اتجاهات جديدة في الصيانة الوقائية: ما الذي يمكن القيام به حول المناخ والطوارئ والآفات؟

شارك:

آن سيبرت

محتويات المقال:
ماذا، ولماذا، وكيف؟
مقدّمات أساسية لعمليات الحفظ
إدارة المخاطر التي تتعرّض لها المجموعات
إبطاء التدهور وتثبيت المجموعات
اختيار المواد من أجل القيام بالصيانة
تدريب موظفي الصيانة
ملاحظات ختامية
مراجع مختارة

منذ عهد قريب حدثت خسائر واسعة النطاق في المكتبات ودور السجلات أو الأرشيف، لاسيما في أوروبا الشرقية، وكذلك في أجزاء متعدّدة أخرى من العالم. وحدث ذلك بسبب الاضطرابات الداخلية والكوارث الطبيعية. وقد تركت هذه الكوارث أثرها على صعيد عالمي؛ وأصبحت حماية المجموعات المدونة المخطوطة من تلك المخاطر، والحيلولة دون وقوع الكوارث، من النشاطات الهامة في الوقاية والحفظ. كذلك فإن الحماية من أعمال التخريب المتعمد والضّياع تمثل إحدى هذه النشاطات. وما لم تعالج نواحي الضعف في أنظمة الأمن والحماية، فإنه لن يكون هناك معنى لأغلبية النشاطات الأخرى الهادفة إلى الحفاظ على التراث الوثائقي.

والمهمّة الرئيسية لمكتبة الكونغرس هي حماية مجموعاتها الضخمة التي لا تعوض، وحفظها وتسهيل الوصول إليها، وذلك لفائدة الكونغرس والجمهور وأهل العلم من الولايات المتحدة والعالم. أما مهمة مديرية الحفظ، فهي «الحفاظ على مجموعات مكتبة الكونغرس كافَّةً والعناية بها». وهذا التعريف للمهمة بأنها تشتمل كل المجموعات وليس التركيز على المجموعات «الخاصة» أو «النادرة»، تعريف جديد نسبيا، جاء نتيجة عملية تقييم لما كنّا نقوم به خلال العقود القليلة الماضية، وما تبقَّى من أجل القيام به، وكيفية تحقيق ذلك. وقد اشترك جميع الموظَّفين في العملية وأتيحت لهم الفرصة للتعبير بصوت مسموع عن آرائهم المبنية على ملاحظاتهم التي تحصّلت لهم أثناء الوقت الذي قضوه في التعامل مع هذه المجموعات في مكتبة الكونغرس. ويبقى أن نرى مدى إمكانية ذلك، في ذات الوقت الذي تتقلّص فيه الميزانية وتتزايد المجموعات، بما في ذلك الأنواع الجديدة المعقدة من الوسائل التي يتم تسجيل التاريخ النَّصي عليها، كالأقراص الصورية والتصاميم الإلكترونية العامة للكتب.

ماذا، ولماذا، وكيف؟

تتمثّل أفضل السُّبل المؤدية إلى الحفْظ، في معرفة مكوِّنات مفردات المجموعات، وسبب تدهور حالة كل مادة تدخل في تصنيعها. ومن المهم أن نتذكر أنّ جميع هذه المواد البوليمرية العضوية تحتوي في داخلها على بذور دمارها. وهناك عبارة كثيرًا ما تستخدم في المحافظة على الورق وهي «العَيْبُ المتأصّل». ويعني ذلك ببساطة وجود عامل هام من عوامل التدهور في المادة نفسها يشكل جزءًا لا يتجزأ من تركيبها. والمواد السيلولوزية والبروتينية مواد عضوية مما يعني أن لها عمرًا محدودًا. وأفضل ما يمكننا عمله هنا هو إبطاء عملية التدهور، الأمر الذي يمكننا القيام به بصورة لافتة للنظر. وقد جرى الحفاظ على النصوص وعلى الطرائق الثقافية بمختلف الطرق منذ بداية الاتصال بين البشر. وأظهرت لنا البيئات الطبيعية لبعض المناطق أساليب باستطاعتنا التعلم منها.

يجب أن تُسْحب من الاستعمال أي ورقة بلغت نهاية فترة عمرها المعتادة، أي أنها أصبحت تنكسر أو تتصدع إذا تم ثنْيها مرة واحدة، ومعنى ذلك أنه لا مندوحة عن تنفيذ مشروعات واسعة النطاق لإعادة نسخ تلك المواد على مواد أكثر ديمومة، مع استخدام الكثير من الموارد المحددّة لهذا الغرض.

مقدّمات أساسية لعمليات الحفظ

تتمثّل أولى المقدمات الأساسية لحفظ المجموعات الورقية في تطوير أسلوب سليم يأخذ في الحسبان شتّى عوامل التدهور، ومستوى المخاطر المحتمَل تسبّبها للمجموعات. وينطوي ذلك على دراسة الخَطَر المحتمل وقياسه نوعًا وكَمًا، بحيث يتم استخدام الموارد لمواجهة العوامل التي تنطوي على أكبر الاحتمالات في إلحاق الضرر بالمجموعة.

أما عوامل التدهور فهي:

  1. القوى المادية المباشرة ومفعولها الذي يمكن أن يكون تراكميا أو مؤد إلى كوارث.
  2. اللصوص والمخربون والمستخدمون الذين قد تكون أعمالهم مقصودة أو غير مقصودة.
  3. الحرائق.
  4. الماء.
  5. الآفات.
  6. الملوِّنات، بما فيها الغازات والسوائل والمواد الصلبة داخل البنايات أو خارجها.
  7. الإشعاع/الضوء، بما في ذلك الأشعة فوق البنفسجية والنّور غير الضروري.
  8. درجة الحرارة غير المناسبة، ويدخل فيها درجة الحرارة الأعلى مما ينبغي والأقل مما يجب، والتذبذبات الشديدة في الحرارة.
  9. الرطوبة النسبية غير الملائمة والمنطوية على الرطوبة الزائدة (الرطوبة النسبية التي تتجاوز 75 في المائة) والرطوبة النسبية التي تتجاوز الدرجة الحرجة أو تقل عنها، والتقلبات الكبيرة في الرطوبة النسبية.

القوى المادية والطبيعية والمباشرة والبشرية: يتعلق أول عاملين من عوامل التدهور بالتعامل أو التفاعل البشري مع المجموعات.

فللأشخاص الذين تتداول أيديهم المادة الأصلية كل يوم أثر كبير في الحفاظ على الأشياء. ويندرج ضمن هذه الفئة بالنسبة للمجموعات الورقيّة الأشخاص الذين يستخدمون المجموعات بصورة مشروعة، مثل: العلماء والقراء والمفهرسين والقيّمين وغيرهم، لكن دون أن يقوموا بذلك بصورة صحيحة أو عناية كافية. إن تدريب كل شخص تتناول يداه المواد النّصية، سواء في متحف أو دار أرشيف أو مكتبة، هو أحد النشاطات الرئيسية للمحافظة على هذه المواد.

ومن الأمور البالغة الأهمية إدخال النقاط الحساسة في الحفظ ضمن جميع النشاطات الروتينية للمؤسّسة المعنيّة، بما في ذلك التسجيل والمعالجة ونقل الأشياء والاستعمال البحثي والعرض.

ولعلّنا نحن كبشر أكثر عوامل التدهور نشاطا، ونكون في حالات كثيرة أشدّ تسبُّبًا في الخراب والإتلاف. وهناك أشياء ظلت دون أن تمسّها يد، فبقيت سليمة طيلة قرون، ليتمّ القضاء عليها بعد ذلك خلال عقد واحد من السنين بسبب الطريقة التي تعامل بها البشر معها. ويدخل ضمن هذا الضرب من التدخلات البشرية ما نقوم به من عمل كعاملين في الصيانة أو الترميم، عندما يحدث التعامل بإهمال أو بأسلوب لا يمكن تعديله. وحتى مع وجود أحسن النوايا فإن إجراء التجارب على المواد النّصية الأصلية يمثل خطرًا محتملاً كل الاحتمال في ضياع هذه المواد.

العوامل المؤديّة إلى الكوارث: إن تجنب الضياع أو الخسارة الناجمة عن الحرائق والماء أمر في غاية الأهمية بالنسبة للمجموعات الورقية أو البلاستيكية. كما أن الماء بكميات كبيرة يمثل كارثة في حالة المجموعات الورقية. وهناك مواد في المكتبات ودور الأرشيف لا يمكن استعادتها على حالتها الأولى كالورق المسقيّ بالنشا، وكاللوحات الزجاجية والصور السلبيّة والكتب المجلَّدة بالرِّق، وذلك إذا كانت مبتلة، شريطة أن تبدأ عملية الاستعادة فورًا على أيدي موظفين مدربين بُغْيَة استرداد أكبر قدر ممكن من المادة. وخلال مرور ثمان وأربعين ساعة على مجموعة كبيرة منقوعة بالماء، وفي حال وجود ظروف خارجية دافئة ورطبة، يمكن أن يبدأ التَّعفن في النمو، وسرعان ما قد يصبح الضرر خارجًا عن السيطرة وتحدث خسارة ملموسة. ولهذا يصبح من الأمور الملّحة وضع خطة استعداد للطوارئ يدرب عليها العاملون المسؤولون عن المجموعات الورقية.

ويجب أن يُعتبر تفشي العَفَن في مجموعة وَرقيَّة أو مجموعة أفلام حالة طوارئ بغضّ النظر عن المصدر. ومن الصعب التمييز بين العفن النشط وغير النشط. بيد أنه يفضل اتباع طريق السلامة ونقل المادة المصابة فورًا إلى منطقة جيّدة التهوية، بعيدًا عن الاحتكاك البشري، لأن بعض أنواع العَفن قد تكون سامَّة للبشر. وفي مكتبة الكونغرس لم نَعُد نعمد إلى التطهير بالتبخير، نظرًا لسميَّة المواد الكيمياوية المستخدمة بصورة عامة، وعجزها عن منع نموّ العفن في المواد التي تقتضي حمايتها.

إلا أننا نقوم بتفعيل التجفيف السريع في المناطق الخاضعة للتهوية، وننظف العفن النشط بالتبخير باستخدام مكنسة كهربائية حالما تجف المواد. وعلى العاملين لبس القفازات والأقنعة، والمحافظة على تغطية أكبر جزء ممكن من جلودهم أثناء تناول المواد المصابة بالعفن وتنظيفها، علاوة على التعامل مع أوضاع الكوارث التي تحدث للمجموعات الورقية.

العوامل غير البشرية: إن الآفات، حشراتٍ كانت أو حيوانات، تحب الأماكن الدافئة الرطبة الهادئة مع وجود الغذاء الذي يمكن أن يتكون من الكتب والأوراق نفسها، أو من القاذورات والغُبار الذي تُرك مدة طويلة دون الالتفات إليه في مناطق تخزين المجموعات.

وتبحث الكثير من الآفات الحَشرية عن أماكن يمكنها فيها العثور بحرية على الماء الذي يلزمها في عملياتها الحياتية. ويجب أيضا النظر إلى الآفات من حشرات أو حيوانات على أنها سبب للكوارث في المجموعات الورقية، لأن بإمكان حشرة لا يتم تتبعها أو حملة من الجرذان، التسبب في خسارة لا يستهان بها خلال وقت قصير نسبيا. وأعود فأكرّر أننا لهذه الأسباب لا نقوم عادة بعمليات شاملة للتطهير بالتبخير، بل نعزل المواد المصابة وننظف المنطقة بعناية، ونعمد إلى تغيير ظرف واحد على الأقل إن لم يكن جميع الظروف البيئية سالفة الذكر، ثم نقوم بمراقبة المنطقة ورصدها بعناية. ويمكن أن نعود إلى تطهير المواد المصابة بتبخيرها باستخدام غازات خاملة، ومن ثم مراقبتها إلى أن يتضح لنا غياب أي نشاط حَشَريّ.

الضوء ودرجة الحرارة: ثمّة أمر أكثر صعوبة وهو اكتشاف ووصف أنواع التدهور المعقّدة الناجمة عن الضوء والملوثات الموجودة في الجو، والرطوبة النسبية، ودرجة الحرارة. وكثيرًا ما تتفاعل هذه العوامل معًا على مستوى كيميائي أساسي. ولهذا السبب يعدّ فهم المبادئ الكيميائية أمرًا ضروريًا لموظف الصيانة.

ويقتضي إطفاء الأنوار في أماكن تخزين المجموعات كلما كان ذلك ممكنا، كما يجب ترشيح الأنوار في مناطق العرض لوقايتها من الضوء فوق البنفسجي. أما المواد النصية فيجب عرضها على مستويات تتراوح بين 5 – 15 قدم/شمعة ولفترات عرض قصيرة. وفي العادة تعد مدة ثلاثة أشهر كل سنة حدًّا أعلى للصيانة بالنسبة للمجموعات الورقية. ويمكن قياس مدى القدم/شمعة بالأمتار أو بكاميرا عادية مقياس 35ملم. كذلك فإن من الضروري عدم ترك المواد التي هي قيد المعالجة أو الدراسة معرّضة للضوء دون داع. ومن الواجب الإيعاز إلى العاملين بتغطية المواد التي تُترك بعد إخراجها من أماكنها.

وثمة أمر آخر، وهو أن الحرارة تعمل على تسريع جميع التفاعلات الكيميائية. ولما كانت التفاعلات الكيميائية المعتادة لغالبية المواد العضوية البوليمريّة تنطوي على التفكك إلى وحدات أصغر، وعلى فقدانها لقوتها ومرونتها عن طريق التفاعلات الكيميائية، فإن درجات الحرارة المرتفعة تعمل فعلاً على تسريع هذه العمليات. وترى معظم الدراسات التي تجرى الآن لمعرفة الآثار البيئية على المواد الثقافية أن أي محاولة تُبْذل للإبقاء على جوّ بارد مستقر تؤدي إلى أفضل النتائج الإيجابية بالنسبة إلى هذه المواد.

الرطوبة النسبية والملوِّثات: على صعيد أكثر دقة وتراكمية يتم تفاعل الماء مع عوامل تدهور أخرى، حيث يقوم الماء بدور بارز في إتلاف المواد المكتبية والأرشيفية. وهناك حاجة إلى الماء من أجل التفاعلات الكيميائية، كتحليل الأحماض بالماء والأكْسدة، وهما سببان رئيسيان في تلف المواد البوليمرية العضوية. والتحليل بالماء تفاعل مُسلسل يستمر تلقائيا بعد أن يبدأ. وفي ذات الدراسات التي سلف ذكرها تبين أن بيئة مستقرة جافة هي الأكثر فعالية في المحافظة على المواد العضوية.

ويمكن أن تؤدي رطوبة نسبيةٌ مقدارها 75 في المائة جنبا إلى جنب مع شيء من الدفء إلى نموّ سريع للعَفَن أو الفطريات. كذلك باستطاعة درجة رطوبة نسبية عالية ودرجات حرارة منخفضة أن تسبب بدء نموّ العفن. ويؤدي نمو العفن إلى تحطيم قُدرات الربط في ألياف الورق، وبالتالي إلى إيجاد ورق على درجة كبيرة من الضعف، والتسبب في ظهور بقع لا يمكن إيقافها، علاوة على احتمال تسميمها للبشر. ويقدّر أن درجات رطوبة نسبية دون 20 في المائة قد تجعل بعض المواد البوليمرية العضوية هشّة، بحيث يمكن أن تتكسّر إذا تناولتها يد أو جرى ثنيها. إذن فإن هذا الذي ذكرناه يوفّر لنا حدًّا أعلى وحدًّا أدنى لدرجات الرطوبة النسبية المأمونة.

وتشكل مواد التخزين الحامضية أحد الملوثات الكبرى للمجموعات الورقية. كما أن المواد الأصلية التي نريد حفظها في كرتون حامضيّ أو بوضع خشب خلف الورق، تكشف عن تشويه للألوان وتحمض أسرع بسبب الانتقال الحامضي. ومن الأمور الملحّة إبعاد أكبر قدر ممكن من هذه المادة عن التماس المباشر مع المواد الأصلية وإحلال مواد ثابتة أو خاملة محلها، مثل البولِستر أو البولِبْروبيلين والورق الذي نسبة ألياف القطن فيه 100٪، أو القماش. وإذا لم توجد مادة قلوية حاجزة أو لم يتوفر مناخ مُصَغّر في علبة أو داخل صندوق محكم الإغلاق، فإنه يبدو أن التدهور السيلُلوز الحامضي يتسارع حسبما أظهرته الدراسات الحديثة في مكتبة الكونغرس. ولذلك فإننا نستخدم ورقًا ليفي التكوين قلويًّا، نسبة السيلُلوز فيه 100٪ محجوزًا داخل حواجز، ليكون بمثابة إسفنجة تمتص المكونات الحامضية في المادة الأصلية.

وتجرى دراسات لجميع آثار شتّى الملوثات الجوّية على المواد البوليمرية العضوية في مختلف أنحاء العالم. وأهم ما يسترعي النظر في هذا الصدد أن معهد غيتي Getty للصيانة نشر مؤخرًا دراسات عن آثار الملونات المتنوعة على الأصبغة والمواد الأخرى الموجودة في الدّهانات. ومازال تأثير هذه الملونات على مجموعة المكتبات ودور الأرشيف بحاجة إلى مزيد من الدراسة. ومن الأمثلة النظرية على أثر الملونات في الورق هو أن بإمكان ثاني أكسيد الكبريت الموجود في الهواء، ولاسيما في المناطق ذات النشاط الصناعي الكثيف أو التي تكثر فيها أعداد الشاحنات والسيارات الخالية من العوادم المنْضَبِطة، أن تتحول بوجود الماء إلى حامض كبريتي يهاجم السيلُلوز كما يهاجم الجلد. وأن مركب الكبريت يلطخ الصور الفوتوغرافية ذات السطح الفضي.

إدارة المخاطر التي تتعرّض لها المجموعات

من أجل فهم الخطوات التي يمكن اتخاذها للحفاظ على المجموعات الورقية، على المرء أن يقوم بدارسة الجوانب النظرية لتدهور المواد واختبار جميع الفرضيات أيضا. ويمكن تعلُّم الكثير من دراسة الأشياء الحقيقية. وهذا هو السبب في ضرورة الاستماع إلى وجهة نظر موظَّف الصيانة التي كثيرا ما تنطوي على قسط وافر من الخبرة الناجمة عن التعامل مع الأشياء الحقيقية، وذلك في أيّ نقاش لإدارة عملية الحفظ وتنظيمها.

وقد تقدم المنظّرون والعلماء بفَرضيات متعدّدة حول المكتبات ودور الأرشيف وحفظها. ومنها أزمة «الكتاب الهَش» والتكنولوجيا التي تمخضت عنها، والتي تقوم على دراسات مسْحيَّة أظهرت أن المشكلة كانت واسعة النطاق وتشكل خطرًا قاتلاً على المعلومات التي اشتملت عليها الكتب.

وتقوم الفرضية الأولى التي تحتاج إلى المزيد من الاختبار في مجال المجموعات النصيّة على أن الورق أصبح هشًّا في أجزاء كبيرة من المجموعات التي تناولها البحث. ويبدو أن هذا صحيح لكن النسبة المئوية تتوقف على الأسلوب أو التقنية التي اتُّبِعت في الدراسة وعلى الأسئلة التي تم توجيهها.

أما الفرضية الثانية فمفادها أن جميع الورق الهش معرّض لخطر التحلّل أو التفتت الوشيك. وكلنا – نحن الذين نتعامل مع الأوراق الهشة والضعيفة – نعرف أن المرونة تتناقص بمرور الزمن، إلا أن وتيرة التدهور تتناقص بدرجة مثيرة، وأن هناك وقتا طويلا يمر بين حالة الهشاشة وحالة التفتت التام إذا لم تتداول الأيدي المادة أو الشيء موضوع البحث.

وأما الفرضية الثالثة فهي أن علينا الآن أن نقرر ما الذي يجب الحفاظ عليه. وبناء على التجربة، فإن الأجدر بنا أن نفكر أوَّلاً ثم نتصرف استنادًا إلى عملية تنطوي على اتخاذ قرار عقلاني. وتدعو الحاجة إلى عملية تقييم للخطر الفعلي المحتمل الذي تتعرض له المجموعة من عوامل التدهور التي سبق لي أن ذكرتها.

التخطيط للحفظ أو الوقاية: يمكن الحصول على الكثير من المعلومات المفيدة من تقويم شامل لاحتياجات الحفظ يقدم «لَقطة فوتوغرافية»، أي صورة سريعة موجزة للبناية والجوّ الداخلي والإدارة والتنظيم ووصف للمجموعة. ويمكن أن توفِّر معاينة عامة جدا لحالة المواد فكرةً عن النمط العام للتدهور. ويجب أن يُنظر إلى كل شخص يعمل في المؤسّسة على أنه يقوم بدور محتمل في حفظ المجموعات، وأنْ يشارك في عملية تحديد الأسلوب الأفضل للحفاظ على المجموعة. واستنادًا على هذه المعلومات والخيارات الممكنة، باستطاعة المرء الإعداد لخطّة حِفْظ مُدَّتها من سنة إلى خمس سنوات. وقد قمت بهذا النوع من «اللَّقطة الفوتوغرافية» أو النظرة السريعة الموجزة في كل شيء، ابتداء من قسم بمفرده إلى مؤسّسة برمتها. وأعتقد أن البدء من منظور واسع، لكنه واقعيّ، أسلوبٌ مفيد. كما أنها تجربة في غاية الأهمية بالنسبة لموظف الصيانة أن ينظر إلى الأمر بهذا الأسلوب.

ويحتاج منظور «اللقطة الفوتوغرافية» المذكورة إلى الأخذ في الاعتبار جميع عوامل التردّي والخيارات اللازمة لمعالجتها. وتشمل النشاطات التي تندرج بصورة ملائمة ضمن إطار مخطط الحفظ إعداد خطة استعداد فعّالة للطوارئ، وتحسين مستوى الأمان. وتحسين البيئة وأثاث التخزين وجداول التنظيف والصيانة، وتحسين المواد المستخدمة بصورة وثيقة مباشرة مع الأشياء، ومتطلبات المناولة المنطوية على العناية وخيارات حرية وصول المستخدم. بما فيها إعادة التشكيل للمواد الهشة والقيود المفروضة على القروض وتعليمات العرض، وأخيرًا التثبيت والتعامل على مستوى المادة الواحدة. ويطلق على ذلك عادة: المعالجة لأغراض الحفظ، ويمكن تجزئتها إلى مقررات أو مساقات معالجة تحتوي على مراحل متنوعة. ويتم القيام بالمرحلة الأولى فورًا لتثبيت الشيء بترميم لا يتبع إلا إذا كان الشيء سَيُعْرَض. ويتطلب العدد الهائل من الخيارات تنظيمًا جيدا ينطوي على تحديد الأولويات المتعلقة بكيفية إدارة المخاطر المحتملة.

تحديد الأولويات: يتطلب التصرّفُ المسؤول من أجل حفظ مجموعات بكاملها تقييمًا للموارد وتحديدًا للأولويات. وما لم تكن المؤسّسة متمتعةً بموارد لا ينضبُ معينُها، فإن على المرء اتخاذ قرارات وسط ظروف للحفظ لا تتوافر لها سوى موارد محدودة. وتبلغ ميزانية مديرية الحفظ الخاصة بمكتبة الكونغرس الملايين، غير أن هناك عشرات الملايين من المفردات أو المواد في المجموعات. ومعنى ذلك أنه لن يتوافر سوى دريهمات قليلة جدا في السنة لكل مفردة من أجل الحفظ. وتؤثر القرارات التي نتخذها حول كيفية إنفاق الموارد التي لدينا اليوم تأثيرا مباشرًا على حالة ميراثنا من النصوص التي سنخلّفها للأجيال القادمة. ويجب أن تتخذ القرارات بحيث تتلاءم الموارد مع أشد الحاجات إلحاحا.

ويمكن أن تكون إحدى الأولويات القصوى الإبطاء من التدهور أو تثبيت أكبر عدد ممكن من المفردات في المجموعة بأقل مبلغ من المال. وكثيرا ما كانت الأولوية خلال العقود الأخيرة الماضية، إقامة مرفق للصيانة بغية تقديم المعالجة لمواد بمفردها في المجموعة واستئجار عاملين في الصيانة للقيام بذلك. وكان معنى هذا التركيز أن التخطيط من أجل الحفظ في العديد من المؤسّسات انطلق مباشرة لاختيار عدد قليل من المواد ذات الأولوية الكبرى، بهدف تحقيق صيانة كاملة، بينما يضيع تثبيت المجموعة وصيانتها الشاملين أو تُتْرك دون اهتمام يذكر في التفاصيل الفعلية للخطة. ونادرا ما يوجد مختصون في الصيانة من المدرَّبين على الأساليب التقليدية ومهيّأون للمباشرة الفورية في العمل على مستوى التخطيط والتنظيم المطلوب لإبطاء التدهور وتثبيت أوضاع المجموعات. لكن هذا هو المجال الذي تدعو الحاجة إلى التركيز عليه.

إبطاء التدهور وتثبيت المجموعات

هناك ثلاثة نشاطات عرفها معهد الصيانة الكندي في نشرته التي عنوانها «إطار عام لصيانة مجموعات المتاحف»، وهي مفيدة من أجل دراستها في معرض هذا التوكيد على الإبطاء من التدهور وتثبيت أوضاع المجموعات. أما الكلمات التي تستخدمها فهي «تَجَنَّب» و«احْتَجِزْ» و«تَبَيَّنْ»، والتي إذا أخذَتْ معا يمكن تعريفها بأنها «الصيانة الوقائية». هذه هي الفعاليات التي تمنع حدوث الضّرر في المقام الأول، بحيث لا تدعو الحاجة إلى الصيانة. ونجد فيما يلي وصفًا لبعض النشاطات النموذجية المعتادة في برامج الصيانة الوقائية.

الاستعداد للطوارئ

الخسائر الفاجعة في المجموعات المكتبية والأرشيفية: هناك إمكانية في أن تتسبب النار والماء في خسائر كاملة وسريعة. وإذا ما أخذ المرء في الحسبان مواد التصوير الفوتوغرافي، واللدائن السيلُلوزية وغيرها من اللدائن التي كثيرا ما توجد مقترنةً بالمجموعات المكتبية والأرشيفية، فإن الضرر الناجم عن النار والماء يصبح أحد الأخطار القوية الاحتمال بسبب الكمية الجاهزة من الوقود. ويمكن أن تعني إضافة هذه المواد الحديثة أن أي حريق قد يُصبح مشكلة شديدة السمية، بالغة التعقيد.

وفي معرض الاستعداد للطوارئ لا بدّ للمرء من البدء بتجنّب الحوادث، إضافةً إلى التتبّع والاستجابة والاسترجاع والمعالجة. وتكوِّن جميع العناصر جزءا من خطة استعداد للطوارئ عالية التطوّر. والاستعداد للطوارئ موقف أو اتجاه يشتمل على الفعاليات المكتملة قبل وقوع الحادث. وهذا أكثر أهمية من وجود «خطة كوارث». ويمكن أن تكون «خطة الكوارث» وثيقة جيدة الإعداد لكنها إذا لم تكن إحدى الفعاليات المستديمة للمؤسّسة، فهناك احتمال قويّ في أنه لن يتمكن أحد من العثور على الوثيقة، ناهيك عن توافر الوقت لديه لقراءتها عند وقوع حادث.

ويبدأ الاستعداد للطوارئ بدراسة فاحصة للأخطار الخاصة بالبلد والمنطقة الجغرافية والإقليم والموقع الفعلي للمؤسّسة. كما أن تفقّد البناية والأجهزة، بما فيها جهاز التحري عن الماء وإخماد الحرائق، من الأمور البالغة الأهمية. وحالما تتم هذه الدراسة الفاحصة، يجري تحليل لتحديد الأخطار المحتملة الوقوع أكثر من غيرها والمخاطر التي يتكرر حدوثها أكثر من حدوث غيرها. وعندما يكتمل التحليل، يمكن الشروع في التخطيط المتلائم مع المخاطر، وذلك بإحداث إصلاحات في الأجهزة أو المرافق ووضع الإمدادات أو اللوازم في مكان مناسب للردّ الفوري. كذلك فإن تدريب الموظفين على استعمال الإمدادات أو اللوازم والرد الملائم واتخاذ إجراء للاسترجاع يُعد إحدى الأولويات.

ونحن الآن في مكتبة الكونغرس في المرحلة التي تلقينا لها دعمًا على الصعيد الإداري لشراء اللوازم الضرورية للرد الأولي على الطوارئ الناجمة عن التلف الذي يتسبب فيه الماء، وهو الأمر الذي يشكل أكبر خطر محتمل عندنا. ولدينا صناديق صغيرة من الإمدادات أو اللوازم التي يتطلبها الرد الفوري (لدينا عشرون دقيقة في حالة تسرب كمية كبيرة من الماء) في جميع مناطق التخزين، وقد تلقى معظم الموظفين العاملين في هذه المناطق توجيهًا في كيفية استخدام الإمدادات. كما أننا أكملنا أوَّل «تماريننا الوهمية على الطوارئ»، بمساعدة دار الأرشيفات الوطنية والمكتبة الوطنية في كندا التي خَبَرَتْ كارثة لافتة للنظر، عندما انفجر أنبوب مياه فوق مجموعة هامة. وها نحن نستفيد من تجربتهم لخلق وعيٍ وتوفير تدريب لموظفينا المختصين بالصيانة حول ما يكون مطلوبًا منهم الردّ عليه، وتحقيق السلامة من طارئ مشابه. كما أنّ لدينا فريقًا للرد وإعادة الأمور إلى نصابها جاهز تحت الطلب الفَوري على مدار الساعة وطيلة سبعة أيام في الأسبوع. ومن المهم أن يواظب المعنيون على التعلم من تجاربهم بالاجتماع بعد أي طارئ لمراجعة ما حصل ومعرفة كل جديد مما يجب أن تفعله المؤسّسة لتكون أفضل استعدادًا لمواجهة التجربة التالية.

الأمن: المجموعات المكتبية والأرشيفية معرّضة أيضا للسطو من قبل اللصوص والمخربين وأعمال التدمير البشرية الأخرى. وتدخل ضمن ذلك عمليات سوء التصرف المقصودة وغير المقصودة. وبالنظر إلى هشاشة المادة فإن شخصا غير مدرّب يمكن أن يتسبب في إحداث ضرر بالغ. وكثيرًا ما تُعامَلُ المجموعات المكتبية والأرشيفية وتستخدم بفظاظة شديدة، بالمقارنة مع موجودات المتاحف التي صنعتها يد الإنسان. فهي خفيفة قابلة للحمل يتعذر اقتفاء أثرها إذا فُقدت، ومن الصعب كل الصعوبة حفظها بأمان. كما أن كميّاتها الهائلة كثيرًا ما تجعل المعنيين يغضّون الطّرف عن قضية أمنها.

وهناك أحد الحلول المتمثل في تغيير صورة المواد التي تشكل مناولتُها خطرًا محتملاً كبيرًا، إما لهشاشتها أو لعلوّ قيمتها. وينطوي تغيير الصورة أو الشكل على عمليات، كالنسخ بالتصوير عن طريق التلامس والتعريض photocopying، أو التصوير الفوتوغرافي، أو التصوير الميكروفيلمي، والآن التمثيل البصري بالأرقام optical digitisation ولكل نوع من تغيير الشكل أو الصورة نواحيه الإيجابية والسلبية، غير أنه يجب إتاحة جميع الخيارات ودراستها. وبهذه الطريقة يمكن أن تستخدم لأغراض الحفظ جميع التقنيات التي وجدت لتسهيل وصول مزيد من الأشخاص إلى المواد. ويتمثل دور هذه التقنيات في حماية المفردة الأصلية من المخاطر الأمنية المحتملة ومن مخاطر المناولة أو التداول بالأيدي.

وقد استَخْدمت المكتبة (مكتبة الكونغرس) التصوير الميكروفيلمي طيلة سنوات. وفي الفترة الأخيرة شرعت تَسْتَكشف إمكانية استعمال أوسع نطاقًا للنسخ التصويري بالملامسة أو التعريض، ولتجليد الكتب الهشة، واستخدام التمثيل البصري بالأرقام. ويبدو أن النسخ التصويري والتمثيل البصري بالأرقام يزخران بالإمكانيات من حيث توفير نسخة من الأصل يستمتع العلماء والقراء باستخدامها. ويجب أن يؤدي هذا بدوره الذي سيخفف إلى حدّ ما من الطلب على النُّسخ الأصلية. وهذا هو المجال الرئيسي الذي يكون فيه معنى لإعادة الصورة والشكل بهدف الحفظ.

مواصفات مواد عالية النوعية لأغراض التخزين: منذ سنين ومديرية الحفظ بمكتبة الكونغرس تعمل بدورها على إيجاد مواصفات للمواد التي نستخدمها في تخزين المجموعات. وقد شاهدنا طيلة تاريخ المكتبة الضّرر الناجم عن الصناديق الحامضية والحافظات المستخدمة لحفظ الوثائق الأصلية والكتب ووسائط التصوير الفوتوغرافي. ويُفترض أن توفر المواد الجديدة المستخدمة في صناعة الصناديق أو العلب والحافظات وتحشية (وضع حواش بين الإطار والصورة) الأعمال الفنية دعْمًا في الحالات التي قد تكون فيها المواد الأصلية ضعيفة. كما يجب أن توفر أيضا بيئة مواتية بأن تقوم بمهمة الإسفنج لامتصاص التغيرات الحامضية الطبيعية في المواد الأصلية. ويؤمل أن تتحقّق فائدة لتوفير «بيئة مصغّرة» مناسبة، مما يمكن أن يبطئ من تأثير التغيرات الأكثر تطرُّفًا في بيئة التخزين، ويقي المجموعة من الملوثات الموجودة في الهواء. علاوة على ذلك فإنها قد توفر بعض الوقت قبل أن تتلف المادة الأصلية في حالة وجود تسرّب مائي أو انطلاق الماء من مِرشَّةٍ. وكان هذا أمرًا ضروريًا، لأن المكتبة لا تستطيع تغيير الظروف البيئية في بعض البنايات التي هي أبنية تاريخية في حد ذاتها، كما أننا ندرك أهمية وجود نظام لمكافحة النيران قائم على الماء في مناطق التخزين.

ونحن نقوم في الوقت الحاضر باختبار لضبط الجودة على المواد التي تسلمناها من الصانعين والموزّعين، للتأكد من أننا نحصل على مواد مطابقة للمواصفات. والهدف هو استخدام علب التخزين وأماكن الإيواء هذه لما يقل عن مائة سنة قادمة (ومن شبه المؤكد لمدة أطول من ذلك بكثير في الواقع). وقد أدّى هذا العمل مباشرة إلى الحصول على نوعيّة أعلى من المواد التي تزود بها المؤسّسات الأخرى في الولايات المتحدة وفي أرجاء العالم كافة.

ظروف التخزين المثلى: إننا نعرف أيضا أنّ في إمكاننا إبطاء وتيرة التدهور لغالبية المواد أو الأشياء، وذلك بخلْق مقيَّدة خاضعة للتحكم. وبينما تعدّ بعض الخصائص المتأصلة في جميع المواد العضوية الموجودة في المجموعات المكتبية والأرشيفية مسؤولةً عن التدهور المستمر، إلا أننا نعرف أن عملية التدهور تتسارع نتيجة عوامل بيئية، بما فيها درجات الحرارة العالية والرطوبة النسبية العالية. ومن المعقول أن تبدو ظروف التخزين المثلى للمجموعات المكتبية والأرشيفية وكأنها بيئة لطيفة البرودة جافة. وانطلق الكثير من الجدل في شتى أنحاء العالم حول وضع «معايير» للتحكم البيئي في المؤسّسات الثقافية. وفي الواقع قررت مؤسّسات وضع المعايير مؤخرًا أنها عاجزة عن الاتفاق. وفي غمرة الافتقار إلى اتفاق قررت المكتبة إصدار «إرشادات» عن البيئة للأفراد الذين يتولون إدارة الأبنية والعمل معهم للتوصل إلى هذه البيئة. وهذه الإرشادات أقل صرامة من «المعايير» لكنها تقدم هدفا لموظفي صيانة الأبنية. وللراحة البشرية دور في إرشاداتنا هذه، لأن هناك موظفين يعملون طيلة اليوم في غرف تخزين المجموعات، وليس هذا بالوضع المثالي، لكنه حقيقة موجودة في مكتبة الكونغرس. وقد تضمن الإرشاد الذي صدر حديثا درجة حرارة ثابتة مقدارها 68 درجة فهرنهايت مع +/- 5 درجات فهرنهايت، ورطوبة نسبية مقدارها 35 – 40 في المائة.

أما المواد الأقل استعمالاً ولاسيما المواد التطويرية الفوتوغرافية واللدائن السيلُلوزية القاعدة السريعةُ التدهور (وهي التي تتصف «بمجموعة أعراض الخَلّ» التي تعني تمامًا ما يظهر وكأنه رائحة حامض الأسيتيك الموجود في حاوية التخزين)، فيمكن أن تستفيد من التخزين على درجات حرارة أكثر برودة وجفافا بكثير. وإذا احتاج الأمر إلى استرجاع المواد بُغْية الاستعمال، فإنها متكيفة بعناية وبصورة تدريجية مع أجواء أكثر دفئًا ورطوبةً. ولدى المكتبة مكان للتخزين من هذا النوع في مكان منفصل عن المباني الرئيسية، بيد أن هناك حاجة لمقادير أكبر بكثير من هذه المستودعات، كما أن الاحتياجات في هذا المجال لا بد وأن تتزايد على ما يظهر.

هناك مجال آخر للتفاعل مع بيئة البناء الذي لا بد وأن تظل الصيانة مرتبطة به، وهو تنظيف المكان الذي توجد فيه المجموعة، والإشراف على أولئك الذين يقومون بأعمال كهذه. وهي مهمة لا يمكن أن تترك لعاملين غير مدربين ولا هي بالعمل الذي يمكن ببساطة الاستنكاف عن القيام به كما يحدث الآن مرارا. ويجب عدم الاستخفاف بشطب الموظفين الأقل تدريبا من الميزانية إذا ما تذكرنا أن مهامهم أمر حيوي بالنسبة لصحة المجموعة برمّتها.

اختيار المواد من أجل القيام بالصيانة

تقرير الأولويات: من الأمور الهامة لدى العاملين في صيانة الكتب والقيّمين على المكتبات أو المجموعات، اختيار المجموعات التي يشكل الاهتمام بها أولويات لديهم. ومن المجالات الطبيعية التي تراعى لدى اختيار مجموعات من أجل العمل عليها، القيمةُ التاريخية أو المادية، وتكرار الاستعمال وحالة المواد. فإذا كانت هناك مجموعة لا يقتصر شأنها على ارتفاع قيمتها، بل يشمل أيضا ارتفاع وتيرة استعمالها، وكانت في وضع رديء، فإنها تشكل أولوية قصوى. وهذه عملية هامة في تجنب الإرباك الناجم عن الاحتياجات التي ستبرز.

وحالما تزداد الأولويات وضوحًا في مجموعات تتطلب الاهتمام بالحفظ، يصبح من المفيد تقسيم المهام حسب طول الوقت المطلوب، والموارد البشرية التي تدعو إليها الحاجة والموارد المالية للحصول على المواد التي نحتاجها ومقدار ما تقتضيه الحاجة من تخطيط ومشاورات إضافية. فهناك مشاريع يمكن إتمامها فورًا ودون موارد إضافية، بينما توجد مشروعات بالإمكان الانتهاء منها حالاً ولكن مع قدر محدود من الزيادة في عدد العاملين أو الوقت أو المال. ومنها ما يحتاج إلى إحداث تغييرات في العاملين أو الموارد، ويتّصف بأنه متوسط المدى (1 – 3 سنوات حسب موارد المؤسّسة)، بينما ثمة مشروعات طويلة المدى (5 – 10 سنوات)، تتطلب القيام بحملات سياسية لدعمها. كل هذه الفعاليات جزء من عملية التخطيط. كما تحتاج العملية برمتها إلى دراسة القاعدة المعرفية المتوافرة لدى المؤسّسة، حتى وإن كان ذلك يعني مجرد الشخص الذي يقوم بتنظيف المجموعة في أوقات منتظمة ويعرف الأماكن التي تتجمع فيها الأوساخ بسرعة أكبر من غيرها.

مسح شامل للمجموعات: يمكن القيام بهذا المسح الشامل على مستويات متنوعة، لكنه في العادة يشمل كل مفردة على حِدة، وإن كان الأمر قد لا يقتضي تفقّد جميع المفردات في المجموعة. وكلما ازدادت عملية المسح الشامل ابتعادًا عن دراسة كل مفردة في المجموعة ازداد ما تطلبه من خبرة بُغْية فهم النتائج.

ويمكن القيام بعمليات المسح الشامل على أيدي عاملين فنّيين، بيد أنه يجب تدريبهم من قبل موظف صيانة مختص ووضعهم تحت إشرافه. وقد تعلمنا من خلال التجربة الصَعْبة في مكتبة الكونغرس أننا قد نقضي وقتًا طويلاً في وصف ظروف وتفاصيل ليست على درجة عالية من الدّقة أو الصلة بالموضوع. وإذا لم يتوافر خيار معالجة يمكن أن يتصدى للحالة الموصوفة بعينها، فإن على المرء أن يفكّر مليّا قبل قضاء وقت طويل في جمع البيانات والمعلومات. كذلك لا بدّ من أن تكون البيانات والمعلومات التي تمّ تجميعها محدّدة المعالم، مُتَّسقةً، بحيث تكون ذات فائدة لآخرين غير الذي قام بالمسح.

ثمّة أمور قد لا تكون ممكنة التطبيق أو ذات جدوى، لكن أحد أهدافي الشخصيّة يتمثّل في أن القيام بعمليات المسح لكل مفردة على حدة، لأنها تتطلب معالجة نشطة لكل من هذه المفردات، يجب أن يشتمل – كجزء من عملية المسح –، على فعاليات تثبيت أساسية. وبالنسبة لمفردات المجموعات الورقية، فإن ذلك يعني في العادة إعادة الإيواء في مواد خالية من الأحماض إما في حافظات أو حواشي أو صناديق. وبهذه الطريقة يضاف دعم لكيفية تناول المواد الهشّة بالأيدي، ويتم تثبيت المجموعات بوضعها في بيئة غير حامضية، كما أن الوقت الذي استغرقه المسح الشامل يعود بفائدة حقيقية على المجموعات.

معالجة صيانة الورق في الماضي والحاضر: لقد مرت معالجة الصيانة بتغّيرات عديدة عبر العقود. وفي مكتبة الكونغرس أتيحت لنا الفرصة لتوثيق وملاحظة نتائج المعالجات التي نُفِّذت منذ الخمسينات من هذا القرن. وفي المجموعات التي أتيحت لنا فرصة ملاحظة نتائج المعالجات التي تمت فيها في وقت متأخر يعود إلى الخمسينات – أي منذ 45 عاما فقط – رأينا أمورًا كثيرة تبعث على القلق، رغم معرفتنا وثقتنا بأنها جرت مدفوعة بأحسن النوايا، مما يمُدُّنا بالعديد من الأسباب التي تجعلنا نراعي منتهى الدقة في تقييم أعمالنا التي نؤدّيها في الوقت الحاضر.

لقد لاحظنا المواد المستخدمة في عمليات الترميم وبطانات التجليد التي فَسَدَتْ ألوانها واصفرّت وأصبحت هشّة وصعبة الإزالة إلى حدّ بعيد. كما رأينا مفردات تعرضت لعمليات غسل واسعة النطاق أو تقنيات تبييض شتّى فأصبحت ضعيفة أو ذات مظهر مبقّع. كذلك شاهدنا نتائج عمليات الترميم التي تمت باستخدام مواد لاصقة حساسة للضغط تتسبب في تلطيخ تتعذر إزالته. وتعجز هذه المواد اللاصقة عن أداء المهمة التي صممت للقيام بها حالما يصبح اللاصق هشًا متقاطع الخطوط. وأصبحت رقائق أسيتات السيلُلوز فاسدة الألوان، وأكثر تيبُّسًا بمرور الزمن، وفي الحالات التي استخدمت فيها في الكتب أخذت في التكسر عند عمليات الثني. أما الرسم والطلاء الداخلي الذي لم يُنفَّذْ باستعمال مواد ثابتة اللون فيصبح مصدر تشويه واضح، لأن مرور الزمن يغيّر من مقادير الألوان.

وفي الحالات الأخرى التي تمثّلت المعالجة الوحيدة التي أتيحت لها في إعادة وضع الشيء في إطار أو حافظة أو صندوق، فقد تستطيع الحموضة الصادرة عن هذه المواد زيادة حموضة الأصل وإفساد ألوانه إذا لم تكن المادة التي تلامس الورق من أفضل الأنواع.

وقد جعلتني هذه الملاحظات بوصفي موظفة صيانة، واعية كل الوعي بأهمية أي قرار قد أَتَّخذه للتدخّل أو معالجة أي شيء بأي طريقة. وإنني واعية بأنني عندما أقرر إزالة شيء أو إضافة شيء إلى الأصل، لا بد لي من التأكد من أن ذلك لن يعود بأذى على هذا الشيء الأصلي.

ونتيجة لهذه التجربة، ليس في المكتبة وحسب، بل في المؤسّسات الأخرى أيضا، هناك رغبة جديدة في تقييم عملية «إزالة الترميم» وعملية «إعادة الصيانة». ومن المبادئ الجديدة التي أصبحت قيد الاستعمال لدينا مبدأ «الزائد أخو الناقص»، ومبدأ «الاكتفاء بما هو ضروري فقط». ويجدر بنا أنْ نتذكر أنّ احتياجات الأشياء ذاتها هي التي يجب أن توجّهنا باستمرار. ومع عملية النضوج التي يمر بها مجال الصيانة فإنه على ما يبدو يزداد حذرًا وتحفُّظًا كما يزداد حساسيّة وتواضعًا.

أدوات ومواد المعالجة الجديدة: من ناحية أخرى، فحيثما كانت عمليات المعالجة ضرورية، ظهرت مُستحدثات تجعل عمليات المعالجة أقل ضررًا ووضوحًا. والظاهر أن غالبية هذه المستحدثات تأتي في استخدام الطرائق والمواد التي تسمح بتحكم أكثر في معالجة الشيء، كما أنها أخفُّ تأثيرًا في هذا الشيء وأقلُّ قابلية لتسميم الشخص العامل في الصيانة. وسآتي على ذكر بعض المستجدّات التي ظهرت مؤخرًا، ذلك لأنها تُبْرِزُ مبادئ التحكم الأكثر، والمعالجات الألطف، والسميّة الأقل. ولا بُدَّ لي من أن أضيف فأقول إن السمية المتدنّية أمر هام، لأن تدريب موظّف صيانة عالي المهارة استثمار كبير يستحق ما يُبْذل فيه مِن جهد لضمان حياة عاملة طويلة وصحيّة.

أما طرائق المعالجة الأكثر خضوعًا للتحكم والأكثر لطفًا فتشتمل على استخدام أجهزة قياس للرطوبة مجاوزة حد الصوت لجميع الأغراض، ابتداء من الترطيب والغسل المحليين، وانتهاء بالترطيب والغسل الشاملين. ويسمح هذا الأسلوب باستعمال قدر أقل من الرطوبة بطريقة أكثر خضوعًا للتحكّم، كما أن اختراق الرطوبة للألياف الورقية الممتصة يبدو أكثر نجاحًا. كذلك فإن استخدام مواد مثل الغوريتكس Goretex للتحكم في استعمال الرطوبة والمذيبات حقق نجاحًا كبيرًا.

وقد حل استخدام المزيد من الفَهْم للمواد اللاصقة المستعملة في الماضي، واستخدام الأنزيمات والخلائط المذيبة الأقل سُمّيّة، محل استخدام المذيبات الأكثر سميّة وطرائق الإزالة الأكثر عدوانيّة التي تميّز المواد اللاصقة القديمة. وتمّ تطوير لوحات امتصاص وأقراص امتصاص لأغراض التحكم المحلي في إزالة البُقع.

وأخيرًا فإنه من خلال التصميم الإبداعي للبيوت أو البنايات واستخدام المواد الخاملة، فإن بالإمكان دعم المواد الورقيّة دون استخدام أي نوع من المواد اللاصقة على الشيء الأصلي. وقد استُخدم هذا المبدأ في إعادة تجليد الكتب، وهو المسمى «البُنَى غير اللاصقة». وهناك مراعاة دائمة لهذا الأمر، بحيث أنّ إيواء المفردة عندما تكتمل المعالجة سيحمي المجموعات في المستقبل من التنقل الحامضي وسيوفر الدعم الضروري للمناولة. وعندما يثق المرء بقدرة الإيواء على توفير الدعم، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تقليص الحاجة إلى معالجة أوسع نطاقًا للشيء.

تدريب موظفي الصيانة

سأقدّم خبرتي الشخصية كمجرد مثال على الحقيقة القائلة بأن تدريب موظف الصيانة مهمة واسعة وتتطلب تعمّقا في الخبرات. ولم أنتَه بعد من عملية التعلم ولا أتوقع الانتهاء منها في وقت قريب. طيلة السنوات الخمس الأخيرة كنت وما زلت أعمل موظفة صيانة ورق في مكتبة الكونغرس. وتدرّبتُ حسب الأسلوب التقليدي على طرائق معالجة الأعمال الفنية النادرة الفريدة القيمة، مع تخصص في معالجة الورق، وهو تخصص أصبح وقتها من خلال التجربة تخصصًا أبعد مدًى في صيانة المقتنيات المكتبية والأرشيفية. وبدأت حياتي العملية بدرجة جامعية كفنانة صانعة صور وحصلت على درجة ماجستير في تاريخ الفن. وتركز تدريبي كموظفة صيانة على التمرير الضروري للمهارات والطرائق التي طوّرها المحترفون باتّباع منْحًى علمي تاريخي على درجة عالية من حذق الصنعة. وتلقيت قدرا من التدريب في الأمور الإدارية من خلال العمل في إدارة المتاحف وتطوير الفنون الخاصة بالمجتمع. وقد علمتني هذه التجربة الكثير مما هو ضروري لحفظ المجموعات.

وتعلمت كثيرا من ذلك عن طريق الخبرة. وليس ثمة من بديل حقيقي عن الخبرة بالأشياء والمجموعات والمؤسّسات. وثمة الكثير الذي يمكن تعلمه بالعمل مع محترفين آخرين، وهذا هو السبب في أن فترة التدريب بعد التخرج، تلك الفترة المطلوبة في المهنة، بالغة الأهمية. وفي الولايات المتحدة يبلغ الحد الأدنى لطول هذه الفترة سنة واحدة، ولكن بعد سنوات خمس من العمل في المكتبة مازلتُ أعتمد باستمرار على خبرات وتجارب زملائي لمساعدتي في اتخاذ القرارات وتنفيذ المشروعات.

وكموظف صيانة في مؤسّسة كبيرة، من المهم أن يوازن المرء بين الاحتياجات طويلة الأمد للحفاظ على مجموعة بكاملها من ناحية، والمهمة الأكثر مراوغة والتي كثيرا ما تكون مصدر ارتياح شخصي متمثل في معالجة شيء معيّن جميل ونادر من ناحية أخرى. وهذا مجال واحد فقط من مجالات الاهتمامات المتصارعة. وثمة مجال آخر وهو الشعور بالتقدير والاحترام للتاريخ والثقافة وللعلوم. ولا ينبغي أن ينافس أيّ منها الآخر أو يسيطر عليه.

نشاطات مهنية أخرى لموظف الصيانة: ضمن دستور أخلاقيات المهنة لموظفي الصيانة في الولايات المتحدة، لدينا بعض القواعد الأخلاقية غير العادية. وأودّ أن أُبرز اثنين منهما تجعلان مجال الصيانة كما هو ممارس الآن في الولايات المتحدة وكندا، إلى جانب بعض أقطار في أوروبا، مختلفًا اختلافًا جذريًا في بعض الأمور عما كان عليه في الماضي. ويدخل فيهما إفشاء المعلومات للزملاء وروّاد المكتبة وتدريب موظفي الصيانة في المستقبل. هذان مفهومان أساسيان جدا في ميدان أخذ ينمو متجاوزًا التقليد المهني الذي كان يتم فيه التكتّم على الوصفات أو طرق العمل السرية، والذي كان فيه المتدربون عبيدا «لمعلّم» الصنعة من ناحية فعلية.

وقد حَمَلْتُ هذه المبادئ الأخلاقية على محمل الجدّ، وكنت محظوظة بأن أتيحت لي الفرصة للعمل مع محترفين في الصيانة والحفظ في أمريكا اللاتينية. وشاركتُ طيلة أعوام خمسة في محاولة إشباع الحاجة إلى المزيد من المعلومات المتداولة والتدريب باللغة الإسبانية. والفرصة المتاحة لممارسي الصيانة في كثير من مناطق العالم للحصول على موارد تعليمية وإعلامية في مجال الصيانة باللغة الإسبانية فرصة محدودة جدّا. وغالبية أولئك المنخرطين مباشرة في العناية بالمجموعات لا يتكلمون الإنجليزية أو غيرها من اللغات الأوروبية. وبسبب الحقائق السياسية والبيروقراطية والحماية التاريخية للمعلومات من قِبل أفراد مدَّربين، فقد عانت أقطار عديدة في أمريكا اللاتينية من افتقار مؤلم لفرص التدريب.

وأصبح من الواضح أنّ على أخصائيي الصيانة الذين يعملون في جو سياسي صعب أن يكونوا مؤيِّدين فعالين لنشاطات الحفظ في أوطانهم بالذات. ومن النشاطات التي أخذت تصبح ضرورية بشكل متزايد لميدان الحفظ برمته حملات جمع الأموال وبرامج التوعية الجماهيرية بهدف حشد التأييد لفعاليات الصيانة والحفظ.

ملاحظات ختامية

أود أن أشير هنا إلى أنّ ما يسمى الآن «الصيانة الوقائية» كثيرًا ما يبدو وكأنه ما يمكن أن يسميه المرءُ «الفطرة السليمة». ولعل في هذا اعترافًا بأنّ للأساليب التقليدية التي تتعاطاها أجيال من الناس في شتى بقاع الأرض نصيبا من الصحة؛ ويجب دراستها لمعرفة ما يمكن استخدامه منها الآن في الحفاظ على الميراث الثقافي الراهن من أجل الأجيال القادمة. وكثيرًا ما يمكن تطوير أساليب سليمة في الصيانة مما نستخدمه في بيئتنا الأسرية، حيث تقوم الأسرة بالاحتفاظ والعناية بوثائقها بصورة جيدة.

وفي اختتام هذا القسم حول مختلف وسائل إبطاء وتيرة التدهور والحدّ من المخاطر المحتملة في مجال المحافظة على المجموعات، فإن من الأهمية بمكان تطوير أكبر عدد ممكن عمليا من خيارات الحفظ والصون. كما أن من المهم دراسة إمكانية إدخال تحسينات على العديد من المجالات في وقت واحد. ومن الحكمة البالغة عدم الاعتماد على حل وحيد لجميع المشكلات، وتخصيص الموارد كافة لمجال واحد، إذ لا توجد هناك أدوية شافية لجميع العلل في دُنيا الصيانة أكثر من وجود ترياق واحد لجميع الأمراض في عالم الطب.

وبعد أن يكون قد تَمَّ تقييم المخاطر المحتملة التي قد تواجه المجموعة بكاملها، وإعداد خطة لإدارة تلك المخاطر، يصبح من الواضح أن هناك بعض المواد التي تحتاج إلى فعل المزيد لضمان أن لا تفقد أجيال المستقبل المعلومات أو تفقد الشيء نفسه. أما القرارات التي تُتَّخَذُ هنا حول الأشياء التي يجب أن تعالج والكيفية التي تعالج بها، فهي أيضا على درجة كبيرة من الأهمية، وتتطلب تفاعل العاملين في الصيانة مع القيّمين على المجموعات ومؤرخي المؤسّسات الثقافية، من أجل تحديد الأولويات.

لقد حاولتُ التفكير مليًا في الأساليب التي يمكن أن تدار بها بهذه العناصر، والتي هي تاريخ التراث التوثيقي للجنس البشري، والجماليّات والمواد التي تصنع منها عناصر التراث وكيمياء المواد وتدهورها، وذلك لتحقيق هدف الحفاظ على مجموعات التراث النّصي، لتتمتّع بها أجيال المستقبل. إنّ الأمر يتطلب حماسًا خاصًا لموازنة جميع هذه العناصر دون السماح لأحدها بالسيطرة على غيره. وليس هناك وقت للملل أو لتراخي الاهتمام، فثمّ الكثير مما يجب عمله. هذا هو التحدي والفرصة المتاحة في آن معًا.

مراجع مختارة

هناك قوائم بيبليوغرافية كثيرة حول هذا الموضوع. وما يرد أدناه هو – فقط – الوثائق التي أشرتُ إليها، أو تلك أرغب في توجيه الأنظار إليها فيما يتصل بالموضوع الذي تعرضه.

The Abbey Newsletter: Bookbinding and Conservation, published six times a year. Ellen McCrady, ed., Austin, Texas, v.1, 1975 to present.

Association of Research Libraries, “Meeting the Preservation Challenge.” Jan Islam Merrill-Oldham, ed., Washington, DC. 1988. (This publication also contains “The Moral Imperative of Conservation” by James H. Billington, Librarian of the Library of Congress. This is a statement of the value of saving cultural property.)

Canadian Conservation Institute (CCI), “Framework for Preservation of Museum Collections,” (wall-chart) 1994.

State Library of Ohio and the Ohio Preservation Council, “Managing Preservation; A Guidebook,” 1994, 176p. (This publication includes an extensive and current bibliography on the topics presented which are comprehensive).

ملاحظة:
نشر هذا النص في الكتاب التالي:
صيانة وحفظ المخطوطات الإسلامية: أعمال المؤتمر الثالث لمؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، لندن 18-19 نوفمبر 1995 – النسخة العربية، مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، لندن، ص 322-293.

يرجى الملاحظة بأن بعض الصور المستخدمة في هذه المقالة المنشورة على الموقع قد لا تكون جزءًا من نسخة المقالة المنشورة ضمن الكتاب المعني.
Back to Top