المقريزي وكتابه المواعظ والاعتبار

03.02.2012
القاهرة، مصر
المحاضرات مركز المخطوطات
شارك:

ألقى الأستاذ الدكتور أيمن فؤاد سيّد، يوم الجمعة 1 ربيع الأول الموافق لـ 3 فبراير 2012، بقاعة الاستثمار، بمعرض القاهرة للكتاب، محاضرة تحت عنوان المقريزي وكتابه المواعظ والاعتبار. قدّم المحاضرة وأدار النقاش حولها كلّ من الدكتور محمد حمزة الحداد، عميد كلية الآثار بجامعة القاهرة، والدكتور قاسم عبده قاسم، أستاذ التّاريخ بجامعة الزقازيق.

1035-01.JPG
الأستاذ الدكتور أيمن فؤاد سيّد يتوسط الدكتور محمد حمزة الحدّاد والدكتور قاسم عبده قاسم

استهلّ الدكتور أيمن محاضرته بذكر أهمية كتاب الخطط، على أنّه أهمّ كتاب في تاريخ مصر وجغرافيتها وطبوغرافيّة عاصمتها في العصر الإسلامي، فهو الكتاب الوحيد الذي قدّم - اعتمادًا على المصادر الأصليّة - عرضًا شاملاً لتاريخ مصر الإسلاميّة، ولتأسيس ونمو عواصم مصر منذ الفتح الإسلامي حتى القرن التّاسع الهجري. ويعدّ اليوم مصدرًا لا غنى عنه للمشتغلين بدراسة آثار مصر الإسلاميّة، إذ يوفرّ لنا قائمةً تفصيليةً وأوصافًا دقيقةً بالقصور والجوامع والمدارس والخوانق والحارات والأخطاط والدور والحمّامات والقياسر والخانات والأسواق التي وجدت في عاصمة مصر خلال تسعة قرون. وترتكز هذه القائمة في الأساس على الملاحظات الشخصيّة للمقريزي، وعلى مصادر لم تصل إلينا، فحفظ لنا المقريزي بذلك نقولاً ذات شأن للمؤلّفين القدماء الذين فقدت مؤلفاتهم اليوم. كما يعدّ الكتاب أحد مفاخر التراث العربي، فهو أشمل وأوسع كتاب كتب عن مدينة إسلاميّة، تناول فيه مؤلّفه الظواهر التاريخيّة والعمرانيّة والطبوغرافيّة للمدينة بطريقةٍ تدعو إلى الإعجاب، وهو بذلك يختلف عن تاريخ بغداد للخطيب البغدادي، وتاريخ مدينة دمشق للحافظ ابن عساكر.

وأشار المحاضر بعدها إلى أن المقريزي ركّز جهده الأكبر في هذا الكتاب للحديث عن العمران المدني للقاهرة، التي أصبحت المركز الثقافي والسّياسي للعالم الإسلامي في وقته، وفي هذا الاطار عرّف المقريزي تعريفًا مفصّلاً بكل ما يتّصل بمسقط رأسه بالقاهرة، فلم يترك أثرًا أو مؤسسةً إلا وصفه بدقّة متناهيّة، وتناول بإسهاب تاريخ بنائه وما طرأ عليه من تغييرات، كما روى سيرة حياة الأمراء والكبراء الذين باشروا بناءه أو أقاموا فيه، ودوّن كذلك الأحداث المهمّة التي اقترنت بهذه المنشآت والتقاليد والعادات والرسوم المتعلّقة بها، حتى أنه (( لا توجد - كما يقول كاترمير - من مدينة شرقيّة يمكن أن تفخر بمؤلّف يبلغ مرتبة الخطط من حيث الاكتمال والطرافة كما هو الحال مع القاهرة)).

وأسهب الدكتور أيمن في الشرح، موضِّحًا أسبقيّة وريادة كتاب المقريزي في حقله بالقول: ((إنّ الكتاب كتاب مؤسّس في التّاريخ العمراني، ولا يوجد كتاب أقدم منه، فكتاب تاريخ فلورنسا، وهو أوّل كتاب في تاريخ المدن في أوروبا، كتب سنة 1840م أي بعد وفاة المقريزي بنحو أربعمئة سنة)).

كما تطرّق المحاضر إلى النّشرة الجديدة للخطط التي تزمع مؤسّسة الفرقان نشرها في القريب العاجل، على أنّها نشرةٌ مزيدةٌ ومنقحةٌ، تمّ فيها تصويب الأخطاء الطباعيّة، واستُكمِل ضبطُ نصِّها، وأُضيفت لها مصادر جديدة، ودراسات حديثة ظهرت بعد صدور النّشرة الأولى، كما زُوِّدت بصور فوتوغرافيّة حديثة للمعالم التي ذكرها المقريزي. وأضاف المحاضر أنّ النشرة تتميّز أيضا بالاعتماد على نسخٍ خطيّة جديدة للكتاب، أهمّها: المجلّد الثالث بخط المؤلّف، والذي كُشف عنه مؤخَّرا (2010م) في مكتبة جامعة ميِتشيجن بالولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك نسخة قديمة منقولة من خط المؤلّف للمجلد الأول من الكتاب، محفوظة في مكتبة فيض الله بإستانبول.

1035-05.JPG
الدكتور قاسم عبده أثناء مداخلته

ومن جانبه قال الدكتور قاسم عبده قاسم إنّ المقريزي هو المؤرّخ الوحيد الذي يعتبر بحق شيخ المؤرخين، وكل الناس عالة على علمه وكتبه التي تعدّ أحسن أثر لتاريخ مصر الإسلامي حتى مجيء العثمانيين، على الرّغم من أنّه كان لبنانيّ الأصل، موضّحا أنّ معظم كتبه عكست شخصيّته المصريّة، وكان باحثا في مناهج الحياة، إذ تكلّم عن الفرق الدينيّة والأديرة والكنائس واليهود وأعيادهم، وكتب عن السياسة وأهلها والحرب وأهلها، فكان مطلّعا على كل الثقافات، كما رصد ظاهرة تفشّي الرشوة. ومن جانبه أشار الدكتور محمد حمزة الحدّاد إلى أن نشأة المقريزي عكست فكره وتوجهاته، فنشأ في إحدى حواري القاهرة، وعكست كتبه أهميّة الآثار والعظة منها، وتتضمن كتبه الدواوين الشعريّة، وقد اعتمد على الرواية وعلى المشاهدة في كتاباته، حتى تعكس دقّته في استيفاء المعلومة.

بعد انتهاء المحاضرة، فُتح باب التعليقات والتساؤلات حول مدى غموض أو وضوح مرحلة المقريزي، وجهد الدكتور أيمن في استجلاء حقائق هذه الفترة.

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

Back to Top