الأحكام العامة للمرأة المسـلمة

شارك:

أحمد زكي يماني

الحمد لله الذي خلقنا من ذكر وأنثى ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ ﴾ (سـورة الحجرات، الآية 13)، وجعل للرجال المسلمين وللنساء المسلمات ولاية على بـــعضهم البـــعض ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ﴾ (سـورة التوبة، الآية 71) .

والصلاة والسلام على النبي اللأمي الذي بُعث في قوم كانت المرأة في نظر بعضهم رمزاً للذل والهوان، وتستحق أن تدس في التراب حيّةً حتى يزول عن أبيها الكظيم ما قد يلقاه بسببها من مستقبل أليم. فرفع عليه الصلاة والسلام، برسالته، من شأن المرأة، وجعلها مساوية للرجل، إلاّ إذا اقتضت الظروف المالية غير ذلك، فهي شقيقة الرجل وليست دونه ﴿النساء شقائق الرجال 1.

إن حضــارة الإســلام تختلف عن حضارة الغرب، وإن نظرة الإسلام إلى المرأة ترتكز على معايير وأسس ليست بالضرورة ما ترعاه وتتبناه الحضارة الغربية وتسعى لتطبيقه.فالإســـلام يركّز على (دين) المرأة معياراً أساسا لتقويمها. والدين يشمل الخلق الكريم، والعلم الواســع، مع مخافة الله وإطاعة أوامره ونواهيه. فالمرأة تُنكح لدينها ومالها وجمالها وحسبها، ورسول الله ﷺ يأمر أصحابه وأتباعه بأن يظفروا بذات الدين. وجمال المرأة، في الإسلام، غير مُعدّ للعرض والبيع، وليس من الوسائل العامة للترويج عن نفوس المشاهدين؛ فهو ثروة لصاحبته، مخصصة لمن تختاره من الرجال زوجاً لها، ولا تُظهر من تلك الثروة للعامة إلا ذلك الجزء الذي لا  يثير الشهوات أو الرغبات.

والحضـــارة الغربــية، علــى الـــرغم مما تحـــتويه من مبادئ وعلم وتقدم تقني، فإنها بصفة عامــة ترتكز في نظرتها للمرأة على أمور كثيرة يأتـــي في مقدمتها جمال المرأة وجسدها. فيتبارى مصــممو الأزيـــاء لإظهـــار مفاتنها، كما تتبارى وســائل الإعلام المرئية في استخدام ذلك الجمال وتلك الفتنة، وسيلة للترويج لها واستقطاب اهتمام المشاهدين.وتجــارة الجنس، وإن كانت حتى الآن في معظــم بلاد الغرب خارج حدود القانون، إلاّ أنها مـن الأمور الواقعية التي يُغض الطرف عنها، إلاّ إذا استفحل أمرها.والمـرأة قيمتها في دينها وخلقها وعملها وإنسانيتها. وبعض المسلمين، الذين يضعون حدوداً لإنسانيتها وقيوداً على تعليمها ونشاطها، يخطئون ويخـالفون روح الإسلام ونصوصه. وأولئك الذين ينتمون للإسلام، ويريدون للمرأة المسلمة أن تكون نسـخة مــن الفتاة الغربية، يُحْدثون في مجتمعهم الإسـلامي شرخاً يؤدي إلى تفاقم حدة المتزمتين، فيزدادون تشدداً وتنطعاً. ويدفعون في الوقت نفسه المــرأة المســلمة إلــى هاوية الحضارة المادية، فيلــتهمها طوفان العولمة، فيحتقرها أهلها دون أن تسعدها حضارة غيرها.

الإســلام جــاء بأحكام خاصة بالمرأة، تعد ثورة حقيقية على المفاهيم التي كانت سائدة في جزيــرة العـــرب، وتحــولاً جذرياً عن الأفكار الفلســفية والدينــية التــي سادت قبله أو في بداية عصره. فالشريعة الهندية البرهمية اعتبرت المرأة ناقصة الأهلية، ليس لها الحق في القيام بأي عمل وفــق مشــيئتها، إذ تنتقل من تبعيتها لأبيها لتبعية  زوجها، فإذا مات انتقلت التبعية لأبنائه أو لعشيرته الأقربين2.

إذا انتقلــنا إلــى الــيونان، وجدنــا المرأة محــرومة من التعليم، تابعة للرجل. وعندما حاول أفلاطــون أن يطبق في مدينته (الجمهورية) مبدأ مســـاواة المرأة بالرجل في مجال التعليم والثقافة، فشل في المحاولة لهجوم المفكرين والفلاسفة على ذلك المبدأ. وقال أرسطو: إن المرأة للرجل كالعبد للسيد، والعامل للعالم، والبربري لليوناني. كما قال يوستن خطيب اليونان المشهور: إناّ نتخذ الزوجات   فقط ليلدن لنا الأبناء الشرعيين3.

أمــا موقف الديانة اليهودية من المرأة فأقل  ما بوصف به هو أنه موقف عدائي. فالتلمود مثلا ينصــح عامـــة اليهود بأنه خير للإنسان أن يمشي وراء أسد من أن يمشي وراء امرأة. وقد جاء في الكــتاب المقــدس أن المفــروض على المرأة أن تــكون تحت سلطان الرجل وهو يتسلط عليها4. الديانــة المســـيحية، عند بعض أتباعها، لا تخــتلف عن الــيهودية، فالمرأة شر لا بد منه، وإغــواء طبيعي، وكارثة لازمة، وخطر منزلي، وفتنة مهلكة، وشر عليه طلاء. ومن أقوال الراهب الإيطالي توماس الأكويني: "المرأة خاضعة للرجل بضعف طبيعتها الجسمية والفعلية معا والرجل مبدأ المــرأة ومنتهاها، وقد فرض الله الخضوع على المرأة"5.

القــانون الروماني وضع للفرد حقوقا تجاه الدولــة تمثل تطورا قانونيا هاما، ومع ذلك فإن الوضع بالنسبة للمرأة بقي لمدة طويلة يشبه ما كان ســائدا في اليونان، إذ كان للرجل الوصاية الكاملة علــيها، فالأنوثة كالجنون من أسباب الحجر على الشخص.

في الإمبراطورية السفلى تحسن الوضع قليلا فكان للمرأة حق اختيار الوصي عليها. ولم تحصل المرأة على أهليتها المالية إلا في عهد الإمبراطور  (تــيودرز هوتوريوس) إذ أنهى الوصاية المالية  عليها مع ضرورة الحصول على موافقة الزوج6.

فالأحكام الإسلامية الخاصة بالمرأة تعتبر –كمــا أســلفت – ثورة حقيقية إذا قورنت بما كان ســائداً فــي المجــتمع الذي أضاءت فيه الرسالة المحمديــة، أو ما كان سائداً في العصور الغابرة والحضــارات المعاصرة لها. حيث أعطى الإسلام للمــرأة أهليتها المالية كاملة غير منقوصة؛ فكان للإسلام الريادة والسبق في هذا المجال كأول نظام يفعل ذلك في التاريخ، وإن كنا نلاحظ الآن اتجاهاً لوضع قيود على تلك الأهلية في بعض المجتمعات الإسلامية.اختلاف الآراء حول المرأة قديم العهد، قدم الإسلام نفسه. وقد أسهم العرف والبيئة في اختلاف تصـرفات المسلمين وآراء فقهائهم.

ومن أوضح الأمـثلة على تأثير البيئة ما كان سائداً في مجتمع مكة قبل الهجرة، وما كان سائداً آنذاك في مجتمع المدينة.  وخير وصف لذلك ما جاء على لسان أمير المؤمنين عمــر بـــن الخطاب رضي الله عنه إذ قال: ]كنا  معشــر قــريش نغلــب النســـاء، فلما قدمنا على الأنصــار إذ هم قوم تغلبهم نساؤهم، فطفق نساؤنا يأخذن من أدب نســاء الأنصار، فصحت على امرأتــي فراجعتني، فأنكرت أن تراجعني، فقالت: ولــم تنكر أن أراجعك؟ فوالله إن أزواج النبي ﷺ ليراجعـــنه، وإن إحداهـــنّ تهجـــره اليوم حتـــى الليـــل، فأفزعتني7. ولقد انصاع ابن الخطاب رضي الله عنه للتوجـيه النبوي بعدم منع نسائه من الخروج  لصلاة العشاء والفجر رغم غيرته رضي الله عنه. وهو نفسه الــذي أراد في خلافته أن يحدّد المهور؛ فراجعته امرأة برأي مخالف؛ فقبل اعتراضها وانصاع لـرأيها. ولقد بدأ تأثير البيئة بعد وفاته ﷺ، إذ رفض أحد أبناء عمر  رضي الله عنه السماح للنساء بالذهاب لصــلاة العشــاء والفجر وأقسم ليمنعهن حتى لا يــتخذنه ذريعة للفساد، رغم التوجيه النبوي. وقد أورد الإمــام النووي ذلك في شرحه لـــ (صحيح مسلم)، وفي ذلك عودة لتقاليد بيئة مكة المكرمة مــن ممارسة المرأة، في عصر  النــبوة والخلافة الراشدة، لحقوق لم تكن من قبل معروفة، فإن العصور التي تلتها قد شهدت نكسات  متتالــية وآراء مخــتلفة مـــردها اخــتلاف البيئة  الظـروف الاجتماعية.

كـــان مجـــتمع المدينة مجتمعاً تشارك فيه المـــرأة الـــرجل جنباً إلى جنب في جميع مظاهر الحياة الاجتماعية. واـستمر الأمر على ذلك المنوال فــي بدايـــة العصـــر الأمـــوي، إذ احتفظ العرب بتقالــيدهم، فكانت المرأة تظهر في المجتمع سافرة الوجه، حتى برز لدى بعض خلفاء بني أمية اتجاه لفرض الحجاب على نسائهم؛ ثم بدأ بعض أشراف الأموييـــن في تقليد الخلفاء. ولم تكن دمشق مدينة عربية بل كانت من المدن القديمة التي خضعت لحكـــم الإغريق الذين كانوا يفرضون النقاب على نســـائهم. ولذلك انفردت دمشق قبل الإسلام، دون  بقـــية المـــدن الإســلامية، بالــنقاب والفصل بين   الجنسين.8.

وجــاءت الدولـــة العباســـية في بغداد لينجو خلفاؤهـــا العباســـيون منحى الأمويين. ثم قام ابن المقفع بالدعوة إلى فرض نقاب المرأة لعامة النساء الـلاتي لم يكـنّ ملزمات بذلك، وساد العرف الجديد الذي يمجد المرأة التي تختفي عن الأنظار9.

بعـــد أن أبرزتُ تطور العرف وأثره على المــرأة يجدر بي، في هذا الصدد، أن أفرّق بين الشـــريعة الإســـلامية بنصوصها القطعية ومقاصد أحكامهـــا – وهــــي ملزمة دون شك – وبين الفقه الإســـلامي، وهو إنجاز إنساني إسلامي، نفخر به  ونعــتز، وللمؤهلين من أبنائه في العصور التالية  فسحة من الاجتهاد حسب الزمان والمكان.

الفقـــه الإســـلامي يتغير باختلاف الزمان وتغير البيئة. وخير مثال لذلك آراء الإمام الشافعي الفقهــية عندما كان في بغداد مقارنةً بآرائه عندما ذهب وعاش بمصر. فالفقيه هو الفقيه، والنصوص هي النصوص، وما تغير كان هو المكان والبيئة، فكانـــت آراؤه المختلفة رضي الله عنه تسمى، للتمييز بينهما، على القديم وعلى الجديد. ومن قواعد الفقه أنه (لا ينكر تغير الأحكام بتغيّر الأزمان).ونحـــن في بداية قرن ميلادي جديد تغيرت فيه ظـــروف الحــياة، وتطورت وسائل التعليم وانتشـــرت، وذُللـــت وسائل الاتصالات وانتقال المعلومات، فأصبحت في متناول اليد دون قيود أو حــــدود. وواكـــب هذه التغيرات أن أثبتت المرأة جدارتهـــا فـــي ميادين العلم والتجارة والاقتصاد، ونافســـت الرجل في أمور كانت حكراً لـــه ووقفاً عليه؛ فلم تمنعها أنوثتها من أن تصبح جندية باسلة فــي مياديـــن القــتال، أو مخترعة بارعة داخل المعامل، أو باحثة متميزة في مجال البحث العلمي.فـــي هـــذه الظروف المتغيرة، والتطورات السريعة المتلاحقة، ترتفع أصوات بعض علمائنا، تدعو إلى بقاء المرأة في بيتها، لا تشارك الرجال فـــي بيئتها، ولا تباشر من الأعمال إلاّ ما يعتقدون أنـــه ملائم لطبيعتها متوافق مع شريعتنا. ويدفعهم خوفهـــم من فساد الغرب وانهيار الفضيلة فيه إلى تضييق دائرة نشاطها حتى تكاد تنعدم. ويتوسعون فيما يعتقدون أنه أحكام شريعتنا حتى يخرجوا عن دائـــرتها وروحها ونصوصها. ونحن لا نشك في صـــدق نوايـــاهم، ونعرف قوة العقل الباطن الذي يحركهم لحماية نسائنا، وقوة التقاليد التي نبتوا في تربتها وترعرعوا في كنفها. ولكن الأمر أخطــر بكــثــير من أن يعالج بطريقهم هذه مهما كانت مــبرراتها وصـــدق نواياها. فإن ما يدعون إليه، ويــرجـــون لـــه، أضيق كثيرا من الساحة الرحبة  التـــي كانــت المرأة المسلمة تعيش فيها في خلال العصر النبوي.

رحم الله الإمام ابن قيّم الجوزية الذي عمّق الله فهمه ومنحه فقها في الدين حين قال: إن على الفقيه أن يزاوج بين الواجب والواقع10. ولو كان بينــنا اليوم لعرف الواقع الذي نعيشه، ولتصرف عكس تصرفات بعض علمائنا، فزواج بين واجب  قـــابل للتوســـيع وواقـــع يستحيل تغييره، فهو آت كالطوفان؛ ولابد أن نبني ســـفينة تنقذنا من الغرق فـــيه، بالرجـــوع إلى روح الشريعة، والثابت من نصوصها. فالانعزال خطير، ولن يكون هناك جبل يعصـــمنا مـــن الماء، وإن لم نفعل فسوف نكون كالـــنعام حيـــن تخشى الصياد فتدفن رؤوسها في الرمال.

عـــندما أكتب عن مساواة المرأة بالرجل في مـــيزان الإســـلام أهدف إلى توصيف حقيقة تلك المســــاواة وإيضاح الفوارق في الأحكام بين المرأة والــــرجل، مــــتى وجدت. وهي فوارق تعود إلى طبيعة الأنثى مقارنة بطبيعة الرجل، ولا تزيد من الــــرجل على حساب المرأة، ولا تنقص من المرأة لحساب الرجل، ولا تخل بالمساواة الكاملة.

الأنوثــــة مـــن صـــفات المرأة التي تُحترم لأجلهـــا، ولا تنـــتقص من قدرها. والرجولة من صفات الرجل التي يُمدح بها، ولا تكون من وسائل تفضـــيله على المرأة، فهي تلقي عليه أعباءً دون أن تـــرفع في ذاتها لــــه شأناً. والمرأة المسترجلة معابـــة، والرجل المخنت محتقر؛ وقد لعن رسول الله ﷺ المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين مـــن الرجال بالنساء11. وقضية المساواة، إذن، يجب أن ينظر إليها على ضوء هذه المفاهيم وعلى ضوء التشريعات المالية الإسلامية التي ألقت على الرجل أعباءً أعفت المرأة منها.

المـــناداة في الغرب بفكرة الجنس الموحد، التـــي تــــرفض أن يكـــون تقسيم العمل مبنياً على اخــتلاف الجنسين، مـــناداة لا تستقيم مع روح الشــــريعة الإســلامية التـــي، وإن أباحت للمرأة ممارسة العمل في حقولـــه الكثيرة، إلاّ أنها تركز  علـــى الوظـــيفة الأساسية لها كزوجة وأم. وهي وظيفة تمنحها جل الاحترام في المجتمع المسلم.

وفكـــرة الجـــنس الموحد في الغرب أثبت نتائجها أنها أدت إلى تعصب للذكورة؛ فأصبح دور الرجل في مجالات العمل محلاً للتقدير والاحترام، أكثر بكثير مما حصلت عليه المرأة من تقدير في تلك المجالات.

الإســــلام لا يغفــــل الفــــوارق البيولوجية بين الاثنين ولا يضـــخم مـــن آثارها فيخرجها عن نطاقهــــا. فأمومــــة المرأة ودورها زوجة، وحسن قــــيامها بتربية أبنائها، يضعها في أعلى المراتب، ويكســــبها الإجلال والاحترام، في الوقت الذي لا تمـــنعها تلــــك الفوارق البيولوجية من ممارسة ما تحسن عمله في الحقول الأخرى.

عندما أشـير إلى أهمية الظروف الاجتماعية فــــي تفســــير النصوص الشرعية، يبرز موضوع الولاية العامة للمرأة كواحد من الموضوعات التي تــتأثر بتغـــيّر الظروف والبيئة والمكان. وتناوله  يجـــب ألاّ يغفـــل الواقـــع، إذا كانت النصوص لا تصطدم به ولا تعارضه، ومن باب أولى إذا كانت تمهّد لـــه وتناصره.

موضـــوع الأهلية السياسية للمرأة المسلمة تعددت الآراء حوله واختلفت، وتضاربت، لتعكس بذلــك العرف السائد، والتقاليد المتبعة، قبلية كانت أو زهـــواً بالرجولة، أو تعكس فهماً حقيقياً لروح الشـــريعة ومقاصــد النصوص وتطور الظروف والتزاوج مع الواقع.

لا أعـــرف في بلادنا الإسلامية موضوعاً شـــائكاً تشـــتد حولـــه الخصومات، مثل موضوع المرأة بصفة عامة وموضوع ولايتها العامة بصفة خاصــــة. وهذا الأخير تشـتد قوته وتزداد حدته إذا اتجه في سيره لمصلحة ولاية المرأة العامة، حتى  إنّ مجتمعاً مثل مجتمع الكويت، يأخذ بقدر واضح من الديمقراطية، لا تزال بعض عناصره الإسلامية – أو القبلية – تقاوم بشدة أن يكون للمرأة الكويتية حـــق الترشـــيح لمجلــس الأمـــة أو حتى انتخاب أعضـــائه، وذلـــك بالرغم من أن بعض الجيران، ممّن أوشكوا على الوقوف عند أبواب الديمقراطية، أعطـــوا نسائهم حق الترشيح والانتخاب. وبالرغم مـــن أن المرأة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية تقدمت بترشيح نفسها لرئاسة للجمهورية. وانتخبت عمـــدة لحكم العاصمة طهران، وأصبحت قبل ذلك قاضية، وهي عضو، منذ قيام تلك الجمهورية، في مجلس الشورى.

وتجري الحكومة الكويتية حاليا محاولة ثانية مــــع مجلس الأمــــة عساه يوافق على اقتراحها بالسماح للمرأة الكويتية بممارسة حقها في الترشيح والانـــتخاب. وقد انتهيت من الكتابة قبل أن يصدر من مجلس الأمة ما يعطي حقها الذي شرعه  الله لها.

فجــوة الخـــلاف تزيد لو أضفنا إلى كفّتي المعســـكرين مـــا كانت تمارسه دولة طالبان التي حرمـــت المــرأة مـــن واجب ديني إسلامي وهو التعليم، أو كالسعودية التي أصبحت قيادة السيارات فـــيها هدفا ساميا تتطلع إليه النساء، وهو يبدو لهن كالسراب ودونه خرط القتاد.

والحقـــيقة الإســــلامية في هذه الشؤون كلها وســـط بيــــن الإفراط والتفريط، وبين الجمود على التقاليد الراكدة أو السقوط في هوة التقاليد الوافدة.  وهدفــــي من هذا الكتاب إبراز الحقيقة الإسلامية. حاولــــت جاهدا أن أستقيها من كتاب الله وسنة نبيه ﷺ، وممــا كان سائدا في مجتمع المدينة المنورة في العهد النبوي والخلافة الراشدة، مع إيراد أقوال ومذاهــب الفقهاء ف العصور السالفة. فإن أصاب كتابـــي الهدف فمن الله وله المنّة، وإن أخطأ فمن صـــاحبه ومــــن الشـــيطان، والله ورسوله ﷺ منه بريئان.

ملاحظة:
نشر هذا النص في الكتاب التالي:
الإسلام والمرأة_ النسخة العربية، 2004م. مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، لندن، ص13-36.

يرجى الملاحظة بأن بعض الصور المستخدمة في هذه المقالة المنشورة على الموقع قد لا تكون جزءًا من نسخة المقالة المنشورة ضمن الكتاب المعني.

صوت وصورة

مقالات مختارة

إقرأ المزيد

أم المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلد (رضي الله عنها)

أحمد زكي يماني محتويات المقال:نسبها ونشأتها في الجاهليةزواجها بالرسول ﷺالسيدة خديجة، رضي الله عنها ودورها في نصرة الرسول ﷺفضل السيدة خديجة، رضي الله عـنها، من شواهد السُنة النبويةأهم الأحداث والوقائع التي حدثت بدار السيد...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

المساواة بين المرأة والرجل في ميزان الإسلام

الشيخ أحمد زكي يماني محتويات المقال:الأول: عن وضع المرأة في العهد النبويالثاني: عن دور المرأة المسلمة في العصور الـلاحقةالثـالـث: عن المـرأة في نطاق الزوجية ومقارنتها بالرجلأ – إبرام الزواجب – الحقوق والواجباتجـ – تعدّد ...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

وضع المرأة في العهد النبوي

أحمد زكي يماني كانت المرأة في الجاهلية قبل الإسلام مهانة وضعية، وكان العربي يعتبرها مصدر ذل وعار، يَسْودّ وجهه إذا بُشّر بمولود أنثى، ويحتار بين أن يمسكها على هون أم يدسها في التراب، حيث وصفهم الحق عز وجل بقولــه: ﴿وَإِذ...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

دور المـرأة المسلمـة في العصــور اللاحـقــة

أحمد زكي يماني بــرز دور المرأة المسلمة أكثر وضوحاً في مشـــاركتها الـــرجل فـــي الحياة العامة، وذلك في الســـنوات التـــي تلت وفاته عليه الصلاة والسلام، وكذلك في العهد الأموي واستمر في ازدهاره. ثم بـــدأ المجـــتمع الإ...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

مقصد الأسرة في القرآن: من الإنسان إلى العمران

جميلة تِلوت: دكتوراه في مقاصد الشريعة، وباحثة في الفكر الإسلامي محتويات المقال:الفصل الأول: دراسة المفاهيم التأسيسيةالمبحث الأول: الأسرة: مفهومها وطبيعتهاالمبحث الثاني: مقاصد القرآنالمبحث الثالث: مفهوم العمرانالفصل الثان...

مقالات متعلقة بأيام دولية

أنشطة ذات صلة

Back to Top