نظمت مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، بالاشتراك مع مؤسسة دار الحديث الحسنية، دورة تكوينية دولية في "تحقيق مخطوطات السيرة النبوية وسير الأعلام والتاريخ"، وذلك برحاب مؤسسة دار الحديث الحسنية بالرباط من 2 إلى 7 جمادى الثانية 1439هـ، الموافق لـ 19-24 فبراير 2018م، بحضور علمي وازن من المغرب ومن خارجه، وقد شارك في تأطير هذه الدورة ثلاثة عشر أستاذا باحثا متخصصا.
قد افتتح هذا المؤتمر بآيات من الذكر الحكيم، تلته الجلسة الافتتاحية التي تناول الكلمة فيها كل من السيد المدير العام لمؤسسة دار الحديث الحسنية، الأستاذ الدكتور أحمد الخمليشي، الذي عبر عن سعادته الغامرة بافتتاح هذه الدورة المباركة التي أضحت قبلة الباحثين في التراث من مختلف أنحاء المعمورة، ورحب فيها بضيوف المغرب وبالأساتذة المشاركين في تأطير هذه للدورة، وبالباحثين المستفيدين منها، وختم كلمته بالإعراب عن استعداده الدائم للتعاون مع مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي لإنجاز كل المشاريع التي تسهم في تأطير الباحثين في المغرب.
وتناول بعده الكلمة السيد المدير التنفيذي لمؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، الأستاذ صالح شهسواري، الذي رحب بالسادة العلماء والباحثين المشاركين في الدورة، وشكرهم على حسن تعاونهم مع اللجنة العلمية المنظمة لهذه المأدبة العلمية، مع رجائه الصادق لهم بمقام طيب في مدينة الرباط، ودوام النجاح والتَّألق العلمي. وذكَّر بأن هذه الدورة تأتي تتميما لمجهودات المؤسستين في الدورات السابقة، وللخط الذي رسمته المؤسسة في مجال تأطير الباحثين العاملين في مجال التراث الإسلامي فهرسة وتحقيقا.
وتناول الكلمة بعد ذلك الدكتور بشار عواد معروف، بالنيابة عن الأساتذة والباحثين، فشكر المملكة المغربية لاحتفائها بالعلم وأهله، وشكر المؤسستين على الجهود التي بذلاها لعقد هذه الدورة العلمية.
وقد تلت الجلسة الافتتاحية، الجلسة العلمية الأولى، وذلك بمحاضرة افتتاحية تحت عنوان "مقدمة عامة عن تحقيق مخطوطات السيرة"، ألقاها الأستاذ الدكتور محمد يسف، وتولى تسييرها الدكتور عبد الحميد عشاق، وتناول فيها الأستاذ المحاضر مجهودات المغاربة في العناية بالسيرة النبوية.
أما الجلسة العلمية المسائية، فقد ألقى فيها الدكتور بشار عواد معروف محاضرة عامة بعنوان "ابن عبد البر وكتابه التمهيد"، تناول بالعرض والتحليل الخطوات المنهجية التي سلكها في تحقيق هذا الكتاب، من مرحلة جمع النسخ الخطية للكتاب، إلى مرحلة صنع فهاس الكتاب وكشافاته، وقد تولى رئاستها الدكتور أحمد شوقي بنبين، وتميزت بحضور ثلة كبيرة من العلماء والباحثين.
تلت هذه المحاضرة الورشة التَّطبيقية الأولى في الدورة وكانت تحت عنوان المعايير العلمية في اختيار المخطوطات التي تصلح للتحقيق في إطار أكاديمي، وقد تولى تأطيرها الأساتذة محمد سعيد حنشي، وعبد العالي لمدبر، وطارق طاطمي، وبوشتى الزفزوفي.
أما اليوم الثاني من الدورة، وهو يوم الثلاثاء 20 فبراير، فقد افتتح بمحاضرة الدكتور محمد سعيد حنشي حول "بعض صعوبات التحقيق وطرق تذليلها"، وتناول فيها ثلاث صعوبات أساسية، هي: اختيار الكتاب المخطوط الذي يستحق أن يحقق قبل غيره في تخصص بعينه، وإعداد تقرير علمي رصين عن مشروع الكتاب المرشَّح للتَّحقيق، والبحث عن النسخ الخطية للكتاب وجمعها ودراستها دراسة صحيحة، وختم محاضرته بدراسة تطبيقية لعملية دراسة النُّسَخ الخطية للكتاب الواحد.
تلتها محاضرة للدكتور أنس وكاك، تحت عنوان "تحقيق مخطوطات السيرة النبوية والتاريخ: قضايا ونماذج"، مستعرضا بعض النماذج والقضايا التي وقف عليها من خلال تحقيقه لتراث العلامة ابن دحية الكلبي.
وفي الجلسة المسائية ألقى الدكتور أيمن فؤاد سيد محاضرة بعنوان "النَّشرات النقدية للنصوص التاريخية"، واستعرض فيها تجربته في إخراج خطط المقريزي من مسوَّدته ومبيَّضته، وألمح إلى عمله في تحقيق فهرس النَّديم، وجهوده في جمع النسخ الخطية للكتاب ومنهج دراستها.
تلت هذه المحاضرة الورشة التطبيقية الثانية التي تناول فيها الأساتذة المؤطرون القواعد العلمية لدراسة النسخ الخطية للكتاب المزمع تحقيقه.
أما اليوم الثالث من الدورة، فقد افتتح بمحاضرة الدكتور قاسم السامرائي، وكانت تحت عنوان "السيرة النبوية بين التَّحقيق والتَّلفيق"، وبين فيه أن التأليف في السيرة النبوية ليس أمرا يقوم به من شاء كما شاء، وإنما له أصول وضوابط سطرها أرباب هذا العلم.
تلتها محاضرة للدكتور محمد بن الحسين باقشيش، تحت عنوان "المصادر الأولى في السيرة النبوية وأهميتها: المنتخب من مغازي موسى بن عقبة نموذجا"، واستعرض فيها المصادر الأولى في السيرة النبوية وأهميتها.
وفي الحصة المسائية تم عقد ورشتين تطبيقيتين، مَرَّنَ فيهما الأساتذة المؤطرون الطلبة المشاركين في الدورة على قراءة الكتاب المخطوط والتَّعرف على الخط والرموز المستخدمة في النسخ، وطريقة النسخ السليم لمتن الكتاب، وتنظيمه إلى فقرات، وضبطه ومقابلته.
أما اليوم الرابع من الدورة فقد افتتح بمحاضرة الدكتور عبد الرحمن راشد الحقان، تحت عنوان "تقيق السيرة بين القدماء والمحدثين: مغلطاي بن قليج نموذجا"، التي تناول فيها قواعد تحقيق كتب السيرة بين القدماء المحدثين، وقد اتخذ ابن مغلطاي نموذجا من خلال كتابيه الإشارة والزهر الباسم.
تلتها محاضرة للدكتور بشار عواد معروف حول "تحقيق النسخة الفريدة: تاريخ البرزالي نموذجا"، وذكر فيها قواعد تحقيق النسخة الفريدة، والصعوبات التي تكتنف هذه العملية، والدُّربة التي يتوجب توفرها في المقدِمِ على هذه التجربة.
وفي الحصة المسائية تم عقد ورشتين تطبيقيتين، تحدث فيهما الأساتذة المؤطرون عن تقنيات صنعة مختلف الهوامش التي ينبغي أن يُحلى بها التحقيق.
أما اليوم الخامس من الدورة فقد افتتح بمحاضرة الدكتور عبد الرحمن راشد الحقان حول "تقيق السيرة بين القدماء والمحدثين: محود شاكر نموذجا"، تناول فيها قواعد تحقيق كتب السيرة بين القدماء، وقد اتخذ تحقيق شيخ المحققين العرب محمود شاكر لجمهرة نسب قريش وأخبارها للزبير بن بكار نموذجا.
تلتها محاضرة للدكتور بشار عواد معروف حول "تحيق رغبة المؤلف: السِّيرة النبوية وسير الخلفاء الرَّاشدين للإمام الذهبي نموذجا"، وأكد فيها على ضرورة الالتزام بالتعديلات التي يقترحها المؤلف، ولو بعد مرحلة تبييض كتابه.
وفي الحصة المسائية قدم الدكتور أحمد شوقي بنبين محاضرته حول "مفهوم التَّهذيب في التراث العربي: تهذيب ابن هشام لسيرة ابن إسحاق نموذجا".
تلتها الورشة التطبيقية السابعة، التي تناول فيها الأساتذة المؤطرون منهج إعداد دراسة علمية ومقدمة وصفية دقيقة لمشروع تحقيقهم.
وافتتح اليوم السادس والأخير من الدورة بمحاضرة للدكتور بشار عواد معروف حول "تحقيق النسخة التي بحط المؤلف: كشف الظنون نوذجا"، حيث قدم نماذج تطبيقية من خلال تحقيقه لكتاب كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، لحاجي خليفة، كما ذكر نماذج من الأوهام التي يمكن أن تقع فيها والتي ينبغي التنبيه إليها.
تلتها الورشة التَّطبيقية الثامنة، وتناول فيها الأساتذة المؤطرون الضوابط العلمية لإعداد الفهارس الشاملة للكتاب المحقق.
وفي نهاية كل محاضرة أو ورشة خلال أيام هذه الدورة دارت مناقشات نافعة مفيدة، تناولت مجموعة التَّنبهات والتَّعليقات والاستفسارات والنُّكت والفوائد.
وفي الحصة المسائية تم عقد الجلسة الختامية للدورة، وتناول الكلمة فيها كل من الأستاذ الدكتور أحمد الخمليشي، الذي شكر مؤسسة الفرقان، والأساتذة المشاركين، واللجنة المنظمة، وجدد استعداده للتعاون مع مؤسسة الفرقان في كل المشاريع العلمية التي تخدم العلم والعلماء بالمغرب. أما كلمة الأستاذ محمد دريوش، الذي ألقى الكلمة باسم مؤسسة الفرقان، فقد شكر فيها كل من أسهم من قريب أو بعيد في تنظيم هذه الدورة المباركة وتأطيرها، وجدد التأكيد على استعداد المؤسسة التي يمثلها على تنظيم كل الأنشطة العلمية التي تخدم العلم والعلماء في المجالات التي تهتم بها المؤسسة. أما كلمة السادة الأساتذة، فقد ألقاها بالنِّيابة عنهم الأستاذ الدكتور بشار عواد معروف، الذي شكر المؤسستين على حسن تنظيم هذه الدورة، ودقة انتقاء المستفيدين منها، والذين أسهموا بإنجاحها وإثراء محاضراتها وورشاتها التطبيقية بتعليقاتهم المفيدة، وأسئلتهم السديدة.
وقد تم بعد ذلك توزيع الشهادات على مستحقيها من الباحثين المشاركين، وأخذ صورة جماعية تذكارا للدورة.
أعمال الدورة التدريبية على قناة اليوتيوب
