بقايا المكتبات المندثرة: تتبّع المخطوطات الدمشقية

05.04.2012
لندن، المملكة المتحدة
المحاضرات مركز المخطوطات
شارك:

ضمن سلسلة المحاضرات اللندنية، قام مركز دراسات المخطوطات الإسلامية بمؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي بتنظيم محاضرة عامة تحت عنوان "بقايا المكتبات المندثرة: تتبع المخطوطات الدمشقية"، من إلقاء الأستاذ الدكتور كونراد هيرشلر؛ وذلك يوم الأربعاء 5 أبريل 2017م بمقر المؤسسة بلندن.

2588-25.jpg
الأستاذ شرف يماني

وقد افتتح هذه الفعالية السيد شرف يماني، عضو مجلس إدارة مؤسسة الفرقان، حيث رحّب بالضيوف الكرام، وأبان عن نية المؤسسة توجيه جزء من أنشطتها - خلال هذا العام - لتسليط الضوء على مصير التراث الإنساني في سوريا. فبسبب الحرب المستمرة هناك، فإن جزء من هذا التراث قد تم تدميره، بينما القسم الباقي في خطر. كما نوّه إلى أن هذه المحاضرة تأتي ضمن سياق عمل مؤسسة الفرقان الهادف إلى رفع مستوى الوعي بالتراث المشترك والتعريف بالتحديات، ومطالبة الهيئات المعنيّة بالتدخل لحماية وللحفاظ على هذه الكنوز، سواء كانت مخطوطات أو آثار، ومن ثم، معرفة مصدر هذه المخطوطات - في الأعوام القادمة - والحيلولة دون تفرقها. وقد أشار إلى جملة من الأنشطة القادمة في هذا العام، تختص بجوانب مختلفة من هذا التراث.

2588-37.jpg
الأستاذة سيليست جياني

قامت السيدة سيليست جياني، مساعدة قسم المكتبة بمؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، بتقديم المحاضرة والمحاضر.


وقد بدأ الأستاذ الدكتوركونراد هيرشلر محاضرته بتوجيه الشكر لتلكم المؤسسات، خاصة مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، التى تعمل على حفاظ التراث الإسلامي المخطوط والتعريف به، وإتاحة أمهات الكتب والمصادر للباحثين للإستفادة منها في عملهم.

ركّز الأستاذ الدكتور هيرشلر على ثقافة دمشق المكتبية ومخطوطاتها الغنية حتى القرن العشرين الميلادي. وقد ذكر أن المكتبات الوقفية ظهرت بشكل كبير في الشرق الأوسط منذ بدايات القرن الثالث عشر الميلادي، بما فيها مدينة دمشق. أما اليوم، فلا وجود لأي من تلك المكتبات. وبالتالي فإن الأدلة الرئيسية على تاريخها هي ما وصل إلينا من المخطوطات. فأحياناً تكون التقاييد على المخطوط هي الرابط الواضح بينه وواحدة أو أكثر من المكتبات التي كان محفوظاً فيها في القرون الأخيرة. ولكن في جملة الحالات، فهذه الأدلة إما غير مكتملة أو مفقودة تماماً، وتحتاج الى تدعيم من مصادر إضافية.

2588-48.jpg
الأستاذ الدكتورهيرشلر أثناء القائه للمحاضرة

وقد اقترح الأستاذ الدكتورهيرشلر منهجية لتتبع رحلة المخطوطات، حيث قام بتقديم مثال نموذجي من مكتبة المدرسة العمرية على منحدر جبل قاسيون في الغرب من مدينة دمشق القديمة. وقد كانت هذه المكتبة بمثابة مؤسسة كبرى في الفضاء العلمي لدمشق بما حوته من آلاف المخطوطات. ولكن هذه المكتبة اندثرت في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، ولم يصل الينا كشاف بمحتوياتها. وحتى قبل أن تندثر، فقد أخرجت العديد من مخطوطات المكتبة وبيعت في أسواق الكتب بالمدينة.

وقد ناقشالأستاذ الدكتورهيرشلر السبل المتاحة لتتبع رحلة مخطوطات المكتبة العمرية، حيث توجد اليوم بمكتبات دمشق، والقاهرة، وإستانبول، وباريس، وبرنستون، وبرلين، وذلك بفحص التقاييد الموجودة على المخطوط، مثل التملكات، والوقفيات، والإجازات، والأختام، وأي تعليقات أخرى. وقد أشار الى إمكانية تطبيق هذه المنهجية على مكتبات أخرى، من أجل تتبع رحلة مخطوطاتها.

بالإضافة الى ذلك، فقد قامالأستاذ الدكتورهيرشلر بلفت الإهتمام إلى نواحي أخرى للبحث حول موضوع: من أين جاءت المخطوطات؟، وأشار إلى أن هذا الأمر سيشكل عملاً كبيراً في الأعوام المقبلة، وذلك لمنع تفرقها؛ أخذاً بعين الإعتبار الحرب التي تدور حالياً في سوريا، حيث أن الآثار الثقافية، ومنها المخطوطات، قد تضررت أو في خطر من أن تؤخذ من أماكن حفظها ما قبل الحرب.

وقد أعقبت المحاضرة العديد من الأسئلة من قبل الحضور حول جوانب متنوعة متعلقة بمحاضرةالأستاذ الدكتورهيرشلر.

2588-57.jpg
جانب من الحضور

الأستاذ الدكتوركونراد هيرشلر هو أستاذ الدراسات الإسلامية بـ الـفراي أونيفيرسيتيت ببرلين منذ 2016م، حيث كان قبل ذلك أستاذ تاريخ الشرق الأوسط بمدرسة الدراسات الشرقية والإفريقية - سواس (جامعة لندن). وقد تركز نشاطه البحثي على مصر وسوريا في العهدين الأيوبي والمملوكي (حوالى 1200-1500م)، وتحديداً في التاريخ الإجتماعي والثقافي. وفي السنوات الأخيرة، عمل بشكل رئيسي في مجال تاريخ القراءة، وعن الكتاب والمكتبات في الأراضي السورية. وحالياً، يقوم بحثه على دراسة الجانب المادي لثقافة المخطوطات العربية. ويشمل هذا العمل إعادة بناء الوثائق القانونية الدمشقية الخاصة بالفترة المملوكية بالوسائط الرقمية؛ حيث دأب النساخ على تقطيع هذه الوثائق لكي يصنعوا مخطوطات جديدة. فالبحث في ممارسات إعادة الإستعمال تتيح نظرة جديدة على الممارسات القانونية والثقافات السائدة حول المخطوط.

2588-82.jpg
الأستاذ الدكتوركونراد هيرشلر

وللأستاذ الدكتوركونراد هيرشلر عدة مؤلفات باللغة الإنجليزية منها: "دمشق العصور الوسطى: التعدد والتنوع في مكتبة عربية" (2016م)، بتمويل الأكاديمية البريطانية؛ "الكلمة المكتوبة في الأراضي العربية: تاريخ إجتماعي وثقافي لممارسات القراءة" (2012م) - حائز على جائزة بريسمس للكتاب، تم ترجمته مؤخرا إلى اللغة الإيطالية؛ "تأريخ عربية القرون الوسطى: المؤلفون كفاعلون" (2006م) - حاز على جائزة لاي-دوغلاس التذكارية عن أفضل رسالة دكتوراه في موضوع متعلق بالشرق الأوسط؛ وقد ساهم في تحرير أجزاء كتاب "التحالفات والمعاهدات بين الحكام الفرنجة والمسلمين في الشرق الأوسط" (2013م)، و"التقاييد على المخطوطات كمصادر للتوثيق" (2011م).

أعمال المحاضرة على قناة اليوتيوب

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

Back to Top