نظّم مركز دراسات المخطوطات الإسلامية بمؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، بالتعاون مع فنداثيون خينيرال لـجامعة كومبلوتنسي في مدريد، الدورة التدريبية الثالثة بعنوان«علم المخطوط العربي: التراث الإسلامي المخطوط في مجموعة الإسكوريال».
وقد انعقدت الدورة التدريبية في الفترة من 18 إلى 22 يوليو 2016م، بـسان لورنزو دي الإسكوريال الواقعة 45 كيلومتر شمال غرب العاصمة مدريد، في إطار الدورات الصيفية لـجامعة كومبلوتنسي.
وقد تم اختيار ثمانية عشر مشاركاً – من أصل أكثر من 60 باحثا الذين تقدموا للدورة - من ذوي التخصصات المتعلقة ببحوث المخطوطات العربية، من بلدان مختلفة (منها المغرب والمملكة المتحدة ولبنان والولايات المتحدة وإسبانيا وتونس وفرنسا والفلبين والدنمارك وكندا). وقد قام بالتدريس في هذه الدورة الأستاذ الدكتور فرانسوا ديروش، والأستاذة الدكتورة نوريا مارتينيز- دي- كاستييا مونيوث (التي كانتمديرة الدورة).
وقد تم تقسيم فعاليات الدورة إلى شق نظري وشق عملي؛ في شقها النظري تم استعراض مدخل عام إلى علم المخطوطات الإسلامية، مع التركيز على العناصر الأولية للمخطوط، بما في ذلك مادة المخطوط (إن كان من الورق، أو الرق، أو البردي)، نوع التجليد، تنظيم الكراسات والصفحات في المخطوط، وكذلك أنواع الخطوط والعناصر الرئيسية خارج النص، ومن ضمنها صفحة العنوان، وحرد المتن، والتقاييد التوثيقية.
وقد تضمنت الجلسات العملية تحليل وتوصيف مخطوطات عربية مختارة من ضمن مجموعة مخطوطات المكتبة الملكية في دير سان لورنزو بالإسكوريال، وهي من أهم مجموعات المخطوطات العربية في أوروبا، وأكبرها على التراب الإسباني. وقد تم تقسيم المشاركين إلى مجموعات، حيث قامت كل مجموعة بتحليل مخطوطات اختيرت لهم، على ضوء ما تمت دراسته في الجلسات النظرية الصباحية، أي نوع الورق، والخط، والعناصر خارج النص في المخطوط من تقاييد توثيقية، وتذهيب، إلخ… وقد طلب إليهم عرض خلاصة تحليلاتهم على المشاركين والأساتذة تحت توجيه الأستاذ الدكتور فرانسوا ديروش، والأستاذة الدكتورة نوريا مارتينيز- دي- كاستييا.
ومجموعة المخطوطات العربية في المكتبة الملكية في الإسكوريال—والتي أسسها فيليب الثاني في 1565م بالتقريب— تتضمن مجلدات قيّمة، مثل نسخة من كتاب لباب المحصّل في أصول الدين لإبن خلدون، بخط مؤلفها، بتاريخ 752هـ/1351م.؛ وقد تم عرض هذا المخطوط على المشاركين خلال إحدى الجلسات العملية في المكتبة الملكية. كما أنها تتضمن نسخة من كتاب المقامات للحريري، تم نسخها في حياة المؤلف في 483هـ/1090م.؛ بالإضافة إلى عناوين قيّمة أخرى.
انطلقت أعمال الدورة صبيحة يوم الاثنين، 18 يوليو 2016، بكلمات ترحيب من مديرة الدورة، الأستاذة الدكتورة نوريا مارتينيز- دي- كاستييا مونيوث، تلاها السيد كارلوس ليو روكا، منسّق الدورة. وقد مثلت مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي في هذه الدورة الأستاذة كريمة ابن عائشة، رئيسة قسم المكتبة وقاعدة البيانات، والتي شكرت في مستهل كلمتها المشاركين، ثم قدمت عرضاً مختصراً لأنشطة المؤسسة الرئيسية ومراكزها.
ألقت المحاضرة الأولى الأستاذة الدكتورة نوريا مارتينيز- دي- كاستييا مونيوث، حيث استعرضت تاريخ مجموعة المخطوطات العربية بالمكتبة الملكية في دير سان لورنزو بالإسكوريال. ثم قام مدير المكتبة الملكية، السيد خوسيه لويس ديل بايي ميرينو، بالتعليق بشكل عام على مجموعة المخطوطات الكاملة. ثم واصل الأستاذ الدكتور فرانسوا ديروش بمحاضرة حول حوامل الكتابة (الرق والورق). وقد انتهى اليوم الأول بعرض، عنوانه «بوابة مكتبة الفرقان الرقمية: مجموعات المخطوطات الإسلامية، الفهارس، وموارد التراث المكتوب حول العالم«، قدمته الأستاذة كريمة ابن عائشة، رئيسة قسم المكتبة وقاعدة البيانات بمؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي.
وفي الجلسات الصباحية للأيام التالية من الدورة، قام الأستاذ الدكتور فرانسوا ديروش بتقديم محاضرات في مواضيع متعددة في مجال علم الكتاب المخطوط، من بينها: أساس تكوين المخطوط؛ والأمدة وتنظيم الصفحات؛ علم الخط العربي؛ التذهيب والتزويق والتجليد العربي؛ التقاييد وحرد المتن؛ تاريخ المخطوطات، إلخ. ومن جانبها، قامت الأستاذة الدكتورة نوريا مارتينيز- دي- كاستييا مونيوث بالربط بين المحاضرات من خلال التعليقات والمداخلات في كل موضوع. كما قامت السيدة أليسون أوهتا، أمينة الجمعية الآسيوية الملكية، والمشاركة في الدورة، بتقديم ورقة عن التجليد المملوكي، خلال الجلسة الخاصة بالتجليد.
اختتمت الدورة يوم الجمعة 22 يوليو بتوزيع الشهادات على المشاركين، وكلمات لكل من الأستاذة الدكتورة نوريا مارتينيز دي كاستيا، والأستاذة كريمة ابن عائشة، اللتين شكرتا الحضور لمشاركتهم الفعّالة في الدورة وتبادلهم للخبرات، بوصفهم باحثين في مجال التراث الإسلامي المكتوب. وقد ختمت الأستاذة كريمة ابن عائشة كلمتها بالتعبير عن الامتنان لبرنامج الدورات الصيفية لجامعة كومبلوتنسي ولمكتبة الإسكوريال على استضافتهما أعمال الدورة للعام الثالث على التوالي.
