الكتاب العربي المخطوط في شمالي إفريقيا وجنوبي الصحراء

19.03.2013
الدار البيضاء، المملكة المغربية
المحاضرات مركز المخطوطات
شارك:

ألقى العالم الخبير في علم المخطوطات الأستاذ الدكتور أحمد شوقي بنبين، يوم الثلاثاء 17 جمادى الأولى 1434هـ / الموافق لـ19 مارس 2013م، بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ابن مسيك، جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء بالمملكة المغربية، محاضرة تحت عنوان "الكتاب العربي المخطوط في شمالي إفريقيا وجنوبي الصحراء". قدّم المحاضرة وأدار النقاش حولها عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية ابن مسيك، الأستاذ الدكتور عبد المجيد قدوري، والدكتور محمد سعيد حِنشي، الباحث بالخزانة الملكية بالرباط.

1545-02.JPG
الدكتور سعيد حنشي (على اليسار) يقدم الأستاذ الدكتور أحمد شوقي بنبين

استهلّ الدكتور بنبين محاضرته بذكر أهمية دور العلم وخزائن الكتب ومكتبات الزوايا والرباطات التي عنيت بحفظ هذا التراث، مؤكدا أنها لا تنفصل عن البحث في تاريخ الثقافة في هذه البقعة من العالم. ثم أفاض في شرح وضعية المخطوط العربي في إفريقيا الشمالية عبر التاريخ، خصوصا في المغرب والجزائر وتونس وليبيا، ودول جنوبي الصحراء، سواء ما تعلق منه باللغة العربية، أو بإحدى لغات المنطقة كالهوسا والسواحلية التي استعارت الحرف العربي للكتابة. وأضاف أن الجانب الكوديكولوجي في هذه الدول لم يحظ دائما بعناية الباحثين في هذا المجال. أما بالنسبة لمجموعات جنوبي الصحراء، فهو شيء متعسر، وذلك لتباعد أماكن حفظ المخطوطات.

وبعد إسهاب في الشرح في دراسته المسحية عن المخطوط العربي في شمال إفريقيا، انتقل المحاضر إلى التطرق إلى وضعية المخطوطات في جنوبي الصحراء، وذكر عواملها والتي من أهمها ظهور الإسلام الذي استقر في هذه الربوع بعد القرن السادس للهجرة. وقد انتشر الدين في إفريقيا الغربية عن طريق التجارة، حيث كان التجار المسلمون يتعاملون مع ملوك إفريقيا السوداء، إضافة إلى اتصال علماء السودان بعلماء المغرب ومصر خلال زياراتهم لهذه البلدان أو أثناء رحلاتهم إلى الديار المقدسة؛ فكانت اللقاءات العلمية، وتأسيسهم للمراكز العلمية منذ القرن التاسع للهجرة في ولاّته Wallatah في موريتانيا، وكانو Kano في نيجريا، وتمبكتو في مالي، التي كانت أهم هذه المراكز، حين زارها الحسن الوزان الغرناطي الفاسي في القرن العاشر من الهجرة النبوية.

1545-01.JPG
الأستاذ الدكتور أحمد شوقي بنبين

وقد استوقفت المحاضر أسباب ضياع مجموعات كبيرة من المخطوطات ومنها: السرقة والإحراق والإبادة وغيرها. وأنه لم تكن هناك على عهد الحماية والاستعمار سياسة لجمع هذا التراث وصيانته وحفظه من الضياع، بل إن الأجانب من الغربيين قد أساؤوا إلى هذا التراث حيث أحرقوا بعضه، واستولوا على البعض الآخر، وحملوه إلى الغرب. كما أسهم المناخ الحار وموجات الجفاف المتوالية في إبادة الكثير من المخطوطات، حيث اضطر النازحون فرارا من الاستعمار إلى دفن المجموعات تحت الرمال أو تسليمها للذين قرروا المكوث في الصحراء رغم قساوة الطبيعة.

وذكّر الحضور بأن من الأوائل من اهتم بنشر جزء من هذا التراث مستشرقان فرنسيان كبيران هما الإثنولوجي واللساني موريس دولافوس (M. de la Fausse ت 1926) والمستعرب اللامع أوكتاف هوداس (O. Houdas ت 1916).

وبعد أن أعطى لمحة عن خصائص المخطوط الإفريقي والمواد المستعملة فيه كالكاغد والتسفير وأنواع الخطوط وأدوات من أقلام وأحبار وأمدة، ركز المحاضر على أهم الجهود التي بذلت في فهرسة هذه المخطوطات؛ مثنيا على مؤسسة الفرقان مفصلا كل الجهود العلمية المباركة في هذا الشأن.

كما أثنى المحاضر على جهود الباحث الأمريكي الدكتور جون هانويك الذي ألف كتابا ضخما في ستة مجلدات، وقد طبع منها أربعة حتى الان تحت عنوان "تاريخ الأدب العربي في إفريقيا".واختتم المحاضر كلمته بالقول "إن التراث العربي في جنوبي الصحراء لم يحظ بعناية الباحثين من المستشرقين، ولم يولوه العناية نفسها التي خصوا بها التراث المخطوط في شمالي إفريقيا"، مضيفا أن الفهارس التي وضعت حتى الآن غير تامة، وتبقى ناقصة، مادام البحث لم يَطلْ كل المناطق وكلَّ القبائل التي لم تطأها أقدام الباحثين. بل إن ما اكتشف حتى الآن -وهو قليل- لم يكن من شأنه أن يسعف العلماء في البحث في الحياة الثقافية في جنوبيّ الصحراء في القرون الثلاثة الماضية.

1545-05.jpg
جانب من الحضور

وحتى البحث الكوديكولوجي، الذي قد يمكننا من العثور على مفاجآت سارة تتعلق بتكوين المخطوط الإفريقي، لا يمكن القيام به ما لم يتم الوقوف على المزيد من أرصدة هذا التراث.

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

Back to Top