استخدام الرق في المخطوطات الإسلامية

شارك:

فرانسوا ديروش

محتويات المقال:
1 - الرقّ: أصله ووسائل تحضيره وخواصه
2 - استخدام الرق في المخطوطات الإسلامية
أ - تصنيع الكراسة: المصاحف القديمة
ب - تصنيع الكراريس: خصائصها في العصور القديمة
ج - تصنيع الكراريس: أحوال المغرب
د - تصنيع الكراريس: حلول مختلطة
هـ - بعض الملاحظات عن استخدامات الجلود
و - التسطير على الرق
3 - إعادة استخدام الرق
الخاتمة

كان الرق (بفتح القاف أو كسرها مع التشديد، وهو ما يعرف أيضاً بالجلد) يحتل إلى جانب البردي موقع الصدارة في مجال صناعة المخطوطات، وذلك قبل أن يعرف الورق ويصبح المادة الوحيدة المستخدمة في هذا الغرض. ولم يكن استخدام الرق محصوراً في هذا المجال، وهو ما تشهد به الوثائق العديدة حول هذه المادة والتي جرى العرف بإدراجها في مجال دراسة البرديات العربية، ولكننا لن نتعرض لها في سياق بحثنا هذا المخصص لفن الكتاب. وعلى الرغم من أهمية الرق في العصور السالفة إلا أنه لم يتبق لنا من مخطوطاته سوى النزر اليسير، وهو ما قد يفسر جهلنا النسبي بكيفية استخدام النسَّاخ والمجلِّدون المسلمون له. ولكي نتمكن ذات يوم من كتابة تاريخ الرق في العالم الإسلامي يتحتم على علماء المخطوطات أن يستكشفوا النماذج المحفوظة في بطون المكتبات وأن يدرسوا استخداماتها المختلفة، فعن طريق رصد هذه الممارسات على مر العصور وبامتداد الرقعة الإسلامية يمكننا إرساء أسس هذه الدراسة التاريخية. وإذا اقتضى الأمر، يمكننا أن نجمع بين النتائج التي نتوصل إليها من ناحية، وبين معطيات النصوص غير المؤكدة من ناحية أخرى، إضافة إلى ما تكشف عنه التحاليل المعملية لنماذج الرق القديمة. وأخيراً فإن المقارنة بين ما نعرفه عن صناعة هذه المادة واستخدامها وبين مثل هذه الممارسات في مجتمعات أخرى (إسبانيا أو الشرق الأوسط على سبيل المثال)، تيسر لنا فهماً أفضل لبعض جوانب العملية أو على الأقل تيسر لنا طرحاً أفضل للأسئلة التي تحيرنا. وفي كل الأحوال فإنه يجب علينا أن ندرك أن الفحص الدقيق للمخطوطات ذاتها يمثل خطوة لا غنى عنها نحو فهم طريقة استخدام الرق في صناعة الكتاب.[1]

لا يزال أمامنا شوط طويل قبل أن نتمكن من إيفاء متطلبات هذا البحث حقها، ولا زلنا بغير شك نواجه أسئلة بلا حل. ذلك أن خبرتنا لا تتجاوز بضعة مئات من المخطوطات أو أجزاء من المخطوطات أغلبها مخطوطات قرآنية غير مؤكدة المصدر. كذلك فإن الدلالات الجغرافية لبعض ما نرصد من ظواهر تبقى غامضة بغير استثناء. لذلك يميل المرء إلى تقديم سلسلة من الدراسات لنماذج مفردة يمكن من خلالها دراسة استخدامات الرق في إطار تسلسلها الزمني ممهدين لذلك أولاً بسوق نبذة موجزة عن تاريخ صناعة الرق والوسائل المستخدمة فيها.

1 - الرقّ: أصله ووسائل تحضيره وخواصه

بالرغم مما توحي به تسميات الرق في اللغات المختلفة،[2] فالثابت أنه لم «يختَرع» في القرن الثاني قبل الميلاد في برجامة (پرجام).[3] بل يبدو أنه كان معروفا ومستخدما في الشرق طويلا، ربما منذ ألف عام قبل العهد الجديد.[4] وبالرغم من أن وسيلة تصنيع الرق تبدو بسيطة وهينة، إلا أنها تغصّ بالمشاكل إذا حكمنا عليها من خلال التفسيرات المتباينة للمراجع المتخصصة. ومع ذلك نرى ضرورة النظر في هذه العملية حتى نتمكن من الإلمام باستخدامات هذه المادة. ما هو الرق؟ الرق وفقا لتعريف معجم خاص بعلم المخطوطات ومعد طبقا للمفاهيم الأوروبية هو «جلد حيواني منتوف ومكحوت من خلال معالجة غير دابغة (أو دابغة قليلا) تليها عملية تجفيف وشدّ تعِدّ شريحة الجلد للكتابة على وجهيها».[5]

إذن، فالمادة الأساسية أصلها حيواني: الخروف أو الماعز أو العجل: أو ربما الحمار - ولكن العرف كان يحبِّذ استخدام الغزال.[6] كما سيتضح لنا، معظم النصوص تدل على تفضيل استخدام جلد الخروف. بينما يعطينا «كتاب الأنواء» للقرن الرابع/ العاشر، معلومة مثيرة، إذ يذكر تحت مدخل شهر مايو/ أيار أن: الرق يصنَّع من جلد الظبي والغزال إلى نهاية شهر يوليو/ تموز.[7] ويبدو أن نوعية جلود الحيوانات البرية كانت تفضل على جلود الحيوانات المستأنسة[8] - وهذا خيار فنيّ أساسا، يدعونا إلى التساؤل عن المشاكل الاقتصادية المعنية إذا أخذنا في الاعتبار كمية الجلود اللازمة لإنتاج مخطوط متوسط السمك. كما أننا نتساءل عن تسمية «جلد الغزال»، فقد تعود إلى نوع معيَّن من الرق - مثل التسمية الفرنسية vélin؛ ففي مرجع (ملحق القواميس العربية) ل «دوزي» Supplément aux dictionnaires arabes يخبرنا أن «رق الغزال» يعني فعلا «جلود عذراء» أي الرق المعدّ من جلد «الجدي الصغير أو الحمل المولود ميتا».[9] تعطينا رسائل الحسبة بعض الإشارات العابرة عن الوسائل المستخدمة. ومن ضمنها رسالة ابن عبدون المحررة في أسبانيا في أواخر القرن الخامس/ الحادي عشر أو أوائل القرن السادس/ الثاني عشر، التي توصي بعدم استخدام جلود الخراف النحيفة لتحضير الرق،[10] والتي نستنتج منها أن جلد الخروف كان هو المستخدم غالبا وأن الرقاقين كانوا على علم بأن حالة الحيوان الصحية كانت عاملا أساسيا في تحديد جودة الرق. فالحيوان الذي يشكو من سوء التغذية يعطي جلدا رقيقا وضعيفا ملمسه غير منتظم ويعيبه انطباع شكل العظام عليه.[11] ومع ذلك فواضح أن بعض الحرفيين لم يكونوا يلتزمون بالمقاييس المعترف بها - مما كان يستتبع مساءلتهم في ذلك. إذ يمكن مبدئيا تعيين الحيوان الذي استخدم جلده لتصنيع الرق بمتابعة نمط جذور الوبر في قطعة الرق المنجزة. ولكن غَالبا ما محت المعالجة العشوائية لهذه الجلود العلامات المميزة لفروة الحيوان، وبالتالي نعجز عن تحديد مصدرها بدقة - ونضطر إلى الحديث عن «الرق» عامة. ويجب الاقتصار في استخدام لفظة vélin الفرنسية على معنى الرق المصنع من جلد العجل الصغير.

يبدأ الرقاق بإزالة الشعر: والطريقة المعروفة التي مارسها الغرب في العصور الوسطى كانت غمر جلد الحيوان في حمام من الجير يسهِّل نزع الفروة. ويدل مؤلف «الفهرست» على علمه بهذه العملية في القرن الرابع/ العاشر بذكره لمعجون مزيل للشعر - «نورة» - مكون من الجير والزرنيخ،[12] والذي، حسب قوله، كان يعيبه أنه يؤدي إلى تجفيف الجلد. ولكن هناك وسيلة أخرى استخدمت في الكوفة لم يكن لها ذلك الأثر، وكانت تعتمد على خلطة أساسها ثمرة البلح.[13] على أن استخدام الجير - كما ثبت في الشرق الأوسط خلال القرن الثالث/ التاسع[14] - موضح في مخطوط لاتيني منسوخ في إيطاليا في القرن الثامن، المخطوط «لوك - Lucques , Biblioteca capitolare «490 وفيه نظريتان متعارضتان: إحداهما، وإن لم تؤكد نسبة اختراع معالجة الجلد بحمام الجير إلى العرب، فهي تحبذ أنهم نقلوها إلى الأوروبيين،[15] بينما تؤكد الأخرى أن انتشار هذا الأسلوب كان في الاتجاه العكسي.[16] أما استخدام خلطة البلح، فقد كان متبعا في المجتمعات اليهودية في الشرق الأوسط في العصور الوسطى.[17] وبصدد استخدام الطباشير لإزالة الشحم، فالنصوص لا تفيدنا بما يوضح ذلك، ولكننا لاحظنا على رقائق من مصحف منسوخ بالخط الحجازي - أي يؤرخ بين أواخر القرن الأول/ السابع وأوائل القرن الثاني/ الثامن - طبقة طباشيرية قد تؤخذ كدليل على هذه العملية إن لم يكن القصد منها إضفاء طابع متجانس على وجهي الصفحة.[18] كما يحدثنا «ريد» Reed عن استخدام الطباشير أو الجبس للتحكم في عملية تجفيف الجلد المشدود.[19]

كانت رواسب اللحم والشحم على السطح اللحمي للجلد تكحت بأداة حادة كالشفرة أو النصل. ويبدو نص ابن عبدون متمسكا بهذه العملية إذ يقول إنه يجب أن لا يعمل رق إلا مبشورا.[20] ثم يكرر عمر الجرسيفي (أوائل القرن السابع/ الثالث عشر؟) أنه واجب على المحتسب مراقبة الورَّاقين خاصة، وكذلك الرقاقين من حيث اختيار الجلد الذي يجب أن يكون مكشوطا ناعما ونظيفا.[21] ولكننا لا نؤكد أن تصنيع الرق بعد ذلك في العالم الإسلامي اعتمد بانتظام على صنفرة الجلد لإزالة جميع الفروق بين وجهيه. الخطوة الأساسية أثناء معالجة الجلد كانت شده على إطارات وتركه حتى يجف. وأما المساحة اللازمة لهذه العملية، فقد وجدها الرقاقون الأندلسيون في أفنية المدافن - مما دعا ابن عبدون إلى التذكرة بعدم صحة فرش الوسخ مثل جلود الدباغين والرقاقين في أفنيتها.[22]

بناءً على فحص أمثلة المخطوطات الرقية المحفوظة، نلاحظ اختلافا كبيرا في نوعية الرق المستخدم. تتوقف تلك النوعية على عوامل كثيرة نسردها باختصار. نعلم من الدراسات السابقة أن أصناف الحيوانات المختلفة لا تعطينا نفس نوعية الجلود. كما أنه لا يتحتم أن يعطي حيوانان من نفس الجنس جلودا متماثلة النوعية، وبما أننا قررنا من خلال بحثنا في هذا المجال أن حالة الحيوان - وصحة جلده بالذات - تلعب دورا أساسيا في نوعية المنتج النهائي، فأي جرح أو شكّة أو رطمة سابقة للذبح تترك علاماتها على الجلد. كما أنه هناك احتمال إتلاف الجلد أثناء معالجته. كل ذلك يترك أثره على الرق في صورة ثقوب دائرية أو بيضاوية لجأ البعض إلى حياكة أطرافها معا لترميمها. وفي المخطوط Paris, BN Arabe 6095 نجد أن شريحة دقيقة من الرق ألصِقت بالثقوب لتغطيتها - انظر الصحائف 3 و5 و28.[23] وأثناء تحضير الجلد بإخضاعه للشد، قد تظهر به بقع شبه شفافة تسمّى «عيون» كما في الصحيفة 47 من المخطوط BN Arabe 6090. [24]

نضيف إلى هذه الشوائب عاملا آخر هاما وهو جديّة الرقاق وحذره أثناء تحضيره للجلد. فكما سبق، يبدو أن الرقاقين لم يعتنوا بمحو الفوارق بين سطح الوبر والسطح اللحمي فالأخير أكثر بياضا من الأول ويتميز بملمس مخملي، ونتيجة ذلك أن المداد يثبت بسهولة أكثر على السطح الوبري وهو ما يتضح خاصة في بعض نماذج المصاحف العباسية الكبرى.[25] ويمكن التحقق من ذلك بسهولة. فبمجرد فتح المخطوط أمامنا بحيث يمكننا مشاهدة هوامش عدد من الرقائق المتتالية، نستطيع أن نرى الفارق واضحا بين وجهي الصحائف.[26] الوجه العلوي يمدنا في بعض الحالات بقرائن ثابتة: الشعر أو الوبر يبقى بصورة ملحوظة على محيط الثقوب التي ناقشناها أعلاه وعلى حواف قطعة الجلد - كما في مخطوط باريس - Paris, BN Arabe 6095 f.39 verso- ظهر/ صحيفة 39.[27] وقد يحدث ألاّ تنَفَّذ عملية النتف كما يجب فنجد الشعر في مواضع لا نتوقعه بها حسب فهمنا لإجراءات هذه العملية. ففي مخطوطات مغربية عديدة نجد أن جذور الوبر ما زالت واضحة على السطح العلوي للرق - كما في المخطوط 6090 أو Paris, BN Arabe 5935[28]و[29] - ويبدو أن الأداة المستخدمة لسحف الوجه اللحمي كانت تترك أحيانا رواسب كالتي نلاحظها في المخطوط Paris, BN Arabe 6095 - صفحة 17.[30] إن وجود مخطوطات رديئة يقابله وجود العديد من المخطوطات الممتازة في نوعية إنتاجها مثل مخطوط إستانبول نور عثمانية 27[31] - الذي نُسِخ على صحيفات رق أعِدَّ وجهاها بعناية تامة إلى درجة أننا نجد صعوبة في التمييز بينهما. كما أن الوسائل المتعددة المعروفة لاستخدام الجلد في تصنيع كراسات المخطوطات ومجلداتها تفتح مجال تنوعات نتعرض له فيما بعد بالأمثلة.

بالطبع، تتحدد مقاسات الرق وفقا لمقاسات جلد الحيوان المستخدم في صناعته، وكما هو معلوم تختلف خواص الفصائل الحيوانية المستخدمة كما تختلف الخواص الفردية للحيوانات داخل الفصيلة الواحدة. وأودّ أن أناقش هنا مثالا واضحا لما أعنيه في صورة مخطوط ووثائق تحدّد أقصى مقاسات صحيفة الرق - وذلك مع إهمال القيم الدنيا لهذه المقاسات لعدم أهميتها.[32] فأجزاء المصحف المصنَف تحت مصحف - BN Arabe 324 - في باريس تتكون من رقائق مخنصرة بشدة وقياساتها 537×620مم.[33] كما أن وثيقة محفوظة في لندن تحت رقم British Library Or. 4684/ III تبلغ مقاساتها 850×820مم.[34]

وقد يُصبَغ الرق قبل أن يستعمله الناسخ كما كان المعتاد في حوض البحر الأبيض المتوسط.[35] ولن نتطرق هنا إلى مناقشة أشهر مخطوط إسلامي منسوخ على الرق المصبوغ: المصحف الأزرق.[36] فالحرفيون الإسلاميون استخدموا ألوانا أخرى مثل أصفر الزعفران والصبغة البرتقالية.[37] وقد أملت الطبيعة الخاصة للرق استخدام ألوان من المداد والأحبار يتميز بها، فابن باديس يذكر المداد الذهبي والمداد الأزرق.[38]

يمكن من ناحية المبدأ تصنيع الرق في أي مكان، وذلك بخلاف البرديّ الذي يقتصر إنتاجه على بعض مناطق محددة ينمو فيها نبات «سيبروس بابيروس ل Cyperus papyrus L» حيث أن المادة الأساسية تكاد تكون متوفرة في كل مكان ووسائل التصنيع بسيطة نوعا ما. ونجد أن ذلك كان من أهم مزايا هذه الصناعة: إذ إن مستخدمي الرق لم يعتمدوا على إمدادات من مصادر بعيدة قد تنقطع الطرق المؤدية إليها نتيجة لظروف سياسية أو اقتصادية. وبالرغم من أننا على علم بتفضيل إنتاج مدن معينة مشهورة بجودة رقها - مثل الكوفة والرُهاء[39] - إلا أننا للأسف لم نحصل على معلومات توضح لنا أسباب هذا التميز في الإنتاج - سواء كانت عوامل فنية[40] أو مناخية[41] أو غيرها.

2 - استخدام الرق في المخطوطات الإسلامية

عندما نتحدث عن المخطوطات الإسلامية، يبدر إلى ذهننا مباشرة المخطوط المجلّد في صورة كتاب - codex - وعلى الرغم من أن هذه هي الصورة التي وصلتنا بها أعداد وفيرة من المخطوطات، تفوق بكثير أي أمثلة أخرى، إلا أنها لم تكن الصورة الوحيدة التي أنتجت بها المخطوطات الإسلامية. وبالنسبة للرق، فنعرف على الأقل مثالا واحدا على أنه استُّخدم في مخطوطات ليست مجلدة، ونعني بذلك اللفائف (الدَرْج - rotulus - حسب التعبير المستخدم بخلاف اللفة - volumen)[42] التي وصلنا منها عدد صغير. نعرف أن هذه اللفائف كانت شائعة في العالم الإسلامي القديم بالرغم من أن أمثلتها المتبقية قليلة[43] وفي مجموعة متحف الفنون التركية والإسلامية في إستانبول[44] نجد أجزاء من كتابات قرآنية منسوخة على لفائف قد تكون مكونة من أجزاء منفصلة مخيطة[45] أو ملصوقة ببعضها[46] طرفا لطرف.

أ - تصنيع الكراسة: المصاحف القديمة

هناك دلائل على استخدام الرق في العالم العربي القديم،[47] على نحو لا يقل عن استخدام البردي. ففي أوائل العصر الإسلامي، كان يستخدم الرق مع البردي في الكتابات الديوانية وفي نسخ المخطوطات على وجه سواء. وكان الرق مكلفا، ولذلك كثيرا ما أعيد استخدامه منذ العصور القديمة كما سنرى فيما بعد. ولم يلبث ظهور الورق أن أدى إلى إعادة النظر في استخدام الرق، وذلك بالرغم من مزاياه وشدة مقاومته خاصة. فمن القرن الرابع/ العاشر إلى القرن الثامن/ الرابع عشر - أو ربما التاسع/ الخامس عشر[48] - أخذت استعمالاته في الانكماش بينما تطورت أساليب استخدامه. ولا تتوفر لنا إحصائيات بعدد المخطوطات العربية الإسلامية المنسوخة على الرقّ - كما اتضح لنا خلال بحثنا أن نسبة عدد المصاحف عالية جدا ضمن العينات التي درسناها - وقد يكون هذا دليلا على تفضيل الرق لهذا النوع من الكتابات أو على العناية الخاصة بحفظها أو نتيجة لأهمية هذين العاملين معا، ولم يثبت لنا أي أساليب خاصة لاستخدام الرق تتوقف على طبيعة الكتابات المدونة عليه سواء كانت مصاحف أو غير ذلك وأقصى ما نستطيع الجزم به هو أن المادة الخام المستخدمة للمصاحف كانت من نوع أفضل من المعتاد، إلا أنه من الضروري أن نفحص عددا أكبر من النصوص غير القرآنية المدونة على الرق كي نستطيع الجزم بأمر في هذا الموضوع.

الرسم (1) كراسة من 4 ورقات من النوع الغربي
الرسم (1) كراسة من 4 ورقات من النوع الغربي

وقبل أن نتعرض لوسائل تصنيع الناسخين المسلمين لكراسة الرق، قد نستفيد من إلقاء نظرة على أساليب ناسخي العصور الوسطى في الغرب. فقد كان هؤلاء يطوون الجلد، منصِّفينه مرة أو مرتين أو ثلاثا، فيحصلون على كراسة تتكون من صحيفتين (مقاس فوليو) أو أربع (مقاس كوارتيو) أو ثماني صحائف (مقاس أوكثاڨو) أو ست عشرة صحيفة (مقاس 12).[49] وينتج عن هذا النمط في الطيّ ما يُعرف بقاعدة «جريجوري» المسماة على لقب العالم الألماني، أول من لاحظ أنه في الكراسات يكون وجها الصحائف المتقابلة متماثلين نوعا - فإن كانت الصفحة «س/ ظهر» الوجه العلوي للرق يكون الوجه المقابل لها «صفحة س+1/ وجه» مأخوذا أيضا من الوجه العلوي للرق (انظر الرسم 1).

في بداية دراستنا للمصاحف الرقية المحفوظة في المكتبة الوطنية، وضعنا جانبا بعض المخطوطات المتضمنة لنصوص متسلسلة تسلسلا كافيا بحيث يسمح لنا باستخلاص نتائج مفيدة عن طريقة تكوين الكراسة. من هذه النسخ نخص بالذكر المخطوط «سميث-لوسويف Smith-Lesouëf 193» كعيّنة نموذجية في تكوينها.[50] فبالرغم من الفجوات المتناثرة التي تحرمنا من بعض الصحائف (انظر مثلا الكراسة 3 - رسم 3) يتضح مباشرة أن الكراريس تكونت من عشر صحائف مجمَّعة بالتسلسل الآتي:[51]

و/ ل، و/ ل، و/ ل، و/ ل، و/ ل+ ل/ و، ل/ و، ل/ و، ل/ و، ل/ و (الرسم 2).

الكراريس رقم 2 و3 و7 من مخطوط باريس BN Smith-Lesouëf 193: 1 - رق (الخط المتقطع يبيِّن وضع الوجه الوبري) - (ملاحظة: نتيجة لعملية ترميم قديمة - ربما عثمانية - ألصِقَت الصحيفتان المتناظرتان غير المتجانستين بإحدى التعقيبتين - كما في ص14 و17 - بينما أزيلت الأخرى).
الكراريس رقم 2 و3 و7 من مخطوط باريس BN Smith-Lesouëf 193: 1 - رق (الخط المتقطع يبيِّن وضع الوجه الوبري) - (ملاحظة: نتيجة لعملية ترميم قديمة - ربما عثمانية - ألصِقَت الصحيفتان المتناظرتان غير المتجانستين بإحدى التعقيبتين - كما في ص14 و17 - بينما أزيلت الأخرى).

الكراريس رقم 2 و3 و7 من مخطوط باريس BN Smith-Lesouëf 193: 1 - رق (الخط المتقطع يبيِّن وضع الوجه الوبري) - (ملاحظة: نتيجة لعملية ترميم قديمة - ربما عثمانية - ألصِقَت الصحيفتان المتناظرتان غير المتجانستين بإحدى التعقيبتين - كما في ص14 و17 - بينما أزيلت الأخرى).

وقد أكدت هذه الملاحظات دراسة مجموعتين واسعتين من المصاحف المنسوخة على الرق نسخت فيما بين نهاية القرن الأول/ السابع والقرن الرابع/ العاشر. نبدأ بمجموعة باريس ونتبعها بالمجموعة المحفوظة في متحف الفنون التركية والإسلامية بإستانبول. عند فحصها، يتضح لنا أن معظم الكراريس مكونة من عشر صحائف - أي خمس مزدوجة، مما يعني أنها لا يمكن أن تنتج عن الطيّ البسيط، كما سنبينه فيما يتبع، ونلاحظ نفس النسق في عادات الحرفيين المصنعين للكتب عند استعمالهم الرق في الكراسة: وجه الصفحة «1» (أي الوجه المتصدر) يكاد يكون دائما الوجه الوبري للرق.[52] وجوه الصحائف التالية - أي الصفحات 2 و3 و4 و5 من الكراسة، هي أيضاً الوجوه الوبرية. (انظر الرسم 3) إذن، فلا يمكن هنا تطبيق قاعدة «جريجوري»، فعند فتح المخطوط، نلاحظ اختلافا واضحا بين نصفي الصفحة المزدوجة[53] - فيما عدا نقطة تلاحم كراستين - حيث نجد أن وجهي وبر يتقابلان - وفي منتصف كل كراسة - حيث، بالطبع، نجد وجهين لحميين. وقد يحدث بالصدفة ألا نجد هذه الخاصية داخل كراسة في مخطوط أعِدَّ بعناية خاصة متَّبِعا التسلسل الذي وصفناه بدقَّة. على ذلك الأساس، لا يسنح لنا سوى استنتاج أن الناسخين - أو الورَّاقين - في العالم الإسلامي لم يكونوا يطوون الجلد - بل كانوا يفضلون قطع الرق بالمقاسات المناسبة لحجم المخطوط الذي يعملون فيه.

الرسم (3) كراسة من 5 ورقات من النوع التقليدي (القرن الثالث/ التاسع)

وأنهم، إن لم ينجحوا في إعداد الجلد حسب حاجتهم، كانوا يستعملونه في كراريس أخرى، أي مخطوطات أخرى[54] إذ كانت تجمع شقفات من نفس الحجم - خمس شقفات في العادة - في نفس الوضع ثم تطوى إلى قسمين من منتصفها لتكوين كراسة.

لقد سبق أن أشرنا إلى اختلاف هذا الأسلوب عن الوسائل المعتادة المستخدمة في الغرب. هل كان ذلك ابتكارا أم ترى كان يوجد تقليد متبع في ميدان صناعة الكتاب رجع إليه الحرفيون المسلمون؟ الإجابة عن هذا السؤال قد تمكن في فحص وسائل تصنيع الكتب من ورق البردي، إذ إن لدينا معلومات دقيقة عن فن صناعة الكراسة توضح أن ورق البردي كان يُقطَّع شرائح يضاف بعضها إلى بعض بحيث تكون الألياف الأفقية إلى أعلى. وبعد تجميع العدد المرغوب من الصحائف، تُطوى كومة الورق إلى اثنين من منتصفها لعمل كراسة حيث تواجه الصفحات ذات الألياف الرأسية تلك ذات الألياف الأفقية على نحو منتظم - فيما عدا طبعا الصفحة المزدوجة المنصِّفة للكراسة.[55] عند هذا الموضع يشتد الإغراء بتعليل تتالي الوجوه العلوية للرق داخل كراريس المخطوطات التي وصفناها قياسا إلى طبقات أوراق البردي المزدوجة المقطوعة لتصنيع اللفائف، إذ أن شكل المجموعات الخماسية التي نلحظها في كراريس البردي يسهل شرحه في هذه الحالة من الناحية العددية.[56] كما نجد أن هذه الطريقة في إعداد الكراريس كانت تبدو معروفة في أقدم المخطوطات السريانية.[57]

إن تتالي وجوه الرق في كراريس خماسية ليس الظاهرة الوحيدة الملحوظة في مخطوطات المصاحف في هاتين المجموعتين، فاستخدام الجلد فيهما أيضاً يسترعي الانتباه: إذ إننا لاحظنا أثناء فحصنا للكراريس وجود العديد من التعقيبات، وذلك منذ قديم بدليل جزء من مصحف حجازي - المخطوط Paris, BN Arabe 328a - حيث تكتمل الصحيفة رقم 17 بتعقيب. ومع البحث، تأكد لنا أن هذه التعقيبات ليست دليلا على ضياع جزء من النص، فالتدقيق في الأمثلة الموجودة أظهر لنا أن الصحائف المنفصلة المزودة بتعقيبات كانت تُضمن بانتظام في الكراريس «كبدائل» لصحائف مزدوجة أصلية. وفي داخل الكراريس المكونة من مجموعات شرائح خماسية، تتراوح أعداد التعقيبات بين 2 و8 (انظر الرسم 4 و5) بحيث نحصل دائما على عشر صحائف.

الرسم (4) كراس من خمس ورقات يتضمن صحيفتين غير متجانستين مزودتين بتعقيبة (ص4 و7) وموضوعتين بالتناظر.
الرسم (5) كراس من خمس ورقات به ثماني صحائف غير متجانسة مزودة بتعقيبة (ص2 إلى 9) وموضوعة بالتناظر.

وبالفحص التفصيلي لمجموعة من المخطوطات متناسقة من حيث الخط وطريقة التصنيع وصلنا إلى أن ربع عدد الكراريس فقط يتكون من خمس صحائف مزدوجة.[58] وفي الحالات الأخرى، أدخلت صحائف منفصلة متناظرة بين الطبقات لتحل محل الصحائف المزدوجة الغائبة (انظر الرسم 6). والصيغة الأخرى الأكثر شيوعا والتي تضاهي في تواترها الكراس ذا الخمس صحائف المزدوجة هي إدخال صحيفتين منفصلتين مكان ص3 و8 للكراس. وعامة، في 40% من الحالات، نجد أن صحيفتين منفصلتين أدخلتا بالتناظر في مواضع مختلفة بين الصحائف المزدوجة. كما أنه في حوالي 10% من الحالات نجد ست صحائف منفصلة (أي ثلاث مجموعات من صحيفتين) موضوعة بين صحيفتين مزدوجتين. والظاهر أن المصنعين كانوا يعتنون - على قدر المستطاع - بألا يضعفوا من صلابة الكراس - أي المخطوط.[59]

الرسم (6) كراس من خمس ورقات يتضمن أربع صحائف غير متجانسة مزودة بتعقيبة (ص2 و4 و7 و9) وموضوعة بالتناظر.

ويجب أن نشير هنا إلى بعض الحالات الاستثنائية - وإن كانت شاذة ومعدودة - حيث يكون مجموع عدد صحائف الكراس أكثر أو أقل من عشر: فيكون أحيانا إحدى عشرة أو تسع صحائف بدون أي فراغات في النص. وفي بعض الحالات الأخرى نجد أن الصحائف المنفصلة المضافة ليست في أوضاع متناظرة: فمثلا تكون في موضع ص3 و7 من الكراس بدلا من ص3 و8 - ولكن بدون الإخلال بتوزيع نصفي الكراس أو بتسلسل وجهي الرق.

ب - تصنيع الكراريس: خصائصها في العصور القديمة

إن عرضنا السابق ينطبق بالذات على مخطوطات المصاحف من القرن الثالث/ التاسع.[60] ولكن، هل كان الوضع دائما كذلك؟ من أجل الوصول إلى إجابة مفيدة لهذا السؤال، يتحتم علينا دراسة أعداد وفيرة من مجموعات المخطوطات كما سبق أعلاه - إلا أن عدد المخطوطات السابقة على القرن الثالث/ التاسع أقل مما بعد ذلك، مما يجعل المقارنة أمرا معقدا. إننا نفترض أن جزء المخطوطة القرآنية باريس Paris, BN Arabe 328a المذكور أعلاه نسِخ في أوائل القرن الثاني/ الثامن أو حتى أواخر القرن الأول/ السابع،[61] وأساس هذا التأريخ هو خطها الحجازي. اقتنت المكتبة الوطنية في القرن التاسع عشر هذه المجموعة من الصحائف المبعثرة التي حصل عليها ج. ل. أسلان دي شرفيل J. L. Asselin de Cherville في القاهرة. وقامت المكتبة حفاظا على المخطوطة بجمع الصحائف ووضعت بينها أوراقا للحماية كانت نتيجتها إعاقة البحث في فن تصنيع الكتاب والمخطوط المجلد. ويكوِّن العديد من الصحائف نصا متسلسلا: الصحائف 4 إلى 22 - و23 إلى 40 - و41 إلى 48؛ نضيف إليها الصحائف 57 إلى 64 التي حفِظت مستقلة تحت رقم Arabe 328b بسبب استبعادها على أساس التحليل الخطي والتي نرى الآن تضمينها في نفس المصحف.[62] ولما كنا غير قادرين على القيام بتحليل المخطوط بصورة تفصيلية للأسباب السابق ذكرها، فإني أقترح التحليل الآتي: الجزء يتكون من أربع مجموعات رباعية، الصحائف 7 إلى 14 و24 إلى 31 و32 إلى 39 و57 إلى 64، ونضيف الكراس ص42 إلى 48 (7 صحائف) ناقصا صحيفته الأخيرة. أما ص15 إلى 21 فتكوينها شاذ. وتسلسل وجوه الرق في ص7 إلى 14 مثلا يسترعي الانتباه:[63]

ل/ و، و/ ل، ل/ و، و/ ل + ل/ و، و/ ل، ل/ و، و/ ل (انظر الرسم 7).

وبما أننا لاحظنا هذا النمط في أمثلة أخرى، فقد نستنتج أن هذا المخطوط يكوِّن مثالا على تصنيع الكراس بالطيّ. ولكن هناك مثالين من المجموعات الرباعية التي تتعارض مع هذا الافتراض وهما: ص43 إلى 48 و44 إلى 47 التي، مثلها كمثل ص59 إلى 62 و60 إلى 61، تتقابل فيها وجوه لحمية مع وجوه وبرية. وهذا دليل قوي ضد افتراض الطيّ، ولكن مع ذلك نلاحظ أن الوجه المتصدر لمختلف الكراريس هو الوجه اللحمي. لا نستنتج من ذلك أن المجموعات الرباعية التي وصفناها هي الأمثلة الوحيدة المعروفة من تلك الفترة. فهناك مخطوط آخر بالخط الحجازي (انظر الرسم 7) - Paris, BN 328c - تكوينه خماسي معتاد (بمعنى أن الوجه الوبري هو وجه جميع الصحائف في نصفه الأول). فعلينا الانتظار إلى أن نتعرف على عدد أكبر من المصاحف الحجازية كي نضع الخطوط العريضة للاتجاهات المختلفة.

الرسم (7) كراس من 4 ورقات. مخطوطة باريس BN Arabe 328a (نهاية القرن الأول/ السابع وبداية القرن الثاني/ الثامن)

وإلى أن نتمكن من ذلك، فلنذكر الآن التنوع النسبي في استخدامات الرق السائد في هذه الفترة - أواخر القرن الأول/ السابع وأوائل القرن الثاني/ الثامن - والذي لا يخرج عن المعتاد من حيث عدد صحائف الكراريس بينما يلفت انتباهنا ظاهرة أخرى غير عادية وهي استخدام الوجه اللحمي للرق في صدارة الكراس.

نعود الآن لذكر مخطوط باريس Paris, BN Arabe 324 الذي يرجح أن يرجع تاريخه إلى النصف الثاني للقرن الثاني/ الثامن، فندرك من أول نظرة أن الوجه المتصدر لمعظم صحائفه هو الوجه اللحمي. وتتميز مجموعتان من الصحائف بنص متسلسل - ص18 إلى 27 ثم 30 إلى 37 - الأولى على عشر صحائف والثانية على ثماني صحائف. وقد أشرنا إلى أن واجهات الصحائف هي الجانب اللحمي للرق، ذلك فيما عدا ص23 المعكوسة. قد نظن أننا نتعامل مع كراريس من 16 إلى 20 صحيفة. ولكننا نحبذ تفسيرا آخر في ضوء دراسة 122 صحيفة من النص القرآني مجمَّعة في مخطوطي إستانبول TIEM 51-52 خطها مثل خط الأجزاء المحفوظة في باريس والتي تتسلسل فيها الجوانب من الجانب اللحمي للرق.[64] في كلتا الحالتين، المخطوط «مسطَّح» in plano - أي أن كل صحيفة مكونة من جلدة كاملة،[65] إذن فالكراسة ليست أساس الكتاب. وجميع الصحائف موضوعة بنفس النمط: أي أن جميع الوجوه على الجانب اللحمي للرق وجميع ظهور الصحائف على الجانب الوبري. وللأسف لم يصلنا أي من المخطوطين في حالة تجليده الأصلية فلا نستطيع أن نعرف كيف كانت الصحائف مجمَّعة - هل كانت مخيًّطة مسطَّحة[66] أم محمَّلة على شرائط؟ حالة المخطوطين لا تسمح لنا بالإجابة. ويبدو أن مخطوط صنعاء - دار المخطوطات 20 - 1. 33 - كان مركبا بنفس الأسلوب ولكننا لا نعرف إن كانت جميع صحائفه على نفس الوجه.[67]

من وقت لآخر، تظهر أمثلة لمخطوطات رقية مركبَّة بصور أخرى. فأحيانا نجد الصورة الرباعية بين المخطوطات المستطيلة من القرن الثالث/ التاسع وبين المصاحف الرأسية الهيئة من القرن الرابع/ العاشر، ومن العجيب أن ذلك لا يؤثر على تتالي وجوه الرق الذي لا يختلف في هذه الأمثلة عنه في الأمثلة أعلاه حيث يكون الوجه المتصدر للمخطوط من جانب الرق الوبري. وبعض الأمثلة محيّرة فعلا - كمخطوطي إستانبول (من القرن الثالث/ التاسع) TIEM 552-553 المكونين من مجموعات رباعية بداخلها وجوه الصحائف 1 و2 و4 من جانب الوبر بينما ص3 معكوسة ووجهها من جانب اللحم. كما نجد أجزاء مخطوط آخر في هذه المجموعة - SF 148 - يبدو وكأنه مكون من مجموعات خماسية تتبع قاعدة جريجوري بينما يكون الوجه المتصدر للكراريس أحيانا وبريا وأحيانا لحميا، ولسبب ما نلاحظ أن الصحائف المزدوجة 2 و/ أو 4 معابة على نحو متواتر.

ج - تصنيع الكراريس: أحوال المغرب

في مناطق مغرب العالم الاسلامي، استمر استخدام الرق بعد انقطاعه في المناطق الأخرى، وخاصة لنسخ المصاحف، فنجده بقي شائعا حتى القرن الثامن/ الرابع عشر أو حتى القرن التاسع/ الخامس عشر إلى جانب الورق. وقد تدعونا هذه الظاهرة إلى الظن بأن تصنيع الرق استمر على الصورة التي وصفناها. ولكن هذا غير صحيح، فالملاحظ أن تتالي وجوه الرق يتبع قاعدة جريجوري ولا يبدو أنه كان ثمة أسلوب مفضل في تجميع الكراريس. أما المجموعات الخماسية فلم تكن مجهولة الشأن، بل نجد منها مخطوطين في مجموعة باريس Arabe 6090[68] و6499[69] يتكونان من كراريس أساسها خماسي - وإن لم يكن النوع الوحيد. فقد تكون الكراريس الرقية أكثر أهمية: كراريس المخطوط Arabe 6095 يبلغ عدد صحائفها 14 صحيفة.[70] ولكن النساخين استخدموا أيضاً النمط الرباعي كما في المخطوطات الموجودة في باريس - المكتبة الوطنية - Bibliothèque Nationale Arabe 385[71] وفي الڨاتيكان - مكتبة الڨاتيكان- Biblioteca Vaticana, Arab 881[72] ووفقا لما يعتقده پ. أورساتي P. Orsatti[73] ويبدو أن استخدام المجموعات الثلاثية لمخطوطات الرق كان خاصية مغربية، مما يمثل اختلافا هاما عن تقاليد تصنيع المصاحف في العالم القديم التي استخلصناها إلى الآن. ففي المصاحف الرقية الصادرة من المغرب الإسلامي، تكثر المجموعات الثلاثية: كالمصاحف الثمانية المخطوطة المحفوظة في المكتبة الوطنية بباريس - والتي معظمها إن لم يكن جميعها مكون من مجموعات ثلاثية.[74] وفي مكتبةالڨاتيكان، يتبع هذا النمط اثنان من المخطوطات الرقية غير القرآنية مكونان من كراريس أساسها ثلاثي، إلى جانب ستة من المصاحف السبعة في هذه المجموعة.[75] جميع هذه المخطوطات، سواء في باريس أو الڨاتيكان، يتبع قاعدة جريجوري كما يتضح لنا مثلا في المخطوط Arabe 395 المكون من تكوينات ثلاثية مختلطة بأخرى ثنائية والوجه المتصدر لبعضها هو الوجه الوبري للرق (انظر الرسم 8).[76] ونلاحظ نفس الخواص في المخطوط Arabe 5935[77] - ولكنه أكثر انتظاما من المخطوط السابق، فالظاهرة الشاذة الوحيدة به هي الكراسة الأخيرة، وتركيبها خماسي حيث يتبع تتالي وجوه الرق قاعدة جريجوري. ويبدو أن هذه الخاصية ليست ناتجة عن ابتكار متأخر كالوضع في مخطوط الڨاتيكان Vatican, BAV Vat. Arab. 310. فهناك أمثلة لها منذ القرن الرابع/ العاشر.[78]

الرسم (8) كراسة من 3 ورقات من مخطوط مغربي

تتبع الكراريس الخماسية لمخطوطين آخرين من المجموعة الباريسية Arabe 6090[79] وArabe 6499[80] منسوخين في الأندلس هذه القاعدة بصفة عامة إذ تتكون غالبا من صفحات مزدوجة يتقابل فيها وجهان من نفس النوع. ولكن لا يعني ذلك أن الكراريس صنعت بالطيِّ مثل كراريس المخطوطات الغربية التي ذكرناها في أوائل حديثنا. فمثلا، «العيوب» في الصحيفتين المزدوجتين الأوليين من الكراسة رقم 1 في المخطوط Arabe 6090 وأيضا في أول الكراسة رقم 8 (ص 130 - 132) في Arabe 6499 تجعلنا نعتقد ذلك. كما أن الغرابة البادية في الصحائف المزدوجة المتداخلة في تكوين نفس الكراسة قد تؤخذ كدليل على ذلك: فقد تحدثنا أعلاه عن بقايا جذور الشعر في عدد من صحائف مخطوطين في باريس - 6090 - BN Arabe 5935 - ويعزز التوزيع العشوائي لهذه الصحائف إلى جانب عدم قدرتنا على إيجاد صحيفتين مصدرهما نفس الجلد من الافتراض بأن الرق كان مقصوصا مسبقا وأن مصنعي الكراريس راكموا القطع الموجودة بدون أي اعتبار لمصدرها.[81]

د - تصنيع الكراريس: حلول مختلطة

الرسم (9) كراس من خمس ورقات مختلط

ثمة عناصر عديدة تعضد فكرة أن قوة تحمّل الرق كانت تحظى بتقدير كبير. وعندما بدأ الورق في منافسة الرق بجدية، اتخذ النساخون - أو أوصياؤهم - الذين كانوا حريصين على بقاء المخطوطات على مر الدهر، موقفين مختلفين، الأول تمثل في اختيار النصوص التي يقتصر عليها استخدام تلك المادة المكلِّفة: وغالبا ما كان الاختيار يقع على النصوص القرآنية، والآخر كانالجمع بين الرق والورق بحيث يجمعون بين متانة الرق ورخص الورق باستخدام هذا الأخير حيث لا يكون ظاهرا. وهكذا ظهرت الكراريس المختلطة المكونة من الورق والرق معا، حيث كان الرق يوضع خارج (ثم في وسط) الكراس (انظر الرسم 9) بينما يملأ الورق باقي الفراغات بين الطبقات الرقية.

وقبل أن نتوسع في مناقشة مخطوطين استُخدِم فيهما الرق والورق معا، أود أن أذكر أسلوبا فنيا لم يصلنا منه سوى مثال واحد في هذا المجال للمخطوطات الإسلامية - وتدل على استخدامه قبل ظهور الإسلام المخطوطات المنسوخة على البرديّ.[82] نعلم أن خيط الحياكة يمر في طية الصحيفة المنصِّفة لكل كراس. ومع كثرة تداول المخطوط أثناء قراءته، قد يقطع الخيط الورق وتتبعثر الصحائف في النهاية. وفي مخطوط برلين، المكتبة الوطنية - Staatsbibliothek Spr. 517 - نجد أن المجلَّد، بدلا من أن يستخدم صحيفة مركزية كاملة من الرق لمنع الانشقاق، خيَّط قطعة مستطيلة صغيرة من الرق مع كل غرزة يمر بها في ثنية الكراس بحيث يزيد طول الشقفة قليلا عن المسافة بين كل غرزتين.[83] وبتفاوت أطراف الشقفات الحامية، تمكن من حفظ الكراس من الانشقاق.

الكراريس المختلطة التي ذكرناها تزودنا بدليل آخر على الأساليب التي لجأ إليها الحرفيون من مصنعي الكتب لتحسين مقاومة المخطوطات في الوقت الذي يدمجون الورق في صناعتها لخفض تكلفتها،[84] ولا شكّ أن مخطوط باريس - BN Arabe 6499 - نسخة النحوي علي بن محمد بن خروف في الأندلس - ربما إشبيلية - في 562/ 1166 يعتبر مثالا قيما على ذلك.[85] فهو فعلا أقدم دليل على الجمع بين الورق والرق، بحيث تحمي متانة الرق الورق، أي العنصر الأقل مقاومة. وحقق مصنع المخطوط هذه الحماية في اتجاهين: الكراريس الثلاثة الأولى للمخطوط (ص1 - 25) ومثلها الكراريس الثلاثة الأخيرة (ص130 - 165) مكونة بأكملها من الرق لأنها أجزاء الكتاب الأكثر تعرضا للعوامل المختلفة. تتكون الكراريس الأخرى من صحيفة مزدوجة خارجية من الرق تليها ثلاث صحائف أو أربع مزدوجة من الورق تغطي الصحيفة الرقية المزدوجة الأخيرة التي هي الصحيفة المنصَّفة للكراس. إذن فالكراريس الموضوعة بين ص26 و129 تتمتع بحماية الرق في الكراريس ص1 إلى 25 و130 إلى 165 من ناحية، تضاف إليها من ناحية أخرى حماية الصحيفتين المزدوجتين الحاضنتين لرزمة الصحائف الورقية.[86]

الرسم (10) الكراريس رقم 8 و15 و21 و23 من المخطوط Paris, BN Arabe 2547. (الخط المتقطع يبين وضع وجه الوبري).

هناك مخطوط آخر في المكتبة الوطنية بباريس يجمع بين الرق والورق. وهو المخطوط BN Arabe 2547 - عبارة عن مجموعة مؤلفات في الفلك نسِخَت أساسا في 980/ 1572 - 1573 في دمشق.[87] وفي القرن التاسع عشر زُوِّد المخطوط بجلدة من الطراز الغربي عليها علامة لويس فيليب. ومعظم كراريس المخطوط خماسية، وخمسة منها تحتوي على صحائف من الرق مختلطة بصحائف ورقية تكون أحيانا مصبوغة. أما الكراس الأول (رقم 12 - ص92 إلى 99) فناقص وغير منتظم. وبه صحيفتان غير متجانستين من الرق (ص97 و99) موضوعتان في النصف الثاني للكراس في وضع متماثل، ووجه الصدارة لكليهما هو الجانب الوبري للرق. وأما الكراس الثاني (رقم 13 - ص100 إلى 115 - انظر الرسم 10) فبه أربع صحائف رقية (ص104 و106 و109 و111). وهي عبارة عن صحيفتين مزدوجتين وضعهما مختلف (وجه ص104 من الجانب الوبري بينما وجه ص106 من الوجه اللحمي). الكراس الثالث من الناحية أخرى (رقم 15 - ص128 إلى 134) مشوَّه: فهو يحتوي على ثلاث صحائف رقية أولها غير متجانسة (ص128 - وجه وبري) والأخريان تكونان الصحيفة المزدوجة المنصِّفة للكراس (ص133 و134)، حيث تتميز الأولى بوجه لحمي، وأما الكراس الرابع (رقم 21 - ص187 إلى 196) فمنتظم: الصحيفة المزدوجة الخارجية من الرق والوجه المتصدر للكراس من الجانب الوبري. فإذا ما جئنا للكراس الأخير (رقم 23 - ص207 إلى 216) وجدناه يتكون بكامله من الرق: وتسلسل وجوه صحائفه كالآتي:

و/ ل، و/ ل، ل/ و، ل/ و، و/ ل + ل/ و، و/ ل، و/ ل، ل/ و، ل/ و.[88]

وكما يتضح لنا، فإن استخدامات الرق لا تتبع نمطا موحَّدا في جميع الحالات: فباستثناء الكراسين رقم 21 وربما 15 (في حالته الأصلية)، الرق لا يُستخدم للوقاية الخارجية وأسلوب وضعه يبدو عشوائيا بالرغم من التفضيل النسبي لوجه الرق الوبري في ترتيب وجوه الصحائف كما أن نوع الرق نفسه يختلف عن الرق القديم الذي كان أكثر سُمْكا: هل عولج الرق؟ هل أعيد استخدامه؟ هناك العديد من الأسئلة بلا إجابات. وعلى أية حال، فهذه ليست كراريس مختلَطة مصنَّعة على نسق كراريس المخطوط Arabe 6499، ولكنها خليط. فالمخطوط يميل بنوعيته إلى مجال النوادر والغرائب curiosa ونعتقد أن الناسخ اختار الرق لندرته، مثلما أكثر من استخدام الورق المصبوغ - بمعنى مقاومة الرق. وإلى أن نعرف المزيد، يمكننا القول إن المخطوط BN Arabe 2546 هو أحدث مثال لاستخدام الرق في المخطوطات الإسلامية.

هـ - بعض الملاحظات عن استخدامات الجلود

نظرا لأهمية تصنيع الكراريس نسبة إلى تصنيع المخطوط المجلَّد، كان طبيعيا أن نخصص لها جزءا هاما من هذه الدراسة. ومجموعة الأمثلة التي عرضناها توضح أنماطا مختلفة لهذه العملية. ولكن دارس المخطوطات المجلَّدة لا يمكن أن يكتفي بذلك: فهناك بعض الخواص لاستخدامات الرق تتطلب الإشارة إليها. وأكرر أن من استباق الأمور أن نحاول في الوقت الراهن وضع قائمة شاملة، ولذلك نقتصر على عدد من الأمثلة نستنتج منها بعض المعلومات الاقتصادية. فنجد مثلا أن المخطوط Paris, BN 6095 يحتوي على صفحات تتفق حوافها مع حواف الرق الطبيعية (ص17 مثلا) أو أخرى ما زال الوبر عالقا بها (مثل ظهر ص39). وقد نستنتج من ذلك أن هذه النسخة صنعت بأقل التكاليف. أما المخطوط Arabe 6499 من نفس المجموعة، وإن كان مصنَّعا بعناية أكثر، فإن به صحيفة حافة هامشها الخارجي مقطوعة بزاوية، مما يظهر أن على الرغم من عناية ابن خروف الواضحة بإنتاج مخطوط جميل، فيبدو أنه لم تطاوعه نفسه على الاستغناء عن قطعة لا تعطيه صحيفة مزدوجة كاملة. وحتى مخطوطات الأمراء، مثل MS Arabe 6090، تشهد على هذه الرغبة في الاقتصاد، إذ يوجد في بعض صحائف هذا المخطوط ثقب صغير داخل حدود الأسطر لإجبار الناسخ على تعديل كتابته للالتزام بالهامش، وفي مصاحف القرن الثالث/ التاسع، كما أوضحناه أعلاه (انظر أيضا الرسم 3 إلى 5) استُخدمت مرارا صحائف غير متجانسة لإعادة تكوين الصحائف المزدوجة - مما يقنعنا تماما بجهود مصنعي المخطوطات في تحري الاقتصاد في استخدامهم الجلود وإصرارهم على استعمال القصاصات العديدة الناتجة عن قطعها.

و - التسطير على الرق

طبيعة الرق كمادة غير مرنة أملت اللجوء إلى أساليب خاصة في تسطير الرق. فبدلا من استخدام المسطرة بصورتها المعروفة لدى دارسي المخطوطات الإسلامية الأكثر حداثة استُخدِم القلم الجاف ذو سن من الرصاص أو الحبر. ولا يهمنا الآن دراسة التطورات النوعية لأساليب التسطير، ولكننا نجد من المناسب أن نشير إلى وسائل تسطير الرق. من الناحية النظرية يسمح القلم الجاف بتسطير عدة صحائف في نفس الوقت - على شرط أن يُضغَط على القلم قليلا. ومع ذلك فلم نجد إلى اليوم أي دليل على استخدام هذا الأسلوب، ولكننا نعلم أن الرق كان يُسطَّر بالصحيفة المزدوجة، بمعنى أنه عندما لم تكن الكراسة محاكة، كانت الصحائف المزدوجة تعالج كل على حدة.[89] كما يبدو أنه جرت العادة على تسطير كل صحيفة على حدة كما لاحظنا في أعمال الناسخين الذين استعملوا الحبر أو السن الرصاصية.

وقد احتفظت بعض المخطوطات المنسوخة بالخط الحجازي بآثار التسطير، مما يثبت لنا أن الناسخين كانوا على دراية بمشاكل تنسيق الصفحات منذ البداية.[90] بالتالي ندهش لانعدام آثار التسطير في معظم المصاحف المنسوخة بالخط العباسي القديم:[91] فانتظام الخط يدعونا إلى افتراض أن الناسخ اعتمد على نظام معين للتحكم في نسق السطور - ولكن ليس ثمة من دليل على ذلك.[92]

3 - إعادة استخدام الرق

سبق لنا أن أشرنا إلى رسائل الحسبة التي نشرها بالفرنسية لڨي پروڨنسال حيث يُنصح بعدم إعداد أي رق غير مكحوت.[93] يذيل الكاتب توصية ابن عبدون بتوضيح منه مفاده أن الرق المعني قد يكون الرق الجديد المكحوت قبل بيعه أو الرق المُستَعمَل، أي الحامل للكتابات، الذي يُحكُّ لإعادة استعماله (الطِرس).[94] ونتساءل عن معنى «الطِرس» في هذه الحالة على التحديد، إذ يبدو لنا أن التوصية بالحك لإزالة الكتابة وإعادة استعمال الرق ليست ضرورية، فنحن نعلم أن الناسخين، بحكم غلاء الرق، أعادوا استخدام صحائف عليها كتابات يمحونها بالغسيل أو بمجرد الحك. ولا تنقصنا المراجع التاريخية الدالة على ذلك. ثم أن رسائل ابن باديس تشرح لنا بوضوح كيفية محو أجزاء محدودة من النصوص.[95]

إلى جانب المصادر الأدبية المذكورة، لدينا أمثلة عربية للطرس تؤكد لنا هذه الممارسات. ولعل واحد من أقدم الأمثلة هو جزء من مصحف عُرض للبيع أخيرا في لندن،[96] وعلى الرغم من أننا محقين في تشككنا في دقة تاريخه المبكر إلا أننا نقبل أن صحيفته استُعملت خلال القرن الأول/ السابع. وثمة شبيه لهذا المصحف هو مخطوط اكتُشِف في اليمن وأعلن عنه الفريق الألماني المسؤول عن ترميم مصاحف صنعاء المخطوطة،[97] ولكن مصنعي المخطوطات لم يكتفوا بإعادة استعمال الرق في إطار تقليد معتمد: فإلى جانب النصوص العربية الإسلامية المكتوبة فوق نصوص أقدم في نفس اللغة، كما في الأمثلة السابقة، نجد أمثلة للطرس حيث تغطي النصوص العربية نصوصا بلغات أخرى،[98] والعكس صحيح: ففي أطراس «لويس-مِنجانا» نجد نصوصا مسيحية بالعربية من القرن العاشر أو حتى التاسع فوق صفحة من التوراة بالإغريقية، ومقتطفات سريانية، وثلاث فقرات قرآنية بالخط الحجازي.[99] ولم يكن الفارق الزمني بين النصين المتتاليين بالضرورة طويلا: وقد يستفيد الناسخ من هذه العملية عندما يحتاج تصحيح نص أدرك أنه أخطأ فيه.[100]

لا تمثل إعادة استخدام الرق التي أسلفنا وصفها حصرا شاملا لتلك الظاهرة، فدراسة المجلَّدات القديمة تثبت أن المجلِّدين لم يترددوا في استخدام رق مستَعمَل. فأثناء التجليد بالألواح الخشبية، يبدو أنهم كثيرا ما لجأوا إلى تبطين الوجه الداخلي للوح بلصق صحيفة من مخطوط قديم.[101] كما أنهم اعتادوا تقطيع الصحائف إلى شرائط لتقوية ظهر رزم الكراريس،[102] أو لاستخدامها كمفاصل في تعشيقة التجليد التي تميزت بها المصاحف القديمة.[103] كما حولوا صحائف الرق المناسبة حجما إلى أغلفة.[104] ولكننا نخطئ حين نصوِّر المجلِّد في دور المنقب عن الرق المستعمل، إذ نجد بكر الإشبيلي، على سبيل المثال، يكرر في رسالته عن التجليد «كتاب التيسير في صناعة التسفير» ذكر الرق عدة مرات بدون تحديد ولو مرة إن كان الرق جديدا أم لا. ويمكننا الأخذ بأن اقتراحاته تشمل أيضا الرق الجديد.[105] إذ يمكننا أن نتعرف فيها على الاستخدامات التي شهدناها في المجلدات القديمة مثل البطانة،[106] واستعمال شرائط الرق في المفصل بين اللوح الخشبي ورزمة الكراريس.[107] ونشير هنا إلى نوع من الأغلفة يسمى الشِدْق يتكون من قطعة من الجلد تلصق عليها ورقتان أو ثلاث ثم طبقة من الرق: مما يؤدي إلى نوع من الورق المقَّوى أو الكرتون.[108] وأخيرا، ننبه إلى أن الإشبيلي ينصح باستخدام نوع معين من الصمغ مخصص للرق.[109]

الخاتمة

إن الخبرة الفنية الواسعة للرقّاق العربي تفتح مجالا واسعا للمناقشة، إلا أننا نقف على أرض صلبة في تحليلنا لاستخدامات الجلود في صناعة المخطوطات، وهو تحليل تخرج منه بأن المسلمين يحتلون مكانة خاصة بين وارثي فن الكتاب القديم. ترى هل كانوا يتبنون مهارات سبق أن تأسست في الشرق الأوسط؟ - بالنسبة لصناعة كتب البردي، نجد أن التقليد الذي يبدو شائعا في القرنين الثالث - الرابع/ التاسع - العاشر يتميز بقواعد تتسم بالابتكار منها القطع المسبق للجلود بانتظام، وتفضيل يكاد يكون تاما للكراريس خماسية التركيب، وتسلسل منتظم لوجوه الرق، وإعادة تكوين الصحائف المزدوجة «المزيفة» بتجميع صحيفتين غير متجانستين، تقابلها طرق تصنيع أخرى معروفة في ذلك الوقت إلا أنها نادرة الوجود ولا تسمح لنا حاليا بأي تفسيرات موثوقة. ويجدر بنا أن نؤكد أن الأساليب الفنية التي تميَّز بها المغرب الإسلامي في هذا المجال تضفي على المنطقة طابعا خاص بدون أن تيسر لنا سبيلا لتفسيره.

إن التسلسل الزمني لاستخدام الرق في المخطوطات الإسلامية قد بدأ يسير على درب التحديد الدقيق. وقد نقبل بصعوبة تاريخ المخطوط BN Arabe 2547 - 980/ 1572 - 1573 - كإعلان قاطع بنهاية استخدام الرق في المخطوطات الإسلامية. لقد استُخدِم الرق منذ القرن الأول/ السابع بكميات يستحيل تحديدها بالمقارنة مع استخدام البردي. وبالرغم من أنه لم يتبق لنا أي مخطوط مؤكَّد التاريخ والمصدر من الفترة السابقة للقرن الثالث/ التاسع،[110] فإنه يمكننا القول إن الرق استخدم في تصنيع المخطوطات في جميع أركان العالم الإسلامي خلال عصر ذهبي يمتد إلى القرن الرابع/ التاسع. وثمة مثالان من أواخر القرن الثالث/ التاسع - يظن أنهما نسخا في إيران - يدلان على أن الرق ظل يستخدم في تلك المنطقة بينما كان الورق في طريقه إلى التربع على عرش فن المخطوطات بلا منافس.[111] على أن الأمثلة لنفس الفترة في المنطقة الوسطى للعالم الإسلامي أكثر عددا ودقة، خاصة عند دراستها في ضوء الأمثلة المتبقية لنا من المجتمعات الأخرى في نفس المنطقة - كمخطوطات طور سيناء على سبيل المثال.[112] وفي القرن الرابع/ العاشر وبعده، يقتصر استخدام الرق على المغرب الإسلامي تدريجيا، باستثناء عدد من الحالات المعزولة التي لا نقدر حاليا على تقييمها بدقة. واستمر استخدام الرق في قلعته الأخيرة بالمغرب، سواء على حدة أو مجتمعا بالورق إلى القرن الثامن/ الرابع عشر أو ربما القرن التاسع/ الخامس عشر.

إن توفر معرفة أفضل بفن صناعة المخطوطات الرقية، وخاصة القيام بدراسة المجموعات المنشورة بانتظام للمخطوطات المؤرَّخة، لحريّ أن يسمح لنا بإكمال جدولنا الزمني. كما أن المقابلة بين النتائج التي نصل إليها وبين الشواهد النصية العديدة أو شواهد أسماء المدن،[113] قد تسمح لنا أن نكوّن تصورا ما عن الجغرافية التاريخية لاستخدام الرق في العالم الإسلامي.


[1] نجد بعض المعلومات المفيدة (مع ملاحظة تخصصه في علم الورق عند العرب) في:

A. Grohmann, s. v. Djild, EI2, II, p. 533-54,

ولنفس المؤلف

Arabische Paläographie I [Denkschriften der Österreichische Akademie der Wissenschaften], Phil.-hist Klasse, 94, Vienna, 1967, p. 108-11;

وكذلك عند

J. Pedersen, The Arabic book, ed. With an introduction by R.Hillenbrand, Princeton, NJ, 1984, p. 55-7; G. Endress, “Pergament in der Codicologie des islamisch-arabischen Mittelalters”, Pergament, Geschichte - Struktur-Restaurierung-Herstellung, P. Rück éd. Sigmaringen, 1991, p. 45-6.

[2] بالانجليزية parchment وبالألمانية Pergament وبالفرنسية parchemin وبالإيطالية pergameno إلخ... الكلمة الإغريقية الدالة على الرق diphthera أصل الكلمة العربية دفتر (انظر: B. Lewis, s. v. Daftar, EI2, II, p. 78)

[3] راجع:

F. Bilabel, s. v. "Membrana", Paulys Real-Encyclopädie der classischen Altertumswissenschaft, XV/ l (Stuttgart, 1931), col. 596-601;

وفقا لرايدر بلينيوس الأرشد (Pline l’Ancien) مسؤول عن نشر هذا التفسير.

M. L. Ryder, “The biology and history of parchment”, Pergament, Geschichte - Struktur - Restaurierung - Herstellung, P. Rück éd. [Historische Hilfswissenschaften, 2], Sigmaringen, 1991, p. 25.

[4] انظر:

R. Reed, Ancient skins, parchments and leathers [Studies in archaeological science], London-New York, 1972, p. 277; M. L. Ryder, op. cit. [no. 3], p. 25.

يجب الحذر عند استخدام اللفظ «رق». فوجود الكتابة على وجهي الجلد ليس مقياسا كافيا. ثم أن هناك موادا أخرى مشابهة تصنَّع بأساليب مختلفة تماما (انظر 16 أدناه).

[5]          

D. Muzerelle, Vocabulaire codicologique, Paris, 1985, p. 39;M. L. Ryder (ibid)

يصران على أن الدباغة لم تكن تستخدم، بينما هاران، الذي يتحدث عن skins يعتقد أن الجلود في الشرق الأوسط كانت تعالج بعملية دباغة خفيفة:

M. Haran, “Technological heritage in the preparation of skins for biblical texts in Medieval Oriental Jewry”, Pergament, Geschichte - Struktur - Restaurierung - Herstellung, P. Rück éd. Sigmaringen, 1991, p. 35-37. ويشاركه ريد هذا الرأي في Ancient Skin ص122 - 123. ويفرق بيت آري كذلك بين المشرق وأوروبا - بما في ذلك أسبانيا - ولكنه يتحدث عن «الرق» في كلتا الحالتين:

M. Beit-Arié Hebrew Codicology, Paris, 1976, p. 22, no. 25.

[6] لسنا على علم بأي دراسات عن أصناف الحيوانات المستخدمة. كما أن المصادر لا تفيدنا بأية معلومات عن ذلك في العصور القديمة. (راجع بلايل، المرجع نفسه، العمود 597)، بالنسبة للعالم الإسلامي، يتحدث الكتاب الذين ذكروا الرق عن الخروف والماعز والعجل. راجع: غروهمان (المرجع السابق [1] ص108) وإندرس (المرجع السابق [1] ص45)

U. Dreibholz, “Der Fund von Sanaa. Frühislamische Handschriften auf Pergament”, Pergament, Geschichte - Struktur - Restaurierung - Herstellung, P. Rück éd. [Historische Hilfswissenschaften, 2], Sigmaringen, 1991 p. 301).

يكثر ذكر جلد الغزال في الفهارس ودفاتر المعلومات، مثلا:

A. Mousa, Islamische Buchmalerei, Cairo, 1931, p. 46 et pl. XVIII [29]; M. Ülker, Baslangiçtan günümüze Türk hat sanati, Ankara, 1987, p. 110,

ويخصص غروهمان بعض السطور لهذا الموضوع في Arabische Paläographie, I, 110 ومع ذلك، فثمة مصادر أرمنية تعدد الأصناف المستخدمة: الماعز والظبي والخروف المستأنس والبري والأيّل والقواع والعجل والحمير. راجع:

P. Schreiner, “Zur Pergamentherstellung im byzantinischen Osten”. Codices manuscript, 9, 1983, p. 126.
[7] Le Calendrier de Cordoue, R. Dozy éd., Texts and Studies, [I], Leiden, 1961, p. 90-1;

وهي طبعة جديدة تصحبها ترجمة فرنسية أعد حواشيها شارل بيلان. ونحن نشكر M. G. Guesdon للفته نظرنا إلى هذه الفقرة.

[8] عن جلود الأيّل المستخدمة في تصنيع الرق، راجع ريد المرجع السابق [4] ص27 وص106

[9] T. I, p. 545, s. v. Raqq

يجب أيضا أخذ طبيعة الحيوان في الاعتبار: فمقاسات جلد الغزال الشرقي تكون حوالي 40×50سم.

[10] راجع:

E. Levi-Provençal, Séville musulmane au début du XIIes., Le traité d'Ibn Abdūn sur la vie urbaine et les corps de métier [Islam d'hier et d'aujourd'hui II], Paris, 1947, p. 133, n. 219 (=traduction);

ولنفس المؤلف

Documents Arabes inédits sur la vie sociale et économique en Occident musulman au Moyen-Age, Première série, Trois Traités hispaniques de hisba (texte arabe) [Publications de l'IFAO, Textes et traductions d'auteurs orientaux, 2], Cairo, 1955, p. 59 (texte arabe).

[11] راجع: ريد (المرجع السابق [4] ص37)

[12] لا يذكر النص هذا التركيب. ولكنه يوجد في قواميس مختلفة عربية وتركية وفارسية - كما يذكرها

B. Dodge, The Fihrist of al-Nadīm, New York-London, 1970, I, p. 40, no. 92

[13]Ibn Al-Nadīm, al-Fihrist, éd. G. Flügel, (Leipzig, 1871-2) p. 21;  ودودج (المرجع السابق [12] ص4)

[14] يذكره R. Hay Gaon (العراق، نهاية القرن التاسع)، انظر أيضا:

A. Harkavy, Studien und Mittheilungen aus der kaiserlichen öffentlichen Bibliothek zu St Petersburg, 4 Theil, Responsen der Geonim (zumeist aus dem X-XI Jahrhundert), Berlin, 1885-7, p. 28.

ونخص بالشكر M. Garel على مساعدته لنا في دراسة هذه الفقرات الدقيقة.

[15] راجع: ريد (المرجع السابق [4] ص135 - 136) ورايدر (المرجع السابق [2] ص27)

[16] يقول شراينر إن هذا الأسلوب كان معروفا في العصور القديمة (المرجع السابق [6] ص12)، ويوافقه في ذلك هاران (المرجع السابق [5] ص42)، وهذه الاختلافات ناتجة جزئيا عن صعوبة تفسير المصادر النصية ولكنها لا تضعف من أهمية مقارنة فنون تصنيع المخطوطات المجلدة. فمقارنة تقاليد تصنيع المخطوطات في مناطق مثل الشرق الأوسط أو أسبانيا قد تتمم لنا معلومة ناقصة. فلنأخذ مثلا مسألة نشر الجلود في اتجاه السمك - أي شد ورقتين من قطعة جلد واحدة. يؤيد هاران وجود طريقتين، إحداهما في الغرب ينتج عنها الرق بمعناه المفهوم والأخرى في الشرق ينتج عنها منتج يشابهه وإن لم يطابقه، ويعتقد أن الرقاقين المسلمين مهروا في عملية النشر بحيث أمكنهم شد طبقتين من الجلد: raqq (raq بالعبرية) - وهي الطبقة السميكة القريبة من اللحم - والقشط qashṭ - وهي الجزء الرقيق من ناحية الوبر. راجع:

“Bible scrolls in Eastern and Western Jewish communities from Qumran to the High Middle Ages” Hebrew Union College Annual, LVI, 1985, p. 47-50. وبالإضافة إلى نص لابن ميمون يرجع إليه كثيرا (Mishne Tora, II Hilkhot tephillin 6-7)، يذكر هاران فقرة من رسالة لابن ميمون تبين أسماء هذه المنتجات ولكنه قرأ «قشط» بدلا من «قنط» وهو اللفظ الموجود في النص الذي حرره

J. Blau, R. Moses ben Maimon responsa, I, Jerusalem, 1957, p. 268, 1.7

(للنص العربي والعبري) ويبدو أن النصوص العربية لم تحفظ لنا معلومات عن هذا الأسلوب الفني وإن كانت حروف الكلمة الجذرية ق ش ط ذات معنى فلا نجد في القواميس التي استشرناها دليلا على كلمة قَشط بمعنى نوع من الرق (مع ذلك، نجد الأصل ق ش ط عند الحديث عن الطرس: انظر 89). ومع ذلك نؤيد أن التقنية كانت معروفة منذ القدم: فقبل أعمال ابن ميمون Maïmonide الذي سكن بمصر في القرن الثاني عشر نصادفها في كتابات من القرن التاسع، أي في عصر كان تصنيع الرق فيه ما زال شائعا. يلخص لنا هاران خطوات تصنيع الرَّق والقَشط كالآتي: (1) تمليح الجلد لمدة يومين أو ثلاثة. (2) غمره في محلول ماء وجير. (3) تجفيفه بشدة على إطارات خشبية، وتزول بقايا الوبر أثناء هذه العملية، كما أن هذه مرحلة فصل الرَّق عن القَشط (نفس المرجع، ص48 - 49). يتضح مما سبق، وباستثناء الخطوة الأخيرة، أن الإجراءات قريبة جدا من إجراءات التصنيع المتبعة في أوروبا، آخذين في الاعتبار أننا لم نتمكن من العثور على أي دلائل في المخطوطات التي درسناها على فصل الجلد إلى منتجات مختلفة.

[17] هاران، المرجع السابق [5] ص36، والمرجع السابق [16] ص36 - 37.

[18] درايبهولتز، المرجع السابق [6] ص301.

[19] ريد، المرجع السابق [4] ص147.

[20] ليفي بروفنسال، المرجع السابق [10] النص العربي ص59، الترجمة، ص133، رقم 219.

[21] انظر ليفي بروفنسال، المرجع السابق [10] النص العربي ص124.

R. Arié, “Traduction annotée et commentée des traités de hisba d'Ibn ‘Abd al-Ra’ūf et de 'Umar al-Jarsīfī”, Hesperis Tamuda I, p. 371.

[22] ليفي بروفنسال، المرجع السابق [10] النص العربي ص27، 1، 17 - 18، الترجمة، ص60، رقم 45.

[23] راجع:

F. Déroche, FiMMOD, no 16; (G. Humbert, FiMMOD, no. 65)

انظر أيضا مخطوط BN Arabe 6499,

كان الرق الشفاف معروفا في العصور الوسطى: راجع ريد، المرجع السابق [4] ص142 - 145، وما قيل عن goldbeaters' parchment ص131.

[24] راجع:

E. Blochet, Catalogue des manuscrits arabes des nouvelles acquisition (1884-1924), Paris, 1925, p. 184; F. Déroche, FiMMOD, no 68.

[25] راجع:

F. Déroche, Les manuscrits du Coran, aux origines de la calligraphie coranique [Bibliothèque Nationale, Catalogue des manuscrits arabes, 2e partie, Manuscrits musulmans, I/ 1], Paris, 1983, p. 20;

ودرايبهولتز، المرجع السابق [6] ص301، كما نجد مثالا جيدا في

F. Déroche, The Abbasid tradition, Qur’āns of the 8th to the 10th centuries AD [The Nasser Khalili collection of Islamic art], London, 1992, p. 62-3, no15

[26] حتى تنجح هذه التجربة، يجب إهمال منتصف الكراريس وأيضا الصحائف الأولى والأخيرة من كراسين متلازمين (انظر أدناه).

[27] انظر 23

[28]

F. Déroche, Les manuscrits du Coran, du Maghreb à l'Insulinde [Bibliothèque Nationale, Catalogue des manuscrits arabes, 2e partie, Manuscrits musulmans, I/ 2], Paris, 1985, p. 34-5, no 302 et pl. XIV a.

[29] انظر 24

[30] انظر 23

[31]     

M. Lings, The Qur’anic art of calligraphy and illumination, London, 1976, pl. 3 et 4;

وأولكر، المرجع السابق [6] ص105 و107؛ وديروش، المرجع السابق [22 لعام 1992] ص90 - 91 رقم 41، ويبدو أن جزءا من المجلد الأول لهذا المصحف - أو كله - محفوظ في برينستون، راجع:

P. K. Hitti, N. A. Faris et B. ‘Abd al-Malik, Descriptive catalogue of the Garrett collection of Arabic manuscripts in the Princeton University Library, Princeton, 1938, p. 359, no 1156 = 35G.

[32] غروهمان، المرجع السابق [1] الجزء الأول والثالث.

[33]

E. Tisserant, Specimina codicum orientalium, Bonn, 1914, XXXII , pl. 42 ; R. Blachère, Introduction au Coran, 2e éd., Paris 1959, p. 96, 99, 100; G. Bergsträsser et O. Pretzl, Die Geschichte des Korantexts, dans Th. Nöldeke, Geschichte des Qorans, III, 2e éd., III, Leipzig, 1938, p. 254

وديروش، المرجع السابق [25 لعام 1983] ص75 - 77. وتوجد صحائف أخرى في مجموعات أخرى مثل دار الكتب بالقاهرة، انظر:

B. Moritz, Arabic palaeography, Cairo, 1905, pl. 1-12) et Gotha, Forschungsbibliothek (cf. J. H. Möller, Paläographische Beiträge aus den herzoglichen Sammlungen in Gotha, l. Heft, Erfurt, 1844, pl. XIV).

وتوجد مخطوطات أخرى مقاساتها مقاربة وطرازها مشابه، وإن كان هذا وفقا لمصدر غير علمي:

F. Neema, “Restaurado, el Coran mas antiguo”, Excelsior, Mexico, D.F., suppl, du dimanche 25/ 07/ 1993.

ومقاسات المصحف في مسجد سيدنا الحسين في القاهرة هي 700×600مم حسب صلاح الدين المنجد، دراسات في تاريخ الخط العربي منذ بدايته إلى نهاية العصر الأموي، بيروت (1971)، ص53 - 54. ووفقا لريد، توافق هذه الدراسات مقاسات الرق المصنع من جلد الجدي (انظر ريد، المرجع السابق. [4] ص120)

[34] غروهمان، المرجع السابق [1] ص111.

[35] بلابل، المرجع السابق [3] العمود 598، وعرفت الآثار القديمة الرق ذا اللّون الأصفر، وفي هذا الصدد، يشير إلى كتاب Isidore de Séville, “fiebant autem coloris lutei”, الذي يذكر فضلا عن هذا،

الرقّ ذا اللون الأرجواني (الأحمر القاتم):

membrana autem aut candida aut lutea aut pupurea sunt” (Etimologias, texto latino, version española y notas por J. Oroz Reta y M. A. Marcos Casquero, Introduccion general por M. C. Diaz y Diaz, Madrid, 1982, p. 586-9: VI, 11, 2-5).

ولاحظ بلابل في مجموعة القطع المنسوخة على رقائق مكتبة جامعة «هيديلبيرغ»، نماذج ذات لون أصفر، والنماذج البيزنطية التي استطاعت التأثير على إنتاج (الرق) في البلاد الإسلامية معروفة جيدا. انظر على سبيل المثال الحادثة التي نقلها غروهمان، في المرجع السابق ذكره [1] ص111.

[36] الذي خصص له بلوم دراستين  

J. Bloom (“Al-Ma’mun's Blue Koran?”
Revue des Etudes Islamiques (REI), 54, 1986, P56-65.
J. Bloom “The Blue Koran. An Early Fatimid Kufic manuscript from the Maghrib”, Les manuscrits du Moyen-Orient, F. Déroche éd. [Varia Turcica VIII], Istanbul-Paris, 1989, p.95-9.

وتوجد ببليوغرافيا وافية في ديروش، المرجع السابق [25 (1992)] ص92

[37] من أجل نموذج ذي لون برتقالي، راجع المرجع السابق [25 (1992)] ص58، رقم 11.

[38]    

M. Levey, Medieval Arabic bookmaking and its relation to early chemistry and pharmacology [Transactions of the American philosophical society, New series, vol. 52. Part 4], Philadelphia, 1962, p. 22-3

[39] حسب غروهمان، المرجع السابق [1] ص110، الذي يشير إلى الراغب الأصفهاني والبكري. انظر أيضا رقم 13.

[40] فيما يخص نماذج الكوفة، يمكننا أن نعتبر أن استعمال المزيج المكوّن من التّمور الذي أشرنا إليه سالفا، كان له تأثير على شهرة الرقائق التي أُنْتِجَتْ فيها. وهنا نستطيع ملاحظة تشابه نسبي مع حالة Pergame حيث تقنية إنتاج الرق، وكما يشير إلى ذلك البعض، تقدّمت تقدّما ملموسا إلى درجة جعلت المدينة تشتهر وكأنها مهد للرّق. انظر رايدر، المرجع السابق [3] ص 25.

[41] يؤكّد ريد (المرجع السابق [1] ص132) أهميّة الماء في عملية التّصنيع كما يناقش المشاكل المتعلّقة بالتّجفيف في البلاد الحارة ص147.

[42] تعني كلمة (rotulus) أن تكون خطوط الكتابة عمودية بالنسبة إلى اتجاه نشر اللغة. بينما

(volumen) تعني تعامد الكتابة بحيث تكون موازية لاتجاه النشر.

[43] استخدمت الإدارة الساسانية لفائف من الجلد المدبوغ (انظر غروهمان، المرجع السابق [1] ص107) ويبدو أن مكتب قاضي القضاة العبّاسي قد تخلّى عن «اللفة» فيما يخص مجموعة المخطوطات (ص108) غير أن مجموعة مخطوطات إدارة مصر الأموية بقيت محفوظة (راجع القائمة في

J. Gascou, “Les codices documentaires égyptiens”, Les débuts du codex, A. Blanchard éd. Turnhout, 1989, p. 100)

إن اللفة التي قد يقصد بها rotulus قد عُرِفَتْ في الميدان الأدبي أيضا راجع:

N. Abbott, Studies in Arabic literary papyri, II, Qur’anic commentary and tradition [Oriental Institute Publications, LXXVI], Chicago, 1967, p. 57-8.

[44]  

S. Ory, “Un nouveau type de muṣḥaf, inventaire des Corans en rouleaux de provenance damascaine, conservés à Istanbul”, REI, XXXIII, 1965, p.87-149.

[45] انظر أوري، المرجع السابق [44] ص97، 101، 102، وغيرها، حيث نجد خيطا - يمكن أن يكون من الحرير وكذلك حبلا من الجلد المدبوغ (ص116).

[46] المرجع السابق [44] ص114.

[47] ذُكر الرق في القرآن الكريم (3:52). وقد عُرِفَ الرق في اللغة العربية قبل الإسلام مثل ورق البردي ولنفس الأسباب، كما ذكر غروهمان في المرجع السابق [1] ص109.

[48] يعلن غروهمان (المرجع السابق [1] ص111) أن الاستعمال الأكثر حداثة للرق، يعود تاريخيا إلى 498/ 1105، وذلك يخصّ فقط ورق البردي (انظر رقم 1). وفيما يخص المخطوطات، وخاصة مخطوطات القرآن الكريم، فإن الأمر يختلف عن ذلك. وخلال بحوثنا وجدنا أمثلة لاستعمال الرق في مصاحف مكتوبة في الشرق حتى نصف القرن 4/ 10، انظر على سبيل المثال

F. Déroche, “Collections de manuscrits anciens du Coran à Istanbul: Rapport préliminaire”, Etudes médiévales et partrimoine turc, J. Sourdel-Thomine éd. [Cultures et civilisations médiévales, 1], Paris, 1983, p.155: un Coran copié à Fustat en 325/ 936-7.

ومخطوطات أخرى يمكن أن تكون قد كتبت فيما بعد، وكذلك نأخذ بعين الاعتبار مخطوطة BN Arabe 2547 التي سنقدمها لاحقا.

[49]   

L. Gilissen, Prolégomènes à la codicologie, Recherches sur la construction des cahiers et la mise en page des manuscrits médiévaux, Ghent, 1977, p. 26-35; J. Lemaire, Introduction à la codicologie [Université catholique de Louvain, Publications de l'Institut d'études médiévales, 9], Louvain-la-Neuve, 1989, p. 69-94.

[50] ديروش، المرجع السابق [25 (1973)] ص96. رقم 110 ونصادف نفس البنية في قطعة

BN Arabe 358 b التي يمكن إعادة تاريخها إلى قبل 300هـ/ 913م (انظر FIMMOD رقم 19).

[51] ورقة تطابق مجموع «و/ ل» أو «ل/ و» (و = الوجه الوبري، ل = الوجه اللحمي للرق) ويشار إلى الخياطة في وسط الكّراسة بالرّمز «+».

[52] فيما يخص ورق الرق البردي اسْتُعْملَ جانبه الداخلي فقط في البداية (راجع غروهمان المرجع السابق [1] ص111)، وحسب هاران يحتمل أن يكون النّساخ العرب قد قاموا بنفس العمل، كما هو عليه الحال في الرّق المتحصّل عليه بنشر الجلد في اتجاه السمّك، بينما كانوا يفضّلون بالدّرجة الأولى استعمال الجانب الوبري للقشط (المرجع السابق [16] ص48).

[53] موزيريل، المرجع السابق (5) ص92:

“ensemble de deux pages se faisant vis-à-vis, constitué par le verso d'un feuillet et le recto du suivant”.

(بحيث تكون جملة صحيفتين تقابل إحداهما الأخرى، إذ تشكل إحداهما ظهر الصّحيفة الأولى بينما تشكل الأخرى وجه الصّحيفة الثّانية).

[54] انظر حالة المخطوطات في المكتبة الوطنية BN Arabe 5935

[55] انظر على سبيل المثال

J. Robinson, “Codicological analysis of Nag Hammadi Codices V and VI and Papyrus Berolinensis 8502”, Nag Hammadi Studies X, Leiden, 1979, p. 14-5; A. Wouters, “From Papyrus Roll to Papyrus Codex, Some Technical Aspects of the Ancient Book Fabrication”, MME, V,(1990-1), p. 12.

[56] ليس من المؤكد أن هناك إجماعا على تركيب لفائف الرقّ: فأحيانا يشار إلى 20 ورقة ملصقة بأطراف بعضها البعض، كما هو الحال في ما ورد بعد بلينيوس، ولكن ذلك لا يشكل قاعدة.

[57] على سبيل المثال مخطوط باريس BN Syriaque 27 الذي يعود إلى الفترة قبل 720م، أما قبل 640م فكانت الكراسات المتكونة من 8 إلى 10 أوراق تتواجد إلى جانب بعضها البعض، وظلّت كذلك بعد هذا التاريخ،

راجع

W. H. P. Hatch, An Album of Dated Syriac Manuscripts, Boston, 1946, p. 23; M. Mundell Mango, “The Production of Syriac Manuscripts, 400-700AD”, Scrittura, libri e testi nelle aree provinciali de Bisanzio, G. Cavallo,

G. de Gregorio et M. Maniaci éd., I [Biblioteca del “Centro per il colegamento degli studi medievali e umanistici nell'Università di Perugia”, 5], Spoleto, 1991, p. 163.

[58]        

F. Déroche, “A propos d'une série de manuscrits coraniques anciens”, Les manuscrits du Moyen-Orient, F. Déroche éd. [Varia Turcica VIII], Istanbul-Paris, 1989, p. 107-8.

[59] لا زلنا غير قادرين على تحديد ما إذا كان وجود عدد من الأوراق غير المربوطة بعضها مع البعض له تأثير على سعر المخطوطات.

[60] تبدأ الفترة التي تُغَطِّي هذا النوع من الإنتاج من نهاية القرن 2/ 8 إلى وسط القرن 5/ 10، ولكن جل النماذج المدروسة تعود إلى القرن 3/ 9.

[61]

M. Amari, “Bibliographie primitive du Coran” (éd. Par H. Dérenbourg), Centenario della nascita di M. Amari, I Palermo,1910, p. 18-9;

N. Abbott, The rise of the North Arabic script and its Qur‘anic development, with a full descripton of the Qur‘ān manuscripts in the Oriental Institute [Oriental Institute publications, 50], Chicago, 1938, p. 24; A. Grohmann, “The problem of dating early Qur‘āns”, Der Islam, 33, 1958, p. 216, 222, 226 et n. 48;

وتيسران، المرجع السابق [33] ص32 والشكل 41أ؛ وبرجشتراسر وبريتزل، المرجع السابق [33] ص225 واللوحة 9؛ وغروهمان، المرجع السابق [1] ص42، رقم 1؛ وديروش، المرجع السابق [25 (1983)] ص59 - 60، رقم 2.

[62] انظر 61.                                                                             

[63] انظر 51.

[64] بالرجوع إلى نسخ القرآن الكريم الموجودة في مسجد الحسين بالقاهرة (انظر رقم 33) يصعب الحكم حول ما إذا كان نفس الترتيب قد رُوعي.

[65] معنى ذلك أن الرق لم يكن يثنى، عكس الحال في قطع الفوليو.

[66] يعني أن الفرز يتم على كامل سمك مجموعة الأوراق على طول الهامش الداخلي وعلى مسافة قصيرة من خط الطي، راجع موزيريل، المرجع السابق [5] ص179.

[67] درايبهولتز، المرجع السابق [6] ص201، رقم 9.

[68] انظر 24.

[69] انظر أدناه.

[70] راجع رقم 23، بحيث أن كل جزء يتشكل من كراستين الأولى تتكوّن دائما من 14 ورقة، بينما الثّانية تتضمّن 8 إلى 12 ورقة.

[71]        

E. Blochet, Les enluminures des manuscrits orientaux de la Bibliothèque Nationale, Paris, 1926, p. 62-4; Les arts de l'Iran, l'ancienne Perse et Bagdad [exposition, Bibliothèque Nationale, Paris], Paris, 1938, p. 172-3, no109;

G. Vajda Album de paléographie arabe, Paris, 1958, pl. 46; Trésors d'Orient [exposition, Bibliothèque Nationale, Paris], Paris, 1972, p. 64, no 172;

M. Lings et Y. H. Safadi, The Qur'ān [exposition, The British Library, Londres], London, 1976, p. 40, no 48, et pl. VI; L'islam dans les collections nationales [exposition, Grand Palais, Paris], Paris, 1977, p. 118, no 212 et fig

ولينجز، المرجع السابق [31] ص205 واللوحات 104 و105؛ وديروش، المرجع السابق [28] ص31 - 32 واللوحة 14ب.

[72]

P. Orsatti, “Le manuscrit islamique: caractéristiques matérielles et typologie”, Ancient and Medieval Book Materials and Techniques, M. Maniaci and P. Munaò, ed. (Vatican, 1993), II, 297.

[73] نفس المرجع: 297 - 298. تتفق ملاحظاتنا مع هذا الاتجاه (راجع المصدر المذكور في رقم 25 ص14) ويوجد إجماع حول هذه النقطة مع المخطوطات العبرية الإسبانية، فحسب بيت أري فإن ثماني نسخ من المخطوطات تم انجازها في مجموعات ثلاثية (مكونة من ثلاث صحف) في الفترة ما بين 1196م و1300م، وبصفة خاصة في طليطلة. (راجع المصدر المذكور في رقم 5، ص43).

[74]

Mss Arabe 386, 388, 395, 423, 5935; Smith-Lesouëf 194 et 202   .

[75]

Vat. arab. 310 et Barb. or. 46, et les Corans Vat. arab. 210, 211,212, 213, 215 et Borg. arab. 51 ; voir P. Orsatti loc. cit.

[76] ديروش، المرجع السابق [28] ص32 - 33. رقم 298. تسلسل وجه الصّحائف يتم عادة بشكل و/ ل+ و/ ل؛ بينما في الدفتر رقم (4) يوجد و/ ل+ و/ ل+ ل/ و. أما فيما يخص المجموعات المزدوجة (أي المكوّنة من صحيفتين) فإن واحدة منها غير منتظمة (الدفتر رقم 13)، بينما الثلاثة الأخرى منتظمة.

[77] انظر 28.

[78] تيسران، المرجع السابق [33] ص37 واللوحة 51أ:

G. Levi della Vida, Elenco dei manoscritti arabi islamici della Biblioteca Vaticana, [Studi e testi, 67], Vatican, 1935, p. 26; P. Orsatti, “Le manuscrit islamique”, 294, 298.

[79] انظر 24.

[80] انظر أدناه..

[81] من المؤسف أن المخطوطات التي كُتبت على الرق في القيروان وبالأخص تلك المتعلقة بالقانون لم تُدرس دراسة فنية تسمح بجلاء بعض الخصوصيات الإقليمية. وفيما يخص استعمال الرق في المغرب العربي وتتمة لما قيل نشير إلى محمد المنوني، «تقنيات إعداد المخطوط المغربي» في

Le manuscrit et la codicologie, A. C. Binebine ed. (Rabat, 1994) 20-21.

[82] يشير ريد (المرجع السابق [4] ص5) إشارة خاطفة إلى هذا الاستعمال. ونجد نموذجا له في

V. Scheil, Deux traités de Philon [Mémoires publiés par les membres de la mission archéologique française au Caire, IX/ 2], Paris, 1893, p. 7.

[83]        

W. Ahlwardt, Verzeichnis des arabischen Handschriften, der königlichen Bibliothek zu Berlin, (Berlin, 1887-99), II, 249, no. 1557.

[84] كما أشرنا في الهامش رقم 59، ليس لدينا من المعلومات ما يمكّننا من تقدير تكاليف صنع المخطوطات مع الأسف، ونود بصفة خاصّة معرفة أثر استعمال الورق ومبلغ أهميته بالنسبة لعنصر التكاليف.

[85] انظر [23] أعلاه، و

“Remarques sur les éditions du Kitāb de Sîbawayhi et leur base manuscrite”, K. Versteegh & M. G. Carter ed., Studies in the History of Arabic Grammar, II [Studies in the history of the language sciences, 56] Amsterdam-Philadelphia, 1990, p. 185.

وفيما يخص المخطوطات العبرية يعود تاريخ أقدم شهادة حول هذا النوع من الكّراسات إلى 1212م، ونصادف هذا النوع من العمل بصفة أساسية في شبه جزيرة إيبيريا وفي إيطاليا وفي الإمبراطورية البيزنطية (انظر بيت آري، المرجع السابق [5] ص27 - 29).

[86] الكرّاسة رقم 11 نهايتها غير منتظمة (ص106 إلى 115)، كما تشمل الكرّاسة رقم 12 ورقتين مزدوجتين من الرق في اتجاه المركز (ص121 إلى ص124).

[87] W. de Slane, Catalogue des manuscrits arabes, Paris, 1883-5, p. 457-8. بعض الكتيبات أكثر قدما نوعا ما: محرم 977/ يونيو - يوليو 1579 (الورقة رقم 183)؛ شوال 979/ فبراير - مارس 1572 (الورقة رقم 12).

[88] انظر 51.

[89] انظر على سبيل المثال، MS Istanbul, TIEM, SE 362.

[90] انظر على سبيل المثال، قطع باريس BN Arabe 328a (انظر رقم 58) وتيسران، المرجع السابق [33] اللوحة 41ب؛ وبرجشتراسر وبريتزل، المرجع السابق [33]، الشكل 8؛ وآبوت، المرجع السابق [61] ص24؛ وديروش، المرجع السابق [25 (1983)] ص61، رقم 7.

[91] لابد من الإشارة إلى ظاهرتين تناقضان الوضعية السائدة هنا: (1) تظهر نسخ المخطوطات على الرق المصبوغ (ونذكر هنا بصفة خاصة مثال القرآن الكريم المنسوخ على رق أزرق) آثارا لنظام كامل التسطير.

2 غالبا ما كان الصبّاغون يسمحون ببقاء التسطير التحضيري على المخطوطات التي لم يكن لها تسطير.

[92]  

E. Whelan, “Writing the word of God: some early Qur’ān manuscripts and their milieux, Part I”, Ars Orientalis 20, 1990, p. 115

حسب هذا المرجع، فإن وجود التَّسطير في الزخارف وأكثر من ذلك عدم الانتظام الذي لا يكاد يلاحظ في خط قاعدة الحروف، هي الحجَّة بعدم وجود التَّسطير إطلاقا، فقد اعتمد الناسخ فقط على تقدير العين المجّردة، وهنا لا يبدو لنا أن ما يقال عنه تسطيرا يعني مسطرة شيء يجانب الصواب، والخط المتَسطَّر على الرق (أو الورق) ما هو إلا دليل لا يعيق حركة اليد قليلا أو كثيرا بالنسبة إلى السطر، من جهة أخرى لا تبدو لنا المقارنة بين تقنيات الملوّن وتقنيات الناسخ من القوة بمكان بحيث تمكّننا من البت في هذه المسألة.

[93] (الترجمة) Séville musulmane, p. 133, no 21 (النص العربي) Documents

arabes, p.59

[94] راجع Séville musulmane, ص160، الملاحظة « «aحيث يشرح دوزي مطوّلا عبارة «رق مبشور» التي تشابه عبارة «طرس مكشوط»، بما يصب في معنى palimpseste

(Lettre à M. Fleischer contenant des remarques critiques et explicatives sur le texte d'al-Makkari, Leiden, 1871, p. 78-81).

[95] ليفي، المرجع السابق [38] ص26 - 27.

[96] دار مزادات سوذبي، مبيعات يوم 22/ 10/ 1992، كمَّية رقم 551.

[97] G. R. Puin, Maṣāḥif Ṣan‘ā’[exposition, Dār al-athār al-Islamiyya  

Kuwait] Kuwait, 1985, 14 et 6.

[98] يشير غروهمان إلى نموذجين: المرجع السابق [1] ص109.

[99]    

A. Mingana et A. Lewis, Leaves from three ancient Qur’āns possibly pre‘Uthmānic, with a list of their variants, Cambridge, 1914, p. v-vi

[100] انظر على سبيل المثال:

H. Loevenstein, Koranfragmente auf Pergament aus der Papyrussammlung der Österreichischen Nationalbibliothek [Mitteilungen aus der Papyrussammlung der Österreichischen Nationalbibliothek (Papyrus Erzherzog Rainer), Neue Serie, XIV. F., Textbd.], Vienna, 1982, p. 24-5 (no 1 = A Perg. 2)

إن القطعة القرآنية المذكورة أعلاه ربما تطابق مثل هذا.

[101]

G. Marçais et L. Poinssot, Objets kairouanais, IXe au XIIIe siècle, reliures, verreries, cuivres et bronzes, bijoux, fasc. I [Direction des antiquités et arts, notes et documents, 9], Tunis, 1948, p. 16, 65-7, etc…; F. Déroche, “Quelques reliures médiévales de provenance damscaine”, REI. 54. 1986 [Mélanges D. Sourdel, L. Kalus éd.], p. 89.

[102] لابد من التمييز بين هذا الاستعمال وذلك الخاص بالمتحفّظين الذين ذكرناهم سلفا.

[103] مارسي وبوانسو، المرجع السابق [101] ص14 و72، وديروش، المرجع السابق [101] ص89.

[104] تقدّم لنا مجموعة مخطوطات المسجد الكبير بدمشق نموذجا من هذا.

[105] بكر بن إبراهيم بن المجاهد اللخمي الإشبيلي: «كتاب التيسير في صناعة التسفير» تحقيق عبد الله كنون في Revista del Instituto de estudios islamicos en Madrid، المجلد 7/ 8/ (1959 - 1960) ص1 - 42 (النص العربي) و197 - 199 (موجز بالإسبانية)؛

A. Gacek, “Arabic bookmaking and terminology as portrayed by Bakr al-Ishbīlī in his “Kitāb al-taysīr fī ṣinā‘at al-tasfīr”, Manuscripts of the Middle East, 5, 1990-1, p. 106-113.

[106] المرجع السابق [105] ص27، وجاتشك، المرجع السابق [105] ص107.

[107] المرجع السابق [105] ص27، وجاتشك، المرجع السابق [105] ص109.

[108] المرجع السابق [105] ص27، وجاتشك، المرجع السابق. نستطيع أن نقارب بين هذه التقنية وبين تلك التي تستعمل بكثرة في التغليف (انظر أعلاه) والتي تتألف من لصق الرق والجلد المدبوغ.

[109] المرجع السابق [105] ص27، وجاتشك، المرجع السابق [105] ص107.

[110] بالنسبة للمخطوطات ذات التواريخ القديمة، نستطيع النقل عن كركيس عوّاد «أقدم المخطوطات العربية في مكتبات العالم المكتوبة منذ صدر الإسلام حتى سنة 500هـ/ 1106م» بغداد 1982، وأيضا عن

G. Endress (“Handschriftenkunde”, GrundriB der arabischen Philologie,W. Fischer éd., I, Wiesbaden, 1982, p. 281) F. Déroche (“Les manuscrits arabes datés du IIIe/ IXes.” REI, LV-LVII, 1987-9, p. 343-79).

[111]   

MSS Dublin, Chester Beatty Library 1417 (A. J. Arberry, The Koran illuminated, a handlist of Korans in the Chester Beatty Library, Dublin, 1967, no 260; D. James, Qur’āns and bindings from the Chester Beatty Library, a facsimile exhibition, London, 1980, p. 26) et Istanbul, Topkapi Sarayi Müzesi, A l.

ديروش المرجع السابق [48] ص153 - 154.

[112] انظر على سبيل المثال: ا. ص. عطية: «الفهارس التحليلية في مخطوطات طور سيناء العربية، المجلد 1 - الإسكندرية، 1970؛ و

I. E. Meïmari, Katalogos tôn neôn arabikôn cheirographôn tês Ieras Monês Agias Aikaterinês tou Orou Sina, Athens, 1985.

[113] لو أن جميع المشتغلين بالرق في مختلف المناطق في العالم الإسلامي تركوا أثرهم في جملة الأسماء العمرانية، فإن دراسة هذه الأسماء ستسمح بتدقيق التسلسل الزمني لصناعة الرقائق. وكذلك برسم خارطة لها في البلاد الإسلامية، انظر:

“Faubourg des Parcheminiers” à Cordoue: Le calendrier de Cordoue [n. 7], Dozy éd. p. 166, n. 6.

ملاحظة:

نشر هذا النص في الكتاب التالي:

دراسة المخوطات الإسلامية بين اعتبارات المادة والبشر: أعمال المؤتمر الثاني لمؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، ديسمبر 1993 / جمادى الآخرة 1414_ النسخة العربية،1997 ، مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، لندن. ص  93-113.
Back to Top