مقاصد القرآن الكريم (1)

28-30.05.2015
الرباط, المغرب
الدورات التدريبية مركز المقاصد
شارك:

نظّم مركز دراسات مقاصد الشريعة الإسلامية التابع لمؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، بالتعاون مع مركز المقاصد للدراسات والبحوث بالرباط، وكلية الآداب والعلوم الإنسانية - شعبة الدراسات الإسلامية - بجامعة محمد الخامس بالرباط، دورة علمية خاصة في مقاصد الشريعة الإسلاميّة بعنوان "مقاصد القرآن الكريم".

وعقدت الدورة من 28 إلى 30 مايو 2015، بقاعة الندوات بفندق غولدن توليب "فرح" في مدينة الرباط، بالمملكة المغربية، وبلغ عدد المشاركين فيها حوالي 120 عالما وباحثا من متخصصين في مجال المقاصد، قدِموا من السعودية ولبنان ومصر وليبيا وتونس والجزائر وموريتانيا ولندن، والمدن المغربية القريبة والبعيدة. كما حاضر فيها نخبة مميّزة من الأساتذة الأعلام المختصين في مجال الشريعة الإسلامية.

2438-12.JPG
الدكتور جمال السعيدي ترأس الجلسة الافتتاحية للدورة العلمية

استُهلّت أشغال الدورة العلمية صبيحة يوم الخميس 28 مايو، بتلاوة آيات بينات من الذكر ‏الحكيم، وابتدأت الجلسة الافتتاحية، التي كانت تحت رئاسة الدكتور جمال السعيدي، بكلمة لرئيس جامعة محمد الخامس، ‏‏الدكتور سعيد أمزازي، ألقتها بالنيابة عنه الكاتبة العامة للجامعة، الدكتورة حكيمة الخمار، رحّب من خلالها بالضيوف الكرام وبالمشاركين، وشكر لكل من ساهم في تنظيم هذه الدورة، كما أكد على أهمية هذه الدورات في تعميق الفكر لفهم المقاصد، وعلى اعتبار المقاصد ‏في القرآن الكريم من أهم المواضيع وهي الأصل، كما استعرض جهود جامعة محمد الخامس ‏في إغناء هذه الدورة، وكذا مشاركة الباحثين والمتخصصين.‏

‏لتنتقل الكلمة بعد ذلك للدكتور أحمد الريسوني، رئيس مركز المقاصد، أكد فيها على حرص الدورة على اجتناب الضغط والكثافة في العروض والبحوث والاهتمام بالجانب النوعي، لإعطاء المشاركين وقتا مناسبا ليدلوا ما بيدهم من تساؤلات ونقاشات.

ثم تناول الكلمة الأستاذ صالح شهسواري، المدير التنفيذي لمؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، الذي شكر الجهات المتعاونة في تنظيم الدورة والأساتذة المحاضرين والضيوف والمشاركين، معتبرا أن ‏توقيت الدورة جاء موافقا لعشر سنوات من تأسيس مركز المقاصد، كما أشار أنها تعد الدورة العاشرة ‏من الدورات التي نظمها المركز، وأشار إلى مجموعة من الشواهد الإيجابية لهذه الدورة، منها أن الدورة متميزة لأنها ‏تهتم بمقاصد القرآن، وهو موضوع غاية في الأهمية، وأن الدورة تجمع كوكبة من العلماء من أقطاب ‏المقاصد في العالم الإسلامي، ووصف المغرب بأنه قلعة من قلاع المقاصد.‏ وأبدى الأستاذ صالح شهسواري عن سروره بتعاون مؤسسة الفرقان الثلاثي مع مركز المقاصد للدراسات والبحوث وجامعة محمد الخامس بالرباط.

وانتقلت الكلمة للدكتور مولاي عمر بن حماد، الذي تحدث باسم اللجنة المنظمة، ‏مظهرا مجموعة من المسائل التنظيمية والمنهجية،‏ كما أوضح فيها مجريات الإعداد لهذه الدورة طيلة سنة كاملة ‏ مع مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، بعد الدورة الناجحة بمدينة ‏فاس. وأضاف الدكتور مولاي عمر بن حماد أن مقاصد القرآن الكريم لا يمكن أن تستوعب دورة واحدة ولكن يجب أن تعقبها دورات، لتناول ما يمكن ‏استدراكه من الدورات الماضية، مرحّبا بالتعاون مع مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، كما طلب المزيد من البحث في هذه الورشة الكبيرة ‏للمقاصد، والترحيب بحضور جميع المتخصصين الذين تكبدوا عناء السفر من بلدان مختلفة‎.‎وقد توزعت أعمال الدورة على ست جلسات صباحية ومسائية، تدارس المشاركون فيها 12 عرضا علميا، و23 تعقيبا، وتضمّنت الجلسات إضافات وملاحظات ومناقشات‏، وانتهت الدورة بندوة ‏علمية وجلسة ختامية.

2438-11.jpg
الدكتور محمد سليم العوّا يترأس أعمال الجلسة الأولى

وعُنوِنت الجلسة العلمية الأولى بـ: "مفاهيم ومداخل"، ترأسها الدكتور محمد سليم العوّا، وكان العرض الأول بعنوان "مقتطفات من مقاصد القرآن: نحو رؤية معرفية منهجية"، من إلقاء الدكتور ‏نور الدين الخادمي. وقد كشف الأستاذ في عرضه عن مستويات المعرفة المقاصدية القرآنية، مبينا مقاصدها، ومن بينها نفي الظاهر الحاجب للمعنى، مع التأكيد على ضرورة الالتفات إلى الغايات، واعتبار أن التعبد بالغايات كالتعبد بالظواهر؛ وأرشد إلى مجموعة من القواعد التي تؤكد هذا المبدأ نحو "مآلات الأفعال". وتلا المحاضرة تعقيبان: الأول للدكتور محمد القجوي، حيث قدم تقويما عاما أرشد فيه إلى ضرورة التقعيد، ثم عقب الدكتور ‏ عمر جدية على هذه المداخلة وتحدث في ورقته عن جدوى مشروعية المقاصد القرآنية، ليتوقف عند بعض المشاهد المقاصدية في الورقة، ثم في الأخير تحدث عن التناسب القرآني من المنهجية إلى الوظيفية.

أما العرض الثاني فكان بعنوان "من البلاغ المبين إلى المقاصد الشرعية"، ألقاه الدكتور‏ أحمد الريسوني نيابة عن الدكتور محسن عبد الحميد، وقد سرد الدكتور ‏ الريسوني مجموعة من الأفكار الكبرى للمقالة تدور حول حلقات أربع في فهم نصوص الشرع نحو اعتماد النظر الكلي وتجاوز الفقه التجزيئي وأثر الفقه التجزيئي في تشويه معالم الشريعة السمحة، معتبرا أن انتقال المسلمين من اعتماد التشريعات الإسلامية إلى التشريعات الأوربية سببه ضيق الأفق الذي سببه الفقه التجزيئي، ومنه يؤكد الأستاذ على ضرورة الفهم الشامل الذي ينطلق من البلاغ وينتهي إلى المقاصد، من أجل فهم أمثل لأسماء الله الحسنى.

وعقب الدكتور ‏ الريسوني على مداخلة الدكتور ‏ محسن عبد الحميد، مبينا أن الظاهر المقصود هنا ما يقابل "ما وراء الظاهر"، وذكر مقولة ابن العربي "واتباع الظواهر على وجهه هدم للشريعة"، وقد بين الأستاذ أن ترك المسلمين للتشريعات الفقهية سببه الاستعمار الأوربي الذي فرض قوانينه بالقوة، ثم عقب بعد ذلك الدكتور ‏ عد المجيد النجار، الذي شدد على أهمية المقاصد القرآنية.

وبعد انتهاء المداخلات والتعقيبات فتح المجال لفترة المناقشة التي تروم تعميق مواضيع المداخلات، ومن أبرز ما جاء فيها دعوة الدكتور ‏ نور الدين الخادمي إلى ضرورة الاعتكاف على مشروع المقاصد من أجل التأسيس لشاطبي المرحلة، أما الدكتور ‏عبد المجيد النجار فقد شدد على البعد العملي للمقاصد بتفعيل المقاصد في العقول ثم في الواقع، وتقديم مقترح لندوة في موضوع: "التفعيل المقاصدي."

2438-13.JPG
الدكتور محمد سعيد حنشي والدكتور وصفي عاشور كانوا من ضمن المشاركين خلال أعمال الدورة

وكان عنوان الجلسة الثانية "مقاصد القرآن والتفسير" برئاسة الدكتور ‏ حسن جابر، وابتدأت بعرض الدكتورة أمينة سعدي بعنوان: "مقاصد القرآن من خلال التحرير والتنوير"، توقفت فيه عند أهم القواعد المنهجية التي تقنن طريقة المفسر في بيان مراد القرآن، وركزت على قواعد التعليل ومسالكه عند ابن عاشور في تفسيره. ثم عقب على هذه الورقة كل من الدكتور أحمد العزيوي والدكتور أحمد العمراني، وتلا ذلك عرض الدكتور أحمد كافي المعنون بـ"المقاصد القرآنية عند الشاطبي وعلال الفاسي"، وقد قارن الأستاذ جملة من المقاصد القرآنية بين الرجلين، وعقب عليه كل من الدكتور العربي بوسلهام والدكتور عبد الرحمن العضراوي، ثم تلا ذلك مجموعة من المناقشات المتعمقة لمواضيع المداخلات.

وعنونت الجلسة الثالثة التي كانت صبيحة يوم الجمعة 29 مايو، بـ"مقاصد القرآن وتوجيه التفسير"، برئاسة الدكتور نور الدين الخادمي، وكان ‏ أول عروض هذه الجلسة للدكتورة فريدة زمرد ووسم بـ"مقاصد القرآن وأثرها في أعمال المفسرين"، حاولت أن تقف عند مفهوم مقاصد القرآن بالوقوف على مقدمة تفسير البغوي وتفسير ابن جزي، واستخراج بعض هذه المقاصد من تفسير المنار وتفسير التحرير والتنوير في أفق إيجاد قانون مقاصدي يرجع إليه في التفسير، ليعقب بعد ذلك الدكتور عبد الكبير الحميدي والدكتور إدريس أوهنا، وكان التركيز على إشكالية مفهوم مقاصد القرآن.

وجاء العرض الثاني للدكتور مولاي عمر بن حمّاد بعنوان "مقاصد القرآن وأصول التفسير"، توقف فيه عند أهمية أصول التفسير وبيان علاقته بمقاصد القرآن وإشكالية عدم نضج هذه المباحث العلمية، ليعقب الدكتور صالح زارة والدكتور أحمد البوكيلي. وختمت هذه الجلسة بمجموعة من المناقشات والأسئلة والأجوبة.

أما الجلسة العلمية الرابعة فكانت بعنوان "مقاصد القرآن وتطبيقاتها المختلفة"، استهلت بمداخلة "مقاصد الأمثال في القرآن الكريم" للدكتور إبراهيم البيومي غانم، الذي نبّه إلى ضرورة تقعيد قواعد للبحث في قدسية النص دون تهيب أو تسيب، وعقب عليه الدكتور محمد سليم العوا والدكتور عبد الحميد عشاق.لتنتقل الكلمة بعد ذلك للدكتور محمد أحمين ليتدخل في موضوع "مقاصد الأموال في القرآن"، كاشفا عن مقاصد خلق الأموال في القرآن، ومقاصد توظيفها. وعقب عليه الشيخ سالم الشيخي والدكتور فريد أمار، لتختم أعمال اليوم الثاني بمناقشة عامة.

2438-04.JPG
توزيع الشهادات على المشاركين

وعنونت الجلسة العلمية الخامسة صبيحة يوم السبت ‏30 مايو، بـ"آفاق مقاصد القرآن الكريم"، برئاسة الدكتور أحمد أبو زيد، وأولى المداخلات كانت للدكتور وصفي عاشور أبو زيد بعنوان "التفسير المقاصدي للقرآن: رؤية تأسيسية"، الذي حاول في ورقته التأسيس لمشروع مقاصد القرآن بالكشف عن بعض مسالكه وقواعده وآلياته. وعقب عليه الدكتور أحمد نصري والدكتور محمد الربيعة، ليتلوه بعد ذلك العرض العاشر "مقاصد القرآن وتحدي الإنسان في أن يكون هو هو"، للدكتور حسن جابر، حيث عمل على استخراج المقاصد القرآنية العليا التي تقوم على الفطرة والصبغة والحنيفية، وعقب عليه الدكتور إبراهيم البيومي غانم والدكتورة زينب أبو علي.

وكان آخر عروض هذه الجلسة للدكتور محمد عوام بعنوان "مقصد إصلاح التفكير الإنساني"، في محاولة لاستخراج المقاصد الإصلاحية للعقل من القرآن. وعقب عليه الدكتور إبراهيم بورشاشن، لتغنى الجلسة بعد ذلك بمناقشة الحضور.

2438-07.jpg
صورة تذكارية في اليوم الختامي للدورة

واختتمت الجلسات العلمية بندوة، برئاسة الدكتور نور الدين الخادمي، شارك فيها كل من الدكتور أحمد أبو زيد، الذي أشار إلى ضرورة الاهتمام بمقاصد الآي والسور، ثم الدكتور أحمد الريسوني، الذي ألمح إلى ضرورة السير على منهج النظر الفسيح في تدبر معاني القرآن والغوص في أعماق الكليات، وأكد على ضرورة تقصيد جميع العلوم الإسلامية.وكانت الجلسة الختامية برئاسة الدكتور مولاي عمر بن حماد، حيث أخذ الكلمة الأستاذ صالح شهسواري باسم مؤسسة الفرقان، والدكتور أحمد الريسوني باسم مركز المقاصد، والأستاذة جميلة تِلوت باسم الباحثين المشاركين، واختتمت الجلسة بقراءة التوصيات وتوزيع الشهادات.


Back to Top