في إطار نشاطها الدؤوب منذ ربع قرن من الزمان، تواصل مؤسسة الفرقان للتراث الاسلامي في تحقيق مشاريعها الكبيرة في خدمة التراث الإسلامي، حيث نظّم مركز دراسات المخطوطات الإسلاميّة بلندن يومي الثلاثاء 23 والأربعاء 24 محرم 1435 هـ الموافق لـ26 و27 نوفمبر 2013، بمقرّ مؤسّسة الفرقان بلندن، المؤتمر السادس في تحقيق المخطوطات الإسلاميّة، تحت عنوان: «تحقيق المخطوطات الإسلاميّة في مجال العلوم الاجتماعيّة والإنسانيّة"».
وقد سبق للمؤسسة أن نظّمت خمسة مؤتمرات حول أهميّة المخطوطات الإسلامية، ودراسة المخطوطات الإسلامية بين اعتبارات المادة والبشر، وصيانة وحفظ المخطوطات الإسلامية، وتحقيق مخطوطات العلوم في التراث الإسلامي، وعلوم الأرض في المخطوطات الإسلامية.
وفي صبيحة يوم الثلاثاء 26 نوفمبر، افتتح المؤتمر بكلمة لمعالي الأستاذ الدكتور أكمل الدين إحسان أوغلو، باسم إدارة مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، عبّر في مستهلها عن شكره للمؤسسة عن تنظيم هذا المؤتمر المهم، وترحيبه بالسادة الحضور: من أساتذة ومشاركين وضيوف، ثم أسهب في شرحه بالتعريف بمؤسسة الفرقان والهدف الذي من أجله أنشئت، وأهم النشاطات التي تقوم بها من فهرسة وتنظيم دورات ومؤتمرات ومحاضرات ونشر للكتب، ثم لفت الأنظار إلى أهميّة مثل هذه المؤتمرات، والهدف من وراء تنظيمها، وتتمثّل في الاهتمام بذاكرة الأمّة ذات حضارة مترامية الأطراف زمانا ومكانا، كما تتمثّل في استنهاضِ الهممِ وتنمية الوعي المعرفي، والتعريف بأهمية المخطوطات الإسلامية من الناحيةِ العلميةِ والتاريخية، وما تحمله من كنوزٍ مثمرة، وضرورة تأهيل جيلٍ جديد من الباحثين المتخصصين في علم المخطوطات، قادرين على خوضِ غمارِه، بحثًا ودراسةً وتحقيقًا.
تلاه الأستاذ صالح شهسواري، مدير المؤسسة، الذي رحب بدوره بالحضور، ونبّه من جهته على أهمية تنظيم هذه المؤتمرات، والتي هي حلقة في سلسلة تهدف إلى نشر الوعي بأهميّة تراثنا الحضاري.
وشارك في أعمال هذا المؤتمر حوالي 60 شخص من ذوي الكفاءات والخبرات العلميّة العالية من مختلف الاختصاصات من الجامعات والمؤسسات التراثية في بريطانيا. وقام بالتدريس فيها حشد من كبار العلماء والمحقّقين من أنحاء العالم، الذين قدّموا بحوثا ودراسات تناولوا فيها واقع وتطلّعات حركة تحقيق المخطوطات الإسلامية في مجال العلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة وغيرها، من بينهم العلماء الأعلام: الأستاذ الدكتور عبد الله يوسف الغنيم، والأستاذ الدكتور بشّار عواد معروف، والأستاذ الدكتور إبراهيم شبّوح، والأستاذ الدكتور أحمد شوقي بنبين، والأستاذ الدكتور عبد الحميد مدكور، والأستاذ الدكتور أيمن فؤاد سيد، والأستاذ الدكتور محمد السيّد الجليند، والأستاذ الدكتور مارون عواد، والأستاذ الدكتور أنس كاريتش، و الدكتور خالد زهري.
عالجت أوراق المؤتمر كل ما يتعلّق بتحقيق المخطوطات الإسلاميّة في مجال العلوم الاجتماعيّة والإنسانيّة من تحقيق جديد لكتاب "معجم ما استعجم" لأبي عبيد البكري، وتصنيف حقب التاريخ الإسلامي عند ابن خلدون ومسائل أخرى، وتحقيق مخطوطات التصوف: كتاب الفتوحات المكية نموذجًا، ودراسة تأصيلية عن فن تحقيق التراث: رسالتا الإمام الأشعري والغزالي نموذجاً، والأخطاء الواردة في تحقيق كتب علم الكلام وأصنافها، ومناهج تحقيق مخطوطات العلوم الإنسانية، وإعادة بناء النصوص القديمة الضائعة في مصادر التاريخ المصري، ومنهجية تحقيق المخطوطات العربيّة والسريانيّة في البحر الأبيض المتوسط، والكوديكولوجيا: خطوة أولى وعنصرًا أساسًا في عملية التحقيق العلمي، وتحقيق المخطوطات الإسلامية في العلوم الاجتماعية والإنسانية في البوسنة والهرسك.
وقد تميّزت جلسات المؤتمر بجديّتها ورصانة طروحاتها، وكان لرؤساء الجلسات دورهم الكبير في إِضفاء الروح العالية من التفاعل وفي إِذكاء نقاش ذي مستوى رفيع
اختتمت أعمال المؤتمر بجلسة حوار مفتوح مع الحضور، أجاب فيه مجموعة من السّادة المحاضرين عن انشغالات المشاركين، وساهم فيها - الى جانب المحاضرين الافاضل-جمهور كريم من المثقّفين والمتخصّصين بتحقيق التراث الذين حضروا جلسات المؤتمر، وقد قدّمت توصيات عديدة تقرر رفعها الى مسؤولي المؤسسة. وأعلن مدير المؤسسة الأستاذ صالح شهسواري عن انتهاء أشغال المؤتمر بكلمة عبّر فيها عن شكر المؤسسة الحضور والأستاذة المحاضرين، وللمجهودات التي بذلوها لإنجاح هذا المؤتمر، كما اطّلعهم على كل المشاريع المستقبلية التي تنوي المؤسسة تنفيذها في السنة المقبلة.
عبّر المشاركون في المؤتمر عن فرحتهم بهذه المشاركة، وتمنّوا للمؤسسة المزيد من التقدم والعطاء في خدمة العلم والمعرفة.
