن في (من يرتدد)، فقد رسمت بدال واحدة في كلا المصحفين([56]) ، وكذلك هي في مصاحف أهل الكوفة والبصرة ومكة([57]) . ويدلُّ على أنَّ المصحف بصري، أنه وإن اتفق مع الكوفيين في الحرف الأخير، إلا أنه ينفرد بكتابة (لئن انجيتنا) في الأنعام بالتاء دون الكوفيين، إذ كتبها هؤلاء بغير تاء([58]) .

فواصل الخمس والعشر في المئة الأولى من سورة المائدة في المصحفين للتمثيل:

مصحف متحف الآثار:              مصحف ابن يوسف المراكشي:

1-(الحساب).                                         (الحساب).

2- (عظيم).                                           (عظيم).

3- (يصنعون).                                        (يصنعون).

4- (المصير).                                          (المصير).

5- (غالبون).                                          (غالبون).

6- (المتقين).                                         (المتقين).

7- (لمسرفون).                                       (لمسرفون).

8- (مقيم).                                            (مقيم).

9- ( المقسطين).                                    (المقسطين).

10- (الفسقون).                                    (الفسقون).

11- (ندمين).                                         (ندمين).

12-( مومنين).                                        (مومنين).

13-( يعملون).                                       (يصنعون).

14-(الكفرين).                                        (الكفرين).

15- (انصار).                                          (انصار).

16- ( السبيل).                                       (السبيل).

17- ( لا يستكبرون).                                (لا يستكبرون).

18-( المعتدين).                                     (المعتدين).

19- (المبين).                                         (المبين).

20-(عليم).                                            (عليم).

ويتفقان أيضا في «فواصل» السور، فهي في كلا المصحفين مكتوبةٌ في سطْر واحد دون تأطير، بخطٍّ كوفي مذْهَبٍ حوافُّ حروفه بالسواد، تقتصرُ على ذكر اسم السورة دون إضافتها إلى «اسم»، ثم ذكر عدّها الموافق هنا لعدِّ البصرة([59]) ، دون بيان ما كان منها مكيا أو مدنيا:

مصحف خزانة ابن يوسف: «المائدة مائة وعشرون وثلث([60]) ايت».

مصحف متحف الآثار: «المئدة([61]) مائة وثلث وعشرون آية».

 (مصحف خزانة ابن يوسف رقم 620 أ)

ولا يختلفان إلاّ في الاستعاضة في بعض الكلمات عن النقط بالخطوط الدقيقة القصيرة المائلة إلى اليسار قليلا([62]) ، حيث يطَّرِدُ استخدامُها في المصحف التركي، فيما تظهر على استحياءٍ في المصحف المراكشي في أفذاذٍ من المواضع([63]) .

ويفيدنا هذا الميزُ في ملاحظةِ أنّ هذا التشابه الكبير حتى في أوضاعِ الخطِّ التي قلَّمَا تقع المشابهةُ بين النساخ فيها، مؤدٍّ إلى تقاربٍ زمني بينهما، وهو تقارُبٌ إنْ صحَّ يزيدُ قوةَ القول بأن استخدامَ نمطِ حساب الجمل متقدمٌ كثيرًا خلاف الظن السائد.


(1)  أستاذ التفسير وعلوم القرآن – كلية اللغة العربية ، مراكش .

(2)  صدر سنة 2011 عن مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي بلندن، في مجلد من 754 صفحة.

(3)  كتاب عدد آي القرآن لأبي الحسن الأنطاكي: 8-9.

(4)  كتاب النقط الملحق بالمقنع: 125.

(5)  المحكم: 14.

(6)  المحكم: 14.

(7)  المحكم: 15.

(8)  المحكم: 15.

(9)  المحكم: 15.

(10)  المحكم: 15.

(11)  المحكم: 15.

(12)  تفسير القرطبي.

(13)  المقنع.

(14)  من سوء الطالع أن القطع التي وصلتنا من المصاحف المتقدمة حتى على فرض بلوغها إلينا كاملة لم تكن لتتوفر على حُرُودِ المتن، مما يحرمُنا بالضرورة من أي إمكانيةٍ نصية لتأريخها، ويدرؤنا إلى الاستئناس بعناصر تتعلق بنوع الورق وقطعه ونمط الخط وأسلوب التجليد وما إلى ذلك.

(15)  من لوحة من المصحف في الفهرست للنديم (تحقيق أيمن فؤاد سيد)  : 1/203.

(16)  المحكم: 17.

(17)  ن وصفا لهذا المصحف في خطوط المصاحف عند المشارقة والمغاربة: 72.

(18)  انظر اللوحة في المخطوطات القرآنية في صنعاء من القرن الأول والثاني الهجريين وحفظ القرآن الكريم: 17.

(19) Course of Islamic paleography by Jan Just Witkam. Copyright, Jan Just Witkam, Leiden, The Netherlands, 2007.

(20)  المصحف الشريف المنسوب إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه: 1/114.

(21)  ينظر الفراغ بعد (صالحين) و (عابدين). [الأنبياء: 71-72].

(22)  يُنظر الفراغ بين (فاعلين) و (بل نقذف). [الأنبياء: 17-18].

(23)  لاحظْ قسمةَ كلمة ( وأد/خلنه) [الأنبياء: 74] بين السطر الأول والثاني في وجه الورقة.

(24)  قسمةُ كلمة (سأوريكم) [الأنبياء: 37] بين نهاية وجه الورقة وبداية ظهرها.

(25)  http://www.qantara-med.org/qantara4/public/show_document.php?do_id=651&lang=ar.

(26)  منها:

-The Qur᾿ān and Calligraphy: 62, 63, 64, 65.

-Masterpieces from the Department of Islamic Art in The Metropolitan Museum of Art: 59.

(27)  ن روضة النسرين في دولة بني مرين: 38؛ 40؛ جذوة الاقتباس: 1/125-126؛ رت: 58.

(28)  يوجد أنموذج آخر عن نفس المصحف في: دليل معرض مصاحف المغرب: 62-63.

(29)  إيضاح الوقف والابتداء: 1/108؛ المكتفى: 138.

(30)  الآية: 45.

(31)  ن أنموذجا في دليل معرض مصاحف المغرب: 43.

(32)  معلومٌ أن للرق موارد غير الغزلان، كالخرفان والماعز والعجول، ولكن العرف كان يحبذ استخدام الغزال. ن استخدام الرق في المخطوطات الإسلامية، لفرنسوا ديروش؛ ضمن دراسة المخطوطات الإسلامية بين اعتبارات المادة والبشر: 94. (لندن: 1997)  .:

(33)  ن كتاب عدد آي القرآن لأبي الحسن الأنطاكي (ت 377 هـ)  : النسخة اليوسفية: و 9 و. والكتاب مطبوع بمؤسسة الفرقان بتحقيقنا. مع ملاحظة أنَّ العدَّ في هذا المصحف لا يَطَّرِدُ كوفيا؛ فلزم التنويه.

(34)  نسخة متحف الآثار: 1/191.

(35)  نسخة متحف الآثار: 1/193.

(36)  نسخة متحف الآثار: 1/195.

(37)  نسخة متحف الآثار: 1/197.

(38)  غير بينة في المخطوط.

(39)  نسخة متحف الآثار: 1/199.

(40)  ن نسخة متحف الآثار: 1/199.

(41)  نسخة متحف الآثار: 1/201.

(42)  نسخة متحف الآثار: 1/202.

(43)  نسخة متحف الآثار: 1/205.

(44)  وردت في الأصل: أشبه بـ"في" غير منقوطة.

(45)  ن نسخة المصحف الشريف: 1/207.

(46)  نسخة متحف الآثار: 1/209.

(47)  نسخة متحف الآثار: 1/211.

(48)  نسخة متحف الآثار: 1/213.

(49)  نسخة متحف الآثار: 1/216.

(50)  النون هاهنا أشبه باللام. ن 1/216.

(51)  السين ها هنا كما في نظيرتها السابقة أشبه بالصاد. ن 1/219.

(52)  انظر كتاب عدد آي القرآن لأبي الحسن الأنطاكي من تحقيقنا (النسخة اليوسفية) : و 7 ظ.

(53)  لم يصلنا مصحف خزانة ابن يوسف كاملا، ولذلك كان استقراؤنا ناقصا تبعا لذلك.

(54)  مصحف خزانة ابن يوسف رقم 620 أ: و 27 و؛ مصحف متحف الآثار: 1/169.

(55)  المقنع: 103.

(56)  مصحف خزانة ابن يوسف رقم 620 أ: و 27 و (7781)  ؛ مصحف متحف الآثار: 1/169.

(57)  المقنع: 103.

(58)  المقنع: 113. ون: مصحف خزانة ابن يوسف رقم 620 أ: 43 ظ (7814)  ؛ مصحف متحف الآثار: 1/197.

(59)  كتاب عدد آي القرآن لأبي الحسن الأنطاكي (النسخة اليوسفية)  : و 7 ظ.

(60)  على الثاء الأخيرة ثلاث خطوط متعاقبةٍ لا متراكبة دقيقةٍ مائلة إلى اليسار، عوضا عن النقط.

وبدهي أن الكلمات كلها غير منقوطة في كلا المثالين، حاشا حرف الثاء الذي ذكرناه من قبل.

(61)  حذف الألف من المائدة في المصحف التركي.

(62)  نسخة متحف الآثار: 1/114.

(63)  ن على سبيل المثال: ورقة 35 ظ، سطر 9؛ 13. ورقة 38 و؛ سطر 4. ورقة 40 ظ؛ سطر: 10.

ملاحظة:
نشر هذا النص في الكتاب التالي:
بحوث ودراسات مهداة إلى إيْرج أفْشَارْ، 2018، مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، مركز دراسات مقاصد الشريعة الإسلامية، لندن، 225-260.
Back to Top