عُقدت رابع دورة تدريبية على فهرسة المخطوطات الإسلامية، بين 18 يونيو حتى 18 يوليو من العام 2001. نظمت مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي هذه الدورة بالتعاون مع المكتبة الوطنية للكتب والوثائق في الرباط بالمملكة المغربية.
التحق بالدورة 25 مشاركاً من العاملين في ميدان الفهرسة. تم اختيارهم من بلدان أفريقية مختلفة مثل الجزائر، وتشاد، ومصر، وإثيوبيا، ومالي، والمغرب، والنيجر، ونيجيريا، والسنغال، والسودان على أساس تخصصهم في المخطوطات واهتمامهم بالتراث الإسلامي.
خُصص عدد كاف من الجلسات ضمن برنامج الدورة التدريبية لدراسة المخطوطة بوصفها قطعة أثرية ذات قيمة كبيرة. وللمخطوطات، في هذا السياق، جوانب هامة كثيرة، مثل فن تجليد الكتب، والمادة المستخدمة، سواء كانت من ورق البردي، أو كانت رقّا من الجلد، أو من الورق؛ ومثل أساليب صناعة الورق، ومدارس الخط وتطويرها. ومما له أهمية أيضاً الجوانب المختلفة لعلم المخطوطات، وجمع المعلومات لمساعدة عملية الفهرسة، وغير ذلك.
رحب الدكتور أحمد التوفيق، مدير المكتبة الوطنية، في الكلمة التي ألقاها في قاعة المحاضرات أثناء حفل افتتاح الدورة بالمحاضرين وبالمشاركين، معبراً عن إعجابه بالتعاون بين المكتبة الوطنية ومؤسسة الفرقان ممتدحاً جهود الفرقان التي تبذلها في حقل المخطوطات والتراث الإسلامي.
أبرز الدكتور أحمد محمد البدوي، ممثل مؤسسة الفرقان، في كلمته الافتتاحية أهمية اختيار الرباط ومكتبتها الوطنية لعقد الدورة التدريبية على فهرسة المخطوطات في أفريقيا.
وعبّر عن تقديره وإجلاله لما قام به الشعب المغربي من إسهام في نشر الإسلام وتعزيز العلاقات الثقافية بين البلدان الإسلامية في أفريقيا. وتحدث الدكتور أحمد شوقي بنبين، مدير المكتبة الحسنية حول المضمون الأكاديمي للدورة. وتحدث بالتفصيل عن الأهمية الحيوية للفهرسة، وعن الحاجة الماسّة لفهرسة مجموعات المخطوطات والأثر الإيجابي لإنتاج فهارس حول التطور المستقبلي لدراسة المخطوطات.
كانت المؤسسة موفقة في تمكنها من حشد هيئة تعليمية مركزية عالية التأهيل، ومحترفين مدربين على التعليم في هذه الدورة، ومن بينهم: د. مراد الرمّاح (تونس)، و د. عثمان سيد أحمد (السودان)، و د. أحمد محمد كاني (السودان)، و د. ابراهيم موكوشي (نيجيريا)، و د. عزت حسّان (سورية)، والأستاذ الدكتور فرانسوا ديروش (فرنسا)، و د. أيمن فؤاد سيد (مصر)، و د. أحمد شوقي بنبين (المغرب)، ومحمد المغراوي (المغرب)، و د. محمد العارف (المغرب)، و د. محمد لغزيوي (المغرب)، و د. محمد الرواندي (المغرب)، وسعيد المرابطي (المغرب)، وعمر عفا (المغرب)، وسعيدة أبرق (المغرب)، ومحمد التعمري (المغرب). وقد قام عدد من الحاضرين المتدربين الذين التحقوا بالدورة كطلبة بتعليم بعض الموضوعات؛ من بين هؤلاء مليكه السرغيني (المغرب).
شمل منهاج الدورة التدريبية الرابعة، كمناهج الدورات الثلاث السابقة، الجوانب الأكاديمية والعملية للدراسة العلمية للمخطوطات. واختار المحاضرات الأستاذ الدكتور ابراهيم شبوح، عضو مجلس الخبراء لمركز الفرقان للمخطوطات، والدكتور أحمد التوفيق، مدير المكتبة الوطنية للكتب والوثائق في الرباط، ومحمد التعمري، مسؤول الإدارة في المكتبة الوطنية. خصص عدد كبير من الجلسات في برنامج الدورة التدريبية لدراسة المخطوطات بوصفها دليلاً أثرياً. ودرست جوانب هامة عديدة من المخطوطات، مثل فن تجليد الكتب، والمواد المستخدمة للمخطوطات – سواء كانت من ورق البردي، أو رقّا جلدياً، أو ورقاً عادياً – وطرق صناعة الورق، ومدارس الخط وتطورها. ومن الأمور ذات الأهمية الجوانب المختلفة من علم المخطوطات، وجمع المعلومات لمساعدة عملية الفهرسة، وما إلى ذلك.
حظيت نظرية الفهرسة وممارستها باهتمام خاص. فقد خصصت جلسات فهرسة عملية لاستخدام بطاقة الفرقان للفهرسة، كنموذج لجمع المعلومات. كما خصصت جلسات عملية للفهرسة الآلية (الأتوماتيكية)، ولوسائل جمع المعلومات، وتقنيات التصوير وطرق حفظ المخطوطات وصيانتها.
لقد غطت الدورة الموضوعات المذكورة أعلاه وموضوعات أخرى كثيرة مولدة وعياً جديداً بين الطلبة، فضلاً عن صقل وعيهم ومعرفتهم بالمخطوطات العالمية. وربما كان هذا من أهم إنجازات الدورة. وكانت تجري مناقشات مفتوحة مع الطلبة بعد المحاضرات الأكاديمية. ففتحت هذه المناقشات الحية فرصاً لتبادل الخبرة ومراجعة الجهود التي بذلت في كل بلد لجمع المخطوطات وفهرستها. كما كان هناك نقاش حول المكتبات الخاصة التي يمتلكها بعض المشاركين القادمين من البلدان الأفريقية (مثل: الجزائر، وتشاد، ومصر، وإثيوبيا، ومالي، والمغرب، والنيجر، ونيجيريا، والسودان).
استفادت الدورة التدريبية، كذلك، من الزيارات التي قام بها المشاركون إلى مراكز هامة لصيانة التراث الإسلامي في المغرب، هي:
المكتبة الوطنية في الرباط، والمكتبة الحَسَنية في القصر الملكي، ومكتبة القرويين في فاس. منحت هذه الزيارات للمشاركين فرصة جيدة لفحص عدد من المخطوطات النادرة ولمعرفة الخطوات التي اتخذها القيّمون على المكتبتين في حقل فهرسة المخطوطات وصيانتها. كما اغتنم المشاركون، أثناء هذه الزيارات، فرصة التعرف على المعالم التاريخية للحضارة الإسلامية في المغرب.
حضر حفل الاختتام الدكتور عبد العزيز طوري (الأمين العام لوزارة الثقافة والإعلام المغربية)، والدكتور أحمد التّوفيق (مدير المكتبة الوطنية)، وسفراء، وأساتذة جامعات، ومفكرون، وأعيان، من بينهم الدكتور أحمد شوقي بنبين، مدير المكتبة الحسنية.
بعد حديث الدكتور أحمد التوفيق عن الدورة، تكلم الدكتور عبد العزيز طورى معبراً عن امتنانه للشيخ أحمد زكي يماني، وإعجابه بمؤسسة الفرقان ودورها النشيط في مسح المخطوطات وفهرستها، وفي تنظيم برامج أكاديمية وعقد مؤتمرات. وأضاف أن المكتبة الوطنية في الرباط كانت خياراً مناسباً للمكان بسبب الاهتمام الذي توليه المغرب لصيانة المخطوطات وفهرستها. وقال الدكتور طوري إن وزارته ترحب بالتعاون بين مؤسسة الفرقان والمملكة المغربية.
أكد معالي الشيخ أحمد زكي يماني، في كلمة الشكر التي ألقاها، على أهمية حفظ المخطوطات وفهرستها، معلناً أن الفرقان قد أطلقت حملة مسح للمخطوطات الإسلامية في 106 من بلدان العالم. واستطاعت مؤسسة الفرقان تحديد مواقع هذه المخطوطات، وتحديد موضوعاتها واللغات التي كتبت بها، ونشرت هذه المعلومات في عدد من المجلدات، باللغة الانكليزية أولاً، ومن ثم باللغة العربية.
إن إلقاء الضوء على هذا الكنز المدفون من المخطوطات الإسلامية، التي لولا ذلك، لغارت في عالم النسيان، قد تطلب إجراءات معينة: مثل الفهرسة، والصيانة، والترميم والتجديد، والتصوير، والتحقيق، والنشر. واجهتنا مشكلة صعوبة العثور على المفهرسين. فهم قلة قليلة وكان عددهم يتناقص باستمرار. فشعرنا أن علينا القيام بعمل ما تجاه ذلك. فأطلقنا دوراتنا التدريبية. بدأنا بالقاهرة، وانتقلنا، بعدها، إلى اسطنبول، عاصمة الخلافة العثمانية، ومن ثم إلى لندن حيث توجد مقرات المؤسسة. وإنه ليسرنا ويشرفنا المجيء إلى الرباط الحبيبة، إلى بلد اشتهر بالمعرفة والتعلم. ما من كلمات شكر بقادرة على التعبير عن امتناننا للاستقبال الحار والضيافة الكريمة التي أحاطتنا بها المكتبة الوطنية. وقال معالي الشيخ أحمد زكي يماني، جزى الله أعمالهم الطيبة خيراً.
اختتم الشيخ يماني كلمته بالتعبير عن شكره من أعماق قلبه للمكتبة الوطنية وللمحاضرين والطلبة الذين التحقوا بالدورة، وللمغرب على ضيافتها الكريمة وترحيبها الحار الذي حظيت به الفرقان.
حققت الدورة التدريبية غالبية أهدافها المنشودة، وفي مقدمتها توجيه جهود الباحثين، ولفت نظرهم إلى المخطوطات العربية الإسلامية؛ وتنظيم جهودهم في مجال المسح، والصيانة، والتصنيف والفهرسة.
كانت الدورة جيدة التنظيم. ولعبت المكتبة الوطنية للكتب والوثائق دوراً هاماً في تقديم المساعدة إلى الفرقان والتي اتسمت جهودهم بدفء الاستقبال وكرم الضيافة، وهما سمتان يتميز بهما الشعب المغربي.
وبعد انجاز الدورة التدريبية قدم المشاركون توصيات إلى الفرقان، وهي:
- وجوب استمرار سلسلة الدورات هذه، وذلك بتنظيم دورة تدريبية خامسة على فهرسة المخطوطات وتصنيفها.
- إقامة جمعية للمشاركين في الدورة بهدف التعاون وتبادل الخبرات في مجال الفهرسة والصيانة. ينبغي أن تكون الجمعية برعاية مؤسسة الفرقان.
- نشر وقائع هذه الدورة في مجلد واحد ليستفيد منها المفهرسون كلهم في العالم الإسلامي.
- إعطاء أولوية إلى حفظ المخطوطات وصيانتها قبل الفهرسة وبعدها.
- إيلاء اهتمام أكبر للحوامل المادية للمخطوطات، وبالتالي الاعتراف بأهميتها بوصفها جزءاً من تراث المخطوطات.
- وضع خطة موحدة لفهرسة المخطوطات العربية الإسلامية في أفريقيا.
- إنشاء قاعدة بيانات موحدة للفهرسة الآلية وتنظيم دورات تدريبية تطبيقية على ذلك.
- إنشاء قاعدة بيانات لغة عربية موحدة للمساعدة في فهرسة المخطوطات العربية الإسلامية (شبيهة بنظام ديوي للتصنيف).
- تزويد بعض المراكز بمصادر ومراجع أساسية للفهرسة.
تلقت الفرقان، بعد إنجاز الدورة، رسائل شكر من معظم المشاركين والمحاضرين. وأثنى مصطفى الطوبي في كلمته نيابة عن المشاركين على مؤسسة الفرقان ورئيسها الشيخ أحمد زكي يماني، وعلى المكتبة الوطنية وجميع الذين ساهموا في إنجاح الدورة التدريبية من محاضرين ومنظمين على حد سواء.
تلقى الشيخ أحمد زكي يماني، أيضاً، هدية رمزية، هي لوحة تمثل "الحلية الشريفة" كتبها لأول مرّة بالخط المغربي الخطاط المغربي المشهور حميدي بلعيد. أقامت مؤسسة الفرقان، بعد ذلك، حفل استقبال على شرف المحاضرين، والمشاركين والموظفين في المكتبة الوطنية.