المخطوطــــات في الأبحاث التاريخيــــة

شارك:

ولفرد مـاديلنج

يبدأ التاريخ البشري حسب بعض التعريفات الشائعة بالكلمة المكتوبة، فقبل عصر الكتابة كان هناك عصر ما قبل التاريخ، ولا شك أن علماء الآثار القديمة، وخبراء عصور ما قبل التاريخ قد خطوا خطوات واسعة في الكشف عن بعض الجوانب الهامة في التطور الجماعي المبكر للجنس البشري. ومع ذلك يبقى نقاب لا يمكن النفاذ منه يخفي سريرة إنسان ما قبل التاريخ، إذ لا سبيل إلا الكلمة المكتوبة يمكن من خلالها للمؤرخ أن يطمح إلى اكتشاف سرائر البشر الذين عاشوا في الماضي، وأفكارهم، ومشاعرهم، سواء أكانوا من مجهولي الهوية، أو من المعروفين بالإسم، فمن خلال الكلمة المكتوبة وحدها يستطيع المؤرخ أن يتعاطف معهم كأفراد، تماما كما نتعاطف نحن مع معاصرينا من خلال الكلمة، منطوقة كانت أو مكتوبة، ومهما كانت المصادر الإضافية التي قد يجد المؤرخ فيها عونا على تقدير الظروف المادية للأجيال البشرية الماضية، فمن المحتم أن تبقى أهم مصادره ما دوّن من كلمات حول الحياة الماضية.

لقد عرفت الحضارة الإسلامية القراءة والكتابة على نطاق واسع في مرحلة مبكرة من وجودها، وبينما أخذ يتكون عند المسلمين الأوائل إحساس جاد بتاريخهم، باعتبارهم الأمة الدينية المختارة، بدؤوا يدونونه على نطاق واسع بجوانبه الروحية والمادية معا، وامتد فضولهم واهتمامهم – لحد ما – إلى ما وراء حدود قبل الإسلام، والذي كان حتى ذلك التاريخ يتداول شفهيا فقط، ومثال ذلك الشعر الجاهلي، وقصص الحروب بين القبائل المعروفة بـ"أيام العرب" وسرعان ما امتد اهتمامهم على نحو انتقائي إلى التراث الثقافي، والفكري للشعوب الخاضعة لهم، فسجلوا بعضا منه في ترجمات عربية، ونشأت بين ظهرانيهم مدارس فكرية مختلفة ومتنافسة، حرصت كل منها على تطوير تراثها الأدبي الخاص والمحافظة عليه.

إن النمو الفائق للأدب العربي وما اتسم به من تنوع في القرون الأولى للإسلام ينعكس في كتاب "الفهرست" المعروف، الذي صنفه ابن النديم الذي كان وراقا (تاجر كتب) في بغداد، وازدهرت تجارته في النصف الثاني من القرن الرابع الهجري/ العاشر الميلادي، ولقد فقد الشيء الكثير من الكنوز الأدبية المسجلة بذلك الكتاب، بسبب غوائل الدهر من ناحية، والإهمال الذي حل بالأعمال المبكرة نتيجة لإيثار العلماء من الأجيال التالية المؤلفات الأحدث عهدا لأغراضهم التعليمية، والمرجعية من ناحية أخرى، وبالإضافة إلى هذا فثمة أعمال أخرى عديدة ترجع إلى تلك الفترة المبكرة لم يذكرها ابن النديم، وإن كانت ما زالت متاحة لنا، أو نعرف أنها قد وجدت ذات يوم عن طريق مقتطفات منها، أو إشارات إلى عناوينها في أعمال أخرى، ولا نملك في تفسير ذلك إلا افتراض أنها كانت غير هامة في سوق تجارة الكتب، في بغداد آنذاك، أو أنها لم تكن معروفة هناك على الاطلاق بسبب انتمائها إلى مدرسة محلية مختلفة.

في العصور التالية لم يضعف النشاط التأليفي في العالم الإسلامي بصفة عامة، رغم سيادة التحجر المذهبي (الإسكولاستيكي)، وفقدان الأصالة - في بعض مجالات المعرفة – مع نزوع إلى التلخيصات الموسوعية للمؤلفات الكبرى من العصور السابقة، وإلى جانب اللغة العربية اكتسبت لغات أخرى مكانتها باعتبارها أدوات هامة للتعبير الأدبي، خاصة الفارسية، ثم التركية العثمانية – في فترة لاحقة – مع أن بعض المجالات الدراسية – وخاصة علوم الدين – ظلت تحت سيادة اللغة العربية في كل أنحاء العالم الإسلامي.

لقد استمر عصر الكتاب المخطوط – في العالم الإسلامي – أطول كثيرا من استمراره في أوروبا، إذ لم تكتسب طباعة الكتب أهمية حتى مجيء القرن التاسع عشر، وفي بعض أجزاء العالم الإسلامي – وخاصة في نطاق المجنمعات الصغيرة – ظلت الكتب تستنسخ خطيا حتى عهد قريب. ولذلك فإن حفظ المخطوطات بواسطة المعاهد التعليمية الخاصة ما زال منتشرا انتشارا واسعا في العالم الإسلامي كله، هذا إضافة إلى المجموعات الأيسر منالا، والموجودة في المكتبات، والمتاحف العامة.

إن المؤرخ لأي جانب من جوانب الحضارة الإسلامية لا يملك في كثير من الأحيان إلا أن يتأمل حظه في شيء غير قليل من الإحباط، ذلك أنه يعلم أن المخطوطات تختزن بين طواياها مصادر معرفية هائلة، إلا أنه يعلم أيضا أن هذه المصادر مبعثرة في أرجاء واسعة وهي غالبا بعيدة المنال. وما أكثر ما يضطر المؤرخ إلى الإقرار بالصفة المبدئية لبحثه، وبقصور اكتشافاته التي تبقى دائما عرضة للتغيير الجوهري، وذلك حينما تتيسر للباحثين المصادر التي لم تكن متاحة من قبل.

 إن مؤرخي الإسلام هم أكثر الفئات إحساسا بضرورة بذل الجهود الدائمة، والتنسيق بينها للمحافظة على ثروة المخطوطات الإسلامية، وغربلتها، وتيسير إيصالها الي الدارسين، والمحققين المؤهلين، ونشر النصوص الأكثر أهمية في طبعات نقدية. وهذا الباب الأخير، أي التحقيق النقدي للنصوص هو الباب الذي ينطوي على أكبر المنافع، وأبعدها مدى للبحث التاريخي، وهو أيضا المجال الذي يستطيع المؤرخون – ذوو الميول إلى علم فقه اللغة – أن يسهموا فيه إسهاما جليلا. إلا أن التحقيق النقدي يعتمد بدوره على سهولة الوصول إلى كل المخطوطات الموجودة لنص ما وفحصها. إن الكثير من النصوص التي حققت مبكرا، والتي اعتبرت وقت نشرها وافية، تحتاج اليوم إلى إعادة تحقيقها بسبب ظهور مخطوطات أفضل.

إن الهدف الأول لتحقيق نص ما ينبغي – بدون شك – أن يتمثل بقدر الإمكان في استعادة النص الأصلي للمؤلف على نحو تسهل قراءته، بحيث يستطيع القارئ الحديث أن يطلع اطلاعا أمينا على فكره، حول هذا الغرض الأساسي تتلاقى التحقيقات النقدية التي يقوم بها الدارسون المختصون، وغيرها من التحقيقات التي تخدم مصالح عامة القراء، وهذا الهدف يسهل تحقيقه في حال وجود مخطوطة مدونة بخط يد المؤلف، وهو ما يندر حدوثه بالنسبة للنصوص المبكرة، وإن التحقيقات النقدية ينتظر منها أن تقدم ما لا يقدمه غيرها، إذ عليها أن تقدم قراءات بديلة، وإضافات، وتوضيحات، ووصف للمخطوطات الموجودة، لتمكين القارئ من الحكم على وجاهة اختيارات المحقق النصية، وأن تستفيد من الاضافات الخارجية، وأن تكون تصورا عن عملية تناقل النص، ومن الناحية المثلى ينبغي للتحقيق النقدي أن يضم تحقيقا دقيقا لكل المخطوطات الموجودة، بالإضافة إلى تفضيله لنص ما بعينه. على أن هذا يعتبر – من الناحية العملية – هدفا مجانبا للواقع خاصة في حال وجود عشرات وربما مئات من المخطوطات المتوفرة – قد يكون الكثير منها مستنسخا من بعضه، ومع ذلك فلكي يمكن للمحقق أن يتخذ قرارا حصيفا بشأن ما يجب تضمينه في تحقيقه النقدي، لا بد له من الرجوع إلى كل المخطوطات الموجودة.

في حال عدم وجود نسخة مكتوبة بخط المؤلف تصبح الحاجة إلى الرجوع إلى أغلب المخطوطات الموجودة – إن لم يكن إليها كلها – أمر لا محيص عنه من أجل التحقق من صحة النص، وليس ثمة أمل للمحقق في استعادة النص الأصلي للمؤلف استعادة أمينة إلا عن طريق تحليل العلاقة بين المخطوطات المختلفة، وإعادة لمّ أجزاء التاريخ الخاص بتناقل النص، وفي النهاية لن يكون من المقبول أن يتم على نحو آلي تفضيل القراءات الخاصة بإحدى المخطوطات على غيرها، إذ أن تعاطف المحقق مع فكر المؤلف وأسلوبه قد يقوده إلى تصويب النص بما يتعارض مع كل البدائل التي تقدمها المخطوطات، على أن هذا الإجراء لا يجب اعتماده إلا كملجأ أخير.

إن قدرتنا في بعض الأحيان على استعادة بعض الأعمال المخطوطة – التي تبدو للوهلة الأولى في حال ميؤوس منها – إنما ترجع إلى مزيج من إعادة تركيب التراث النصي بعناية، ولتسمحوا لي أن أذكر هنا يإيجاز، وعلى سبيل المثال قصة عملين اشتغلت بتحقيقهما لبعض الوقت، وأعني بهما رسالتين من وضع مؤلفين لامعين، هما الشهرستاني، العالم (المتكلم)، ومؤرخ المعتقدات الدينية من القرن الثاني عشر الميلادي، ونصير الدين الطوسي، الفيلسوف الشيعيي وعالم الفلك من القرن الثالث عشر الميلادي. يتصدى الشهرستاني في رسالته المعروفة بـ"مصارعة الفلاسفة" لدحض الآراء "الأنطولوجية والميتافيزيقية" للفيلسوف ابن سينا، على أساس مما يصفه بعلم اللاهوت (الكلام) التنبؤي، وقد دحضت رسالة الشهرستاني بدورها في الرسالة التي كتبها نصير الدين الطوسي بعنوان "مصارع المصارع" والتي يدافع فيها عن آراء ابن سينا الفلسفية، ويشبه هذا الجدل جدلا شهيرا آخر، ونعني به ذلك الذي ثار بين الغزالي، وابن رشد والذي ابتدأه الغزالي بكتابته في "تهافت الفلاسفة" دحضا للآراء اللاهوتية للفلاسفة المسلمين، ثم جاء ابن رشد بعد ذلك فدافع عنهم (بكتابة "تهافت التهافت") إلا أن المجادلة بين الشهرستاني والطوسي بقيت في الأغلب غير معروفة لسبب كون رسالتيهما قد وصلتا إلينا عن طريق مخطوطات في حالة من الفساد التام.

لقد عانى الكتابان من ظروف الحرب، حتى في وقت كتابتهما الأولى، إذ يصارح الشهرستاني قراءه أنه قد عجز عن إتمام كتابه – الذي كانت نيته أن 

يناقش فيه موضوعات خلافية – بسبب "فتن الزمان وطوارق الحدثان" التي وقعت إبان كتابته، فاضطر لدمج الفصلين الأخيرين في استعراض موجز للمشكلات دون أن يقدم لها حلولا، ولما كان الكتاب مهدى إلى حد أعيان بلدة "ترمذ" قرب حدود خراسان، وبلاد ما وراء النهر، فالمرجع أن الكتاب قد دون هناك. أما "الفتن والطوارق" فالمظنون أنها إشارة إلى الهزيمة القاسية التي أوقعها أتراك "قره خطاي" بالسلطان سنجر السلجوقي في 536هـ/1141م والتي أجبرت الشهرستاني على الفرار سريعا، وطلب الأمان في إيران الغربية، حيث لم يسعفه الفراغ هناك على إنجاز الكتاب في صورته التي خطط لها أصلا.

أتـم الشهرستاني مسودة كتابه في عجلة ظاهرة، والأرجح أنه لم يخلف للنساخ نسخة نظيفة مدونة بعناية، وبخط واضح. ولعل هذا ما يفسر بعض التحريفات الشائعة في المخطوطات، والتي يسهل ردها إلى أخطاء القراءة من قبل الناسخين، وتكشف المخطوطة – الأقدم عهدا من بين المخطوطتين المعروفتين لهذا النص، والتي كتبت في غضون خمسين عاما بعد وفاة المؤلف- عن أخطاء كثيرة في الكتابة، ومن سوء الحظ أن عددا من أوراق هذه المخطوطة قد فقد فنشأ عنه فجوتان كبيرتان في النص، كما أن بعض الأوراق الباقية تعاني من الاضطراب، وثمة تحقيق لكتاب الشهرستاني ينهض على هذه المخطوطة الموجودة في مكتبة "غوته" في ألمانيا، وقد نشر التحقيق في مصر في سنة 1976م. وقد تمكنت المحققة من استعادة التسلسل الصحيح للأوراق، ومن سد الفجوتين عن طريق اللجوء إلى المخطوطة الخاصة بـ"مصارعة" الطوسي، حيث أن هذا الأخير يكاد يقتطف نص الشهرستاني كاملا، إلا أنها لم تستمر على مقارنة النص الذي اقتطفه الطوسي بنص مخطوطة "غوته" وبذلك ضيعت على نفسها فرصة سهلة للتوصل إلى نص أفضل لكتاب الشهرستاني، إذ لا شك أن المخطوطة التي استعان بها الطوسي كانت في حال أفضل بكثير من نسخة "غوته"، وإن كان من الثابت أن تلك أيضا كانت فيها بعض الكتابات الخاطئة التي استغلقت على الطوسي في بعض الأحيان.

هناك مخطوطة أخرى لرسالة الشهرستاني تفصل بينها وبين سابقتها عدة قرون، وهي الموجودة في قازان في الجمهورية التترية، وهذه تتميز بكونها كاملة إلا أنها تحفل بأخطاء من النوع الذي يميز النصوص التي تناقلها النساخ الذين لا علم لهم بالمادة التي ينسخونها، فالواضح أن بعض الصفحات قد وضعت في غير ترتيبها عند موضع ما خلال عملية النقل، ومع ذلك فإن الانقطاع المفاجئ في استمرارية النص قد غاب عن ملاحظة النساخ اللاحقين، أو أنهم تجاهلوه. على أية حال فإن هذه المخطوطة بالاشتراك مع مخطوطة "غوته" ومقتطفات الطوسي تساعد مساعدة كبيرة على استعادة النص الأصلي للرسالة، خاصة وأنها تمثل نسخة أخرى مستقلة.

من الثابت أن رد الطوسي لكتاب الشهرستاني قد كتب أيضا في خضم حرب، إذ يذكر في أحد المواضع أنه كان يود أن يدعم حججه بمقتطفات من كتب الفلاسفة، غير أنه لم يتمكن ن ذلك بسبب عدم توفر الكتب، ويعد بإضافة المقتطفات متى ما تيسرت له الكتب. ولا شك أن هذا قد تزامن مع مصاحبته هولاكو وجيش المغول في غزوة إيران والعراق، بعد سقوط قلعة "ألموت". وقد تمكن بعد استكماله المسودة من إضافة المقتطفات، ويظهر ذلك في مخطوطات كتبه الموجودة في إيران.

وعلى أساس المخطوطات الإيرانية نشر تحقيق لكتاب الطوسي في إيران في سنة 1985م، ويعكس التحقيق الحالة المؤسفة لمخطوطات هذا النص، ويظهر جليا أن هذه الطبعة قد اعتمدت على مخطوطة واحدة لا غير تشوبها الأخطاء، وأن جزئين كبيرين موضوعين في غير موضعيهما، ولعل هذا نتيجة لاختلاط صفحات المخطوطة، وفي موضع آخر سقطت إحدى الصفحات، واستعيض عن فقدانها عن طريق الاقتطاف الإضافي من كتاب الشهرستاني، وتظهر واضحة في ثنايا النص محاولات غير موفقة لإضفاء طابع الاستمرارية على مخطوطة الطوسي – والتي كانت قد أفسدت في مرحلة سابقة - و"لتحسين" النص عن طريق الإضافات والتعديلات. وحقيقة الأمر أن طروحات الطوسي تبقى في كثير من المواضع مستغلقة على الفهم، وأنه لمن شبه المستحيل استخراج نص سليم من هذه المخطوطة.

مع أن الموقف قد تغير – بشكل جذري – بفضل اكتشاف مخطوطة في استانبول تنتمي إلى رواية مختلفة، وينبغي أن نلاحظ أن الطوسي غير مذكور في هذه المخطوطة، وأنه قد أمكن الآن فقط تمييز انتساب النص إليه بصورة قاطعة، عن طريق التطابق الأساسي للنص مع نص الرواية الإيرانية، وفي هذه النسخة لا نعثر – أيضا – على المقتطفات المأخوذة من كتب الفلاسفة، والتي أضافها الطوسي في وقت لاحق لإكمال مسودته الأولى، ويمكننا استقراء ذلك أن نقول: إن الطوسي نشر كتابه، أو صرح باستنساخه على مرحلتين، وأنه قد عمد إلى إخفاء حقيقة كونه مؤلف الكتاب في المرحلة الأولى، ولا يظهر في مخطوطة إستانبول خلط الصفحات الحاصل في المخطوطة الإيرانية، كما تمتلئ الفجوة الناجمة عن سقوط إحدى الصفحات، ويبين التمعن في مخطوطة إستانبول أنها تحتوي على نص أفضل إلى درجة بعيدة، كما أن قراءات المقتطفات المأخوة من كتاب الشهرستاني تتطابق تطابقا أوثق مع أفضل القراءات في نسخ ذلك الكتاب، ويحتوي النص الإيراني على بعض التعديلات في مادته، والأرجح أنها من عمل الطوسي نفسه، والتي قد يكون قام بها لدى إضافته للمقتطفات المأخوذة من كتب الفلاسفة، على أنه لم ينقح المسودة كلها تنقيحا شاملا، ولم يخرج نسخة نهائية نظيفة، وهكذا فإن كلتا النسختين الإيرانية والإستانبولية تشتملان على نفس الهفوات في طرح الحجج، والتي تبدو وكأنها نتجت عن العجلة التي كتب بها الكتاب، كما تحتويان على نفس الأخطاء التي يظن أنها نشأت عن مصاعب قراءة المسودة، ومن الواضح أن أغلب الفروق الموجودة بالمخطوط الإيراني – من حيث مقارنته بالمخطوط الإستانبولي – إنما هي تعديلات وإضافات لطرف آخر.

ولا تخلو مخطوطة إستانبول من الأخطاء والمشاكل، ولسوف يكون النفع أعم لو ظهرت مخطوطة واحدة على الأقل لذلك النص الأقدم عهدا، وبناء على كافة ما هو متاح من النصوص المخطوطة سيجعلنا أقدر على تقييم فكر كل من الشهرستاني والطوسي، وأسلوبيهما.

ويطيب لي في الختام أن أتمنى لمؤسسة الفرقان النجاح الكامل في سعيها الحميد للمحافظة على المخطوطات الإسلامية، وفهرستها، ونشرها، وأن أعرب عن أملي أن يتحمس الباحثون الشبان لمواكبة الجهود المبذولة لإخراج التحقيقات النقدية للنصوص التي بدونها لا سبيل إلى تقدم معرفتنا بتاريخ العالم الإسلامي.

ملاحظة:
نشر هذا النص في الكتاب التالي:
أهـمية المخطوطات الإسلامية: أعمال المؤتمر الافتتاحي لمؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، 30 نوفمبر_ 1 ديسمبر 1991/جمادى الآخر 1413_ النسخة العربية، مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، لندن، ص 43-49.

يرجى الملاحظة بأن بعض الصور المستخدمة في هذه المقالة المنشورة على الموقع قد لا تكون جزءًا من نسخة المقالة المنشورة ضمن الكتاب المعني
Back to Top