اليوم الأول: الأربعاء 30 أكتوبر 2024م
الجلسة التمهيدية للجهات المنظمة برئاسة الدكتور محمد موهوب
في رحاب كلية الآداب والعلوم الإنسانية شعيب الدكالي بالجديدة في المغرب، نظم مركز دراسات مقاصد الشريعة بمؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي بلندن، وبشراكة مع جامعة شعيب الدكالي بالجديدة، وكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالجديدة، ومختبر دراسات الفكر والمجتمع بالكلية نفسها، ومركز المقاصد للدراسات والبحوث بالرباط، يومي 30 و31 أكتوبر 2024م، دورة علمية تحت عنوان "مقاصد الفقه الإسلامي، الدورة الأولى: مقاصد العبادات"، وتأتي هذه الدورة في سياق الاهتمام بالدراسات المقاصدية، والكشف عن مقاصد العلوم الإسلامية، وتفعيلا لهذه المقاصد في علم الفقه، لما له من أهمية في حياة المسلمين، فكان عنوان الدورة الأولى "مقاصد العبادات".
بعد افتتاح الدورة بقراءة ما تيسر من الذكر الحكيم رحّب نائب رئيس جامعة شعيب الدكالي بالجديدة الدكتور رشيد هلال بالحضور، وشكر المنظمين والضيوف، متمنيا أن تحقق الندوة ما ترجوه وتتوخاه. وأكد أن هذه الندوة تعالج موضوعا مهما وهو تجديد الفقه وفق المقاصد. وختم كلمته بتهنئة اللجنة المنظمة واختياراتها لهذه الموضوعات بعناية كبيرة.
وتلته كلمة عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالجديدة الدكتور محمد يعو، وقد أشار فيها إلى أهمية هذه الدورة والسياق الذي جاءت فيه، اهتماما بمقاصد الفقه. وأبدى فيها سعادته بالحضور والمؤسسات المشاركة والمنظمة منوها بهذه الشراكة، وختم كلمته بالدعوة إلى إقامة الدورة الثانية بكلية شعيب الدكالي، شاكرا جميع الحضور والمنظمين.
وأعقبه رئيس مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي بلندن الأستاذ صالح شهسواري، حيث انصبت كلمته على بيان أهمية الدورة والجهود الحثيثة التي يقوم بها مركز دراسات المقاصد بمؤسسة الفرقان، لإحياء فقه المقاصد في شتى المجالات فهما وفقها وتنزيلا، من خلال دراسات عديدة ومحاضرات وندوات كثيرة حول إحياء وبناء صرح المقاصد منهجيا وعلميا.
كما ألمع الأستاذ صالح إلى فتح موضوعات مقاصدية جديدة وهي مقاصد العبادات تحت موضوع مقاصدي عام وهو مقاصد الفقه، معتبرا أن الفقه ثري يقدم حلولا وما زال كذلك. كما أكد أن الموضوعات كثيرة لكن يتم التركيز على ما هو أهم. مختتما كلمته بأن نوفق في هذه الدورة وباقي الدورات، وشاكرا الشكر الجزيل لرئيس الجامعة والعميد ومدير المختبر ومركز المقاصد، لما بذلوا من سعي وجهود مشكورة
ومن جانبه قام الدكتور مصطفى قرطاح عن مركز المقاصد للدراسات والبحوث بالرباط بتوجيه أطيب التزكيات والمتمنيات للمنظمين ومرحبا بالضيوف أساتذة وباحثين وعلماء، ومبرزا أهمية دورة مقاصد الفقه، لما للفقه من أهمية في حياة المسلمين، وبخاصة مقاصد العبادات المرتبطة بالحياة المسلمة، ولما لها من آثار في سلوكه الفردي والاجتماعي. وختم كلمته بشكر المشاركين واللجنة المنظمة.
وختمت الكلمات بكلمة رئيس مختبر دراسات الفكر والمجتمع الدكتور عبد المجيد بوشبكة، حيث رحب بدوره بالمشاركين والضيوف، ونوه بجهود اللجنة المنظمة، مشيرا إلى أن هناك أسئلة كثيرة تنتظرنا لخوض غمار البحث فيها، والبحث عن حلولها، والدورة إنما أتت لتبحث هذا الموضوع المهم وهو مقاصد العبادات. وختم كلمته بالترحيب بالجميع.
وبعد الكلمات أقيم حفل شاي على شرف المشاركين والضيوف.
الجلسة الأولى برئاسة الدكتور عصام البشير
انطلقت هذه الجلسة الأولى برئاسة الدكتور عصام البشير، فنابت الدكتورة آمنة سعدي عن الدكتور أحمد الريسوني في إلقاء بحثه، الموسوم بـ(الفقه الإسلامي وظائفه ومقاصده) حيث تطرق في مقدمته إلى ما ذهب إليه العلماء من المفاضلة بين العلوم كل من جهة تخصصه، وهي كلها مفضلة وفاضلة بحسب الاعتبارات. ثم طفق يتحدث عن وظائف الفقه من ذلك قدرته على مواكبة الحياة والمستجدات، كما رد على بعض الشبهات التي تنتقص من قدر الفقه، واعتبر إزاحته وتهميشه إنما ذلك بقرار سياسي أو مكر سياسي.
وأبرز الأستاذ الريسوني ما تحصل عنده من المقاصد الشرعية المنوطة بالفقه والفقهاء، وقد عد منها خمسة: الاجتهاد والاستنباط، وتبليغ الأحكام الشرعية وبيانها للناس، وبيان حكمة الشريعة جملة وتفصيلا، والتوجيه الإصلاحي للمستفتين وعموم المكلفين، وحل المشاكل وتقديم البدائل.
وقد ختم بحثه بالدعوة إلى إحياء علوم الدين، وذلك بقصيدها، أي الالتزام والإلزام بمقاصدها الشرعية: تدريسا وتأليفا واستنباطا وإفتاء وتطبيقا.
وقد عقبت عليه الدكتورة آمنة سعدي حيث ركزت على أهم ما تضمنه من جديد ومهم، من ذلك بيان مكانة الفقه الإسلامي وأفضليته بين العلوم الشرعية والإسلامية الأخرى، لكون الفقه يزيد عن هذه شرفا وفضلا، ثم بسبب ارتباطه بواقع الناس، زمانا ومكانا، كما وقف على أرضية منهجية وعلمية للحديث عن وظائف الفقه ومقاصده. وألمعت الأستاذة سعدي إلى أن من المحاسن المنهجية في هذا البحث أنه جمع بين ثنائية "التجديد" و"التقصيد" في الفقه الإسلامي، كما وقفت على مداخل تقصيد العلوم الشرعية، وحسبت منها: مدخل المصطلحات، ومدخل الإثمار، ومدخل فقه الواقع، ومدخل العلوم الإنسانية، ومدخل تقنين الفقه.
ثم تلاه الدكتور أحمد كافي بموضوع حول (أركان الإسلام العبادية بين التعليل والتعبد)، عرض في مقدمته لمدرستين عريقتين في الفقه ابتداء من عصر الصحابة، وهما: مدرسة التعليل ومدرسة التعبد، كما أشار في الوقت ذاته إلى أمهات العبادات التي تناولها حديث جبريل، وعليها بنى بحثه. وقد قسمه إلى ثلاثة فصول، تناول في الفصل الأول مقاصد الفقه الإسلامي.
وأما الفصل الثاني فطفق الأستاذ أحمد كافي يبين فيه التعليل والتعبد في أركان العبادات من النصوص الشرعية. وأما الفصل الثالث فتحدث فيه عن مقاصد الزكاة وفصلها تفصيلا.
وعقب عليه الدكتور عبد الرحمن العمراني منوها بالبحث ومبرزا أهميته وجدته، ومشيرا إلى أن مسألة تعليل العبادات غير متفق عليها بين أهل العلم. ثم وقف على بعض الملحوظات المتعلقة بالمضمون والمنهجية، فالمضمون تطرق فيه إلى أن البحث غير منسجم مع ما تقرر أنه سيبحث في النصوص الشرعية التي مصدرها الكتاب والسنة معا، وليس الكتاب وحده. وأما جانب المنهجية فقد اعتمد فيه الباحث الأستاذ كافي المنهجية العلمية المتبعة في البحوث الأكاديمية.
ثم قدم بعده الدكتور محمد ابراهمي بحثه حول (مقاصد العبادات وأثرها في فقه الأحكام استنباطا وتنزيلا وترجيحا)، حيث مهد له بمقدمة انصبت على بيان مقاصد بعثة الأنبياء، وأن الشريعة إنما جاءت لمصالح العباد في العاجل والآجل، كما أثار اختلاف العلماء في مسألة تعليل العبادات.
وقد قسم بحثه إلى محاور، تناول في الأول مقاصد العبادات، كالمقصد التعبدي، والمقصد الأخلاقي التربوي. وفي الثاني تطرق إلى أثر المقاصد في استنباط أحكام العبادات وتنزيلها والترجيح بينها. وفي الثالث بين أثر مقاصد العبادات في الترجيح بين أحكامها، كالتمييز بين المقاصد الأصلية والتبعية، والترجيح بين الأحكام مراعاة للأحوال.
وختم الأستاذ ابراهمي بحثه بأن أمعن النظر في مقاصد العبادات واستحضارها في الاجتهاد فهما وتنزيلا وترجيحا، من المسالك التي تعين على حسن الفهم عن الله تعالى، ومعرفة الواقع مناط تنزيل الحكم، بما يمكن من حسن تنزيله.
وعقب عليه الدكتور محمد اصبيحي منوها به وبما أتى به من نظر حصيف في أثر التوظيف السليم للمقاصد تأصيلا وتفصيلا، وتنزيلا وتمثيلا. ووقف الأستاذ اصبيحي على أهمية البحث وجدته من عدة جهات. غير أنه تعقبه من حيث أنه اقتصر على المقاصد العامة دون الخاصة والجزئية.كما استدرك عليه ما ذهب إليه من كون العلماء مختلفين في تحديد مقاصد العبادات خلافا للمعاملات، وإنما هم مختلفون أيضا في تعليل العبادات وتقصيدها وليس فقط في تحديدها.
وبعد هذه البحوث فتح باب المناقشة
الجلسة الثانية برئاسة الدكتور عبد المجيد بوشبكة
افتتحت هذه الجلسة ببحث الدكتور مصطفى قرطاح الموسوم بـ(مقاصد العبادات بين العزائم والرخص)، فقد أشار في مقدمته أن التكاليف الشرعية جاءت مراعية للفطرة الإنسانية، ومراعية أيضا لقدرات الإنسان فشرعت بذلك العزائم والرخص.
وقد قسم الأستاذ قرطاح بحثه إلى مبحثين رئيسين: تناول في المبحث الأول منهما مقاصد العزائم والرخص في مجال العبادات. وأما المبحث الثاني فتطرق فيه إلى استثمار منهج الترخيص في ترشيد التدين. ثم ختم بحثه بذكر نتائج، منها أن العزائم والرخص تتكاملان وتتآزران لتحقيق مقصد حفظ الدين وجودا وعدما، وأن التدين الراشد سواء للفرد أو الأمة لا بد له من جناحين اثنين: العزائم والرخص.
وقد عقب عليه الدكتور عبد السلام آيت سعيد، وقد بناه على محورين: الأول خصه بموضوع البحث وإشكالياته، حيث ذهب إلى أن مدار البحث على سؤال رئيس وهو كيف يفضي إدراك مقاصد العزائم والرخص المتعلقة بالعبادات على ضوء الممارسة والاجتهاد والفتوى. والثاني ذكر فيه بعض الملحوظات العامة والاستدراكات العلمية، منها حسب المعقب الغياب التام للتناول الأصولي للعزائم والرخص، ومنها قاعدة الاستثناء على ضوء التأطير المقاصدي للعزائم والرخص.
ثم جاء بعده بحث الدكتور رشيد لخضر بعنوان (أثر مقاصد الشريعة في رخص العبادات: نماذج فقهية) استهل مقدمته بالحديث عن كون الشريعة الإسلامية إنما جاءت مراعية لقدرات المكلفين، كما أنها رامت جلب المصالح ودرء المفاسد.
وقد قسم بحثه إلى ثلاثة مباحث، خص الأول منها بتعريف أهم مصطلحات البحث التي تكون عنوانه مثل الأثر، والمقاصد، والشريعة والرخصة والعبادة وغيرها، وقد تناولها في مطالب. أما المبحث الثاني فتحدث فيه عن تجليات علاقة مقاصد الشريعة بالرخص وأثرها سواء في مجال العبادات أو المعاملات. وأما المبحث الثالث فخصه بذكر نماذج لرخص العبادات وأثرها المقاصدي مثل رخصة التيمم، ورخصة قصر الصلاة، ورخصة الجمع بين الصلاتين، ورخص الحج. ثم ختم بحثه بأن تشريع الرخص يتناسب مع روح الشريعة ومقاصدها، مبينا أن العمل بالرخص إنما هو امتثال لأمر الشارع الحكيم.
وقد عقب على بحثه الدكتور محمد صابير حيث أشاد بأهمية البحث وبصاحبه في تتبع ورصد ما يتعلق بالبحث المقاصدي ومعالجته لمقاصد الرخصة. وقد اعتبر الدكتور صابير أن الرخص قبلة المجتهدين فمن يمم جهتها فقد سدد، وأردف ذلك بملحوظات على المستوى المنهجي تجلت في رحابة الموضوع وشساعته، فاقترح أنه لو اقتصر على مذهب معين أو مصنف، أو باب من أبواب الفقه لكان أفيد وأسهل.
وتبعه الدكتور إسماعيل الحفيان ببحثه الذي اختار له عنوان (نظام الكفارات في التشريع الإسلامية: رؤية مقاصدية)، استهله بمقدمة ضافية حول تطور علم المقاصد. وقد انتظمه في مبحثين مهمين، شمل المبحث الأول البناء المعرفي لمؤسسة الكفارة في الفقه الإسلامي. وأما المبحث الثاني فقد تناول فيه مقاصد الكفارة التشريعية. ثم أردف ذلك بخاتمة جمعت أهم نتائج البحث منها أن الكفارة في التشريع الإسلامي ليست مجرد حكم فقهي يرتبه الشارع على مخالفات المكلفين.
وقد عقب عليه الدكتور علي زروقي غير انه لم يطل في تعقبات الباحث الحفيان، وإنما ودّ لو أن الباحث خص حديثه بتناول الكفارات من جهة التعليل بمعنى هل هي معللة أم لا؟ وهل يدخلها التقصيد أم لا؟ وفي سياق حديثه عن ذلك أشار إلى كتاب الرخص للرحموني يجدر قراءته.
ثم فتح باب المناقشة متبوعة استراحة شاي وبذلك انتهى اليوم الأول من الدورة
اليوم الثاني: الخميس 31 أكتوبر 2024م
الجلسة الثالثة برئاسة الدكتور الحسين الموس
وقد تناول فيها الدكتور عصام أحمد البشير موضوعه عن (الوسطية مقصدًا ومنهاجًا في الشعائر التعبدية)، استهله بمقدمة أفاض فيها في بيان أبرز سمات الشريعة الإسلامية ملمح الوسطية في الشعائر التعبدية، بأبعادها السلوكية والتربوية. وقد قسم بحثه إلى خمسة مطالب.
تناول في المطلب الأول المدخل المفاهيمي. وفي المطلب الثاني تطرق إلى الوسطية بين المقصد والوصف. وفي المطلب الثالث انصب اهتمامه على إبراز العلاقة بين مقاصد الشريعة ومفهوم الوسطية، تجلى ذلك في كون دين الله وسطي بين الغالي والجافي. وفي المطلب الرابع طفق يحلل التوسط باعتباره مقصدًا عامًّا في الشعائر التعبدية. وفي المطلب الخامس تطرق إلى معالم مقصد التوسط في الشعائر التعبدية. وألمع الدكتور عصام في خاتمة بحثه إلى أن الوسطية تمثل التوازن والاعتدال، الذي يحرص الإسلام على ترسيخه في كل جوانب الحياة.
وقد عقب عليه الدكتور مصطفى الصمدي، فاستهله بذكر جودة البحث وقيمته العلمية الوازنة، ثم طفق يذكر بعض الأفكار التي تولدت لديه من خلال قراءته للبحث، منها أن الإشكال الحقيقي في التعامل مع العبادات هو إغفال الدرس القيمي الثاوي فيها، ويرى المعقب أن المدخل الأساسي لتجديد الفهم لهذه الوسطية، وجوب البحث في أسرار التعبد ومقاصده وغاياته في الخلق والوجود.
وتلاه بحث الدكتور أحمد العمراني الموسوم بـ(مقاصد الصلاة وسبل تحقيقها) فتحدث في مقدمته عن أهمية مقاصد الصلاة، وأسباب اختياره للموضوع وجدته وبعض إشكالاته الواقعية المرتبطة بتدين الناس.
وقد بنى الدكتور العمراني بحثه على ثلاثة مباحث: فأما المبحث الأول فعرج فيه على بيان المفاهيم المشكلة لأهم مصطلحات البحث، مثل مفهوم المقاصد. وأما المبحث الثاني فخصه ببعض مقاصد الصلاة، وذكر منهاتعظيم الله وإجلاله والتقرب إليه، والنهي عن الفحشاء والمنكر، والاستراحة إلى الصلاة، وتغذية الروح بذكره سبحانه، تجديد والعهد بالله، وتعلم الانضباط. وأما المبحث الثالث فقام فيه ببيان سبل تحقيق مقاصد الصلاة. وختم بحثه بالإشارة إلى أن الأمة تعيش أزمة فهم المقاصد، التي تعد من صميم الدين من أول يوم ومن أول فهم، لأنها الغايات التي جاء لتحقيقها بين الناس.
وقد عقب عليه الدكتور انجوغو امباكي صمب، حيث ألمع إلى أن الباحث أجاد وأفاد في بحثه، حيث سلك منهج البحث العلمي في مجال العلوم الشرعية ثم أردف ذلك بملاحظات منهجية وموضوعية، ركز فيها على طريقة كتابة البحث المتعلقة بالأسلوب ومنهجية الكتابة.
وأردف ببحث (مقاصد الصوم في الإسلام: تحريرها وإعمالها في سياق الأمة المعاصر) للدكتور عبد الكبير حميدي، تطرق في مقدمته لأهمية البحث في مقاصد الصوم. وقد بناه على أربعة مباحث. فأما المبحث الأول فقد تناول فيه كون عبادة الصوم من العبادات الكلية )أصول العبادات) في الإسلام. وأما المبحث الثاني فقد تحدث فيه عن مقاصد عبادة الصوم المنصوصة في القرآن والسنة. وأما المبحث الثالث فقد انصب على بيان مقاصد الصوم في اجتهادات علماء الأمة. وأما المبحث الثالث فقد ذكر فيه شجرة مقاصد الصيام في الإسلام وهو محاولة في البناء والتقسيم. وأما المبحث الرابع فعرج فيه على إعمال مقاصد الصيام في سياق الأمة المعاصر.وختم بحثه بتقرير أن الصوم من العبادات الكلية، لها مقاصد جليلة سواء النصية أو الاجتهادية تنعكس آثارها على الفرد والمجتمع.
وعقب على بحثه الدكتور محمد الدامي، وقد بناه على ثلاثة محاور، الأول خصه بجوانب النبوغ في المقال المتعقَّبِ، منها اختياره الرائق لموضوع البحث، وهو مقاصد الصوم، والتناسق البارز بين كثير من فقرات البحث. والثاني عرج فيه على تعقيبات مهمات ذكر منها دعواه استقراء النصوص الشرعية المتعلقة بالصوم، وهو ليس كذلك. والثالث أتى فيه على ذكر زيادات وإضافات.
وبعدها فتحت باب المناقشة
الجلسة الرابعة برئاسة السيد صالح شهسواري
استهلت هذه الجلسة بموضوع الدكتور الحسين الموس الموسوم بـ(فقه الصوم بين مقصد التيسير وقواعد الاحتياط)، حيث أكد اهتمامه بمصنفات الفقه المالكي حيث لاحظ كثيرا من التعسير في فقه الصيام. وقد بنى بحثه على ثلاثة مباحث، تطرق في المبحث الأول إلى قاعدة "دين الله يسر" ومكانتها مقارنة بقواعد الاحتياط. وأما المبحث الثاني فخصه بمدة يوم الصيام وكيفية العلم بدخول رمضان والخروج منه. وأما المبحث الثالث فتناول فيه ما رخص فيه للصائم بين مقصد التيسير وقواعد الاحتياط. وختم بحثه بالقول: إن الصوم عبادة ميسرة للمكلفين، سواء ما تعلق بما يجب الإمساك عنه وهو محدود، أو مدة الإمساك اليومي وهي النهار بمعيار البلاد المعتدلة، كل بناء عنده على قاعدة التيسير.
وقد عقبت عليه الدكتورة حنان خياطي حيث أكدت على أن نتائج البحث جاءت متسقة مع أهدافه، وعلى رأسها دعوة أهل العلم إلى الاجتهاد في أحكام العبادات بإعمال قاعدة "دين الله يسر"، مع وضع ميزان يحقق اليسر، ولا يغفل عن الاحتياط المانع من التفريط.
ولاحظت الأستاذة حنان غياب التطرق إلى الرؤية التكاملية في مقاربة الموضوع بين قاعدة التيسير والاحتياط، ثم أبرزت أن التيسير وإن كان مبدأ وقاعدة كلية إلا أن له مجالا يعمل فيه وآخر لا يعمل فيه، من ذلك أن التيسير لا يدخل أصول الدين وكليات الشريعة. وختمت تعقيبها بأن الاجتهاد يتجاذبه أصلان فإما النزوع للاحتياط على جهة الورع خشية الوقوع في المحظور، وإما التيسير ورفع الحرج والمشقة.
ثم أعقبه الدكتور محمد موهوب بقراءة بحث الدكتور عبد المجيد النجار الموسوم بـ(المقاصد الاجتماعية لعبادة الحج استهداء بحجة الوداع)، وقد رسم معالمه على تمهيد بين فيه علاقة حفظ نظام الأمة بمقاصد العبادات. ثم طفق الأستاذ عبد المجيد النجار يذكر مقاصد الحج استهداء بحجة الوداع، بعدما ذكر سياقها، وتتجلى عنده في الوحدة الاجتماعية مقصدا للحجّ، ومقصد العدل والمساواة، وقد بناه على مسالك.
ثم شرع الدكتور محمد موهوب بعد ذلك بالتعقيب عليه، حيث ذكر أن الأستاذ النجار أسس بحثه في المقاصد الاجتماعية للحج على حجة الوداع وما صاحبها من توجيهات نبوية قولية وفعلية، ولا سيما ما تضمنته خطبة الوداع من معاني ذات أبعاد اجتماعية.
غير أنه يمكن ملاحظة قدر من التكلف في استنباط بعض المقاصد من بعض الأمثلة المذكورة، واستعمال مصطلحات وأساليب من خارج الوعاء الإصطلاحي المناسب للصنعة.
وتلاه بعد ذلك الدكتور مراد زهوي بقراءة بحث الدكتور نور الدين الخادمي وموضوعه حول (الانتظام التعبدي المعاصر ومقاصده: نموذج العمرة)، بناه على مقدمة ومباحث، فأما المقدمة فتطرق فيها إلى إشكالية افتراق حركة التدين عمومًا والتعبّد خصوصًا افتراقًا متفاوتًا فرديا وجماعيا ومؤسسيا. وقد بناه على ثلاثة مباحث، فتطرق المبحث الأول إلى مفهوم الانتظام التعبّدي. وأما المبحث الثاني فتناول فيه مقاصد الانتظام التعبدي. وأما المبحث الثالث فتطرق فيه إلى واقع الانتظام التعبّدي المعاصر ومأموله. وختم بحثه ببعض الاستنتاجات العامة منها أن حقيقة الانتظام التعبّدي أنه إقامةٌ للعبادات بانتظام أحكامها بمقاصدها وثمراتها، وتآلف العابدين بعضهم ببعض، وبالتدريب على الانتظام الاجتماعي والإنساني.
ثم طفق الأستاذ مراد زهوي يعقب عليه، استهله بالحديث عن مزايا البحث، ومظاهر الجدة فيه، لأنه متعلق بالربط بين المقاصد والواقع العملي، واختياره لنوذج العمرة لبيان بوضوح تام الاختلالات على مستوى التعبد. ولم يفت المعقب زهوي أن يلمع إلى خلل مفاهيمي تجلى في إغفال التأصيل الاصطلاح (الانتظام التعبدي) من كلام الفقهاء الأقدمين في مدوناتهم الفقهية.
وبعد هذه البحوث فتح باب المناقشة
الجلسة الختامية برئاسة الدكتور أحمد كافي
وقد تحدث فيها نائب رئيس جامعة شعيب الدكالي الدكتور رشيد هلال عن تحقيق الثمرة المرجوة من هذه الدورة، وتمنى أن تكون قد أرضت الجميع، ولا محالة أن سيكون لها صيت لا على الصعيد الوطني فحسب، وإنما كذلك على الصعيد الدولي. وطلب بإصدارها كتابا حتى يستفاد منها. وختم كلمته بشكر جميع المنظمين والحضور.
ثم أعقبه نائب عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالجديدة محمد دردار الذي بدوره نوه بهذه الدورة وبمخرجاتها، وشكر كل من ساهم في إنجاحها من المؤسسات المنظمة، متطلعا ومرحبا نيابة عن السيد العميد بإقامة دورة ثانية في السنة المقبلة إن شاء الله.
وتلاه السيد محمد ادريويش بكلمته التي أشار فيها إلى المسار الذي قطعته الدورات السابقة ابتداء من فاس إلى أن حلت بمدينة الجديدة، والموضوعات التي تم التطرق إليها، لتسليط الضوء وتعميق النظر في مقاصد الفقه، حيث خصصنا هذه الدورة بمقاصد العبادات، وسوف تليها مقاصد المعاملات وغيرها، ليكتمل النظر المقاصدي، وهي بداية جديدة.
ولم يفت الأستاذ ادريويش أن يشكر رئيس جامعة شعب الدكالي وعميد كلية الآداب ومركز المقاصد ومدير مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، ومختبر دراسات الفكر والمجتمع على ما قدموا من جهود معتبرة لإنجاح الدورة، وعلى ترحابهم وموفور عنايتهم، كما شكر جميع الأساتذة والمشاركين.
وأعقبه الدكتور عبد المجيد بوشبكة رئيس مختبر دراسات الفكر والمجتمع بكلمة مفعمة بالترحيب، وبالشراكة الجديدة التي ستفتح آفاقا علمية مهمة، وشكر المؤسسات المنظمة وكافة الأساتذة والطلبة.
وقام من بعده الدكتور الحسين الموس مدير مركز المقاصد الذي نوه بالدورة، وأنها اكتملت وأوتيت ثمارها، من خلال كثير من الفضائل التي أحرزتها، سواء على مستوى التنظيم أو البحوث، وشكر بدوره رئاسة الجامعة والعمادة، ومختبر دراسات الفكر والمجتمع، ونوه بالشراكة مع مؤسسة الفرقان، كما شكر اللجنة المنظمة على ما بذلوا من جهد مشكور.
وألقى من بعده الدكتور عصام البشير كلمة باسم الأساتذة المشاركين، شكر فيها الجهات والمؤسسات المنظمة، وركز فيها على توجيه الطلبة في مسارهم العلمي، وحثهم على علو الهمة في العلم والإخلاص فيه. كما أكد على قضية الوسطية باعتبارها منهجا لتقديم الإسلام صحيحا دون غلو أو تفريط.
وختمت هذه الجلسة الختامية بقراءة التوصيات من قبل الدكتور محمد عوام.

