نظّم مركز دراسات المخطوطات الإسلامية بمؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، بالتعاون مع فنداثيون خينيرال لـجامعة كومبلوتنسي في مدريد، الدورة التدريبية الرابعة بعنوان "علم المخطوط العربي: التراث الإسلامي المخطوط في مجموعة الإسكوريال". وقد انعقدت الدورة التدريبية في الفترة من 3 إلى 7 يوليو 2017م، بـسان لورنزو دي الإسكوريال (الواقعة 45 كيلومتر شمال غرب العاصمة مدريد)، في إطار الدورات الصيفية لـجامعة كومبلوتنسي.
وقد اختير لحضور الدورة ثمانية عشر مشاركاً من بلدان مختلفة (منها الجزائر وبلجيكا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والأردن وماليزيا وهولندا وإستونيا وسوريا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وكولومبيا)، من ذوي التخصصات العلمية المتنوعة المتعلقة بالمخطوطات الإسلامية. كان المشاركون من طلاب الدكتوراة في إطار موضوع الدورة، ومن بينهم باحثين ومحاضرين في اللغة العربية والفارسية وأساتذة مساعدين، بالإضافة إلى طالبيْن من مرحلة الماجستير.
قام بالتدريس هذا العام الأستاذ الدكتور فرانسوا ديروش، والأستاذة الدكتورة نوريا مارتينيز- دي- كاستييا مونيوث (مديرة الدورة كذلك). وقد تم تقسيم فعاليات الدورة إلى شق نظري وشق عملي؛ في شقها النظري تم استعراض مدخل عام إلى علم المخطوطات الإسلامية، مع التركيز على العناصر الأولية للمخطوط، بما في ذلك مادة المخطوط (إن كان من الورق، أو الرق، أو البردي)، نوع التجليد، تنظيم الكراسات والصفحات في المخطوط، وكذلك أنواع الخطوط والعناصر الرئيسية خارج النص، ومن ضمنها صفحة العنوان، وحرد المتن، والتقاييد التوثيقية.
وقد تضمنت الجلسات العملية تحليل وتوصيف مخطوطات عربية مختارة من ضمن مجموعة مخطوطات المكتبة الملكية في دير سان لورنزو بالإسكوريال، وهي من أهم مجموعات المخطوطات العربية في أوروبا، وأكبرها على التراب الإسباني. وقد أعطي المشاركون حرية العمل ضمن مجموعات في الجلسات النظرية والعملية. ففي الجلسات العملية تم تمكين المشاركين من التعامل المباشر مع المخطوطات حيث قاموا بتحليلها ومن ثم تطبيق ما تمت دراسته في الجلسات النظرية. وقد تضمنت: فهم مكوناتالكراس المخطوط، والنظر في حوامل الكتابة من الرق والورق، والفروق بين الورق الغربي وغيره، الخ. وقد تطرقت الجلسات الى الأمدة وتنظيم المخطوطات، وتقديم الأمثلة في كل من الجلسات النظرية والعملية. وقد تم تناول علم تطور الخطوط بإسهاب، والتعريف بالتجليد العربي وتتبع المجلدين وهم يباشرون عملهم. وقد اختتمت فعاليات الدورة بجلسة حول تاريخ المخطوطات.
انطلقت أعمال الدورة صبيحة يوم الاثنين، 3 يوليو 2017، بكلمات ترحيب من مديرة الدورة، الأستاذة الدكتورة نوريا مارتينيز- دي- كاستييا مونيوث، تلاها السيد كارلوس ليو روكا، منسّق الدورة، ثم ممثلة مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي الأستاذة كريمة ابن عائشة، رئيسة قسم المكتبة وقاعدة البيانات، التي إستهلت كلمتها بشكر المشاركين، ثم قدمت عرضاً مختصراً لمشاريع ولأنشطة المؤسسة الرئيسية.
ألقت المحاضرة الأولى الأستاذة الدكتورة نوريا مارتينيز- دي- كاستييا مونيوث، حيث استعرضت تاريخ مجموعة المخطوطات العربية بالمكتبة الملكية في دير سان لورنزو بالإسكوريال. ثم تلاها مدير المكتبة الملكية، السيد خوسيه لويس ديل بايي ميرينو، بتعليقات عامة على مجموعة المخطوطات الكاملة بالمكتبة الملكية. ثم واصل الأستاذ الدكتور فرانسوا ديروش بمحاضرة حول حوامل الكتابة (الرق والورق). وقد انتهى اليوم الأول بعرض، عنوانه "بوابة مكتبة الفرقان الرقمية: مجموعات المخطوطات الإسلامية، الفهارس، وموارد التراث المكتوب حول العالم"، قدمته الأستاذة كريمة ابن عائشة.
جرت أعمال الدورة في المكتبة العامة بسان لورنزو، بينما تمت الجلسات العملية التطبيقية بمكتبة الإسكوريال. وقد دعي المشاركون إلى زيارة الدير الملكي بسان لورنزو بالإسكوريال، والذي بدأت أعمال بنائه في 1563م، وانتهت في 1584م. وقد بدأ إنشاء الدير بأمر الملك فيليب الثاني، الذي رغب في أن يكون البناء متعدد الأغراض، وكضريح لأبيه، إمبراطور روما المقدس شارلس الخامس. وقد تمت زيارة أخرى لقاعة مكتبة الإسكوريال، التي بنيت في 1592م، المعروفة بزخرفتها الداخلية من أعمال مشاهير فناني القرنين السادس عشر والسابع عشر الميلاديين من الأسبان والطليان.
اختتمت أعمال الدورة يوم الجمعة 7 يوليو بتوزيع الشهادات على المشاركين، وكلمات لكل من الأستاذة الدكتورة نوريا مارتينيز دي كاستيا، والأستاذة كريمة ابن عائشة، اللتين شكرتا الحضور لمشاركتهم الفعّالة في الدورة وتبادلهم للخبرات، بوصفهم باحثين في مجال التراث الإسلامي المكتوب.