نظرات في تحقيق النصوص الجغرافية العربية

شارك:

عبد الله يوسف الغنيم

محتويات المقال:
أولا- تحقيق التراث الجغرافي الذي تم إصداره في القرن التاسع عشر ونشره
ثانيًا- إعادة النظر في الكتب التي تم تحقيقها خلال العقدين الأخيرين

ثالثًا- مشاركة الجغرافي المختص في تحقيق النصوص الجغرافية وتحليلها
رابعًا- النصوص الجغرافية القديمة ومشكلة المصطلح
(1) النقل الحرفي للمصطلح
(2) التعبير عن المصطلح بعدة كلمات
(3) الدراسة الميدنية للتأكد من المصطلح
خامسا- تحقيق الخرائط العربية
(1) النهج الفلكي (المدرسة اليونانية)
(2) المنهج الوصفي (المدرسة العربية)
الخاتمة والتوصيات
بناء على ما تقدم يمكن أن تخرج هذه الورقة بالتوصية التالية

المصادر والمراجع
المخطوطة العربية 2221 من المكتبة الوطنية الفرنسية (BNF)، أقدم نسخة معروفة باقية من كتاب "نزهة المشتاق" للإدريسي، نسخة من القرن الثالث عشر.

يشكل التراث الجغرافي العربي ركنا أساسيا من مكتبتنا العربية ومن التراث الإسلامي الحضاري ومازال وسيظل  مجال العمل في دراسة ذلك التراث المفتوح أمام الباحثين والدارسين  فعلى الرغم مما نشر من كتب الجغرافيا العربية قديما وحديثا هناك العديد من الملاحظات التي ينبغي أن تأخذ في الاعتبار عند التقويم السليم لذلك التراث الغزير الذي أسهم إسهمًا كبيرًا في تطوير الفكر الجغرافي وافي تقديم مناهج وأفكار جديدة مازالت محل تقدير الأوساط العلمية.

وهذه الورقة محاوله من مختص عايش ذلك ألترات نحو ثلاثين عام قضاها في التحقيق والدراسة والبحث للتعرف على أوجه القصور التي يعانيها المشتغل بذلك التراث وبيان أسلوب التعامل مع النصوص الجغرافية والخرائط والمصطلحات،بما يحقق الفائدة المأمولة من تحقيق تلك النصوص ونشرها،  وسنقتصر على أمثله ونماذج محدودة نقدر أنها ستكون وافيه بالغرض الذي نهدف إليه من هذا البحث.

وفي تقديري أن تعطية الموضوع علي النحو المنشود تتحقق من خلال جوانب خمسة، هي:

1 -الحاجة إلى إعادة نشر الكتب التي سابقا تحقيقها في القرن الماضي

 2 -إعادة النظر في بعض الكتب التي تم تحقيقها في العقدين الأخيرين

 3 -بيان ضرورة مشاركة الجغرافي المختص في تحقيق النصوص وتحليلها والإفادة من مصطلحاتها

 4 -العمل على دراسة الخرائط والمصورات الجغرافية القديمة العربية دراسة نقدية

5 -وأخيرًا التوصيات التي نراها مناسبة في هذا المجال.

 أولا- تحقيق التراث الجغرافي الذي تم إصداره في القرن التاسع  عشر ونشره:

مضى نحو قرن من الزمان أو أكثر على تحقيق جانب هام  من تراثنا الجغرافي ونشره على أيدي “رينو” و “دي سلان” و“فستنفلد” و“دي خويه” وغيرهم، ومع ذلك فإن أغلبية الدراسات والكتب الجغرافية العربية التي تم نشرها حديثًا تعتمد بشكل أساسي على تلك الأعمال التي قام بها أولائك المستعربون الكبار، فالمكتبة الجغرافية العربية التي نشرها دي

خويه بين عامي 1780 و 1794م، والتي تضم تسعة من كتب البلدان العربية الأساسية تم تصويرها ونشرها في بلاد العربية بعد نحو قرن من نشرها في أوروبا، ولم يتم النظر في إعادة تحقيق سوى أربعة كتب من الكتب التسعة المذكورة، ويصدق ذلك أيضًا على عديد من كتب الجغرافيا الإقليمية والمعجمات الجغرافية وكتب الرحلات والعجائب، ومثال على ذلك كتاب تقويم البلدان لأبي الفداء، الذي نال حظًا كبيرًا من النشر والتحقيق والترجمة في أوروبا، لا نجد له حتى الآن طبعة اضطلع بها محقق عربي، وما زالت الطبعة التي نشرها “رينو” و “دي سلان” عام 1840 في باريس المعتمد الأساسي لذلك الكتاب رغم اكتشاف عشرات النسخ من مخطوطات ذلك الكتاب القيم، والتي يمكن أن يضيف الاطلاع عليها واستخدامها في  التحقيق فوائد كبيرة، فضلاً عن الدراسات والبحوث النقدية المهمة التي كتبت عن ذلك الكتاب، والتي تضيف بعدًا آخرًا ييسر عمل التحقيق والبحث في مضمون الكتاب ونصوصه المختلفة. والأمر نفسه يمكن أن يقال عن ((معجم ما استعجم)) للبكري و(( معجم البلدان)) لياقوت الحموي. فالكتاب  الأول -على سبيل المثال -أصدره “فستنفلد” بجوتنجن بألمانيا عامي 1870 و 1877م معتمدًا على عدة نسخ مخطوطة محفوظة في مكتبات كامبردج ولندن ولايدن وميلانو، ثم نشره الأستاذ مصطفى السقا في أربعة مجلدات بالقاهرة بين عامي 1945 و 1951 معتمدًا على طبعة فستنفلد إضافة إلى النسخ التي عثر عليها في مكتبات مصر.

وما تزال هناك نسخ كثيرة من مخطوطات المعجم في مكتبات العالم لم يرجع إليها فستنفلد والسقا، ومنها النسخ التي عُثر عليها أخيرًا في المغرب، وقد تؤدي دراسة تلك النسخ وتحقيقها إلى طبع نسخة أفضل للمعجم.

 وقد أشار فستنفلد إلى اختلاف النسخ المخطوطة للمعجم فيما بينها، وعلل ذلك بأن البكري كتب المعجم أولاً، ثم أذاعه وتهاداه الناس والرؤساء، ثم أعاد النظر فيه -متصفحًا ومنقحًا -فبدت له أشياء لم يفطن لها أول الأمر فأصلحها على هامش بعض النسخ  أو كما يقول فستنفلد، في أوراق و جذاذات وألحقها بمواضعها في الكتاب، فبعضهم عثر على نسخة منه منقحة، فنقلها كاملة، وبعضهم نقل الجذاذات كلها، وبعضهم نقلها ناقصة، فاختلفت نسخ الكتاب في أيدي الناس.

ومن أقدم النسخ التي وصلتنا من كتاب البكري النسخة المخطوطة في المكتبة الأزهري بالقاهرة (مخطوطة رقم 262) وهي نسخة غير كاملة، و يرجع تاريخ نسخها إلى سنة 596 هجرية، وتقع في جزأين: الجزء الأول مبتور من أوله ويبتدئ مع بداية الصفحة 132 من طبعة السقا، وينتهي بآخر الجزء الأول.   أما الجزء الثاني فهو موافق للجزء الثاني المطبوع. والنسخة بخط أندلسي جميل.

 وقد أشار مصطفى السقا إلى هذه النسخ وذكر أنها: (( في الغاية من الصحة والضبط والوضوح، ولو كانت كاملة لفاقت جميع الأصول الموجودة من هذا الكتاب، وأن على هامشها ما يفيد أنها قوبلت على أصل بخط المؤلف)).

 وتكلم السقا عن التعليقات التي تحتفل بها هوامش هذه النسخة ولكنه- مع الأسف -لم يستفيد من هذه التعليقات والهوامش فأغفلها تمامًا في نشرته مع أنها تحتوي زيادات وتصويبات كثيرة أهمها تلك التعليقات المنقولة عن كتاب ((النوادر)) لأبي علي الهجري، وهناك تعليقات أخرى أقل أهمية عن أبي حاتم وابن درير وابن هشام وأبي الفرج الأصبهاني وغيرهم.

 وبدراسة الحواشي المنقولة عن أبي علي الهجري، وهي أكثر من ثمانين تعليقًا وجدت أن معظم تلك التعليقات عبارة عن مواضع جديدة مضافة إلى الكتاب،وقد كتبت في الهامش أمام موضعها من الترتيب المعجمي، ومن أمثلة تلك الزيادات:

1-التَّغاليل: قال الهجري: سألت سليمان يزيد العمري عن قوله: ((ليبدو لي الأعْلام من شقِّ تغْلل))، قال: تغلل،معجمة الغين، هضبة من منحنى بيشة، ويجمع التغاليل. في موضع  آخر: تغاليل عُقَد بين غمزة وبين القشاش رياض تصب في الحرة   نحو غمرة وهي ((تغاليلات)).

2-جَرْبان: قال الهجري: وجربان سائلة إلى قرب ((ذهبي))، ومَلْك الوادي: الذي يملأ سيله، قالت الأنعمية- وتزوجت بالعراق:

 ألا حبَّذا من مَلْك جربان نظرة  وجَرَبان من أهل العراق بعيدُ

 3- الحلوة: قال الهجري: وسألته: يعني الخلصي- عن      الحلوة بئر مزينة، لبني صخر من مزينة، فقال: هي بالمنصرف، تدفع في غيقة، وليست بالجي، وللنبي صلى الله عليه وسلم مسجدًا بالحلوة ومسجد بالبضة، وهي تلعة بيضاء أسفل من  ((ركوبة)) بميل ونصف، والبضة بالجي، والجي ما بين ركوبة إلى الرُّويثة: قال الهجري: عين ضبعة: بئر يقال له البضة.

 ولا يتسع المجال لذكر جميع الزيادات، قد كان على محقق الكتاب أن يضيفها في أماكنها في المعجم ولا يغفلها ذلك الإغفال، وخصوصًا أن الظن قائم أنها من إضافات البكري نفسه، فإذا أضفنا ما وُجد حديثًا من نسخ معجم البكري إلى إغفال مصطفى السقا للمادة القيمة التي توافرت في النسخة الأزهرية من الكتاب، فإن الحاجة الماسة إلى نشرة جديدة دقيقة لكتاب المعجم توضح بعض الجوانب التي لا يزال يكتنفها الغموض حوله.

 أما معجم البلدان لياقوت الحموي فقد تسير في الوقت الراهن أمر الحصول على عشرات النسخ القديمة الموثقة التي لم يكن في مقدور فستنفلد الاطلاع عليها وقت نشره للمعجم في القرن الماضي. ولابد أن بعضها يتضمن إضافات و تصحيحات لطبعاته المتعددة المتمثلة في نشرة فستنفلد في ليبزج 1766، ونشرة أمين الخانجي في القاهرة 1323هـ. ونشرة دار صادر في بيروت، وبجانب النسخ المخطوطة، فقد صدرت خلال العقود الأخيرة عشرات من كتب التراث العربي في مجالات الأدب والشعر والتاريخ والتراجم والجغرافيا، وكثير منها يعتبر من المصادر التي اعتمد عليها ياقوت ويعتبر سندًا مهمًا للمشتغل بتحقيق الكتاب.

 ويدرك الحاجة إلى طبعة جديدة لكل من معجم ما استعجم للبكري ومعجم البلدان لياقوت الحموي وكل مطلع - عن قرب- على الحواشي والتعليقات القيمة التي على نسخة أستاذنا محمود محمد شاكر -رحمه الله -من المعجمين المذكورين. وكذلك الاستدراكات التاريخية والجغرافية المهمة التي كتبها أستاذنا الشيخ محمد الجاسر-رحمه الله- على مدى ما يزيد على نصف قرن من الزمان، سواء فيما كتبه من بحوث وتعليقات في المجالات العلمية المختلفة على رأسها مجلته القيمة ((العرب))، أو فيما حققه من كتب تتصل بجغرافية الجزيرة العربية وتاريخها وآدابها. وقد عزز كل لذلك بدراسات  ميدانية واسعة لغرض تحديد الأماكن المذكورة في المعجبين والتحقق من مواضعها.

 ثانيًا- إعادة النظر في الكتب التي تم تحقيقها خلال العقدين الأخيرين:

 راجت في العقدين الأخيرين سوق التراث العربي رواجًا كبيرًا، وكثر المحققون الذين لا يمتلكون من أدوات تحقيق وفنونه شيئًا،فبعثوا بالتراث العربي، وأساؤوا إلى نصوصه إساءة بالغة. وساعدهم على ذلك تساهل بعض أساتذة الجامعات الذين لم يقدروا المسؤولية في إشرافهم على الرسائل التي تتضمن تحقيق النصوص القديمة وسطا البعض على أعمال الآخرين فانتحلوها ونسبوها إلى أنفسهم دون وجه حق.

 ولم يكن ذلك مقصورًا على البلاد العربية، بل تعداه إلى عديد من الرسائل العلمية التي نوقشت في بعض الجامعات الأوروبية. ونال الجغرافيا جانب من ذلك العبث، فكانت النصوص المنشورة لا يراعى فيها الاهتمام بتصحيح أسماء المواضع وبيان أماكنها، والإبقاء على النص كما هو دون تعليق أو تصحيح أو تحليل أو ربط مع النصوص السابقة أو اللاحقة عليه لاستجلاء قيمته وبيان مكانة الكاتب ودرجته. وسنضرب مثالاً واحدًا على ذلك وهو رسالة نال عنها صاحبها درجة   الدكتوراه من كليه الآداب والعلوم الإنسانية من جامعة باريس- الثالثة (السربون الجديدة) في عام 1975 تحت إشراف الدكتور أندريه ميكيل وهو أستاذ معروف ومشهود له بالخبرة في مجال تحقيق ونشر التراث الجغرافي العربي وترجمته إلى اللغة الفرنسية. وصاحب العمل هو أدريان فان ليوفن (A.P Van  leewen) الذي أعد لرسالته المذكورة نص كتاب ((المسالك والممالك)) لأبي عبيد البكري، وأنجزه في ثلاثة مجلدات تتضمن النص باللغة العربية وفهارس تفصيلية مع مقدمة باللغة الفرنسية عن حياة الرجل وعصره ومصادره، ثم طبعت هذه الرسالة بحذافيرها بتوصية من وزارة الثقافة التونسية في عام 1992.  و نشرتها المؤسسة الوطنية للترجمة والتحقيق والدراسات (( بيت الحكمة)) بالتعاون مع الدار العربية للكتاب. والغريب أن أدريان ليوفن قد أدخل معه شخصًا آخر أشركه في أعمال التحقيق والفهرسة رغم أن ما نشر لا يختلف عن أصل الرسالة التي قدمها -بطبيعة الحال، مفردًا- ولم أجد تفسيرًا لذلك.

 وقد ارتكب ليوفن أخطاء فاحشة في تحقيق نص كتاب البكري، أولها: أنه لم يرجع إلى ثلاث نسخ مخطوطة مهمة من الكتاب، هي نسخة مكتبة محمد المنوني بالرباط التي يرجع تاريخ نسخها إلى القرن السادس الهجري، فهي من أقدم النسخ وأوثقها. كما لم يرجع إلى نسخة الخزانة العامة بالرباط رقم  (787د)، ولا إلى نسخة المكتبة الناصرية بلكهنو بالهند رقم 59.

 وثانيها: أن أسماء المواضع جاءت مصفحة دون تنبيه أو إشارة أو تعليق لبيان وجه الصواب في النص، وهذه أقل خدمة يمكن أن يقوم بها محقق نص من النصوص. وقد اكتفى ليوفن بالإشارة إلى فروق النسخ دون استقصاء.

 ونضرب فيما يلي مثالاً واحدًا على ذلك الإهمال نأخذه من بيان ((الطريق من البصرة إلى مكة)) الوارد في ص 381 من الجزء الأول من كتاب المسالك والممالك المطبوع في تونس. وسنورد الفقرة بين قوسين ثم نورد تعليقنا عليها.

-(من البصرة إلى السحابية ثمانية أميال)

والصواب ((المنجشانية)) بدلاً من السحابية. قال ياقوت  (4/658: (( وهو منزل وماء لمن خرج من البصرة يريد مكة. وفي كتاب البصرة للتاجي: المنجشانية حد كان بين العرب والعجم بظاهر البصرة قبل أن تخط البصرة))، وانظر أيضًا المسالك والممالك لابن خرداذبة (ص146) والأعلاق النفيسة لابن رستة (ص180 )، وكانت المناسك المنسوب للحربي(ص575 ).

 -(إلى الحفيرة عشرة أميال)

الصواب (( الخفير)) وهكذا وردت في إحدى النسخ التي لم يشير إليها المحقق. قال ياقوت (2/ 397: (( والحفير وأيضًا ماء لباهلة بينه وبين البصرة أربعة أميال يبرز للحاج من البصرة، بينه وبين المنجشانية ثلاثون ميلا. وقال الحفصي: إذا خرجت من البصرة تريد مكة فتأخذ بطن فلج، فأول ماء ترد الحفير)). ويلاحظ أن ياقوتًا قد جعل ما بين البصرة والحفير أربعة أميال، وهذا خطأ، ولعله أراد أربعة فراسخ، فيكون بعد ما بينهما ستة عشرة ميلاً، وهو قريب من الرقم الذي ذكره كل من ابن رسته والمقدسي وهو ثمانية عشر ميلاً.

-( إلى الرُّحيل ثمانية وعشرون ميلاً، إلى السنجك ستة وعشرون ميلاً)

والسنجك هو (( الشجيّ))، ذكره هو ياقوت و ابن خرداذبة وابن رسته وغيرهم:

-( إلى الروحا ثلاثة وثلاثون ميلاً)

 والصواب (( الخرجاء))، ذكر ياقوت أنها مائة احتفرها جعفر ابن سليمان قريبًا من الشجي بين البصرة وحفر أبي موسى في طريق الحاج.

-( إلى حفر أبي موسى ستة وعشرون ميلاً، إلى ماوية اثنان وثلاثون ميلاً)

 وجاء بعد هذه العبارة في إحدى مخطوطات المسالك (( إلى ذات العشر)) وهي إحدى مراحل الطريق على بعد تسعة وعشرين ميلاً من ماوية ولم يذكرها المحقق.

- (إلى السرعة ثلاثة وعشرون ميلاً)

الصواب (( الينسوعة)) و هو موضع معروف على الطريق الحاج البصري.

-( إلى السمية تسعة وعشرون ميلاً)

 والصواب السمينة، و هو ماء لبنى الهجيم فيه آبار عذبة وآبار ملحة، ذكر ياقوت(2/153 ) أنه منزل قبل النباج.

- (إلى الساج ثلاثة وعشرون ميلاً)

 والصواب (( النِّباج)) موضع معروف في طريق الحاج البصري.

-(إلى العوسجة سبعة وعشرون ميلاً، إلى القريتين اثنان وعشرون ميلاً)

 وقد سقط من المطبوعة ليوفن بعد هذه العبارة أربعة منازل وردت في أحد أصول كتاب المسالك المخطوطة، كما وردت في معظم كتب الجغرافيا العربية التي تكلمت عن الطريق من  البصرة إلى مكة، وهذه المنازل هي رامة وامّرة وطخفة وضرية.

-(إلى حويلة اثنان وثلاثون ميلاً)

الصواب (( جدلية)) ذكرها ابن  خرداذبة (ص146) وياقوت (2/42).

-(إلى ملحَة خمسة وثلاثون ميلاً)

الصواب((فلجة)) بالفاء،ذكرها ابن خرداذية(ص146)  وياقوت (3/911).

-( إلى وجرة أربعين ميلاً، إلى أوطاس أربعة وعشرين ميلاً، إلى السكة، ومن السكة..)

الصواب (( مرَّانش)) وفق ما ورد في معظم المصادر.

ومما تقدم يتضح أنه من بين 24 منزلاً من منازل طريق البصرة إلى مكة لم يقم المحقق بالإشارة إلى أي تصحيف من التصحيفات الواردة في أسماء نحو أحد عشر منزلاً منها. ولم يتنبه أيضاً إلى المنازل الأربعة التي سقطت من نصه والتي هي موجودة في أحد أصول الكتاب فضلاً عن المصادر الأخرى. ولو كلف المحقق نفسه عناء النظر في أي كتاب من المسالك والممالك، وهي متاحة ومبذولة، لاستطاع أن يتحقق من سلامة النص.

وإذا كان هذا حالنا مع نحو عشرة أسطر من كتاب واحد فكيف يمكن أن نثق في بقيته؟ وأين لنا بالوقت الذي  نتتبع فيه أعمال المحققين ونستدرك عليهم أخطائهم وما ارتكبوه من جرم بحق نصوص التراث العربي؟

ومع الأسف الشديد فقد حدث مثل هذه الأخطاء في الطبعة الجديدة من نزهة المشتاق في اختراق الآفاق للشريف الإدريسي التي أعدها المعهد الإيطالي للشرق الأدنى والأقصى بروما،والتي قام بإعدادها نفر من العلماء من مختلف أنحاء العالم، وصدرت بين عامي 1970،1983، ثم أعيد طبعها في بيروت عام 1989.

ففي (ص160) من طبعة روما ذكر للطريق من اليمامة إلى مكة وهو طريق يتصل بطريق البصرة إلى مكة الذي ذكرناه قبل قليل عند منزل القريتين قبل أن يتجه إلى مكة، وقد وردت في أسماء منازل هذا الجزء من الطريق التصحيفات التالية:

(( طقجة)) والصواب (طخفة)، و(( صربه))  والصواب (ضرية)  و(( قلجة)) والصواب(فلجة) و(( الرقيبة)) والصواب (الدثينة).

ثالثًا- مشاركة الجغرافي المختص في تحقيق النصوص الجغرافية وتحليلها:

إن معظم الكتب الجغرافية العربية التي نشرت حتى الآن، سواء في أورويا أو في البلاد العربية، قام بتحقيقها ونشرها  علماء غير جغرافيين من لغويين ومؤرخين وغيرهم، وهؤلاء قد يسروا السبيل أمام الجغرافي، ووفروا عليه بعض الجهود التي كان عليه أن يبذلها في جميع ذلك التراث وتحقيقه، إلا أن أعمالهم تفتقر إلى ثقافة الجغرافي ومنهجه في البحث والتحليل، ولهذا وقع عدد من المحققين في بعض الهفوات سواء في قراءة النصوص أوفي التعليق عليها، وسنعرض لمثالين على ذلك.

 (1) وجاء في الطبعة التي أصدرها كل من إبراهيم احمد العدوي وعلى محمد عمر من كتاب (( فضائل مصر)) لعمر بن محمد ابن يوسف الكندي (القاهرة 1971 ، ص 60) :((... وسد الترع، وقطع القضب والخَلْفاء، وكل نبت مضر بالأرض)) وجاء في حواشي التحقيق: (( القضب كل شجرة طالت وبسطت أغصانها)). ومع أن ما ذكر هو صفة القضب في كتب النبات، إلا أن الصواب القصب بالصاد المهملة والحلفاء بالحاء المهملة أيضا، وهما من النباتات المضرة التي تسد الترع والمصارف.

(2) وفي رحلة أحمد بن فضلان جاء ذكر شجر في بلاد الصقالبة (( مفرط الطول وساقه أجرد من الورق، ورؤوسه كرؤوس النخل له خوص دقائق، إلا انه مجتمع، يجيئون إلى موضوع يعرفونه من ساقه، فيثقبونه ويجعلون تحته إناء فيجري إليه من ذلك الثقب ماء أطيب من العسل إن أكثر الإنسان منه أسكره كما يسكر الخمر)).

وفي حواشي التحقيق يقول المحقق الدكتور سامي الدهان وهو عالم فاضل: (( لعله-أي ابن فضلان- يعني بهذا الشجر قصب السكر)). وهذا وهم من المحقق، فقصب السكر -كما هو معروف- لا ينمو في المناطق الباردة التي وصلها ابن فضلان، كما أن صفة الشجر المذكور تختلف عن صفة قصب السكر الذي لا يفرز ماءه عند يقبه بل يحتاج إلى عصر شديد ليَخْرُج ماؤُه ( رسالة ابن فضلان تحقيق سامي الدهان، دمشق 1909،ص129).

وبجانب الثقافة العامة التي يقدمها الجغرافي المختص، فله منهجه في فحص النصوص وتحليلها و التأكد منها، ومن وسائله في ذلك الدراسة الميدانية التي تتيح له التعرف عن قرب على الإقليم أو المنطقة التي يتحدث عنها المؤلف، والتوصل إلى مواضع العمران القديم عن طريق البحث في معطيات المكان الجغرافية، والربط بين الطرق وطبوغرافية المنطقة محل البحث. والخروج من كل ذلك بخرائط تفصيلية تثري النص المحقق وتضفي عليه مزيدًا من الوضوح.

وفي اعتقادي أن النجاح الذي حققه بعض المحققين الذين لم يكونوا مؤهلين بدرجة علمية جغرافية، يعود إلى استخدامهم هذه الوسائل في الكتب التي حققوها أو في البحوث المعتمدة على النصوص الجغرافية القديمة.. ولنا في ذلك أمثلة واضحة. فأستاذنا الشيخ حمد الجاسر أمدته دراساته الميدانية بفيض من المعلومات التي أعانته -بجانب ثقافته الموسوعية-على تحقيق النصوص. واقترن عمله استخدام الخرائط كوسيلة لا غنى عنها من وسائل البحث أو التوضيح. وقد أصبح الشيخ حمد بذلك رائداً في توظيف المعرفة الجغرافية في أعمال التحقيق.

ومن ناحية أخرى لم يكن في مقدور الإنجليزي لي سترانج  (G. Le Strange) أن يصل إلى النتيجة الرائعة التي توافرت في كتابه (( بلدان الخلافة الشرقية)) لو لا إتباعه المنهج الجغرافي في البحث، ويقال ذلك أيضًا على العمل الكبير الذي بذله المؤرخ الروسي بارتولد (V.V.Bartold) في كتاب (( كتاب تركستان من الفتح الإسلامي إلى الغزو المغولي ))، والكتابان المذكوران يعتمدان بشكل أساسي على المصادر العربية القديمة، ويقدمان صورة رائعة للجغرافيا التاريخية لمشرق العالم الإسلامي بالاعتماد على البحث الميداني وتحليل المصورات والخرائط الجغرافية.

رابعًا- النصوص الجغرافية القديمة ومشكلة المصطلح:

وأمر آخر يستفاد من مشاركة الجغرافي المختص، في تحقيق النصوص الجغرافية وتحليلها، وهو القدرة على اقتناص المصطلح الجغرافي المستعمل في الكتابات القديمة، والعمل على  استخدامه في الدراسات المعاصرة. فالمشكلة التي يواجهها كل من يقدم على البحث أو التعريب في العلوم الحديثة،  والمتمثلة في صعوبة العثور على المقابل العربي للمصطلح الأجنبي، ليست دائماً مشكلة اللغة، بل هي أيضا مشكلة البحث العربي الذي انبتت صلته بتراثه القديم الثري بالمصطلحات، فأصبح يكتب اللفظ الأجنبي بحرفيته، أو يقوم بتعريب المعنى بأكثر من كلمة، غافلاً عن ذلك الفيض من المصطلحات التي تعج بها المصادر الجغرافية القديمة، في ميدان الجغرافية المناخية وأشكال سطح الأرض والجغرافية البشرية وغيرها .

ونورد بعض الأمثلة على ذلك:

(1) النقل الحرفي للمصطلح

أجاز مجمع اللغة العربية في القاهرة الالتجاء إلى هذه الطريقة إذا دعت الحاجة إلى ذلك،بألا يوجد لفظ متداول في اللغة أو مهجور يؤدي بدقة المعنى المصطلح عليه (محمد السويسي: ص13). وعلى ذلك فقد ضم كل من المعجمين الجغرافي والجيولوجي الذين أعدهما المجمع عشرات الكلمات الدخيلة مثل (( كويستا cuesta )) و(( كلدرةCaldera )) و(( دلتاDelta )) و(( كارست Karst )) وتقديري أن هذه الكلمات، وعددًا آخر من أمثالها مما شاع في كتابات الجغرافيين العرب المحدثين وترجماتهم وأقر منها مجمع اللغة العربية ما أقر، لم تخضع  لدراسة مكتبية أو ميدانية وافية أو استشارات على نطاق الوطن العربي للتأكد من عدم وجود لفظ متداول يؤدي المعاني المطلوبة. وعلى سبيل المثال فإن لفظ (( كويستا)) ما كان له أن يشيع في كتابات الجغرافيين العرب المعاصرين لو كان إقرار هذا اللفظ الدخيل جاء مبنيًا على دراسة علمية ميدانية يسندها ما جاء في التراث العربي. فهذه الظاهرة الجغرافية تنتشر بشكل لافت للنظر في وسط الجزيرة العربية عند النطاق الرسوبي المتاخم لكتلة الدرع العربي، ويطلق عليها السكان هناك اسم الجالات، مفردها (( جال)) وتمتد في شكل محاور يصل عددها في بعض المواضع إلى نحو ثمانية جالات، تواجه الغرب منها جروف وعرة شبه قائمة، ومنحدرة انحداراً لطيفاً نحو الشرق وفقاً للانحدار الطبوغرافي العام لشبه الجزيرة العربية. وأكبر هذه الجالات مرتفعات العارض أو جبل الطويق التي تمتد من الشمال إلى الجنوب 800 كيلومتر وترتفع قمتها نحو 1000 متر فوق مستوى سطح البحر. وفي الكويت توجد أيضاً مجموعة من الجالات أهمها جال اللياح وهي مرتفعات تمتد شمال الكويت ولها خصائص (( الكويستا)) وهو وجود جرف شديد الانحدار يقابله في الجانب الآخر انحدر لطيف.

ولفظ (( جال)) الذي استخدمه السكان هناك منذ مئات السنين هو لفظ ذو جرس عربي سهل في النطق وفي التصريف، وهو أيضاً مشتق من البناء اللغوي العربي. فقد أطلق العرب على  جدار البئر وجانبي الوادي وشاطئ البحر اسم (( الجال)) بمعنى الحافة. ومن هنا جاء استخدام أهل الجزيرة لهذا المصطلح. فأهم ما يميز (( الكويستا)) هو جانبها الوعر الذي هو أشبه بالحافة، فكان لفظ (( الجال)) الذي غلب في شيوعه على المعني المعجمية الأخرى.

وهذا المثال الذي ضربناه يقودنا إلى أمر آخر له أهميته، فمصطلح (( جال))  لا نجده في كتب الجغرافية العربية القديمة بل نجده في كتب اللغة. ونحن نعتقد أن التراث العربي تراث مترابط فقد تجد مادة جغرافية مهمة في كتاب من كتب اللغة أو التاريخ أو النبات لا تتوافر في كتب الجغرافية. والأمر الذي أردت الوصول إليه أن جزءاً من التأهيل الذي ينبغي للمحقق أن يتسلح به هو أن يكون على صلة ومعرفة بجوانب التراث المختلفة، وهو ما تعلمناه من أساتذتنا وأشياخنا.

(2) التعبير عن المصطلح بعدة كلمات

مصطلح Waterdivide آو Water Parting جاءت ترجمته في المعجم الجغرافي الذي أعده مجمع اللغة العربية بالقاهرة بكلمتين هما (( مقسم المياه)) ووصف بأنه (( أعلى جزء في المرتفعات تنحدر منه المياه في اتجاهين مختلفين )) (الصياد:97) وترجمه يوسف توني في معجم المصطلحات الجغرافية في ثلاث كلمات هي (( خط تقسيم المياه))، وقال في وصفه: خط وهيم يمر بالمنطقة المرتفعة من الأرض التي تفصل بين المجاري العليا لروافد الأنظمة النهرية أو الأحواض النهرية المختلفة (توني:ص210).

وتخلو المجتمعات اللغوية من مقابل لهذا المصطلح، ألا أنني وجدت مقابلاً له في مادة (سلع) في معجم البلدان لياقوت الحموي: (( يقول أبو زياد: الأسلاع طرق  في الجبال يسمى الواحد سلعاً، وهو أن يصعد الإنسان في الشِّغب، وهو بين الجبلين حتى يبلغ أعلى الوادي، ثم يمضي فيسند في الجبل حتى يطلع فيشرف على واد آخر، يفصل بينهما هذا المسند الذي سند فيه، ثم ينحدر في الوادي الآخر حتى من الجبل منحدراً في قضاء من الأرض، فذلك الرأس الذي أشرف من الواديين: السلع، ولا يعلوه إلا راحل )) (ياقوت 3/117).

وهذا الوصف نقله ياقوت عن أبي زياد الكلابي غني عن التعليق لوضوحه وشموله للمقصود بمصطلح المقسم المائي أو خط تقسيم المياه. كما أن ذلك الوصف يحمل في طياته مصطلحًا آخر قد استخدم في تعريبه أكثر من كلمة، فمصطلح (( المسند))، بتصريفاته اللغوية المختلفة هو نفس المصطلح الإنجليزي Upstream الذي يقابله في الكتابات الجغرافية العربية الحديثة وفي معجم المصطلحات الجغرافية مصطلح (( مصعد النهر))  (توني:ص474).

(3) الدراسة الميدنية للتأكد من المصطلح

تعتبر الدراسة الميدانية بعداً مهماً من الأبعاد الدراسية التي تحكم اختيار المصطلح الجغرافي ، فالتأكد من الظاهر على الطبيعة يفيد كيراً في وضع المصطلح المناسب إذا وجدت مرادفات أخرى للمصطلح، كما تفيد الدراسة الميدانية في تصحيح بعض الأخطاء الموجودة في بعض الكتب الجغرافية التي اعتمد فيها أصحابها على الدراسة المكتبية فقط. وعلى سبيل المثال ذكر عمر الحكيم في كتابه (( تمهيد في علم الجغرافيا)) (ص:305): (( أن تعمق الجوبات أو الحفر الناتجة عن الإذابة في الصخور الكلسية يؤدي إلى تعميقها، وتعرضها نتيجة ارتخاء قعرها، إلى تقاطع أطرافها مع أطراف الجوبات المجاورة، فينشأ عن ذلك حفرة واسعة يبلغ قطرها عدة كيلومترات، ويقال لها (( دارة)) في بلاد العرب و(( بوليه)) في يوغسلافيا...إلخ)).

ويبدو مما ذكره الدكتور الحكيم أنه اعتقد أن الدارة هي صورة من صور الإذابة التي توجد في نطاقات الصخور الجيرية، فالوصف المعجمي قد أدى به إلى ذلك الاعتقاد، فقد جاء في لسان العرب (( الدارة: الجوبة الواسعة تحفها الجبال)) (ابن منظور 5/382) وقد بنى الحكيم على هذا الوصف كل ما ذكره فيما بالحفر والبالوعات الناشئة عن الإذابة في المناطق الجيرية.

والدراسة الميدانية تبين لنا أن المصطلح الدارة يخلف ما ذكر، بل إن هذه الظاهرة لا توجد في الناطق الجيرية بل في مناطق الدرع العربي من شبه الجزيرة العربية. وقد اهتم الجغرافيون العرب في وصفها وتوزيعها في جزيرة العرب، فخصص الأصمعي رسالة عن الدارات، وذكر البكري اثنتين وعشرين دارة، وذكر ياقوت الحموي ثمانيًا وستين دارة ولاقت اهتماماً خاصاً من الشعراء وأصحاب المعاجم اللغوية فاستطردوا في وصفها واستقصاء المعروف منها. وتفاخر المتأخرون على المتقدمين في معرفة العدد الأكبر من تلك الدارات،

وتعطي الدراسة الميدانية مصطلحاً عربياً آخر يوافق ما أراده عمر الحكيم وهو لفظ (( الدحل)) وجمعه دحال ودحلان وهو حفر ومغارات تتعمق في جوف الأرض نتيجة لعملية الإذابة في مناطق الصخور الجيرية. وهذا المصطلح من المصطلحات التي أوردتها معجم اللغة وكتب الجغرافية العربية على حد سواء:  يقول الأزهري: (( وقد رأيت بالخلصاء ونواحي الدهناء دحلانًا كثيرة، وقد دخلت غير دخل منها، وهي خلائق (أي حفر) خلقها الله تحت الأرض، يذهب الدحل سكًا في الأرض قامة أو قامتين أو أكثر من ذلك، ثم يتلجف يمينًا أو شمالاً، فمرة يضيق ومرة يتسع في صفاة ملساء لا تحيك فيها المعاول المحددة لصلابتها.  وقد دخلت منها دحلاً، فلما انتهت إلى الماء، إذا جو من الماء الراكد فيه لم أقف على سعته وعمقه وكثرته لإظلام الدحل تحت الأرض،فاستقيت أنا وأصحابي من مائه، لأنه من ماء السماء يسيل إليه من فوق ويجتمع فيه (تهذيب اللغة: 4/419).

وأشار الهمداني إلى عدد من أسماء الدحلان في منطقة الصمادن وذكر أنها من موارد المياه هناك، وهي شقوق عميقة مخّرقة في جلَد الأرض يكون فيها الماء ( صفة جزيرة العرب، ص 281).

ومع الأسف الشديد فإن مثل هذه الأخطاء ترد في كتب جامعية متداولة بين الأساتذة والطلاب مما يؤدي إلى انتشارها وشيوعها. والجدير بالذكر أن لفظ (( دارة)) وفق ما أشار إليه عمر الحكيم قد نقله يوسف توني عنه، وأورده في معجم بخطئه (معجم المصطلحات الجغرافية: ص 219).

خامسا- تحقيق الخرائط العربية:

يبخس كثيراً من الباحثين الخرائط العربية باعتبارها فناً لم يحرز فيه العرب نجاحاً كبيراً. ورغم الجهود الطيبة التي بذلها نفر من الباحثين مثل كونراد ميللر ويوسف كمال، حتى يجعلوا في إمكاننا الوصول إلى تقدير سليم لفن الخرائط عند العرب، فإن عدداً قليلاً فقط من الأصول التي خلّفها صناع الخرائط العربية ومن الصور المنقولة عن تلك الأصول وقد وصلت إلى متناول أيدينا.

 وقد كان تقدم الخرائط العربية متوافقاً مع تطور الجغرافيا الإقليمية عند العرب. وقد كان هناك منهجان واضحان في هذا الميدان، أولهما المنهج الإقليمي الفلكي المتأثر باليونان، وثانيهما المنهج الإقليمي الوصفي وهو منهج عربي خالص. وفي كل منهج من هذين المنهجين ساد صنف من الخرائط له ميزاته وسماته الخاصة.

(1) النهج الفلكي (المدرسة اليونانية):

وجدت أفكار الجغرافيين الإغريق والرومان  السبيل إلى الكتابات العربية بعد أن وضعت أكثر من ترجمة لكتابي بطلموس (( الجغرافيا)) و(( المجسمي)). وكان اليونان والرومان يقسمون المعمور من الأرض إلى سبعة أقاليم في صورة نطاقات تمتد من أقص الشرق إلى أقصى الغرب بدءاً من خط عرض 16 جنوبًا وهو بداية الإقليم الأول حولي خط عرض 63 شمالاً وهو ما وراء الإقليم السابع.

ويعتبر محمد بن موسى الخوارزمي أول من تأثر بهذا المنهج، وكان عنوان كتابه (صورة الأرض) هو الترجمة الشائعة لكلمة (( الجغرافيا)) ومع ذلك لم يكن كتابه ترجمة لكتاب بطليميوس ولكنه ترتيب لمادة بطلميوس مع إضافات واسعة في ميدان الجغرافية العربية.

وقد كان كتاب الخورزمي هذا جزءاً من عمل كبير تم في عهد المأمون الذي جند العديد من العلماء والحكماء الذين نظروا في كتب اليونان وبحوثهم وامتحنوا تقديرهم لدراجات العرض، ثم وضعوا الجداول المعروفة بالزيج المأموني الممتحن، الذي وضعت في ضوئه الصورة المأمونية أو (( الخريطة المأمونية))،  وهي أول خريطة عربية صوّر فيها العالم بأفلاكه ونجومه، وبره وبحره، وعامره وغامره، ومساكن الأمم والمدن وغير ذلك.  وفضل المسعودي هذه الخريطة على الخرائط السابقة بقوله وهي أحسن مما تقدمها من جغرافية بطلميوس وجغرافية مارينوس وغيرهما )).

وقد اختفت خريطة المأمون منذ عدة قرون، وآخر إشارة إليها هي إشارة أبي عبد الله الزهري المتوفي في منتصف القرن السادس الهجري في كتابه الجغرافيا-بالعن المهملة. ويبدو من نصوص كتاب الزهري أن الخريطة التي تكلم عنها هي خريطة مستديرة ملونة، يحيط بها طوقانّ، طوق أزرق يمثل البحر الموصوف ببحر الظلمات، يتصل به من الداخل طوق آخر أخضر اللون، وهو صفة البحر المحيط بالأرض وأجزائها المباشر للتراب في جميع دورانها، وهو الذي يتشعب منه جميع الأبحر.

ومع أن الصورة المذكورة لم تعد موجودة، فقد استمر ذلك الأساس العلمي وتطور في صورة مجموعة من الجداول الفلكية تبين المواقع الجغرافية المختلفة، منها الزيج الصابي للبتاني الذي أمضى حياته يرصد الأجرام السماوية بالرقة وزيج ابن يونس في مصر والزرقالي في الأندلس وغيرهم. وهذه الجداول، وإن لم يصاحبها خرائط تبين المواقع المذكورة فيها، يمكن تحويلها إلى خرائط، إذا ما تم الاعتماد على نسخ موثوقة.          وأهم جهد عربي ضمن المنهج الإقليمي الفلكي الذي يتبع المدرسة اليونانية وهو كتاب (( نزهة المشتاق في اختراق الآفاق )) للشريف الإدريسي الذي وضعه بناءً على طلب الملك روجار،وهو يقسم فيه الأرض إلى سبعة أقاليم عرضية، ويقسم كل إقليم إلى عشرة أجزاء، كل جزء له خريطة مستقلة، يلحقها ثلاث خرائط: واحدة تضم صورة العالم وواحدة تشمل على ما وراء الإقليم الأول وأخرى تشتمل على ما وراء الإقليم السابع. فالمجموع ثلاث وسبعون خريطة.

وقد كرر الإدريسي هذا العمل في كتابه الصغير (( أنس المهج وروض الفرج )) الذي ألفه للمك غليوم الثاني.

ويبدو من ملاحظة هذه الخرائط أن الإدريسي قد التزم - إلى حد ما- بمقياس رسم محدد التزمه في الأجزاء المختلفة التي تتألف منها الأقاليم، ولولا ذلك لما استطاع كونراد ميللر أن يجمع هذه الأجزاء ويؤلف منها خريطة واحدة. كما أن الإدريسي قام باستخدام الألوان للدلالة على ظاهرات بعينها،فاستخدام اللون البني للجبال واللون الأزرق للبحار وجعل الأنهار باللون الأخضر وهكذا. يضاف إلى ذلك أنه قام بتتبع تعاريج الساحل وتقديم صورة طبق الأصل لكل جزء من أجزاء الأقاليم التي أوردها.

(2) المنهج الوصفي (المدرسة العربية):

ويتمثل هذا المنهج في أعمال مجموعة من أعلام الجغرافيين العرب اعتباراً من القرن الثالث الهجري أبرزهم الاصطخري وابن حوقل والمقدسي، واختلف تقسيم هؤلاء للمعمور عن أتباع المنهج اليوناني، فالإقليم عندهم منطقة متجانسة لها خصائصها الطبيعية والبشرية. وقد احتوت كتب هذه الرسالة على إحدى وعشرين خارطة تمثل الأقاليم المذكورة، تتابع على النحو التالي: أولها خارطة العالم المستديرة، تليها خارطات جزيرة العرب وبحر فارس والغرب ومصر والشام وبحر الروم، ثم أربعة عشرة خارطة تمثل الأجزاء الوسطى والشرقية للعالم الإسلامي (الجزيرة والعراق وخوستان وفارس وكرمان والسند وأرمينيا ومعها الران وأزربيجان أيضاً، والجبال وجيلان ومعها طبرستان، وبحر الخرز وصحراء فارس وسجستان وخراسان وما وراء النهر).

ومن الواضح أن نظام توزيع الخارطات وأشكالها لا يشير إلى أية علامة بينها وبين منهج اليوناني في الدراسة الإقليمية. فلفظ الإقليم هنا مرتبط بالمنطقة الجغرافية التي تصورها الخارطة. والخارطات هنا مستقلة كل واحدة عن الأخرى ولا يمكن وصل بعضها ببعض لتكوين خارطة شاملة للعالم، وهي خرائط توضيحية (كروكية) استخدمت الخطوط المستقيمة والهندسية في رسم سواحل البحار والأنهار. فنحن هنا أمام منهج مختلف تماماً عن المنهج السابق، وهذا الأسلوب لا يعد قصوراً في فن رسم الخرائط بل هو وسيلة توضيحية متبعة إلى وقتنا الحاضر تتبع أحيانًا في تدريس وأحيانًا أخرى للتركيز على ظاهرت بعينها دون النظر إلى التفصيلات الغير مرغوبة.

وبالإضافة إلى ما سبق ذكره هناك خرائط أخرى وردت في عدد من كتب الجغرافية التي لا تنتمي إلى المدرستين المذكورتين، مثل خريطة العالم الواردة في كتاب خريدة العجائب وفريدة الغرائب  لابن الوردي، وخارطتي تنيس وقزوين في كتاب آثار البلاد وأخبار العباد للقزويني، وخارطة النيل في كتابَيْ نيل الرائد في النيل الزائد لأحمد بن محمد الحجازي ومبدأ النيل لجلال الدين السيوطي، وغير ذلك مما تحفل به كتب الجغرافية العربية.

وإذا ما أردنا أن نقيم تلك الجهود فلابد من الإشارة إلى أن معظم أصول تلك الخرائط لم تصل إلينا، فلم نعثر على أثر لأصول خرائط الخوارزمي الذي شارك في وضع خريطة المأمون، ولا توجد الأصول الأولى لكتب الإصطخري وابن حوقل والمقدسي، كما خرائط الإدريسي الموجودة بين أيدينا لا يسبق تاريخها القرن التاسع للهجري، أي أنها رسمت بعد ما يزيد على قرنين من وضع الإدريسي لكتابه.

وكان موقف النساخ من المادة المرسومة يتراوح بين إغفال رسم الخرائط في المتون الجغرافية أو ترك مكانها خاليًا وبين النقل غير الدقيق للخرائط، والذي يأخذ في الابتعاد عن الأصل الصحيح مع كل نسخة جديدة،ولهذا وجدنا ذلك التفاوت والواضح في الخرائط بين نسخ الكتاب الواحد، كما هو الأمر بالنسبة إلى خرائط كتاب نزهة المشتاق في اختراق الآفاق أو أنس المهج وروض الفرج للشريف الإدريسي. كما أن النساخ مسؤولون أيضًا عن اختلاف خرائط الإصطخري، من حيث الشكل، في نسخ الكتاب التي بين أيدينا في الوقت الحاضر، فالبحر المتوسط أو بحر الروم يظهر تارة في شكل كروي، وأخرى بيضاوي، وثالثة في شكل مستدير، وهكذا.

ولم يكن موقف النسخ بأشد سوء من موقف المحققين المعاصرين، فأغلبهم أغفل قيمة الخرائط، باعتبارها جزءاً مكملاً للنص الجغرافي ، فلم يكلف نفسه عناء قراءة الخريطة، والربط بينهما وبين النصوص المرتبطة بها، والتحقق من أسماء المواضع والأنهار والجبال والبحار التي تتضمنها، والعمل على وضع صور الخرائط الموجودة في النسخ الأخرى من الكتاب، لأن إيرادها يحقق بيان فروق النسخ التي يفترض في المحقق أن يثبتها كجزء من عملية التحقيق. كما أن معظم كتب الجغرافيا قد أوردة الخرائط باللونين الأبيض والأسود، نجد هذا في تحقيق كتاب المسالك والممالك للإصطخري (القاهرة 1961) وكتاب صورة الأرض لابن حوقل (طبعة أوربا وبيروت). وكتاب أنس المهج وروض الفرج في نسختيه اللتين نشرهما بالتصوير معهد تاريخ العلوم العربية والإسلامية في فرانكفورت (1984م) . ولا حاجت بنا إلى القول بأن الألوان لها معانيها في الخرائط المذكورة وإغفالها يعد إغفالاً لجزء من مادة تلك الخرائط. وأخيراً فإن المحققين لا ينشرون الخرائط بحجمها الذي وردت عليه في المخطوط، فيتركون أمر وضعها في الكتاب المحقق وفقاً لأهواء المخرج، فيكبر الصغير منها ويصغر الكبير وفقاً لحجم الصفحة ومتطلبات الطباعة وهو أمر ينبغي الاحتراس فيه، لأن الحجم له دلالته ومقاصده.

وهذه الهفوات في نشر الخرائط في نصوص التراث الجغرافي من الممكن أن تقل كثيراً إذا ما شارك الجغرافي في عملية نشر ذلك التراث وأسهم في تحليل تلك المادة التي تدخل في صلب اختصاص.

الخاتمة والتوصيات:

يخلص هذا البحث إلى أن الوضع العام لتحقيق التراث الجغرافي العربي يتحدد في ثلاثة أمور:

أولها: كتب حققت قديماً، وتحتاج إلى إعادة نشر وتحقيق لندرتها ولتوافر مخطوطات جديدة يمكن أن تثري نصوصها وتصلح ما أشكل منها.

ثانيها: كتب حققت حديثاً لم يتم الاهتمام فيها بتصحيح أسماء المواضع وبيان أماكنها، ولم تستقصي المخطوطات الخاصة بالكتاب محل التحقيق، فجاءت أعمالاً لا فائدة ترجى من ورائها. 

وثالثهما: كتب ورسائل جامعية لم يتم تحقيقها، وتحفل مكتبات الشرق والغرب بمثل هذه الكتب التي نأمل أن ترى طريقها للنشر. وهذا الأمر الأخير، وإن كنا لم نعالجه في هذا البحث، إلا أن المشتغل بالمخطوطات الجغرافية يعرفه و يدرك القصور الذي يشكو منه مجال تحقيق النصوص الجغرافية .

وبناء على ما تقدم يمكن أن تخرج هذه الورقة بالتوصية التالية:

1- تحديد كتب التراث الجغرافي التي طبعت قديمًا، ولم تتوافر لها طبعات جديدة موثقة ، وبيان المحفوظات التي  اعتمدت عليها تلك الطبعات والمخطوطات التي استجدت معرفتها، مع بيان قيمتها وأهميتها في إصدار طبعة جديدة.  ودراسة الوضع العام للكتب التي صدرت خلال العقود الأخيرة من القرن الماضي ، وتحديد ما تحتاج منها إلى إعادة تحقيق .

2- تكوين لجان علمية مؤلفة من مجموعة من المختصين يعهد إليها بتحقيق تلك الكتب وفق ضوابط محددة يراعي فيها مراجعة كافة النسخ المتوفرة من المخطوطات، والنصوص المنقولة عنها في الكتب التراثية الأخرى. والاستفادة من الدراسات النقدية، التي كتبت بشأنها عند صدور طبعاتها الأولى. ويكون من مهام تلك اللجان أيضاً مسألة التدقيق والمراجعة اللغوية وبيان فروق النسخ والتحرير العلمي.

3- إعداد مجموعة من الدراسات حول مخطوطات التراث الجغرافي العربي وعلاقة السابق منها باللاحق، وبيان الإضافات العلمية التي يتضمنها ذلك التراث، وتشجيع الدراسات النقدية التي تتناول الكتب المحققة، حتى يتم الالتزام بالضوابط والمعايير العلمية لتحقيق التراث.

4- إعداد معجم للمصطلحات الجغرافية المستخدمة في كتب التراث الجغرافي، وبصورة خاصة ما جاء في معاجم البلدان، والاستفادة من مسميات المواضع والأماكن العربية التي تمثل في الأغلب وصفًا للأرض وما تتضمنه من ظاهرات،ومن المؤكد أن هذا العمل سيمثل رافداً لجهود الجامع اللغوية في الوقت الحاضر.

5- تقويم الدراسات والبحوث التي كتبت من قبل حول التراث الجغرافي العربي، وعلى الأخص ما كتبه المستشرقون في هذا المجال و العمل على ترجمة المفيد منها إلى اللغة العربية.

6- توجيه بعض البحوث المعاصرة والرسائل المتخصصة إلى تحقيق التراث الجغرافي، وبيان مواطن التصحيف الذي لحق بالمصطلحات الجغرافية، وأسماء الأماكن، وإفساح المجال لذلك في الدوريات والمجلات المتخصصة.

7- الاهتمام بموضوع الخرائط العربية، وإعداد إحياء جهود كل من الأمير يوسف كمال و كونراد ميللر في مجال الخرائط  العربية مع إضافة الخرائط التي لم تشتمل عليها أعمال ودراسات الاثنين المذكورين. على أن يتم النشر بالألوان وبنفس المقاييس الواردة في المخطوطات.

المصادر والمراجع:

 الإدريسي (محمد بن محمد ):

-نزهة المشتاق في اختراق الآفاق، روما 1977، عالم الكتب بيروت 1989.

الأزهري (محمد بن محمد):

-تهذيب اللغة، القاهرة 1994.

الإصطخري (إبراهيم بن محمد):

-المسالك والمالك، تحقيق محمد جابر الحيني، القاهرة 1961.

بارتولد:

- تاريخ تركستان من الفتح الإسلامي إلى الغزو المغولي، الكويت 1981.

البكري (أبو عبيد عبد الله بن عبد العزيز):

-جزيرة العرب من كتاب المسالك والممالك، تحقيق عبد الله الغنيم، الكويت1977.

-المسالك والممالك، تحقيق أدريان ليوفن وأندري فيري، تونس 1992.

-معجم ما استعجم من أسماء الأمكنة والبقاع، تحقيق مصطفى السقا، القاهرة(1945-1951) ومخطوطة المعجم بالمكتبة الأزهرية رقم 262.

الحكيم (عمر):

-تمهيد في علم الجغرافيا(( التضاريس))، دمشق 1965.

ابن خرداذبة (عبيد الله بن عبد الله):

-المسالك والمالك، تحقيق دي خويه، المكتبة الجغرافية العربية، لايدن1889.

ابن رستة (أحمد بن عمر ):

-الأعلاق النفسية، تحقيق دي خويه، المكتبة الجغرافية العربية، لايدن1892.

الزهري (محمد بن أبي بكر):

-كتاب الجغرافية، تحقيق محمد الحاج صاق، بيروت 1965.

سويسي(محمد):

-(( مشكلة وضع المصطلح))، مجلة اللسان العربي، الرباط مجلد 12ج (1) ص ص 9-15.

الصياد (محمد محمود):

-المعجم الجغرافي، مجمع اللغة العربية، القاهرة 1974.  الغنيم (عبد الله يوسف):

-مصادر البكري ومنهجه الجغرافي، الطبعة الثالثة، الكويت 1998.

-المخطوطات الجغرافية العربية في المكتبة البريطانية ومكتبة جامعة كامبردج، الكويت 1999.

-(( استنباط المصطلحات العربية للأشكال الأرضية))  المجلة العربية للعلوم الإنسانية، جامعة الكويت، المجلد 3، العدد 12، 1983، ص 13-36.

أبو الفداء ( عماد الدين إسماعيل):

-تقويم البلدان، تحقيق رينو ودي سلان، باريس 1848. ابن فضلان (أحمد بن فضلان بن العباس ):

-رسالة ابن فضلان، تحقيق سامي الدهان، دمشق 1959. كرانشوفسكي (أغناطيوس):

 -تاريخ الأدب الجغرافي العربي، تعريب صلاح الدين عثمان هاشم، دار الغرب الإسلامي، بيروت1987.

الكندي(عمر بن محمد بن يوسف):

-فضائل مصر، تحقيق إبراهيم أحمد العدوي، وعلى محمد عمر، القاهرة 1971.

لي سترنج:

-بلدان الخلافة الشرقية، ترجمة بشير فرنسيس وكوركيس عواد، بغداد 1954.

المقدسي (محمد بن أحمد):

- أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم، تحقيق دي خويه، المكتبة الجغرافية العربية، لايدن 1906.

المهداني (الحسن بن أحمد):

-صفة جزيرة العرب، تحقيق محمد بن علي الأكوع، بيروت 1974.

ياقوت الحموي:

-معجم البلدان، تحقيق فستنفيلد، ليبزج 1866

يوسف توني: 

-معجم المصطلحات الجغرافي، القاهرة 1964.

ملاحظة:
نشر هذا النص في الكتاب التالي:
علوم الأرض في المخطوطات الإسلامية: أعمال المؤتمر الخامس لمؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي_ 24-25 نوفمبر 1999 – النسخة العربية، مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، لندن، ص 35-74.

يرجى الملاحظة بأن بعض الصور المستخدمة في هذه المقالة المنشورة على الموقع قد لا تكون جزءًا من نسخة المقالة المنشورة ضمن الكتاب المعني.

مقالات مختارة

إقرأ المزيد

العلوم الرياضية المتعلّقة بكوكب الأرض

رشدي راشد ليس من النّادر أن يرتّب مؤلفو فهارس المخطوطـات العربية تصانيفهم وفهارسهم حسب نسق يستوحونه من النظام التعليم التقليدي المتأخر،أي أنّهم بعبارة أوضح يرتبون تصانيفهم وفهارسهم حسب نسق مدرسي مقرر. فبعد علوم القرآن يأ...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

أنظار في بعض مشكلات النص الجغرافي التراثي

إبراهيم شبّوح تمثّل نصوصُ الجغرافيا التراثية قاعدةً مهمّة للدراسات والبحوث التاريخية الحضارية والبشرية في ثقافتنا العربيّة الإسلامية، وكثيرًا ما تكون المنطلق الممكنَ لاستعادة تركيب صورة تلك المجمعات في ظل بيئتها وحيويتها...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

تاريخ الأدبيات الجغرافية في العهد العثماني

أكمل الدين إحسان أوغلي محتويات المقال:التراث الهليني الإسلاميعجائب المخلوقاتبواكير الأدبيات الحديثةالأدبيات الحديثةتقارير السفراء وكتب الرحلات يمكن اعتبار هذا البحث خلاصة لدراسة استطلاعية قام بها الكاتب في كتاب أ. إحسان ...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

النصوص الجغرافية غير المنشورة: حَصْر وتقييم

أيمن فؤاد سيِّد محتويات المقال:كتب الجغرافيا الرياضيةالمعاجم الجغرافيةكتب الجغرافيا في المغرب والأندلسكتب الخطط (الطوبوغرافيا المحلية)كتب الزياراتكتب الموسوعاتكتب الجغرافيا الإداريةكتب العجائب والغرائبأدب المرشدات البحري...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

تجربة صغيرة في نص جغرافي

إحسان عباس لم أكن أعرف كتاب (( الروض المعطار)) في صورته الكاملة، ولكني كنت قد عرفت أنه قاموس جغرافي مما استخرجه من المستشرق الفرنسي لافي بروفنصال Levi Provençal من أسماء الأماكن الأندلسية، حين قام بحقيقه وترجمته إلى الفر...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

مخطوطات الخيمياء: نموذج المدونة الجابرية

سيد نعمان الحق يعرف المؤرخون مجموعة كبيرة من الأعمال العربية التي ترجع إلى العصور الوسطى، وتنسب إلى شخصية طالما لفها الغموض، هو جابر ابن حيان. وهذه الأعمال المثيرة متناثرة في مخطوطات عديدة حول العالم، والموقف الأكاديمي ا...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

جواهر نامه نظامي

إيراج أفشار محتويات المقال:عنوان المؤلَّفالمؤلّفتاريخ المؤلفالشخصية المُهدَى إليه الكتابترتيب المخطوطات حسب اهميتهاالمحتوياتالجديد في كتاب ((جواهر نامه نظامي))أسماء الجواهر المنْحولالمراجع حسب ثبت المصادر المرفقة، ثَمَّة...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

مقالة ابن رشد حول الطعوم، أهي جزء من كتابه المفقود (( كتاب النبات))؟

ماورو زونتا لم تكن دراسة النبات كعلم قائم بذاته فرعًا من المعرفة واسع الانتشار بين مسلمي العصور الوسطى. فقد كانت غالبية الأبحاث أو الرسائل التي أُلّفت باللغة العربية خلال تلك الحقبة أقرب ما تكون إلى قوائم باسماء النباتات...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

قراءة المصطلح النباتي العربي وتحقيقه

إبراهيم بن مراد محتويات المقال:1ـ تمهيد2ـ في قراءة المصطلح النباتي3-في تحقيق المصطلح النباتي3-1 في تحقيق المصطلح النباتي المخطوط 3-2 في التحقيق الماهَويخاتمة  1ـ تمهيد: لقد مرّ علم النبات حتى أصْبَح في التراث العلمي...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

مقاصد الشريعة والإعلان العالمي لحماية البيئة

محمّد قاسم المنسي: أستاذ الفقه - كلية دار العلوم- جامعة القاهرة محتويات المقال:الفصل الأول: مدخل تمهيديالفصل الثاني: مقاصد الشريعة وصلتها بحماية البيئةالفصل الثالث: عناية الفقه الإسلامي بالبيئةالفصل الرابع: وسائل حماية ا...

مقالات متعلقة بأيام دولية
Back to Top