المغرب في المشرق

03.04.2019
لندن، المملكة المتحدة
أنشطة أخرى محاضرات
شارك:

محاضرة عامة بعنوان " المغرب في المشرق"، للأستاذة ماريبيل فييرو

نظمت مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي - ضمن برنامج المحاضرات الموسمية - محاضرة عامة يوم الأربعاء 3 أبريل 2019، في قاعة المحاضرات بمقر الفرقان في لندن. وكان عنوان المحاضرة "المغرب في المشرق"، وقد ألقتها الأستاذة ماريبيل فييرو، الأستاذة الباحثة في معهد لغات وثقافات البحر المتوسط​​(CSIC- أسبانيا).

الأستاذة ماريبيل فييرو

افتتح الأمسية السيد طارق التميمي، المسؤول عن المحتوى والتحرير في المؤسسة، فرحب بالضيوف وشكرهم لحضورهم الأمسية، ثم دعا السيد شرف يماني، عضو مجلس إدارة الفرقان، لإلقاء بعض الملاحظات الافتتاحية.

بدأ السيد شرف يماني بإبلاغ الحاضرين الترحيب الحار من رئيس المؤسسة، الشيخ أحمد زكي يماني، ثم قدم موضوع المحاضرة، قائلاً: "سواء اعتبرناها فترة تاريخية أو منطقة جغرافية، فإن الأندلس في الأعم الأغلب تعد من أهم الفصول في مسيرة البشرية. وفي الواقع، يعتبرها العديد من المؤرخين العصر الذهبي الحقيقي للحضارة الإسلامية، وفي خلاله ولدت مساهمات لا مثيل لها في عالم الفنون والثقافة والعلوم والطب والقانون، بل والحب والحرب كذلك".

واستطرد السيد شرف يماني قائلاً: "مع التراث الدائم للأندلس، ما زلنا نرى المساهمات المثمرة التي قدمت في هذا العالم - عالم اكتسب مكانة أسطورية ما، وثقافة تنتمي إلى أرض الأحلام، ثم قال "أعضاء التجمعات الدينية الثلاث - اليهود، والمسيحيون والمسلمون - خلقوا مجتمعين ثقافة عاشوا فيها حياة مشتركة، وساهموا في صنعها".

في ضوء ذلك، أوضح السيد يماني أن مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي نفسها قد اضطلعت مؤخرًا بتحرير ونشر أعمال أندلسية كبيرة، مثل كتاب " التمهيد" لابن عبد البر، وأنهى كلمته بتبشير الحاضرين بأن المؤسسة ستنشر قريبًا عملاً شقيقاً لكتاب التمهيد، ألا وهو كتاب "الاستذكار لابن عبد البر.

بعدملاحظاتالسيد يماني الافتتاحية، قدم السيد التميمي الأستاذة المحاضرة بكلمة،سلط فيها الضوء على الحقائق التالية: إن الأستاذة فييرو كرست غالبية أعمالها الأكاديمية لدراسة وكشف كل ما يتعلق بالأندلس. وقد توسعت في الكتابة عن التاريخ السياسي والديني والفكري للأندلس والغرب الإسلامي، وعن الشريعة الإسلامية، وبالأخص المذهب المالكي، غير العديد من الموضوعات الأخرى. وقد نشرت تحقيقات لعدد من الكتابات الأندلسية، كما كتبت الكثير عن كتاب ابن رشد، "بداية المجتهد"، والمشروع التربوي الموحدي. وأنهى السيد التميمي تقديمه بنقله عما ورد في كتاب العلامة المغربي الراحل محمد بن شريفة، "ابن رشد: سيرة وثائقية"، الذي أهداه إلى الدكتورة فييرو، ملقباً إياها: بـ"سلطانة العلم والبحث".

تكونت محاضرة الأستاذة فييرو من ثلاثة أقسام: كان أولها لمحة عامة عن المغرب وعلاقته بالمشرق: الجغرافيا والسياسة والتمثيل؛ والقسم الثاني عن المغرب في المشرق، أو، بالعبارة الحديثة، عن "الأعمال الأكثر مبيعًا"؛ والقسم الأخير، " كيف ولماذا انتشرت الأعمال المغربية أو التي كتبها مغاربة في المشرق". وقد فصلت الأستاذة في الحديث بإسهاب عن هذه المواضيع الفرعية، مع تقديم المزيد من المراجع والدراسات للمهتمين. أحد الاستنتاجات المهمة التي تم الوصول إليها، استنادًا إلى تحليل البيانات لعدد كبير من أعمال تراجم الأشخاص الموجودة، هي أن المغاربة قد أبدوا اهتمامهم الشديد بالقراءات القرآنية المختلفة، وكتابة النصوص الصوفية، وموضوع العقيدة ( وهو من الموضوعات التي كادت تنفرد بها الأندلس في فترة من الفترات).

بالانتقال إلى قائمة "الأعمال الأكثر مبيعًا" ( تلك الكتب التي تم نسخها أو الاستشهاد بها واختصارها والتعليق عليها وربما انتحالها)، أوضحتالأستاذة فييرو بأن الأعمال العشرة الأندلسية الكبرى، التي تم العثور عليها في أماكن أخرى من العالم الإسلامي، بما في ذلك عدد المخطوطات الموجودة لكل منها. هذه الكتب العشرة الأوائل كانت بالترتيب:

1. الشفاء للقاضي عياض (المتوفى 544/1149)

2. حرز الأماني في وجه التهاني أو القصيدة الشاطبية للشاطبي (538 / 1143-590 / 1194)

3- ألفية ابن مالك (المتوفى 672/1274)

4. كتاب الجامع لمفردات الأدوية والأغذية لابن البيطار (576/1180 أو 583 / 1187-646 / 1248)

5. رتبة الحكيم لمسلمة بن قاسم (295 / 908-353 / 964)

6. الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ( المتوفى 671/1273)

7. كاشف الأسرار عن علم (الحروف) الغبار للقلاصدي (815/1412؟ - 891/1486)

8. سراج الملوك لـلطرطوشي (حوالي 451 / 1059-520 / 1126).

9. أرجوزة الولدان أو المقدّمة القرطبية

10. الأجرومية لابن أجروم (672 / 1273-723 / 1323)

مما تقدم، يتضح أن أكثر الكتب الأندلسية انتشارا تركزت حول القرآن الكريم، والسيرة النبوية، وعقيدة الإسلام وأركانه الأساسية، وقواعد النحو، والطب، والرياضيات، والأدب والسياسة. وبناءً على الأرقام الإحصائية، تمكنت الأستاذة فييرو من التوضيح بالأرقام أنه في غضون نحو ثلاثة قرون من فتح الأندلس (711م)، كانت الأعمال المتداولة في الأندلس إلى حد كبير كتابات فقهية ودوواين شعرية؛ ومع ذلك، فربما كان غريبًا، أن ستة من أكثر عشرة كتب انتشارا، قد كتبت في القرنين الثاني عشر والثالث عشر، تحت حكم المرابطين والموحدين. وإلى جانب ذلك، لاحظت الأستاذة كيف اكتسب أربعة من علماء الموحدين شهرة كبيرة في المشرق، وهم ابن طفيل ( المتوفى 581/1185)، وابن رشد (المتوفى 595/1198)، وابن ميمون (1204 م) ومحي الدين بن عربي ( المتوفى 638/1240).

اختتمت الأستاذة محاضرتها بالتركيز على أن الأعمال التي تم إنتاجها خلال تلك الفترة - وبعضها من أكثر الكتب انتشارا ذاتها - تميزت بموسوعيتها واعتمادها على القصائد التعليمية. وكان الدافع وراء هذا الأسلوب بالذات هو سعي الموحدين إلى إيجاد سلطة دينية لأنفسهم ذات مصداقية، وإلى تدريب فئة جديدة من الطلاب ومن يرثون حكمهم في المستقبل.

وقد أعقبت المحاضرة فترة للأسئلة والأجوبة، امتازت بأهميتها.

ماريبيل فييرو (دكتوراه، جامعة كومبلوتنسي في مدريد) أستاذة أبحاث في معهد لغات وثقافات البحر المتوسط​​(CSIC- أسبانيا). عملت ونشرت في مجال التاريخ السياسي والديني والفكري للأندلس والغرب الإسلامي، والشريعة الإسلامية، وبناء المرجعية الدينية وقمع الزندقة، والعنف وتناوله في المصادر العربية في العصور الوسطى. ومن مشاريعها البحثية الدائمة: ممارسة المعرفة في المجتمعات الإسلامية وجاراتها (جائزة أنيليز ماير 2014، من مؤسسة ألكسندر فون همبولت)، والسياقات المحلية والديناميات العالمية: الأندلس والمغرب في الشرق الإسلامي (مع مايت بينيلاس؛ بتمويل من وزارة التعليم الإسبانية).

ومن بين منشوراتها: ثورة الموحدين؛ السياسة والدين في الغرب الإسلامي خلال القرنين الثاني عشر والثالث عشر (2012)؛ وعبد الرحمن الثالث: أول خلفاء قرطبة (2005)؛ وهي كذلك محرر المجلد الثاني (غرب العالم الإسلامي، من القرن الحادي عشر إلى الثامن عشر) من تاريخ كامبريدج الجديد للإسلام (2010)؛ كما شاركت معC. AdangوS. Schmidtke، ابن حزم القرطبي: حياة وأعمال مفكر مثير للجدل (2012)؛ المرجعية الدينية والزندقة في الإسلام: مفاهيم نقدية في الدراسات الدينية (2013)؛ وبالاشتراك مع J. Tolan: الوضع القانوني لأهل الذمة في الغرب الإسلامي (2013)؛ و بالاشتراك مع H. Ansari و C. Adang و S. Schmidtke: اتهامات بعدم الإيمان بالإسلام: منظور تاريخي حول التكفير (2015).

أعمال المحاضرة على قناة اليوتوب

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

Back to Top