الملخص
تكتسي هذه المحاضرة الماتعة أهميّة كبيرة، يجد فيها القارئ الكريم مقاربات مهمّة ومحاولات تجديدية ونظرات جادّة حول موضوع التديّن الرشيد وصور الانحراف عن الرُشد. حيث أشبع الدكتور عصام البشير محاضرته بحثًا، وخاض عبابَها درساً، أخذاً وردّاً، ونقداً واجتهاداً، كما أسهب في شرح جوانب التديّن الرشيد ومواصفاته وخصائصه، فيصفه بأنّه: تديّنٌ متوازنٌ وسطيٌ ربانيٌ لا غلوَ فيه ولا تقصيرًا، شموليٌّ لحياة البشر، مُتَماهٍ مع وسطية التشريع، منسجمٌ مع الفطرة، متناغمٌ معها؛ تديّنٌ يصنع الحياة، قائمٌ على آداب الإنجاز والفاعلية والتنزيل، يُراعي المرحلية والتدرّج، وسنن الله في الكون والمجتمع؛ ويتميّز بالإيجابية، لكونه يبني ولا يهدّم، معايشٌ للحاضر، مستشرفٌ للمستقبل، منتفعٌ بكلّ قديمٍ صالحٍ، ومرحبٌ بكلّ جديدٍ نافعٍ، مُيسّر بالفتوى، مُبشر بالدعوة، منفتحٌ على الحضارات دون ذوبان؛ ينهض بواقع الأمّة من عالم الوجود العادل إلى عالم الشهود الفاعل، من خلال العقيدة الموافقة للفطرة، والعبادة الدافعة للعمارة، والعقل المهتدي بالوحي، والعلم المرتبط بالإيمان، والأخلاق المترقية بالإنسان، والجسد الممدود بالروح، والأسرة التي تصون الفرد، والتشريع المحقّق للمصلحة.
ثم يعرج المحاضر على شرح أنماط الانحرافات العشرة على مستوى التّديّن، فهمًا وممارسةً، وتعبُّدًا وتبليغًا، وهي: التّديّن المغشوش، والتّديّن المنقوص، والتّديّن الانتقائي، والتّديّن المغيَّب، والتّديّن المعكوس، والتّديّن الشكلي أو تديّن المظاهر والصور، والتّديّن الاشتجاري (الذي يعيش في أجواء الخلاف)، والتّديّن الانتحاري (الذي يبدأ بالتكفير وينتهي بالتفجير)، والتّديّن الانبهاري، والتّديّن الانسحابي، والتّديّن الانهزامي.
ويختتم الدكتور عصام محاضرته مؤكّدًا على أنّ الخروج عن التديّن الرشيد الحقّ هو تشويهٌ لصورة الإسلام، لأنّ القرآنَ الكريمَ لا يستعيد مكانته المحورية في نفوسنا، ولا يؤثّر فيها التأثير الشامل العميق المتوازن الفعّال، إلّا إذا تمكنّا من استخلاص هذه الخريطة السننية الكونية الكليّة التي يرسمها للحياة البشرية، وتفاعلنا معها بشكل شاملٍ وعميقٍ ومتوازنٍ، وضبطنا حياتنا كلَّها على ضوء متطلّباتها.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.