التعقيد العجيب: مكانة "صفحات السجاد" في الفن الإسلامي

شارك:

نظمت مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، يوم الأربعاء 22 مايو 2024، محاضرة بعنوان "التعقيد العجيب: مكانة 'صفحات السجاد' في الفن الإسلامي"، ألقاها الدكتور أمبرتو بونجيانينو (Dr Umberto Bongianino)، محاضر في قسم الفن الإسلامي والعمارة بمركز أبحاث الخليلي بجامعة أكسفورد.

مصطلح "صفحات السجاد" يشير الى الصفحات التي تحتوي على تصميمات منقوشة معقدة وغير تصويرية في المخطوطات المضيئة.

قبل بدء المحاضرة، قدم السيد صالح شهسواري، المدير التنفيذي لمؤسسة الفرقان، تعريفاً موجزاً عن المحاضر، الذي تركز أبحاثه على الثقافات المادية، والتقاليد والممارسات الكتابية في الأندلس والمغرب. تحمل دراسة الدكتور بونجيانينو - المنشورة مؤخرًا - عنوان "تقليد المخطوطات في الغرب الإسلامي: المخطوطات المغربية المستديرة والهوية الأندلسية" (مطبعة جامعة إدنبرة، 2022).

وتأتي المحاضرة، التي أقيمت في مقر المؤسسة بلندن، ضمن سلسلة محاضرات الفرقان حول التراث الإسلامي. وذكر السيد شهسواري إن المحاضرات السابقة كانت قد تناولت "جوانب أخرى من التراث الإسلامي، مثل الجوانب الجمالية المختلفة الموجودة في المخطوطات الإسلامية، بما في ذلك مخطوطات القرآن الكريم... وكذلك الجوانب الفنية الأخرى الموجودة في مختلف المواد الملموسة لهذا التراث الإسلامي الغني والمتنوع". 

السيد شرف يماني، رئيس مجلس ادارة مؤسسة الفرقان

وفي كلمته الافتتاحية، رحب السيد شرف يماني، رئيس مجلس ادارة مؤسسة الفرقان، بالمحاضر والحضور، مشيراً إلى أن المحاضرة هي "فرصة نادرة لتعزيز فهمنا للجمال الراقي المتأصل في الفن الإسلامي".

وقال السيد يماني إن مؤسسة الفرقان "أدركت منذ فترة طويلة الدور المحوري الذي تلعبه الدراسات القرآنية في إثراء فهمنا للتراث الإسلامي الثقافي". وأضاف: "لقد خصصنا على مر السنين العديد من المقالات والمطبوعات والدورات التدريبية والمؤتمرات لاستكشاف جوانب القرآن المتعددة. وتواصل هذه المحاضرة هذا الالتزام، وتعزز مهمتنا في التعمق في الطبقات التاريخية والفنية والروحية للعلوم الإسلامية."

وفي معرض تناوله لموضوع المحاضرة ، قال السيد يماني إن ما يسمى "صفحات السجاد" الإسلامي "تقوم بما هو أكثر بكثير من مجرد ملئ الفراغات الموجودة في الصفحات. إنها أكثر من مجرد فن"، إذ يعتقد الكثيرون أنها تعكس التصميم الإلهي.

في بداية محاضرته، سلط الدكتور بونجيانينو الضوء على التحديات التي يواجهها مؤرخو الفن الإسلامي وهم يكدحون من أجل العثور على "مصادر مكتوبة تذكر - ناهيك عن مناقشة - الإضاءة القرآنية". وأضاف الدكتور بونجيانينو أن "الأطروحات الفنية التي لا تزال باقية تخبرنا بكيفية وضع أوراق الذهب، وكيفية صنع أنواع مختلفة من الحبر الذهبي، والأصباغ الملونة الأخرى، لكنها صامتة بشأن الأنواع والدوافع والأنماط المستخدمة في الزخرفة. . . وصامتة بشأن الجمالية والمعنى المقصود."

ومع ذلك، اضاف الدكتور بونجيانينو، إنه من خلال فحص الأعمال الفنية، نحن نسعى إلى فهم نوايا الفنانين و"ردود الفعل التي أرادوا أن يثيروها لدى المتلقي عندما يشاهد هذا الفن".

عرض المحاضر أمثلة من هذه الأعمال الفنية في المخطوطات وكذلك اللوحات الجدارية، وقال إنه "في بعض الأحيان تتخلل هذه الأنماط دعاء إلى الله... يبدو أن هذه النقوش تكشف عن الرغبة في نقل الفكرة الأساسية عن الله، باعتباره الملهم الجمالي الأهم، خالق الجمال والمتعة والنظام، كما يذكر اسمه كجزء من زخرفة المنزل." 

واستشهد الدكتور بونجيانينو بمفهوم ابن الهيثم للنقش، والذي يعتقد المحاضر أنه مفيد لنا "لفهم هدف الزخرفة الأندلسية" - أي "خلق النظام والتناغم من مجموعة مذهلة من الأشكال والألوان والأنسجة المختلفة من أجل صنع الجمال وجلب السرور في عين الناظر".

كما استشهد المحاضر بآراء المصادر الإسلامية الأخرى في العصور الوسطى التي تناولت مختلف الحرف الإسلامية، من أجل فهم المبادئ الجمالية التي تقوم عليها الإضاءة القرآنية.

يرى الدكتور بونجيانينو أن التقارب الوثيق بين اعمال فناني العصور الوسطى، ونحاتي الجص والخشب، وفئات أخرى من الحرفيين، لا يمكن إنكاره، مضيفًا أنه يجب التعامل مع كل هذه التعابير البصرية من خلال عدسة تفسيرية مشتركة.

سعى المحاضر إلى إثبات إمكانية تطبيق المفاهيم الجمالية المرتبطة عمومًا بالوسائط الأخرى - مثل التألق والكمال والتعقيد والإفتتان ومجموعة من التشبيهات الطبيعية والخارقة للطبيعة - على رؤية المخطوطات المضيئة.

واختتمت المحاضرة بجلسة أسئلة وأجوبة حيوية.

Back to Top