ترتيب سور المصحف الشريف بين العلماء المسلمين والمستشرقين عرض ونقد

شارك:

أ د عبد الله عبد الرحمن الخطيب: أستاذ التفسير وعلوم القرآن الكريم-كلية الشريعة والدراسات الإسلامية-جامعة قطر- قطر
aelkhatib@qu.edu.qa

محتويات المقال:
مقدمة
المبحث الأول: ترتيب سور القرآن الكريم عند العلماء المسلمين
المبحث الثاني: عرض لتاريخ التحليل الغربي النقدي للقرآن الكريم من خلال ترتيب السور حسب تاريخ النزول
المبحث الثالث: دراسة نقدية لترتيب المستشرقين لسور القرآن الكريم
الخاتمة والتوصيات

المصادر والمراجع

أشكر الزميل فضيلة الدكتور عبد الرحمن حللي على قراءة مسودة هذا البحث، وملاحظاته القيمة التي تفضل بها على خصوصا ما يتعلق بالمنهج الذي يلزم اتباعه، وكذلك أشكر الزميل فضيلة الدكتور عبد الحميد الشيش الذي خرج لي الأحاديث الواردة في هذا البحث، وأخيرا أشكر الزميل سعادة أ د عبد الحميد زاهيد الذي ساعدني على ترجمة نصين ترجمة دقيقة.

نزل القرآن الكريم من الله العزيز الحكيم على سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم من اللوح المحفوظ خلال ثلاث وعشرين سنة، فعلمه الرسول صلى الله عليه وسلم للصحابة الكرام وحفظوه في العرضة الأخيرة كما هو الآن مرتب الآيات والسور، وبقي محفوظا من التبديل والتغيير مرتب السور والآيات خلال أربعة عشر قرنا وسيبقى كذلك محفوظا لقيام الساعة، إلا أنه أثيرت قضايا تشكيكية عديدة حول القرآن الكريم ومنها مسألة ترتيب القرآن الكريم في المصحف الشريف، فهي من القضايا المهمة التي ناقشها المستشرقون من بدايات القرن التاسع عشر زاعمين أن القرآن غير رباني المصدر، فأرادوا إعادة ترتيب المصحف بهدف معرفة كيفية تأليف الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بزعمهم للقرآن.

 وقد تعددت نظرياتهم وتناقضت حول هذا الموضوع بدءا من جوستاف فايل إلى نولدكه، وصولا إلى ترجمة نسيم داود وآلان جونز. ولقد كان لهذه النظريات الاستشراقية أثر في دراساتهم للقرآن الكريم وعلى الترجمات التي ترجموها للقرآن الكريم، إذ قاموا بتغيير ترتيب السور بناء على تاريخ نزولها، أو بناء على موضوعاتها.

سنناقش في هذ البحث هذه القضية بتفصيل ونثبت أن القرآن الكريم قد رتبه النبي صلى الله عليه وسلم في حياته بأمر من الله تعالى كما هو لدينا اليوم، ونرد على مزاعم المستشرقين حول الترتيب الذي زعموه. لذا ينقسم البحث إلى:

-مقدمة وثلاثة مباحث:

المبحث الأول: ترتيب سور القرآن الكريم عند العلماء المسلمين.

المبحث الثاني: عرض لتاريخ التحليل الغربي النقدي للقرآن الكريم من خلال ترتيب السور حسب تاريخ النزول

المبحث الثالث: دراسة نقدية لترتيب المستشرقين لسور القرآن الكريم.

الخاتمة والتوصيات

"يسمو القرآن الكريم ويتميز بسمتين بارزتين بشكل واضح. تبرز السمة الأولى: من خلال نبرة الخشوع والإجلال الحاضرة دائما عند ذكر الله سبحانه وتعالى أو الإشارة إليه. ويتنزه سبحانه وتعالى عن الضعف والعواطف الإنسانية. وتتجلى السمة الثانية: في الغياب التام لجميع العيوب والأفكار غير اللائقة، والتعبيرات، والروايات اللاأخلاقية. وعلى نقيض ذلك تتكرر مثل هذه النقائص بشكل كبير في الكتب اليهودية المقدسة. والواقع أن القرآن الكريم يُستثنى من تلك العيوب التي لا يمكن إنكار تواجدها بالكتب الأخرى. ولهذا تطيب قراءة القرآن الكريم وتحلو من أوله إلى آخره من دون أدنى حرج أو خجل".

جون دافينبورت John Davenport (محمد والقرآن- لندن 1869)[1]  

مقدمة

﴿الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا. قيما... ﴾ [الكهف: 1-2 ]، وجعله نورا نمشي به في ظلمات الأرض، وصراطا مستقيما بين طرق الضلالة المتنوعة المتعددة، فأخرجنا الله تعالى به من الظلمات إلى النور. صحيح أن القرآن نزل حسب الحوادث تنزيلا إلا أنه رتب من لدن حكيم عليم حسبما هو في اللوح المحفوظ،  مهما عبث فيه العابثون محاولين تغيير ترتيبه كما فعل مترجمو القرآن من المستشرقين، فإن محاولاتهم كلها باءت بالفشل والبوار، وهم أنفسهم تراجعوا عنها كما فعل كل من بلاشير وداود.

وهذا البحث المتواضع لبنة في بناء عظيم وجهد المقل، أقدمه لمؤتمر القرآن الكريم من التنزيل إلى التدوين عسى أن يكشف بعض الحقائق ويوضح بعض المحاولات المغرضة في حق كتاب الله تعالى فيما يتعلق بإعادة ترتيبه حسب تاريخ النزول.

وهدف هذا البحث هو علمي محض لبيان وجهة نظر المسلمين حول هذا الترتيب الحالي ووجهة نظر المستشرقين والموازنة بين آرائهم لتبيين الحق من الباطل والغث من السمين، والمقبول من المرفوض.

أولا-الدراسات السابقة[2]:

يوجد دراسات كثيرة وعديدة ذكرتها في قائمة المصادر والمراجع ومن أهمها:[3]

  1. مداخل متعددة في الموسوعة القرآنية الصادرة عن بريل مثل:

أ-

Gerhard Böwering, “Chronology and the Qurʾān”, in: Encyclopaedia of the Qurʾān, General Editor: Jane Dammen McAuliffe, Georgetown University, Washington DC. Consulted online on 22 June 2022.

ب-دراسات  ومداخل متنوعة أخرى في الموسوعة القرآنية تطرقت لموضوع جمع القرآن الكريم، ونسخه، وقد أشرت لها في ثنايا البحث.

2-

Andrew Rippin, Reading the Quran with Richard Bell”, Journal of the American Oriental Society, vol.112, issue 4,  October-December 1992, p.641.

3-سلسلة أربع محاضرات لفرانسوا ديروش:  فرانسوا ديروش، المحاضرة الرابعة بعنوان: النسخة الرسمية للمصحف والنقد التاريخي، Vulgate coranique et critique historique ،  ألقيت في باريس في الكوليج دي فرانس،  19 مايو، 2015.

Vulgate coranique et critique historique - Histoire du Coran. Texte et transmission - François Déroche - Collège de France - 19 mai 2015 14:30 (college-de-france.fr)، retrieved on 3-7-2022.

4- أحمد خالد شكري وعمران نزال، أهمية العلم بتاريخ نزول القرآن الكريم ومصادره، مجلة المنارة، المجلد 12، العدد 3، 2006، ص: 209-248.

5-عبد الله الخطيب، حول ترجمة معاني القرآن الكريم للمستشرق ج. م. رودويل، حولية كلية أصول الدين والدعوة الإسلامية بطنطا، العدد السابع عشر لعام 2006، ص: 5715-5790.

6-رضا محمد الدقيقي، كتاب تاريخ القرآن للمستشرق الألماني تيودور نولدكه: ترجمة وقراءة نقديةالوحي إلى محمد صلى الله عليه وسلم بين الإنكار والتفسير النفسي، (قطر: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، 2008)، ج: 1، ص: 221-229.

7-طه عابدين طه، ترتيب سور القرآن الكريم: دراسة تحليلية لأقوال العلماء، مجلة البحوث والدراسات القرآنية، العدد التاسع، السنة الخامسة والسادسة، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، يونيو 2010.

8-عبد الله الخطيب، دراسة نقدية لترجمة ن ج داود للقرآن إلى الإنجليزية، مجلة التجديد، العدد الحادي والعشرين، 2011.

9-علي العنزي، ترتيب الآيات والسور في المصحف الشريف: حكمه بين التوقيف والاجتهاد وأثره في أحكام القراءة والكتابة، مجلة العلوم الشرعية، جامعة القصيم، المجلد 12 ، العدد 5، 2019.

10- أحمد خالد شكري، تتبع تاريخ نزول آيات سورة المائدة، مجلة الجامعة الإسلامية للدراسات الإسلامية، المجلد 28، العدد 1، 2020،  ص:154-175.

11- نجلاء عبد العزيز القاضي، موقف ابن مسعود رضي الله عنه من جمع القرآن، مجلة جامعة الملك عبد العزيز: الآداب والعلوم الإنسانية، المجلد 29، العدد 2، 2021.

ثانيا-إشكالية البحث:

تحدى المستشرقون الرواية الإسلامية عن ترتيب المصحف العثماني، فبرأيهم أن ترتيب المصحف الشريف أيام عثمان تخلله النقص، وذلك من خلال استعراض مصاحف الصحابة الآخرين كمصحف أبي بن كعب ومصحف ابن مسعود، وهم يرون ضرورة إعادة ترتيب المصحف لا حسب الترتيب العثماني بل حسب ترتيب نزوله أو موضوعاته، وهذا برأيهم يساعدنا على أمرين: فهم القرآن بصورة منطقية متسلسلة، وفهم سيرة محمد (صلى الله عليه وسلم)، فكانت منهم محاولات عديدة لإعادة ترتيب المصحف، ويحاول هذا البحث الإجابة عن الأسئلة الآتية:

هل كان لترتيب مصاحف الصحابة للقرآن الكريم حسب تاريخ النزول، أو لإضافة بعض السور أو حذفها من بعض مصاحفهم أثر في نقض الرواية الإسلامية حسب زعم المستشرقين؟

وما هي نتيجة جهود المستشرقين في إعادة ترتيب السور حسب تاريخ النزول سواء في ترجمات القرآن الكريم أم في أعمالهم الأخرى؟ هذا ما يحاول هذا البحث الإجابة عنه.

ثالثا-أهداف البحث:

يهدف هذا البحث أهدافا عديدة من أهمها الإجابة عن الأسئلة السابقة من خلال:

 أ-توضيح وجهة النظر الإسلامية التي تناقض وجهة النظر الاستشراقية حول ترتيب سور القرآن الكريم، وهل كان بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم، أم باجتهاد من الصحابة؟.

ب-بيان ما توصلت له الدراسات الاستشراقية حول ترتيب السور حسب تاريخ النزول، وتقييمها، والرد على ما فيها من مزاعم غير صحيحة بحق القرآن والنبي صلى الله عليه وسلم.

رابعا-منهجية الدراسة

          اتبعتُ في هذه الدراسة المناهج الآتية:

  • المنهج الاستقرائيّ: وذلك من خلال تتبع الباحث آراء المسلمين والمستشرقين حول ترتيب السور حسب تاريخ النزول، وأدلتهم.
  • المنهج التحليليّ: ويتمثل ذلك بمناقشة آراء المسلمين والمستشرقين وأدلتهم.

المبحث الأول : ترتيب سور القرآن الكريم عند العلماء المسلمين[4]

إن لترتيب السور عند العلماء المسلمين ثلاثة آراء، أما ترتيب الآيات في السور فهناك إجماع بين المسلمين على أنه توقيفي. والآراء الثلاثة حول ترتيب السور هي حسب الآتي:

الرأي الأول: أن الترتيب توقيفي، وهو قول جمهور العلماء[5]، وممن ذهب إلى هذا الرأي أبو بكر بن الأنباري، وأبو جعفر النحاس، والباقلاني في أحد قوليه، وابن الحصار، والكرماني، والبغوي،[6] والطيبي، ومن المتأخرين الفراهي.[7]

الرأي الثاني: أنه كان باجتهاد من الصحابة، وممن ذهب إلى هذا الرأي مالك والباقلاني في أحد قوليه، والقاضي عياض، ومكي بن أبي طالب، والحرالي، وابن تيمية، والبقاعي، والشوكاني، والزرقاني وغيرهم.[8]

الرأي الثالث:التفصيل وهو أن ترتيب بعض السور بتوقيف وبعضه الآخر  باجتهاد من الصحابة.[9]

واختلف أصحاب هذا الراي بمقدار التوقيفي والاجتهادي:

1-فمنهم من يرى أن أكثر السور رتب من النبي صلى الله عليه وسلم وبعضها رتبه الصحابة مثل الأنفال وبراءة، وممن ذهب إلى هذا الرأي  البيهقي وأيده السيوطي بقوله:[10] والمختار عندي "ما قاله البيهقي وهو: أن ترتيب كل السور توقيفي سوى الأنفال وبراءة". [11]واختار هذا الرأي ابن الزبير الغرناطي، وابن حجر،[12] لكنهما أضافا الزهراوين ومع النساء في كونها اجتهادية الترتيب.[13]

2-ومنهم من يرى أن أغلب السور في الترتيب اجتهادي والأقل هو توقيفي:

وممن ذهب إلى ذلك ابن عطية في تفسيره المحرر الوجيز حيث "حصر التوقيفي في السبع الطوال والحواميم والمفصل".[14]  

والراجح من هذه الأقوال والله أعلم هو قول الجمهور وذلك لأدلة عديدة ساقوها،[15] ولهذا يقول أبو بكر بن الأنباري في كتابه: الرد على من خالف مصحف عثمان: "اتساق السور كاتساق الآيات والحروف كله عن النبي e ، فمن قدم سورة أو أخرها فقد أفسد نظم القرآن"،[16] ويرى الزركشي أن  : "لترتيب وضع السور في المصحف أسباب تطلع على أنه توقيفي صادر من حكيم"[17]، وذكر الزركشي الأسباب التي دعت لترجيح التوقيف ومنها: الاحتجاج بالتناسب بين السور القرآنية سواء كان بين مضمون السور المتتالية أو بين مضمون آخر السورة وأوائل السورة التي تليها،[18][19]  ويرى الزركشي بأن الخلاف لفظي بين القائلين بأن الترتيب عن اجتهاد والقائلين بأنه عن توقيف، لأن القائل بالثاني يقول: إنه e رمز إليهم ذلك، لعلمهم بأسباب نزوله، ومواقع كلماته، ولهذا قال مالك: إنما ألفوا القرآن على ما كانوا يسمعونه من النبي e مع قوله بأن ترتيب السور كان باجتهاد منهم، فآل الخلاف إلى أنه هل هو  بتوقيف قولي، أو بمجرد إسناد فعلي، بحيث يبقى لهم فيه مجال للنظر، وسبقه في ذلك جعفر بن الزبير.[20] أما السيوطي فقد سبق الكلام عن رأيه في الترتيب وأن أغلبه كان توقيفيا، وقد أضاف السيوطي كلاما نفسيا بعد أن عرض آراء العلماء حول ترتيب السور في القرآن الكريم أورده هنا لأهميته: "وليس هنا شيء أعارض به سوى اختلاف مصحف أبي وابن مسعود رضي الله عنهما ولو كان توقيفيا لم يقع فيهما اختلاف كما لم يقع في ترتيب الآيات. وقد من الله علي بجواب لذلك نفيس وهو: أن القرآن وقع فيه النسخ كثيرا للرسم، حتى لسورة كاملة، وآيات كثيرة فلا بدع أن يكون الترتيب العثماني هو الذي استقر في العرضة الأخيرة كالقراءات التي في مصحفه، ولم يبلغ ذلك أبيا وابن مسعود رضي الله عنهما، كما لم يبلغهما نسخ ما وضعاه في مصاحفهما من القراءات التي تخالف المصحف العثماني ولذلك كتب أبي في مصحفه سورة الحفد والخلع وهما منسوختان. فالحاصل أني أقول: ترتيب كل من المصاحف بتوقيف، واستقر التوقيف في العرضة الأخيرة على الترتيب العثماني كما أن جميع القراءات والمنسوخات المثبتة في مصاحفهم بتوقيف، واستقر التوقيف في العرضة الأخيرة على القراءات العثمانية ورتب أولئك ما كان عندهم ولم يبلغهم النسخ".[21] ويرى العلامة الفراهي الهندي : "أن جمع القرآن وترتيبه على نسق واحد بسوره وآياته قد تم في عهد النبي e ، وقد استنبط ذلك من قوله تعالى: ﴿إن علينا جمعه وقرآنه. فإذا قرأناه فاتبع قرآنه. ثم إن علينا بيانه﴾]القيامة: 16-19]"[22]، فقد أنجز الله تعالى لرسوله وعده فكان النبي e "يقرأ على الصحابة سورة القرآن كاملة، وهذا لا يكون إلا بعد أن قرئ عليهم بنسق خاص فأخذوها منه....، ثم عرض عليه جبريل الأمين عرضة أخيرة بعد تمام القرآن، كما جاء في الخبر الصحيح المتفق عليه، فآتاه القرآن بتمامه مرتب السور، فكان مواقع السور فيه مثل مواقع الآيات مما ألقي عليه، وعلم الأمة كما تلقى من الروح الأمين"[23]، فالقرآن الكريم الذي بين أيدينا هو نفسه الصحف المكرمة المرفوعة المطهرة بأيدي الملائكة السفرة، الكرام البررة الذين قال الله عنهم: ﴿ في صحف مكرمة. مرفوعة مطهرة. بأيدي سفرة . كرام بررة﴾ ]عبس: 13-16]. وقد أكد الإمام النورسي في كتبه رسائل النور كون القرآن الكريم معجزا بترتيب سوره الحالية، واستخرج من ذلك بعض الوجوه الإعجازية في تكرار بعض الكلمات في سور القرآن الكريم حسب الترتيب الحالي للمصحف الشريف.[24] 

هكذا أكد جميع هؤلاء العلماء أن القرآن الموجود بين أيدينا اليوم مرتب الآيات والسور هو نفسه الموجود في اللوح المحفوظ، وقد أبدع دراز في وصفه لحكمة هذا الترتيب الحالي للقرآن الكريم بقوله: "ولا شك أن طريقة القرآن ليست لها مثيل على الإطلاق، فلا يوجد أي كتاب من الكتب في الأدب، أو في أي مجال آخر، يمكن أن يكون قد تم تأليفه على هذا النحو، أو في مثل هذه الظروف، وكأن القرآن كان قطعا متفرقة ومرقمة من بناء قديم، كان يراد إعادة بنائه في مكان آخر على نفس هيئته السابقة، وإلا فكيف يمكن تفسير هذا الترتيب الفوري والمنهجي في آن واحد، فيما يتعلق بكثير من السور، إذا لم تكن الصحائف الخالية والصحائف التامة تمثل وحدة كاملة في نظر المؤلف".[25]

واستدل الباقلاني على صحة نقل القرآن وصحة تأليفه وترتيبه بقوله: "ومما يدل على ذلك قوله تعالى: ﴿إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون﴾  ]الحجر: 9 [ وقوله: ﴿إن علينا جمعه وقرآنه﴾ ]القيامة: 17 [  وقد ثبت بإجماع الأمة منا ومنهم (أي الشيعة) أن الله تعالى لم يرد بهاتين الآيتين أنه تعالى يحفظ القرآن على نفسه لنفسه، وأنه يجمعه لنفسه، وأهل سماواته دون أهل أرضه، وأنه إنما عنى بذلك أنه يحفظه لهم فيكون محفوظا عندهم، ومجموعا لهم دونه، ومحروسا من وجوه الخطأ والغلط والتخليط والإلباس، وإذا كان ذلك كذلك وجب بهاتين الآيتين القطع على صحة مصحف الجماعة وسلامته من كل فساد ولبس، لأنه لو كان مغيرا أو مبدلا أو منقوصا منه أو مزيدا فيه، ومرتبا على غير ما رتبه الله سبحانه لكان غير محفوظ علينا، ولا مجموع لنا، وكيف يسوغ لمسلم أن يقول بتفريق ما ضمن الله جمعه، وتضييع ما أخبر بحفظه؟".[26] ومن الأدلة القاطعة على صحة ما عندنا من القرآن الكريم هو أن الفرق الإسلامية المتعددة كلها لم نر أحدا منهم يلجا للاحتجاج بمصحف غير الذي بين أيدينا، ولو وجدت نسخ أخرى لظهر الاحتجاج بها قطعا.

وبالرغم من الاختلاف الذي عرضناه بين العلماء حول الترتيب الحالي للمصحف الشريف وهل كان بتوقيف أم باجتهاد، بالرغم من ذلك كله لم نجد عالما واحدا من علماء المسلمين المعتبرين يجيز إعادة الترتيب حسب النزول، بل كلهم يرون ضرورة الالتزام بالترتيب الموجود في المصحف العثماني لما يترتب على مخالفة ذلك من أمور عديدة[27]، قال أبو بكر بن الأنباري في كتابه الرد على من خالف مصحف عثمان: "فمن عمل على ترك الأثر والإعراض عن الإجماع ونظم السور على منازلها بمكة والمدينة لم يدر أين تقع الفاتحة لاختلاف الناس في موضع نزولها ويضطر إلى تأخير الآية التي في رأس خمس وثلاثين ومائتين من البقرة إلى رأس الأربعين ومن أفسد نظم القرآن فقد كفر به، ورد على محمد صلى الله عليه وسلم ما حكاه عن ربه تعالى"[28]، وقال ابن بطال: "إنما يجب تأليف سوره في الرسم والخط خاصة".[29]

لذلك لا عبرة بدعوة من دعا لإعادة الترتيب كما نقل ذلك عن بعض الشيعة قديما وحديثا، وكما طبقه المستشرقون في ترجماتهم للقرآن الكريم وخلال كتاباتهم عن السيرة النبوية، وكما دعا له بعض المعاصرين من المسلمين. قال أبو بكر الباقلاني: "فمن التغيير لذي ادَّعوه _أي بعض الشيعة_ ولا غرض لعاقل منه، قولهم: إنّ أبا بكر وعمر وعثمان والجماعة فصلوا بين الكلام المتصل المتناسب، وعَضَوْهُ حتى صار منبتراً غير مقيد، وقدّموا المدني على المكي في الكتابة والرسم، فالله سبحانه ـ بزعمهم ـ قدّم المكي على المدني في التأليف والترتيب ... الخ"[30]، وكان من جملة الشيعة المعاصرين الذين دعَوا إلى ترتيب القرآن على النزول الميرزا باقر، فقد ألَّف رسالة بعنوان: (ترتيب سور القرآن حسب التبليغ الإلهي).

 وممن دعا إلى هذه الفكرة من المسلمين الباحث يوسف راشد، والذي تقدَّم برسالة إلى الأزهر عنوانها: (رتِّبوا القرآن كما أنزله الله)، وقد ردَّ عليه الشيخ حسنين محمد مخلوف في مقالة نشرت في مجلة لواء الإسلام.[31]

وقد كتب الدكتور محمد عبد الله دراز تقريراً عن هذه الرسالة متضمناً الردَّ على هذه الدعوة خلاصته:

أ ـ أن ترتيب السور توقيفي على ما يقرره جمهور العلماء، ولم يخالف مسلم في التزام هذا الوضع الذي كان عليه المصحف من أول يوم .

ب ـ أن احترام قدسية الوضع المأثور يقضي بالمحافظة على النسق القائم الآن في الآيات والسور جميعاً، وأن فكرة ترتيب المصحف على حسب النزول كانت تقضي بتغيير الوضع في السور والآيات جميعاً، بل هي في الآيات كانت أشد اقتضاء ومع ذلك فقد خولفت.

ج ـ أن تغيير الترتيب يفتح مجال الشبهة أمام العصور المقبلة فيقول قائل منهم: إنه لم تبق لنا ثقة بأن هذا الكتاب بقي في كل العصور بعيداً عن كل تبديل؛ لأنه في عصرٍ ما غُيِّرت أوضاعُ السور فيه، فلعله قد أصابته قبل ذلك تعديلات أخرى لم تصل إلينا أنباؤها.

د ـ إن هذه الدعوة خارقة لإجماع المسلمين، ويحرَّف بها الكلم عن مواضعه[32] التي وضعه الله فيها، ولن يكون من ورائها إلا إفساد النسق وتشويه جماله[33].

وممن دعا كذلك إلى تغيير ترتيب السور حسب النزول من المسلمين الأستاذ عبد المتعال الصعيدي في كتاب: النظم الفني في القرآن، حيث دعا لفكرة المصحف المبوب الذي يخالف المصحف المرتب.[34]

وهنا لابد أن نفصل بين الاختلاف بين علماء المسلمين في مشروعية التفسير حسب الترتيب التاريخي، وبين الاختلاف في توقيف ترتيب السور، فلا تلازم بينهما، ولم يدع من حاول التفسير حسب الترتيب التاريخي أنه بديل عن الترتيب المجمع عليه، إنما هي محاولة لفهم أعمق للقرآن الكريم من خلال ربطها بأحداث السيرة النبوية الشريفة، وتاريخ النزول، فالمسألتان منفكتان.

وقد اشتهرت أربعة تفاسير كتبت بناء على ترتيب تاريخ نزول السور من قبل الأستاذ محمد عزة دروزة، والشيخ عبد القادر ملا حويش العاني، والدكتور أسعد أحمد علي، والشيخ عبد الرحمن حبنكة، وتبعهم محاولتان: أولاهما: لمحمد عابد الجابري في تفسيره: فهم القرآن الحكيم: التفسير الواضح حسب ترتيب النزول[35]، والثانية: للأستاذ الدكتور الشاهد البوشيخي: نظرات في الهدى المنهاجي في القرآن الكريم من خلال السور التسع الأولى حسب ترتيب النزول،[36] فبالرغم من اجتهادهم وحسن نيتهم وقصدهم في ذلك إلا أن عملهم لاقى معارضة شديدة من علماء عصرنا،[37] كل ذلك خوفا على القرآن من التغيير والتبديل والتحريف. وقد كتب زميلنا الفاضل الدكتور طه فارس عام 2007 رسالة علمية قيمة حصل بها درجة الدكتوراه من جامعة أم درمان الإسلامية حول تقويم التفاسير الأربعة الأولى.[38] وقد توصل د. طه فارس لنتيجة مهمة بعد أن درس معظم الروايات المتعلقة بترتيب السور حسب النزول وهذه النتيجة هي:

"أنه من خلال استعراض روايات ترتيب النزول التي وقفت عليها، ودراستها سندا ومتنا، وتتبع نواقضها مما صح في الروايات، يمكننا القول بأنها لا تصلح للاحتجاج في مثل هذا الأمر لشدة ضعف أسانيدها، ومخالفة متونها لما صح في بيان المكي والمدني، إضافة لما اعترى متونها من خلل واضطراب في ترتيب السور والله أعلم".[39]

وبما تقدم من عرض وتحليل لموقف المسلمين من ترتيب سور القرآن الكريم نستطيع القول بأن الترتيب الحالي قد ثبت بأدلة قطعية تصل إلى حد التواتر فلا يوجد دليل ينقضها ومئات آلاف المصاحف المنتشرة في مكتبات العالم تؤكد هذا الرأي وتدعمه، فلا عبرة بالروايات المخالفة لهذا الترتيب، لذا فقد "قالت اللجنة المؤلفة لوضع تقرير عن (المصحف المرتل): أما الروايات التي ذكرها السيوطي لإثبات أن بعض الصحابة كان لهم مصاحف خالفت مصحف عثمان في ترتيب السور، فهي واردة في كتب لم يلتزم مؤلفوها الصحة فيما يروونه فيها، وعلى فرض أن هذه الروايات صحت هي أو بعضها عنهم فذلك كان قبل جمع عثمان الذي أجمع عليه الصحابة، وفيهم أصحاب هذه المصاحف التي أمر عثمان بإحراقها فأحرقوها، فلا يليق بعد هذا أن ينسب إليهم أنهم يخالفون مصحف عثمان في ترتيب السور أو بعضها".[40]

المبحث الثاني: عرض لتاريخ التحليل الغربي النقدي للقرآن الكريم من خلال ترتيب السور حسب تاريخ النزول

بدأت الأدبيات الغربية من منتصف القرن الثامن عشر بالانخراط في أبحاث  معمقة حول القرآن من خلال الدراسات الفليلولوجية ونقد النص التي اعتمدها الغربيون في دراسة ونقد الكتاب المقدس والتي بدأت جديا بدراسات وضع أسسها Abraham Geiger عام 1833 الذي رغب في أن يبلور فكر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم من خلال سياق النص “contextualize Muhammad”. فكانت هناك محاولات علمية مكثفة للوصول إلى الترتيب الزمني للقرآن سورا وآيات من خلال دراسة تطور أحوال النبي محمد (صلى الله عليه وسلم ) في سيرته ورسالته،[41] وكان هدفهم من ذلك كما يقول محمد عابد الجابري: "بناء تصور (موضوعي) لتطور الوحي المحمدي، والتعرف على الجانب الروحي من السيرة النبوية".[42]

وكان هناك اتجاهان رئيسان في ذلك:

 الاتجاه الأول: اتجاه ينزع إلى إعادة الترتيب حسب تاريخ النزول، واتجاه ثان: ينزع نحو الترتيب الموضوعي كالترتيب الشاعري، أما الاتجاهات الأخرى فقد تبناها قلة من المستشرقين كما سنوضحه. 

وكان الهدف بزعمهم من إعادة الترتيب هو فهم تطور فكر النبي صلى الله عليه وسلم خلال تأليفه للقرآن –بزعمهم- وفهم الظروف التي كان يمر بها أثناء دعوته ورسالته وهذا يجعل قراءة القرآن سهلة وممتعة كما يقول بلاشير،[43] وتساعد القارئ في فهم النص القرآني فهما دقيقا. ومن أهداف هذا الترتيب أيضا إظهار النص القرآني نصا غير مترابط الأجزاء، فهو خليط من سور فيها آيات مكية ومدنية متباعدة النزول، ولا تناسب بينها.[44] وهذا الكلام الذي زعموه مردود كله كما سنرى.

وهناك رؤية تطورية عن ترتيب القرآن تبناها بعض المستشرقين مثل جون وانسبرا وهذه الرؤية تندرج ضمن رؤية استشراقية أشمل لتاريخ النص القرآني حيث يدعي هذا المستشرق بأن النص القرآني:

 1-"نص تطور تدريجيا في القرنين الثامن والتاسع الميلاديين من أصل روايات شفوية، وعن طريق تعديلات جرت عبر قرنين، ثم أعطيت شكلا رسميا، وكانت هذه العملية مماثلة لما حدث في تقنين الكتاب المقدس لليهود.

 2-الطابع الجدلي لكثير مما جاء في القرآن يدل على أن معارضة يهودية كانت وراء عملية تقنين سور القرآن.

 3-روايات القرآن وقصصه متأخرة لأغراض  دينية ودعوية، ثم نسبت إلى وقت مبكر.

فهذه الرؤية تعمقها محاولة إعادة ترتيب سور القرآن من خلال عكسها لشبهة بشرية النص القرآني وتأثره بالظروف الشخصية والموضوعية التي واجهت الرسول، حيث جاء القرآن صدى لآمال الرسول وآلامه وصراعاته مع خصوم دعوته، وكذلك صدى للمشكلات التي واجهته والحلول التي طرقها لحلها، والرؤى السياسية والدينية التي كان يحاول تثبيتها في مواجهة المشركين وأهل الكتاب".[45] 

وكان الهدف الأساس من دراسة الترتيب الزمني المفصلة في الغرب هو تقسيم الدعوة القرآنية إلى أربعة مراحل هي: المرحلة المكية 1 و 2 و 3 و المرحلة المدنية.

ومحاولة ربط ذلك بوضع تصور للتطور التدريجي لنبوة محمد صلى الله عليه وسلم وحياته السياسية من خلال المنهج الغربي والقفزة النوعية بدراسة سيرة (النبي) محمد صلى الله عليه وسلم، وربطها بالقرآن الكريم.

هذا المنهج أول من طوره هو شبرنغر عام 1861-5 وغريم عام 1892-5 وطوره لاحقا بهل عام 1934 وأضاف إليه قليلا مونتغمري وات عام 1956 في كتابيه محمد في مكة ومحمد في المدينة.

إن البحث في الترتيب الزمني لآيات القرآن مع البحث في السيرة النبوية للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) ووظيفته اعتمدا على بعضهما البعض. لقد كان في هذا النوع من الدراسة تحد وخطورة لأنها تعتمد على التقييم الموضوعي لتطور حياة محمد (صلى الله عليه وسلم ) الدينية وذلك بإعادة قراءتها من خلال آيات عديدة متنوعة لم يستفد منها سابقا.

إن تقسيم المرحلة المكية لثلاث مراحل ساعدت المستشرقين[46] في رؤية جديدة لنشأة محمد (صلى الله عليه وسلم ) كنبي قبل الهجرة وفتحت لهم مفاهيم وانطباعات جديدة لمراحل مهمة في تطور دعوته القرآنية المبكرة، فإذا استطعنا –كما يدعي المستشرقون- أن نفهم التطور التاريخي للقرآن الكريم فهما صحيحا، وأن نفهم التطور التاريخي الذي حدث في حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم من خلال سيرته، فإنه يمكننا أن نعيد ترتيب المصحف وتركيبه من جديد، وذلك يجعله مفهوما وذا معنى “make sense”  من الناحية التاريخية، وبعبارة فلهاوزن Wellhausen: يتحقق ذلك بإعادة بناء التاريخ بشكل صحيح  “reconstruction history well”، وبالربط المباشر بين المصادر والأحداث التاريخية.[47]

هذا هو الهدف العام من هذه المحاولات مهما تنوع شكلها أو مضمونها وهذا ما سنراه واضحا من خلال عرض بعض طروحات المستشرقين ورؤاهم عن ترتيب النص القرآني وبعض هذه المحاولات كان دراسات وبعضها كان ترجمات للقرآن الكريم أعيد ترتيبها.

الاتجاه الأول: إعادة ترتيب سور القرآن حسب تاريخ النزول:

بلغت المحاولات ضمن هذا الاتجاه حوالي عشرة محاولات أهمها محاولة تيودور نولدكه الذي تأثر به كثيرون ممن قاموا بترجمات للقرآن الكريم إلى اللغات الأوروبية مرتبة حسب تاريخ النزول ومنهم رودويل وبلاشير وبل. وقد صرح رودويل في مقدمته للترجمة بأنه أخذ بمنهج نولدكه في معظم المراحل. وقد أيد كثيرون من المستشرقين هذا الترتيب ومنهم المستشرق كارل بروكلمان الذي قال: "والسور المدنية تتصل بأحداث معينة نعرفها على وجه الدقة كثيراً أو قليلاً، ومن ثم يمكن ترتيب الجانب الأكبر منها على الأقل ترتيباً تاريخياً متسلسلاً".([48])

وسنذكر هنا محاولات إعادة ترتيب سور القرآن حسب النزول:

  1. جوستاف فايل  Gustav Weil :

بدأ فايل محاولته سنة (1844م) في كتابه (مقدمة تاريخية نقدية إلى القرآن)

(Historisch-kritische Einleitung, Bielefeld 1844) ولم تتخذ صورتها النهائية إلا سنة (1872م)، وذلك في كتابه: Mohammed der Prophet، وفايل لا يقيم في طريقته وزناً للروايات والأسانيد الإسلامية. وهذا الأمر تبناه بعده كل من نولدكه وبلاشير عند قيامهم بالترتيب الزمني للقرآن الكريم.

وقد اعتمد فايل على ثلاثة معايير رئيسة في ترتيبه:

 أ-تلميحات القرآن إلى حوادث معروفة.

 ب-مضمون النص القرآني وعلاقته بالأحداث التي وقعت في حياة النبي r.

 ج-أسلوب النص القرآني.[49]

ولهذا فقد قسم المراحل القرآنية إلى أربع مراحل؛ ثلاث في مكة ورابعة في المدينة.... ([50])

2-وليم موير W. Muir: قام وليم ميور بهذه المحاولة عام 1875  في كتابه:

(The Corân. Its composition and teaching[51], London 1875),

فقسم المراحل القرآنية إلى ست، خَمْسفي مكة وسادستها في المدينة، واعتمد فيها إلى حدٍّ غير قليل على سيرة الرسول r وأسانيدها، بعد دراستها دراسة نقدية حشد لها الكثير من معلوماته التاريخية، ولكنه وقع في أخطاء عديدة وأخذ بروايات واهية[52]، ولهذا فإن رودويل لم يأخذ بطريقته كما صرح في مقدمة الترجمة. ومما اختاره وليم ميور في تقسيمه للسور ثمانية عشر سورة سماها " rhapsodies " وهي تعود لفترة ما قبل بدء النبي بالدعوة. وهذه السور هي[53]:

(q 103; 100; 99; 91; 106; 1; 101; 95; 102; 104; 82; 92; 105; 89; 90; 93; 94; 108).[54]

  • تيودور نولدكه Theodor Noldeke:

يعد نولدكه شيخ المستشرقين الألمان، ويعد كتابه تاريخ القرآن Geschichte des Qorans المصدر الأساس لكل المستشرقين الذين رتبوا القرآن الكريم حسب النزول . كان أول عمله في هذا الكتاب رسالة للدكتوراه عام 1856 من جامعة غوتنغن Göttingen في ألمانيا، ثم نال على هذا الكتاب جائزة الأكاديمية الفرنسية للآداب عام 1859، ونشر الكتاب عام 1860، ثم طبع طبعات عديدة ساهم فيها تلميذه شفالي بدءا من عام 1909، ثم برجيستراسر وأوتو بريتزل عام 1938، في ثلاث مجلدات.

وتعد هذه الدراسة الدراسة الغربية الأساسية والكلاسيكية للقرآن والدراسة المعتمدة والمقبولة في الغرب حول الترتيب الزمني للقرآن والتي أضاف إليها بلاشير في مقدمته تنقيحات عام 1947-5019).[55] والكتاب اليوم مترجم إلى اللغة العربية.[56]

وقد وضع نولدكه ترتيبا جديدا للسور حسب النزول متأثرا بمن قبله مثل المستشرق فايل حيث اعتبر نولدكه عمل فايل نقطة الانطلاق في محاولة الترتيب وأخذ منها، وعلى كثير من أسسها بنى دراسته[57]. وقد أثنى بلاشير على طريقة نولدكه كثيرا وكذلك فعل رودويل.

وتعتمد طريقة نولدكه على "دراسة تطور الأسلوب القرآني من الفقرات الشعرية الخيالية في السنوات الأولى، إلى التنزيل النثري المطول فيما بعد. وقسم نولدكه السور القرآنية إلى قسمين رئيسين: سور مكية وسور مدنية، ثم قسم المكية إلى ثلاث فترات:

سور الفترة المكية الأولى التي تمتاز بالقصر ولغة إيقاعية مليئة بالخيالات، وظهور استخدام القسم في بداية الفقرات.

أما الفترة الثانية فهي فترة انتقال بين الحماس المهيب في الفترة المكية الأولى والهدوء الأعظم في الفترة الثالثة. ونادرا ما يستخدم فيها أسلوب القسم وغالبا ما تميل فيها السور للطول.

أما الفترة الثالثة فقد ذكر فيها أن كلمة (الرحمن) قد أوقف استخدامها. ويكثر فيها استخدام القصص النبوي مع تغيير طفيف في الموضوع الذي تركز عليه القصة.

أما سور الفترة المدنية فالاهتمام فيها على الموضوعات وتعليمات المجتمع أكثر من الأسلوب، ونولدكه في عمله هذا ينظر للسورة كوحدة متكاملة ذات تاريخ نزول واحد. وهذا من الأسباب التي جعلت عمله يظهر ضعيفا لأن كثيرا من السور تحوي آيات ذات تواريخ متعددة"[58].

  • J.M. Rodwell  جون ميدوز رودويل[59]

قام رودويل بترجمته عام 1861، وعنوانها: القرآن The Koran،[60] وهي أول ترجمة إنجليزية للقرآن الكريم أعاد فيها رودويل ترتيب السور ترتيبا زمنيا حسب نزول القرآن الكريم وذلك -بزعمه- كي يسهل على القارئ الغربي فهم النص القرآني وكيفية تطور فكر النبي r أثناء تأليفه للقرآن الكريم. وقد تأثر في عمله هذا بعمل تيودور نولدكه إلا إذا استثنينا من عمل رودويل تنزيلات الفترة الأولى في مكة.[61]

ويأسف المرء عندما يكتشف أن هدف هذا المستشرق القسيس كان تشويه صور القرآن الكريم وإظهاره بصور كتاب متناثر الأجزاء، لا ترابط في مضمونه ولا تناسب بين آياته، ولهذا فهو يقول:

"إن الحجة التي ينبغي أن يستخدمها المبشر المسيحي في تعامله مع المسلم هي أن لا ينتقد الإسلام على أنه جملة من الأخطاء، بل يثبت بأنه يحتوي على شظايا وأشياء منفصلة (متناثرة) من الحق، ومبنية على المسيحية وعلى اليهودية خصوصا، وأن هذه القضايا قد فهمت فهما جزئيا غير كامل، ومن غير أن يقدر المبشر قيمتها، وأن يشير في كلامه إلى أن المسيحية هي  الشريعة النهائية".[62]

إن رودويل باعتماده هذا الترتيب فإنه يقوم بتحريف واضح للنص القرآني لأنه لا يظهره على صورته الحقيقية التي أجمع عليها المسلمون خلال أربعة عشر قرنا من الزمان، وهو يريد أن يثبت للقارئ بأن القرآن ألفه  رجل في الصحراء اسمه محمد r -حاشاه ألف ألف مرة- وهو ينطلق من افتراض وهمي وهو أن محمدا r ألف القرآن كما ألف شيكسبير مسرحياته، وهذه حماقة ما بعدها حماقة يمكن لمرء أن يتصورها.[63]  ويزعم رودويل في كثير من الحواشي بأن النبي r قام بتعديل السور والآيات من حين لآخر.

وسأقوم هنا بعرض آراء رودويل حول ترتيب السور كما عرضها في مقدمته، ثم أرد عليها في المبحث الثالث.

أولا: عرض لآراء رودويل حول ترتيب سور القرآن الكريم:

  1. إن الترتيب الحالي للمصحف لا يعتمد على أي حديث صحيح يثبت أن الترتيب كان بأمر من محمد r.
  2. نشر القرآن بعد وفاة محمد r، وذلك بعد أن كان القرآن في حياته عبارة عن ملاحظات وكلام متفرق، ومحفوظات في صدور الذين استمعوا له.[64]    
  3. نشأت القراءات نتيجة لمصحف أبي بكر مما أدى لاختلاف في القراءات خلال فترة خلافة عثمان.
  4. قام زيد ومعاونوه بترتيب السور بناء على طول السورة، فوضعوا السور الطوال أولا بعد الفاتحة، وبرأيه فهذه القاعدة ساذجة وغير كافية، مع أن زيدا ومعاونيه أحيانا لم يراعوا هذه القاعدة، ولم يراعوا الترتيب الزمني أبدا. ولهذا السبب رأينا السور المدنية التي نزلت متأخرة متقدمة على السور المكية التي نزلت في مرحلة الدعوة الأولى. ونرى أن السور المكية التي نزلت أولا في مكة موجودة في آخر القرآن. وكذلك فإن الآيات المكية مدمجة مع السور المدنية، والآيات المدنية منتشرة في سور مكية.[65]  وكأن زيدا رتب القرآن كما كانت تصله السور والآيات، مع غير مراعاة لترابط الموضوعات الأسلوب.  ويصل رودويل إلى نتيجة مفادها أن هذا النص الذي جمعه زيد حسب الترتيب الحالي نص غير موثوق به لأنه خليط وكشكول متنافر فيما بينه كما يقول كاسميرسك Kasmirsk . ويرى رودويل أن هذا الترتيب لا يعطينا أي فكرة عن التطور الذي حدث في فكر مؤسس الإسلام، ولا يعطينا كذلك أي فكرة عن الظروف التي كانت تحيط به وتؤثر عليه. ويمدح رودويل زيد بن ثابت في الأمانة العليمة عندما قام بجمع القرآن، يقول رودويل: "إن اكتفاء زيد بجمع القرآن بهذه الطريقة دون أن يتدخل أبدا في دمج الآيات بشكل معين، ودون أن يتدخل بتسلسلها الزمني، ودون أن يزيد أي كلمة لملء الهوة الموجودة بين الآيات المتعلقة بموضوع واحد، ودون أن يخفي أي آيات لم تكن في صالح مؤسس الإسلام، كل ذلك يدل على أمانة زيد القصوى ككاتب، وعلى تعظيمه للقرآن المقدس، وإلى حد ما يعطينا ثقة بأن النص القرآني الذي جمعه صحيح ويعتمد عليه"[66]. يتأسف رودويل من أن زيدا لم يجمع بين النقد التاريخي للنص القرآني مع أمانته في الجمع، هذه الأمانة التي منعته من العبث بالنص المقدس فلم يحذف الآيات المتناقضة وغير الصحيحة.
  5. بعد أن ذكر رودويل مختصرا لسيرة النبي قال يمكننا أن نحدد السور التي لها علاقة بأحداث بارزة في حياة محمد، إلا أنه من الممكن أن محمدا نفسه بعد فترة متأخرة من حياته ودعوته خلط بين الآيات المتقدمة النزول بالآيات المتأخرة النزول في السور بهدف تلطيف بعض الآيات التي تتكلم عن قرب وقوع القيامة، وليجعل أتباعه في حال دائم في توقع إتيان الساعة، وليرى في نجاحاته المتأخرة أن ما توقع وقوعه حق، فهو قد استخدم قرب قوع الساعة ليجذب الناس إلى دعوته.[67]  
  6. ينتقد التكرار في الآيات وخصوصا ما يتعلق منها بالقصص القرآني، والمقارنة بينها تهدينا إلى تطور فكر مؤلفها، وكيف ألفت أجزاء القرآن.
  7. عند كلامه عن مميزات الآيات المكية والسور المكية ومميزات الآيات المدنية والسور المدنية نلاحظ أنه يصف الرسول بأنه كان شاعرا ومجادلا لخصومه ثم انتقل ليكون ناثرا ومشرعا ثم يخلص إلى القول: "مما يلفت نظري أن السور إجمالا هي عمل شخص بدأ عمله كمفكر يبحث عن الحقيقة، ويؤكدها بأسلوب بلاغي وشعري ليجذب  أبناء قومه إليه، وانتقل من معلم قائد إلى سياسي أوجد نظاما وضع قوانينه بناء على الأحداث التي واجهته. ويلاحظ في كل السور أن القصد في تلاوتها كان للسامعين لا للقارئين لأنها تليت علنا للعامة، وأن الأمر كان متروكا لوضع الذي يقرأ القرآن، ويفسر هذا الأمر وجود جمل غير مكتملة".[68]   

اعتمد رودويل في ترتيبه للقرآن الكريم على المصادر الآتية:

  • اعتمد على الأحاديث النبوية الشريفة. إلا أنه لاحقا يتناقض وينفي إمكانية الاعتماد على الحديث بسبب عدم كتابته في عصر النبي، وبسبب نقل الحديث مشافهة واختلاطه بآراء الرواة وعقائدهم.[69] ثم يقول لا يمكن الاعتماد على الحديث إلا إذا نقل عبر رواة مستقلين ومحايدين ولم تتناقض روايتهم مع القرآن. ويقول: "يلاحظ القارئ للحديث والتفسير بأن المعجزات والحوادث التاريخية اخترعت بهدف شرح نص معتم ومعقد، ويلاحظ بأن الأحاديث المبكرة منصبغة بالأساطير"[70]، وقد وضعت الأحاديث خصوصا لتفسير القرآن بهدف دعم الحكم الأموي والعباسي.
  • اعتمد على القائمة التي أعدها المستشرق فايل بشأن ترتيب سور القرآن حسب النزول في كتابه: Mohammed der Prophet، الذي سبق ذكر طريقة فايل فيه.
  • رجع إلى القائمة التي أعدها المستشرق وليم موير W. Muir بشأن ترتيب سور القرآن حسب النزول في كتابه حياة محمد صلى الله عليه وسلم Life of Mahomet، وبين رودويل في مقدمة الترجمة بأنه لم يأخذ بطريقته لأنها غير دقيقة.
  • 11-                      اعتمد على كتاب تيودور نولدكه Theodor Noldeke تاريخ القرآن Geschichte des  يقول رودويل: "اعتمدت كليا على الترتيب الزمني الذي اعتمده نولدكه بالنسبة للسور التي تأخر نزولها لأن عمل نولدكه عن هذه المرحلة عمل علمي دقيق. وقد رتبت السور المبكرة في النزول والمجزأة بعد السورتين الأوليين اعتمادا على ترابط موضوعاتهما أكثر من اعتمادي على علاقتهما الزمنية، إلا أن هذا النوع من السور قليل"[71].
  • إدوارد هنري بالمر E.H. Palmer: [72]

قام بالمر بترجمته عام 1881، وعنوانها: القرآن The Quran، ونشرت جامعة أكسفورد ترجمته ضمن سلسلة عنوانها: الكتب المقدسة للشرق ( The Sacred Books of the East )، وقد أعاد ترتيب السور في ترجمته بناء على تاريخ النزول وتأثر بكتابات نولدكه. ودعا بالمر للجمع بين دراسة السيرة النبوية ودراسة شاملة لمضمون القرآن الكريم وذلك للوصول إلى ترتيب تاريخي دقيق للقرآن[73]. وتعد ترجمته المملوءة بالأخطاء العلمية والفكرية مثالا واضحا لما كان عليه الاستشراق في تلك المرحلة الزمنية من تحامل على الإسلام والنبي صلى الله عليه وسلم وجهل صارخ بتعاليم القرآن والإسلام الحنيفة، وقد أثرت آراؤه في عامة الناس في أوروبا حول تصوراتهم السلبية عن القرآن والإسلام.[74] 

6ـ هوبرت غريم Hubert Grimme: حاول المستشرق غريم ترتيب سور القرآن على حسب تاريخ النزول معتمداً في ذلك على الروايات والأسانيد التي وردت في ذلك.[75]

7-اختار هارتويغ هيرشفيلد Hartwig Hirschfeld عام 1902 تقسيما موضوعيا مختلفا عن الترتيب الزمني لنزول القرآن وهي حسب الآتي:[76]  التأكيدي ، الانفعالي، السردي، الوصفي والتشريعي، متبعا بالسور المدنية.

confirmatory, declamatory, narrative, descriptive and legislative — followed by the group of Medinan sūras.

8- ريتشارد بل Richard Bell :[77]

قام بترجمة للقرآن الكريم عام 1937-1939، وعنوانها: ترجمة القرآن مع دراسة نقدية لإعادة ترتيب السور[78]

The Quran: Translated with a critical rearrangement of the Surahs  

وقد فصل بل آراءه في كتاب له عنوانه: مقدمة للقرآن Introduction to the Quran وقد قام المستشرق مونتغمري واط بإخراجها. وتأثر بل بآراء رودويل إلى حد كبير فاعتبر أن الوحدة الأصلية للوحي كانت فقرة قصيرة وأن النبي صلى الله عليه وسلم قام بتعديل الفقرات من حين لآخر[79]، "لذا قام بل بتشريح كل سورة للأجزاء التي تتكون منها مراعيا الأسلوب ليستدل منها على التاريخ النسبي للفقرات"[80] وقد اتفق مع نولدكه في ترتيبه واختلف معه في أشياء أخرى، وكان "عمله هذا أخطر ما قدمه عالم غربي حيث شكك في النص القرآني بصورة لا يرضاها من ينظر في النص القرآني نظرة علمية حيادية ...لذا اعتبر بعض المواطن ناقصة"[81].

قسم القرآن لثلاثة أقسام: مرحلة الآية والقرآن والكتاب حسب الآتي:

"يرى بل Bell أن تأليف القرآن قد مر بثلاثة مراحل رئيسية: "مرحلة الآية " ومرحلة "القرآن" ومرحلة "الكتاب"، ومن وجهة نظر بل ، كانت المرحلة الأولى هي "مرحلة الآية"، التي تتضمن خطب الوعظ لعبادة الله، ويمثل ذلك الجزء الأكبر من وعظ محمد في مكة الذي لم يبق منه إلا نزر قليل وغير مكتمل.

وتضمنت مرحلة "القرآن" المراحل اللاحقة من مسيرة محمد المكية، وكذلك العامين الأولين من نشاطه في المدينة المنورة، وهي المرحلة التي واجه فيها محمد مهمة خلق مجموعة من طقوس التراتيل.

وتنتمي مرحلة "الكتاب" إلى نشاطه في المدينة المنورة، وقد بدأت في نهاية العام الثاني بعد الهجرة ، وهو الوقت الذي بدأ فيه محمد كتابة الكتاب المقدس المسمى: "الكتاب".

ومع ذلك، فإن نسخة القرآن الحالية، لا يمكن الفصل فيها بين كل مرحلة من هذه المراحل الثلاث على وجه التحديد، لأن مقاطع مرحلة الآية قد تم دمجها في مجموعة الطقوس والتراتيل، وقد تم أيضا تنقيح الأحاديث الشفوية السابقة لتشكل جزءا من الكتاب

وقد ظل بِلْ عاما نوعا ما في ملاحظاته خلال شرح نظامه المعقد لمعايير التمييز.

  وقام بفحص السور على أساس ذاتيّ انطباعي، كما اقترح بشكل اعتباطي إبعاد بعض المقاطع، في حين أن مضمون بعض المقاطع الأخرى التي كان ينوي إبعادها تم الاحتفاظ بها.

وبالرغم من ذلك، فقد أثبث بشكل مقنع أن فقرات الوحي الأصلية كانت قصيرة ومجزأة، وهي نفسها التي جمعها محمد في سور، وأن الوثائق المكتوبة استعملت في عملية الكتابة وهو مسار تحقق بمساعدة الكَتَبَة في مسيرة محمد بالمدينة.

وفي ما يتعلق بكتابة القرآن في زمن محمد، فإن القرآن، في نظر بِلْ،  أصبح كتابا مقدسا منذ معركة بدر عام (  2 هــ /624 م). وبالنسبة لبِلْ، كان هذا هو الحدث الفاصل، بينما لم تكن الهجرة من مكة إلى المدينة تشكل فاصلا كبيرا في فترة تقسيم السور".[82]

9ـ ريجيس بلاشير R. Blachere: قام بلاشير في ترجمته الفرنسية للقرآن الكريم عام 1947-1950 بترتيبها ترتيبا حسب تاريخ نزوله،  ولم يعتمد بلاشير في تقسيمه للسور القرآنية على السيرة النبوية ولا الروايات متبعا بذلك سلفيه فايل ونولدكه، وقد اعتبر بلاشير هذه الطريقة هي الوحيدة والمستمرة حقاً في فهم القرآن([83]). وقد خالف بلاشير نولدكه في بعض المواضع وقبلها في تقسيمه للفترة المكية لثلاث فترات، وقسم السور القرآنية إلى ثلاثة أنواع:

أ-سور مكية مقسمة على ثلاث مراحل كتقسيم نولدكه.

ب-سور مدنية.

ج-سور بين بين.[84]

10-هناك محاولات أخرى قام بها مستشرقون وهم : هـ . ديرنبرج،  وهيرتوج هيرشفيلد،[85] حتى إن ترجمة ألان جونز للقرآن الكريم عام 2007  كررت الآراء الاستشراقية نفسها حول ترتيب القرآن حسب تاريخ النزول، وكون ذلك برأيهم أمرا محيرا.[86]

نرى مما سبق أن ريتشارد بيل بينما تجاهل التقسيم الزمني لنزول القرآن إلى مكي ومدني، إلا أنه تبنى تقسيما موضوعيا ونظاما زمانيا غير مترابط للآيات التي نزلت مستقلة. ومتأثرا بمحاولة بل، تحدى وانسبرا عام 1977 كليا النظرة الغربية الزمانية لنزول القرآن وتبنى نظرة مختلفة تماما عمن سبقوه.

 وقام رودي باريت عام 1971 في كتابه: Der Koran: Kommentar und Konkordanz, Stuttgart 1971  الذي هو عبارة عن  ترجمة وفهرس لموضوعات القرآن بتقديم دراسة تحتوي على أهم النتائج الغربية لدراسة الترتيب الزمني مع الدراسات الإضافية التي قدمت في الغرب قدمها من خلال دراسته المتوازنة في كتاب التفسير والفهرس الموضوعي للقرآن الكريم.[87]

الاتجاه الثاني: الاتجاه الموضوعي (الترتيب الشاعري للقرآن الكريم أنموذجا):

كما ذكرنا سابقا حاول كل من بل وهارتوينغ هيرتشفلد إعادة ترتيب القرآن ترتيبا موضوعيا وكذلك قام ن. ج. داود بمحاولة ترتيب القرآن ترتيبا موضوعيا شاعريا بزعمه، حيث يقول في مقدمة ترجمته[88] للقرآن الكريم:

" لقد تركت الترتيب المعروف والمتبع للسور القرآنية في هذه الترجمة ، وبدأت بالسور التوراتية والشعرية، وانتهيت بالسور الأطول فالأطول، التي تركز على موضوع بعينه وباختصار: فإن الترتيب الجديد يأخذ بعين الاعتبار القارئ المبتدئ والذي بدوره ينفر من سور تتناول موضوعات عادية بسيطة مثل البقرة والنساء".[89]وسأقوم في المبحث الثالث بمناقشة هذه المحاولات وتقويمها.

المبحث الثالث: دراسة نقدية لترتيب المستشرقين لسور القرآن الكريم

بعد أن عرضنا لآراء المسلمين وآراء المستشرقين لقضية ترتيب المصحف الشريف لابد من القيام بدراسة تحليلية لوجهة نظر المستشرقين بالذات حول هذا الموضوع ووضعها في الميزان العلمي. وسأتناول هذا الموضوع من خلال الآتي:

الإجابة عن الأسئلة الآتية:

-هل كان ترتيب مصاحف الصحابة للقرآن الكريم حسب تاريخ النزول  أثر في نقض الرواية الإسلامية حسب زعم المستشرقين؟

-ما هي نتيجة جهود المستشرقين في إعادة ترتيب السور حسب تاريخ النزول سواء في ترجمات القرآن الكريم أم في أعمالهم الأخرى؟

وقبل الإجابة عن هذه الأسئلة لابد من القول بأن النظرة الغربية تدعي أنه لا يوجد نسخة أصلية للقرآن الكريم كما كانت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم. وأنه كان يوجد نصان: نص نسميه ما قبل المصحف العثماني ويؤيد ذلك بزعمهم مصاحف الصحابة والقراءات القرآنية المخالفة للنص العثماني وخصوصا مصحفا ابن مسعود وأبي بن كعب. ولقد جمع المصحف العثماني بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم بخمسة عشر عاما وكان فيه عدة إشكالات:

1-أن هذا الجمع غير مكتمل لأن هناك روايات عديدة توضح أن هناك آيات حذفت من القرآن الكريم بدواعي النسخ مثلا كآية الرجم وغيرها.

2-أن هذا الجمع قوبل بمعارضة شديدة من ابن مسعود وأتباعه لوجود اختلافات بين مصحفهم ومصحف عثمان.

3-أن روايات الجمع فيها ما يفيد أن بعض السور أو الآيات تم ترتيبها بناء على مشاورات بين الصحابة وعثمان نفسه الذي فرق بين سورتي التوبة والأنفال، أو أن بعض الآيات لم يجدوها إلا عند صحابي واحد كآخر سورة التوبة وآية من سورة الأحزاب.

ولهذا ظهرت دعاوى في الغرب تدعي وجود النص الأصلي للقرآن وأنهم يبحثون عنه ويحاولون من خلال مؤسساتهم كتلك التي في ألمانيا إيجاد نسخة نقدية للقرآن الكريم، أو الادعاء المشهور للالينغ وهو Ur-Quran الذي هو عبارة عن أن القرآن الأصلي أخذه النبي صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب وغيرهم، أو الادعاء بأن أصل القرآن سرياني، ولكن هؤلاء المدعين لم يأتوا بدليل واحد يؤيد قولهم.[90] وخلاصة ما توصل إليه ديروش حول جمع المصحف هو: "أن التدوين الرسمي للمصحف كان مجرد انتقاء selection لنص من بين نصوص متعددة، وهذا المسلسل استمر لفترة طويلة قبل الوصول إلى النسخة التي بأيدي الناس[91] وأن الهدف الأساس من الجمع الرسمي للمصحف أيام عثمان إنما كان إقصاء النص المقدس الذي يمثله مصحف ابن مسعود.[92] كل ما سبق عبارة عن دعاوى لم يستطع أصحابها أن يثبتوا صحة وجودها الفعلي بالدليل القطعي، بل كان جل اعتمادهم إما على روايات واهية أو على سوء فهم للروايات الصحيحة، وهذا برأيي هو تحريف الكلم عن مواضعه الذي وصف الله تعالى به أهل الكتاب الذين حرفوا كتبهم المنزلة على أنبيائهم بواسطتها.  

إن الدعاوى التي ادعاها الغربيون حول إعادة ترتيب المصحف حسب النزول تهدف لأمور عديدة ذكرت بعضها في المبحث الثاني وهي كالآتي:

1-إعادة ترتيب النص كما نزل لمعرفة كيفية تطور فكر النبي صلى الله عليه وسلم ودعوته في تأليف القرآن الكريم.

2-البرهنة على أن الصحابة هم من رتبوا القرآن بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وهم من كان لهم الدور البارز في كتابته على ما هو عليه الآن.

3-إبراز القراءات الشاذة وغيرها من القراءات المنسوبة لابن مسعود وغيره، وإبراز الروايات حول المصاحف التي رتبت حسب تاريخ النزول كمصحف علي وغيره، أو المصاحف التي كان فيها زيادة  سورتين كما في مصحف أبي أو نقصان ثلاث سور كمصحف ابن مسعود، لدعم مقصودهم.

كل ذلك هدفه الادعاء بأن مصحف عثمان كان هدفه التغطية على النواقص الموجودة في القرآن الكريم وإخماد أي ادعاء آخر بدليل الأمر بحرق جميع المصاحف الأخرى.

ولذلك نجد في كتابات  المستشرقين تكرار الكلام عن النص الأصلي وأن مصحف عثمان كان بعد النص الأصلي، وأما مصحف ابن مسعود فكان يمثل النص الأصلي المقدس، ومحاولاتهم الآن بدءا من مشاريع برجستراسر وآرثر جفري وصولا إلى مشروع كوربوس كورانيكم تهدف أساسا إلى إيجاد النسخة النقدية الأساسية للقرآن الكريم.  

فحسب رأي بعض المستشرقين إن القرآن لم يجمع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، بل جمع لاحقا بعد وفاته بخمسة عشرة عاما على يد الخليفة عثمان، وجمع زيد للقرآن يشوبه نقص وخلل وهذا الخلل تدل عليه روايات النسخ في القرآن، وروايات القراءات الشاذة في مصاحف الصحابة، وهم يدعون أن هذا الجمع لا يمثل النص الأصلي للقرآن الكريم، فأين هذا النص الأصلي؟

كل هذه المحاولات تهدف لتشكيك المسلمين بكتابهم المقدس وأنه حدث فيه تحريف وخطأ ككتب اليهود والنصارى.

ولكنهم لم يستطيعوا إثبات هذا التحريف أو التغيير في كتاب الله تعالى بأدلة قطعية تصل لقطعية تواتر وصول القرآن الكريم إلينا كما هو اليوم، مما يدل قطعا أن كل ادعاءاتهم لا تقوم على برهان عقلي ولا رواية نقلية صحيحة.

وصدق الله إذ يقول: : ﴿إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون﴾ [الحجر: 9]، فقد حفظ الله تعالى القرآن نقلا لا بكلماته وحروفه فقط، بل حتى بشكل كتابته ورسمه وهذا أصدق دليل وبرهان على أنه نزل من الرحمن الرحيم.

ومن المهم ملاحظته أيضا أن جميع الدراسات الاستشراقية حول القرآن الكريم حتى اليوم لم تستطع تجاوز عقدتين خطيرتين هما:

1-قضية الإيمان بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم.

2-الإصرار على أن القرآن من تأليف محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه تأثر في تأليفه بأهل الكتاب والوثنيين، وإبعاد فكرة الوحي مطلقا.

ولهذا نرى أنه من الضروري تفكيك مناهج المستشرقين من الداخل، بدلا عن الخوض في صحة الرواية الإسلامية، فهم أصلا لا يؤمنون بأصل النص المتواتر فكيف يؤمنون بما هو دونه؟!، إذن يمكن التركيز في المحاجة على الآتي:

 أ-اعتمادهم الانتقائي على الروايات الإسلامية في مزاعمهم رغم رفضهم لها، ب-عدم وجود معيار لما يقبل أو يرفض من الرواية الإسلامية، ج-إهمال الأدلة المادية التي توفرها لنا المخطوطات القرآنية. د-بناء رؤى تعتمد على رؤى لا أدلة عليها، هـ- كثرة الوهم المترتب على الجهل باللغة العربية.

وإنني لن أستطيع في مثل هذا البحث المختصر تناول كل هذه القضايا، ولكنني سأركز على بعضها.

ولابد من القول بأن أﺻل فكرة امتداد النزول بين مكي ومدني مبنية على رواية إسلامية، وكثير من التفاصيل المتعلقة به هي رواية إسلامية أيضا، وكذلك كل ما يتعلق بمصاحف الصحابة، ومن التناقض غياب معيار لدى المستشرقين فيما يقبل أو يرفض من هذه الروايات، فمنهجهم انتقائي، وفي الوقت ذاته ترفض الرواية الإسلامية ومعاييرها رفضا باتا، ويشترك في هذا الرفض المستشرقون الأوائل واللاحقون. فالمستشرقون قد استندوا في نظرياتهم حول إعادة الترتيب على روايات إسلامية هم يرفضونها أصلا وهذا تناقض داخلي في منهجهم.

أما العلماء المسلمون فقد أخضعوا الروايات المتعلقة بترتيب النزول حسب التاريخ، وبثبوت الترتيب الحالي لأعلى درجات النقد، فاعتمدوا في جمع القرآن الكريم وترتيبه على الرواية الشفهية الجماعية، وعلى المكتوب، إضافة إلى الشهود الذين يشهدون بأن ما كتبوه في المصحف قد كتب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو الشهود على أنه من الوجوه الجائز القراءة بها. وقد رأينا أن من العلماء من يقول بأن ترتيب السور توقيفي، ومنهم من يقول بعكس ذلك، ومنهم من يقف بين بين فيرى أن بعضها توقيفي وبعضها الآخر اجتهادي، ولكن كل العلماء المسلمين بعد هذا الاختلاف يمنعون منعا باتا التلاعب بترتيب المصحف وطباعته حسب تاريخ النزول، فقد أجمع المسلمون على أن الترتيب العثماني الحالي هو الترتيب المعتبر، قال ابن حجر: "ولا شك أن تأليف المصحف العثماني أكثر مناسبة من غيره"،[93] ونقل ابن حجر عن أحمد وابن أبي داود والطبري وغيره: أن الذي جمع عليه عثمان الناس يوافق العرضة الأخيرة"[94].

إن قضية الإجماع هي قضية معتبرة في القضايا والأحكام الشرعية، فلا يجوز مخالفتها.

وكذلك كل ما روي من مخالفة لها إنما روي بطريق الآحاد، وطريق الآحاد لا يعادل دليل التواتر الذي ثبت به مصحف عثمان. الخلاصة أن الرواية الإسلامية من الناحية العلمية مقبولة جدا، ولا يستطيع أحد أن يأتي بمثيل لها من حيث التنظيم والترتيب علميا. وهب أن شخصا أو أكثر أرادوا إعادة ترتيب المصحف حسب تاريخ النزول، فستجدهم مختلفين كثيرا في الترتيب ولن يردوا موردا واحدا كما رأينا لدى المستشرقين ولدى تفاسير المسلمين التي طبعت حسب تاريخ النزول. فلماذا لا يأخذ الغربيون بالرواية الإسلامية رغم ثبوتها علميا؟

 الجواب: إن هناك هيمنة للمصادر الغربية على المصادر الإسلامية، وهناك استعمار معرفي حقيقي في هذا الباب بعدم الاعتراف بالروايات الإسلامية واعتبارها مجرد روايات لا تسمن ولا تغني من جوع، واليوم في الغرب لا تدرس الكتب الإسلامية التي تتكلم عن الترتيب الزمني إلا للاستئناس أو النقد، أما المراجع المعتمدة فهي ما كتبه نولدكه وغيره للأسف، أو ما تقدمه موسوعة القرآن الكريم[95] والموسوعة الإسلامية اللتين تطبعهما دار بريل في لايدن.   

ولا شك أن المسلمين قاموا بجهود عظيمة لخدمة كتابهم العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد وذلك من خلال:

1-حفظه في الصدور منذ بدء نزول الوحي حتى تدوينه.

2-تدوينه في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم ثم جمعه كاملا في كل من عصر الصديق أبي بكر رضي الله عنه، ثم جمعه في عصر الخليفة عثمان رضي الله عنه.

3-نشر المصاحف في الأمصار مع إرسال قراء متخصصين لكل مصر.

4-شواهد المخطوطات القرآنية المنتشرة في مكتبات العالم ومتاحفه، وتقدر هذه بمئات الآلاف من نسخ المصاحف الكاملة والملايين من الصحف غير الكاملة، وتتجلى هذه الجهود من خلال الآتي:   

أ-قام المسلمون بدراسات معمقة ونشروا مصاحف قديمة مثل أعمال أ د طيار آلتي قولاج من خلال مؤسسة إرسيكا،[96] وعمل أ د محمد الأعظمي من خلال دراسته ومقارنته لسورة الكهف مع مصاحف عديدة في العالم ومن خلال فترات زمنية متفاوتة،[97] وعملت الدكتورة الزميلة أسماء هلالي التي نشرت مصحف صنعاء،[98] ومن خلال تحقيق مصاحف عديدة في جامعات متنوعة في العالم قدمت كرسائل علمية، أو نشرت أبحاثا في مجلات علمية، وغيرها من نشاطات المؤتمرات والندوات الدولية المتخصصة بدراسة المصاحف، إن كل ما سبق أثبت وبالدليل القاطع أن المصحف الموجود لدينا لم يتبدل ولم يتغير منذ نزول الوحي. أما الاختلافات الجزئية بين المصاحف المتعلقة بالقراءات المتواترة فهي معلومة لدى المسلمين بالرواية الصحيحة وهي لا تمثل إلا نسبة ضئيلة لا تؤثر أبدا في مصداقية النص وموثوقيته.

ب- لا ننسى من باب الإنصاف أبدا جهود المستشرقين في نشر المصاحف العثمانية القديمة واهتماهم بها، فهم قدموا خدمة عظيمة للقرآن الكريم وأكدوا لنا بنشرهم لهذه النسخ الكاملة أو الناقصة من المصاحف، ومن خلال الفحص الكربوني ودلائل أخرى معه، أثبتوا أن النص القرآني لم يتغير منذ جمع عثمان للقرآن، ولم يبق أمام الباحثين إلا أمر واحد هو اكتشاف نسخة من مصحف عثمان نفسه وهي ليست موجودة حاليا. فقد قام كل من البروفسور نوجا نوزيدا وفريقه المكون من البروفسور فرانسوا ديروش[99] وباحثون غربيون كثيرون آخرون مثل الزميلة د ألبا فديلي[100] وغيرهم بنشر دراسات عن كثير من المصاحف القديمة، وكذلك قامت الدكتورة إليونور سلار بنشر أجزاء من مصحف قديم أخذ من مصاحف جامع عمرو بن العاص في الفسطاط نشر برعاية مؤسسة كوربوس كورآنيكم.[101] وقام الزميل الروسي الدكتور يفيم رضوان بنشر مصحف قديم ينسب لعثمان.[102] وهناك اليوم أعمال كثيرة ورسائل علمية كثيرة قامت بنشر وتحقيق بعض هذ المخطوطات.

كل ما سبق يؤكد صحة الرواية الإسلامية حول جمع المصحف وترتيبه.

ونبدأ الآن الإجابة عن السؤال الأول:

هل كان لترتيب مصاحف الصحابة للقرآن الكريم حسب تاريخ النزول  أثر في نقض الرواية الإسلامية حسب زعم المستشرقين؟

من أهم الأدلة التي استدل بها المستشرقون على نقض الرواية الإسلامية في جمع زيد للقرآن الكريم، هو وجود روايات تقول إن بعض الصحابة كان لهم مصاحف خالفت مصحف عثمان في ترتيب السور، أو أنقصت منه سورا، أو زادت سورا، كمصاحف علي  وابن مسعود وأبي بن كعب، وهذا الدليل لا يستقيم أمام البرهان بسبب أن هذه الروايات "واردة في كتب لم يلتزم مؤلفوها الصحة فيما يروونه فيها، وعلى فرض أن بعض هذه الروايات صحت هي أو بعضها عنهم فذلك كان قبل جمع عثمان الذي أجمع عليه الصحابة، وفيهم أصحاب هذه المصاحف التي أمر عثمان بإحراقها فأحرقوها، فلا يليق بعد هذا أن ينسب إليهم أنهم يخالفون مصحف عثمان في ترتيب السور أو بعضها".[103]

ولنناقش مسألة واحدة هنا تدلنا على هشاشة هذا الموقف الاستشراقي من مصحف ابن مسعود في مقابلة مصحف عثمان رضي الله عنهما.

تحقيق عن مسألة مصحف ابن مسعود وما ورد من عدم إدخاله للمعوذتين فيه

استغل بعض المستشرقين رواية صحيحة عن ابن مسعود مفادها حسب الروايات الأربع التالية أن ابن مسعود لم يدرج المعوذتين ولا الفاتحة في مصحفه وهذه الروايات هي:

 الرواية الأولى: روى الأعمش عن إبراهيم قال: قيلَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: لِمَ لَمْ تَكْتُبْ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ فِي مُصْحَفِكَ؟ قَالَ:"لَوْ كَتَبْتُهَا لَكَتَبْتُهَا مَعَ كُلِّ سُورَةٍ"، وفي رواية:"لو كتبتها لكتبتها في أول كل سورة".[104]

الرواية الثانية: عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ:" كَتَبَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ فِي مُصْحَفِهِ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ، وَاللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَعِينُكَ، وَاللَّهُمَّ إِيَّاكَ نَعْبُدُ. وَتَرَكَهُنَّ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَكَتَبَ عُثْمَانُ مِنْهُنَّ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ".[105]

الرواية الثالثة: عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ : قُلْتُ لأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ إِنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ لاَ يَكْتُبُ الْمُعَوِّذَتَيْنِ فِي مُصْحَفِهِ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، أَخْبَرَنِي أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ لَهُ ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَق﴾ فَقُلْتُهَا فَقَالَ ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ﴾ فَقُلْتُهَا فَنَحْنُ نَقُولُ مَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم".[106]

الرواية الرابعة: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ ، قَالَ : كَانَ عَبْدُ اللهِ ، يَحُكُّ الْمُعَوِّذَتَيْنِ مِنْ مَصَاحِفِهِ ، وَيَقُولُ : إِنَّهُمَا لَيْسَتَا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ.[107]

التحليل والاستنباط:

-ذهب العلماء الذين أثبتوا صحة هذه الروايات إلى تأويلها مذاهب متعددة كما سنرى في تأويل كل من الباقلاني وابن حجر والبقاعي وغيرهم، وذهب آخرون لنفي صحتها أصلا كما سنرى.[108]  

ولكن هل هذا التصرف من ابن مسعود يجعلنا ننقاد مع المستشرقين في التشكيك بجمع عثمان وهو قصدهم الأول. ففرانسوا ديروش يرى أن جمع عثمان الرسمي للقرآن كان هدفه الأول القضاء على كل ما عداه ومنها مصحف ابن مسعود الذي يعتبره ديروش النص المقدس. وبالرغم من هذا الموقف من ديروش إلا أنه في مكان آخر يعترف عند تعلقيه على أقدم مصحف مخطوط بأنه متفق تماما مع جميع المصاحف المنتشرة في العالم مع وجود بعض الاختلافات النزيرة التي نشأت عن أخطاء النساخ.[109]

إن ظاهر الروايات السابقة تدل أن ابن مسعود حذف السورتين من مصحفه، وكذلك تدل أن أبي بن كعب أثبتهما وأضاف دعاء القنوت، ولكن السؤال هنا هو: ما قيمة ما فعلاه؟ وهل وافقتهم الأمة على ذلك؟

كان الجواب عند ابن شبة الذي قال معلقا على هذا الأمر: "وَعَلَى مَا كَتَبَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَصَاحِفُ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، فَأَمَّا مَا سِوَى ذَلِكَ فَمُطَّرَحٌ، وَلَوْ قَرَأَ غَيْرَ مَا فِي مَصَاحِفِهِمْ قَارِئٌ فِي الصَّلَاةِ أَوْ جَحَدَ شَيْئًا مِنْهَا اسْتَحَلُّوا دَمَهُ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ يَدِينُ بِهِ"، فالاستدلال بما هو عليه "مصاحف أهل الإسلام" وهو ما يسمى بالإجماع، أما من خالف إجماع المسلمين من المسلمين أو غيرهم فلا يقبل رأيه، بل المسلم يخرج من ربقة الإسلام ويستحل دمه إذا أنكر شيئا من المصحف اليوم، وهذه خطورة التلاعب بكتاب الله عز وجل. فكل ما سبق الجمع العثماني من مصاحف مكتوبة كان اجتهادا خاصا من بعض الصحابة، فلما اتفقت الأمة وكبار علماء الصحابة على مصحف عثمان تبين بطلان ما عداه وخطؤه. وقد عقب  البزار على حك ابن مسعود للمعوذتين من مصحفه بالقول: "وَهَذَا الْكَلَامُ لَمْ يُتَابِعْ عَبْدَ اللَّهِ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَرَأَ بِهِمَا فِي الصَّلَاةِ وَأُثْبِتَتَا فِي الْمُصْحَفِ". هذا ما عليه الأمة وهذا هو الإجماع ولا يمكن لفعل شخص واحد يخالف الإجماع أن يكون فعله حجة. وكذلك تواتر عن الأمة قبول فعل عثمان فلا يمكن لحديث الواحد الصحيح أن يعارض التواتر.

وهناك أمر مهم جدا هو أن الذهبي قال: "وقد ورد أن ابن مسعود –رضي الله عنه- رضي وتابع عثمان ولله الحمد"،[110] ويضيف الذهبي بأن ابن مسعود كان إماما في الأداء، أما زيد فكان إماما في الرسم. وقد أيده ابن عساكر بمثل هذا الرأي في رجوع ابن مسعود عن رأيه ورضاه بفعل عثمان، حتى أن ابن أبي داود ترجم: باب رضى ابن مسعود بعد ذلك بما صنع عثمان، ولكنه لم يورد بما يصرح بمطابقته ما ترجم به كما قال ابن حجر[111]. فإذا ثبت عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه تراجع عن رأيه ورضي بما فعل عثمان فلم لم ينظر من استشهد بحذفه للسورتين بتراجعه هذا؟ أليس من الإنصاف النظر في الروايتين على قدم المساواة؟ هكذا يحكم المنصفون، وهذا يثبت لنا الانتقائية في الروايات عند المستشرقين دونما معيار واضح.

واسمع معي تعليق أبي بكر الأنباري على الروايتين التاليتين كما أوردهما القرطبي في تفسيره: "وروي عن ابن مسعود أنه كان يقرأ: (والنهار إذا تجلى. والذكر والأنثى) ويسقط: (وما خلق). وفي صحيح مسلم عن علقمة قال: قدمنا الشام، فأتانا أبو الدرداء، فقال: فيكم أحد يقرأ علي قراءة عبد الله؟ فقلت: نعم، أنا. قال: فكيف سمعت عبد الله يقرأ هذه الآية: ﴿والليل إذا يغشى﴾ [الليل: 1]؟ قال: سمعته يقرأ: (والليل إذا يغشى. والذكر والأنثى)، قال: وأنا والله هكذا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها، ولكن هؤلاء يريدون أن أقرأ: (وما خلق) فلا أتابعهم......[112]

وعن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله قال: أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إني أنا الرازق ذو القوة المتين).[113] قال أبو بكر: كل من هذين الحديثين مردود، بخلاف الإجماع له، وأن حمزة وعاصما يرويان عن عبد الله بن مسعود ما عليه جماعة المسلمين، والبناء على سندين يوافقان الإجماع أولى من الأخذ بواحد يخالفه الاجماع والأمة، وما يبني على رواية واحد إذا حاذاه رواية جماعة تخالفه، أخذ برواية الجماعة، وأبطل نقل الواحد، لما يجوز عليه من النسيان والاغفال.
ولو صح الحديث عن أبي الدرداء وكان إسناده مقبولا معروفا، ثم كان أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وسائر الصحابة رضي الله عنهم يخالفونه، لكان الحكم العمل بما روته الجماعة، ورفض ما يحكيه الواحد المنفرد، الذي يسرع إليه من النسيان ما لا يسرع إلى الجماعة، وجميع أهل الملة"[114]. ولهذا فإن ابن العربي في كتابه أحكام القرآن علق على قراءة ابن مسعود وأبي الدرداء المخالفة للمصحف العثماني بالقول: "هذا مما لا يلتفت إليه بشر إنما المعول عليه ما في المصحف، فلا تجوز مخالفته لأحد، ثم بعد ذلك يقع النظر فيما يوافق خطه مما لم يثبت ضبطه حسب ما بيناه في موضعه، فإن القرآن لا يثبت بنقل الواحد وإن كان عدلا، وإنما يثبت بالتواتر الذي يقع به العلم، وينقطع معه العذر، وتقوم به الحجة على الخلق".[115]

وممن ذهب إلى تأويل الروايات تأويلات متباينة كل من الباقلاني وابن حجر والبقاعي:

 أما الحافظ ابن حجر فقد رد على من نفى صحة الروايات بلا مستند، وأن تأويلها محتمل حتى تصير معقولة، فقال في الفتح: "وقد تأول القاضي أبو بكر الباقلاني في كتاب الانتصار وتبعه عياض وغيره ما حكى عن ابن مسعود، فقال: لم ينكر ابن مسعود كونهما من القرآن، وإنما أنكر إثباتهما في المصحف، فإنه كان يرى أن لا يكتب في المصحف شيئا إلا إن كان النبي صلى الله عليه وسلم أذن في كتابه فيه، وكأنه لم يبلغه الإذن في ذلك، قال: فهذا تأويل منه وليس جحدا لكونهما قرآنا، وهو تأويل حسن، إلا أن الرواية الصحيحة الصريحة التي ذكرتها تدفع ذلك حيث جاء فيها: ويقول إنهما ليستا من كتاب الله، نعم يمكن حمل لفظ كتاب الله على المصحف فيتمشى التأويل المذكور".[116]

وأما رأي برهان الدين البقاعي حول هذا الموضوع فقد كشف لنا فيه البقاعي عن عبقرية وفهم عميق ودقيق للروايات التي نسبت لابن مسعود، حيث قال:

 "وعندي أن ظاهر هذه الأخبار غير مراد، وأن ابن مسعود رضي الله عنه إنما كان ينكر كلمة (قل) فقط في أولهما، ويحكهما من المصحف من المعوذتين، وأن قراءته كانت كذلك، وكان يستدل على صحة قراءته لهما التي أخذها عن النبي صلى الله عليه وسلم، وسهو غيره في نقل (قل)، بأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يتعوذ بهما، والمتعوذ لا يناسب أن يأمر من يتعوذ به بالقول".[117]  

وبين البقاعي أنه يلزم على نسبة إنكار ابن مسعود للمعوذين فسادان عظيمان،  ولا يلزم ذلك على إنكاره فقط لكلمة (قل) لأنه متبع للوحي في ذلك. وقد أتى البقاعي بأدلة واضحة على دعواه، مما يجعل تأويل هذه الروايات أقرب إلى المنطق فهو من باب إطلاق اسم المعوذتين على كلمتين منهما مجازا وهما لفظ (قل) اللتين في أول كل سورة منهما.

أما ما يترتب على الأخذ بظاهر هذه الرواية من فساد بحق ابن مسعود خصوصا فهو: نسبة الجهل الفظيع لهذا الصحابي الجليل الذي شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالعلم، مع أن هذا الأمر لا يمكن نسبته لأحد من عامة المسلمين، فكيف ننسبه لابن أم معبد الذي أمرنا بأخذ القرآن عنه[118]، فقد جاء عن مسروق قال: "ذكر عبد الله بن عمرو عبد الله بن مسعود فقال: لا أزال أحبه، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: خذوا القرآن من أربعة، من عبد الله بن مسعود، وسالمن ومعاذ، وأبي بن كعب"[119].

ويلزم على الأخذ بهذه الرواية إن قلنا إن ابن مسعود كان فعلا يسقطهما عن علم من مصحفه، يلزم عنه نفي قرآنيتهما، "ولا يخفى ما فيه من الشناعة والطعن في سائر الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين".[120] وبهذا أثبت البقاعي براءة هذا السيد الجليل من إنكار السورتين وأنه لا خلاف في شيء من كتاب الله بين الصحابة الكرام، فالبقاعي أول الرواية المنسوبة لابن مسعود ونحا فيها منحى مباينا لتأويل الباقلاني السابق كما نص عليه هو، ولهذا نجد البقاعي يستشهد بكلام كل من الإمام النووي وابن حزم في نفيهما لصحة هذه الرواية.[121] لذا فقد قال الإمام النووي: "أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ الْمُعَوِّذَتَيْنِ وَالْفَاتِحَةَ وَسَائِرَ السُّوَرِ الْمَكْتُوبَةِ فِي الْمُصْحَفِ قُرْآنٌ، وَأَنَّ مَنْ جَحَدَ شَيْئًا مِنْهُ كَفَرَ"[122].
وبما أنه حصل الاتفاق بين الصحابة على مصحف عثمان وأثبتوهما في المصحف،[123] فيكفر من أنكر قرآنيتهما. وفيما روي عن أبي بن كعب في صحيح البخاري، وما ثبت في المصاحف من إثباتهما، وما نقل من إجماع الصحابة والأمة من بعدهم على كونهما من القرآن الكريم، وقد تواتر كونهما من القرآن، فلا عبرة لمن خالف ذلك ولو كان صحابيا.

ولله در البقاعي الذي ناقش وشرح في كتابه: مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور هذه المسألة فتبين أن قصة ابن مسعود كلها تدور حول حك كلمة (قل) وليس حك السورتين جميعا، وشتان بين الفهمين! فانظر معي أخي القارئ كيف جعلت الحبة قبة، وكيف جعل مصحف ابن مسعود هو المصحف المقدس، ومصحف عثمان المصحف هو المصحف الرسمي الدخيل!.

الإجابة عن السؤال الثاني:

ما هي نتيجة جهود المستشرقين المتعددة في إعادة ترتيب السور إما حسب الترتيب الزمني أو حسب الموضوعات (كالترتيب الشاعري)، سواء في ترجمات القرآن الكريم أم في أعمالهم الأخرى؟

كما رأينا في المبحث الثاني أن محاولاتهم تعددت وتناقضت في الترتيب الزمني وغيره إلى درجة لا يمكن الاعتماد على واحدة منها، ومن أهم الأسباب التي أوقعتهم في الأخطاء قلة اعتمادهم على الروايات الصحيحة في السنة النبوية الشريفة والسيرة، وضعفهم في التفريق بين ما صح منها وضعف، إضافة لضعف بعضهم في اللغة العربية مما أدى لعدم فهمهم لبعض الموضوعات التي تدور حولها الآيات ففشلوا في ربطها بما قبلها وما بعدها من آيات.[124]

فمثلا وقع رودويل في حيرة عندما رتب السور والآيات، ومثال ذلك هو أننا نجده وضع سورة العلق في مقدمة ترجمته ولكنه لم يضع منها سوى الآيات من 1-5، وأخر باقي الآيات  6-9 عنها كثيرا فهو يقول: "ربما تكون الآية السادسة وما بعدها أضيفت في وقت لاحق"،  ومعلوم لدى العلماء المسلمين أن أول ما نزل هو أوائل سورة العلق وأنه نزل بعدها سور عديدة ثم نزلت أواخر سورة العلق، فما الفائدة المرجوة من هذا الترتيب بالفصل بين الآيات وسورها، إذ لا اتفاق بين العلماء على ترتيب زمني محدد كما تم بيانه.

وكذلك نجد الأمر في ترتيب المستشرقين الآخرين، وسبب ذلك هو أن الروايات الإسلامية نفسها حول هذا الموضوع غير صحيحة وواهية كما تمت مناقشته في المبحث الأول.

وقد خالف بلاشير الواقع التاريخي عندما جعل عدد السور 116 سورة بدلا عن 114 سورة، مخالفا ما أجمع عليه المسلمون طوال خمسة عشر قرنا.

وبشكل عام فقد تسبب إعادة ترتيب السور بافتعال مشكلة زائفة لم يعرفها تاريخ علوم القرآن من قبل، "ذلك أن ترتيب النزول لم يكن يوما باعثا على التناقض بسبب مخالفته للترتيب المصحفي التوقيفي إلا من وجهة النظر الاستشراقية، لأن ترتيب المصحف جاء موافقا لترتيب سور القرآن في اللوح المحفوظ".[125] ولهذا يستحيل على المرء أن يعيد ترتيب سور القرآن حسب ترتيب النزول لأن ذلك سيوقعه في مشكلات وتناقضات لا حصر لها، إذ لا يتأتى ذلك إلا لمن شهد الوحي من أوله إلى آخره، وهذا متعذر اليوم بسبب أن ذلك لم ينقل لنا بروايات صحيحة معتمدة.

الرد على بعض مزاعم المستشرقين المتعلقة  بإعادة ترتيب المصحف موضوعيا أو حسب تاريخ النزول: 

أولا-الترتيب الموضوعي للقرآن الكريم (الترتيب الشاعري أنموذجا) :

كانت ترجمة ن ج داود اليهودي أول ترجمة استخدمت اللغة الإنجليزية المعاصرة  وهجرت أسلوب الملك جيمز وأسلوب شيكسبير، وأعادت الترتيب بناء على موضوعات السور وتجاهلت تماما الترتيب الزمني لتاريخ النزول واتبعت ترتيبا يعتمد على أسلوب السور: Stylistic preferences.[126]

وعندما فتشت عن السبب الرئيس الذي دعا المترجم لتغيير الترتيب وجدت أنه يتعلل بأنه بدأ بسور توراتية وشعرية، وينتهي بالسور الأطول فالأطول التي تركز على موضوع بعينه،  وهدفه الأساس في هذا الترتيب الجديد هو مراعاة القارئ المبتدئ لأنه ينفر من الترتيب المتبع لدى المسلمين حيث يبدأ ترتيبهم للمصحف بأمور عادية ودنيوية وبسيطة مثل البقرة والنساء. وكان هدفه إظهار القرآن لا ككتاب مقدس بل كأثر أدبي عالمي للقارئ غير المسلم. وتعلل بعدم ترتيب المصحف بأن ذلك لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فكان جمع المسلمين غير مترابط.

لقد كشفت عبارات المترجم نفسيته المختبئة وراء هذه الكلمات ، وأستطيع أن أقول : إن المترجم قام بترجمة للقرآن الكريم ولكن في الحقيقة والواقع : أن ترجمته للقرآن الكريم هي التي قرأت نفسية هذا المترجم، فقدمت لنا تصوره هو عن القرآن .

إن العبارات الماضية تكشف وبوضوح أن المترجم يريد أن يقول : إن سورة الزلزلة والانفطار والتكوير والإنسان والرحمن والعاديات وغيرها التي صدر بها ترجمته، إن هذه السور مشابهة في مضمونها للتوراة والإنجيل، لذلك فقد أحال القارئ في سورة الرحمن لمقارنتها مع المزمور رقم 136 من التوراة . ويريد أن يقول أيضاً : إن هذه السور هي شعر في معانيها وقوافيها ، وهي تصف الأمور بشاعرية بعيدة عن الواقع.

لقد أخر السور الطوال كالبقرة والنساء بدعوى أن القارئ ينفر منها، وفي الحقيقة إنه هو الذي ينفر منها لأنها تفضح أهل الكتاب واليهود خصوصاً الذين حرفوا كتب الله تعالى. وهاتان السورتان تحتويان على قوانين عظيمة تأمر بالعدل والإحسان. وأما سورة النساء فهي تكرم المرأة فتسمي سورة كاملة باسمها، وتبين كيف كرم الإسلام المرأة وأعطاها حقوقها كاملة بعد أن كانت مسلوبة منها. وكأنيبالمترجم أراد إبعاد القارئ عن هذه الواقعية الموجودة في القرآن الكريم فكأنه لا علاقة للقرآن بالواقع بل هو كتاب يعالج قضايا شعرية ويحلق بالصياغة اللغوية غير الواقعية مثل الزلزلة والانفطار والتكوير... وإذا تكلم القرآن عن حقائق فهي  حقائق مأخوذة عن التوراة أو الإنجيل كما في سورة مريم ويوسف.

وأما تذرعه بأن : " الترتيب يأخذ بعين الاعتبار القارئ المبتدئ " فالرد عليه واضح وهو أن ترجمة أي نص من النصوص الأدبية ناهيك عن نص مقدس كالقرآن الكريم لا يمكن أن يقال فيه إنه يراعى في ترجمته القارئ المبتدئ فيتلاعب المترجم فيه ويعبث تقديما وتأخيرا. فالقرآن الكريم أصلا لا يترجم للمبتدئين وإنما تترجم معانيه ترجمة صحيحة سليمة من غير تحريف أو تبديل، ويراعى في المستوى كل القراء المبتدئين منهم وغير المبتدئين.

إن القرآن الكريم ذلك النص الإلهي المقدس المعجز في نظمه ، لا يمكن أن يغير في حرف من حروفه تقديماً أو تأخيراً ، فكيف لو غُيرت سوره كلها ؟؟؟؟ وذلك بحجج واهية كبيت العنكبوت مثل الحجج السابقة . فما هذا العمل إلا إفساد بدعوى الإصلاح، ﴿وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون . ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون﴾[البقرة: 11-12].

وأقول ردا على هذا التبرير لتغيير ترتيب المصحف الشريف: إن ترتيب القرآن الكريم كما هو الآن هو ترتيب من النبي e بوحي من الله تعالى على الأرجح كما ذكرنا في المبحث الأول، لذلك فإن ترتيب السور له حكم ومقاصد كثيرة ، ومن هنا تكلم علماء التفسير عن قضية التناسب بين الآيات والسور ، وها هو تفسير نظم الدرر في تناسب الآي والسور لإبراهيم بن عمر الرباط البقاعي[127] لدليل واضح على ذلك، فقد بين علاقة كل سورة من السور مع ما قبلها وما بعدها، وقد برهن علماء اللغة والتفسير أن ترتيب القرآن كما هو الآن فيه ترابط رائع بسوره وآياته ، فكلها مترابطة مع بعضها البعض كالعقد الفريد ، فلو أنك أردت نزع لؤلؤة أو جوهرة من هذا العقد لانفرط العقد كله .

وقد تراجع داود عن هذا الترتيب لما رأى إعراضا عن قبول ترجمته وأعادت طبعهادار بنغوين ترجمته حسب الترتيب الحالي للقرآن الكريم.[128] وكذلك فعل بلاشير المترجم الفرنسي.

 إن علم الترجمة بشكل عام يعلمنا أنه لا يجوز لأي مترجم بأي صورة من الصور أن يتلاعب بأي نص يترجمه تقديماً أو تأخيراً ، لأن هذا يخرج الترجمة عن وظيفتها الأصلية ، ثم إنه يؤدي إلى تغيير جذري في معنى النص وفي مراد الكاتب الأصلي للنص . فلو أننا مثلا قمنا بترجمة قصيدة " بانت سعاد" ، للشاعر زهير بن أبي سلمي فوضعنا مقدمتها في آخرها وآخرها أول القصيدة، لتغيرت تلك القصيدة قطعاً وفقدت رونقها ، بل إن تغيير كلمة واحدة في الأبيات الشعرية يفقدها المعنى الذي أراده الشاعر . فعندما أراد أحد الشعراء أن يضع عنواناً لقصيدته قال (حوارية مع الفقر) ولم يقل : (عن الفقر) لأن كلمة (مع) تفيد حضور الفقر وهذا ما أراده الشاعر ، وأما كلمة (عن) فتفيد أن الفقر غائب وغير حاضر ، وهذا المعنى الأخير لم يرده الشاعر قطعاً .

إذا كنا نتكلم عن الدقة المتناهية في معنى كلمة أو عبارة أو عنوان وضعه بشر وأنه لا يجوز لنا التلاعب فيه ، فكيف يكون الأمر لو تكلمنا عن كتاب الله تعالى الذي تحتوي جُمله وكلماته وحروفه على أسرار كثيرة.  فكيف يسمح أحد لنفسه مجرد التفكير في تغيير ترتيبه ؟!.[129]

ثانيا-الترتيب الزمني للقرآن الكريم:

لا يمكن الرد في هذا البحث على كل نقطة أثارها المستشرقون مثل رودويل وداود وغيرهما وإنما سأكتفي بانتقاء بعض الأمور الرئيسة الهامة:

-الزعم بأن الترتيب العثماني الحالي للمصحف غير معتمد على روايات صحيحة:

إن الزعم بأن الترتيب الحالي للمصحف لا يعتمد على أي حديث صحيح قول مجانب للصواب لأن جمهور العلماء الذين رجحوا أن ترتيب السور توقيفي اعتمدوا على أحاديث صحيحة وردت عن الترتيب، وقد ذكرت بعضها في المبحث الأول وسبق الكلام عن هذا الموضوع. وإذا كان الترتيب توقيفيا أو حتى اجتهاديا فقد انعقد الإجماع على عدم جواز مخالفة ما قام به عثمان، لذا فلا يحق لرودويل ولا لغيره من المستشرقين أن يدعي بأن زيدا وزملاءه هم الذين رتبوا المصحف حسب هواهم واجتهادهم. فالحق أن زيدا ومن معه من الصحابة الكرام إنما رتبوا المصحف حسبما سمعوه من رسول الله r بناء على العرضة الأخيرة، يقول الإمام البغوي في شرح السنة: "المصحف الذي استقر عليه الأمر هو آخر العرضات على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأمر عثمان بنسخه في المصاحف وجمع الناس عليه، وأذهب ما سوى ذلك قطعا لمادة الخلاف، فصار ما يخالف خط المصحف في حكم المنسوخ والمرفوع، كسائر ما نسخ ورفع، فليس لأحد أن يعدو في اللفظ إلى ما هو خارج الرسم".[130] ورحم الله زيدا حيث يقول: "فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن".[131] إنه عظمة الشعور بالمسؤولية أمام الله، فكيف يجرؤ أحد على اتهام زيد التقي النقي العالم الأمين بالعبثية، وشتان بين هذا الخوف من الله والجرأة على الله في تغيير ترتيب كتابه، وصدق الله إذ يقول: ﴿من الذين هادوا يحرفون الكلم من بعد مواضعه﴾ [النساء: 46]، ولكن القرآن قد حفظه الله تعالى من أي تحريف أو تبديل أو تغيير: ﴿إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون﴾ [الحجر: 9]، وصدق قتادة إذ قال: "لم يجالس هذا القرآن أحد إلا قام عنه بزيادة أو نقصان قضاء الله الذي قضى: ﴿شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا﴾ [الإسراء: 82]".[132] ويقول الإمام البغوي: "فثبت أن سعي الصحابة كان في جمعه في موضع واحد، لا في ترتيبه، فإن القرآن مكتوب في اللوح المحفوظ على الترتيب الذي هو في مصاحفنا،...فترتيب النزول غير ترتيب التلاوة، فكان هذا الاتفاق من الصحابة سببا لبقاء القرآن في الأمة رحمة من الله عز وجل على عباده، وتحقيقا لوعده في حفظه".[133]

وأذكر هنا شبهة أخيرة لها علاقة بالترتيب الزماني للنزول وتكررت في كتب المستشرقين مع رد موجز عليها وهي:

زعموا أن النسخ يثبت وجود حذف لآيات من القرآن الكريم بل سورا، وأن المسلمين إنما طوروا نظرية النسخ لتبرير هذا الحذف من القرآن الكريم  وانه ترتب على نظرية النسخ امران: الحذف من القرآن والحذف من نسخة عثمان.[134]

إن الروايات المتعلقة بهذا الموضوع كثيرة ومنها أن سورة الأحزاب كانت أضعاف ما هي عليه الآن، والقول بأن الشيخة والشيخة نسخت تلاوتها دون حكمها، وغيرها من أمور كثيرة تحتاج لبحث منفصل. وقد ادعى جون بورتن أن نظرية النسخ طورها العلماء المسلمون لتبرير النواقص في جمع عثمان للمصحف. والأمر ليس كذلك حقيقة:

يقول الإمام البغوي شارحا سبب عدم جمع النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن في مصحف واحد:

 "إنما ترك جمعه في مصحف واحد، لأن النسخ كان يرد على بعضه، ويرفع الشيء بعد الشيء من تلاوته، كما ينسخ بعض أحكامه، فلو جمعه ثم رفعت تلاوة بعضه أدى ذلك إلى الاختلاف واختلاط أمر الدين، فحفظه الله في القلوب إلى انقضاء زمان النسخ، ثم وفق لجمعه الخلفاء الراشدين".[135] 

الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا. قيما...

فالنسخ في القرآن متأصل فيه منذ نزوله بدليل قوله تعالى: ﴿ما ننسخ من آية او ننسها نات بخير منها او مثلها﴾[البقرة: 106]، فعلماء المسلمين عدول لم يخترعوا شيئا كذبا على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولهذا لا يعد النسخ نقصا في القرآن الكريم لأن المسلمين أصلا يقولون به، ولا مانع منه عقلا ولا شرعا.

والخلاصة في رد هذه الفرية القول: بأن مصحف عثمان هو القرآن الذي تلقاه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم من جبريل عليه السلام في العرضة الأخيرة، وهو المنقول إلينا بالتواتر، فكل ما روي مخالفا للرسم أو خالف العربية أو لم يصح ثبوته فهو ليس بقرآن.

الخاتمة والتوصيات

تبين لنا مما سبق الآتي:

1-أن الرواية الإسلامية عن جمع المصحف العثماني وترتيبه يمكن الاعتماد عليها من الناحية العلمية لأن الرواة المسلمين أخضعوا جمع القرآن وترتيبه لأعلى درجات النقد، فاعتمدوا في جمع القرآن الكريم وترتيبه على الرواية الشفهية الجماعية وعلى المكتوب، إضافة إلى الشهود الذين يشهدون بأن ما كتبوه في المصحف قد كتب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو أن الشهود كانوا يشهدون على أن ما أتوا به هو من الوجوه التي سمعوها مباشرة من رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد شهدت آلاف المصاحف القديمة المنتشرة في متاحف العالم ومكتباته، أن الأمة الإسلامية حافظت على هذا الترتيب.

2-أثبتت الدراسات المتعلقة بالترتيب الزمني للقرآن الآتي: أنه من خلال استعراض روايات ترتيب النزول، ودراستها سندا ومتنا، وتتبع نواقضها مما صح في الروايات، يمكننا القول بأنها لا تصلح للاحتجاج في مثل هذا الأمر لشدة ضعف أسانيدها، ومخالفة متونها لما صح في بيان المكي والمدني، إضافة لما اعترى متونها من خلل واضطراب في ترتيب السور والله أعلم.

3-أن الروايات التي ذكرها السيوطي لإثبات أن بعض الصحابة كان لهم مصاحف خالفت مصحف عثمان في ترتيب السور، فهي واردة في كتب لم يلتزم مؤلفوها الصحة فيما يروونه فيها، وعلى فرض أن هذه الروايات صحت هي أو بعضها عنهم -كما في حالة مصحف ابن مسعود-، فذلك كان قبل جمع عثمان الذي أجمع عليه الصحابة، وفيهم أصحاب هذه المصاحف التي أمر عثمان بإحراقها فأحرقوها، فلا يليق بعد هذا أن ينسب إليهم أنهم يخالفون مصحف عثمان في ترتيب السور أو بعضها.

4-تعددت تأويلات العلماء لما صح عن ابن مسعود من روايات ظاهرها يفيد أنه كان لا يدرج المعوذتين في مصحفه حسب الآتي:

 أ-الذين أثبتوا صحة الرواية عنه قالوا إنه تراجع عن ذلك، وحتى لو ثبت بأنه لم يتراجع عنه فلا يمكن إثبات القرآن بخبر الواحد، بل بالتواتر، فلا عبرة لرأي ابن مسعود حيث خالف الإجماع.

ب-تأول الباقلاني الروايات بأن ابن مسعود لم ينكر كونهما من القرآن، وإنما أنكر إثباتهما في المصحف، فإنه كان يرى أن لا يكتب في المصحف شيئا إلا إن كان النبي صلى الله عليه وسلم أذن في كتابه فيه، وكأنه لم يبلغه الإذن في ذلك، قال: فهذا تأويل منه وليس جحدا لكونهما قرآنا، وهو تأويل حسن كما قال ابن حجر في الفتح، ويعلق ابن حجر قائلا: "إلا أن الرواية الصحيحة الصريحة التي ذكرتها تدفع ذلك حيث جاء فيها: ويقول إنهما ليستا من كتاب الله، نعم يمكن حمل لفظ كتاب الله على المصحف فيتمشى التأويل المذكور".[136]

ج-تبنى البقاعي تأويلا سديدا وهو القول بأن ابن مسعود إنما لم ينكر قرآنية المعوذتين وإنما أنكر فقط إضافة كلمة (قل) إليهما، ويضيف البقاعي أن إثبات ظاهر هذه الرواية يترتب عليه فساد عظيم وهو نسبة الجهل لهذا الصحابي الجليل حول أمر يعرفه المسلم العامي، أو يترتب عليه الطعن في الصحابة رضي الله عنهم أجمعين في جرأتهم على نفي قرآنية بعض السور.

5-إن القول بأن الترتيب الحالي هو توقيفي أو توفيقي أو بين بين، كان في بادئ الأمر، أما بعد ذلك فالكل مجمع على عدم جواز تغيير الترتيب العثماني، وكما يقول ابن حجر فهذا الترتيب العثماني أفضل وأحسن من غيره، ولهذا السبب أشاد الصحابة بما فعله عثمان فكانوا يقولون: أحسن عثمان صنعا، وقال سيدنا علي كرم الله وجهه: "ولو وليت الذي ولي عثمان، لصنعت الذي صنع"،[137]  ويقول سيدنا علي كرم الله وجهه أيضا: "اتقوا الله أيها الناس، إياكم والغلو في عثمان، وقولكم حراق المصاحف، فوالله ما حرقها إلا على ملأ منا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم جميعا"،[138] وقال أبو مجلز: "يرحم الله عثمان لو لم يجمع الناس على قراءة واحدة، لقرأ الناس القرآن بالشعر".[139]

ثم لماذا لا يقبل المستشرقون الروايات الصحيحة الكثيرة التي يذكرها المحدثون عن أن الترتيب الحالي كان هو المعروف في زمان النبي صلى الله عليه وسلم وهو من رتبه كذلك بأمر من جبريل عليه السلام حين كان يعرض النبي صلى الله عليه وسلم معه القرآن في رمضان كل عام وفي العام الذي توفي فيه عرضه عليه مرتين وقام زيد بكتابة المصحف بناء على هذه العرضة الأخيرة ولذلك تم اختياره لكتابة المصحف.[140] هل نضرب بالرواية الإسلامية عرض الحائط لمجرد وجود روايات أخرى واهية أو روايات صحيحة لم يتم وضعها في سياقها الصحيح؟.

6-إن محاولات ترتيب السور حسب تاريخ النزول أو حسب الموضوعات في ترجمات المستشرقين لمعاني القرآن، وفي دراساتهم كما فعل نولدكه، لم تصل إلى نتائج حاسمة بل هي متضاربة ومتناقضة، ولا يمكن الاعتماد على واحدة منها، وللأسف كان هدفها الأساس إيضاح كيفية تأليف القرآن من قبل النبي -بزعمهم-، ولهذا التناقض تراجع كل من بلاشير ونسيم ج داود عن ترتيبهم الخاص إلى الترتيب العثماني.

التوصيات:

ما زال هناك مجال واسع لدراسة أسانيد الروايات التي نقلت لنا أخبار جمع القرآن الكريم وترتيبه والتي استند إليها المستشرقون، وكيف أجاب عنها المسلمون. فالروايات الضعيفة والواهية يجب إيضاحها وتبيينها حتى يعرفها الباحثون.

وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين.


[1] John Davenport. An Apology for Mohammed and the Koran (London: Forgotten Books, 2018) Pages 179; ISBN-10‏: ‎1397768401; ISBN-13: 978-1397768407. See p.80. (London: J. Davy and Sons, 1869).

[2] قد كنت كتبت بحثا نقديا لترجمة رودويل للقرآن الكريم عام 2006 وتطرقت لموضوع ترتيب السور حسب النزول لدى المسلمين والمستشرقين وخصوصا رودويل الذي اخترع ترتيبا خاصا مغايرا لترتيب المصحف الشريف، ولأهمية هذا الأمر أعدت النظر في هذا القسم مما نشرته سابقا في حولية أصول الدين وضمنته في هذا البحث وأضفت إليه إضافات مهمة مع إضافة مبحث جديد ثالث وضعت فيه وجهة النظر الاستشراقية في الميزان والله وحده المستعان.

[3] ملاحظة عامة حول الأبحاث السابقة وما أضافه هذا البحث: الإضافة التي أضافها هذا البحث هو جمعه بين آراء المستشرقين وآراء المسلمين حول موضوع ترتيب السور في مكان واحد، والأبحاث السابقة إنما ركزت على آراء المسلمين وحدها، أو ركزت على آراء المستشرقين فقط. ولهذا اقتضى الأمر الجمع بين البحثين هنا.

[4] أخذت أجزاء من هذا البحث من بحث لي عنوانه: حول ترجمة معاني القرآن الكريم للمستشرق ج. م. رودويل، نشر سابقا في حولية كلية أصول الدين والدعوة الإسلامية بطنطا، العدد السابع عشر لعام 2006، ص: 5715-5790.

[5] يرى ابن حجر أن الجمهور على أنه غير توقيفي بل اجتهادي. ابن حجر العسقلاني، فتح الباري، (بيروت: دار المعرفة، 1379 هـ)، ط3، ج: 9، ص: 40.

[6] الحسين بن مسعود البغوي، شرح السنة، تحقيق شعيب الأرناؤوط، (بيروت: المكتب الإسلامي، 1984) ط2، ج: 4، ص: 518-519.

[7]  لمزيد من المعلومات المفصلة والقيمة عن هذا الموضوع  انظر أحمد حسن فرحات، في علوم القرآن- عرض ونقد وتحقيق، (عمان: دار عمار للنشر والتوزيع، 2000)، ص:48-70 . وانظر كذلك مناع القطان، مباحث في علوم القرآن، (الرياض: مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، 1417/1996)، ط2، ص : 142-145. ولمزيد من المعلومات عن كون ترتيب المصحف توقيفيا وأنه يجب الالتزام به لإجماع الصحابة على ذلك انظر : مقدمتان في علوم القرآن ، مقدمة ابن عطية ، ومقدمة كتاب المباني، تحقيق جفري آرثر  وتصويب عبدالله اسماعيل الصاوي، (القاهرة ، 1972) ، ص : 41-42 ؛ وانظر كذلك محمد محمد أبو شهبة ، المدخل لدراسة القرآن الكريم ، (القاهرة  1972) ، ص:333 ، وقارن بأحمد شكري وعمران نزال، أهمية العلم بتاريخ نزول القرآن الكريم ومصادره، مجلة المنارة، المجلد 12، العدد 3، 2006، ص: 239.

[8]  قارن بمحمد بن بهادر بن عبد الله الزركشي، البرهان في علوم القرآن، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، (بيروت: دار المعرفة، 1391) ج:1، ص: 258 ، وجلال الدين عبد الرحمن السيوطي، الاتقان في علوم القرآن، تحقيق سعيد المندوب، (بيروت: دار الفكر، 1416/1996)، ج:1، ص: 170-172.

[9] راجع تفاصيل ذلك في علي العنزي، ترتيب الآيات والسور في المصحف الشريف: حكمه بين التوقيف والاجتهاد وأثره في أحكام القراءة والكتابة، مجلة العلوم الشرعية، جامعة القصيم، المجلد 12 ، العدد 5، 2019، ص:  3624، ومما توصل له هذا الباحث من نتائج مهمة هي أنه رجح هذا الرأي الثاني وأضاف قائلا: "القول بالاجتهاد في ترتيب السور أو ترتيب غالبها محصور في اجتهاد الصحابة الأوائل الذين جمعوا المصحف في عهد عثمان، واجتمعت الأمة عليه وتلقاه الصحابة ومن بعدهم بالقبول، وأصبح المصحف بترتيبه محل إجماع، ولا يجوز الاحتجاج بكون ترتيب سوره مرجعه الاجتهاد في وقتنا المعاصر لإعادة ترتيب سوره، فلا مجال للاجتهاد في ذلك". المرجع السابق نفسه، ص: 3635.

[10]  السيوطي، أسرار ترتيب سور القرآن، تحقيق عبد القادر عطا ومرزوق إبراهيم، (القاهرة: دار الفضيلة، 2002)، ص: 47.

[11] جلال الدين السيوطي، أسرار ترتيب سور القرآن،  ص: 47.

[12] ابن حجر العسقلاني، فتح الباري، (بيروت: دار المعرفة، 1379 هـ)، ط3، ج: 9، ص: 42.

[13] علي العنزي، ترتيب الآيات والسور في المصحف الشريف: حكمه بين التوقيف والاجتهاد وأثره في أحكام القراءة والكتابة، مجلة العلوم الشرعية، جامعة القصيم، المجلد 12 ، العدد 5، 2019، ص:  3625.

[14] المرجع السابق نفسه.

[15]  قال الزركشي "وذهب جماعة من المفسرين إلى أن قوله تعالى: ﴿ فأتوا بعشر سور﴾ معناه مثل البقرة إلى سور هود وهى العاشرة ومعلوم أن سورة هود مكية وأن البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنفال والتوبة مدنيات نزلت بعدها". بالزركشي، البرهان، ج:1، ص: 260. وقال ابن حجر:"ومما يدل أن ترتيب المصحف كان توقيفا ما أخرجه أحمد وأبو داود وغيرهما" ثم ساق رواية أوس بن أبي أوس حذيفة الثقفي عند وفوده على النبي صلى الله عليه وسلم في وفد ثقيف من بني مالك، وقول النبي صلى الله عليه وسلم لهم: "طرأ علي حزبي من القرآن فأردت أن لا أخرج حتى أقضيه" ثم سؤالهم للصحابة عن كيفية تحزيب القرآن ومما قالوه: "وحزب المفصل من ق حتى تختم"، واستدلابن حجر بهذا الحديث على أن ترتيب معظم السور كان توقيفيا وأضاف : "فهذا يدل على أن ترتيب السور على ما هو عليه في المصحف الآن كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم". وأضاف ابن حجر أيضا: "روي عن أحمد وابن أبي داود والطبري ..أن الذي جمع عليه عثمان الناس يوافق العرضة الأخيرة". ابن حجر العسقلاني، فتح الباري، (بيروت: دار المعرفة، 1379 هـ)، ط3، ج: 9، ص: 42-44. وهناك أدلة أخرى كثيرة تدل على أن ترتيب السور توقيفي، مثل قول ابن مسعود رضي الله عنه عن بني إسرائيل والكهف وطه ومريم والأنبياء: إنهن من العتاق الأول، وهن من تلادي). فهي من المكي المتقدم نزوله لكنها في مصحف ابن مسعود وعثمان متفقة في الترتيب حسب السور. انظر ابن حجر العسقلاني، فتح الباري، رقم الحديث 4994، باب تأليف القرآن، (بيروت: دار المعرفة، 1379 هـ)، ط3، ج: 9، ص: 39، 43. ولمزيد من أدلة الجمهور حول إثبات أن الترتيب توقيفي انظر هذا البحث القيم: طه عابدين طه، ترتيب سور القرآن الكريم: دراسة تحليلية لأقوال العلماء، مجلة البحوث والدراسات القرآنية، العدد التاسع، السنة الخامسة والسادسة، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، يونيو 2010، ص: 32-41.

[16]  نقلا حرفيا عن السيوطي، أسرار ترتيب سور القرآن، ص: 42، وقارن النص بما ذكره محمد بن أحمد القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، تحقيق هشام البخاري، (الرياض ، دار عالم الكتب ،   1423 هـ/ 2003 م)،  ج: 1، ص: 60.

[17]  السيوطي، أسرار ترتيب سور القرآن، ص: 45. وقارن بالزركشي، البرهان، ج: 1، ص: 260.

[18]  السيوطي، أسرار ترتيب سور القرآن، ص: 45. وإن تفسير نظم الدرر في تناسب الآي والسور لإبراهيم بن عمر الرباط البقاعي لدليل واضح على ذلك، انظر إبراهيم بن عمر الرباط البقاعي، تفسير نظم الدرر في تناسب الآي والسور، (حيدرآباد، 1398هـ/1969م)، ط 1. وانظر عبد الله الخطيب ومصطفى مسلم، المناسبات وأثرها على تفسير القرآن، مجلة جامعة الشارقة للعلوم الشرعية والإنسانية، المجلد2، العدد2، ربيع الثاني 1426، يونيو 2005، ص: 1-46.

[19]  السيوطي، أسرار ترتيب سور القرآن، ص: 48.

[20] محمد عبد العظيم الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، حققه فواز أحمد زمرلي، (بيروت: دار الكتاب العربي، 1417/1996)، ط2، ج: 1، ص: 291، وقارن بفهد بن عبد الرحمن الرومي، دراسات في علوم القرآن الكريم، الرياض: مكتبة الرشد للنشر والتوزيع، 1422/2001)، ط10، ص: 110-111، وقارن بـــ طه فارس، تفاسير القرآن حسب ترتيب النزول دراسة وتقويم، (عمان، دار الفتح للدراسات والنشر، 2011)،  ص: 183.

[21] السيوطي، أسرار ترتيب سور القرآن، ص: 48.

[22]  أحمد حسن فرحات، في علوم القرآن- عرض ونقد وتحقيق، ص: 68-69، فضل حسن عباس، إتقان البرهان في علوم القرآن، (عمان: دار الفرقان، 1997)، ط1، ج: 1، ص: 455-461، وأحمد محمد مفلح القضاة، دراسات في علوم القرآن والتفسير، (عمان، 2005)، ط1، ص: 71.

[23] أحمد حسن فرحات، في علوم القرآن- عرض ونقد وتحقيق، ص: 69.

[24]  سعيد النورسي، المكتوبات، ترجمة إحسان قاسم الصالحي، (القاهرة: دار سوزلر للنشر، 1413/1992) ص: 524-525.

[25] محمد عبد الله دراز، مدخل إلى القرآن الكريم عرض تاريخي وتحليل مقارن، ترجمه محمد عبد العظيم علي، (الكويت، دار القلم، 1984)، ص: 120-121.

[26] أبو بكر ابن الطيب الباقلاني، الانتصار، تحقيق محمد عصام القضاة، (عمان: دار الفتح، 2001)، ج: 1، ص: 131.

[27] للتفصيل حول محاذير تفسير القرآن الكريم كاملا مرتبا حسب النزول انظر طه فارس، تفاسير القرآن حسب ترتيب النزول دراسة وتقويم، ص: 200-201.

[28] قارن بمحمد بن أحمد القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، تحقيق هشام البخاري، ج: 1، ص: 62، والزركشي، البرهان، ج:1، ص: 262.

[29] القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، ج: 1، ص: 61.

[30] الباقلاني، الانتصار،  ج: 1، ص: 114-115.

[31] العدد الأول للسنة السابعة لعام 1372ـ 1953، ص: 229 ـ230 ، وقارن بما كتبه طه فارس، تفاسير القرآن حسب ترتيب النزول دراسة وتقويم، ص: 33-35.

[32] بلغ عدد السور في ترجمة بلاشير التي أعاد فيها المترجم الترتيب حسب تاريخ النزول، بلغ عددها 116 سورة وليس العدد المجمع عليه وهو 114 سورة.  عبد الراضي بن محمد عبد المحسن، مناهج المستشرقين في ترجمات معاني القرآن الكريم: دراسة تاريخية نقدية، ندوة ترجمة معاني القرآن الكريم، تقويم للماضي وتخطيط للمستقبل، 10-12 صفر 1423 الموافق 23-25 أبريل 2002، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف، المدينة المنورة، ص: 12.

[33]الجمع الصوتي الأول للقرآن، ص 359.

[34] طه فارس، تفاسير القرآن حسب ترتيب النزول دراسة وتقويم، (عمان، دار الفتح للدراسات والنشر، 2011)،  ص: 37-38.

[35] يقول محمد عابد الجابري بأنه وفق في هذا التفسير المبني على ترتيب النزول أيما توفيق فقد استطاع قراءة القرآن بالسيرة، وقراءة السيرة بالقرآن، وهذا أدى لنتيجة رائعة وهي تطابق المسار التكويني للنص القرآني مع مسار الدعوة المحمدية، ومن ثم اكتشاف العلاقة الحميمية بين الرسول محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وبين القرآن الحكيم. وقد وصف الله تعالى القرآن عند كلامه عن نزوله مفرقا بأنه: ﴿ ورتلناه ترتيلا﴾أي أن هذا التنزيل المفرق قد جاء مرتلا ترتيلا أي متتابعا شيئا فشيئا منضدا مرتبا. محمد عابد الجابري، فهم القرآن الحكيم: التفسير الواضح حسب ترتيب النزول، (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2012)، ص: 17-18.

[36] الشاهد البوشيخي: نظرات في الهدى المنهاجي في القرآن الكريم من خلال السور التسع الأولى حسب ترتيب النزول، (دار السلام، 2020)، ط1.

[37] انظر هذه الدراسات المفيدة حول هذا الموضوع: عبد الكريم الخطيب، فتنة الترتيب النزولي للقرآن، مجلة الفكر الإسلامي، الصادرة عن دار الفتوى في لبنان، المجلد 2، العدد 6، حزيران 1971، ص: 36-41، ومحمود محمد غطاس، الترتيب النزولي للقرآن الكريم "سوره وآياته" بين الحقيقة والخيال دوافعه وغاياته: القصة الكاملة للترتيب النزولي منذ نزول القرآن الكريم وإلى العصر الحديث، مجلة قطاع أصول الدين، جامعة الأزهر، العدد 3، الجزء 1، يناير 2008، ص: 1-197، وأحمد خالد شكري، تتبع تاريخ نزول آيات سورة المائدة، مجلة الجامعة الإسلامية للدراسات الإسلامية، المجلد 28، العدد 1، أكتوبر 2020، ص: 159، ومحمد جعفر العارضي، الترتيب النزولي القرآني مقاربات تحليلية في المعايير والقوائم والأهداف، مجلة المجمع العلمي العراقي، المجلد 69، الجزء 1، شباط 2022، ص: 105-138.

[38] طه فارس، تفاسير القرآن حسب ترتيب النزول دراسة وتقويم.

[39] المرجع السابق نفسه، ص: 158، وقارن بمحمد ربابعة، تفسير القرآن الكريم على ترتيب النزول: منبعه وفوائده، دراسات: علوم الشريعة والقانون، مجلد 37، العدد 1، ص: 264،  فقد توصل ربابعة النتيجة مماثلة لما ذكره طه فارس.

[40] طه فارس، تفاسير القرآن حسب ترتيب النزول دراسة وتقويم، ص: 181-182.

[41] Gerhard Böwering, “Chronology and the Qurʾān”, in: Encyclopaedia of the Qurʾān, General Editor: Jane Dammen McAuliffe, Georgetown University, Washington DC. Consulted online on 22 June 2022 <http://dx.doi.org.qulib.idm.oclc.org/10.1163/1875-3922_q3_EQCOM_00034. See also Andrew Rippin, Reading the Quran with Richard Bell”, Journal of the American Oriental Society, vol.112, issue 4,  October-December 1992, p.641.>

[42] محمد عابد الجابري، مدخل إلى القرآن الكريم في التعريف بالقرآن الكريم، ط3، (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية،  2010)، ص: 240.

[43]  عمر رضوان، آراء المستشرقين في التفسير، ص: 353.

[44]  رودويل، مقدمة ترجمته للقرآن، ص:7.

[45] سعيد الراضي بن عبد المحسن، مناهج المستشرقين في ترجمات معاني القرآن الكريم-دراسة تاريخية نقدية، ص: 48-49.

[46] التقسيم الثلاثي للمرحلة المكية وكذلك للمرحلة المدينة أشار إليه علماء مسلمون منهم: الحسن بن محمد بن حبيب النيسابوري حيث قال: "من أشرف علوم القرآن علم نزوله وجهاته وترتيب ما نزل بمكة ابتداء ووسطا وانتهاء، وترتيب ما نزل بالمدينة كذلك..

[47] Andrew Rippin, Reading the Quran with Richard Bell”, Journal of the American Oriental Society, vol.112, issue 4,  October-December 1992, p.642.

[48]ـ كارل بروكلمان، تاريخ الأدب العربي، ج: 1،  ص: 139-140.

[49] J. M. Rodwell,  The Quran: Translated from the Arabic, ed. Alan Jones, (London: Everyman, 1999), preface, p.5.

[50] صبحي الصالح،  مباحث في علوم القرآن، ص:176-177.

[51] العصر، العاديات، الزلزلة، الشمس، قريش، الفاتحة، التين، التكاثر، الهمزة، الانفطار، الليل، الفيل، الفجر، البلد، الضحى، الشرح، الكوثر.

[52] صبحي الصالح، مباحث في علوم القرآن، ص: 176.

[53] Gerhard Böwering, “Chronology and the Qurʾān”, consulted online on 22 June 2022.

[54] العصر، العاديات، الزلزلة، الشمس، قريش، الفاتحة، القارعة، التين، التكاثر، الهمزة، الانفطار، الليل، الفيل، الفجر، البلد، الضحى، الشرح، الكوثر.

[55] Gerhard Böwering, “Chronology and the Qurʾān”, consulted online on 22 June 2022.

[56] ممن تبع ترتيب نولدكه المستشرقة أنجيليكا نويفرت المشرفة على مشروع كوربوس كورآنيكم في ألمانيا، فهي قدمت رؤية جديدة في أبحاثها حول تاريخ القرآن ودراسة سور منه وذلك من خلال دراساتها للتسلسل الزمني للسور الذي أسسه نولدكه، فاعتمدت تقسيم السور المكية إلى مجموعات مبكرة ووسطى ومتأخرة. فالسور قصيرة في الفترة المكية الأولى وتصبح أطول وأطول في الفترتين الثانية والثالثة على التوالي. وأما بنية الآيات والعلاقة بين الآية والجملة فتتحدد من خلال قواعد التأليف. لذا تدرس نويفرت الآيات وتحدد أنواعها بناء على طولها. وتصل نويفرت لخلاصة مفادها: أن السورة ومختلف أنواع الأساليب والبنى الأدبية الموجودة فيها، ومنذ البداية- ألفت من خلال عناصر واضحة نسبيا، ويصبح التأليف معقدا أكثر وأكثر ، وأقل تنوعا مع مرور الوقت، بيد أنه يظهر  لنا في معظم الأحيان شكل وتصميم مقصود.  فالوحدة الأساسية للقرآن المبكر عندها هي وحدة طقسية، تعد مقدمة للسور الخطابية التي نشأت لاحقا. وتلخص نويفرت قائلة: إن النبي صلى الله عليه وسلم هو نفسه الذي ألف معظم السور المكية بالشكل الذي هي عليه الآن، بالرغم من حدوث مراجعة عرضية لاحقة للسور. انظر عبد الله الخطيب، القراءات الراديكالية الاستشراقية للقرآن الكريم، (لندن: مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، 1440/2018).

(أنموذج مشروع المدونة القرآنية كوربوس كورانيكم  Corpus Coranicum)، وانظر البحث القيم: سامر رشواني، الموسوعة القرآنية ( Corpus Coranicum) من الفلولوجيا إلى التحليل الأدبي، قراءة نقدية في قاعدة البيانات، مجلة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، المجلد 38، العدد1، 2020، ص: 84-86.

[57] ينظر: تيودور نولدكه، تاريخ القرآن، تعديل فريديريش شفالي، ترجمة جورج تامر وآخرين، (كولونيا: ألماني: منشورات دار الجمل، 2008)، ج:1، ص: 58؛ والزنجاني، تاريخ القرآن، ص: 71؛  وصبحي الصالح، مباحث في علوم القرآن،  ص: 176.

[58]  عمر رضوان، آراء المستشرقين في التفسير، ص: 356-357، وقارن بالرد الدقيق على مزاعم نولدكه لــــــ رضا محمد الدقيقي، كتاب تاريخ القرآن للمستشرق الألماني تيودور نولدكه: ترجمة وقراءة نقدية: الوحي إلى محمد صلى الله عليه وسلم بين الإنكار والتفسير النفسي، (قطر: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، 2008)، ط1، ج: 1، ص: 221-229.

[59] قمت بتقويم ترجمته في كتابي: ترجمات معاني القرآن الكريم إلى اللغة الإنجليزية من عام 1649 حتى عام 2013 دراسة وتقويم وعرض، (الشارقة: جامعة الشارقة، 2014)، ص: 45-82، وقارن ببحثي: حول ترجمة معاني القرآن الكريم للمستشرق ج. م. رودويل، نشر سابقا في حولية كلية أصول الدين والدعوة الإسلامية بطنطا، العدد السابع عشر لعام 2006، ص: 5755-5761 حيث استللت منه هذا الجزء.

[60]

John Rodwell, The Koran, (London: Williams and Norgate, 1861), 1st. ed. &

J. M., Rodwell,  The Quran: Translated from the Arabic, ed. Alan Jones, (London: Everyman, 1999).

[61] Preface p.6. J. Rodwell,  The Quran ,،  وقارن بعمر رضوان، آراء المستشرقين في التفسير، ص: 358.

[62] Preface p.16. J. Rodwell,  The Quran,  وقارن بمحمد مهر علي، ترجمة معاني القرآن والمستشرقون، ص: 20.

[63] Al-Hafiz Ghulam Sarwar, Translation of the Holy Quran, from the Original ArabicText with Critical Essays, Life of Mohammad, Complete Summary of Contents, (Woking, Surry:nd.), 1st. ed., p.xxii.

[64] Preface p.1. J. Rodwell,  The Quran,

[65] Preface p.5. J. Rodwell,  The Quran,

[66] Preface p.5. J. Rodwell,  The Quran,

[67] Preface p.8. J. Rodwell, The Quran,

[68] Preface p.7. J. Rodwell,  The Quran,

[69] Preface p.8. J. Rodwell,  The Quran,

[70] Preface pp.8-9. J. Rodwell, The Quran,

[71] Preface p.6. J. Rodwell, The Quran,

[72] انظر تفصيل تقويم ترجمته في عبد الله الخطيب، ترجمات معاني القرآن الكريم إلى اللغة الإنجليزية من عام 1649 حتى عام 2013 دراسة وتقويم وعرض، ص: 83-88.

[73]  E. H. Palmer, The Quran, in The Sacred Books of the East, ed. F. Max Muller, (Oxford: Clarendon Press, 1880), pp.ixiv-ixv.

[74] عبد الله الخطيب، ترجمات معاني القرآن الكريم إلى اللغة الإنجليزية من عام 1649 حتى عام 2013 دراسة وتقويم وعرض، ص: 88.

[75]ينظر: صبحي الصالح، مباحث في علوم القرآن، ص: 175-176. وانظر كذلك W. Montgomery Watt, Bells Introduction to the Quran, (Adinburgh: Adinburgh University Press, 1997), p.112.

[76] Gerhard Böwering, “Chronology and the Qurʾān”, consulted online on 22 June 2022.

[77] لمزيد من المعلومات حول تقويم هذه الترجمة انظر عبد الله الخطيب، ترجمات معاني القرآن الكريم إلى اللغة الإنجليزية من عام 1649 حتى عام 2013 دراسة وتقويم وعرض، ص: 89-98.

[78]  انظر المرجع السابق، ص: 108-122.

[79]  محمد مهر علي، ترجمة معاني القرآن الكريم والمستشرقون-لمحات تاريخية وتحليلية، ص: 32.

[80]  عمر رضوان، آراء المستشرقين في التفسير، ص:359.

[81] المرجع السابق نفسه.

[82] Gerhard Böwering, “Chronology and the Qurʾān”, consulted online on 30 June 2022.  وقارن بـــ: عبد الله الخطيب، ترجمات معاني القرآن الكريم إلى اللغة الإنجليزية من عام 1649 حتى عام 2013 دراسة وتقويم وعرض، (الشارقة: جامعة الشارقة، 2014)، ص: 91-92.

[83] صبحي الصالح، مباحث في علوم القرآن، ص: 176.

[84]  عمر رضوان، آراء المستشرقين في التفسير، ص:358، وعبد الراضي بن عبد المحسن، مناهج المستشرقين في ترجمات معاني القرآن الكريم-دراسة تاريخية نقدية، ص: 9-10.

[85]  عمر رضوان، آراء المستشرقين في التفسير، ص: 355،357.

[86] انظر تقويم ترجمته في  عبد الله الخطيب، ترجمات معاني القرآن الكريم إلى اللغة الإنجليزية من عام 1649 حتى عام 2013 دراسة وتقويم وعرض، ص: 119-123 وفي:

 Abdur Raheem Kidwai, Translating the Untraslatable, A Critical Guide to 60 English Translations of the Quran, (New Delhi: SarupBook Publishers, 2011, pp.275-281.

[87] Gerhard Böwering, “Chronology and the Qurʾān”, consulted online on 22 June 2022.

[88] لمزيد من المعلومات عن هذه الترجمة ونقدها انظر عبد الله الخطيب، دراسة نقدية لترجمة ن ج داود للقرآن إلى الإنجليزية، مجلة التجديد، العدد الحادي والعشرين، 2011، وعبد الله الخطيب، ترجمات معاني القرآن الكريم إلى اللغة الإنجليزية من عام 1649 حتى عام 2013 دراسة وتقويم وعرض، ص: 113-118.

[89]  Dawood, The Koran Translated , p.11. وكما أشرت سابقا فإن الطبعات منذ عام 1990 رتبت حسب ترتيب القرآن الصحيح، وقد وضع المترجم الملاحظة التالية في بداية الترجمة المرتبة ترتيبا صحيحا: "ملاحظة لعامة القراء: لابد للقارئ أن يأخذ  بعين الاعتبار أن ترتيب السور بالشكل المعهود [الذي عند المسلمين] وكما هو متبع في هذه الترجمة، ليس أساسيا في فهم النص القرآني. فالذين يطلعون على القرآن لأول مرة ينصحون بأن يبدؤوا بقراءة السور القصيرة والشعرية كتلك التي تصف يوم القيامة أو الجنة والنار مثل سورة التكوير والرحمن، والسور التي تتضمن مواضيع توراتية وإنجيلية مثل سورة مريم وسورة يوسف، وهذه السور في النصف الثاني من القرآن. يقرؤونها قبل قراءة السور الطويلة والمعقدة في النصف الأول من القرآن والتي تتطلب من القارئ معرفة مسبقة بالحوادث التي جرت في بداية الإسلام، وذلك مثل سورة البقرة والمائدة".

 N.J. Dawood, The Koran Translated , (London: Penguin Books, 1993), p.5.    

[90] انظر هذه الدراسة القيمة لــرضوان السيد، المستشرقون الألمان: النشوء والـاثير والمصائر، (بيروت: المدار الإسلامي، 2016)، ط2،  ص: 93-108.

[91] فرانسوا ديروش، المحاضرة الرابعة بعنوان: النسخة الرسمية للمصحف والنقد التاريخي، Vulgate coranique et critique historique ،  ألقيت في باريس في الكوليج دي فرانس،  19 مايو، 2015، ص: 12.

Vulgate coranique et critique historique - Histoire du Coran. Texte et transmission - François Déroche - Collège de France - 19 mai 2015 14:30 (college-de-france.fr)، retrieved on 3-7-2022.

[92] فرانسوا ديروش، المحاضرة الثانية بعنوان: التدوين المقدس للمصحف في الروايات الإسلامية،

 la tradition musulmane et la canonisation ،  ألقيت في باريس في الكوليج دي فرانس،  7 أبريل، 2015، ص: 5.

Muslim Tradition and Canonization - History of the Qur'an. Text and transmission - François Déroche - Collège de France - 07 April 2015 14:30 (college-de-france.fr). Retrieved on 3-7-2022.

[93] ابن حجر العسقلاني، فتح الباري، (بيروت: دار المعرفة، 1379هـ)، ج: 9، ص: 40.

[94] المرجع السابق نفسه، ج: 9، ص: 49.

[95] انظر عبد الله الخطيب، موسوعة القرآن الكريم، نظرات في إشكالية الموضوعية والتحيز، رؤية معرفية، ضمن كتاب: القرآن الكريم من التنزيل إلى التدوين (2)، (لندن، مؤسسة الفرقان، 2020) ص: 469-527.

[96] نشر البروفسور طيار آلتي قولاج ما لا يقل عن سبعة مصاحف قديمة تنسب لسيدنا عثمان منتشرة في شتى مكتبات العالم ومتاحفه، نشرتها مؤسسة إرسيكا في إستانبول.

[97] محمد الأعظمي، النص القرآني الخالد عبر العصور، (الرياض: دار الأعظمي للنشر، 2017م)، ط1.

[98] Asma Hilali, The Sanaa Palimpsest: The Transmission of the Qur’an in the First Centuries AH, (London: the Institute of Ismaili Studies, Oxford University Press, 2016).

[99] قام البوفسور فرانسوا ديروش بعدة دراسات مهمة عن المخطوطات القرآنية القديمة، وتعد دراساته المصدر الأهم في هذا المجال، ومن أهم دراساته:

François Déroche, La transmission écrite du Coran dans les débuts de l'islam : Le codex Parisino-petropolitanus, (Leiden: Brill, 2009).

See also: François Déroche, Qur’ans of the Umayyads: A First Overview, (Leiden: Brill, 2014).

وله دراسة مهمة أخيرة هي: فرانسوا ديروش، الكتاب العربي المخطوط: مقدمات تاريخية، ترجمة مراد تدغوت، وتقديم فيصل الحفيان، (القاهرة: معهد المخطوطات العربية، 2016)، وكان نشر أول مرة بالفرنسية عام 2005.

[100]

 Alba Fedeli, Early Qur'ānic Manuscripts, Their Text, and the Alphonse Mingana Papesrs Held in the Department of Special collections of the University of Birmingham, Ph.D Thesis, 09/07/ 2015, Birmingham  University,  College of Arts and Law, Institute of Textual Scolarship and Electronic Editing. the University of Birmingham repository: https://etheses.bham.ac.uk/id/eprint/5864/). Retrieved on 21-5-2022.

[101]

Eleonore Cellard & Sabrina Cimiotti, Codex Amrensis 1, (Leiden: Brill, 2017).

وقد اطلعت على هذه المخطوطة في رحلتي الأخيرة لمدينة بطرسبيرغ في روسيا بتاريخ 24-5-2022- حتى 10-6-2022.

[102]

Yefim Rizvan, The Quran of Uthamn: St. Petersburg, Kattalanggar, Bukhara, Tashkent, (St. Petersburg: St. Petersburg Center for Oriental Studies, 2004) Vol. 1. 

[103] طه فارس، تفاسير القرآن حسب ترتيب النزول دراسة وتقويم، ص: 181-182.

[104] ذكرها القرطبي في تفسيره، تحقيق: أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش،  ج:1، ص: 114 – 115، نقلا عن أبي بكر الأنباري وجاء في روايته (عن الأعمش قال: أظنه عن إبراهيم...)، ثم نقل القرطبي عن أبي بكر الأنباري تفسير قول ابن مسعود هذا: " يَعْنِي أَنَّ كُلَّ رَكْعَةٍ سَبِيلُهَا أَنْ تُفْتَتَحَ بِأُمِ الْقُرْآنِ قَبْلَ السُّورَةِ الْمَتْلُوَّةِ بَعْدَهَا، فَقَالَ: اخْتَصَرْتُ بِإِسْقَاطِهَا، وَوَثِقْتُ بِحِفْظِ الْمُسْلِمِينَ لَهَا، وَلَمْ أُثْبِتْهَا فِي مَوْضِعٍ فَيَلْزَمُنِي أَنْ أَكْتُبَهَا مَعَ كُلِّ سُورَةٍ، إِذْ كَانَتْ تَتَقَدَّمُهَا فِي الصَّلَاةِ"، ونقل الرواية من غير سند ابن كثير في تفسيره، ج:1، ص: 19.

والرواية فيها انقطاع، لأن إبراهيم النخعي لم يدرك ابن مسعود، ولم يسمع من أحد من الصحابة، ينظر: المزي، تهذيب الكمال، 2 / 237؛ ابن حجر العسقلاني، تقريب التهذيب، 323.

[105] أخرجها أبو عبيد القاسم بن سلام، فضائل القرآن، ص 318. ونحوها ابن شبة بلفظ: "أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ كَتَبَهُنَّ فِي مُصْحَفِهِ خَمْسَهُنَّ، أُمَّ الْكِتَابِ، وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ، وَالسُّورَتَيْنِ، وَتَرَكَهُنَّ ابْنُ مَسْعُودٍ كُلَّهُنَّ، وَكَتَبَ ابْنُ عَفَّانَ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ، وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ، وَتَرَكَ السُّورَتَيْنِ، وَعَلَى مَا كَتَبَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَصَاحِفُ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، فَأَمَّا مَا سِوَى ذَلِكَ فَمُطَّرَحٌ، وَلَوْ قَرَأَ غَيْرَ مَا فِي مَصَاحِفِهِمْ قَارِئٌ فِي الصَّلَاةِ أَوْ جَحَدَ شَيْئًا مِنْهَا اسْتَحَلُّوا دَمَهُ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ يَدِينُ بِهِ"، تاريخ المدينة، 3 / 1009. والرواية فيها انقطاع كذلك، فابن سيرين لم يدرك أبي بن كعب، ولم يسمع من ابن مسعود، ينظر ترجمته: المزي، تهذيب الكمال، 25 / 344، ترجمة (5280).

[106] أخرجه الإمام أحمد في مسنده، مسند الأنصار، مسند أبي بن كعب، برقم (21186)، وكرره مختصرا، وأصل الرواية أخرجه البخاري في صحيحه تحقيق محمد زهير، الطبعة الأولى 1422 هـ،  لكنه لم يصرح بسؤال زر بن حبيش لأبي بن كعب؛ بل اكتفى بذكر كلام أبي بن كعب، في كتاب التفسير، باب قوله (الله الصمد)، حديث (4976 - 4977).

[107] أخرجه الإمام أحمد في مسنده، مسند الأنصار، حديث زر بن حبيش عن أبي بن كعب، حديث رقم (21188)، والطبراني في المعجم الكبير، 9 / 235، برقم (9150)، كلاهما من طريق عبد الرحمن بن يزيد النخعي عن ابن مسعود رضي الله عنه، وقال عنه الهيثمي: "رواه عبد الله بن أحمد والطبراني، ورجال عبد الله رجال الصحيح، ورجال الطبراني ثقات"، مجمع الزوائد، 7 / 149 رقم (11562)، وبمعناه عند ابن أبي شيبة في مصنفه، كتاب فضائل القرآن، باب في المعوذتين، 5 / 29، حديث رقم (30205). وله متابعة من رواية علقمة عن ابن مسعود عند البزار في مسنده، مسند عبد الله بن مسعود، برقم (1586)، وعقب عليه البزار بقوله: "وَهَذَا الْكَلَامُ لَمْ يُتَابِعْ عَبْدَ اللَّهِ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَرَأَ بِهِمَا فِي الصَّلَاةِ وَأُثْبِتَتَا فِي الْمُصْحَفِ"، ومن طريق علقمة أيضا عند الطبراني في معجمه الكبير، 9 / 235، حديث رقم: (9152).

[108] لمزيد من التفصيل حول آراء العلماء حول موقف ابن مسعود هذا، انظر: نجلاء عبد العزيز القاضي، موقف ابن مسعود رضي الله عنه من جمع القرآن، مجلة جامعة الملك عبد العزيز: الآداب والعلوم الإنسانية، المجلد 29، العدد 2، 2021، ص: ص:364-365. علي ذريان العنزي، العدل والإحسان في تحرير اعتراضات ابن مسعود على مصحف عثمان رضي الله عنهما: دراسة تحليلية نقدية، مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية، المجلد 26، العدد 87، 2011، ص:54-65.

[109]

François Déroche, La transmission écrite du Coran dans les débuts de l'islam : Le codex Parisino-petropolitanus, p.175. See also: François Déroche, Qur’ans of the Umayyads: A First Overview, (Leiden: Brill, 2014), p.35.

كريم إشفاق، تاريخ المصحف الشريف من الشفاهية إلى الكتابية، دراسة نقدية –كوديكولوجية-للمدرسة الاستشراقية، ص: 25.

[110]  الذهبي، سير أعلام النبلاء، تحقيق بشار عواد معروف، (بيروت: مؤسسة الرسالة، لا ت)، ج:1، ص: 487. وقارن بــ علي ذريان العنزي، العدل والإحسان في تحرير اعتراضات ابن مسعود على مصحف عثمان رضي الله عنهما: دراسة تحليلية نقدية، مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية، المجلد 26، العدد 87، 2011، ص:368.  

[111] ابن حجر العسقلاني، فتح الباري، (بيروت: دار المعرفة، 1379 هـ)، ج: 9، ص: 49.

[112] حديث متفق عليه وأخرجه البخاري في صحيحه بلفظ مختلف، انظر ابن حجر العسقلاني، فتح الباري، باب ﴿وما خلق الذكر والانثى﴾ رقم الحديث (4944)، (بيروت: دار المعرفة، 1379 هـ)، ج: 8، ص: 49.

[113] أخرجه أحمد في مسنده، برقم (3742)، ولكن بلفظ آخر: (إني أنا الرزاق ذو القوة المتين)، وقال المحقق شعيب الأرناؤوط: "إسناده صحيح على شرط الشيخين...وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين... ووافقه الذهبي. وهذه القراءة شاذة وإن صح إسنادها لأنها تخالف القراءة المتواترة: ﴿إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين﴾" ]الذاريات: 58[ . أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني، مسند الإمام أحمد، تحقيق شعيب الأرناؤوط وآخرون، ط1، (بيروت: مؤسسة الرسالة، 2001م)، ج:6، ص: 286. 

[114] محمد بن أحمد القرطبي، تفسير القرطبي،  تحقيق عبد الله بن عبد المحسن التركي، (بيروت: مؤسسة الرسالة ، 2006)، ج: 22، ص: 321-322.

[115] أبو بكر محمد بن عبد الله ابن العربي، أحكام القرآن، تحقيق محمد عبد القادر عطا، (بيروت: دار الكتب العلمية، 2003)، ط3، ج: 4، ص: 404-405.

[116] ابن حجر العسقلاني، فتح الباري، (بيروت: دار المعرفة، 1379 هـ)، ج: 8، ص: 743، وقارن بــ

[117] برهان الدين إبراهيم بن عمر الرباط البقاعي، مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور، (الرياض: دار المعارف، 1987)، ط1، ص: 313.

[118] المرجع السابق نفسه، ص: 314.

[119] محمد بن إسماعيل البخاري، صحيح البخاري، نسخة فتح الباري، (بيروت: دار المعرفة، 1379 هـ)، باب القراء من أصحاب صلى الله عليه وسلم، رقم الحديث: (4999)، ج: 9، ص: 46.

[120] المرجع السابق نفسه، ص: 314.

[121] المرجع السابق نفسه، ص: 314-315.

[122]ابن حجر العسقلاني، فتح الباري، ج: 8، ص: 743.

[123] المرجع السابق نفسه.

[124] عبد الله الخطيب، ترجمات معاني القرآن الكريم إلى اللغة الإنجليزية من عام 1649 حتى عام 2013 دراسة وتقويم وعرض، ص: 53.

[125] عبد الراضي بن محمد عبد المحسن، مناهج المستشرقين في ترجمات معاني القرآن الكريم: دراسة تاريخية نقدية، ص: 12.

[126]

 Johanna Pink, Quran translation of the week No 104: Doing Away with King James Style: N. J. Dawood’s The Koran, in:

https://gloqur.de/quran-translation-of-the-week-104-doing-away-with-king-james-style-n-j-dawoods-the-koran/ Retrieved on 4-7-2022.

[127]  إبراهيم بن عمر الرباط البقاعي، تفسير نظم الدرر في تناسب الآي والسور، (حيدرآباد، 1398هـ/1969م)، ط 1.

[128]  انظر المبحث الثاني عند كلامي عن ترجمة داود.

[129] عبد الله الخطيب، ترجمات معاني القرآن الكريم إلى اللغة الإنجليزية من عام 1649 حتى عام 2013 دراسة وتقويم وعرض، ص: 54-56.

[130]  ابن حجر العسقلاني، فتح الباري، ج: 9، ص: 30.

[131] ابن حجر العسقلاني، فتح الباري، باب جمع القرآن، حديث رقم 4986، ج: 9، ص: 10-11.

[132]  الحسين بن مسعود البغوي، شرح السنة، تحقيق شعيب الأرناؤوط، (بيروت: المكتب الإسلامي، 1984) ط2، ج: 4، ص: 437.

[133] المرجع السابق نفسه، ج: 4، ص: 522-523.

[134] John Burton, “The Collection of the Qurʾān”, in: Encyclopaedia of the Qurʾān, General Editor: Jane Dammen McAuliffe, Georgetown University, Washington DC. Consulted online on 4-7-2022.

[135] الحسين بن مسعود البغوي، شرح السنة، تحقيق شعيب الأرناؤوط، ج: 4، ص: 519.

[136] ابن حجر العسقلاني، فتح الباري، ج: 8، ص: 743.

[137] الحسين بن مسعود البغوي، شرح السنة، تحقيق شعيب الأرناؤوط، ج: 4، ص: 525.

[138] المرجع السابق نفسه، ج: 4، ص: 524.

[139] المرجع السابق نفسه، ج: 4، ص: 525.

[140] المرجع السابق نفسه، ج: 4، ص: 525-526.

المصادر والمراجع

أولا- المصادر والمراجع العربية

  1. ابن العربي، أبو بكر محمد بن عبد الله، أحكام القرآن، تحقيق محمد عبد القادر عطا، (بيروت: دار الكتب العلمية، 2003)، ط3، 405.
  2. ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، تقريب التهذيب، تحقيق محمد عوامة، الطبعة الأولى، 1986م، دار الرشيد، سوريا.
  3. ابن حجر العسقلاني، فتح الباري، (بيروت: دار المعرفة، 1379 هـ).
  4. ابن شبة، عمر بن شبة النميري البصري، (ت 262 هـ)، تاريخ المدينة، تحقيق فهيم محمد شلتوت، طبعة 1399 هـ، جدة.
  5. ابن كثير، أبو الفداء إسماعيل بن عمر الدمشقي، تفسير القرآن العظيم، تحقيق محمد حسين شمس الدين، الطبعة الأولى، 1419 هـ، دار الكتب العلمية.
  6. أبو شهبة، محمد محمد، المدخل لدراسة القرآن الكريم، (القاهرة  1972).
  7. أبو عبيد، القاسم بن سلاّم بن عبد الله الهروي البغدادي، فضائل القرآن، تحقيق مروان العطية وآخرون، الطبعة الأولى، 1995 م، دار ابن كثير، دمشق – بيروت.
  8. أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني، مسند الإمام أحمد، تحقيق شعيب الأرناؤوط وآخرون، الطبعة الأولى 2001م، مؤسسة الرسالة.
  9. إشفاق، كريم، تاريخ المصحف الشريف من الشفاهية إلى الكتابية، دراسة نقدية –كوديكولوجية-للمدرسة الاستشراقية.
  10. الباقلاني، أبو بكر ابن الطيب، الانتصار، تحقيق محمد عصام القضاة، (عمان: دار الفتح، 2001).
  11. البخاري، أبو عبد الله محمد بن إسماعيل (ت 256 هـ)، الجامع الصحيح، تحقيق محمد زهير، الطبعة الأولى 1422 هـ، دار طوق النجاة]
  12. بروكلمان، كارل، تاريخ الأدب العربي.
  13. البزار، أبو بكر أحمد بن عمرو العتكي (ت 292 هـ)، مسند البزار، والمنشور باسم البحر الزخار، تحقيق محفوظ الرحمن زين الله، الطبعة الأولى، 1988م - 2009م، مكتبة العلوم والحكم، المدينة المنورة.
  14. البغوي، الحسين بن مسعود، شرح السنة، تحقيق شعيب الأرناؤوط، (بيروت: المكتب الإسلامي، 1984) ط2.
  15. البقاعي، إبراهيم بن عمر الرباط، تفسير نظم الدرر في تناسب الآي والسور، (حيدرآباد، 1398هـ/1969م)، ط 1.
  16. البقاعي، إبراهيم بن عمر الرباط، مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور، (الرياض: دار المعارف، 1987)، ط1.
  17. الجابري، محمد عابد، فهم القرآن الحكيم: التفسير الواضح حسب ترتيب النزول، (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2012).
  18. الجابري، محمد عابد، مدخل إلى القرآن الكريم في التعريف بالقرآن الكريم، ط3، (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية،  2010).
  19. الجمع الصوتي الأول للقرآن.
  20. الخطيب، عبد الكريم، فتنة الترتيب النزولي للقرآن، مجلة الفكر الإسلامي، الصادرة عن دار الفتوى في لبنان، المجلد 2، العدد 6، حزيران 1971، ص: 36-41.
  21. الخطيب، عبد الله، القراءات الراديكالية الاستشراقية للقرآن الكريم، (لندن: مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، 1440/2018).(أنموذج مشروع المدونة القرآنية كوربوس كورانيكم  Corpus Coranicum).
  22. الخطيب، عبد الله، ترجمات معاني القرآن الكريم إلى اللغة الإنجليزية من عام 1649 حتى عام 2013 دراسة وتقويم وعرض، (الشارقة: جامعة الشارقة، 2014).
  23. الخطيب، عبد الله، حول ترجمة معاني القرآن الكريم للمستشرق ج. م. رودويل، نشر سابقا في حولية كلية أصول الدين والدعوة الإسلامية بطنطا، العدد السابع عشر لعام 2006، ص: 5715-5790.
  24. الخطيب، عبد الله، دراسة نقدية لترجمة ن ج داود للقرآن إلى الإنجليزية، مجلة التجديد، العدد الحادي والعشرين، 2011.
  25. الخطيب، عبد الله، موسوعة القرآن الكريم، نظرات في إشكالية الموضوعية والتحيز، رؤية معرفية، ضمن كتاب: القرآن الكريم من التنزيل إلى التدوين (2)، (لندن، مؤسسة الفرقان، 2020) ص: 469-527.
  26. الخطيب، عبد الله، ومسلم، مصطفى، المناسبات وأثرها على تفسير القرآن، مجلة جامعة الشارقة للعلوم الشرعية والإنسانية، المجلد2، العدد2، ربيع الثاني 1426، يونيو 2005.
  27. دراز، محمد عبد الله، مدخل إلى القرآن الكريم عرض تاريخي وتحليل مقارن، ترجمه محمد عبد العظيم علي، (الكويت، دار القلم، 1984).
  28. الدقيقي، رضا محمد، كتاب تاريخ القرآن للمستشرق الألماني تيودور نولدكه: ترجمة وقراءة نقدية: الوحي إلى محمد صلى الله عليه وسلم بين الإنكار والتفسير النفسي، (قطر: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، 2008)، ط1.
  29. ديروش،  فرانسوا، المحاضرة الثانية بعنوان: التدوين المقدس للمصحف في الروايات الإسلامية، la tradition musulmane et la canonisation ،  ألقيت في باريس في الكوليج دي فرانس،  7 أبريل، 2015، ص: 5. Muslim Tradition and Canonization - History of the Qur'an. Text and transmission - François Déroche - Collège de France - 07 April 2015 14:30 (college-de-france.fr) ، retrieved on 3-7-2022.
  30. ديروش،  فرانسوا، المحاضرة الرابعة بعنوان: النسخة الرسمية للمصحف والنقد التاريخي، Vulgate coranique et critique historique،  ألقيت في باريس في الكوليج دي فرانس،  19 مايو،  2015.
  31. Vulgate coranique et critique historique - Histoire du Coran. Texte et transmission - François Déroche - Collège de France - 19 mai 2015 14:30 (college-de-france.fr)، retrieved on 3-7-2022
  32. ديروش، فرانسوا،  الكتاب العربي المخطوط: مقدمات تاريخية، ترجمة مراد تدغوت، وتقديم فيصل الحفيان، (القاهرة: معهد المخطوطات العربية، 2016)، وكان نشر أول مرة بالفرنسية عام 2005.
  33. الذهبي، سير أعلام النبلاء، تحقيق بشار عواد معروف، (بيروت: مؤسسة الرسالة، لا ت).
  34. ربابعة، محمد، تفسير القرآن الكريم على ترتيب النزول: منبعه وفوائده، دراسات: علوم الشريعة والقانون، مجلد 37، العدد 1.
  35. رشواني، سامر، الموسوعة القرآنية ( Corpus Coranicum) من الفلولوجيا إلى التحليل الأدبي، قراءة نقدية في قاعدة البيانات، مجلة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، المجلد 38، العدد1، 2020.
  36. الرومي، فهد بن عبد الرحمن، دراسات في علوم القرآن الكريم، الرياض: مكتبة الرشد للنشر والتوزيع، 1422/2001)، ط10.
  37. الزرقاني، محمد عبد العظيم، مناهل العرفان في علوم القرآن، حققه فواز أحمد زمرلي، (بيروت: دار الكتاب العربي، 1417/1996)، ط2.
  38. الزركشي، محمد بن بهادر بن عبد الله، البرهان في علوم القرآن، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، (بيروت: دار المعرفة، 1391).
  39. الزنجاني، تاريخ القرآن.
  40. الأعظمي، محمد، النص القرآني الخالد عبر العصور، (الرياض: دار الأعظمي للنشر، 2017م)، ط1.
  41. السيد، رضوان، المستشرقون الألمان: النشوء والـاثير والمصائر، (بيروت: المدار الإسلامي، 2016)، ط2.
  42. السيوطي، عبد الرحمن بن أبي بكر،  الإتقان في علوم القرآن، تحقيق سعيد المندوب، (بيروت: دار الفكر، 1416/1996).
  43. السيوطي، عبد الرحمن بن أبي بكر، أسرار ترتيب سور القرآن، تحقيق عبد القادر عطا ومرزوق إبراهيم، (القاهرة: دار الفضيلة، 2002).
  44. شكري، أحمد، تتبع تاريخ نزول آيات سورة المائدة، مجلة الجامعة الإسلامية للدراسات الإسلامية، المجلد 28، العدد 1، 2020، ص: 154-175.
  45. شكري، أحمد، ونزال، عمران، أهمية العلم بتاريخ نزول القرآن الكريم ومصادره، مجلة المنارة، المجلد 12، العدد 3، 2006.
  46. الصالح،  صبحي، مباحث في علوم القرآن.
  47. الطبراني، أبو القاسم سليمان بن أحمد الشامي، المعجم الكبير، تحقيق حمدي بن عبد المجيد السلفي، الطبعة الثانية، مكتبة ابن تيمية، القاهرة.
  48. طه، طه عابدين، ترتيب سور القرآن الكريم: دراسة تحليلية لأقوال العلماء، مجلة البحوث والدراسات القرآنية، العدد التاسع، السنة الخامسة والسادسة، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، يونيو 2010.
  49. العارضي، محمد جعفر، الترتيب النزولي القرآني مقاربات تحليلية في المعايير والقوائم والأهداف، مجلة المجمع العلمي العراقي، المجلد 69، الجزء 1، شباط 2022، ص: 105-138.
  50. عباس، فضل حسن، إتقان البرهان في علوم القرآن، (عمان: دار الفرقان، 1997)، ط1.
  51. عبد المحسن، عبد الراضي بن محمد، مناهج المستشرقين في ترجمات معاني القرآن الكريم: دراسة تاريخية نقدية، ندوة ترجمة معاني القرآن الكريم، تقويم للماضي وتخطيط للمستقبل، 10-12 صفر 1423 الموافق 23-25 أبريل 2002، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف، المدينة المنورة.
  52. العسقلاني، أحمد بن علي بن حجر، ، فتح الباري، (بيروت: دار المعرفة، 1379 هـ)، ط3.
  53. علي، محمد مهر، ترجمة معاني القرآن الكريم والمستشرقون-لمحات تاريخية وتحليلية.
  54. العنزي، علي ذريان،  ترتيب الآيات والسور في المصحف الشريف: حكمه بين التوقيف والاجتهاد وأثره في أحكام القراءة والكتابة، مجلة العلوم الشرعية، جامعة القصيم، المجلد 12 ، العدد 5، 2019.
  55. العنزي، علي ذريان، العدل والإحسان في تحرير اعتراضات ابن مسعود على مصحف عثمان رضي الله عنهما: دراسة تحليلية نقدية، مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية، المجلد 26، العدد 87، 2011.
  56. غطاس، محمود محمد، الترتيب النزولي للقرآن الكريم "سوره وآياته" بين الحقيقة والخيال دوافعه وغاياته: القصة الكاملة للترتيب النزولي منذ نزول القرآن الكريم وإلى العصر الحديث، مجلة قطاع أصول الدين، جامعة الأزهر، العدد 3، الجزء 1، يناير 2008، ص: 1-197.
  57. فارس، طه، تفاسير القرآن حسب ترتيب النزول دراسة وتقويم، (عمان، دار الفتح للدراسات والنشر، 2011).
  58. فرحات، أحمد حسن، في علوم القرآن- عرض ونقد وتحقيق، (عمان: دار عمار للنشر والتوزيع، 2000).
  59. القاضي، نجلاء عبد العزيز، موقف ابن مسعود رضي الله عنه من جمع القرآن، مجلة جامعة الملك عبد العزيز: الآداب والعلوم الإنسانية، المجلد 29، العدد 2، 2021.
  60. القرطبي، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد، الجامع لأحكام القرآن، تحقيق: أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش، الطبعة الثانية، 1384هـ - 1964 م، دار الكتب المصرية.
  61. القرطبي، محمد بن أحمد، الجامع لأحكام القرآن، تحقيق هشام البخاري، (الرياض ، دار عالم الكتب ،   1423 هـ/ 2003 م).
  62. القرطبي، محمد بن أحمد، تفسير القرطبي،  تحقيق عبد الله بن عبد المحسن التركي، (بيروت: مؤسسة الرسالة ، 2006).
  63. القضاة، أحمد محمد مفلح، دراسات في علوم القرآن والتفسير، (عمان، 2005)، ط1.
  64. القطان، مناع،  مباحث في علوم القرآن، (الرياض: مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، 1417/1996)، ط2.
  65. المزي، أبو الحجاج جمال الدين يوسف بن عبد الرحمن (ت 742 هـ)، تهذيب الكمال في أسماء الرجال، تحقيق بشار عواد معروف، الطبعة الأولى، 1980، مؤسسة الرسالة، بيروت.
  66. مقدمتان في علوم القرآن ، مقدمة ابن عطية ، ومقدمة كتاب المباني، تحقيق جفري آرثر  وتصويب عبدالله اسماعيل الصاوي ، (القاهرة ، 1972).
  67. النورسي، سعيد، المكتوبات، ترجمة إحسان قاسم الصالحي، (القاهرة: دار سوزلر للنشر، 1413/1992).
  68. نولدكه، تيودور، تاريخ القرآن، تعديل فريديريش شفالي، ترجمة جورج تامر وآخرين، (كولونيا: ألماني: منشورات دار الجمل، 2008).
  69. الهيثمي، أبو الحسن نور الدين علي بن أبي بكر بن سليمان (ت 807 هـ)، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، تحقيق حسام الدين القدسي، طبعة 1414 هـ، 1994 م، مكتبة القدسي، القاهرة.

ثانيا- المصادر والمراجع الأجنبية:

References

  1. Böwering, Gerhard, “Chronology and the Qurʾān”, in: Encyclopaedia of the Qurʾān, General Editor: Jane Dammen McAuliffe, Georgetown University, Washington DC. Consulted online on 22 June 2022.http://dx.doi.org.qulib.idm.oclc.org/10.1163/1875-3922_q3_EQCOM_00034. See also Andrew Rippin, Reading the Quran with Richard Bell”, Journal of the American Oriental Society, vol.112, issue 4,  October-December 1992, p.641.
  2. Burton, John, “The Collection of the Qurʾān”, in: Encyclopaedia of the Qurʾān, General Editor: Jane Dammen McAuliffe, Georgetown University, Washington DC. Consulted online on 4-7-2022.
  3. Cellard, Eleonore, & Cimiotti, Sabrina, Codex Amrensis 1, (Leiden: Brill, 2017).
  4. Davenport, John, An Apology for Mohammed and the Koran (London: Forgotten Books, 2018) Pages 179. (London: J. Davy and Sons, 1869).
  5. Dawood, N.J., The Koran Translated , (London: Penguin Books, 1993).
  6. Déroche, François, La transmission écrite du Coran dans les débuts de l'islam : Le codex Parisino-petropolitanus, (Leiden: Brill, 2009).
  7. Déroche, François, Qur’ans of the Umayyads: A First Overview, (Leiden: Brill, 2014).
  8. Fedeli, Alba, Early Qur'ānic Manuscripts, Their Text, and the Alphonse Mingana Papesrs Held in the Department of Special collections of the University of Birmingham, Ph.D Thesis, 09/07/ 2015, Birmingham  University,  College of Arts and Law, Institute of Textual Scolarship and Electronic Editing. the University of Birmingham repository: https://etheses.bham.ac.uk/id/eprint/5864/). Retrieved on 21-5-2022.
  9. Hilali, Asma, The Sanaa Palimpsest: The Transmission of the Qur’an in the First Centuries AH, (London: the Institute of Ismaili Studies,  Oxford University Press, 2016).
  10. Kidwai, Abdur Raheem, Translating the Untraslatable, A Critical Guide to 60 English Translations of the Quran, (New Delhi: SarupBook Publishers, 2011).
  11. Palmer, E. H., The Quran, in The Sacred Books of the East, ed. F. Max Muller, (Oxford: Clarendon Press, 1880).
  12. Pink, Johanna, Quran translation of the week No 104: Doing Away with King James Style: N. J. Dawood’s The Koran, in:https://gloqur.de/quran-translation-of-the-week-104-doing-away-with-king-james-style-n-j-dawoods-the-koran/
  13. Rashwani, Samer, “Corpus Coranicum from Philology to Literary Analysis: A Critical Vision”, Journal of College of Sharia and Islamic Studies, 38, no.1, (2020)
  14. Rizwan, Yefim, The Quran of Uthamn: St. Petersburg, Kattalanggar, Bukhara, Tashkent, (St. Petersburg: St. Petersburg Center for Oriental Studies, 2004) Vol. 1.
  15. Rodwell,  J. M., The Koran, (London: Williams and Norgate, 1861), 1st. ed.
  16. Rodwell,  J. M., The Quran: Translated from the Arabic, ed. Alan Jones, (London: Everyman, 1999).
  17. Sarwar, Al-Hafiz Ghulam, Translation of the Holy Quran, from the Original ArabicText with Critical Essays, Life of Mohammad, Complete Summary of Contents, (Woking, Surry:nd.), 1st.  ed..
  18. Watt, W. Montgomery, Bells Introduction to the Quran, (Adinburgh: Adinburgh University Press, 1997).
Back to Top