أنظار حول كتاب العبر و ديوان المبتدأ و الخبر لابن خلدون

03.02.2012
الرباط، المملكة المغربية
المحاضرات مركز المخطوطات
شارك:

شهد مدرج الشّريف الإدريسي بكليّة الآداب بجامعة محمّد الخامس بالرّباط، يوم الاثنين 21 ربيع الأول 1433 هـ الموافق لـ 13 فبراير 2012م، محاضرة تحت عنوان أنظار حول كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر لابن خلدون، ألقاها الأستاذ الدكتور إبراهيم شبّوح، عضو مجلس خبراء مركز المخطوطات بمؤسّسة الفرقان، والتي نظّمتها المؤسسّة ضمن فعاليّات معرض المغرب للكتاب. وأدار هذه الجلسة الدكتور الجيلالي العدناني، أستاذ التّاريخ بالكليّة. وبعدما قدّم في مستهلّ هذا اللقاء نبذة عن موضوع المحاضرة والحياة العلميّة للمحاضر، أوضح بأنّ الأستاذ شبّوح يقوم حاليًّا بتحقيق وتحرير كتاب العبر، مستندًا في ذلك على أصول المؤلّف التي تحمل مراجعاته وحواشيه، وقد قضى في التعرّف عليها وتجميعها نحو ثلاثة عقود، وقد نشر من الكتاب لحد الآن 12 من 14 جزءً، كما سوف يعدّ لها فهارسها في مجلدين.

gallery-1025.jpg
الأستاذ الدكتور إبراهيم شبّوح

اعتمد الأستاذ شبّوح في إعداد النشرة النقديّة للكتاب على نخبة من العلماء المتخصّصين في الحقب التي يتناولها الكتاب من الدول العربيّة، والأوروبيّة. وبعد أن وضع للكتاب منهجًا علميًّا يوحّد طريقة العمل، توّلى الأستاذ شبوح الجزء الخاص بالدول الإفريقية وبأنساب العرب وأنساب البربر، وأودع خبراته مع ابن خلدون في هذا الكتاب الذي أعدّه عن تأريخ التّاريخ.

استهلّ الأستاذ شبّوح محاضرته بنبذة عن أهميّة العالم والمؤرّخ ابن خلدون، واصفًا إيّاه بأنّه رمزٌ من رموز التنوير، وقيمةٌ إنسانيةٌ كبرى، وقد تمدّد وطنه في الشرق والغرب، و لقي اهتمامًا لم يلقه أكثر علماء المسلمين عطاءً و إدراكًا. ثمّ تناول موضوع جمع أصول كتب ابن خلدون الصّحيحة بخزائن المكتبات في الدّول العديدة، ونشرات الكتاب وترجمتها، وبعدما تُرجم كتابُه الأوّل الذي اشتهر بـالمقدّمة، تداول اسمه الباحثون وعلماء الغرب الذين أشاعوا أنّ ابن خلدون هو مؤسّس علم الاجتماع، وأنّ كتاب المقدّمة هو عملٌ رائدٌ ومبكّرٌ في تأصيل هذا العلم.

وقد استوقفت المحاضر أنظار أربعة هي:

النظر الأول: إشكالية أي الكتب من العبر بدأ ابن خلدون بكتابتها، ليؤكّد المحاضر بأنّ المقدّمة هي ما استهلّ به الكتاب، مستدلًّا بكلام ابن خلدون بأنّه أكمل المقدّمة في الخلوة بعد أن قام بالاطلاع والتنقيح والتّصحيح، ثمّ كتب كتاب أخبار العرب والبربر وزناتة، مضيفًا أن ابن خلدون قد كتب كتاب المقدّمة في خمسة أشهر وأتمّها في عام 779هـ.

النظر الثاني: هو تردّد لفظ «اعتبر» الذي يأتى في آخر فصول الكتاب بصيغة ثابتة ومعاني متصرّفة، ليقول إنّ هذا هو سمة لمرونة الفكر، وإثارة البحث والتأمّل، والمقارنة، والمقايسة. كما أنّ معنى العبر التي سمّى به كتابه، لا يقف عند معنى الموعظة التي ذهب إليها تلميذه المقريزي في كتابه المواعظ والاعتبار، وإنّما يقصد بها النّظر في حقائق الأشياء ومجرياتها، والتي ينظّم بها أمر المجتمعات، وتعمير الأرض.

النظر الثالث: ما يُثار حول مصادر ابن خلدون الفكرية، حيث قامت بعض كتب التراجم بالتشنيع عليه، وأنّه استخدم مصادر فكريّة لم يشر إليها، إضافة إلى أنّ بعض الأصوات نسبت البنية العقليّة لـلمقدّمة لـرسائل إخوان الصفا، والتي لم يرد لها ذكر في عمله، ليردّ بالقول بأنّ ابن خلدون دخل مصر سنة 784هـ، أي بعد انقضاء دولة الفاطميين والقضاء على تراثهم الفقهي، حيث بُنيت المدارس الأيّوبية لتجديد مذاهب أهل السنّة، إذ لا يمكن أن تجد لكتب دولة الفاطميين المحظورة مكاناً، وخاصة بعد انتشار كتب أهل السنّة.

النظر الرابع: تقسيم ابن خلدون لأجيال العرب إلى أربعة أقسام: العرب العاربة، و العرب المستعربة، و العرب التابعة للعرب، والعرب المستعجمة.

وقال المحاضر بأنّ الخطة التي قدّرها ابن خلدون في المرحلة المغربية كانت عن العرب والبربر، وعندما هاجر إلى مصر، اهتم بأخبار العجم وأقحمهم في كتابه، ممّا جعله يتطلّع على عالم الإسلام الواسع بحدوده وشعوبه، ويعيد النّظر في رؤية جديدة للتاريخ، وترتيب لم يسبق إليه، وقد رتّب كتابه على مقدّمة وثلاثة كتب.

1025-05.jpg
الأستاذ الدكتور إبراهيم شبّوح يعرض إحدى الصور للمخطوطة

وختم الأستاذ شبوح محاضرته بعرض بعض نماذج من خط ابن خلدون، ورسم بياني للمخطوطات التي اعتمد عليها مع تواريخها، ثّم دار نقاش بعد المحاضرة التي حضرها لفيف من الأساتذة وطلبة الدكتوراه وباحثين وبعض الشخصيّات الثقافيّة والسياسيّة الهامّة، من ضمنهم معالي سفير الجمهورية التونسيّة بالمغرب، السيّد رافع بن عاشور.

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

Back to Top