دور الشروح العلمية العربية الحديثة وأصالتها

04.04.2014
لندن، المملكة المتحدة
المحاضرات مركز المخطوطات
شارك:

ما تزال الدراسات الأكاديمية إلى اليوم، والتي عنيت بـالفكر العلمي الذي أنتج في ظل الحضارة الإسلامية، تسلط اهتمامها على القرون الستة الأولى، أي إلى القرن الثاني عشر الميلادي.

بالإضافة إلى ذلك، مازال الانطباع السائد لدى معظم الدارسين للحضارة الإسلامية أن عصر تلك الحضارة الذهبي - من حيث الإنتاج الفلسفي والعلمي - قد ولى مع بدايات القرن الثالث عشر الميلادي، وأن الحقبة التالية شهدت انحطاطاً مستمراً للحضارة الإسلامية، لم تتعافى منه بعد.

2315-11.jpg
الأستاذ الدكتور جورج صليبا أثناء القائه للمحاضرة

ومن الأمثلة التي عادة ما يتم استحضارها كإحدى معالم هذا "الانحطاط"، هو الاتجاه إلى إنتاج الشروح، بدلاً من الأعمال المبدعة.

وعليه، فإن التراث الفكري الذي تراكم في الحقبة ما بين القرن الثاني عشر والتاسع عشر – وهي الفترة التي تعتبر "العصر الكلاسيكي المتأخر" للحضارة الإسلامية –لم يحظى بالاهتمام العلمي الذي يستحقه.

ولإلقاء الضوء على هذه الفترة المهمة من الحضارة الإسلامية، نظّم مركز دراسات المخطوطات الإسلامية بمؤسسة الفرقان محاضرة عامة تحت عنوان "دور وإبداع الشروح العلمية العربية وأصالتها"، وذلك يوم 4 إبريل 2014م، بمقر مؤسسة الفرقان الرئيسي بلندن.

2315-07.JPG
السيد شرف يماني ألقى كلمة تعريفية مختصرة حول عمل وجهود مؤسسة الفرقان

بدأت الأمسية بحفل استقبال، تلته كلمة ترحيب من السيد صالح شهسواري، المدير التنفيذي للمؤسسة، عقبتها كلمة تعريفية مختصرة حول عمل وجهود مؤسسة الفرقان في كشف ودراسة التراث الإسلامي المخطوط، ألقاها السيد شرف يماني، عضو مجلس الإدارة.

2315-15.jpg
بروفيسور صليبا، ومدير الفرقان في الخلفية

وكان المتحدث الرئيسي فى هذه الفعالية العامة هو الأستاذ الدكتور جورج صليبا -أستاذ اللغة العربية والعلوم الإسلامية بـجامعة كولومبيا بمدينة نيويورك؛ وقد قام الدكتور صليبا في محاضرته "دور وإبداع الشروح العلمية العربية وأصالتها" بتقديم نظرة ثاقبة حول الأهمية العلمية للشروح، وبتركيز خاص على مخطوطات علم الفلك التي تم تأليفها بين القرن الثالث عشر والقرن السادس عشر. وقد أثبت الدكتور صليبا أن شروحاً بعينها تميزت ليس فقط بتقديم فكر علمي جديد بل وأفرزت مستوى راقي من التطور الحسابي الفلكي، فاق كل ما سبق من الأعمال التى صدرت ضمن الحضارة الإسلامية، وفي بعض الأحيان تفوّقت على الأعمال العلمية المعاصرة من إنتاج أوروبا في ذلك الوقت.وبحسب الدكتور صليبا، فإن الأسباب الرئيسية التي أدّت إلى أن لا تحظى هذه الشروح المتأخرة بالاهتمام العلمي الذي تستحقه، بل ويُنظر إليها خطئاً على أنها مجرد نسخ عن أعمال سابقة، هي:

1- إن قراءة الشروح المتأخرة أمر صعب للغاية؛ فكثيراً ما يكون الخط على الصفحة صغير جداً والكلمات والسطور متقاربة وكثيفة.

2- إنها غالباً تنقصها الرسوم التوضيحية: فمن الصعب أن تجد أن الناسخ الذي خط المخطوط يعمل نقّاشاً في نفس الوقت. واليوم لا نجد سوى أمثلة قليلة لمخطوطات قام بالنقش والنسخ شخص واحد.

3-استمرار واستحكام مفهوم خاطئ متوارث، مفاده أنه لم يعد هناك شئ، بعد انقضاء العصر الذهبي أو الكلاسيكي للإسلام - من حيث الإنتاج الثقافي -يستحق الدراسة.

2315-13.jpg
جانب من الحضور

عقب المحاضرة طُرحت عِدة أسئلة من جانب الجمهور، الذى ضمَّ متخصصين وباحثين وطلاب، حول الجوانب المتنوعة التي غطاها الدكتور صليبا.جورج صليبا، بروفسير اللغة العربية والعلوم الإسلامية بـجامعة كولومبيا بمدينة نيويورك، ومجال بحوثه هو "تطور الأفكار العلمية منذ أواخر العصور القديمة الى بدايات العصر الحديث"، وبالأخص "انتقال الأفكار الفلكية والحسابية من العالم الإسلامي الى أوروبا عصر النهضة".البروفسير صليبا حائز على جملة جوائز، منها "جائزة تاريخ علم الفلك" من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي عام 1996م؛ و"جائزة تاريخ العلوم" من اكاديمية العالم الثالث للعلوم عام 1993م. وقد إختير ليكون ضمن برنامج العلماء المتميزين (Distinguished Scholar Program) فى فترة 2009-2010م. من آخر إصداراته، "العلوم الإسلامية وصناعة النهضة الأوروبية" (Islamic Science and the Making of the European Renaissance) طباعة معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT Press) (2007م، 2011م)؛ "تاريخ علم الفلك العربى: النظريات الكوكبية فى العصر الذهبي للإسلام" ( History of Arabic Astronomy: Planetary Theories During the Golden Age of Islam) (1994م)، بالإضافة الى اكثر من120 مقالة منشورة فى المجلات العلمية، منها "علم الفلك اليوناني والتراث العربي فى القرون الوسطى"(Greek Astronomy and the Medieval Arabic Tradition) فى مجلة أميريكان ساينتس (American Scientist) عام2002م؛ وقد دعى الى عرض أعماله فى اكثر من200 محفل أكاديمي على مستوى القارات الخمس.


اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

Back to Top