الملخص
يعدّ كتاب «كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون» لمؤلّفه مصطفى بن عبد الله القسطنطيني العثماني المعروف بكاتب چلبي وبحاجي خليفة (1067هـ)، أكبر معجم ببليوغرافي إلى عصر المؤلّف؛ استغرق مؤلفه عشرين سنة في جمع مادته وكتابته في مسودة، ثم بدأ بتبييضه، فكتب منه إلى أثناء حرف الدال ثم أدركته الوفاة، تاركا وراءه القطعة المبيضة وجميع المسودات.
عني المؤلّف بذكر أسماء الكتب والفنون، فكان يذكر الفنّ ويُعَرّف به اعتمادًا على «مفتاح السعادة» لطاش كبري زادة في الأغلب الأعمّ، مع استدراكات عليه، ثم يذكر أسماء الكتب مرتّبة على حروف المعجم، مع ذكر مؤلفيها إن وقع له ذلك، ويُتبع ذلك بالشروح والمختصرات والحواشي المتصلة بهذا الكتاب، وربما أشار إلى موضوع الكتاب، أو ذكر أوله، لا سيما في المؤلفات التي اطلع على نسخ منها.
وقد احتلّ هذا الكتاب أهمية كبيرة بين الباحثين والدارسين والمحقّقين، فكانوا كثيري الرجوع إليه والاعتماد عليه في أبحاثهم ودراساتهم وتحقيقاتهم.
ونتيجة لهذه الأهمية البالغة، عني الأوربيون بتحقيقه ونشره وترجمته إلى اللغة اللاتينية، لغة العلم في أوربا إلى عهد قريب، فقام المستشرق الألماني فلوجل بتحقيق المجلدين الأولين منه خلال السنوات 1858-1835 في ليبزك، ثم طُبعت مجلداته من الثالث إلى السابع - مع كشافاتها - في لندن.
ثم قام اثنان من العلماء الأتراك بإعادة نشر الكتاب، اعتمادًا على النشرة الأوربية، ومقابلتها على نسخة المؤلف الخطية من المبيضة والمسودة.
ومما يؤسف عليه أنَّ هاتين الطبعتين لم تستوفيا المنهج العلمي في تحقيق النصوص، إذ تصرفا في النص زيادةً وحذفًا، وقاما بتغيير الكثير من العبارات، ظنًّا منهما أنّ هذا ممّا ييسر فهم النص واستوائه، فضلًا عمّا وقع عندهما من تحريف وتصحيف لا تخلو منها صفحة من صفحات طبعاتهما.
ومن هنا رأى مركز دراسات المخطوطات الإسلامية بمؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي ضرورة إصدار نشرة نقدية لهذا النص البالغ الأهمية، لا سيما بعد ملاحظة الأخطاء الكثيرة الواقعة في النشرتين السالفتين، إضافة إلى الأخطاء التي وقع فيها مؤلف الكتاب نفسه في أسماء الكتب وأسماء مؤلفيها ووفياتهم ونسبة الكثير من الكتب إلى غير مؤلفيها، خاصة وأنه لم تتح الفرصة له لإعادة النظر في المسودة التي وضعها، والتي أصبحت المورد الوحيد لهذا النص المهم.
إنّ النشرة التي تأمل مؤسّسة الفرقان للتراث الإسلامي أن تظهر قريبًا قد بُذل فيها من الجهد المحمود في اعتماد نسخة المؤلّف المبيّضة، وما لم يُبيض من المسودة، والتعليق عليها، وتصحيح آلاف الأخطاء الواقعة فيها، فضلًا عن تجلية ما أُبهم من نصوصها، سوف تكون - بعون الله ومَنِّه - أوّل نشرة علمية نقدية لهذا النصّ المهمّ.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.