خليفة بن أبي الفرج بن محمد الزمزمي الشافعي، تحقيق عبد الرحمن بن سليمان المزيني
قال الفكاهي1: حدثنا عبد الله بن عمران المخزومي، قال: حدثنا2 الإمام علي ابن أبي طالب كرم الله وجهه، ورضي عنه، قال استأذن إبراهيم (نبي الله)3 عليه الصلاة والسلام امرأته سارة في جاريتها هاجر4، وقيل: آجر بالهمزة والمد، وهي قبطية على الأصح5، وقيل: إنها جُرهمية6 حكاه النووي7 في التهذيب8.
وكانت للجبار الذي يسكن عين الجر – بجيم مفتوحة وراء مشددة، كذا قاله الحازمي9، التي بقرب بعلبك10، وقيل: كان على مصر ذكره السهيلي11، فوهبها لسارة امرأة إبراهيم عليه السلام فاستأذنها إبراهيم في وطئها فأذنت له – وقالت: نعم، على أن لا تسوءني، قال: نعم، فأطاف عليها، فولدت له إسماعيل، فبينما12 هو يوماً جالساً استبق إسماعيل وإسحاق إليه، فكان السابق إسماعيل، فأجلسه في حجره، واللاحق إسحاق، فأجلسه عن يمينه، وسارة من فوق البيت تنظر ما صنع إبراهيم، فلما دخل البيت قالت: قد ساءني ما صنعت، فأخرجه وأمه عني، فأخذهما وانطلق بهما على البراق حتى نزل بها مكة، وترك عندهما شيئاً من طعام وشراب قليلاً، وقال لهما: أرجعُ فآتيكما بطعام وشراب أيضاً، فأخذت [3/أ] هاجر بشوبه، وقالت13: يا إبراهيم إلى من تكلنا «هاهنا»14 ، قال: أكلكما إلى الله عز وجل. فانطلق وتركها، فنفد طعامهما وشرابُهما، فقالت: يا بني، توار15 عني حتى تموت ولا أراك أو أموت فلا تراني. فتوارى كل منهما عن صاحبه وقد أيقن بالموت، إذ نزل جبريل عليه السلام في صورة رجل، فقال لهاجر: مَن أنتِ؟ قالت: أنا أم ولد إبراهيم، قال: من هذا معك؟ قالت: ابنه إسماعيل، قال لها جبريل عليه السلام: إلى من وكلكُم إبراهيم حين ذهب، قالت: أمَّا والله لقد أخذت بثوبه، فقلت: إلى من تكلنا؟ فقال: (أكلكما)16 إلى الله، قال: (وكلكما)17 إلى كافٍ، ثم خط بأصبعه في الأرض ثم طولها فإذا الماء ينبع، وهي زمزم، قال: ادعي ابنك، فجعلت تدعوه بالعبرانية، فجاء وهو (ينجو)18 وقد كاد أن يموت، فأخذت (قرية عندها يابسة)19 فجعلت ترش الماء عليها تبلها، فقال لها جبريل: إنها ري20 ثم صعد جبريل عليه السلام، فجاء إبراهيم عليه السلام فقال: «جاءكم»21 أحد بعدي، قالت: نعم، (جاءنا)22 خير رجل في الناس فحدثته، فقال: إن (ذلك)23 جبريل عليه السلام، انتهى24.
وفي رواية عن سعيد بن ميسرة25عن أنس26 بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لما طردت هاجر أم إسماعيل سارة، ووضعها إبراهيم عليه السلام بمكة عطشت هاجر، فنزل عليها جبريل عليه السلام، فقال لها: من أنتِ؟ قالت: أنا أم ولد إبراهيم عليه السلام، قال: أعطشى27 أنتِ؟ قالت: نعم، فبحث الأرض بجناحيه فخرج الماء، فأكبت عليه هاجر تلملمه بالتراب لتشربه28، فلولا ذلك لكانت (عيناً)29جارية30. انتهى.
وقال الأزرقي31: حدثني جدي [3/ب] أبو محمد بن الوليد بن عقبة بن الأزرق بن عمرو بن الحارث الأزرقي32، قال أخبرني مسلم بن خالد33، قال: أنبأنا أبو خالد عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج34 قال: حدثنا35 حبر الأمة36 عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، قال: لما كان بين هاجر أم إسماعيل بن إبراهيم خليل الرحمن صلى الله عليهما وسلم وبين سارة ام إسحاق بن «إبراهيم»37 عليهما السلام ما كان من شدة الغيرة أقبل إبراهيم نبي الله بإسماعيل وأمه وهو يومئذٍ ولد صغير تُرضعه أمُّه حتى قدم «بهما»38 مكة، ومع أم إسماعيل شّنَّةٌ – بالشين المعجمة، أي: قربة فيها قليل ماء تشرب منها وتدرُّ على ابنها، وليس يومئذ بمكة أحد ولا ماء، فعمد (بهما)39 إلى دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد40.
فائدة41: قال النووي رضي الله عنه: الدوحة: هي الشجرة الكبيرة42. انتهى.
وفي رواية: بين البيت والصفا فوضعهما، ووضع عندهما جراباً فيه تمر وسقاء فيه ماء وليس معهما زاد غير ذاك، ثم قفا إبراهيم عليه السلام منطلقاً خارجاً على دابته، فاتبعت أم إسماعيل أثره حتى وافت إبراهيم بكداء43 فقالت له: يا إبراهيم، أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس به أنيس ولا غيره؟ وكررت عليه ذلك، وهو لا يلتفت إليها، فقالت (له)44: آلله أمرك بهذا، قال: نعم، قالت: إذاً لا يضيعنا عز وجل45.
وفي حديث الأزرقي عن البخاري قالت له: إلى من تتركنا؟ قال: إلى الله عز وجل، قالت: قد رضيت بالله، ثم رجعت وانطلق إبراهيم حتى (إذا)46 كان عند الثنية حيث لا يرونه استقبل بوجهه البيت ورفع يديه ودعا بهذه الدعوات التي ذكرها الله تعالى في كتابه العزيز حيث قال [4/أ]: ﴿رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ﴾ إلى قوله: ﴿يَشْكُرُونَ﴾47 قال: فرجعت أم إسماعيل تحمل ولدها حتى قعدت تحت الدوحة، فوضعت ابنها إلى جنبها، وتلفت شنُتها بشجرة من شجر مكة، وقعدت ترضع إسماعيل، وتشرب من ذلك الماء، ولبنها يدر على صبيها حتى (نَفِذَ)48 ماؤها وانقطع درها، وعطشت وعطش ابنها، وجاع واشتد جوعه وهي تنظر إليه (يتلوى)49 فخشيت أم إسماعيل أن يموت فيحزنها ذلك، فقالت: (لنفسها)50 لو تغيبت عنه حتى لا أرى موته، فانطلقت كراهة أن تنظر إليه، فوجدت الصفا51 أقرب جبل يليها، فارتفعت فيه وقامت عليه، ثم استقبلت الوادي تستوضح وتنظر إليه هل ترى أحداً بالوادي فلم تر أحداً، ثم نظرت إلى المروة52 فقالت: لو مشيت بين هذين الجبلين تعللاً حتى يموت ولا تراه، فهبطت من الصفا حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف ردائها ثم سعت سعي الإنسان المجهود حتى جاوزت الوادي، ثم أتت المروة فقامت عليها تنظر هل ترى أحداً، ففعلت ذلك ثلاث مرت أو اربعاً، لا تجيز53 ببطن الوادي إلا رملاً، أي مسرعة في مشيها، فعادت إلى الصفا كذلك تعللاً حتى يموت ولا تراه54، (قال في الجواهر55: ففعلت ذلك سبع مرات؛ فلذلك شرع السعي بينهما سبعاً)56. انتهى.
قلت: وهذا يدل على أن أول من سعى بين الصفا والمروة هاجر57.
قال الحافظ السيوطي58في أوائله59: أول من طاف بين الصفا والمروة هاجر أم إسماعيل، أخرجه ابن أبي شيبة60 [4/ب] عن ابن جبير61، وفي المستدرك62 عن ابن عباس رضي الله عنهما والخطيب63 في (تالي)64 التلخيص65عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه رآهم يطوفون بين الصفا والمروة، فقال: هذا مما أورثتكم أم إسماعيل66، انتهى.
فلما أشرفت على المروة سمعت صوتاً، ولم يكن في الوادي غيرها، فقالت: صه، تعني نفسها، ثم تسمَّعَت فسَمِعَتْ أيضاً، فقالت: أغثني إن كان عندك غواث. ولا ترى أحداً، فإذا هي بملك عند موضع زمزم، فبحث بعقبه أو بجناحه حتى ظهر الماء، فلما رأته حوَّطت عليه بالتراب من خوفها أن يسيل67، وصارت تغرف منه في سقائها وهو يفور بعد أن تغرف، فلو لم تفعل ذلك، لكان الماء جارياً. وفي حديث الأزرقي: فجعلت أم إسماعيل تحوضه بالتراب تردده، خشية أن يفوتها، وهو يفور بعد ما تغرف68.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: قال صلى الله عليه وسلم: »يرحم الله أم إسماعيل، لو تركت زمزم، أو قال: لو لم تغرف من الماء لكانت زمزم عنياً معيناً، فشربت وأسقت ودرت وأرضعت ولدها، فقال لها الملك: لا تخافي الضيعة؛ فإن ههنا يبني بيتاً لله عز وجل يبنيه هذا الغلام وابوه، وإن الله عز وجل لا يضيع أهله. فسرت بذلك واطمأنت69 . انتهى.
فائدة: قال السهيلي: «في تفجير الملك لها بعقبه إشارة إلى أنه وراثة لعقبه وهو محمد صلى الله عليه وسلم وأمته كما قال الله تعالى: ﴿وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ﴾70[5/أ] أي: في أمة محمد صلى الله عليه وسلم»71. وفي تفسير أبي البقاء ابن الضياء الحنفي72 نقلاً عن القرطبي73: لما أراد الله تأسيس الحال وتمهيد المقام74 وتعيين موضع البيت الحرام أرسل الملك، فبحث عن الماء وأقامه مقام الغذاء75. ففي الصحيح أن أبا ذر كان غذاؤه ثلاثين يوماً وليلة، حتى تكسرت عُكَن76 بطنه من السِّمَن77 انتهى78.
وقال أبو عبد الله الفربري79: حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري80، قال: حدثنا أحمد بن سعيد، قال: حدثنا وهب بن جرير، عن أبيه، عن أيوب، عن عبد الله بن سعيد بن جبير – بالجيم – عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «يرحم الله أم إسماعيل لولا أنها عجلت، لكان زمزم عيناً معيناً»81.
وفي حديث رواه سعيد بن المسيب82 قال: قدم إبراهيم بأم إسماعيل إلى مكة ومعها ابنها، وقال لها: كُلا من الشجر واشربا من الشعاب، فلما ضاقت بها الأرض وتقطعت المياه عطِشَا، وكاد أن يموت إسماعيل من العطش، فصعدت إلى جبل الصفا، فأنزل الله تعالى ملكاً من السماء، فمر بها، فصرخت به، فاستجاب لها، فطار الملك وضرب بجناحه مكان زمزم، وقال: اشربا. فكان سَيْحاً83 لو تركته ما زال كذلك84.
وروى الإمام عبيد الله بن عبد الله بن ياقوت الرومي الأصل الحموي الشافعي85 وأبو يحيى زكريا بن محمد بن محمود القزويني الشافعي86: أن إبراهيم عليه السلام لما وضع إسماعيل [5/ب] بموضع الكعبة وأراد الرجوع قالت له هاجر: إلى من تكلنا؟ قال: إلى الله، قالت: حسبي الله، فرجعت وأقامت عند ولدها حتى نفد ماؤها فأدركتها الحنية – أي: الشفقة على ولدها – فتركت إسماعيل بموضعه وارتقت على الصفا تنظر هل ترى أحداً أو شخصاً، فلم تر شيئاً، فدعت ربها واستسقته، ثم نزلت حتى أتت المروة، فدعت مثل ذلك، ثم سمعت أصوات السباع، فخشيت على ولدها، فأسرعت إلى نحو إسماعيل، فوجدته يفحص الماء بيديه من عين قد انفجرت من تحت خدّه، وقيل: من تحت عقبه. فلما أت هاجر الماء سُرَّت به، وجعلت تحوِّضه بالتراب لئلا يسيل فيذهب، ولو لم تفعل ذلك لكانت [عيناً]87 جارية88، وفيه قال الأديب ياقوت الحموي89:
وجَعَلَتْ تبني له الصّفائحا | لو تركته كان ماءً سائحا |
[قال المراكشي90 في «الروض الجامع»91][91] قال بعض أهل السير: وهذه أصح الروايات92. انتهى.
وقال الشيخ تقي الدين الفاسي93: أول من أظهر زمزم الأمين جبريل سقياً لإسماعيل عندما [ظمئ]94، ولو لم تُحوِّض عليه أم إسماعيل لكانت عيناً تجري95.
وذكر الفاكهي أن الخليل عليه السلام حفر زمزم بعد جبريل عليه السلام ثم غلبه عليها ذو القرنين96.
وأسند الفاكهي إلى وهب بن منبه97 قال: كان بطن مكة ليس فيها ماء، ولا لأحد فيها قرار حتى أنْبَطَ98 الله لإسماعيل زمزم، فعُمِّرَتْ مكة يومئذ، وسُكنِت لأجل الماء. وذكر أيضاً عن عثمان بن ساج99 وغيره أنها تُدعى100 سابق، وكانت وُطاءةً من جبريل لسقيا إسماعيل عليهما السلام، ثم حفرها إبراهيم بعد ذلك، [6/أ] وغلبه عليها ذو القرنين، ثم اعتذر له، وقال له: ليس عندي من ذلك خبر، ولم يخبرني أحد أن البئر بئر إبراهيم وردها عليه101.
ثم إن هاجر استمرت مقيمة عند زمزم مع ولدها إسماعيل، وإبراهيم يزورهما على البراق (في اليوم مرة. وقيل:)102 في الجمعة مرة، وقيل: في الشهر مرة، وقيل: في السنة مرة، [قال في المواهب103: وذكر سعد بن إبراهيم عن عامر بن سعيد104عن أبيه، قال: كان الخليل إبراهيم عليه الصلاة والسلام يزور هاجر في كل يوم من الشام على البراق شغفاً105 بها وقلة صبره عنها106، انتهى]107.
ولم تزل وحدها بمكة إلى أن مرت رُفقة من جُرهُم، فرأوا طائراً عائفاً على مكة، فقالوا: إن هذا الطائر ليدور على الماء [ونحن108 نعهد أن ليس بهذا الوادي ماء]109، فأرسلوا رسولاً، فرأى الماء فأخبرهم، فأقبلوا وأم إسماعيل عند الماء، فقالوا لها: أتأذنين لنا أن ننزل عندك؟ قالت: نعم، ولكن لا حق لكم في الماء110 فنزلوا وارسلوا إلى أهليهم، فنزلوا معهم حتى صاروا أهلَ أبياتٍ، وشبّ إسماعيل عليه السلام وتعلم العربية منهم، فزوجوه امرأة من نسائهم، ثم لم تلبث أم إسماعيل أن ماتت ولها من العمر تسعون سنة – [تقديم التاء – وإسماعيل حينئذ ابن عشرين سنة]111، قاله النووي قدس الله روحه في »التهذيب«: فدفنها في الحجر112، قاله القشيري113 في تفسيره114.انتهى.
فائدة: قال (العلامة)115 الخطيب116 في «الإقناع»117 كل الأنبياء من بعد إبراهيم عليه السلام من ولده إسحاق، وأما (ولده)118 إسماعيل لم يكن من نسله نبي إلا نبينا صلى الله عليه وسلم، قال محمد بن أبي بكر الرازي119: ولعل الحكمة في ذلك انفراده بالفضيلة؛ فهو أفضل الجميع عليهم الصلاة والسلام120. انتهى.
تنبيه أول: قال الفاسي في تاريخه «تحصيل المزام»121 : إسماعيل صلى الله عليه وسلم أول من ذُللت له الخيل العراب، [6/ب] وأول من ركب الخيل، وأول من تكلم بالعربية122.
وقال الفاكهي في الأوليات بمكة: وأول من أحدث الأرحية123 فطحن بها بمكة إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام124، انتهى.
قلت: وذلك من مزيد الكرامة له (لكرامة نبينا صلى الله عليه وسلم125)].126
[تنبيه ثان: قبر سيدنا إسماعيل نبي الله عليه السلام في الحجر127 أيضاً. قال المحب الطبري128 رحمة الله عليه لما سأله الشيخ إسماعيل الحضرمي129 نفع الله به عن مسائل منها ذلك، فأجاب أن البلاطة الخضراء وقبر إسماعيل، ويشير من رأسها إلى ناحية الركن (الغربي)130 مما يلي باب بني سهم ستة أشبار، فعند انتهائها يكون رأس إسماعيل عليه السلام131.
نقله القاضي جار الله بن ظهيرة في «تاريخه»]132: ثم مرت على زمزم الدهور، فغُبِيت133 ودُثِرَتْ134 بعد ذلك لاندراس موضعها135. وسبب ذلك – كما قاله136 الحافظ القسطلاني في »المواهب137«: استخفاف جرهم بحرمة الكعبة والحرم؛ [لأن الجرهمي عمرو بن الحارث138 لما أحدث قومه بحرم الله الحوادث، فقيض الله لهم من أخرجهم من مكة، فعمد عمرو على نفائس139، فجعلها في زمزم، وبالغ في طمها140 وفر إلى اليمن141 بقومه، فلم تزل زمزم من ذلك العهد مجهولة إلى أن رفعت عنها الحجب برؤيا منامٍ رآها عبد المطلب دلته على حفرها بأمارات عليها يأتي بيانها في الفصل الثاني إن شاء الله تعالى]142، فعُد ذلك من أعظم خصائص عبد المطلب.
قلت: قال (الكمال)143 الدميري في »شرحه على المنهاج144«: وكما دُفنت زمزم بالتراب [7/أ] سابقاً دُفنت بموتى بني آدم حتى امتلأت، وذلك في سنة ثلاثمائة »وسبعة145« عشر – بتقديم السين146 - والسبب لذلك شخص من ظلمة »القرامطة« اسمه: أبو طاهر سليمان بن الحسن القرمطي147 قبحه الله؛ فإنه دخل إلى هذه البلاد148 بنية الفساد، وحصل منه (من)149 الأذى (والقتل لأهلها وغيرهم)150 في يوم التروية ما عَمَّ من نهب حُجّاج بيت الله الحرام، وسفك مائهم، بحيث سال بها الوادي، وطرح بعض القتلى في بئر زمزم حتى امتلأت منهم وطمَّتُ151 ثم حفرها المطيع لله أبو القاسم، وقيل: أبو العباس الفضل بن المقتدر152 واستمر حفره153 إلى زمننا هذا154، وفي القصة مزيد بسط استكملها الفاسي في «تاريخه155»، وغيره، وليس هذا محله. والحمد لله على ذلك أولاً وآخراً وباطناً وظاهراً.
ملاحظة: نشر هذا النص في الكتاب التالي: كتاب نشر الأنفاس في فضائل زمزم وسقاية العباس 2009، مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، مركز دراسات مقاصد الشريعة الإسلامية، لندن، ص 41-62. يرجى الملاحظة بأن بعض الصور المستخدمة في هذه المقالة المنشورة على الموقع قد لا تكون جزءًا من نسخة المقالة المنشورة ضمن الكتاب المعني. |