مقاصد القرآن الكريم (3)

09-11.05.2017
الدار البيضاء، المملكة المغربية
مركز المقاصد الدورات التدريبية
شارك:

نظم مركز دراسات مقاصد الشريعة الإسلامية بمؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي بلندن، بالتعاون مع مركز المقاصد للدراسات والبحوث بالرباط وشعبة الدراسات الإسلامية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ابن مسيك بالدار البيضاء، الدورة العلمية الثالثة في موضوع "مقاصد القرآن الكريم "، وذلك أيام 12-13-14 شعبان 1438ه الموافق ل 9-10-11 مايو 2017، بفندق كنزي بالدار البيضاء بالمملكة المغربية.

2608-01.jpg
الجلسة الافتتاحية للدورة العلمية

استهلت أشغال الدورة بجلسة افتتاحية ترأسها الأستاذ الدكتور عبد المجيد النجار، افتتحت بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم؛ تلتها كلمة للأستاذ صالح شهسواري، المدير التنفيذي لمؤسسة الفرقان، الذي شكر السادة المشاركين والمنظمين، وأكد أن هذه الدورة تفتح آفاقا جديدة للبحث في مقاصد القرآن، كما أنها تسعى إلى التطرق إلى محاور لم يتم مدارستها في الدورتين السابقتين، بغية رسم خارطة واضحة لمقاصد القرآن. وبعد ذلك كانت الكلمة لنائب عمدة مدينة الدار البيضاء، الأستاذ عبد المالك كحيلي، الذي نوّه بموضوع الدورة مؤكدا أن مجلس جماعة الدار البيضاء يسير على نهج بناء الإنسان قبل العمران؛ ثم تلتها كلمة رئيس جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، الأستاذ الدكتور إدريس المنصوري، الذي توقف عند موضوع الدورة، وبين أن معرفة مقاصد الآيات مقدمة للتدبر والتفكر في آيات الله؛ عقبته كلمة لعميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية ابن مسيك، الأستاذ الدكتور عبد القادر كنكاي، الذي رحب بالمشاركين والمحاضرين وأشاد بمحاور المداخلات؛ لتنتقل الكلمة للأستاذ الدكتور محمد سليم العوا، الذي تحدث باسم المشاركين؛ ثم الأستاذ الدكتور الحسين الموس، الذي ألقى كلمة باسم مركز المقاصد للدراسات البحوث؛ وختمت الجلسة الافتتاحية بكلمة لكاتب الدولة لدى وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي،الأستاذ الدكتور خالد الصمدي، الذي أكد على ضرورة تجديد مناهج الدراسات لتحقيق التكامل مع الجامعات، وضرورة الإصلاح الجامعي وتحقيق التكامل المعرفي.
وبعد هذه الكلمات الافتتاحية انطلقت الجلسات العلمية للدورة، ترأس أولاها الأستاذ الدكتور نور الدين الخادمي، وافتتحت بمداخلة الأستاذ الدكتور إبراهيم البيومي غانم بعنوان: "الدين الواحد ومقصد تعدد الرسالات وعالمية الإسلام"، أكد فيها على وحدة البشرية في الأصل والنسب، وتوقف عند مفهوم عالمية الإسلامية، كما أكد على وحدة الدين ومقصد تعدد الرسالات، مبينا مفهوم الدين بسرد أقوال العلماء في بيانه وتحديده، ومشيرا إلى مقاصد تعدد الرسالات، منها التدرج في الوصول إلى كمال وحدة الدين، وتمام وحدة الإنسانية لا وحدة الشرائع، لينتقل بعد ذلك للحديث عن عالمية الإسلام والتأكيد أن الأخوة الإنسانية هي طريق السلام، مشددا أن عالمية الإسلام لا تعني إكراه الناس على الدخول في الدين، ودعا في نهاية مداخلته إلى أننا بحاجة إلى خطاب جديد يعتمد الاجتهاد الجماعي في مثل هذه القضايا والارتكاز على المقاصد المؤسسة على كليات القرآن.

2608-06.jpg
جانب من الحضور

وانتقلت الكلمة بعد ذلك للأستاذ الدكتور محمد سليم العوا، ليعقب على هذه المداخلة، مبينا أن تعدد الرسالات مقصد عظيم من مقاصد القرآن الكريم، كما أن عالمية الإسلام مقصد من مقاصد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم. وفرق الدكتور العوا بين عالمية الدين وعالمية الإسلام، إذ إن عالمية الدين تخاطب الجميع بلا استثناء، وعالمية الإسلام تخاطب الخلق بعد بعث الرسول صلى الله عليه وسلم. كما تحدث الأستاذ الدكتور محمد سليم العوا على الظرف التاريخي الذي وضع فيه محمد عبد الله دراز ومصطفى عبد الرازق آراءهم حول الدين وعالمية الإسلام، ليختم أنه لا ينكر تغير الاجتهاد الفكري بتغير الزمان والمكان.
وثاني مداخلات هذه الجلسة كانت في موضوع: "من مقاصد القرآن الكريم في بناء الأمة الشاهدة على البشرية" للدكتور محمد شهيد، الذي أكد أنه سيجمع بين البعد الأصولي والفكري في مداخلته، وقد قارب مداخلته من خلال الارتكاز على "أول ما نزل" و"آخر ما نزل"، لاستنباط مقاصد القرآن، وبيّن أن مطلع سورة العلق "اقرأ" فيه حثّ على التعلم والسعي للعلم، وفي مطلع سورة المزمل دعوة إلى تزكية النفس، واهتم مطلع سورة المدثر بالبناء الدعوي، أما مطلع سورة القلم ففيه دعوة إلى التمسك بالأخلاق والفضائل، ومن ثم استخلص من خلال أول ما نزل من الآيات المقاصد الآتية: البناء العلمي، والبناء الروحي، والبناء الدعوي، والبناء الأخلاقي، كما استخلص من آيات آخر ما نزل مقاصد: الاهتمام بالبعد الاقتصادي والابتعاد عن الاحتكار والاستهلاك وما يرتبط بالاقتصاد الربوي، والارتباط بالله والتمسك بحبله المتين في كل الأحوال، والكتابة والتوثيق وحرمة الدم، وتحريم القتل وغيرها. وانتقل بعد ذلك لبيان خصائص الخطاب الإسلامي، ولخصها في: إنسانية الخطاب، بالتركيز على النظرة الكلية الشاملة المهيمنة على الرسالات والإنسانية، ومراعاة المآل، بتحديد فقه الأولويات، والارتكاز على البعد الإنساني، وأكد أن التركيز على هذه السمات من شأنه أن يسهم في إنقاذ الإنسان اليوم والنجاة به إلى بر الأمان، خصوصا مع ما فعلته الحداثة في الإنسان والكون والبيئة.
وعقب على هذه المداخلة الدكتور مصطفى الصمدي، الذي قام بتفكيك مفردات العنوان، بدءا بالقرآن الكريم الذي يدل على ثبات في الألفاظ وتحرك في الزمان، كما تدل المقاصد على الاجتهاد المستمر لاستخراج المعاني المختبئة وراء الألفاظ، ثم توقف عند الأمة الشاهدة، متسائلا: كيف يمكن للمسلمين أن يكونوا شهداء على الناس؟ وكيف يمكن أن يقدموا الشهود الحضاري على العالم؟ وذكر أنه لتحقيق الشهود الحضاري لا بد من معرفة الذات من خلال النص القرآني، ومعرفة مشكلات الذات وقضاياها، وأكد أن أزمة العلاقة بين المعرفة والقيم هي الأزمة التي يعيشها العالم الآن، كما أشار إلى ضرورة مراعاة السياق والأنساق في الخطاب القرآني لإيجاد الحلول للأزمات المعاصرة، مع ضرورة الاشتغال على المشترك القيمي مع الآخر.

2608-08.jpg
الأستاذ الدكتور أحمد الريسوني والأستاذ الدكتور نور الدين الخادمي

وانتقلت الكلمة بعد ذلك للحضور الكريم الذي تفاعل مع المداخلات بالأسئلة والمناقشة والتعقيب والتوصيات.
وبعد ذلك كانت الجلسة الثانية برئاسة الأستاذ الدكتور الحسين الموس، وكانت أولى مداخلاتها في موضوع: "مقاصد القرآن الكريم وأثرها في بناء المشترك الإنساني"، للدكتور عبد الرحمن الكيلاني، الذي افتتح مداخلته بالتأكيد على البعد الإنساني لمقاصد الشريعة الإسلامية، وبيّن أن المقاصد القرآنية التي يمكن أن تكون منطلقا للمشترك الإنساني هي مقصد إعمار الأرض، ومقصد القيم الأخلاقية، ومقصد التعارف الإنساني، والمقاصد الضرورية والحاجية والتحسينية. فمقصد عمارة الأرض يعني إصلاح الأرض ومنع تخريبها وإفسادها، والحض على فعل الخير فيها، واعتبر مقصد إعمار الأرض منطلقا لتبادل الخبرات الإنسانية، التي تتفاوت في إمكاناتها وعلومها وقدراتها ومواهبها، وسد الثغرات التي تعتري الخبرات الإنسانية في بعض المجالات الحيوية. أما مقصد القيم الأخلاقية وبناء المشترك الإنساني، فدلل عليه من اعتبار الإصلاح الأخلاقي من مقاصد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، ودعوة القرآن الكريم إلى الفضائل الأخلاقية، مؤكدا أن القيم الأخلاقية تسهم في تشكيل المشتركات الإنسانية الكبرى، وصلاحيتها في البناء وتأسيس التكتلات، مع من يؤمن بها بناء، بقطع النظر عن دينه ومعتقده ومذهبه. ثم تحدث عن المقاصد الضرورية والحاجية والتحسينية، معتبرا إياها من أعظم القيم التي تؤسس للمشترك الإنساني الجامع، وختم كلامه بالحديث عن مقصد التعارف والتعاون الإنساني.
وعقب على هذه المداخلة الدكتور وائل الحارثي، الذي أشار إلى انتشار مفهوم المشترك الإنساني بين الباحثين والمفكرين، وتوقف عند أصول المشترك الإنساني، منها: الاشتراك في أصل الوجود والخلق، والاشتراك في التكريم والتفضيل، والاشتراك في التعارف، والاشتراك في التدافع الإنساني، والاشتراك في الاستخلاف، والاشتراك في الدخول في السلم، والاشتراك في الرحمة، والاشتراك في تتميم مكارم الأخلاق، ثم تحدث عن مصادر هذا الاشتراك، ولخصها في: الفطرة وبقايا الشرائع السابقة أو شرع من قبلنا. كما بين خصائص المشترك الإنساني ومميزاته مقاصديا، مؤكدا أن الكليات الكبرى هي أساس المشتركات، بالإضافة إلى المشترك الأخلاقي، ودعا إلى استعمال المشترك الإنساني كمفهوم شمولي لتفعيل مقاصد الشريعة.
وكانت المداخلة الثانية في هذه الجلسة للأستاذ الدكتور نور الدين الخادمي، بعنوان: "مقاصد الإكمال والتتميم في القرآن الكريم: من الـمُنزل الديني إلى المـُنجر الإنساني"، ذكر فيها أن الإكمال والتتميم مفردتان قرآنيتان، وأشار إلى بعض إشكالات مقاصد التكميل والتتميم، منها: تبعيض التناول القرآني، وانفصام العمل عن النظر، والفعل عن الوعي، وغياب العمل بالقرآن أو ضعفه، والعمل المبتور بعدم إتمام أو قلة إتقانه أو غياب إحسانه، ثم إشكال الانبهار بالإعجاز الإنزالي البياني القرآني والنبوي، كما توقف عند مفهوم الإنجاز والإتمام، مؤكدا أن الله سبحانه أمرنا بإتمام الأعمال لضمان استمرارها، كما أمرنا بالإتقان والإحسان. وانتقل بعد ذلك لبيان مفهوم الإعجاز وعلاقته بالإنجاز، معتبرا أن الإعجاز ضرب من ضروب فهم الإنزال، كما أن العمل بالإعجاز ضرب من ضروب العمل بالإنزال. وبين أن التكليف في القرآن هو تكليف بالإفهام وتكليف بالمقاصد وتكليف بالإعجاز وتكليف بالأحكام، ودعا إلى ضرورة إتقان وإتمام المنجزين في العمل الإسلامي لعملهم.

2608-23.jpg
جانب من الحضور

وانتقلت الكلمة للأستاذ الدكتور حسن إزرال ليعقب على هذه المداخلة، متسائلا: هل اكتمال وتمام الدين مرتبط بنا أم خارج عن إرادتنا؟، وتوقف عند بعض الأفكار التي ذكرت في المداخلة نحو: إشكالية انفصال الدين عن العمل، وإشكالية الانبهار بالإعجاز، ثم إشكالية نقصان وعدم اكتمال العمل، وذكر أن الصحابة قرأوا القرآن قراءة جهادية قياما لله، لهذا كانت قراءتهم قراءة صحيحة.
وختمت هذه الجلسة بمجموعة من المداخلات والمناقشات والتعقيبات.
وافتتح ثاني أيام الدورة يوم الأربعاء 10 مايو بالجلسة العلمية الثالثة، ترأسها الدكتور مصطفى المرابط، وكانت المداخلة الأولى بعنوان: "الأسرة في القرآن: من الإنسان إلى العمران"، للدكتورة جميلة تلوت، التي استهلت مداخلتها ببيان المفاهيم التأسيسية نحو مفهوم الأسرة في اللغة والاصطلاح، لتقف عند محددات الأسرة في القرآن، مؤكدا أنها ترتكز على الامتداد الأخلاقي من الزوجين إلى الأمة القطب. وانتقلت بعد ذلك لبيان مفهوم العمران في القرآن الكريم وربطته بالأسرة ودورها في تحقيق العمران الحضاري المنشود، مؤكدة أن فقه العمران يجمع بين فقه النص وفقه الواقع. ثم تطرقت إلى علاقة الأسرة بحفظ الإنسان، بدءا بحفظه التكويني والبيولوجي عن طريق حفظ النسل وحفظ النوع، وحفظه الأخلاقي بالتزكية، وحفظه الانتمائي بحفظ النسب. ثم أشارت إلى بعض المقاصد المرتبطة بالاجتماع الأسري من قبيل السكن والإحصان والعفاف والتكافل وغيرها، لتختم بالمقاصد الحافظة للاجتماع الإنساني نحو حفظ الفطرة والتراحم الذي يحفظ الأسرة والإنسان والاجتماع.
وعقبت على المداخلة الدكتورة وفاء توفيق، التي أبرزت الجديد في الدراسة، وأضافت مجموعة من الأفكار للمداخلة، كما قدمت مجموعة من الملاحظات، بدءا بالتصميم المتبع، وانتقدت اندراج التبني في حفظ الإنسان، مبينة المقاصد المتغياة من ورائه، كما أوصت بضرورة تعميق الفصل الثالث وإضافة مقاصد جديدة.
وثاني مداخلات الجلسة كانت للأستاذ الدكتور محمد النوري، بعنوان: "المقاصد الاقتصادية في القرآن الكريم"، أشار فيها إلى العلاقة بين المقاصد والاقتصاد، ولخص مقاصد علم الاقتصاد الوضعي في تشخيص ومعالجة المشكلة الاقتصادية، وتحقيق النمو والتوازن والاستقرار والعدالة الاقتصادية، كما ذكر بعض المقاصد الاقتصادية للقرآن الكريم، وهي: الإعمار والتمكين والأمن والتوازن والعدل.

2608-05.jpg
تعقيب الأستاذة الدكتورة وفاء توفيق على ورقة الدكتورة جميلة تلوت

وعقب الدكتور عبد السلام بلاجي على هذه المداخلة بالتساؤل: هل الخيرات نادرة أم متوفرة؟ كما أكد أن المجال المالي والاقتصادي هو تعبدي، انطلاقا من تحقيق مبدأ الاستخلاف لله. وذكر مجموعة من المقاصد الاقتصادية، منها: العدل والكسب والعمل والتخليف والحفظ وتزكية الثروة وترشيد الإنفاق والاستهلاك والتنمية والتداول والتطهير وغيرها.
وبعد المناقشة كانت الجلسة الرابعة، برئاسة الأستاذ الدكتور نور الدين الخادمي، استهلها الأستاذ الدكتور أحمد كافي بمداخلته في موضوع: "المقاصد الفكرية للقرآن الكريم"، حيث افتتح مداخلته بالتأكيد أن جميع القيم الإنسانية والدينية مصنعها الفكر، فهو مبدأ الإرادات والتصرفات، كما أن التفكير مقصد من مقاصد القرآن، ودرس مفهوم التفكير في القرآن الكريم ودلالاته. وانتقل بعد ذلك لبيان بعض مقاصد التفكير في القرآن منها: مقصد البيان الذي يقتضي الإيضاح والقضاء على الانحرافات في الدنيا والتعبدات المرفوضة في الشرع، ومقصد التخلص من فكر الجماعة وسلطانها وسطوتها أو تحرير قرار الإنسان من ضغط الحشد.
وكانت كلمة التعقيب للأستاذ الدكتور إبراهيم بورشاشن، الذي تساءل: بأي منهج يجب أن يكون هذا التفكر؟ كما توقف عند إشكالية مفهوم الجماعة والجمهور والأمة. كما أثار مجموعة من الأسئلة عن التفكير الملابس للواقع، متسائلا: كيف نفكر اليوم في العقيدة؟ وكيف نفكر في صياغة الإنسان الجديد؟ وكيف نفكر اليوم في المعاملات المالية?
وبعد المناقشة تمّ الانتقال للجلسة الخامسة، التي ترأسها الأستاذ الدكتور حسن جابر، وافتتحها الأستاذ الدكتور عبد النور بزا بمداخلته الموسومة بـ: "من المقاصد التربوية للقرآن الكريم"، شرح فيها مفهوم التربية في اللغة والاصطلاح والقرآن، مؤكدا أن جوهر القرآن هو تربية الإنسان، لينتقل بعد ذلك إلى بيان بعض المقاصد التربوية، مؤكدا أنها كثيرة، منها: مقصد التعليم، وتوقف عند حكمه هل هو عيني أم كفائي؟ ثم مقصد الأخلاق، وتوقف عند ماهية الأخلاق، ومقصد التعبد، مفرقا بين التعبد الخاص والتعبد العام.
وعقب على هذه المداخلة الأستاذ الدكتور عبد الفتاح الزنيفي، الذي تساءل عن واقع التعليم اليوم ومدى تحقيقه لمقاصد التعبد والأخلاق والعلم، كما ذكر أن القرآن كله كتاب تربية.
وثاني مداخلات الجلسة كانت بعنوان: "دعوة القرآن الكريم الإنسان إلى النظر في نفسه: المقاصد العلمية والعملية"، للأستاذ الدكتور عز الدين توفيق، الذي افتتح مداخلته بالتأكيد أن الله عز وجل أمر كل إنسان أن ينظر في نفسه ويتفكر فيها وفيما حوله، ثم توقف عند النظر في القرآن، وانتقل لبيان بعض المقاصد المتعلقة بدعوة القرآن الإنسان إلى النظر إلى نفسه، منها المقاصد العملية للتفكر في النفس، وفرّق بين التفكير والتفكر، معتبرا التفكير مقدمة للتفكر، كما أن التفكير مشترك بين الناس والتفكر خاص بطائفة منهم، وتوقف عند مقاصد الإيمان بالغيب واليوم الآخر والإيمان الحق، لينتقل إلى المقاصد العملية للنظر في النفس، منها: مقصد وظيفة الإنسان في الكون، ومقصد إدخال العبادة في الحياة والتوبة وغيرها، مؤكدا أن الإنسان ذو أبعاد؛ البعد البيولوجي والبعد النفسي، ولكل بعد مقاصده.

2608-04.jpg
الأستاذ الدكتور عبد النور بزا يقدم مداخلته الموسومة بـ: "من المقاصد التربوية للقرآن الكريم

وعقب على الموضوع الدكتور عبد الصمد بوذياب، مؤكدا على أهمية الموضوع وفائدته وصلته بموضوع الدورة، كما قدم مجموعة من المقترحات المنهجية من أجل تعميق النظر في الموضوع.
وختمت أشغال ثاني أيام الدورة بكلمة المناقشين من الحضور، الذين تفاعلوا مع المداخلات والتعقيبات.
وترأس الأستاذ الدكتور محمد سليم العوا سادس جلسات الدورة، التي افتتحت بمداخلة الأستاذ الدكتور عبد المجيد النجار بعنوان: "مقاصد القرآن الكريم في تحقيق ممارسة الشورى"، وأكد أن القرآن الكريم لم يشرع لنا الشورى كحقيقة تشريعية وسكت، بل بينها كحقيقية عملية ومنهجية، ليساعدنا على تطبيق الشورى في الحياة، فمدنا بالمنهج التطبيقي لممارستها. ثم فصل في الخارطة القرآنية لدوائر تطبيق الشورى، منها: الدائرة الأسرية، والدائرة المجتمعية، والدائرة السياسية، لينتقل إلى بيان بعض المسالك القرآنية لتحقيق الشورى نحو الالتزام الفطري، والالتزام الإيماني، والالتزام التشريعي، والإلزام التربوي والدعوي وغيرها من المسالك، ودعا في خاتمة مداخلته إلى ضرورة قيام تربية اجتماعية على الشورى، وتصحيح التعليم، ليصير مبنيا على الحوار والشورى.
وعقب الأستاذ الدكتور مولاي المصطفى الهند على المداخلة، وأثنى على البحث معرفيا وتركيبيا، ثم توقف عند ممارسة الشورى، مبينا أنها خرجت عن المعنى القرآني في الثقافة الإسلامية، لتقتصر على الجانب السياسي، وربط الشورى بالاستخلاف في التصور القرآني، كما اعتبرها مقصدا شاملا وعاما، فهي نظام لحياة الإنسان الاجتماعي.
وبعد ذلك كانت مداخلة "التفسير الموضوعي ومقاصد القرآن الكريم"، للأستاذ الدكتور حسن فرحات، ألقاها نيابة عنه الأستاذ الدكتور عمر جدية، ذكر فيها علاقة التفسير الموضوعي بمقاصد القرآن، وألمع إلى أن التفسير الموضوعي علم حديث، وهو نوعان: علم يتوجه للمعاني وعلم يتوجه للمصطلحات، كما توقف عند جذور التفسير الموضوعي في دراسات السابقين والمعاصرين، وبين أثر التفسير الموضوعي في بيان مقاصد القرآن، ومن ذلك: جمع الآيات المتفرقة في القرآن ذات الموضوع الواحد لينظر إليها في وحدتها الجامعة، وفهم أبعاد الهداية القرآنية وعناصرها الفاعلة، وتسهيل سبيل المعرفة، والكشف عن المناسبة الحقيقية الرابطة بين الآيات، والكشف عن بعض جوانب إعجاز القرآن الكريم، ومثّل الأستاذ لبعض النماذج لتوضيح التفسير الموضوعي.

2608-26.jpg
الأستاذ الدكتور عمر جدية

وعقب الأستاذ الدكتور عمر جدية على هذه المداخلة ببيان فوائدها ودررها، وإبرازه مميزات وجواهر نفيسة من كتب القدماء، لكنه قدم مجموعة من الاستدراكات على الورقة، منها: ضرورة الربط بين التفسير الموضوعي وتفسير القرآن بالقرآن.
وانتقلت الكلمة بعد ذلك للحضور للمشاركة في النقاش والتعقيب والتعليق والتساؤل.
وتمحورت سادس جلسات الدورة، التي ترأسها الدكتور عبد الرحمن الكيلاني، حول مداخلة الأستاذ الدكتور أحمد الريسوني، الموسومة بـ: "مقاصد الآيات بين عموم اللفظ وخصوص السبب"، ووضح مرامه بـ"مقاصد الآيات" وعلاقتها بالسبب، وذكر اختلاف العلماء بين قولهم إن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب، وقولهم العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وتساءل: متى تكون أسباب النزول خادمة للقرآن؟ ومتى تكون خطرا عليه؟ وقد ناقش الأستاذ الدكتور أحمد الريسوني مجموعة من المسائل، منها قول العلماء: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب وتطبيقاتها، وتطرق إلى العلاقة بين عموم اللفظ وعموم المقصد، ليتوقف عند فوائد أسباب النزول، كما ربط المقاصد بمباحث الدلالات عند الأصوليين، مشددا على ضرورة تناول هذه المباحث وغيرها من المباحث الأصولية بروح المقاصد، كي نتجاوز المنهج الصوري.
وعقب على المداخلة الأستاذ الدكتور عبد المجيد النجار، إذ شدد على ضرورة التحقيق في معنى عموم اللفظ الذي يقف عند المعنى اللغوي، وتساءل عن المساحة التي يقتصر عليها الأخذ بقاعدة "العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب"، كما اقترح مجموعة من مشاريع البحوث المتعلقة بهذا الموضوع.
وبعد المناقشة، انطلقت الجلسة السابعة، برئاسة الأستاذ الدكتور أحمد الريسوني، وأفردت لمداخلة الأستاذ الدكتور محمد سليم العوا في موضوع: "خواتيم الآيات ومقاصد القرآن الكريم: سورة الرعد أنموذجا"، وقصد بخواتيم الآيات الجمل أو العبارات الكلية الجامعة التي تختم بها معظم آيات القرآن الكريم، وقد تكون بنفسها آية مستقلة، وذكر اأنه اختار سورة الرعد لأنها مكية، وتعد خواتيمها من الكليات، ليؤكد أن الاهتمام بالمقاصد كان في القرآن المكي مبكرا؛ وتوقف عند مجموعة من خواتيم الآيات ليبين مقاصدها.

2608-21.jpg
وزعت الشهادات على المشاركين في اليوم الختامي للدورة

وترأس الأستاذ الدكتور أحمد الريسوني جلسة الختام، التي ضمت مجموعة من الكلمات، منها كلمة الأستاذ الدكتور الحسين الموس باسم مركز المقاصد للدراسات والبحوث، وكلمة رئيس شعبة الدراسات الإسلامية بكلية ابن مسيك، الأستاذ الدكتور محمد عز الدين توفيق، وكلمة الأستاذ محمد ادريوش باسم مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، كما ألقى الأستاذ الدكتور نور الدين الخادمي كلمة باسم الأساتذة المحاضرين، ثم كلمة اللجنة التنظيمية تلاها الدكتور حسن السرات، وقرأت الدكتورة جميلة تلوت التوصيات، ومنها:- تخصيص الدورة القادمة لمقاصد السنة النبوية الشريفة.- العمل على صياغة مقترحات عملية لتنزيل مقاصد القرآن.- تحكيم التعقيب، حتى يكون في المستوى المنشود.- جمع أعمال الدورات الثلاثة في موسوعة واحدة، مرتبة موضوعيا، مع تتميم ما ينقصها من المجالات بأبحاث مستقلة.- الحرص على تنظيم ورشات، من أجل وضع خطط تنزيلية للمقاصد القرآنية.- اقتراح مشاريع علمية لإشراك المستفيدين من الدورات في البحث المقاصدي.- تنظيم دورات وندوات في مجالات متخصصة، كمقاصد العقيدة ومقاصد الأسرة ومقاصد المعاملات ومقاصد التربية ومقاصد السياسة الشرعية وغيرها.- الانفتاح على الجامعة وعقد ندوات مفتوحة، لتوسيع نطاق المستفيدين.- تقديم مقترحات بحثية لطلبة الماجستير والدكتوراه، من أجل توسيع دائرة البحث والتفاعل.- تخصيص أحد أيام الدورة للجامعة، من أجل الانفتاح على الطلبة وفسح الفرصة لأكبر عدد للاستفادة من خبرة العلماء والباحثين.- وضع مقرر نموذجي في مقاصد القرآن ومقاصد الشريعة. - تفعيل المقاصد في إعادة صياغة المباحث الأصولية.- العمل على التفعيل العلمي والعملي للمقاصد، وتقديم مقترحات علمية، لتقصيد العلوم الإنسانية والاجتماعية.


واختتمت أشغال الدورة مساء يوم الخميس 11 مايو بتوزيع الشهادات للمشاركين.

Back to Top