تاريخ دمشق في مرحلة انتقال منذ نهاية القرن التاسع عشر وحتى الحرب العالمية الأولى

شارك:

خيرية قاسمية

واكبت دمشق الزمن كأقدم مدن العالم وواحدة من عواصمه العريقة، وراحت تتوالى عليها الدول والحضارات فتترك كل منها عليها شواهد وآثارًا لا تمحى. وفي عام 1516م دخلت في حوزة العثمانيين، وظلّت كذلك حتى نهاية الحرب العالمية الأولى (سوى فترة حكم محمد علي 1833 – 1840م) و أصبحت مركزًا لولاية امتدت في أحيان كثيرة من تخوم مصر إلى حدود حلب .

وفي الفترة موضوع الدراسة: منذ نهاية القرن التاسع عشر وحتى الحرب العالمية الأولى: وقفت دمشق بين ماضٍ يمتدّ حوالي ستة آلاف عام عامر بالتراث ونتاج الأجداد وبألوان الثاقافات والتقاليد، وبين حاضر مجتمعها وقد اخترقته التأثيرات المدنية الحديثة بكل مظاهرها ومبتكراتها .

أولاً : الوضع العمراني والمدني

بقيت دمشق حتى منتصف القرن التاسع عشر جنوبي نهر بردي([1])، محصورة، عدا امتدادات ضئيلة، ضمن دائرة السور القديمة ([2] ) . ويُظهر السور ثلاثة نماذج من البناء: روماني وعربي وعثماني([3] ). وتعد القلعة في مقدمة التحصينات قيمة ([4]). وشهدت الفترة موضوع الدراسة انتهاء الدور الحربي للقلعة والسور، فقد رُدم الخندق حول القلعة، وأحاطت الأسواق بجدرانها، كما شيدت الدور فوق السور([5] ) .

وقد تعرّضت المدينة خلال القرون المنصرمة إلى عدد من الغزوات أتت على معظم آثارها، مع ذلك ذكر نعمان القساطلي (ت 1920م) ([6] ) في الربع الأخير من القرن التاسع عشر آثار أعمدة على جانبي (الشارع المستقيم) ووجود عدد من الكنائس . وإذا استثنى الجامع الأموي فإن أقدم الآثار الإسلامية في دمشق لا تعود إلى ما قبل القرن الخامس الهجري وقد شهدت دمشق نهضة عمرانية في عهد السلاجقة فالأيوبيين ثم المماليك، استمرت في العصر

العثماني، وحتى خروج العثمانيين من دمشق كانت ما تزال عروس بلاد الشام تزهو بمساجدها ومدراسها وحماماتها وخوانقها وبيمارستاناتها ومدافنها ودورها([7]).

وقد حافظت أحياء دمشق على مظهرها القديم، حتى منتصف القرن التاسع عشر: فكانت المدينة مقسمة إلى ثمانية أجزاء يعرف كل منها (بالثُّمن) على رأسه رئيس يساعده شيوخ حارات ( الثمن ). وكان لكل من أبواب دمشق الثمانية وأحيائها (حارات وأزقة ودخلات و أسواق)، بوابة ذات مصراعين أو باب كبير في وسطه باب صغير (خوخه) ([8]). وكانت أبواب وبوابات دمشق تغلق بعد صلاة العشاء ويجلس أمامها الحراس أو فوق السطوح في الأسواق، ويناظر عليهم مشايخ الحراس ورجال الشرطة ([9] ) .

وقبل إحداث البلديات وقبل استخدام الكاز والكهرباء، كانت الأضواء في الشوارع عبارة عن قناديل الحراس الضئيلة النور، ويحمل الناس فنارًا صغيرًا (مصباح ورق) وشمعة صغيرة، والأعيان يستعملون الفنارات الكبيرة مصنوعة من المشمع وغلافها من النحاس ([10] ). ((وقد مر وقت منعت فيه الحكومة سير الناس بعد صلاة العشاء دون مصابيح)) ([11] ). وكانت الدور تضاء في الليل، قبل استخدام الكاز والكهرباء بالزيت والشمع فقط، فكان السراج الفخار الذي يملأ زيتًا وتوضع فيه فتيلة هو المصباح الوحيد لجميع الطبقات. وفي الدور الكبيرة كانت توجد الشموع، وتوضع في الشمعدان النحاسي الأصف، واستعملت القناديل الصغيرة ذات علب معدنية مملوءة بزيت الزيتون، يضيء بواسطة خيط من القطن. ويرسل في الجو نورًا ضئيلاً ([12] ). وقد استخدم زيت الكاز فيما بعد للإنارة في الدور والشوارع .

شهدت دمشق منذ مطلع القرن العشرين تقدمًا في وسائل التنوير (وبالتالي النقل): فقد حصلت الشركة الفرنسية البلجيكية للترامواي والنور الكهربائي على أول امتياز في بلاد الشرق([13] ). وكانت محطة توليد الكهرباء بالتكية ( على شلال مياه بردى)، كافية لسد حاجات المدنية بالتنوير (وفي تسيير الترامواي) . ولم تكن أية مدينة أخرى، عدا بيروت ودمشق، تضاء قبل الحرب . وبسبب تمديد الكهرباء إلى الدور ((لم تعد محطة التكية قادرة على تلبية الاحتياجات المتزايدة، لذلك عملت الشركة لقطع التيار عن كل حي مرة في الأسبوع ولتخفيض معدل الفولتاج)) ([14] ).

أما عن وسائط النقل في المدينة : فكانت الدواب هي واسطة النقل داخل المدينة وإلى القرى المجاورة، وكانت غالبية الرجالات المعروفين، يملكون اصطبلاً عامرًا بالجياد العربية العريقة الأصلية ([15] ). وقد عرف عن أهل الشام عنايتهم بتربية الخيل واقتنائها والمتاجرة بها ([16] ). وكان سوق الخيل في دمشق بمثابة مركز شركة النقل أعدت فيه الحُمُر البيضاء للنقل ولُوّن ذيلها باللون الأحمر ولها برادع بشكل واحد .

ووجدت للتنقل داخل المدينة عربات ( كرّوسه وأصلها Carrousaالإيطالية) تجرّها الخيل ومقرها في الجانب الشرقي من المرجة تحت ظلال شجيرات الصفصاف حول حوض ماء ([17] ) . وكان لبعض بيوت الثراء في دمشق سّواس عربات (كروسه) خاصة. وتميّزت العربات بصوت عجلاتها الحديدية، إذ لم يكن بعد قد استعملت الإطارات المطاطية. وكان من الصعوبة بمكان أن تجتاز العربة طريقها بين المشاة والباعة المتجوّلين والأولاد الصغار والعربجي ينادي الناس بالابتعاد أو يستعمل الزمور (وهو طابه من المطاط يعصرها فيخرج الصوت من البوق النحاسي).([18] )

وقد أصبح اتصال أهل دمشق مع الخارج في هذه الفترة أكثر سهولة مع تطوّر وسائط النقل الخارجية، وبعد أن كان الناس يعتمدون في أسفارهم ونقل تجارتهم إلى الخارج على حيوانات الركوب التي تقطع الطرق بقوافل، عُرفت واسطة نقل خارجية بين دمشق وبيروت هي العربات التي تملكها الشركة الفرنسية ديلجانس Delegance (عربة تتّسع لـ 18 راكبًا تقطع المسافة بين المدينتين بيومين)، والحنطور ( يقطعها بـ 12 ساعة وعدد ركابه أربعة ) . وكانت على طول الطريق مراكز لتبديل الجياد أو البغال ([19] ).

وجاءت السكك الحديدية لتزيد أهمية دمشق فقد أحدث بينها وبيروت عام 1895م ، طريق غير مباشر للسكة الحديدية الضيقة (شركة فرنسية ) تقطع المسافة في 9 ساعات، ومن محطة رياق يتفرّع خط حلب ويقطع المسافة في (18) ساعة ([20] ) . وكانت سكة حديد الحجاز (الشمندوفير) التي دشنت 1908م تمتد من دمشق إلى المدينة المنورة (طولها 1321 كم ) ومحطتها في دمشق من أجمل الآثار الحديثة هندسة ([21] ) . وعُزّز ارتباط المدينة بدمشق بأسلاك تلغرافية ([22] ) .((وقد بدأ العمران يسري بفضل السكة الحجازية إلى بعض المحطات)) ([23] ).

وكان أهل ذلك العصر يسمعون بالطائرة ويرون رسمها وهي ذات محرك واحد وطولها (7) أمتار والجناحان (7) أمتار ومقاعد الطيارين مكشوفة. وقد خرج أهالي دمشق إلى مرجة الحشيش لمشاهدة أول طائرة تصل إلى سماء  دمشق 1914م، ووقف الخطباء والشعراء مع أفراد الحكومة للترحيب بالطيارين فتحي وصادق . وجاء خبر سقوطها وموت طياريها قرب بحيرة طبرية، ودُفن الطياران بجوار قبر صلاح الدين . وقدمت طائرة ثانية إلى دمشق بعد أسبوعدون احتفال، وسقطت في البحر أمام مدينة يافا ونجا أحد طياريها، ((وظلت الحادثتان مدار حديث الناس إلى أن أعلنت الحرب فشغلتهم فواجعها )) ([24] ).

وكان السفر من دمشق إلى جميع أنحاء البلاد العثمانية متاحًا في الفترة موضوع الدراسة، إلا أن السفر إلى البلاد الأجنبية لم يكن مألوفًا وغير ميسر بسهولة لمن لا يتكلم لغة أجنبية ([25] ) .

ولم يكن في دمشق، ولا في غيرها من المدن العثمانية، حتى منتصف القرن التاسع عشر، أي إدارة تخطيط أو تنظيم بلدي، إذ كان للمدينة تجهيزات جماعية (حرفية وسكنية) تتولّى الخدمات العامة (طرق صحية وحراسة وغير ذلك). ولم تنشأ البلدية إلا بعد عام 1860م، فعرفت المدينة تغيّرات ملحوظة في مجال تخطيطها المدني، وأخذت بالاتساع خارج الأسوار ومع أن هذا لم يكن نابعًا عن مخطّط كلي في تصوّر الولاة، إلا أنّه حقّق حدًّا معّينًا من التوازن، وجاء استجابة للمحور الاجتماعي (الديني التجاري) المتمثّل في طريق الحج، وللمحور السياسي (الهجرات) ولتيار الإصلاح (مباني إدارية ومستشفيات) ([26] ).

بالنسبة للمحور الأول فقد طرأ على حي الميدان في الجنوب نمو جديد وأقيمت على طوله (3 كم) المهن والصناعات والأسواق التي لها صلة بقوافل الحج وينتهي (بباب الله) الذي كان يخرج منه الحجاج إلى الحجاز ([27] ). وقد سكن في الحي عدد من المغاربة هربًا من اضطهاد الفرنسيين والإيطاليين كما نزل فيه عدد من تجار الحبوب النجديين وعدد من مسيحيي حوران ([28] ) .

أما بالنسبة إلى المحور الثاني فإن قدوم مهاجرين جدد من الرومللي عام (1891م)، ومن كريت عام ( 1900)، قد أدى إلى إعمار أجزاء واسعة من سفح قاسيون (في الشمال الغربي) بعد أن كان جبلاً أجرد ليس فيه إلا المدارس الأثرية والمدافن ([29] ). ويعود الفضل بإنشاء الحي الحديد (المهاجرين) إلى والي دمشق ناظم باشا، وكان نواة الحي (المصطبة) والسرادق اللذين أقيما خلال زيارة (إمبراطور ألمانيا) 1898 ([30] ). وأخذت كثير من الأسر الموسرة تنتقل من المدينة القديمة، وتعمر سفح الهضبة التي تطل على منظر السهل الفسيح . وقد حدث تطور مماثل في الأحياء الشمالية الشرقية في دمشق القديمة (باب توما والقصاع) لسكن الأوربيين من قناصل وتجار وبعثات. وقد بدأت الأسر التركية الكبيرة تلتف حول السراي الجديدة خارج المدينة في ضاحية على طول القناة الرومانية القديمة تدعى القنوات، وامتد العمران إلى حي سوق ساروجة وأطلق عليه استانبول الصغرى ([31] ) .

وشرع الولاة المتعاقبون (وأولهم مدحت باشا 1878م) في إطار سياسة الإصلاح، بتنفيذ أعمال عمرانية حديثة، واستُبدلت الشوارع بعدد من الحارات القديمة، كما جرى تعريض القسم الغربي من (الشارع المستقيم) وتمت تغطيته بالصفائح المعدنية، وأصبح يعرف باسم مدحت باشا. وشُقت طرق حديثة تصل المدينة القديمة بأحيائها الجديدة : منها شارع من سوق الحميدية إلى محطة الحجاز (شارع جمال باشا ) وآخر من جانب المحطة إلى باب سريجة هو شارع خالد بن الوليد ([32] ) .

وكان لهؤلاء الولاة تأثير كبير في إنشاء أبنية رسمية ذات طراز عمارة غربية على الأراضي الخالية في غرب المدينة القديمة وعلى ضفتي النهر. فبنيت السراي (مقر دار الحكومة) وقصر الوالي (في المهاجرين) ومعهد الطب والمستشفى الوطني (الغرباء) ودائرة البلدية و إدارة شركة الترامواي ودائرة العدلية والثكنة الحميدية ومحطة سكة حديد بيروت والحجاز ودار المعلمين (جوار التكية السليمانية) ومستودع الذخائر الحربية (جبخانة) ودائرة الأملاك السلطانية ودائرة البريد والبرق ومستودع المدافع وثكنة التلغراف وثكنة المتطوعين ومخفر المستشفى العسكري ([33] ). ولأن ذلك العهد شهد كثرة أعداد الوافدين الأجانب الذين بدأوا يصلون من بيروت بالعربات (ديلجانس) على الطريق الجديدة ([34] )، تمّ إنشاء فنادق جديدة إضافة إلى الفندقين (اللوكندة) الوحيدين. ويعتبر فندق فيكتوريا الذي كان قائما سنة 1910م من أقدم فنادق دمشق الحديثة في تلك الفترة .

وقد حدث بعض الخلل في تنظيم تزويد المدينة بالماء في فترة موضوع الدراسة بعد أن ظلت المدينة منذ القديم تتغذى بالماء من نهر بردى عن طريق شبكة معقدة من الفروع الصغيرة تجري تحت الأرض بالأنابيب (قساطل) فخارية أو حديدية وتظهر في الطوالع (المقاسم) في الأحياء، ومنها تجري إلى الأحواض (البرك) في الدور والمساجد والحمامات والخانات والمعامل . واضطرت الحكومة، بعد أن تكاثر عدد السكان إلى الاستعانة بمهندس إيطالي في عام 1904م لجرّ قسطل جديد من عين الفيجة إلى المدينة مباشرة، وجعلتله خزانًا عامًا في الصالحية حيث يقسّم منه على أحياء المدينة في أنابيب تحت ضغط الهواء تفتح أفواهها إلى 35 منهلاً يستقي منها الناس ماء الشرب مجانا ([35] ) .

ومع أن الدمشقيين عرفوا بشدة ولعهم بعمارة بلدهم فإن من يجول في المدينة القديمة، لا يجد في الشوارع الضيّقة، عدا الأوابد التاريخية، سوى أبنية ذات جدران بسيطة استعمل في بنيانها طين وخشب و كلس ولبن ([36] ). ذلك أن الدمشقيين اعتادوا إهمال زينة الدور من خارجها والاكتفاء بتزيينها من داخلها  وتفتح منافذها على صحن الدار. وهو فناء فسيح مفروش بالرخام أو  بالحجر الصناعي في وسطه بحرة (بركة) تغلف بالأحجار البلدية أو الرخامية  يتدفق الماء إليها. وفي أطراف البحيرة أحواض الزهور والأشجار دائمة الخضرة . ويقع على جوانب الصحنالغرف السفلية (المربع) وقاعة كبيرة أو أكثر (إيوان) تزدان جدرانها بالأحجار المنقوشة أو المحفورة وسقف القاعة من أعواد الحور يتخللها ألواح خشب رقيقة تطلى بالدهان الهندي على أشكال طيور أو  أشكال هندسية، أو تملأ بالجص الملون. وفي أعلى الجدار منافذ علوية من قطع زجاجية ملونة وكتابات من آيات قرآنية وقصائد. وتحوي القاعة بركة ماء، و(كتبية) لوضع وأوائل الزينة (وخرستان) و(يوك) وهي خزائن لوضع الحوائج. وتصنع أبواب ونوافذ القاعات (والمربعات) من قطع خشبية رقيقة ترص على أشكال هندسية وتزخرف بالدهان الهندي .

وتقع دائرة المطبخ في زاوية من صحن الدار فيها دكة وبحرة وموقد ورفوف، وبجانب المطبخ بيت المؤونة (أو في قبو). وفي جهة خالية من الصحن سلالم حجرية توصل إلى شرفة في جهة منها الغرف العلوية، وهي خاصة بالشتاء. وتفرش أرض الدور بالحصر ثم البسط والسجاد وتوضع على أطرافها المقاعد (الطوطي) أو الدواوين، وتغلف المساند (المخدات) بنسيج دامسكو أو دوشمة أو الديما (صوفي أو حريري أو قطني) . وتعلّق المرايا على الجدران أو في إطار له رفوف، وتوضع الثياب في (صناديق) ذات قوائم مرتفعة من خشب السرو والصنوبر أو خشب الجوز المزخر ف بالأصداف أو النقوش . وفي آخر الفترة موضوع الدراسة أهملت الصناديق وأحدثت الخزانة المتحركة ذات المرايا من خشب الجوز المزين بالأصداف أو المحفور ثم استعيض عن الأخشاب البلدية بالخشب البسيط (الشوح) المستجلب يلبّس بقشرة الجوز أو يصلى بلونه و يزين بقطع قصدير ملون ([37] ).

وكانت الواسطة الوحيدة للتدفئة داخل الدور في فصل الشتاء هي الموقد (المنقل أو الكانون) الترابي أو الحديدي أو النحاسي الذي يملأ فحمًا نباتيًا . وبدأ استجلاب مواقد (صوبات) حديدية أو فخارية من الخارج يوقد بها الحطب أو الفحم الحجري . وكانت أحطاب الأشجار وأغصانها المتحطمة تؤمن حاجات الوقود، ويساعد الفحم المستعمل في الاصطلاء (التدفئة) على الطبخ . وأدت عوامل منشؤها الجهل والطمع، إلى تناقص الوقود: كإهمال أصحاب البساتين غرس الأخلاف مقام الأشجار المقطوعة، وتحوّل البساتين إلى شوارع ودور. وأصبح الفحم الحجري (الذي يستخدمه أرباب الصناعات في معاملهم) يستعمل في مواقد التدفئة رغم غلاء سعره وانتشار الروائح الكريهة . ثم اتجهت الأفكار إلى استخدام زيت الكاز في الوقود والتدفئة، إلى جانب استعماله في الإنارة ([38] )

وقد طرأ على أشكال الدور في دمشق في أواخر الفترة موضوع الدراسة تطورات كثيرة لدواع : أهمها تزايد النفوس والميل إلى التجديد وتقليد الطراز الغرييفي العمارة والزخرفة (الباروك والروكوكو وغيرها) التي أخذت محل أسلوب العمارة العربي الإسلامي أو ممتزجة به وخاصة بعد إشارة بيوت حديثة لسكن الأوربيين([39] )، إلا أن التجديد لم يرضى كل الأذواق لأنه أفقد الدور رونقها من سعة وإبداع .

وهكذا وقبل انتهاء العهد العثماني أصبحت دمشق مدينتين متميزتين : الأولى قديمة محافظة فخورة بماضيها التليد وأوابدها العريقة وشوارعها المتميزة بضيقها وتعرجها وأسواقها الضيقة الظليلة، وأخرى حديثة المظهر بشوارعها العريضة المستقيمة وأبنيتها ذات الهندسة الغربية ([40] ) .

ثانيا : الحياة الاقتصادية

بقيت الغوطة التي تحيط بدمشق من جهاتها الأربع خلال الفترة موضوع الدراسة طافحة بالمغروسات على نوعيها : الفواكه والخضار وأشجار كبيرة كالسرو والزيتون والحور تؤلف أحراجًا كثيفة أصبحت مشرفة على النفاذ، ذلك لأن العادة بأن يستعاض عن كل شجرة تقطع بغرس شجرة مكانها قد أهملت، كما فقد قسم من البساتين بعد اتجاه الرغبة نحو البناء في الفلا

 ((فضاقت دائرة الغرس والزراعة، وقلّة الغيث سببها تناقص الأشجار ([41]))). وظلت أكثر الأدوات المستخدمة لدى فلاحي دمشق، كسائر فلاحي الشام، هي المحراث والمحصاد القديمين الذين تجرّهما الأبقار أو الخيول في الفلاحة أو الحصاد لضيق البساتين وكثافة أشجارها التي لا تمكن من استعمال الآلات الحديثة .

واستمرت عادة أهل دمشق في بيع الأثمار على الأشجار قبل أن تنضج، وهو ما يسمى (الضمان) ([42] ) وهو تجارة مهمة ينتفع بها الضامن وصاحب الأرض والعمال والباعة معًا، وله أصول وقواعد معروفة ومرعية: فيطوف طلاّب الضمان بعد منتصف نيسان البساتين، ويرون ثمارها ويقدرون وزنها وقيمتها. كما أن صاحب البستان يقدّر الكمية والقيمة على حدة، وإذا اتفق الضامن وصاحب البستان على بَدَل معين يؤدي الأول عربونًا إلى الثاني. وينتظر كلاهما ليلة عيد الخضر (مار الياس)، وهي آخر ليلة يحتمل فيها وقوع الصقيع، فإذا انقضت الليلة بسلام يعد الضمان نافذًا، وإذا أصيبت الأشجار بضّر يكون الضامن مخيّرًا في قبول الضمان أو العدول عنه .

وكان كثير من الملاكين الغائبين في المدينة يملكون المزارع والبساتين في القرى المجاورة لدمشق، وكانت المشاركة في المحاصيل مع الملاكين الغائبين هي القاعدة السائدة ((مما يجعل الفلاح مديونًا باستمرار وغير مطمئن على حيازته ([43] ))). وكانت أكثر المظالم التي عانى منها فلاحو الغوطة، كسائر فلاحي البلاد، هي التي ترافق ضريبة العشر التي تحصلها الدولة من رعاياها في

القرى. وكانت الدولة تطرح الأعشار في المزاد العلني لكي تقبض ريعها سلفًا من الملتزمين وهم من أرباب النفوذ الإقطاعيين، وتطلق لهم العنان في تحصيلها من المكلفين . وتحدث أحد المعاصرين ([44] ) عن أشخاص يسمون (العوانية ) فكان الملتزمون يستعينون بهم في التحصيل مقابل نصيب من الأرباح، وكان ((القليل من العشارين يتقون الله في أخذ العشر من الفلاحين. ولم يُر ممن يتعاطى هذه الحرفة من حَسُنت نهايته ([45] ))).

وظلت دمشق، كما عُرفت في معظم عصورها، مدينة صناعية، كما هي مدينة زراعية تجارية ([46] )، لوفرة المواد الأولية المستخرجة من أرضها، وإلى أن رجال حرفة ما يرثون مهارتهم في الصنائع التي يتقنونها عن أجدادهم وينقلونها إلى الأجيال التالية ([47] ). وكان أهل الحرفة الواحدة (الكار) يمثلون رابطة تستعين بها السلطة لإدارة شؤون أهل هذه الحرفة ([48] ). وأعجب صاحب المقتطف ([49] ) ببراعة أهل دمشق في الصناعة . كما تحدّث صاحب الهلال ([50] ) إلى امتياز دمشق في الصنائع اليدوية على سائر سورية. ومن أنواع الصنائع الدمشقية البديعة : الحفر الناتئ والتطعيم والنقش على الأحجار والأخشاب والمعادن والنسيج والوشي وعمل السيوف والنبال والتجليد والتذهيب والحجر الكاشاني وغيرها . وهي صنائع ((كانت تسد حاجات البلد وتفيض عنها فتصدرها إلى سائر الجهات المعمورة وتستدر منها الأرباح الطائلة)) ([51] ).

وقد شهدت الفترة موضوع الدراسة منافسة البضائع والصناعات الأجنبية للصناعات التقليدية ([52] )، إلا أن بعض تلك الصناعات بعد تطويرها صمد في وجه المنافسة ([53] ) من ذلك ((الصناعات الشامية في ميدان النسيج (الديما والألاجه والشال) ما برحت رائجة لمتانتها وجمالها وثبات ألوانها ورخص أسعارها، والذين يعانون صنع الثياب والنسيج من القطن والصوف والحرير وقفوا بما اخترعوا من الأنوال في وجه الثياب المصنوعة في الغرب، كما أن أهل دمشق ما زالوا يتفنّنون بالنجارة، وصناديق السرو وخشب الجوز المحفورة فيها نقوش وصور جميلة وحلقات السرو لتزيين القصور والقاعات، بيع كثير منها إلى الغرباء لما خصت به من المتانة والجمال )) . ومن الصناعات التي ظلت مدينة دمشق تتفرد بها، صناعة الدهان ذي الألوان الثابتة ( العجمي )، وصناعة التنزيل في خشب الخزائن والمقاعد والكراسي بالصدف ((وكانت تباع منها مقادير عظيمة في أمريكا )) . وصناعة أواني النحاس المكّتب والمعّرق ومنها ما يعمل بالميناء ومنها بالفضة ((فراجت رواجًا عظيمًا في الممالك الأجنبية وتنافس أرباب الذوق في اقتنائها)).

وتحدّث بعض المعاصرين بأسى عن تراجع بعض الصناعات التقليدية التي اشتهرت بها دمشق: ((الأعمال النحاسية زالت عنها النواحي الفنية بسبب إهمالها من قبل المتقنين فبقيت نواحيها العادية، على أنه لا يزال هناك من أساتذة هذه المهنة من يستطيع صنع أوعية بأشكال هندسية رائعة، ولكن ليس هناك من يرغب في الاقتناء لعظيم أجورها. أما الأعمال الخشبية للمناضد والكراسي والصناديق المصدفة والحفرية، زالت (اليوم) برغبة الناس عنها. وأما بقية الحرف فكانت تسير بالدقة والإتقان بشكل يتناسب ومقدرة المستهلكين لا على نسبة مهارة وكفاءة صناعتها وحذّاقها، لذلك أخذت بالتدنّي ([54] ))) .

ومن أهم الصناعات التي اندثرت في دمشق صناعة القاشاني ((فقد بادت بفناء أربابها ([55] )))، وصنعة السيوف الدمشقية وترصيعها بالذهب والفضة (داماسكين) تكتب فيها آيات وأشعار بماء الذهب، وصنعة الوشي (داماسكو) وهي الديباج، وصنعة النقش والطلاء (الدهان الهندي) التي جدّدها البعض ولم تلق رواجًا لغلاء كلفتها، وصنعة الحك والحفر الناتئ ((وهي تكاد تفقد لرغبة الناس عن خشب الجوز والتخوف من نفقاتها ([56] ))). ومن الصناعات الأخرى التي اندثرت: صناعة الورق وصناعة الشمع ((وكان لها شأن عظيم قبل اكتشاف النفط واختراع الكهرباء ([57] )))، وكانت تصنع شموع ضخمة تجعل على جوانب المحاريب، وكذلك شموع الحرمين الشريفين التي تحمل كل سنة ([58] ) .

وقد سجّل معاصرو تلك الفترة بعض المحاولات التي لم يكتب لها النجاح لإنشاء معامل حديثة في دمشق، تقف في وجه الصناعات الأوربية، كإنشاء معمل للغزل في أواخر القرن التاسع عشر، لم يقو على الثبات تجاه المضاربات الأوربية فأهمل وباد ([59] ). وفي عام 1910م قام أول معمل للزجاج في دمشق، أغلق ، لما بدأ الغرب يخرج المصنوعات الزجاجية رخيصة الثمن بديعة الشكل ([60] ) .

وفي الحقيقة كان صناع تلك الفترة يتوقون إلى إدخال التطوير الحديث على صنائعهم : من ذلك صناعة النسيج إذ بعد أن كان النسيج مقتصرًا على غزل الخيوط البلدية بالمحركات العادية اليدوية، ((أصبحت (اليوم) تتمشّى مع قواعد الفن وبآلات ومحركات القوى الكهربائية)) وبعد أن كانت صناعة الجلود بشكلها البدائي ((فإنها (اليوم) تخرج جلودًا تضارع بها ما تنتجه فرنسا أو إنكلترا)) ([61] ). ودخلت المجتمع الدمشق بعض الآلات الجديدة كآلة الخياطة (ماكينا)، ((وهي من أشغال الفرنج ذات دولاب وآلات مما يبهر العقول والخياطة بها قد تعلمها كثير من نساء المسلمين)). كما عرفت دمشق آلة (الفوتوغرافيا ))). واللفظة يونانية معناها الرسم بالنور، وهذه الصنعة من ألطف الصنائع وأدقها ([62] ))) .

واستمرت شهرة دمشق التجارية، كنقطة اتصال التجارة بين الشرق والغرب، رغم تراجعها نوعًا ما عندما دخلها العثمانيون، لكنها ظلت متماسكة بفضل موقعها الجغرافي ومهارة أهلها في أمور التجارة والصناعة ووقوعها على طريق الحج، فقد ((أحدث الحج في المدينة حركة نشطة ظلتحتى أوائل القرن العشرين العامل الأهم في تطور تجارتها ([63] ))). وتشهد الخانات التي ظلت قائمة في دمشق على مكانتها التجارية، رغم تراجع وظيفتها ([64] ). وتشرف الخانات على الأسواق مباشرة ببواباتها المصنوعة من الخشب والمصفحة بالحديد والنحاس. ومن أشهر خانات دمشق خان أسعد باشا ([65] ).

وانسجامًا مع نمو الحركة التجارية، وخاصة بسبب مواسم الحج شهدت أسواق دمشق، التي تعدّ من أفضل أسواق الشرق ازدهارًا ملحوظًا في هذه الفترة ([66] ) . وذكر (J.L. Portered) وهو رحالة إنجليزي ([67] ) ((من الممتع التجوّل بين هذه الأسواق ومشاهدة أنواع المعروضات الثمينة من السيوف والدروع والأسلحة المطعمة والثياب الموشاة بماء الذهب وأنواع السجاد الثمين )). ولاحظ أمام كل حانوت مصطبة أو (دكة) يجلس عليها التجار بين بضائعهم، كما لاحظ أن الأسواق مغطاة بسقوف خشبية لاتقاء الغبار والأمطار وكانت الأسواق التي تقع في قلب المدينة الاقتصادي، ويختص كل منها في صنف من أصناف المبيعات أو الصناعات، تعج بالحركة والنشاط نهارًا ثم تكون مغلقة بالليل عندما يعود أصحاب الحرف والتجار إلى منازلهم ([68] ) .

وشهد النصف الثاني من القرن التاسع عشر استحداث أسواق تجارية جديدة أهمها السوق المعروف بمدحت باشا وهو يقع إلى الجنوب داخل السور، وهو جزء من الشارع المستقيم القديم الذي يصل باب الجابية بالباب الشرقي، وسوق الحميدية الذي يقع جنوبي القلعة من الغرب إلى الشرق بين باب النصر وباب البريد، (بني القسم الغربي من السوق 1780م والقسم الشرقي عام  1883م )، وجرى تجديد السوق واستبدال بالسقف الخشبي سقف حديدي في عهد ولاية ناظم باشا([69] ).

وكانت العملة المتداولة في تلك الفترة كثيرة التنوّع : ((الليرة العثمانية قطعة من الذهب تساوي 100 غرش أو خمس مجيديات، والمجيدية قطعة من الفضة تساوي الواحدة عشرين غرشًا، والغرش الصاغ عملة مصكوكة من النيكل تساوي 40 بارة وينقسم إلى أربع قطع كل واحدة قيمتها 10 بارات. وهذه الأخيرة تسمى متليكًا والاسم آت من لفظة Metalique أي معدني بالفرنسية. والمتليك ينقسم إلى خمس نحاسات وكل عشر نحاسات تساوي بشلكًا وهي قطعة من النحاس الأسود . ولم تكن العملة الورقية معروفة قبل الحرب ([70] ) )) .

وفي تلك الفترة تأسّست في دمشق، كما في أنحاء الدولة العثمانية، المصارف والبنوك، وهي وكالات تابعة لبنوك أوربية لتسهيل التجارة، ولم يحمل استحداثها الخير كله ((لأنها أخذت تستجلب للتجار جميع ما يطلبونه من البضائع والصنائع الإفرنجية وتسلّفهم كلما يرغبون، فاتسعت تجارة البلاد وازدادت معاملاتها ازديادًا لم يستطع تجارنا وقفة عند حاجة البلاد الطبيعية،

فاختلطت معهم ميزانية العرض والطلب وأخذوا يتسابقون باستجلاب البضائع، ويراكمونها في مخازنهم مما يستدعي الكساد الذي يضطرهم لبيعها برؤوس أمولها أو بأقل منها، كي يتمكنوا من تسديد أقساط المصارف المستحقة عليهم، حتى أصبحت مساعي التجار وأرباحهم كلها عائدة للبنك دون سواه ([71] ). وقد يكون هذا أحد عوامل التحول الذي أصاب مركز دمشق التجاري في الفترة موضوع الدراسة حيت تمكّن الغرب من افتتاح أبواب الشرق لتجارته، وخاصة بعد حصول التطوّر الاجتماعي والترقّي الصناعي في القارتين الأوربية والأمريكية واستخدام البخار في معامل الغرب ومصانعه وطرقه وسفنه .

وزاد الوضع تفاقما افتتاح قناة السويس وتحوّل تجارة الشرق الأقصى إليها فانقطعت عن دمشق بذلك الواردات العظيمة التي كانت تأتيها بطرق القوافل البرية ([72] ) . ولاحظ أحد المعاصرين ([73] ) امتلاء أسواق دمشق ببضائع الغرب المزخرفة المتنوّعة الأشكال التي أخذت تزاحم الصنائع المحلية. ويعلّق معاصر آخر على هذا التطور ([74] ) ((ونحن تجاه التيار الجارف اكتفينا بالأرباح الطفيفة التي تأتينا من وراء العمولة بترويج هذه البضائع، ولم نسع لمجاراة الغربيين بالعلم والعمل وترقية صنائعنا التي تحفظ لنا ثروتنا وتجعلنا في غنى عن الغير .

ولم تقتصر مزاحمة البضائع الغربية على الحاجيات التي ألفناها، بل اختلاطنا بأهل الغرب ساقنا إلى تقليدهم في أزيائهم وعاداتهم، فتنوعت بذلك

الحاجات التي لم نكن نعرفها من قبل)). ويضيف بأن ((المحاولات لإحداث انواع من الصنائع تقود إلى اقتصاد شيء من ثروتنا استلفت أنظار الرقباء الواقفين لنا بالمرصاد، فخفّوا لخنق هذه البضائع بمهدها، وذلك بتخفيض أسعار ما يماثلها من صنائعهم إلى أقل من أسعار الأوائل الخام. ولما كانت رؤوس أموالنا لا تساعدنا على الخسائر الفادحة اضطررنا إلى إحناء الرؤوس تجاه جبروت هذه المضاربات)) .

ثالثا : الحياة الاجتماعية

قدر عدد سكان دمشق في عام 1880 م بـ 000,0 15 نسمة ([75] ) وبلغ في عام 1914م، 300,000 نسمة ([76] ) . ومعظم سكان دمشق عرب مع أقليات مستعربة من الأتراك والشراكسة والألبان والأرمن، ومن الوجهة الدينية والمذهبية فإن أكثرية أهل دمشق، من المسلمين السنيين مع أقلية شيعية ودرزية، والمسيحيون لا يزيدون على سدس المجموع منهم الأرثوذكسي والكاثوليكي والسرياني والماروني والإنجيلي، كما يوجد خمسة آلاف من اليهود المواطنين ([77] ). ((وانتفعت دمشق بهذا الاختلاط فقد ((كثر الذكاء، وتوفر في أهلها الحزم والعزم )) ([78] ). وقد أشاد صاحب المقتطف ([79] ) بأهل دمشق فهم ((على غاية من اللطف والرقة ولا يزالون على ما اشتهر به العرب من مؤانسة

الزائر وإكرام الضيف)). وقال صاحب الهلال ([80]) عن الدمشقيين بأنهم ((أهل لطف وظرف ودماثة وضيافة)) .

ورغم ما يجمع أهل دمشق من مزايا متقاربة إلا أنه في ثنايا المجتمع الدمشقي، في تلك الفترة، عدد من الفئات الاجتماعية، يأتي في مقدمتها موظفو الحكومة : وكان معظم الموظفون الكبار من ولاة وقادة وموظفين يأتون من العاصمة وخاصة من المتمرنين في دوائر الحكومة، وألقابهم تعطى بفرمان سلطاني([81] ). وكانت غالبية أهل البلاد سوى بضعة أشخاص تبتعد عن وظائف الحكومة، لعدم معرفة لسان الدولة الرسمي الذي لم يكن يعلمه سوى قلة . وبعد أن أحدثت التشكيلات الإدارية المتعددة في عصر التنظيمات فتح باب التوظيف لجميع أبناء البلاد ووصل إلى مراتب الدولة العليا عدد من أبناء الشام ([82] ). كما وصل إلى مجلس المبعوثان نواب عن لواء دمشق ([83] ).

واختلفت نظرة المعاصرين إلى موظفي الحكومة: فقد وجد البعض أن تقليد الوظائف العامة كان وفق الاقتدار والجدارة ([84] )، ورأى البعض الآخر ((أنه لم يكن يقبل الوظيفة في الدولة العثمانية بوجه إلا اثنان فقير معدم ووجيه متنّفذ )) ([85] ). ووُجّه النقد إلى ولاة الأمر لقلة بصيرتهم وفسادهم وسرعة تبديل الولاة وسائر العمال وإلى أن معظم هؤلاء العمال يبتاعون مناصبهم بالمال([86] ). وقد تصدّى عدد من الشبان السوريين الذين تخرّجوا في المدرسة الملَكية في الآستانة وغيرها من المعاهد العلمية لظلم الإدارة الحكومية ([87] ) .

وشكّل الأعيان الفئة الاجتماعية الثانية في السلّم الاجتماعي: وهم العريقون في الوجاهة والثراء ولهم النفوذ في السياسة المحلية ([88] ) . ولم يكن للطبقة هذه عمل معين سوى قبض إيجار العقارات التي يملكونها وجني أرباح أراضيهم والقيام بالاجتماعات والزيارات. وحياتهم فيها ((بذخ وترف يقتنون الخدم على اختلاف ألوانهم وتربية الأولاد بأيدي هؤلاء، وأن كل من أراد التقرب من الأغنياء يغدق عليهم المديح جزافًا فيصدقونه ([89] ))). وما يؤخذ على الأعيان تنافسهم في كسب رضا رجال الآستانة وعمال الدولة، وهذا يزيد في سيطرتهم وعبثهم بحقوق الشعب ([90] ). ومع ذلك لا يمكن إغفال الدور الذي تولاّه الأعيان في حفظ النظام واستتباب الأمن في الأحياء ((ففقدان قوى الأمن ساعد على انتقال السلطات الحكومية إلى وجوه الأحياء، لذلك كان رجال الحي يعتمدون على وجوه حيهم أكثر من اعتمادهم على حماية الحكومة وسلطتها)) ([91] )، وغالبًا ما كان يساند وجوه الأحياء ( القباضايات) أو (الزكرتيه ) .

وفي الريف فئة اجتماعية أخرى هي فئة الفلاحين وقد تملّك قلة منهم الأرض التي يزرعونها وغالبًا ما يعملون كأجراء ومرابعين أو نواطير وحراس. ويصور أحد المعاصرين ([92] )، كفاح الفلاح في الغوطة في كسبه رزقه وتهافته على تجويد زراعته وهو ((يحيي الليالي لا يبالي البرد إذا كان ذلك في سقي زرعه وجمع حبّه وثمره)). ورغم وجود عدد من الملاكين يرعون شؤون فلاحيهم أو يساهمون في الزراعة ([93] )، وكانت قرى الغوطة بوجه عام تعاني البؤس ويصف أحد المعاصرين ([94] ) أحوال إحدى القرى خلال موجة من العواصف والأمطار ((وقد أمست بحيرة لا كبحيرة جنيف، إذ ليس هنا للسيول مصارف ولا للقاذورات قنوات، وطرق القرى وساحاتها موكولة نظافتها وهندستها للرياح الذاريات في الصيف تسفي ترابها، وللسيول الجارفات تضيع قماماتها وأوحالها في الشتاء)).

ويعتبر أهل الحرف والتجار فئة اجتماعية متميّزة وكان هؤلاء يحرصون على أن يقطنوا في أحياء سكنية قريبة من أماكن مهنهم دون أن يعبّر ذلك عن تمييز اجتماعي دقيق، فالروابط العائلية والجوار والصلات الفردية كانت تعمل على تقوية التلاحم بين الأهالي([95] ). وعُرف عن الدمشقيين تمسّكهم بآداب الكسب والمعاملة المبنية على أحكام الشرعية الإسلامية : الامتناع عن الاحتكار والنصح في المعاملة والامتناع عن الغبن الفاحش ([96] ) .

ويندرج في فئة أصحاب الحرف أولئك العالمين في المهن العلمية والفنية، وهي مهن كانت نادرة في الفترة موضوع الدراسة وقد يرجع هذا إلى إهمال الحكومة. وبرأي أحد المعاصرين ([97] ) ((الهندسة لا علم لأحد بها لأن الناس جميعا مهندسون بالفطرة، وهندسة الماء والجسور والكهرباء والميكانيك والشعب الأخرى لا تعلم دمشق لها و جودًا)). ولم يكن في دمشق من المحامين المأذونين الأخصائيين ما يتجاوز أصابع اليد، ولم يكن القضاة بأجمعهم أرباب اختصاص، لذلك كان القضاء مشوشًا ومدارًا لاستعمال الوساطة والارتشاء. ولم يكن في دمشق طبيب بالمعنى العلمي إنما كان أطباء نشأوا على أساس التجربة الكسبية، فكان في دمشق جميعها أربعة أو خمسة أطباء وكحال واحد . ولم يكن في دمشق طبيب جراح سوى أحد الأطباء الرسميين (السرّ طبيب عثمان باشا) تخرّج على يديه الكثيرون توزّعوا في البلاد أطباء رسميون يزاولون الطب والجراحة . وكشف معاصر آخر ([98]) أن جّده قد اكتسب خبرة الطب من مطالعته الكتب الطبية القديمة، وكان يطبب المرضى مجانًا ويعطيهم العقاقير والأدوية التي يستحضرها بنفسه ويجري لهم العمليات الجراحية. وكان في تلك الفترة طبيب بريطاني (غراهام) يقيم في بيروت تهرع له الأسر المعروفة لاستشارته([99]). وحضر إلى دمشق في عام 1903م الطبيب (آغوب) من الآستانة لمقاتلة ميكروب الكوليرا، ولما استشرى المرض في بلاد الشام أوفدت الدولة اللواء بولكوفسكي باشا (سركيمائي السلطان) ومعه 20 رجلاً بين طبيب ومطهّر ([100] ) .

وكانت الصيدلة في دمشق منحصرة في جوانب العطارين، وغالبًا ما كان الأطباء أنفسهم يعطون الدواء من عندهم فإذا احتاجوا إلى دواء أجنبي أمروا المرضى أن يشتروا الدواء من صيدلية سليم فارس (أقدم صيدلية في دمشق) ([101] ). والصيدلاني هو بائع أصناف الأجزاء الأصلية التي تدخل في العلاجات كالحشائش والزهورات والبذورات، أما (الأجزاجي) فهو بائع العقاقير الواردة من بلاد أوروبا، ((وهذه العقاقير أصبحت بفضل الصناعة الأوربية وترقّي الطبابة مضاعفة الأثمان لا يرثى فيها لفقير أو لغني)) ([102] ).

وقد حافظت فئة العلماء في دمشق على موقعها المتقدّم داخل المجتمع، فقد عُرفت المدينة بقدْر علمائها ومشايخها من رجال التدريس والتعليم، وتحوي مكتباتهم كتبًا قديمة من آثار أجدادهم ([103] ). وكان معظم جماعة العلماء والمشايخ يعقدون في المساجد الحلقات التي يتوسط كل منها أحد العلماء الشهيرين فيلقي درسًا على تلاميذه وغيرهم من القادمين عفوًا ([104] ) . إلا أن عددًا من الشبان المستنيرين في الفترة موضوع الدراسة وجّه النقد إلى فئة العلماء والفقهاء لقلة معرفتهم ولضعف الأحفاد عن اللحاق بالأجداد في العلم والفقه، ومحاولة بعض الأسر القديمة احتكار المدارس والأوقاف والوظائف الدينية ([105] ) ، ((بعد أن ظّل الناس يرون طلب العلم فريضة والأخذ عن المشايخ شرفًا عظيمًا)) ([106] ).

ويعتبر العسكريون فئة اجتماعية مرموقة: وكان التجنيد الإجباري (ومدته سنتان قد تجدد إلى 3 – 4 سنوات) قد بدأ مع إعلان التنظيمات القاضية بالمساواة التامة لمختلف القوميات. وبرأي أحد المعاصرين ذي النشأة العسكرية ([107] ). أن السوريين راحوا يتقدمون إلى الخدمة العسكرية من تلقاء أنفسهم وفي مهرجانات عامة وكثيرون أحبوا الحياة العسكرية وبقوا فيها بعد انتهاء خدمتهم وتدرجوا في مراتب الجيش. كما دخل غيرهم المدارس العسكرية لتعلم أنواع العلوم والفنون الحديثة ويتخرجون ضباطًا ذوي شهادات عالية تؤهلهم للصعود في درجات الجيش . إلا أن معاصرًا آخر ([108] ) قدم صورة مغايرة عن الخدمة العسكرية حيث كان الناس يتذرعون بكل وسيلة للتهرب منها؛ لأن الدولة في شبه حرب مستمرة، ولكل قادر على تقديم البدل كان لا يتوانى عن دفعه . وحين كانت الإدارة المحلية تعمد إلى إصدار جداول بأسماء من تشملهم الخدمة الإلزامية تكثر التلاعبات، ((وفي حالات النفير العام تعاد الإساءات والمظالم والثراء غير المشروع للمخاتير ورؤساء التجنيد فبذلك يكثر الفارون من الجيش وتتحمل الحكومة نتائج موظفيها )).

وتغنّى أهل ذلك العصر بنساء دمشق، فهن ((في غاية السكينة والاحتشام فيبرزن غير متبرجات ولو كن متنزهات ومتفرجات، وعلى وجوههن المناديل وعلى رؤوسهن الإزار الطويل، نساء النصارى لا يُعفرن فيها ولا يتبرّجن كما في مثل بيروت فإنهن كنساء الإفرنج ([109] ))). وأشاد دمشقي معاصر ([110] ) بنساء مدينته (( وجمال طلعتهن وحسن هندامهن وهن في الإجمال ربات بيوت عرفن

بصبرهن وجرأتهن على الاغتراب وإن الزي الذي تتزين به المرأة الدمشقية ليسري إلى نساء القطر)) .

واتّسمت حياة المرأة الدمشقية في الفترة موضوع الدراسة بروح المحافظة وأبدى أحد المعاصرين ([111] ) إعجابه بهذا النمط فالنساء ((يقبعن في دورهن حيث يقضين معظم الوقت بالعناية بالمنزل أو الإشراف عليه لو كان لديهن خادمات، وبالأولاد وبتحضير المآكل و التفنن بها والعناية بزينتهن أو بالتطريز والخياطة)) . أما النساء الأقل ثراء فكن يعملن في مهن معينة سواء في المدينة (الأسطة والبلاّنة والرسّامة والغسّالة والماشطة، والنقاشة)، أو في الريف (المحمّرة والمعشّبة وغيرها) ([112] ).

وقد وجّه أحد أبناء الأعيان ([113] ) نقدًا مريرًا لنمط الحياة التي كانت تحياها المرأة في تلك الفترة ((متأثرة بالمحيط الضيق الذي كانت تعيشه، فكانت الزيارات قاصرة على الأهل والصديقات. وكانت المرأة تسير وهي تتعثّر بخطاها بسبب كثافة المنديل الذي يحجب وجهها، أما الملاءة التي ترتديها فمن اللون الأسود وتتدلّى حتى الأرض تحجب المرأة كاملاً وكانت الاجتماعات التي تروق للنساء هي التي تعقدها في الحمامات باللهو والغناء وسماع الموسيقى والأكل والاستحمامات)). والحمامات هي من معالم دمشق التقليدية وتفتح أبوابها من العشاء وحتى ظهر اليوم التالي وتخصص الفترة

الباقية للنساء ([114] ). أما النساء في الأحياء المسيحية فهن غير محجبات ويخرجن مع الأصدقاء والأقرباء للتنزه سيرًا على الأقدام وإلى البساتين ([115] ) )).

وظلّت تقاليد الزواج ([116] ) في دمشق تتبع الأصول المتعارف عليها، تقوم والدة الشاب الذي يرغب في الزواج، برفقة قريباته، بالبحث عن فتاة موافقة ولو راقت لهن يذهب الوالد مع أقربائه لخطبة الفتاة ويُتفق على المهر، ويكون العقد في دار أبي الفتاة ومصاريفه على أهل العريس. ويتقدّم العقد تلاوة قصة المولد النبوي، ويجلس وكيلا العريسين أمام الشيخ الذي يبادر بخطبة العقد. ويتسلم والد العروس أو وكيلها كيس المهر مع بعض الهدايا، ويعقب ذلك تقديم المرطبات والحلوى وربما ألحان وطرب. ولم يكن يسمح للخطيب أن يجتمع إلى خطيبته حتى بعد العقد. ويعين يوم العرس ويأخذ أهل العروس باستحضار الجهاز وهو يتبع مقدار المهر ومكانة العروسين .

ويحمل الجهاز إلى دار العريس، الذي بعد له غرفة واحدة في الدار لوضع جهازه وإقامته، وكانت معظم العائلات الدمشقية تقيم في بيت واحد ولم يكن (الابن) يجرؤ على الانفصال عن هذا المجمّع السكني ([117] ). وقبل يوم العرس تجري الاستعدادات في دار العريس حيث تفرش أرض الدار بالمقاعد والسرر وتهيّأ الأطعمة، وكذلك يباشر أهل العروس بالاستعداد ليوم الحناء والحمام وأعمال التمشيط والتزيين والخياطة . ويكون العريس قد استعد ليوم العرس بالذهاب مع عدد من أقاربه وأصدقائه إلى الحمام ثم الحلاقة أو (التلبيسة )، ويجلس بين الحاضرين في انتظار وصول العروس من دارها برفقة وفد من النساء وهن متآزرات حتى العروس نفسها. وعند بلوغ الوفد دار العريس تلصق العروس قطعة من خميرة على الباب . وتجري النساء لها في باحة الدار (التفتيلة )، (وتجلّيها) المغنيات. ويأتي العريس ويسير معها إلى المقعدين المخصصين لهما ويقدم هدية (كشف النقاب)، وتقضي النساء الليلة بالغناء والرقص والتسامر والمداعبة . وعند الصباح يقدم العريس لعروسه هدية (الصبحية). وتدوم الأفراح مدة أسبوع تولم في آخره الولائم التي يدعى إليها أهل العروسين ( فينقطّون ) العروس بأشياء ثمينة .

هذه العادات التي احترمها المجتمع الدمشقي لم تحظ بإعجاب بعض المعاصرين نظرًا لكثرة الأكلاف ([118] )، حتى لقد وجد من يبيع أملاكه أو حوائجه ليقوم بما يعده واجبا، في حين كان يشكل عقبة تحول دون تكاثر الزواج ([119] ) .

وكانت عادات الزواج عند المسيحيين في دمشق، تجري على نهج المسلمين، ثم طرأ عليها التغيير مع الأيام لعدم جواز الطلاق عندهم فأطلقوا الحرية لشبانهم في انتقاء الفتيات وجعلهن مختارات بقبول الخطبة أو رفضها . وتكون الأعراس أيام الآحاد فيدعى الأهل والأصدقاء نساء ورجالاً ويذهب وفد إلى دار العروس للمجيء بها يتقدمهم الإشبين (وكيل الزوج)، ويلتف الحاضرون حول العروس ومعهم الشموع ويذهبون بها إلى دار العريس ويقيم القّس صلاة الإكليل ويجلّي النساء العروس بالرقص والغناء. أما تقاليد الزواج عند يهود دمشق : فهي ممزوجة بعادات المسلمين والميسحيين و يميزها الحرية التامة في انتقاء الزوجة و تقديم أهل الفتاة البائنة (الدوته) للعريس هدية له ([120] ) .

وتتنوع أزياء الرجال والنساء وتتعد أشكالها وألوانها وفقًا للفئات الاجتماعية والطوائف ([121] ). وبوجه عام فإن الرجال يرتدون القمباز مع الدامر (وهو رداء قصير ذو أكمام) ومن فوقه العباءة من الحرير أو الصوف أو القطن (دون أكمام) والمضرّبية (وهي رداء شتوي) والجبّه (المعطف الطويل) أو الفروه (رداء شتوي ) ويتمنطقون بالشال أو الكمر ويغطون الرأس إما بالعمائم الأغباني أو بالشال والبوشيات (وهي ستارة من الحرير والقصب) أو الطرابيش الحمراء أو الكوفية البيضاء أو الملونة ([122] ). ولم يكن يشاهد أحد بدون غطاء رأس إلا الأطفال الصغار. أما القاووق كغطاء للرأس فقد زال ولم يبق إلا رسمه ([123] ) .

ولا يختلف لباس رجال المسيحيين واليهود من ناحية القنباز والسروال إلا بالألوان وهم يُعرفون بحلق لحاهم وإطلاق شواربهم . أما شبابهم  فيلبسون الطرابييش الطويلة المائلة إلى السواد . والمتعلمون منهم يلبسون اللباس الإفرنجي وصغارهم السروال الإفرنجي القصير وجوارب طويلة ([124] ) .

وللعلماء والمشايخ أزياؤهم الخاصة : فالعمائم البيضاء فوق الجبة أو اللاطة أو الجدرية (هما من نوع الجبّة). وتختلف ألوان ألبسة المشايخ بحسب رتبة أصحابها وشكل العمامة تشير إلى رتبة العالم ([125] ). وللإكليروس المسيحي القلنسوة والجبّة السوداء، والحاخامية اليهود يلبسون العمامة الرمادية والجبّة فقط ([126] ) .

ويلبس رجال الدوائر الحكومية العاديون اللباس الإفرنجي ( جاكيت) و صدرية وسروالاً ضيقًا فوقه معطف من جنسه أو من أقمشة أخرى، وكان رجال الدوائر الحكومية يشاركون الناس بلبسهم خارج ممارستهم الأعمال الرسمية ويرتدي أصحاب الرتب العالية المعطف الطويل المزركش بالقصب تعلوه الأوسمة المرصعة والشرائط الحريرية والسيوف مدلاة على الجوانب. كما أن هناك أوسمة مرصعة خاصة بالسيدات مع وشاحاتها البيضاء ذات الكنار الملون ([127] ). ويلبس الصناع و العمال القنايير كتانية أو حريرية أو قطنية حسب المهنة، وتحته السروال الأسود والقميص والمتيان والصدرية ويشّدون على خاصرتهم الكمر الأحمر أو الأبيض ويلبسون الطاقية الملونة أو اللبادة الصوف أو الوبر، ويجعلون فوقها الكوفية بيضاء أو ملونة أو المنديل، ومنهم من يختار العقال الأسود فوق الكوفية ، ومنهم من يكتفي أثناء العمل بستر الرأس بطاقية رقيقة ([128] ).

وترتدي النساء داخل الدور الثوب والسروال الطويل وفوق الثوب المضربية وتتزين بتكّة حريرية (زنار) أو شال خفيف. وتعطي رأسها بقماطة (منديل صغير) أو بنسيج حريري على أطرافه سجق تتخله أحجار كريمة . أما ثياب السهرات والاحتفالات فكانت من البروكار الغالي وهي ذات (شاحط) طويل. وقد أخذت النساء أواخر فترة الدراسة يتخذون ثلاثة أنواع من المنسوجات الغربية: الحرير أو القصب للأعراس والأفراح، والصوف (بارنوس) للزيارات والنزهات، والنسيج القطني (السنقور) وهو للبيت ([129]). وتميزت قواعد التجميل للنساء في ذلك العصر بالعناية فُعرفت البودرة والدزكن (سائل أبيض لطلاء الوجه ) والكحل . وكان الشعر طويلاً يمكّن النساء من رفعه ([130] ) .

وكانت أكثرية الرجال والنساء لا يستعمل الجوارب في الصيف، ولكن في الشتاء كان بعضهم يستعمل الجوارب البلدية من القطن أو الصوف . وكلا الجنسين يستعمل القبقاب في الدار وخارجها أحيانًا ([131] ). ولم تكن صنعة (الكنادر) حتى منتصف القرن التاسع عشر معروفة ولم يكن إلا (الخّف) و(البابوج) الأصفر و(الصرامي) الحمر. وكان البعض يعد الكنادر من أزياء الفرنج وينفرون عنها ((هذا قبل أن تروج هذه الصنعة ويصبح لها أسواق متعدّدة ([132] ) )) .

وانتقد أحد المعاصرين ([133] ) ظاهرة (التفرنج) في الثياب بعد أن افتتحت أبواب البلاد لتجارة الغرب، وشرع الرجال يرتدون البنطلون والبيجاما، واعتاضوا عن الجبة بالمعطف (البالطو الإفرنجي) وعن العمامة بالطربوش، ثم شرعوا يحاولون لبس القبعة (البرنيطة)، وأهملوا الأحذية والجوارب الوطنية، واختاروا (البوط) الإفرنجي والكلسات الإفرنجية.

وظلّ الناس في تلك الفترة يسيرون مع عاداتهم في الاحتفال بالمواسم والأعياد إحياء لذكريات دينية بقدر ما فيها من ترويح عن النفس .وكان أهم الاحتفالات التي ترافق عيدي الفطر والأضحى . ومن ظواهر عيد الأضحى أن يزحف أهالي دمشق إلى حي الصالحية ويصعدون إلى جبل قاسيون بعد عصر الوقفة ويلبون كما يلبي الحجاج ((فالصالحية وما تحويه من أضرحة قديمة ومزارات ومدارس كانت جديرة بالتقديس ([134] ))) . وفي عيد الفطر تجري حفلة إخراج الشموع والزيوت والعطور المهيأ لإرسالها مع موكب الحج إلى الحرمين الشريفين ([135] ) .

وهناك مواسم دينية أخرى لها مراسم خاصة وحلوى معينة، من أهمها المولد النبوي (12 ربيع الأول) حيث تقيم الحكومة المحلية حفل المولد في المسجد الأموي، كما تجري مراسم في شهر رجب وليلة المعراج (27 رجب )، ومراسم نصف شعبان أو ليلة التجلّي الأعظم، والمراسم التي تقام في شهر رمضان وخاصة إحياء ليلة القدر، وحفلات الإذكار لمختلف رجال الطرق الصوفية . ويحمل شهر محرم ذكرى فاجعة كربلاء وما يرافق هذه الذكرى من حزن وألم ومواكب نحو قبر السيدة زينب مع الأدعية والصلوات ([136] ). ومن المواسم التي يشترك المسلمون بها مع المسيحيين خميس الأموات الذي يصادف خميس الإسراء عند المسيحيين (قبل الفصح الشرقي بثلاثة أيام) ([137] ).

وبعد موسم الحج في دمشق متقدمًا على غيره من المواسم، وظلت دمشق طوال العصور الإسلامية نقطة اجتماع الحجاج ومركز انطلاق الركب الشامي كل عام ([138] ). واستمر هذا الركب يسيرسيرًا مطردًا يقوده أمير الحج لتأمين راحة الحجاج، (وكثيرًا ما كانت إمارة الحج تضاف إلى ولاة الشام) ([139] ). وكانت دمشق بأسرها تشتغل بإسكان الحجاج وإطعامهم والمتاجرة معهم، وإعداد ما يلزمهم ويلزم الصّرة السلطانية من الزيوت والشموع والمياه العطرية لغسل الكعبة. وكان خروج الموكب الشامي تظاهرة رسمية وشعبية ([140] )، يتقدّمه أمير الحج راكبًا على صهوة جواده وهو يتهادى بين الجماهير، في طريق الميدان المزدحم، والموسيقى العسكرية تعزف الأناشيد بينما يتلو المشايخ التراتيل الخاصة وهدف الجموع قرية العسالي ([141] ). وبعد مراسم الوداع الرسمية والشعبية ينطلق الموكب، ويكون توقفه وقيامه بانتظام في المراحل المختلفة حيث يهيء (العكامون) أسباب الراحل للركب. وقبل إياب الحجاج في منتصف شهر صفر تُبعث (الجردة ) وهي إرسالية تجارية تنقل للحجاج ما يحتاجونه من لوازم . ويأسف أحد المعاصرين ([142] ) لضياع الفائدة المادية من موكب الحج بعد مدّ الخط الحجازي 1908م .

وكما هي عادة أهل دمشق، بحثوا عن وسائل التسلية داخل الدور وخارجها ([143] )، وكانت تسليتهم تتناسب مع بيئتهم بوجه عام : فقد اعتاد الوجهاء في السهرة استقبال ضيوفهم في (القناق أو البّراني أو السلاملك) يتناولون الحلويات والشاي والقهوة ويتبادلون الأحاديث ورواية النوادر والتساجل بالأشعار والأمثال، وغالبًا ما يستصحبون جوقًا من المغنين وعازفي الآلات الموسيقية. ويؤلف التجار والطبقة الوسطى والعاملة في السهرات مجموعات تربط بينها الصداقة والألفة، وكان المشايخ يقضون سهراتهم بالمدائح النبوية أو القصائد الصوفية، وشرابهم الشاي يحضرونه بالسماور وتحدث أحد المعاصرين ([144] ) عن إحدى سهرات دمشق حضرها الأصدقاء والضيوف، كان من بينهم أستاذ التجويد في دار المعلمين وأستاذ الترتيل في الكنيسة الأرثوذكسية، وتناوب المرتلون والمنشدون الإنشاد والغناء .

أما وسائل التسلية الخارجية فكانت المقاهي القريبة ذات الأنهار والأشجار، يؤمها جميع الناس ويقضون فيها نهارهم بعد أن ينهوا أعمالهم أو يلجأ إليها العاطلون عن العمل. ومقاهي دمشق قسمان بلدي ومدني، والبلدي يجلس الناس فيها على الحصر والكراسي المربعة أمام مناضد خشبية تقدم فيها النراجل والقهوة المرة والشاي، كما يشرب رواد المقاهي الشرابات المبردة، ويقطعون وقتهم في لعب الضاما و الدومينو والورق والنرد . ومقاعد المقاهي المدني من الكراسي الخيزران، وفيها ما يلزم من أوراق اللعب كالشطرنج والنرد (الطاولة) والبيلاردو والبيزيك و جميع أنواع لعب الورق. وفي الشتاء كان يوجد لهذه المقاهي قاعات داخلية يؤمن فيها الدفء ([145] ) .

وقد افتتح في دمشق مقهى على الطراز الحديث في المرجة لصاحبه ديمتري اليوناني، فكان مجتمعا لأرقى طبقات الدمشقيين. وافتتح أبو خليل الشماس مقهى آخر في المرجة (زهرة دمشق) استحضر له أدوات اللعب، وجعل في صدره مسرحا وعلى جوانبه ألواح وكان يستعمل في الليل للتمثيل أو الرقص والغناء ([146] ) . وأما الذين كانوا لا يكتفون بالحياة البسيطة، فلم يكن أمامهم ((سوى الاتجاه إلى حي اليهود حيث يقضون السهرة مع أصدقائهم بصحبة المغنيات والراقصات اليهوديات، وكانت جميع بيوت الحي اليهودي مرتعا لهذه الليلات التي كانت تنفق عليها الأموال جزافا)) ([147] ).

وكان للدمشقيين بعض الهوايات المسلية كلعبة السيف والترس، وهي من أكثر الألعاب المتواثرة انتشارا في دمشق ولها أصول ثابتة ([148] ) . أما لعبة كرة القدم فلم تكن معروفة، إلا أن أحد أبناء دمشق ([149] )، قد تعلمها من الجامعة الأمريكية في بيروت، وكان يتمرن عليها مع أخيه في مرجة الحشيش .

واعتاد أهل دمشق قضاء نزهاتهم (السيران) بعد انقضاء الشتاء خارج مدينتهم على ضفاف الأنهر وعلى المروج الخضراء. وتحدث أحد زوار دمشق أواخر القرن التاسع عشر ([150] ) عن منازه دمشق الرائعة وعن أن أهالي دمشق يتغالون في شم الهواء وإعداد المآكل اللذيذة . وأثار إعجاب زائر آخر 1907 م ([151] ) المنتزهات شرقي المدينة حيث يتفرع نهر بردى إلى فرعين عند مقام الشيخ رسلان . وكان أهل دمشق يعدّون (للسيران) عدّته، ويستحضرون معهم أوائل الطعام ويأخذون معهم جوقة طرب، ويلعبون ألعابًا تتناسب مع سنهم، ويقضون أوقات انشراح، ويعودون نشيطين إلى معطاة أعمالهم . وكانت في دمشق جمعيات مهنية غايتها تنظيم التسلية والنزهات لأبناء الصنعة، وكان بعض أفرادها يركبون في السيران الرهاوين والخيول والبعض يركب الحمر([152] ) . أما (السماط) فهو النزهة الخاصة بالنساء في حديقة مستورة يستمعن إلى الغناء ويتفرجن على الرقص، ويشاركن فيه ويتـأرجحن ويلعبن ألعابا خاصة، أو يتجاذبن أطراف الحديث ويأكلن ما حملنه معهن أو أعد لهن في الحديقة من الزاد، وقبل الغروب يعدن إلى دورهن وقلبهن طافح بالسرور ([153] ) .

لقد تمسّكت دمشق بتقاليدها الاجتماعية، ولكنها كانت حريصة على تقبّل الجديد وتطويعه ليتناسب مع القديم، ورغم أن العملية في الفترة موضوع الدراسة كانت بطيئة ولكنها كانت واثقة الخطى تجاه أولئك غير القادرين على استيعاب الجديد لأنهم اعتادوا على ما ألفوه .

رابعا : الحياة الثقافية

كانت دمشق من أكبر مراكز العلم قبل الإسلام وتفوّقت بعد الإسلام، وقد نشأ فيها أو توطّنها طبقة حسنة من العلماء والفلاسفة والأطباء، والمحدثّين والفقهاء والشعراء والأدباء ([154] ). وعمرت دمشق بالمدارس (المنفصلة عن المساجد) منذ زمن نور الدين زنكي وزمن الدولة الأيوبية ثم المملوكية ([155] )

وكان لتلك المدارس أوقاف واسعة يقصدها الطلاب فيتعلّمون من الأساتذة أنواع العلوم والفنون . وقد شيّد في مدينة دمشق حتى دخول العثمانيين 159 مدرسة ([156] ). وظل عدد من المدارس قائمًا فيالفترة موضوع الدراسة إلا أن كثيرًا منها قد أخذ يتقهقر لانشغال الناس لبعض الحين عن العلم والأدب ([157] ) . كما حّول عدد من أبنية المدارس إلى بيوت خاصة ([158] ) . وكان الدمشقيون في جملة الناهضين من أهل الشام في مجال التعلم أواخر القرن التاسع عشر ورغم أن النشاط العلمي كان لا يمكن أن يقارن بماضي المدينة العلمي ([159] ) فهناك شواهد تفيد بأهمية التعليم: فالحكومة العثمانية كانت تعفي طالب العلم من الخدمة العسكرية ([160] )، وأشار أحد المعاصرين ([161] ) إلى أنه كان يطبع على جدران دمشق في عام 1911م عبارة ((تعلم يا فتى فالجهل عار )) .

وكان التعليم أواخر القرن التاسع عشر مزيجًا من الأسلوبين القديم والحديث : وظل نظام الحلقات سائدًا في بعض المساجد و الدور الكبيرة لتلقي العلوم الدينية أو اللغوية ([162] )، وظلت الكتاتيب القديمة هي المرحلة الأولى التي يلجأ إليها الأولاد الصغار من البنين والبنات للتعلم، والكتّاب غرفة صغيرة يفردها صاحب الدار الشيخ أو صاحب الدار الخجا يجتمع فيها الأولاد على الأرض لتلقي مبادئ القراءة وحسن الخط والحساب وتلاوة القرآن، وقد يقوم الشيخ بتدريس الأطفال في بعض غرف المساجد أو الزوايا. وانتقد ([163] ) أكثر

الشيوخ ((من أشباه المتعلمين ممن أغلقت في وجوههم أبواب الرزق فتسلطوا على هذه الصنعة للارتزاق)). هذا في حين تحدث آخرون ([164] )عن الكتاب بعاطفة طيبة تتخللها ذكريات عذبة واعتبروا هذه المؤسسة التعليمية البدائية البذرة الصالحة التي انطلقت منها ((نهضتنا العلمية ))

وكان أحد أبناء الأعيان ([165] ) أوفر حظًا من أطفال الكتاتيب : فقد جاءه أبوه بأستاذ يعلمه القراءة ومبادئ القرآن وبمربية أجنبية تعنى بتثقيفه باللغة الفرنسية وظل على هذا الحال في كل دراسته الابتدائية . وقدم أحد المعاصرين ([166] ) وصفًا للتعليم الذي كان يتلقاه بعض الأطفال المسيحيين في مدراس الإرساليات الأجنبية .

وكان التلاميذ يرسلون في مرحلة ما بعد الكتّاب إلى المدارس الحديثة الابتدائية التي أنشئت في عهد الوالي مدحت باشا (1878م ) واستهلت بذلك عهد النهضة ([167] ). وهي إما مدارس رسمية (أميرية) وتسمى مكاتب، أو مدارس خاصة أهلية وأجنبية . وكانت المدارس الرسمية منوطة بلجنة تسمى الجمعية الخيرية الإسلامية، ومن أبرز رجالاتها الشيخ طاهر بن صالح الجزائري (ت 1338هـ / 1920م ) وأصبحت الجمعية دائرة معارف رسمية وعين الشيخ طاهر مفتشًا عامًا للمعارف ([168] ) . وتمر كزت المدارس الابتدائية الرسمية في مبان موجودة، وبلغ عددها حتى الحرب العالمية الأولى 9 مدارس للذكور و4 للإناث([169] ). وكانت المدارس الابتدائية على ست مراحل أو صفوف فالصف السادس للمبتدئين من الأطفال والأول هو أعلى الصفوف ومنه يتخرّج الطالب بعد أن يحسن، بالإضافة إلى مبادئ التجويد والعقائد الدينية، مبادئ القراءة والأعمال الأربعة من الحساب ومبادئ الجغرافية . وقد وجه أحد المعاصرين ([170] ) النقد لهذه المدارس لأن ((أسلوب التدريس المشوش باللسان التركي واللسان العربي وما يرافق ذلك من جهالة المعلمين وصعوبة تفهّم الطلاب معاني ما يملي عليهم، كل ذلك باعثًا على خوف الطلاب وفرارهم من المدارس أو خروجهم بشهادة صورية)) . ولم يكن هذا رأي عالم زار دمشق أواخر القرن التاسع عشر ([171] ) والتقى الشيخ طاهر الجزائري الذي سعى في تحسين طرق التعليم وجمع كتبًا سهلة المأخذ من فنون شتى كالأدب والطبيعة والتاريخ وغيرها لتكون أقرب لفهم المبتدئين من التلاميذ .

وبعد أن ينال الطالب الشهادة الابتدائية يذهب إلى مدرسة (عنبر) وهي الإعدادية الرسمية الوحيدة في دمشق (أنشئت 1886م) وكانت ملتقى الثقافات المكتسبة من المدارس الرسمية الابتدائية بالمدينة وما يرد إليها من طلاب بقية الأنحاء العربية والتركية فكانت صفوفها غاصة ومفتوحة لجميع الطوائف ([172] ). وبلغ عدد طلاب المدرسة قبل الحرب الأولى ( 550 - 600 ) . والمدرسة ذات سبعة صفوف يدرس فيها : قرآن وعلوم دينية وعقائد

وفقه وعلم الأخلاق واللغة العربية والتركية، واللغة الفرنسية، واللغة الفارسية، وعلم الثروة (الاقتصاد)، وعلم أحوال السماء (قوزمو غرافيا)، وجغرافية عامة، وجغرافية الولايات العثمانية، وتاريخ الدولة العثمانية، وتاريخ العمومي، وخطط الصحة، وخلاصة القوانين، وعلم الأشياء، وعلم الحساب والجبر والهندسة، وأصول الزراعة، والرسم، وحسن الخط، والكيمياء، والفيزياء (علم الحكمة) والماكينا (ميكانيك)، وأصول مسك الدفاتر (دوبيا)، والمواليد الثلاثة (المعادم، وطبقات الأرض، والنباتات والحيوانات)،ولم يكن للرياضة ذكر في المناهج. ولا يتم التحصيل إلا عدد قليل من الطلاب، ولذا كان خريج المدرسة يتمتع بمكانة عالية في الأواسط العائلية ([173] ). وكان الأساتذة أتراكًا، خلا معلم اللغة العربية والعلوم الدينية، فكان من أبناء العرب أو ممن يحسنون التكلم بالعربية ([174] ). وأصبحت المدرسة خلال الحرب ثانوية (سلطاني ) .

وتنقسم المدارس الخاصة إلى أهلية وأجنبية، والأهلية مسيحية وإسلامية، وتتوزع المدارس الأهلية المسيحية بين الطوائف: ففي مدارس الروم نحو 250 من الصبيان و 150 من البنات، والكاثوليك نحو هذا العدد وكذلك البروتستنت . وتتوزّع المدارس الأجنبية في الأحياء المسيحية كمدرسة الفرير والعازارية ومدرسة لليسوعيين وأخرى للإنجليز وللروس ولليهود (جمعية الأليانس). والمدارس الأجنبية تعلم باللغات التي تنتمي إليها ([175] )، وكانت هذه المدارس تعج بالطلاب المسيحيين والمسلمين واليهود إلا أن الأقلية مسلمة وهم ((من أبناء الثراء واليسر والغنى أنسوا فيها نظاما وعلومًا وتعليمًا للغات )) ([176] ).

وقد أشاد بعض المعاصرين ([177] ) بنظام هذه المدارس وبأسلوب التعليم فيها وخاصة إتقان اللغات، في حين لم يحمل آخرون رأيًا إيجابيًا عن المدارس الأجنبية بتهمة أنها تقوم بالدعاية لأمة تلك المدارس ودولتها ولأن أكثر من درس فيها أصبح من عملاء أهل الغرب ([178] ).

وقد دعت الأوضاع في المدارس الرسمية والتحفظ على نوايا المدارس الأجنبية ((أرباب الغيرة واليسار)) على تأسيس المدارس الأهلية، وهي ابتدائية تعنى باللغة العربية وتلقن مبادئ العلوم بلغة البلاد وكانت اللغة التركية درسًا كباقي الدروس على جانب اللغة الفرنسية .

وأخذت هذه المدارس تزاحم المدارس الأجنبية وكان لأساتذتها فضل في ((إحياء شعور أبناء العرب ويقظتهم ([179] ) )) .

ومن أهم المدارس الأهلية المدرسة العثمانية والتجارية والعلمية الوطنية والإسعاف الخيري والريحانية)) ([180] ).

ومن المدارس الرسمية مكتب الرشدية العسكرية (في جامع يلبغا)، ومعظم طلابها من أبناء العسكريين، والمدرسة ستة صفوف تعلم أنواع العلوم واللغات والفنون العسكرية، فإذا أتم الطالب الدراسة فيها دخل مكتب الإعدادية العسكرية (جامع تنكز) طالبًا داخليًا ومدة الدراسة (3) سنوات، ومن يتخرج (10 – 200 طالب ) يمكنه أن يحترف المهنة التي يختارها أو يذهب للالتحاق بالمدرسة الحربية في الآستانة، فإن كان من المجلّين دخل دخل مدرسة الأركان ( مدة الدراسة (3) سنوات ويوزع الباقون على القطعات ) ([181] ).

وقد أنشئت في دمشق في مطلع القرن العشرين عدة مدارس عصرية عليا رسمية : منها دار المعلّمين (1910 في الفناء الشمالي للتكية السليمانية)، ومكتب الصنائع في باب الآغا، والمعهد الطبي أو مدرسة الطب (1903 في مبنى زيوار باشا في الصالحية ونقلت في سنة 1913م، إلى المبنى الجديد خلف مستشفى الغرباء) ([182] ).

وقد نقل على دمشق من بيروت عند نشوب الحرب 1914م معهد الحقوق (شغل مبنى المدرسة الإنجليزية )، كما نقلت المدرسة السلطانية الر سمية من بيروت إلى دمشق عام 1915م ( شغلت مبنى مدرسة الآباء العازاريين المغلقة ). وكان التعليم فيها بالتركية، كما نقلت من القدس إلى دمشق أواخر عام 1917م الكلية الصلاحية (شغلت مبنى دار المعلمين ) ([183] ).

وكان بعض من يتخرّج في المدارس الرسمية أو الأهلية يكمل دراسته في الآستانة في مدارسها العالية: الطب والحقوق والهندسة والمَلْكية (علوم الإدارة ) والبيطرة ودار المعلمين وغيرها، عدا الكلية الحربية. ولما ينالون إجازاتهم يعملون

في مهن بحسب المسلك الذي اختاروه عند دخولهم المدرسة العليا ([184] ) . وكان بعض التلاميذ يتوجهون إلى الأزهر كما كان الأمر قديمًا ([185] ) .

وكانت قلّة من أبناء الشام، ضمن البعثات التي بدأت ترسلها الدولة العثمانية إلى الخارج، وأولها العسكرية ، إلى ألمانيا. وكان من بين أعداد طلاب البعثة إلى فرنسا عام 1910م عربيان من طلاب المكتب الملكي. وتوجّه عدد من شباب بلاد الشام ( ومنهم من مدينة دمشق ) بعد استكمال دراستهم العليا في الآستانة، للدراسة في الخارج، وخاصة في فرنسا ([186] ) وعلى نفقة أهلهم. وكان لخريجي المدارس العليا في الآستانة أو في أوروبه، فضل تفتح اليقظة العربية الحديثة. وكان بعض أبناء دمشق الذين يتقنون اللغة الأجنبية ([187] )، يقومون برحلات إلى الغرب بهدف التعرف إلى مدينته ودرسها درسًا علميًا، إضافة إلى التعرف على علماء المشرقات ودورهم في التقريب بين الشرق والغرب .

وكان يعزّز سمعة دمشق العلمية منذ القديم وجود المكاتب أو دور الكتب . وقد ذكر كثير من المترجمين والمؤرخين مكاتب دمشق العامة والخاصة ([188] ).

وكانت بقايا مكاتب دمشق، ومن بينها مخطوطات تتسم بجمال الخط والتجليد، كانت لا تزال حتى الفترة موضوع الدراسة في بعض الجوامع والمدار س والبيوت. وقد أنشأ الشيخ طاهر الجزائري، بمعاونة بضعه من أصدقائه دار الكتب الظاهرية، فجمع فيها الكتب الوقفية وغيرها والمخطوطات بعد أن كانت مفرقة ومعرضة للضياع، ووضعت في خزائن مخصوصة في تربة الملك الظاهر بيبرس، لينتفع بها أهل العلم . وصدر أمر الوالي بتأسيس دار كتب عمومية، وعين لها محافظ، ورتبت لها فهارس، وبلغ عدد ما جمع فيها من الكتب حتى عام 1914م (3566) كتابًا ([189] ) .

وتعدّى الإقبال على العلم إلى خارج جدران المدارس والمكتبات، وما خلت دمشق يومًا من أعلام يشار إليهم بالبنان في جميع العلوم الدينية ومعظم العلوم الأدبية والمدينة، بعضهم كان يدرس في المساجد وخاصة في الجامع الأموي وفي التكية السليمانية وكان لهم تلاميذ لا ينقطعون عن سماع تدريسهم ([190] ) . ووصف عالم من زوار دمشق أواخر القرن التاسع عشر ([191] ) حلقة الشيخ طاهر الجزائري في المكتبة الظاهرية ((وهم صفوة من الشباب المثقف ينهلون من ينابيع الكتب القديمة )). وأشار مثقف من الفترة موضوع الدراسة ([192] ) إلى اجتماعات

علمية مفيدة كان يعقدها الشباب المثقف، يجتمعون على قراءة كتاب حول الدين أو التاريخ أو الأدب ((فإذا فرغنا من المذاكرات العلمية تجرنا الأحول إلى البحث في الشؤون السياسة وكان هذا المجلس نافعًا من كل وجه كأنه مبعث دعاية إلى الحقوق والنور)) .

وقد عرفت دمشق منذ زمن بعيد كغيرها من البلدان ملازمة الناس طبقة من الزهاد اشتهروا بفضلهم ونسكهم فأخذوا يلتفون حولهم، ويرجعون إليهم بكل ما يحتاجونه من أمور الدنيا والآخرة، ويصغون إلى ما يلقوه عليهم من النصائح والإرشادات. وكان من الطرق الصوفية التي عرفت بكرامة مؤسسيها الرفاعية والقادرية والشاذلية والمولوية والنقشبندية وغيرها التي كانت لا تحيد في عهد شيوخها الأول عن الشريعة . ثم تعاقب بعض الشيوخ فابتدعوا للناس مراسم وحالات ليست من الدين في شيء، فصارت بشكل لا يرضاه عقلاء العارفين والعلماء. ومع ذلك فإن هذه الطرق لم تخل في زمن ما من رجال يسيرون في منهجهم وفق تعاليم الشريعة والتقشف في العيش والخشونة في الحياة وهي الصوفية الحقيقة ([193] ) .

ومع أن هذه الطرق في الفترة موضوع الدراسة، قد تضاءلت بانتشار العلم، ظلت حفلات الأذكار تقام، وتقتصر على المدائح النبوية المترافقة مع حركات إيقاعية ([194] ). وفي مقدمة حفلات الأذكار تلك التي يقيمها دراويش المولويين، وخاصة في ليلي الأعياد، في أحد المساجد أو الزوايا أو الدور بحضور شيوخ الطريقة، وقد يرافق تلك الحفلات الأناشيد والتهليل والتكبير على ضرب الطبول، وتنتهي بالدعاء وتلاوة القرآن. وكان يقبل على حضورها الوجهاء والرسميون السواح. وغالبًا ما يقوم أصحاب الطرق ومريدوهم بزيارات لأضرحة الزهاد والأولياء في أيام معينة من السنة وفي شكل مواكب على غاية من الترتيب وقرع المزاهر (الدفوف ) والطبول. وفي خميس المشايخ تجتمع كافة مواكب أحياء دمشق وقراها لتتجه نحو قرية برزة حيث مقام إبراهيم الخليل ([195] ) .

وقد لعبت الصحافة في هذه الفترة، دوارًا محدودًا في تفتيح الأذهان وإنارة العقول، وقبل عام 1908م لم تكن سوى الجريدة الرسمية (سورية) التي تطبع في مطبعة الحكومة الحجرية([196] ). وهي باللغتين العربية والتركية. وقد وجدت الصحف المصرية، وكذلك صحف بيروت والصحف التركية والمجالات الأدبية والتاريخية طريقها إلى دمشق، وقد سمى الدمشقيون الصحفية (كزيطة) وهي تحريف كلمة غازيت الإيطالية ([197] ). وبعد عام 1908م فتح باب الصحافة في دمشق، كسائر مدن بلاد الشام، وأصدر محمد كرد علي بعد رجوعه من مصر جريدة المقتبس اليومي السياسي (وكان قد أصدر في مصر مجلة المقتبس للعلوم والآداب). وقد عاضد كرد علي في المقتبس اليومي بعض العلماء المتنورين والشبان المثقفين . وأصبح لها مكانة لم تحرزها جريدة من جرائد السلطة العثمانية التي تصدر بالعربية لأنها كادت تكون رأيًا عامًا في البلاد، وتعرّضت الجريدة مرارًا للرقابة والإغلاق([198] ).

وكان لفخري البارودي تجربة في الصحافة غير ناجحة فقد أصدر جريدة فكاهية في دمشق (حطّ بالخرج) باللهجة العامية مقلدًا الجرائد الفكاهية المصرية فراجت أعدادها الأولى لتناولها بالنقد والتعليق أمور البلاد. ولكن البارودي انقطع عن الجريدة بعد أن وجد أن الجرائد قد تبذّلت ([199] ). وبوجه عام فإنّ الصحافة، كانت لا تلاقي استعدادًا لها ولا تشجيعًا من الحكومة، كما أن الاستعداد في الأمة لم يكن كافيًا لتقبل وتفهم ما كانوا (أهل الصحافة) يسطرون)) ([200] ).

وعرفت دمشق، كما هو عهدها منذ القديم، أشكالاً من الثقافة العامة تنوعت وفقًا للفئات الشعبية : وكان عامة الشعب يسرعون في المساء إلى (الحكواتي)، وهو من يحفظ الحكايات ويلقيها في المساء عن ظهر قلبه أو من الكتاب، كقصص عنترة والملك الظاهر والملك سيف أو حكايات من نمط آخر مضحك. ويصفّى المستمعون مشكلاتهم بالإصغاء إلى الحكواتي وبما يشحن به أذهانهم منصور البطولة والشجاعة والحب. وكان ((غالب الناس ينكبون على استماعه أكثر من انكبابهم على العلم )) ([201] ).

وكانت العامة كذلك تقبل على (الكركوزاتي)، أي (خيال الظل) ([202] ) في رمضان . وكما كان يذهب الأولاد الصغار إلى (الكركوزاتي) كذلك كان يذهب إليه الشباب والشيوخ من أهل الحارة. ولم تقتصر مهمة الكركوزاتي على تسلية الناس فقد كان ناقدًا في أمور الاجتماع والأخلاق والسياسة ([203] ).

وبوجه عام فإن ارتياد مقاهي (الكركوزاتي) كان للطبقات الشعبية، مع ذلك فهو ((أكثر الملاهي استجلابًا للزبائن من كهول وشباب وأولاد )) ([204] ). ويبدو أن التمثيل في أول مراحله كان استمرارًا لتقليد قديم هو كراكوز، ويعده البعض ((طليعة السينما )) ([205] ).

والتمثيل هو شكل أرفع درجة من أشكال الثقافة العامة في دمشق وكان الاسم الغالب على المسارح في تلك الأيام (التياترو) وراجت في دمشق أواخر القرن التاسع عشر مدة ست سنين وغصت المسارح بالمتفرجين، ثم صدرت الأوامر بتعطيل (القوميدا)، لأن من الصناع والعمال يصرف ما يكسبه من المال على الفرجة ([206] ).

ولم يكن هذه يعني نهاية تمثيل الروايات، فقد سمحت الحكومة بقدوم رجال ونساء من الأرمن والروم ويمثلون الروايات الإفرنجية، كما حضرت جوقات من مصر لتمثيل الروايات العربية ([207] ) .

ومن مسارح دمشق في تلك الفترة مسرح (قهوة الجنينة ) ومسرح ( الإصلاح خانه) ومقهى ومسرح زهرة دمشق ([208] ). وقدّمت في لبنان صيف 1915م تمثيلية (اليتيمتين) اشترك بها الشيخ سلامة حجازي وجورج أبيض ((وكان الأول في أوج مجده الفني الطويل يطلق أغنياته فيشير حماس المتفرجين)) ([209] ).

ووجد في دمشق مسرح للغناء والرقص في بستان البلدية قُدم فيه في نيسان 1918 جوق نمساوي وجوق غناء ورقص عربيين ([210] ) .

وعرفت السينما أواخر الفترة موضوع الدراسة وكانت في حالة بدائية تبدو حركات الممثلين وكأنها حركات دمى. وكانت تعرض في صالة مقهى زهرة دمشق في المرجة، وطرازها كطراز المسارح التمثيلية أي تحيط الألواح بالصالة ([211] ) .

ويعتبر الغناء سببًا من أسباب التسلية العامة، فهو ((لذة السمع وربيع القلب ومسلاة الكئيب وأنس الوحيد وزاد الراكب، لعظم توضع الصوت الحسن من القلب وأخذه بمجامع الأنفس، وهذه الحرفة بدمشق رائجة دائمًا حيث في زمني الربيع والصيف يقصد أكثر الناس المتنزهات والبساتين لترويح النفس، فلا يخلو جمعهم من وجود من يغني، وكذا في زمن الشتاء مجتمعون في البيوت يقطعون ليلة بالسهر)) ([212] ). وقد كثر في هذه الفترة المحترفون بضرب العود من المسلمين واليهود والمسيحيين ((يدعوهم من كان عنده وليمة للقيام بما يطرب المدعويين. (والآن) كثيرون من الأكابر والمتوسطين تعلموا الضرب على العود في بيوتهم)) ([213] ). أما المغنيات في التياترو في تلك الفترة، فقد اصطلح على تسمية البلديات منهن بالمغاني واللواتي يأتين من مصر بالعوالم . وذُكر أن معظم المغاني المحترفات للغناء والرقص هن يهوديات، وأنه كان يفد إلى دمشق عدد كبير من مغنيات الأروام والأرمن والأتراك. وكان يغني على تخوت المسارح في دمشق المغنون والمغنيات من مصر كعبده الحمولي والسيد عثمان والشيخ سلامة حجازي فضلاً عن الست ليلى ومنيرة المهدية ومثيلاتهما ([214] ).

وهكذا لم تكن دمشق ساكنة خاملة فقد كانت، وقبل جلاء العثمانيين عن أرضها، حافلة بالنشاطات الفكرية والفنية إلا أن ذلك ظل في حدود ضيقة واقتصر على النخبة وعلى أسر معينة . قبل أن تنتقل دمشق من العهد العثماني إلى عهد جديد، بدأت رياح التغيير تخترق دمشق، كسائر بلاد الشام والدولة العثمانية، من خلال تسرّب التأثيرات الغربية وتزايد النشاط التجاري الخارجي، وكان لهذا أثره البالغ في إجراء تغييرات جذرية في نمط الحياة، ورغم الانتقاد الذي يوجهه أحد المعاصرين ([215] ) للغرب بسبب الاعتماد عليه في جميع الحاجيات ولوازم الحياة والانهماك في تقليده، لم يسعه إلا أن يحث على مجاراته في سلوك طريق العلوم والصنائع العصرية وتحصيلها بإمعان وإتقان، ((فإن فعلنا ذلك رجونا الحياة وإلا فلا حياة لأمة بدون علم)) . إلا أن الاعجاب بالغرب لم يكن مطلقا ويرى أحد المعاصرين ([216] ) أن ((القوم (اليوم ) في أوروبا وأمريكا أكثر انصرافًا إلى المال وجمعه منهم إلى ترقية العقول والتنقيب عن العلم في مطانه المستوره، والمشتغلون بالعلم هم جزء صغير جدًا من السكان خلافًا لما يظن عنهم في هذه الديار. وتحصيل المعارف عند الجمهور منهم إنما هو سطحي فقط، إلا من اتخذ العلم مهنته. أما التجّار والصناع . فلا يعبأون بالعلم، اللهم إلا إذا كان مخترعًا .


([1] ) دعا الآراميون النهر باسم (أبانا) أو (أمانا) وسماه اليونان مجرى الذهب خريسوارس chrysorrhaos وأخذ العرب اسمًا يونانيًا (باراذيوس) أي الفردوس . وروافد بردي هي عيون تنساب إليه أثناء جريانه من منبعه في سهل الزبداني حتى يصل مضيق الربوة، أشهرها عين الفيجة وعين الخضرة . وبعد قرية الهامة تتفرع منه سبعة جداول محفورة في الصخور على مستويات مختلفة
Margoliouth , (D.S. 1940) , Cairo , jerusalem and Damascus , Chatto and = windus London , 1907 , p 231 – 232 .

([2] ) هو سور بيضوي غير منتظم يبلغ محيطه 4 كم وارتفاعه 15- 20 قدمًا له ثمانية أبواب جددت في عصور مختلفة، وقديمًا كان للمدينة بابان آخران اندثرا. العظم، خالد، مذكرات، مجلد (1)، الدار المتحدة للنشر، بيروت 1973م، ط2، ص45. والعظم (1895 – 1965م) هو ابن فوزي باشا العظم. تلقّى علومه العالية في معهد الحقوق العربي بدمشق . كان سياسيا محترفًا ومولعًا بالأدب والفن وأحد القلائل الذين صنعوا تاريخ سورية .

([3] ) انظر :Margoliouth , Cairo , p. 231 .

([4]) زيدان، جرجي (1861- 1914 م)، دمشق الشام، تاريخها وآثارها وأحوالها الاجتماعية والاقتصادية والعلمية، مجلة الهلال، جـ 9 ،22، يونيو 1914 م، ص 760 .

([5]) سوفاجيه، جان (1950 م)،دمشق الشام، لمحة تاريخية منذ العصور القديمة حتى عهد الانتداب، تعريب فؤاد أفرام البستاني، المطبعة الكاثوليكية، بيروت 1936، ص 102 - 108 .

([6]) القساطلي، نعمان (1855 - 1920)، الروضة الغناء في دمشق الفيحاء، دار الرائد العربي، بيروت 1982م، ط2، ص 5 (الطبعة الأولى 1879م). والقساطلي من دمشق، تعلم علوم العربية والرياضيات وعمل بالصحافة، وتعاطى التجارة ومن أثاره الروضة النعمانية أو مرآة فلسطين وسورية في خمسة مجلدات.

([7] ) العلبي، أكرم، خطط دمشق، دراسة تاريخية شاملة، دار الطباع، دمشق، 1989م، ص 7- 8. وأيضًا الطنطاوي، علي، دمشق، صور من جمالها وعبر من نضالها، دار الفكر، دمشق 1987م، طبعة ثانية، (طبعة أولى 1959م) .

([8] ) العلاف، أحمد حلامي (1898 – 1959م)، دمشق في مطلع القرن العشرين، إعداد وتعليق علي جميل نعيسة، منشورات وزارة الثقافة، دمشق 1976م، ص 112. والعلاف من دمشق وخاله رشيد بقدونس أحد المثقفين من دعاة الإصلاح درس في الرشدية العسكرية بدمشق ثم بمقر التعليم العسكري في الاستانة وقد درس في معهد الحقوق في مطلع الثلاثينات والتحق بالقضاء .

([9] ) العظمة، مرآة الشام ، ص 65 .
([10] ) المرجع نفسه، ص 71 .

([11] ) البارودي، فخري (1884 - 1966)، مذكرات، جـ 1، مطابع دار الحياة، بيروت 1951م، ص 112. والبارودي من دمشق كان بيت والده في دمشق ملتقى الطبقة الراقية، وكان والده محبًا للأدب والفنون، ويقتني مكتبة ضخمة ورثها فخري ليتابع ثقافته . (8 – مقالات )

([12] ) العظم، مذكرات، ص 30
([13] ) كرد علي، محمد (1876 – 1953م)، المذكرات، جـ 1، دار الترقي، دمشق، 1948م، ص 229. وكرد علي من دمشق من عائلة أصلها من السليمانية في العراق، وتتلمذ على الشيخ طاهر الجزائري، زوال الصحافة في الشام ومصر وأصدر مجلة المقتبس وأصبح رئيسًا للمجمع العلمي العربي بدمشق منذ 1919م .

([14] ) العظمة، مذكرات، ص 75 .
([15] ) المرجع نفسه، ص 24.
([16] ) العظمة، مرآة الشام، ص143-144، كان الجيش العثماني يبتاع من الشام في السنة (500) حصان وبغل للجيش. وكانت مدينة دمشق تصدر مثل ذلك العدد من (المطايا ) إلى أوروبا وأمريكا ومصر ( تدر 40000 ليرة ذهب ) سنويًا .

([17] ) العلاف، دمشق في مطلع القرن العشرين ، ص 35 – 36 .
([18] ) العظم ، مذكرات، ص 24 .
([19] ) العظمة، مرآة الشام، ص 32 – 33 . كانت محطة (كباين ) انطلاق العربات عند مدخل شارع سليمان شفيق الممتد من محطة الحجاز إلى جسر بردى أمام فندق فيكتوريا .

([20] ) المرجع نفسه، ص 195. ويعزو المؤلف سبب جعل الخط يمر من بيروت إلى البقاع ثم إلى حمص دون أن يعرج على دمشق مباشرة إلى منافع شخصية لصاحب الامتياز يوسف المطران ( وهو من بعلبك).

([21] ) كرد علي، محمد، دمشق، مدينة السحر والشعر، دار الفكر 1984م، ط2، ص 69، (الطبعة الأولى 1944م، ويقول المؤلف إن الذي صمم المحطة في القنوات مهندس ألماني شاركه المهندس الاسباني (دو أرانده ) .

([22] ) الطنطاوي، دمشق، ص 118، ويقول المؤلف إن العمود القائم في المرجة وضع تذكارًا للانتهاء من مدّ الخط التلغرافي وصممه فنان إيطالي كنموذج من البرونز لجامع يلدز في استانبول .

([23] ) كرد علي، المذكرات ، ص 97 .
([24] ) العظم ، مذكرات، ص 16 – 18 .
([25] ) المرجع نفسه، ص 22 و 39 .
([26]) باسكوال، جان بول، دمشق في منتصف القرن التاسع عشر، بنيتها ووظائفها العمرانية في كتاب: دمشق، دراسات تاريخية وأثرية، المديرية العامة للآثار والمتاحف، دمشق 1980م، ص 154 – 161 .

([27]) لجنة الأونيسكو الدولية، دمشق، مجلة الحوليات الأثرية، دمشق، مجلد 23،1953م، ص 31. منذ عهد المماليك كان حكام وقواد دمشق العسكريين يبنون عددًا من المدافن انتشرت على طول طريق الحج حتى يستفيد أصحابها من دعاء الحجاج حين مرورهم .

([28] ) الكواكبي، نزية، المظهر العمراني لدمشق في النصف الثاني للقرن التاسع عشر في كتاب، دمشق، دراسات تاريخية وأثرية، ص 192 – 193.

([29] ) لجنة الاونيسكو، دمشق، ص 120.
([30] ) الطنطاوي، دمشق، ص 32.
([31] ) الكواكبي، المظهر العمراني، ص 198 – 199.
([32] ) العظمة، مرآة الشام، ص 45.
([33]) العظمة ، مرآة الشام ، ص 195 ، 196 ، و أيضًا سوفاجية ، دمشق الشام ، ص 107 .
([34]) الفرا ،نزار، عمران وعمارة دمشق في القرن التاسع عشر، في كتاب :دمشق، دراسات تاريخية وأثرية، ص 130 . وعن قدوم الأجانب إلى دمشق انظر :
Thubron , Colin , Mirror to Damascus , Heinemann , London 1976, pp. 164-166

([35] ) العظمة، مرآة الشام ، ص 31 .

([36] ) كرد علي، دمشق، ص 55 – 60، وقد وصف دور دمشق : العظمة، مرآة الشام، ص 65 – 68، زيدان، دمشق الشام ، ص 698 .
Margoliouth (D.S .1940) , C airo, p.288,Thuberon, Colin, Mirror, p. 147.

([37] ) العظمة ، مرآة الشام ، ص 70 .
([38] ) المرجع نفسه، ص 72 .
([39] ) انظر :Thubron , Mirror , p.144 .
([40] ) باسكوال، دمشق في منتصف القرن التاسع عشر، ص 153.
([41] ) العظمة، مرآة الشام ، ص 126 .
([42] ) المرجع نفسه، ص 127 .
([43] ) كرد علي، المذكرات، ص 141 .
([44] ) البارودي، مذكرات ، ص 82-83 . ذكر المؤلف أنه عند التزامه الأعشار حصل الحصّة من أحد المتنفذين كاملة
وقدرها 400 ليرة عثمانية وكان هذا المتنفذ سابقًا لا يدفع شيئًا. وترك البارودي أعشار الفقراء الصغار.

([45] ) القاسمي، محمد سعيد (1843 - 1900)، قاموس الصناعات الشامية، طبع الكتاب بدمشق 1960م بعناية المعهد التطبيقي للدراسات العليا في باريس، جـ 1، ص 310. والقاسمي من دمشق نشأ في بيت عرف بالتقوى والعلم. وبدأ قاموس الصناعات الشامية (وصل إلى حرف السين ) وأكمله ابنه جمال الدين هو وزوج شقيقته خليل العظم و هو وجه دمشقي وعرف بالورع وحبه للعلم والعلماء .

([46] ) كرد علي، دمشق، ص 112 – 113 .
([47] ) انظر: Margoliouth (D.S. 1940), Cairo, p.229.
([48] ) باسكوال، دمشق في منتصف القرن التاسع عشر، ص 159. وكان الأسلوب نفسه يتبع في الفروع التجارية .
([49] ) مكاريوس، شاهين (ت 1910 م)، دمشق الشام ، المقتطف مجلد 6، 1881، ص 291.
([50] ) زيدان، دمشق الشام، ص 675 .
([51] ) العظمة، مرآة الشام، ص 130.
([52] ) انظر : Margoliouth, Cairo, p .229.
([53] ) كرد علي، دمشق، ص 114، 115، 118 .
([54] ) العلاف، دمشق في مطلع القرن العشرين، ص 136 .
([55] ) المرجع نفسه، ص 134 .
([56] ) زيدان، دمشق الشام، ص 675 - 676 .
([57] ) كرد علي، دمشق، ص 121 -122 .
([58] ) القاسمي، محمد جمال الدين وخليل العظم، قاموس الصناعات الشامية، طبع في دمشق بعناية المعهد التطبيقي للدراسات العليا في باريس 1960، جـ 2، ص 437. وفي الكتاب تخليد لما كانت عليه الحال صناعات دمشق قبل ((وقوع التطور الجارف)) .

([59] ) العظمة، مرآة الشام، ص 13 .
([60] ) القاسمي ، قاموس الصناعات الشامية، ج1، ص 164 .
([61] ) المرجع نفسه .
([62] ) القاسمي ، قاموس الصناعات الشامية، جـ 2، ص 445 جـ 1، ص 131 .
([63] ) العلبي، خطط دمشق، ص 465 .
([64] ) الخان كلمة فارسية بمعنى المنزل أو المكان المعدّ للاقامة، وتقابلها في اليونانية كلمة (باندو كيون) التي حرفت فندق. والخان مؤلف من طابقين العلوي مخصص للاقامة، والأراضي لممارسة عمليات البيع والشراء، ويشغل وسطه باحة فيها مسجد للصلاة . ويقوم الخان على أربعة أعمدة وتعلوها تسع قباب .
([65] ) انظر : Margoliouth, Cairo,p.242
([66] ) الريحاوي ، عبد القادر ، تاريخ دمشق العمراني ، مجلة الحوليات الاثرية ، دمشق ، مجلد 14 ، 1994 ،
ص 44 .

([67] ) انظر : Porter , j.L , (D . 1889) , five years in Damascus , john Murray , London 1858 Vol . I , pp . 31 – 32 .

([68] ) باسكوال، دمشق في منتصف القرن العشرين، ص 155 - 157 .
([69] ) الفرا، عمران وعمارة دمشق، ص 131 .
([70] ) العظم، مذكرات، ص 55 – 56 . (9 – مقالات )
([71] ) العظمة، مرآة الشام، ص 98 .
([72] ) القساطلي، الروضة الغناء، ص 124 .
([73] ) انظر : Margoliout, Cairo , p . 228
([74] ) العظمة، مرآة الشام، ص 138 .
([75] ) القساطلي ، الروضة الغناء ، ص 7 .
([76] ) زيدان ، دمشق الشام ، ص 699 .
([77] ) الحكيم ، يوسف (1883 – 1979 م ) ، سورية والعهد الفيصلي ، ذكريات الحكيم (3) ، المطبعة الكاثوليكية، بيروت، 1960، ص 58. والحكيم تلقى علومه في المدارس الأمريكية باللاذقية وعمل في القضاء والإدارة والسياسة . وكتب ذكرياته عن سورية في العهد العثماني والعربي والانتداب .

([78] ) كر د علي ، دمشق ، ص 93 .
([79] ) مكاريوس ، دمشق الشام ، ص 291 .
([80] ) زيدان، دمشق الشام، ص 670 .
([81] ) البارودي، مذكرات، ص 48 – 49 .
([82] ) العظم، مذكرات، ص 26 . وقد أصبح والد المؤلف (فوزي العظم) وزيرًا للأوقاف 1912 م .
([83] ) الخوري، فارس (1877 – 1962 م)، أوراق، تنسيق وتحقيق وتعليق كوليت خوري، دار طلاس للنشر، دمشق 1989م، ص 94، 92، 130 – 132، وكان فارس الخوري نائبًا، وله نشاط واضح في المناقشة والمعارضة والاستحواب. والخوري من بلدة الكفير ( وادي التيم ) من ولاية دمشق لمع في مطلع حياته كشاعر، فيما بعد طغت على شخصيته الجانب السياسي والاقتصادي والحقوقي .

([84] ) العظمة، مرآة الشام، ص 148 .
([85] ) البارودي، فخري، أوراق البارودي الخاصة (غير منشورة )، دار الوثائق التاريخية، دمشق .
([86] ) كرد علي، المذكرات، ص 64- 65، ويذكر المؤلف أنه حصر جهده على صفحات جريدة المقتبس بعد 1908م في مناقشة عمال الدولة مستندًا إلى وثائق ونصوص القوانين (( وعمدتنا في مراسلات الجهات على أناس متعلمين من أصدقائنا كانوا يعاونوننا لجلب الأخبار الصادقة حبًا بالإصلاح )) .

([87] ) العظمة، مرآة الشام ، ص 148 .
([88] ) الحكيم، سورية والعهد الفيصلي، ص 85 .
([89] ) البارودي، مذكرات، ص 12 .
([90] ) كرد علي، المذكرات، ص 37 ، 53 ، 80 .
([91] ) العلاف، في مطلع القرن العشرين، ص 14 – 43 .
([92] ) كرد علي، دمشق، ص 140 – 141 .
([93] ) كرد علي، مذكرات ، ص 13 . يتحدث المؤلف عن ذكريات طفولته في مزرعته والده في قرية جسرين في الغوطة .

([94] ) الخوري، أوراق ، ص 341 – 347 ، رسالة محمد كرد علي إلى فارس الخوري 194 .
([95] ) باسكوال، دمشق في منتصف القرن التاسع عشر، ص 157 – 158 .
([96] ) القاسمي، قاموس الصناعات الشامية، جـ 1 ، ص 18 – 27 .
([97] ) العلاف، دمشق في مطلع القرن العشرين، ص 142 – 143 .
([98] ) الخوري، أوراق، ص 26 .
([99] ) العظم ، مذكرات، ص 23 .
([100] ) الخوري، أوراق، ص 295 ، 303 .
([101] ) العلاف، دمشق في مطلع القرن العشرين، ص 139 – 142 .
([102] ) القاسمي، قاموس الصناعات الشامية، جـ 1، ص 36، حـ 2، ص 279.
([103] ) القاياتي، محمد عبد الجواد (1838 – 1902 م )، نفحة البشام في رحلة الشام، دار الرائد العربي، بيروت 1981م، طبعة ثانية، ص 113 – 119. والقاياتي من أهل الفضل والدين في مصر، شارك في ثروة عرابي 1882م، واعتقل ثم نفي إلى بلاد الشام وكتابه هو رحلة بضع سنوات في تلك البلاد .

([104] ) العظم، مذكرات، ص 49 .
([105] ) الخوري، أوراق، ص 333.
([106] ) كرد علي، المذكرات، ص 27، 29، 32 .
([107] ) العظمة،مرآة الشام، ص 147 – 148 .
([108] ) العلاف، دمشق في مطلع القرن العشرين، ص 79 – 82 .
([109] ) القاياتي، نفحة البشام، ص 113 .
([110] ) كرد علي، دمشق، ص 98 .
([111] ) العظمة، مرآة الشام، ص 49 .
([112] ) القاسمي، قاموس الصناعات الشامية، جـ 1، ص 37، 134،154، جـ 2، ص 407، ص 408، ص 421، ،ص 465 ، ص 487 .

([113] ) العظم، مذكرات، ص 50 – 51
([114]) العلبي، خطط دمشق، ص 491 .
([115]) السكاكيني، خليل (1878 – 1935م )، كذا أنا يا دنيا (يوميات)، إعداد هالة السكاكيني، المطبعة التجارية، القدس 1955م، ص 141 – 142. والسكاكيني أحد الرواد الفلسطينين في المجالات الوطنية والاجتماعية والتربوية والثقافة، حملته السلطات العثمانية خلال الحرب الأولى إلى دمشق منفيًا وعاد إلى مدينة القدس بعد الحرب .

([116]) هذه التقاليد تنطبق على العائلات الغنية والمتوسطة على الأقل وقد وصفها: العظمة، مرآة الشام، ص 80- 84، العلاف، دمشق في مطلع القرن العشرين، ص 113 115. العظم، مذكرات، ص 77، البارودي (أوراق خاصة غير منشورة ) .

([117] ) العلبي، خطط دمشق، ص 491 .
([118] ) الخوري، أوراق، ص 334 .
([119] ) البارودي (أوراق خاصة غير منشورة) ويذكر أنه كتب مقالاً في الصحف ينتقد الإسراف، كان له تأثير على الرأي العام .

([120] ) العظمة، مرآة الشام، ص 84 .
([121] ) انظر : Porter ,(D .1889), five years , p.30 .
([122] ) العلاف، دمشق في مطلع القرن العشرين، ص 24 – 34 .
([123] ) القاسمي، قاموس الصناعات الشامية، جـ 2، ص 373 .
([124] ) العلاف، دمشق في مطلع القرن العشرين، ص 32 – 33 .
([125] ) العظم، مذكرات، ص 24 .
([126] ) العظمة، مرآة الشام، ص 72 .
([127] ) العظم، مذكرات، ص 33 ، 38 .
([128] ) العلاف، دمشق في مطلع القرن العشرين، ص 27 – 28 .
([129] ) العظمة، مرآة الشام، 72 – 73 .
([130] ) العظم، مذكرات، ص 33 .
([131] ) السكاكيني، كذا أنا يا دنيا، ص 111، أطلق السكاكيني على دمشق بأنها بلد القباقيب .
([132] ) القاسمي، قاموس الصناعات الشامية، جـ 2، ص 394 .
([133] ) العظمة، مرآة الشام، ص 73 .
([134] ) العلاف، دمشق في مطلع القرن العشرين، ص 44 – 52 ، ص 58 – 59 .
([135] ) تخرج الشموع والزيوت من دار ملتزمها ثم يخرج السنجق (الراية السلطانية) من مسجد الصحابي أبي الدرداء في القلعة ويؤتى به حتى جامع السنجقدار ويصلى عليه ثم يسار إلى السراي الحكومي وتتلى قصة المولد ويخرج المحمل في اليوم التالي. والمحمل هو محفة كبيرة تحمل الكسوة السلطانية مجللة بالديباج الأخضر منقوش عليها بالقصب آيات من القرآن، ويحمل المحمل جمل قوي مزركش بأنواع الأقمشة والجلود والمرايا .

([136] ) العلاف، دمشق في مطلع القرن العشرين، ص 68 – 74 .
([137] ) العظمة، مرآة الشام، ص 91 . ويعود هذا الاحتفال إلى أيام صلاح الدين بعد استرداد القدس .
([138] ) باسكوال، دمشق في منتصف القرن التاسع عشر، ص 149
([139] ) العظم، مذكرات، ص 12. يذكر المؤلف أنه تعاقب على منصب إمارة الحج ثلاثة من أجداده (أسعد باشا وابنه وحفيده ) .

([140] ) مكاريوس، دمشق الشام، ص 292 وكان المؤلف قد شهد عام 1881م خروج موكب الحج وما رافقه من مشاهد ((فخلتني واقفًا في بلاد العرب أرى ما كنت أقرأ عنه)) .

([141] ) العظم، مذكرات، ص 110 – 117، وصف المؤلف مراسم الموكب الشامي وكان قد رافق والده في مركبته .
([142] ) العظمة ، مرآة الشام ، ص 116 – 117 . (10 – مقالات )
([143] ) المرجع نفسه، ص 78، العظم، مذكرات، ص 45 – 47، كرد علي، دمشق، ص 79 .
([144] ) السكاكيني، كذا أنا يا دنيا ، ص 149 .
([145] ) البارودي، مذكرات، ص 93 .
([146] ) المرجع نفسه .
([147] ) العظم، مذكرات، ص 47 .
([148] ) البارودي، مذكرات، ص 46 .
([149] ) هو نوري الايبش، المرجع نفسه، ص 45 .
([150] ) القاياتي، نفحة البشام، ص 138 – 139 .
([151] ) انظر : Margoliouth, (D.S.1940) , Cairo, p. 232
([152] ) البارودي، مذكرات، ص 44 .
([153] ) العظمة، مرآة الشام، ص 80 .
([154] ) زيدان، دمشق الشام، ص 673 .
([155] ) كرد علي، محمد، العادلية والظاهرية، مجلة المجمع العلمي العربي، مجلد 1، 1921، ص 36 .
([156] ) العظمة ، مرآة الشام ، ص 54 - 55 . كان من بين تلك المدارس 3 مدارس للطب و بيمارستان .
([157] ) زيدان ، دمشق الشام ، ص 673 .
([158] ) انظر : Margoliouth (D.S. 1940) , cairo , p. 288
([159] ) القاسمي ، قاموس الصناعات الشامية ، ج1 ، ص 173 .
([160] ) العظمة ، ص 107 .
([161] ) البارودي ، ص 101 .
([162] ) العلاف ، دمشق في مطلع القرن العشرين ، ص 179 .
([163] ) البارودي ، مذكرات ، ص 16 – 17.
([164] ) جبري، شفيق (1890– 1980م )، دمشق في ماضيها القريب، مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق (سابقًا المجمع العلمي العربي ) ، مجلد (33 ) ، 1999 ، ص 530 531 .

([165] ) العظم، مذكرات، ص 9 – 10 .
([166] ) الخوري، أوراق، ص 42 – 48 . زيدان، دمشق الشام، ص 673 .
([167] ) زيدان، دمشق الشام، ص 673 . مكاريوس، دمشق الشام ، ص 291 .
([168] ) مكاريوس، دمشق الشام، ص 291 . معاذ، خالد، مدارس دمشق في العصر العثماني، في كتاب: دمشق دراسات تاريخية وأثرية ، ص 119 – 120.

([169] ) معاذ، خالد، مدارس دمشق في العصر العثماني، في كتاب : دمشق دراسات تاريخية وأثرية، ص 119 – 120 . العلاف، ص 196 – 197 .

([170] ) العلاف، ص 196 - 197 . القاياتي، نفح البشام، ص 121 – 122.
([171] ) القاياتي، نفح البشام، ص 121 – 122.
([172] ) الخوري، أوراق، ص 78 – 81 والدار في الأصل لثري يهودي (يوسف عنبر ) وانتقلت إلى ملك الحكومة العثمانية لدين كان لها على صاحبها .
([173] ) البارودي، مذكرات، ص 30 – 32 .
([174] ) كان فارس الخوري أحد أساتذة مكتب عنبر في مطلع القرن العشرين . الخوري، أوراق، ص 78 .
([175] ) زيدان، دمشق الشام، ص 675 .
([176] ) العلاف، دمشق في مطلع القرن العشرين، ص 181 .
([177] ) البارودي، مذكرات، ص 21 – 22، العظم، مذكرات، ص 53، كرد علي، المذكرات، ص 164 .
([178] ) العظمة، مرآة الشام، ص 101 .
([179] ) العلاف، دمشق في مطلع القرن العشرين، ص 181، 289 .
([180] ) البارودي، مذكرات، ص 23 – 25 . والمؤلف يصف ذكرياته في مدرسة الريحانية للشيخ محمد المبارك والعلاف، دمشق في مطلع القرن العشرين، ص 21 – 23. والمؤلف يصف سنوات دراسته في المدرسة العثمانية للشيخ كامل القصاب. العظم، خالد، مذكرات، ص 53 – 55. والمؤلف يصف ذكرياته في المدرسة التجارية .
([181] ) العظمة، مرآة الشام، ص 192 .
([182] ) معاذ، مدارس دمشق في العصر العثماني، ص 120 .
([183] ) العظم، مذكرات، ص 57 – 58 . قد أنشأ المدرسة الصلاحية صلاح الدين وظلت مصدر إشعاع ثقافي إلى أن تهدّمت أواخر القرن الثامن عشر، وفي عام 1882م أسست فيها مدرسة للآباء البيض الفرنسيين، وفي 1915م أعاد جمال باشا الصلاحية مدرسة إسلامية عصرية .

([184] ) البارودي، مذكرات ، ص 32 ، 81 . وكان البارودي أقل حظًا من رفاقه الذين تخرجوا معه من مكتب عنبر، وسافروا إلى الآستانة للالتحاق بالمدارس العليا، وقد أنهى الطب 4 طلاب، وتخرج من المدرسة الملكية طالب واحد ومن الحقوق 3 طلاب .

([185] ) انظر : Margoliouth, Cairo, p. 240
([186] ) البارودي، ( أوراق خاصة غير منشورة)، وقد تسلّل البارودي إلى فرنسا متحدّيًا إرادة والده لمواصلة دراسة في علم الزراعة، واضطر للعودة بعد عام بضغط والده، وعاد معه ثلاثة أصدقاء دمشقيين أنهوا دراسة الطب .

([187] ) من هؤلاء محمد كرد علي، مذكرات، ص 184، ص 193 .
([188] ) المعارف، عيسى إسكندر (1956 م)، مكاتب دمشق، مجلة المجمع العلمي العربي، مجلد 3، 1923م، ص 143، من أهم مكاتب دمشق مكتب قصر السلطان صلاح الدين يوسف الأيوبي وكانت خزانتها مرتبة مقسومة إلى رفوف وخزائن ولها فهرس، ومكتبة المدرسة الناصرية التي شيدها الملك الناصر يوسف الأيوبي وحملت كتبها من مصر، ومكتبة المدرسة العادلية ومكتبة المدرسة العروية شرقي الجامع الأموي، ومكتبة دار
الحديث الأشرفية، وهكذا في بقية المدارس الكثيرة والجوامع والكنائس، ومن أهم تلك الكتب ما كان في صحن الجامع الأموي في قبة الخزينة، ومن المكاتب الخاصة المهمة مكتبة الواقدي المؤرخ، وابن فضل الله العمري، وابن أبي أصيبعة، وابن خلكان، وابن مالك النحوي، وابن المطران، وغيرهم .

([189] ) كرد علي، محمد، الشيخ طاهر الجزائري، مجلة المجمع العلمي العربي، مجلد (1)، 1921 م، ص 17- 18. وكان صاحب المقتطف شاهين مكاريوس قد زار دمشق 1881م وتحدّث عن مكتبة الملك الظاهر الشهيرة، ومكاتب عدد من العلماء مسيحيين ومسلمين، مكاريوس، شاهين، دمشق الشام، ص 291.

([190] ) جبري، دمشق في ماضيها القريب، ص 137 .
([191] ) القاياتي، نفح الشام، ص 130 .
([192] ) كرد علي، المذكرات، ص 38 .
([193] ) العلاف، دمشق في مطلع القرن العشرين، ص 124 – 125. حين زار ابن جبير دمشق في عهد صلاح الدين (القرن الثاني عشر) تحدّث عن الرباطات المسماة الخوانق، وهي برسم الصوفية. وقد شجّع السلاطين العثمانيون دراويش الطرق، وبني السلطان سليمان التكية لأجلهم .

([194] ) العظم، مذكرات، ص 49 .
([195] ) العلاف، دمشق في مطلع القرن الهشرين، ص 126، واضطرت الحكومة العثمانية إلى إلغاء الاحتفال بسبب ما كان يرافقه من أحدث دامية .

([196] ) البارودي، مذكرات، ص 90 – 91 .
([197] ) المرجع نفسه، ص 79 .
([198] ) كرد علي ،المذكرات ، ص 56 و 61 و 67 .وقد ترك كرد علي خلال الحرب الأولى المقتبس لأخيه ليتولى هو تحرير جريدة الشرق (للدعاي التركية الألمانية ) واعتزل رئاسة تحرير الأخيرة بعد مغادرة الأتراك البلاد وزهد في الصحافة .

([199] ) البارودي ، مذكرات ، ص 81
([200] ) العلاف ، دمشق في مطلع القرن العشرين ، ص 275 – 276 .
([201] ) جبري ، دمشق في ماضيها القريب ، ص 533 .
([202] ) قاموس الصناعات الشامية، ج 1 ، ص 112. ويعرف الكتاب محل شغل الكركوزاتي وأدوار عمله واختلاف لهجاته .

([203] ) جبري، دمشق في ماضيها القريب، ص 534 – 535 .
([204] ) العظم ، مذكرات ، ص 94 . يذكر المؤلف أنه تفرج على الكر كوزاتي مرة واحدة خفية عن والده .
([205] ) البارودي، مذكرات، بيروت 1951، ص 94 .
([206] ) جبري، دمشق في ماضيها القريب، ص 535 – 536 . وقد وصفت حرفة التمثيل ولوازم المسرح في : القاسمي، قاموس الصناعات الشامية، ج2، ص 470. وقد نبع أبو خليل القباني في دمشق في الموسيقى والغناء ونظم الشعر، واصطدم بالمعارضة التي حالت دون دوامه على هذه المهنة في بلدته فرحل إلى مصر .

([207] ) القاسمي، قاموس الصناعات الشامية، ج2، ص 470 – 471 .
([208] ) البارودي، مذكرات، ص 84 – 89. يشير المؤلف إلى شبان (زكرت) يأخذون (الغفارات) من أصحاب المسارح ومن الراقصات .

([209] ) العظم، مذكرات، ص 41 – 48 . وقد شهد المؤلف التمثيلية مع عائلته خلال موسم الصيف 1915م .
([210] ) السكاكيني، كذا أنا يا دنيا ، ص 145. وحضر المؤلف الحفل، ولكنه لم يكن يتذوّق الموسيقى الشرقية (( إن كل نغمة للجوق النمسوي تشف عن قوة وحياة، وكل نغمة للجوق العربي تشف عن ارتخاء في النفوس)) .

([211] ) العظم، مذكرات، ص 48 .
([212] ) القاسمي، قاموس الصناعات الشامية، ج2، ص 459 – 461 .
([213] ) المرجع نفسه، ص 323 .(11 - مقالات)
([214] ) البارودي، مذكرات، ص 86 .
([215] ) العظمة، مرآة الشام، ص 98 .
([216] ) الخوري، أوراق، ص 313 . من رسالة محمد كرد علي إلى المؤلف قبل الحرب العالمية الأولى .

ملاحظة:
نشر هذا النص في الكتاب التالي:
صفحات من تاريخ دمشق، و دراسات أخرى، 2006، مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، مركز دراسات مقاصد الشريعة الإسلامية، لندن، ص65 -110.

مقالات مختارة

إقرأ المزيد

موقع دار السيدة خديجة، رضي الله عنها، والدور التي كانت تحيط بها

إن بداية إقطاع الرباع، في مكة المكرمة، تعود إلى عهد قصي بن كلاب. فحين تولى رئاسة مكة، بعد سقوط حكم خزاعة، جمع قريشاً إليه، فَقَطَّع مكة رباعاً، ووزعها على القبائل؛ فقامت كل قبيلة ببناء منازلها في الرباع المخصصة لها. ثم أ...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

فضل بيت المقدس والعمارة فيه وجلب الخير له ولأهله

الشيخ محمد الخليلي قال تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِي...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

العوائد المالية لمقاطعات دمشق الشام على ضوء دفتر طابو (T.D.474) سنة 977 هـ / 1569 م ([1] )

محمد عدنان البخيت يُقدِّم لنا علي دفتري، محرّر دفتر طابو (T.D.474) تاريخ 977هـ/ 1569م، المحفوظ بأرشيف رئاسة الوزراء بإستانبول، قائمةً تفصيلية ًبمحصول المقاطعات في نفس دمشق الشام، وكان ربع هذه المقاطعات يُشكِّل جزءًا من خ...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

تملك الأجانب للعقارات في الدولة العثمانية: أنموذج بلاد الشام

عبد الكريم رافق مــقدمـــة أقام الأجانب من الأوربيين، ومعظمهم من التجّار،  في  مراكز المدن، وبخاصة الموانئ في بلاد الشام، منذ مطلع الحكم العثماني وقبل ذلك ، واشتملوا آنذاك على البنادقة وغيرهم من تجار دويلات الم...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

التنظيم المديني والإداري للعاصمة المصرية بين العصرين الفاطمي والمملوكي

أمين فؤاد سيّد كانت ((الفُسْطاطُ)) في العَصْر الفاطمي، وظلَّت لفترةٍ غير قصيرة بعد سُقُوطِ الفاطِميين، هي مَدينَة مصر الرئيسة ومركز نَشَاطِها الاقْتصادي والصِّناعي والعِلْمي. بينما كانت ((القاهِرة)) المَدينة المُحَصَّنَة...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

الأحباس العامة بالقيروان في عهد الدولة الحفصية (625 هـ / 1228 م - 982 هــ / 1575 م )

مراد الرّمّاح تعتبر الأحباس من أجل التنظيمات والتشريعات التي كان لها بالغ الأثر في تطوير الحياة الاقتصادية والاجتماعية في العالم الإسلامي قاطبة. ولم تحظ هذه الظاهرة بالدراسة الكافية من طرف الباحثين ([1] )حتى نتبيّن نشأته...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

اكتشاف غير مسبوق حول رحلة ابن بطوطة

عبد الهادي التــازي هديتي إلى سائر الباحثين والمهتمين بالرحالة العالمي المعروف بابن بطوطة الطنجي، وذلك بمناسبة احتفال المنظمات العالمية والمؤسسات الجامعية، والهيئات الثقافية مشرقًا ومغربًا بمرور سبعة قرون شمسية على ميلاد...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

بيت لحم، وبيت جالا، وبيت ساحور النصارى وجوارها

محمد عدنان البخيت *** إلى العالمِ المُعلِّمِ سادن التُّراثِ العربيِّ الأستاذ الدكتور صلاح الدّينِ المنجِّد- حفظه الله *** تشير المصادر الجغرافية وكتب الأنساب إلى استيطان مبكر قبل الإسلام لعشائر لخم وجذام منذ مطلع القرن ا...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

رسالة غير معروفة في الجغرافية

رمضان ششن عثرت على هذه الرسالة، أثناء بحثي حول مخطوطات الجغرافيا، بين مخطوطات معلّم جودت في استانبول تحت رقم 0.96، وهي مكتوبة على الرق بالخط الريحاني المشكول، بمقياس 25×5,32 (18×5,25) سم، ومسطرتها 13 سطرًا. وتقع الرسالة ...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

مقاصدُ الفنونِ العُمرانِية في المدينةِ الإسلامية: قراءةٌ في نصوصٍ تراثيةٍ ورؤيةٌ في الواقعِ المعاصر

إبراهيم البيومي غانم([1]) استهلال تضمَّنت بعضُ كتبِ الآداب السلطانية والسياسة الشرعية معاييرَ متعددةً لفنون تخطيط المدن والأمصار وعمرانها وجمالياتها، كما تضمنت كثيراً من النصائح وما يشبه «اللوائح الإرشادية» المتعلقة بكيف...

مقالات متعلقة بأيام دولية
Back to Top