الجائزة الخاصة بالتراث العلمي العربي والإسلامي لعام 2009
المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار
أيمن فؤاد سيّد
أعلنت مؤسسة الكويت للتقدم العلمي - تحت رعاية رئيس مجلس إدارتها، سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر - عن فوز الأستاذ الدكتور أيمن فؤاد سيّد بالجائزة الخاصة بالتراث العلمي العربي والإسلامي لعام 2009، وذلك عن تحقيقه كتاب المقريزي الرائد «المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار» (الطبعة الأولى)، والذي نشرته مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، في خمسة مجلدات.
ويعدّ كتاب المواعظ والاعتبار في ذِكر الخطط والآثار للمقريزي، أحد مفاخر التراث العربي، وأهم مصادر تاريخ مصر الإسلامية، وآثارها.
قام الدكتور أيمن فؤاد سيّد بعمل علميّ رصين، في تحقيق هذا الإنجاز العظيم، حيث اعتمد على أقدم نسخة وأهمها، المنقولة عن خط المؤلف، مضيفًا إليها شروحًا وتعليقات مهمة، بناءً على ما ظهر من نصوص ودراسات متخصصة؛ كما ربط أجزاء الكتاب بعضها ببعض، وخرّج معلوماته من مصادرها الأصلية، وأضاف صورًا ومخططات لمعالم المدينة الفاطمية، مع خرائط توضح نموّها، منذ نشأة الفسطاط، وحتى استيلاء الأيوبيين على الحكم؛ هذا، فضلاً عن إضافته صورًا ومخططات وخرائط لمعالم القاهرة المملوكية، توضح تطور نمو المدينة، خاصة بعد أن أنشأ الأيوبيون قلعة الجبل، التي أصبحت منذ العصر المملوكي مقرًّا للحكم في مصر، وظلت كذلك لعدة قرون.
استهل الدكتور أيمن مقدمته الضافية للكتاب بعرض أهمية الخطط، ومؤلفه، وعدد نسخه الكبير في مكتبات العالم، وعناية المستشرقين والعرب به على السواء، وما قام حوله من دراسات، وما حظي به الكتاب من نشرات عديدة وترجمات، موضحًا -في خلال ذلك- حاجة الكتاب إلى نشرة علمية موثّقة.
عرض المحقق للموضوعات التي تناولها المقريزي في الخطط، خاصة ما يتعلق مباشرة بالخطط، من حارات ودروب وأزقة، كما رصد عدد الحارات في القاهرة - على سبيل الاستنباط والترجيح - من خلال المصادر بصفة عامة، وخطط المقريزي بصفة خاصة، كما استطاع المحقق أن يضع لنا وصفًا مفصّلاً لشكل الحارة، وتقسيمها الجغرافي والعمراني من الداخل.
وأفرد المحقق مبحثًا لمناقشة زمن تأليف الخطط، ذهب فيه إلى تأليفه، بعد الأزمة التي اجتاحت مصر في نهاية العقد الأول من القرن التاسع الهجري.
ومن جانب آخر، أفرد المحقق مصادر المقريزي في الخطط بدراسة علمية دقيقة، عرض فيها لمنهج المقريزي في النقل عن مصادره، فضلاً عن منهج مصادره، وترتيبها، وطبيعتها، ونشراتها، والدراسات التي قامت حولها، إضافة لتوضيح المحقق لقيمة وأهمية نُقول المقريزي عن المصادر المفقودة التي أصبح المقريزي مصدرها الوحيد.
كما يستطيع المطالع التوقف عند عرض المحقق لمخطوطات الكتاب، بصفة عامة، والنُّسَخ التي اعتمدها في نشر المجلدات التي أخرجها، بصفة خاصة، ليتبيّن عرضه الدقيق والمفصّل لها.
ومن مظاهر الدقة العلمية، التزام المحقق في توصيفه الكوديكولوجي الدقيق للنسخ، بالنص على المصطلحات الخاصة بعلم المخطوطات.