من أجل رؤية اسلامية موحدة لقضايا المرأة والسكان

17.09.2014
عمان، الأردن
مركز المقاصد ندوات
شارك:

نظّم مركز دراسات مقاصد الشريعة الإسلاميّة التابع لمؤسّسة الفرقان للتراث الإسلامي، بالتعاون مع المنتدى العالمي للوسطية والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الايسيسكو)، يومي الثلاثاء والأربعاء 17-16 سبتمبر الموافق 23-22 لذي القعدة 1435هـ.، بفندق ريجينسي بالاس بعمان، ندوة دولية بعنوان "من أجل رؤية إسلامية موحدة لقضايا المرأة والسكان"، بمشاركة علماء وباحثين ومفكرين وخبراء ومتخصصين بقضايا المرأة والسكان من دول عربية وإسلامية.

2355-10.JPG
الجلسة الافتتاحية للندوة

افتتحت الندوة صباح الثلاثاء بكلمة لأمين عام المنتدى العالمي للوسطية المهندس مروان الفاعوري، أكد فيها أن هذه الندوة تركز على بلورة ميثاق إسلامي يحدد كيفية التصدي للعادات والتقاليد التي هضمت حقوق المرأة في المجتمعات الإسلامية، وضرورة صياغة خطاب وسطي لإنصاف المرأة، وإعطائها كافة حقوقها السياسية والثقافية والاجتماعية. وتابع مبينا ان فلسفة الندوة انطلقت في إطار عمل تنويري تجديدي لمواجهة غلاة الجمود والتطرف الذين برروا لاستمرار الأوضاع المزرية التي لحقت بالمرأة المسلمة، ووظفوا النصوص وحملوها أكثر مما تحتمل، وكرسوا الإقصاء لها والحجر عليها تحت قاعدة سد الذرائع، ووفق فقه ذكوري حنطوا قواعد الأصول وعطلوها، وهو بنفس الوقت موجه ضد غلاة العلمانيين الذين يمارسون كل أشكال الإرهاب الفكري، ويحاربون قيم الأمة ويتبنون قوالب جاهزة، ويظنون أن تحرير المرأة عبر تحريرها من القيم والدين.

وقال ممثل المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الايسيسكو)، الدكتور عز الدين معميش، إن الاسلام لديه من الحلول لمشاكل القضايا السكانية والمرأة ما يكفل لها علاجاً ناجحاً، معبرا عن أمله بأن تخرج هذه الندوة ببدائل عملية "تجعل من الأمة الإسلامية تمسك زمام المبادرة في المحافظة على الكرامة الإنسانية، وإعطاء المرأة حقوقها؛ من خلال مشاركة منظمة الايسيسكو بورقة هامة توضح رؤية الإسلام لقضايا السكان والتنمية ومساحات التداخل بين الشريعة والمواثيق الدولية. وتابع أن المؤتمر الدولي للسكان والتنمية 2014 يأتي لتقويم التعهدات الدولية وتحديد خارطة التنمية البشرية في العالم وفقاً لما أتى بمؤتمر القاهرة (1994)، مستعرضا النقاش كالتمية والسكان والنمو السكاني والهجرة الدولية والتعليم والصحة، إضافة إلى الحقوق الإنجابية التي ستكون محور المؤتمر القادم.

أما الدكتور علي قره داغي، نائب الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، فقال إن أمن المجتمع وازدهاره يكون بالاهتمام بالمرأة وإقرار منهج القرآن، مبيناً مكانة الأسرة في الإسلام، لأن سلامة واستقرار الأسرة من سلامة واستقرار المجتمع. وأبدى استعداد الاتحاد للتعاون من أجل الخروج بصورة واضحة حول رؤية الإسلام للمرأة والسكان.

2355-02.jpg
الدكتور علي قره داغي نائب الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

ومن جانبه، قال المدير التنفيذي لمؤسّسة الفرقان للتراث الإسلامي، الأستاذ صالح شهسواري، أن هذه الندوة الهامة والمباركة تنظم سعياً لإيجاد حلول واقتراحات وبلورة رؤية إسلامية موحدة وصياغة وثيقة عمل تتعلق بقضايا السكان والتنمية، خاصة وأننا في ظرف زمني عصيب، حيث يعيش العالم مأزقا خطيرا، كما تعيش الأمة الإسلامية تحديات جمة تتصاعد وتتنامى. مضيفا بأن من بين القضايا التي تعالجها هذه الندوة قضية المرأة التي تعد القضية المركزية، خاصة وأن الإسلام أعطى لها حقوقها وكرمّها وكفل لها المساواة مع الرجل، وأن مبدأ تكريم الإنسان بشكل عام والمرأة بشكل خاص مشترك بين الأمم، لكن الإسلام كان له السبق في ذلك. مختتما كلمته بشكر جميع من ساهم في تهيئة الأجواء في تنظيم هذه الندوة من قريب أو بعيد.

بدأت بعدها مباشرة جلسات اليوم الأول للندوة بعرض الدكتور عز الدين معميش لورقة، ممثلة عن "الإيسيسكو" ورؤيتها، حول حقوق المرأة والسكان. وبين أن جوهر الوثيقة هو إيجاد إطار لمبادئ تحكم التنمية والسكان والمرأة المنبثقة من التشريعات الإسلامية، وأهمها الحرية والتنمية وتكافؤ الفرص والمساواة.

من جانبها، دعت أمينة سر مجلس النواب المغربي، الدكتورة جميلة المصلي، إلى إعادة ضبط مفاهيم متعلقة بالمرأة كالمساواة، داعية لإعادة قراءة هذه المفاهيم بأسلوب علمي مرتكز على أهمية المجتمع المدني. مختتمة كلامها بضرورة التعاون بين جميع المؤسسات لإعادة تصويب الخطاب نحو المرأة والسكان.

أما رئيسة جمعية الدفاع عن الحق في الحياة، الدكتورة عائشة فضلي، فتقدمت بورقة عمل بعنوان "قراءة في وثيقة الأمم في قضايا الأمومة والطفولة"، مؤكدة على أن الأمة الإسلامية قد أخطأت عندما تركت الساحة مفتوحة للمنظمات الدولية لكتابة التقارير حول السكان، ونحن نأينا بأنفسنا عن المشاركة في إعداد هذه التقارير، على الرغم من أهميتها.

كما شدد الإمام الصادق المهدي في كلمته "المشكلة السكانية بين المؤسسات الطبيعية والمؤسسات المصطنعة" على مراعاة السياسة السكانية من وجهة النظر الإسلامية والواقع الجديد في النظرة للمرأة، ودعا إلى أن تكون التوصيات التي ستخرج عن المؤتمر، مراعية للظروف، وألا تتحدث بالأسلوب التقليدي.

وعرضت المحامية الشرعية الدكتورة نوال شرار أهمية الأمومة والطفولة في الإسلام، مبينة أن الإسلام جعل الأمومة جزء من التدين.

2355-03.jpg
الدكتور نورالدين الخادمي (الثالث من اليمين)

بدوره، أكد وزير الأوقاف التونسي الأسبق، الدكتور نور الدين الخادمي، على ما أقره الإسلام من مبادئ عامة في النظرة للمرأة، وأهمها إنسانيتها وكرامتها وحقوقها وواجباتها، وأشار الى مراعاة خصوصية المرأة العضوية والنفسية، مستشهدا بنصوص من القرآن والسنة، تقر المبادئ العامة في نظرة الإسلام الشمولية للمرأة.

وافتتحت جلسات اليوم الثاني ببحث للدكتور محمد القضاة تحت عنوان "مشاركة المرأة في الحياة العامة وقضايا الميراث والشهادة"، طرح فيها عدة محاور مهمة ووضح أن المرأة قبل الإسلام لم تحصل على أي مراعاة أو حقوق، بل كانت تعاني من الاضطهاد، وأن الدين الإسلامي هو الذي أعاد للمرأة كرامتها وأعطاها الحقوق، ومن أهمها حقها في الميراث.

أما الدكتور عاطف عضيبات فتحدث عن "دور مؤسسات الفكر والثقافة في الدفاع عن الخصوصيات الثقافية"، حيث بين بدوره أهمية المؤسسات بجميع فروعها في كيفية نشر التثقيف اللازم حول قضية المرأة وما هي حقوقها وما عليها من واجبات، وذلك لمنع اضطهاد المرأة حتى لا يتم الاعتداء عليها .

وتقدم الدكتور أحمد أبو الوفا الجلسة بورقة عن "احترام التغاير الثقافي بين الشعوب"، بين فيها المبادىء الإسلامية الحاكمة لاحترام التغاير الثقافي بين الشعوب: كمبدأ عدم مخالفة القواعد الإسلامية العليا، ومبدأ ضرورة احترام والأخذ فى الاعتبار خصوصيات وأعراف الناس، ومبدأ احترام التغاير الثقافى بين الدول والأمم والشعوب، ومبدأ الحق في حرية العقيدة، ومبدأ عدم تصادم الحضارات، وإنما تعايشها وتوازيها، ومبدأ عدم التدخل في شؤون الغير.

2355-05.jpg
الندوة كانت من تنظيم مؤسّسة الفرقان، بالتعاون مع المنتدى العالمي للوسطية والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الايسيسكو)

وبين الدكتور فتحي العيوني بورقته "المرأة بين الاستحقاقات الدولية والقوانين المحلية" أن السلطة السياسية المنبثقة عن المجلس التأسيسي التونسي إبان الاستقلال وضع منظومة تشريعية تستنهض همم كافة أفراد الشعب من نساء ورجال، دون تمييز جنس على آخر. فسعى المشرع إلى العناية خاصة بالمرأة لإلحاقها بركب الرجال، سواء على مستوى التعليم أو العمل. وتم سن عدة قوانين تهدف إلى تحقيق أكبر قدر ممكن من المساواة مع الرجل في الحقوق المدنية والشخصية. ثم اتخذ المسار التشريعي نسقا تصاعديا في اتجاه إعطاء مزيد من الحقوق للمرأة، لتشمل المجال السياسي والجمعياتي، إلى أن بلغ ذروته بعد الثورة بإقرار مبدأ التناصف ودسترة المكاسب التي تحققت للمرأة على مدى السنين الماضية، لذلك أمكن للمرأة التونسية اليوم أن تتباهى بحقوقها ومكاسبها أمام عدة نساء، سواء في العالمين العربي والإسلامي أو في العالم الغربي، لأنها حقوق ومكاسب تستجيب لأغلب الاستحقاقات الدولية، سواء في المجال السياسي أو الاجتماعي أو العائلي.

وتقدمت الدكتورة خديجة بريك بورقة عن "صورة المرأة المسلمة في السينما العالمية وانعكاسها على موقف الأمم المتحدة: رؤية نقدية"، أكدت فيها أن العربي والمسلم يحتل مكانة بارزة في الإعلام الغربي بأنها شخصية سلبية، وله صورة نمطية، فهو المخرب والمتطرف والمدمر والغبي والكسول، وغيرها من الأوصاف القبيحة، ولذلك فإنه لابد من العمل على محو هذه الصورة السلبية بشتى الطرق. وقامت بعرض فيلم قصير يوضح كيف تعرض الأفلام الغربية صورة العربي بأنه قاتل بالفطرة، وأن العديد من الأفلام العربية تؤكد هذه الصورة بإظهار المسلم بالشكل المتطرف .كما بين الفيلم أن المرأة العربية تعرض بصورة الراقصة والإرهابية الشرسة العنيفة، التي تهوى سفك الدماء. وأكدت أن حل هذه الصورة ومحوها من خلال أهمية عرض أفلام وثائقية تبين الصورة الحقيقية للإسلام والمسلمين وأهمية انفتاح السينما والإعلام العربي على العالم الغربي للقدرة على عرض حقيقة الإسلام والمسلمين.

وتقدم الدكتور حسن جابر بكلمة بعنوان "مناخات التنمية البشرية في ضوء القراءة المقاصدية المتجددة"، أكد أن التطرق إلى موضوع المرأة والسكان ينبغي أن يعالج وفق منظومة متجانسة العناصر، محكمة الترابط، لا ينفع معها عزل عنصر لفك عُراها، أو سنكون قد سقطنا في الاختلالات في التوصيف أو في القصور في المعالجات. ووضح فيها أن النص القرآني يلفت إلى حقيقة كونية لا ينبغي التعامي عن مدلولها المقاصدي، وهي التقدير في كل شيء؛ وإذا تدبرنا الآية الكريمة "الذي قدّر فهدى" سنرى أنها تشير – من بين ما تشير إليه – إلى أهمية التقدير للمرأة لما لها من دور كبير تقوم به في هذا العصر، فهي المربية والعاملة، فأصبحت جزء أساسي لبناء هذا المجتمع. لذلك يجب تقديرها ومنحها كافة الحقوق التي تساعدها على الاستمرار بهذا الدور العظيم الذي تؤديه.

2355-07.jpg
اليوم الختامي للندوة

واختتمت الجلسات بقراءة التوصيات التي توصل لها المشاركون في الندوة، بعد يومين من الأشغال، التي تخللتها مناقشات مستفيضة واقتراحات عميقة.

ومن الجدير بالذكر أن رابطة كتاب التجديد بالمنتدى العالمي للوسطية أقامت حفلاً، تقديرا لجهود المفكرين والعلماء في نشر الفكر التنويري الوسطي من خلال مؤلفاتهم المنشورة، كما وزع خلال الحفل الشهادات الخاصة بالمشاركين في الندوة.

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

Back to Top