العقيدة الإسلامية: نظرات مقاصدية (1)

شارك:

في رحاب كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية في المغرب، نظم مركز دراسات مقاصد الشريعة الإسلامية بمؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، وكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية، ومختبر الأبحاث والدراسات في العلوم الإسلامية بالكلية نفسها، ومركز المقاصد للدراسات والبحوث بالرباط، يومي 7 و8 ربيع الآخر 1444ه/ الموافق 2 و3 نوفمبر 2022م، دورة علمية تحت عنوان “العقيدة الإسلامية: نظرات مقاصدية”، وهي الدورة الأولى التي يتوخى منها تفعيل علم المقاصد في مباحث وقضايا العقيدة الإسلامية، لأهمية ذلك في توجيه الدرس العقدي، حتى يكون ذا ثمرة مرجوة، وغاية مقصودة.

اليوم الأول: الأربعاء 02 نوفمبر 2022م    الجلسة الافتتاحية

انطلقت الجلسة الافتتاحية بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم، تلاها الدكتور المقرئ مولاي الحسن البرهومي، ثم أعقبتها كلمات تريحيبية للجهات المنظمة للدورة:

فقد رحب نائب رئيس جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء في بداية كلمته بالحضور، وبين أهمية البحث في موضوع العقيدة الإسلامية، والخوض في مقاصدها، وأنه من أشرف العلوم، وأجلها قدرا، وأوجبها مطلبا، لأنه يختص بالله تعالى وأسمائه وصفاته، ولأنه مفتاح الطريق إليه، وأساس شرائعه، ووضح أن القضية المهمة في هذا العلم ارتباطه بالمقاصد، لأهميتها، ولارتباطها بحقيقة الإيمان، ولكونها تهدف إلى تحرير العقل والفكر من التخبط الناشئ عن فراغ القلب من هذه العقيدة.

وتلته كلمة السيد الدكتور عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية، حيث كما قال بكلمات معدودة، رحب بالضيوف وبالطلبة والعلماء، وأكد على أن هذا اللقاء ذو أهمية بالغة، لما نحن في حاجة ماسة إليه، من ابتكارات ليس في المجال الدين فحسب، وإنما في كافة مجالات البحث العلمي، والتي تخدم الإنسانية كافة، وتخدم أمتنا خاصة حفاظا على هويتنا، كما هي محددة في مرجعيتها الخاصة، برؤيتها، وهويتها وثقافتها.

وأعقبته كلمة المدير التنفيذي لمؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، السيد صالح شهيسواري، رحب فيها بالسادة العلماء والأساتذة والطلبة، ومعبرا عن تحيات إدارة مؤسسة الفرقان، ورئيسها السيد شرف أحمد زكي يماني وتطرق فيها إلى بيان أهمية موضوع هذه الدورة الذي اختص بمقاصد العقيدة الإسلامية، لأهميته البالغة، توجيها وتسديدا وترشيدا، الذي يعتبر أسمى المقاصد، الذي جاء من أجله هذا الدين الحنيف، والذي هو رحمة للعالمين.

وتأتي أهمية هذه الدورة خاصة في زمننا هذا، الذي طغت فيه المادة على حساب الروح، وطغى فيه الشكل على المضمون، وطغت فيه العدمية على حساب المعنى. ثم ما فتئنا نسمع عن حركات إلحادية حتى في بلاد المسلمين، من هنا جاءت هذه الدورة لتنظر في العقيدة الإسلامية التي ترسخ معنى الحياة، وفي نهاية المطاف تحقق أقصى مقصد وهو تكريم الإنسان، الذي كرمه الله سبحانه وتعالى

وبعده جاءت كلمة نائب مدير مركز المقاصد للدراسات والبحوث بالرباط الدكتور الحسين الموس، وقد رحب بدوره بجميع المشاركين، والمنظمين، وعلى رأسهم مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، وعميد كلية الآداب بالمحمدية والمختبر. وبين أهمية الدورة التي ستكون بمثابة مصباح يستضيء به الأساتذة والطلبة والباحثون، من أجل تعميق البحث في هذا الموضوع العام، الذي ستكون له انعكاسات على البشرية، نظرا لتغييب الروح والإيمان عن الحياة الاجتماعية. وأكد على أن هذه الدورة ستجيب عن العلاقة بين العقيدة والشريعة، وأهمية المقاصد في ذلك. وختم كلمته بالشكر الجزيل لكل من راعى هذه الدورة.

وجاء بعده كلمة الدكتور مولاي المصصطفى الهند باسم كلمة مختبر الدراسات والأبحاث في العلوم الإسلامية. وقد رحب بالحضور والهيئات المنظمة وبالحضور والعلماء، وأكد بأن المختبر يسهم في هذه الدورة اقتناعا من فرق بحث المختبر بأن النظر المقاصدي له من المكنة المنهجية والمعرفية ما يستطيع به الإجابة عن كثير من الأسئلة الحارقة، وكثير من القضايا المقلقة المرتبطة ببعض جوانب العلوم الإسلامية، وخاصة النوازل التي يعرفها الفكر الإسلامي المعاصر. ووضح أن هذا النظر المقاصدي قد يرقى أن يصير واجبا وقتيا حين يرتبط الأمر بدراسة العقيدة الإسلامية، إذا وجد من يتقن ذلك. وختم كلمته بالشكر لكل المساهمين والمشاركين، وشكر العلماء ورئاسة الجامعة والعمادة والمؤسسات المنظمة.

وفي سياق بيان أهمية موضوع الدورة من حيث ظروفه وسياقاته، فقد تكفلت المداخلات الآتية بذلك:

المداخلة الأولى للدكتور محمد سليم العوا.

تحدث الدكتور محمد سليم العوا عن الأصل الذي يصدر عنه كل ما يتعلق بهذه الملة الإسلامية، الأصل هو العقائد، وإذا صحت العقائد كان غيرها أولى بأن يكون صحيحا، وإذا فسدت العقائد كان غيرها أكثر منها فسادا، وقولي بصلاح العقائد أو فسادها، لا يعني ذلك أنها صالحة أو فاسدة في ذاتها. فالعقيدة المتلقاة من الله تعالى عن طريق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم عقيدة سديدة صالحة بكل المقاييس، لا تحتمل أن يطعن فيها. وإنما القصد بصلاحها أو فسادها هو تلقي هذه العقيدة.

وأكد أيضا على أن المقصود بصلاح العقيدة أو فسادها من جهة تدبيرنا لها، فالعقيدة تحكم على أعمالنا كما يحكم الفقه بالصلاح أو الفساد، بحسب اتساق أعمالنا وأحوالنا مع الأصول العقدية، التي أوجب الله تعالى علينا الإيمان بها. واعتبر فضيلته أن هذه الدورة تمثل الوقفة الكبرى بالنسبة لما مضى للنظر في مقاصد عقيدتنا، بناء على أن الصواب أو الخطأ في ذلك له انعكاسات أخرى.

وأكد على أن هذا الموضوع بالغ الأهمية، ومن ناحية أخرى بالغ الحساسية، لأنه متعلق بالأصل الأول من أصولنا، ويجمع العلماء على ما قاله ابن خلدون على أن العقائد هي أصل التكاليف كلها وينبوعها. وبين سبب البداءة بالمقاصد الأخرى بدل العقائد، لصعوبة الموضوع، فكان البدء بما هو متفق عليه، ثم حتى يتعود الناس الحديث عن تلك المقاصد ولو اختلفوا فيها، ثم ينتهوا بالحديث عن مقاصد العقائد. ووضح أن مقاصد العقائد ليست مختلفة عن مقاصد الشريعة، فهي مقاصد مرتبط بعضها ببعض.

المداخلة الثانية للدكتور عصام البشير.

وقد استهلها بأن العقيدة جاءت لتوحد المعبود وتوحد العابدين في واقع الأمة، الذي غدا في التكفير والتبديع والتفسيق، والمصطلحات التي كان المأمول فيها أن توحد الأمة غدت سبيلا للتفريق كمصطلح أهل السنة والجماعة، مع التوسع في حديث افتراق الأمة، وهو حديث فيه كلام كثير عند المحققين، الذين رفض بعضهم أصل الحديث، وحسنه بعضهم بتعدد طرقه...وقد اختلفو في تفسيره وتفصيله وتنزيله.

واعتبر الدكتور عصام أن ما حصل نتيجة التشظي التي أصابت الأمة في مقتل، وقضية التكفير، وقضية الولاء والبراء المتصل بأصل العقيدة، وقضية الاختلال في مفهوم الحاكمية، التي لها من جهة نسب واتصال بالذات الإلهية، ولها نسب واتصال بالجهد البشري الذي ينشؤه اجتهادا، لتنزيل هداية الدين على واقع الأرض.

ووقف الدكتور عصام على أن المقصد الأسمى من العقيدة هو التعريف بالمعبود سبحانه وتعالى بصفاته وأسمائه الحسنى، بصفات الجلال والجمال والكمال، وانتقد منهج تدريس العقيدة في الجامعات الذي تحولت فيه أمر العقيدة إلى جدليات، وفلسفات باردة لا تكاد تحرك باعثا، ولا توقظ همة، ولا تشحذ فاعلية، تتنافى مع المقصود الذي قام من أجله هذا البناء، بناء العقائد، لذلك كان علماؤنا يقولون: العلم علمان: علم بالله، وعلم بأمر الله. وكم من عالم بأمر الله، ليس عالما بالله، وكم من عالم بالله ليس عالما بأمر الله. فالعلم بأمر الله هو التفقه في شرعه، ودينه وأمره ونهيه، وحلاله وحرامه. والعلم بالله هذا ثمرة علم العقيدة، الذي يورث محبة الله، وخشيته، وخوفه، ورجاءه والرضا بقضائه، والشوق إلى لقائه، والأنس به سبحانه وتعالى.

المداخلة الثالثة للدكتور مولاي المصطفى الهند.

افتتح مداخلته بأن موضوع مقاصد العقيدة قضية معرفية خطيرة وصعبة، ووقف عند قضية التعليل، التي شكلت في صدر العلوم الإسلامية إشكالا منهجيا ومعرفيا، أجهد الفكر الإسلامي أيما إجهاد، سواء تعلق الأمر بمدرسة الأصول أو مدرسة علم الكلام، فكانت النتيجة هي ظهور علم المقاصد، ولئن استقر الأمر بالتعليل المصلحي عند جمهور العلماء، فإن التعليل في العبادات ومقاصدها أعاد النقاش بينهم في صيغته الحادة إلى مربعه الأول، لكون هذا المجال حساس تتعذر فيه العلة والتعدية.

وقد أبدى الدكتور الهند تخوفا كبيرا في اقتحام مقاصد العقيدة، وذلك أن الحديث عن التعليل هو الحديث عن العقيدة ومقتضياتها، سواء تعلق الأمر بالأفعال، أو الأحكام، أو بهما معا، أو تعلق الأمر بالنظر الأصولي أو المقالي الكلامي، أو بهما معا. وذكر المحاضر أن أكثر أهل العلم مالوا إلى تناول مقاصد العقيدة من باب التزكية، لا من باب التعليل، واعتبر ذلك أهون محامل التعليل، الذي يمكن أن تحمل عليه، لتجنيب صاحبها المزالق والمهالك، الذي يعترض هذا الشأن المقاصدي الوعر.

وأكد الأستاذ الهند أن الحديث عن تاريخ مقاصد العقيدة حمل على هذا المحمل التربوي الصرف، حيث لم يصر علما قائما بذاته شأن علم مقاصد الشريعة، الذي صقلته التراكمات والاجتهادات، ويرجع ذلك حسب الأستاذ إلى غياب الضبط المنهجي والمعرفي، لدرس علم العقيدة من حيث هو مجال علمي محدد، فلم يحظ بما حظيت به المجالات العلمية الشرعية الأخرى.

وختم كلمته بجملة من الملاحظات المقتضبة: 

  • العقيدة الإسلامية أصبحت علما قائما بذاته.
  • تأكيد الحضور الوازن للمقاصد العقدية عند عدد كبير من سلف الأمة وخلفهم، غير أنها حملت على المحمل السلوكي.  
  • الوحدة البنائية للقرآن الكريم والسنة النبوية تضمنهما لكثير من المقاصد العقدية، مع التأكيد على أهم المقاصد، وهو المقصد التصديقي التعبدي.
  • المقاصد العقدية في القرآن الكريم قسم من التعليل المصلحي العام، لا يمكن الاستغناء عنه لما فيه من مصالح للعباد.
  • الحديث عن مقاصد العقيدة في القرآن الكريم والسنة النبوية في طور التأسيس، وستعقبها دورات أخرى مبنية على منهج منضبط.

الجلسة الأولى برئاسة الدكتور محمد سليم العوا

وتلت الجلسة الافتتاحية الجلسة الأولى، وقد استهلت بموضوع الدكتور مصطفى قرطاح حول (نحو مدخل منهجي ومعرفي للمقاصد المؤسسة الحاكمة للعقائد الإسلامية)، فقد بسط الباحث الكلام في هذا الموضوع من خلال مقدمة وستة مباحث. أما المقدمة فقد قدم فيها بعض الدواعي التي تحث على البحث في مقاصد العقائد.

تحدث في المبحث الأول عن أن “مقصود العقائد تحقيق صلاح الإنسان لأجل صلاح العمران”. وفي المبحث الثاني عن “مقصود العقائد تحقيق المعرفة بالله تعالى”. ثم انتقل الباحث في المبحثين الثالث والرابع إلى بيان ما يتحقق عن المعرفة بالله تعالى وباقي أركان الإيمان من مصالح عظيمة. وخصص الباحث المبحث السادس والأخير لبيان مقصد الشارع من الخطاب العقدي، وهو تحقيق الإفهام الذي هو المقصد الأعظم الذي يؤطر هذا الخطاب.

وقد عقب على بحثه الدكتور عمر القشيري، بانيا إياه على ملاحظات وتنبيهات، وأكد أن مما يستفاد من البحث التفريق بين علم العقيدة والعقيدة، وقد عرج على الخلل والانحراف الواقع في علم الكلام من كثرة الجدل. وقد توخى صاحبه إبراز القواعد المهمة في التقعيد المقاصدي وفق منهج “يحدد المبادىء والمنطلقات”.

وقد وقف المعقب عند الاستدراكات، حيث إن المقصد العام من علم العقيدة تزكية اليقين بالأصول الدينية في نفس المعتقد. وختم تعقيبه بمحصلة مفادها، أن أهم الفوائد المجتناة من تحرير الكلام في مقاصد العقيدة بعد تحصيل المعرفة، تحقيق الجمع بين مقصدي الإفهام والعمل بمقتضى ذلك.

ثم قدم بعد ذلك الدكتور الحسان شهيد بحثه الموسوم بـ (المقاصد العقدية الكلية ومسالك الكشف عنها)، وقد مهد لبحثه بأربع مقدمات حاكمة: الأولى: في مهاد الدراسة. والثانية: في التمييز بين مقاصد العقيدة وما قاربها. والثالثة: في فرضية الدراسة وسؤالها. والرابعة: في بحث مسالك الكشف عن مقاصد العقائد.

وقد بنى الدكتور شهيد بحثه هذا على المبحث الأول: في النواظم الكلية للعقيدة ومقاصدها. وقد اندرج تحته المطالب الآتية:  المطلب الأول: ناظم كلية التكريم. والمطلب الثاني: ناظم كلية التزكية. والمطلب الثالث: ناظم كلية الاستخلاف.

والمبحث الثاني: مسالك الكشف عن مقاصد العقيدة. وفيه تناول المسالك والطرق التي بها تكشف وتعرف مقاصد العقيدة، وقد قسمها إلى قسمين: أولها:مسالك جزئية.

وقد قام بالتعقيب عليه الدكتور فريد شكري، حيث نوه بالبحث في تناول المقاصد الكلية، ومسالك الكشف عنها، وذكر أن البحث في المقاصد بحث في المعنى. ولم يفت المعقب أن يقف على تنبيهات مهمة إثراء للبحث وتقويما وتصويبا له، حيث أخذ عليه عدم جلاء ووضوح التفريق، ومواطن الاتصال والانفصال بين العقيدة والإيمان.

وتلاه بعد ذلك بحث الدكتور محمد اصبيحي، الذي اختار له عنوان (مقاصد الإلهيات من خلال كتابي الإيمان والتوحيد من صحيح البخاري) وقد صرح في مقدمته أنه بنى بحثه على سؤال إشكالي عن مدى عناية الإمام البخاري في كتابي الإيمان والتوحيد من صحيحه بأرواح العقائد الإلهية وأسرارها وغاياتها؟

لقد قسم الدكتور اصبيحي بحثه إلى ثلاثة مباحث: الأول وقد خصه بمقاصد الإلهيات الوجدانية الشعورية. والثاني تناول فيه مقاصد الإلهيات العملية والسلوكية. والثالث وقد تطرق فيه إلى مقاصد الإلهيات المآلية الجزائية.

وخلص في الخاتمة إلى أن الإمام البخاري “لم يقتصر في الإلهيات على قوالب الألفاظ ورسوم الجزئيات، بل تجاوزها إلى الأرواح والأسرار، وأن مقاصد الإلهيات متفاوتة إما بالنص، أو الفحوى وهكذا، وكل ذلك كان اجتهادا منه في التدليل على هذا المقاصد.

وقد أردف بتعقيب الدكتور محمد عوام، الذي بين فيه أهمية البحث في حكم ومقاصد وأسرار العقيدة الإسلامية. ثم كشف عن الربط المنهجي بين المباحث التي تناولها الأستاذ اصبيحي، حيث ذهب إلى أنها أمور مرتبط بعضها ببعض. ووقف الأستاذ محمد عوام على الإبداع والتجديد في البحث، حيث إن التراجم تنبئ عن المقاصد، تلميحا وإشارة. ولم يفت المعقب في هذا الصدد أن يلمع إلى بعض الملحوظات المنهجية في البحث، حيث إنه اتسم بكثرة النقول والاستشهادات وكثرة الاستطرادات، مما جعل البحث مقاصد الإلهيات عند البخاري يصاب بالضمور.

اليوم الثاني: الخميس 03 نوفمبر 2022م 

افتتحت الجلسة الثانية برئاسة الدكتور عصام البشير ببحث الدكتور حمزة النهيري، الذي جعل عنوانه (مقاصد العقيدة بين أبي الوليد ابن رشد ونجم الدين الطوفي الحنبلي: مقاربة بين منهجين) تناول هذا البحث  موضوع المقاصد من وجهتين مختلفتين جمعهما همُّ المقاصد في العقائد، وفرقت بينها المذاهب الفقهية والكلامية.. وكان البحث الذي تناوله الباحث مكونا من أربعة مباحث : المبحث الأول سؤال المقاصد في الدرس العقائدي. والمبحث الثاني مقاصد العقائد في المتن الرشدي. والمبحث الثالث تناول فيه الباحث تجليات مقاصد العقاىد في المتن الطوفي. والمبحث الرابع تناول فيه الباحث مقاصد العقائد عند الامامين وطرق استثمارها في الدرس المقاصدي المعاصر مع خلاصة للمباحث وتوصيات

وقد عقب عليه الدكتور عبد الرحمن العمراني، فقد استهل بحثه ببيان أهمية البحث من حيث انسجامه مع موضوع الدورة، وكذلك في سعيه إلى الكشف عن مقاصد العقيدة عند علمين من أعلام الإسلام وهما: ابن رشد والطوفي، فقد عرف الأول فقيها وفيلسوفا، والثاني أصوليا متكلما. ويرى الأستاذ المعقب أن الدراسة قد تكون أمتن، والاستنتاج أتم إذا تمت المقاربة من خلال مؤلفاتهما كاملة، وإلا وجب التقييد في عنوان البحث. وقد انصب تعقيبه على بيان الأفكار التي وردت في البحث، وكذلك على الجانب المنهجي.

ثم جاء بعده بحث الدكتور عبد العظيم الصغيري حول (مقاصد العقائد: من التوحيد إلى الوحدة: سبر في ممكنات الوحدة العقدية في “حلاّل العقد” للطوفي)، وقد استهل بحثه بمقدمة تحدث عما يرومه البحث من تقديم نظرة مقاصدية في الأبعاد والغايات التي تتغى العقيدة تحقيقها، عبر فحص دقيق للمقاصد الكلية التي تثمرها الأبواب الكبرى للعقيدة. وأردف ذلك بكثير من النقط أو العناوين الفرعية التي تحدث فيها عن الموضوع بإسهاب وتفصيل، حيث تناول بالبحث الدراسات ذات الصّلة بالبحث.

وقد عقب عليه الدكتور عبد العزيز كارتي، فوقف على عنوان البحث (من التوحيد إلى الوحدة)، فاعتبر هذا الأصل عاما، لكون دعوة الإسلام قائمة على أصل التوحيد والاعتقاد والوحدة، والناظر في آيات القرآن الكريم يجدها داعية إلى هذا.

وتلاه بعد ذلك بحث الدكتور مولاي المصطفى الهند الموسوم بـ(منهج الإمام أبي بكر البقاعي في بيان المقاصد العقدية لسور القرآن الكريم من خلال كتابه “مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور”) ذكر الأستاذ الباحث في المقدمة أن الهدف من بحثه الإسهام في بيان منهج الإمام أبي بكر البقاعي. ثم قسمه إلى محورين اثنين: خص الأول منه بمنهج الإمام البقاعي بين “نظم الدرر” و”مصاعد النظر”.

وقد قام بالتعقيب عليه الدكتور محمد المنتار، حيث أكد أن الدكتور مولاي المصطفى الهند قد بنى بحثه على منهج صارم، حيث بين منهج الإمام برهان الدين البقاعي في بيان المقاصد العقدية لسور القرآن الكريم، فهو منهج مبني على التيسير في الاستمداد، والبناء المنتخب للأفكار.

وأتبعت هذه البحوث والتعقيبات بالمناقشة

الجلسة الثالثة برئاسة الدكتور أحمد كافي

وقد استهلت ببحث الدكتور عبد النور بزا الموسوم بـ(مقاصد أسماء الله الحسنى وصفاته العلى: دراسة في المباديء والضوابط والتطبيقات) وقد رتبه على مقدمة وثلاثة مطالب، فتناول في مقدمته تهيب العلماء الخوض في أسماء الله تعالى، واعترافهم بأنه مقام صعب المدرك.

وقد تناول في المطلب الأول ماهية المقاصد. وأما المطلب الثاني فقد خصه بمبادئ النظر وضوابط الكلام في مقاصد أسماء الله الحسنى وصفاته العلى. وأما المطلب الثالث فقد تحدث فيه عن مقاصد أسماء الله الحسنى وصفاته العلى.

وقد عقب عليه الأستاذ الحسن السرات ملاحظا عليه أنه وقع في تداخل بين المبادئ والضوابط، وخلط بينها. وذكر أن الباحث بزا لم يعرف القارئ كنه الموضوع الأعظم الذي يخوض فيه، وهو الذي عبر عن خشيته من هذا الخوض وتهيبه منه إسوة بحجة الإسلام. وقد سجل المعقب على الباحث غفلته عن المواضع التي ذكرت فيها الآيات القرآنية المتعلقة بأسماء الله الحسنى.

وقام بعده الدكتور الحسن حما بعرض بحثه حول (المقاصد الاجتماعية للعقيدة في الفكر الإسلامي الحديث مدخل إلى بنية تشكلها المعرفي)، استهل مقدمته ببيان دواعي تناوله لهذا الموضوع، حيث يرى أن تَعطل الأبعاد الاجتماعية لمسائل العقيدة، أدى إلى حجب مقاصدها وآثارها عن الواقع الإنساني.

وقد قسم الباحث حما موضوعه إلى مبحثين، فتناول في المبحث الأول: الاتجاهات الحديثة المؤسسة للأبعاد الاجتماعية للعقيدة. وفي المبحث الثاني تطرق إلى المقاصد العقدية الاجتماعية. وختم بحثه بأن المقصد الأعلى وهو تحقيق خير الإنسان وصلاحه بالتزام أوامر الله ونواهيه.

وقد عقب عليه الدكتور أحمد نصري، حيث عرض في بدايته إلى أهم الأفكار التي تطرق إليها الباحث حما، ثم أتى على تعقب المضمون، حيث قام برصد يكاد يكون شاملا للأعمال الفكرية التي تبنت فكرة البحث، أو لامست بعض قضاياه وموضوعاته في محاولة لتجديد منهج البحث في الفكر الإسلامي المعاصر.

وأعقبه بحث الدكتور حذيفة عكاش، وقد اختار له عوان (مقاصد العقائد في جمع الأمة الإسلامية وإعادة شهودها الحضاري)، وقد نظمه في مقدمة ومباحث. فأما المقدمة فقد أفصح فيها عن أهمية البحث في كونه تأصيلاً علميّاً لمنهج التركيز على قطعيّات العقيدة. وأما المبحث الأول فقد خصه بـمعالم تجديد علم العقائد لتساهم في وحدة العقائد والشهود الحضاري.  وأما المبحث الثاني فقد تناول فيه دور أركان الإيمان في توحيد عقائد الأمة الإسلامية.

وأما المبحث الثالث فقد خصه بـدور مقاصد العقائد في تفعيل عقيدة الأمّة الإسلاميّة. وأما المبحث الرابع فقد جعله في دور عقيدة عالم الشهادة في إعادة المسلمين للشهود الحضاري.

وقد عقب عليه الدكتور محمود النفار، فاستهله ببيان أهمية البحث في التوحيد في ضوء مقصد وحدة الأمة، ثم أردفه ببيان الجديد عند الباحث. ثم أبدى بعض الملحوظات المنهجية والعلمية على البحث منها: أن الباحث جعل الإيمان بعالم الشهادة قسيم الإيمان بعالم الغيب، فرأى المعقب أن ذلك غير مألوف في التراث الإسلامي عامة.

الجلسة الختامية برئاسة الدكتور محمد ادريوش

الجلسة الختامية

وقد تناول فيها الكلمة الأستاذ محمد ادريوش مسؤول المشاريع والمطبوعات بمؤسسة الفرقان والدكتور مولاي المصطفى الهند، والدكتور عصام البشير، ونائب مدير مركز المقاصد للدراسات والبحوث الأستاذ الحسين الموس، وختمت هذه الدورة بقراءة التوصيات.

وختم هذه الندوة المباركة المقرئ مولاي الحسن البرهومي بقراءة آيات بينات من هذه الدورة الذكر الحكيم.

Back to Top