الملخص
تتناول هذه المحاضرة موضوعا على جانب كبير من الأهمية، ناقش فيه فضيلة الدكتور أحمد الريسوني - كعادته -منهج التشبيك ومنهج التفكيك، بكل تشعباتهما وأطرافهما بعمقٍ ورويةٍ، وخاض عبابهما بحثاً ودرساً، وأخذاً وردّاً، ونقداً واجتهاداً، سعيًا إلى الجمع بين التحقيق والتطبيق؛ مشبعا بحثه العلمي الرصين بأمثلة شارحة وشافية ومقنعة.
استهل الدكتور الريسوني كتابه القيّم بشرح مصطلحات المحاضرة، مستفتحًا بمصطلح «الأدلة الشرعية»، التي هي جميع ما يستدل به العلماء، ويبنون عليها الأحكام والمعاني المستنبطة، وخاصة الفقهاء والأصوليين، من كتاب وسنة وإجماع وقياس واستصلاح واستحسان، ومن قواعد فقهية وأصولية، ومن العقل والنظر السديد.
أما «منهج التشبيك» فهو -حسب المحاضر- عبارة عن شبكة من الأدلّة ومن القواعد، ومن النظر العقلي ومن التجارب، تستعمل عند النظر الفقهي، بضمّ الأدلة بعضها إلى بعض، وتفريع بعضها عن بعض، على أن تكون كلها حاضرة مع العلماء للاحتجاج بها؛ فمنهم من يسردها ويفصّل فيها، ومنهم من يقتصر على بعضها؛ وليست أدلّةً منقطعةً أو جزرًا معزولةً. ثم سرد فضيلته ثلاثة نماذج كأمثلة شارحة من هذا المنهج.
ثم طفق المحاضر يشرح «منهج التفكيك»، قائلا إنّ هذا المنهج هو عكس منهج التشبيك، بحيث يستدلّ المستدل بآية ولا يلتفت إلى غيرها، حتى لو كانت في نفس الموضوع أو ذات صلة به، كما يغفل المصلحة والقواعد وعددًا من الأدلّة؛ فإذا ضفر بنص واحدٍ أو أثرٍ، أخذ به وأطلق أحكامه، على أساس أنّ هذا هو النص الشرعي، وهو المطلوب. وأضاف فضيلته أنّ هذا المعنى التفكيكي هو ما عبّر عنه القرآن الكريم حين تحدّث عن ﴿الذين جعلوا القرآن عضين﴾، أي جعلوا القرآن أجزاء مجزّأة ومفككة ومتنافرة ومفرّقة. وحذر المحاضر من مخاطر هذا المنهج التفكيكي، إذ يفهم أصحابه النصوص بشكل تجزيئي، ولا ينظرون إلى القرآن نظرةً شاملةً، بكامل محتوياته وموضوعاته ودلالاته ووحدة مصبّه، بل يقومون بضرب الأدلة بعضها ببعض، أو إعمال بعضها وإغفال وإسقاط بعضها الآخر، فيقعون في المطبات والتناقضات.
وقبل الخوض في بعض النماذج بأمثلة معبّرة عن أهمية «منهج التشبيك» بين الأدلة، الذي يحقّق مقصود الشارع، وبيان ثمراته، أكدّ فضيلة الدكتور أحمد الريسوني على أنّ المسائل التي لابدّ فيها من إعمال «المنهج التشبيكي» وإظهاره (أي استحضار الأدلّة) هي القضايا المستجدة، المتعدّدة الجوانب، التي لها وضع حالي ووضع مآلي، وربما فيها تنازعٌ، ولها أهميّة خاصّة يراد بيانها وإثبات قطعية الدلالات الشرعية فيها، فتحشر لها الأدلة من جميع أصنافها.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.