الخطاب الجمالي للفن الإسلامي وسياقاته المقصدية

شارك:

عَمَّارة كحلي: مدرس بـكلية الأدب العربي والفنون بجامعة عبد الحميد بن باديس مستغانم ـ جمهورية الجزائر. 

محتويات المقال:
مقدّمة
1: نحو تجديد الفهم المقاصدي في باب نوازل الجمال والفنون
2: صناعة الزينة والجمال في المصادر العربية القديمة
3: نحو رؤية جديدة للفن العربي الإسلامي
خلاصة الدراسة
التوصيات
المراجع
الدوريات

مقدّمة:

مسجد شكرين هو مسجد في اسطنبول بتركيا.

تشتغلُ هذه الدراسة في ما يسمى «الخطاب الجمالي للفن الإسلامي»؛ من خلال تأمّلات بعض المفكرين الذين اشتغلوا حول مفهوم «الفن الإسلامي». وهي نصوصٌ انكبت على عدد من المدوّنات التراثية التي تُصنف في حقل الفنون الإسلامية، من قبيل كتاب: جماليات الرؤية - تأمّلات في الفضاءات البصرية للفن العربي للكاتب راتب مزيد الغوثاني. وكتاب: الفن الإسلامي في المصادر العربية: صناعة الزينة والجمال، للكاتب شربل داغر (المركز الثقافي العربي/دار الآثار الإسلامية، 1999). وكتاب: أصول في جماليات الفنون الإسلامية، للكاتب محمّد إقبال العروي (مركز الكويت للفنون الإسلامية، 2012).

وإذ نتوقفُ عند هذه العيّنة من النصوص، فذلك لاعتقادنا أنها التفتت إلى الفن الإسلامي برؤية منهجية مختلفة، عن الأبجديات الكلاسيكية المتعارف عليها لمصطلح الفن الإسلامي، وحاولت أن تُضيف أفقاً جمالياً خصبًا للخطاب الجمالي الإسلامي.

وتتمثلُ مُسوِّغات اهتمامنا بهذه النصوص، في كونها قد أولت عناية كبيرة للمسائل الجمالية المتصلة بالحياة العملية في الثقافة العربية الإسلامية. فقد تناول الكاتب شربل داغر تدوينَ الفنون والصنائع في المصادر العربية، وصلة هذه الفنون والصنائع بالحياة العامة للمسلمين. واهتمَّ الكاتب راتب مزيد الغوثاني بالأثر الجمالي المتبادَل ما بين الذوق الجمالي والواقع الجغرافي والبيئي، وذلك من خلال إبراز الحاجة الجمالية للتصوير في المجتمعات، على نحو ما تُقدّمه منمنمات الواسطي لمقامات الحريري، ومستوى الإبداع الفني الذي أدركه الفنان المسلم في القرن الثالث عشر ميلادي. كما التفت الكاتب محمّد إقبال العروي إلى الجانب المقصدي للجمال والفنون وأثر ذلك على البنية النّفسية والسّلوكية في توجيه التربية الفنيّة والذّوقية.

وفي ضوء هذا التصوّر الجمالي المختلف للفن الإسلامي؛ الذي يتعاطى مع الظاهرة الجمالية في ارتباطاتها بالمنظومة القِيَمية والأخلاقية ضمن الحياة العملية للمسلمين، تسعى هذه الورقة البحثية إلى إبراز المناحي البصرية والجمالية التي ظلت غفلاً من الاهتمام الجاد في الدراسات النّقدية والفنية. وهو ما ترتب عنه - في مستوى من المستويات- محاكاة النظرة الاستشراقية للفن، وتبعية الفن الإسلامي لمعايير التصنيفات الغربية للفنون.

إنّ مقاربةً من هذا السّمت، تهدف إلى تأصيل المحتوى المعرفي والجمالي لمدوّناتنا التراثية ذات الصلة بالفن الإسلامي، حتى تتضح السياقات المقصدية للجمال الإسلامي، بعيدًا عن التفكير غير العلمي الذي حاصر حقل الفنون الإسلامية. في محاولة تهدف إلى إثبات أنّ الفن قد أضحى ضرورة مقصدية في حياة المسلم، ولم يعد من الكماليات التي يمكن الاستغناء عنها؛ من قبيل فنون الرسم والتصوير والموسيقى والخط والتصميم بمختلف أنواعه. وذلك من أجل تأصيل التذوق الفني سلوكًا جماليًا في حياة المسلم ومحيطِه الاجتماعي والثقافي.

من الدراسات السابقة في الموضوع، يمكن أن نذكر كتاب: الفن في الفكر الإسلامي رؤية معرفية ومنهجية (طبعة سنة 2013) لمجموعة من الباحثين ؛ وهو مرجعٌ اشتغل على المحاور الآتية: الفن الإسلامي: المصطلح والمفهوم، الفن الإسلامي: نظرة فقهية مقاصدية، فنون العمارة الإسلامية، الفن الإسلامي: معالجات فكرية، نماذج من تطبيقات الفن الإسلامي. وكتاب: التجربة الجمالية للفن الإسلامي بالجزائر (طبعة سنة: 2014)، لمجموعة من الباحثين، تحت إشراف الأستاذ الدكتور حميد حمادي؛ واشتغل هذا المرجع على محاور: السّماع والتجربة الفنية للتصوف. والتصوف الجزائري وخصوصيته الفنية. والفن الإسلامي والتجربة الجمالية للعمارة. وفن العمارة الإسلامية بالجزائر. وجمالية التصوير في الفن الإسلامي والتجربة الجزائرية. والهوية وعلاقتها باللغة والفن في الجزائر. وتجربة الفن الإسلامي والمنطلقات الفقهية. ويتقاطعُ المرجعان في كونهما يقدمان الجانب الاصطلاحي والمعرفي المتعارف عليه في الفن الإسلامي. والفارق بين هذه الدراسة والمرجعيْن المذكوريْن، أنّ اهتمامنا يتأسسُ في توثيق معطياته على قراءة السياقات المقصدية للفن الإسلامي، بناءً على نصوص معاصرة لها تأمّلاتها المختلفة حول هذا الحقل معرفيًا ومنهجيًا وجماليًا.

وانطلاقًا من هذا الاعتبار، تطرح الدراسة الإشكالية على النحو الآتي: ما الفلسفة الإسلامية للجماليات؟ وما الإضافات النوعية التي تقدمها هذه النصوص لحقل الفن الإسلامي؟ وكيف ندرك الجانب المعرفي والإجرائي لطبيعة الفن الإسلامي؟ وكيف نتمثل الفن سلوكًا جمالياً في حياتنا اليومية وفي علاقتنا مع الله والآخرين؟ نعتقد أنّ تساؤلات من هذا القبيل، هي من صميم الإشكال المعرفي الذي تسعى هذه الورقة البحثية قراءته بأدوات منهجية تستفيد من مفاهيم المنهج التأويلي في تحليل الخطاب الجمالي الإسلامي.

1: نحو تجديد الفهم المقاصدي في باب نوازل الجمال والفنون:

يهتمُ الكاتبُ محمد إقبال عروي بطرح عدد من الإشكالات المنهجية المتصلة بالرؤية الفقهية للفنون الإسلامية؛ في محاولة منه تسعى إلى إيضاح الأسباب والبواعث الكامنة وراء تراجع «النمو الإيجابي للجماليات»1. وقد جاء التركيز على مقاصد الجمال في الفنون الإسلامية، كونها قد بقيت على الهامش من البحوث الفقهية، ذلك أن «البحث الفقهي المعاصر في موضوع الفنون لم يتجاوز الإطار النفسي والمنهجي للنظر الفقهي المواكب لأوضاع وأحوال ونفسيات ماضية، وأعراف المجتمعات التي واكبته وواكبها، فجاء تحليله مستصحباً للأفق الذي استقر عليه الفقه قديما من التشدد في حدود الإباحة»2. وهو ما انجرَّ عنه تبعات وخيمة على التلقي الفني والإدراك الجمالي لكل ما يتصل بالفن بشكل عام.

وانطلاقًا من هذه الرؤية، يوجه الكاتب النظر إلى موضوعات ذات صلة بالفهم المقاصدي ينبغي أن تُراجع سياقاتها التاريخية وتصبح أولوية الأولويات، على اعتبار أهميتها وضرورتها الملحة في حياة المسلم. وبالإمكان أن نوجز بعض هذه الموضوعات في الآتي:

إشكال فهم موقف الإسلام من القيم الجمالية والفنية3.

التمثل الجمالي القرآني في مناشط حياة الناس الذوقية والجمالية4.

الحرية الفنية مدخل إلى التعامل مع الجمال5.

تجديد الوعي وتجديد الممارسة التنظيرية والنقدية على حد سواء6.

تعديل رؤيوي ومنهجي في الشأن الفني والجمالي، من حيث إن الحسم في المباح وغير المباح من الفنون والآداب غير متعلق بالعلماء والفقهاء فقط7.

فهم التجربة الجمالية والفنية وإدراك خصائصها، وفق «الاستحسان» و«المصالح المرسلة» في باب «نوازل» الجمال والفنون و«أقضيتهما»8.

انفتاح البحث العلمي الحضاري في موضوع الفنون والجماليات في الرؤية القرآنية على خطاب الفلاسفة وغربلة عطاءاتهم في الموضوع9.

مقصدية تنزيل التمثل الجمالي القرآني10.

الجمالية في الإسلام وسيلة وغاية11.

قاعدة تجميل الأخلاق وتخليق الجمال12.

إعمال الطبيعة باعتبارها مجالا للتأمّل الفني والجمالي13.

إنّ المتأمِّل في هذه الموضوعات وفي خلفياتها الفكرية، يمكنه أن يُلاحظ مدى استفادة الكاتب من الرؤية المنهجية القائمة على فقه المقاصد أو علم المقاصد، في التأسيس المعرفي للأفكار، وفي بناء العلل والأسباب. وهي رؤية منطقية استفادت كثيراً من الروح العلمية التي ميّزت أصول المادة العلمية لفقه المقاصد تحديدًا. هذا من جهة، أما من حيث المقاربة الإجرائية (المقاصدية) لموضوع الفنون والجماليات، فيمكن ملاحظة حُسن تخريج التأمّلات الجمالية من الأصول المعرفية الإسلامية (القرآن والسّنة)، وتحليل أوضاعها الزمنية عند نشأتها وآراء المجتهدين القدماء فيها، واستمرار حكم هذه الآراء رغم تغيّر الظروف والمصالح المرجوة في حياة المسلم المعاصرة، ومن ذلك استمرار «الشبهة» القرينة بالفنون وهي: الفساد والمجون واللّهو، في الخطاب الفقهي المتشدد إلى يومنا هذا.

وفي هذا السّياق، نجدُ فيما بين صفحات الكتاب وعياً عميقا بأهمية الفنون في «تنمية الإحساس الجمالي»14، من باب أن «العقل المسلم محتاجٌ اليوم إلى من يهيئه إلى تلقي الإشارات الجمالية في القرآن الكريم بنفس إرادة التلقي من أجل تنزيل أحكام العقيدة والشريعة على تصورات الناس وسلوكياتهم»15. وفي ذلك أفق خصب في التوازن بين ما هو مُكوِّن عَقَدي ومُكوِّن جمالي لا ينفصل أثر الواحد عن الآخر في تحقيق الغاية المنشودة من وجود الإنسان. وهو تفكيرٌ يجد سِنداً له في روح «المقاصد بالمعاني»، على اعتبار أنّ تأويل المقصد له ما يسنده من الحكمة التي تبرر ضرورة وجوده في حياة المسلم.

ومنه، يكون الجانب المقصدي في باب الفنون «ضرورة» يستدعيها الشّرط الزّمني المختلف في مُتطلباته وظروفه وأحوال معيشته، عمّا كان موجوداً سابقاً. وهو ما يمكن أن نجنيه من «استثمار الفن في توسيع مجالات العبادة والصلاح، بل وجعل الفنون شعبة من شعب الإيمان»16. ولأجل ذلك، يأتي مفهوم «النوازل»17 قرينةً على ضرورة الاجتهاد في واقعة مستجدة تستدعي الحكم أو الفتوى: والفنون من هذه الوقائع المستجدة في أشكالها وطرائق تصميماتها التي دخلت المجال الوظيفي للحياة الاجتماعية الحديثة والمعاصرة - هذا لا يعني أن الفنون ابتكار حديث ومعاصر، بدليل وجود أنواع منها قبل مجيء الإسلام، وفي الحقبِ الحضارية اللاحقة له مثل: فنون الرسم والنحت والخط والزّخرفة والعمارة الإسلامية والموسيقى، غير أنّ بعضها لازمها التحريم بدرجات متفاوتة لفترات زمنية طويلة. ثمّ استُحدثت أشكالٌ أخرى من الفنون لم تكن موجودة سابقًا، ولم تعرف حتى الآن موقف الشارع منها، وهو ما يستوجب ضرورة البت فيها بشكل حاسم في نظر الباحث.

إنّ مقصدية تنزيل التمثل الجمالي القرآني نراه وجها مستخلصًا من آليات المنهج المقاصدي، التي تعتني بالتوسع في مجالات محددة قصدَ استيفاءِ المقصود الشّرعي من التكليفِ. ويأتي التمثلُ الجمالي القرآني في هذا الباب تنزيلاً، على اعتبار الأسرار الكامنة في لغة الخطاب القرآني التي ينبغي تمثل جمالها عند تلقيها من قبل المسلم: وهو إدراك جمالي ينبغي أن يستحضره في ذهنه ومُخيلته، فينقلب سلوكًا يستوجب التذوق على نحو خاص، يستكمل بحصوله مقصديته المكنونة في لغة الخطاب القرآني.

ولقد أورد الكاتب نموذجيْن18 من التفاسير التي تمر خلالها الإشارات الجمالية غفلاً من التفسير، وهو ما يُسميه «بهنة الانفصال المعرفي والوجداني الذي وقع فيه العقل المسلم بين يدي تفسيره للإشارات الجمالية في القرآن الكريم، وتغليبه البحث في موضوعات الاستدلال؛ مما له تعلق بالعقيدة والشريعة، وإهماله البحث في أدلة الاستدلال وحججه»19. وذلك تعقيباً على تفسير الآيات الكريمة من سورة النّحل: ﴿وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ (5) وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (6) وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (7) وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ (8)﴾ [سورة النحل: 5-8].

نعتقد أنّ صياغة الأصول وفق القيم الجمالية والفنية المستمدة من القرآن الكريم والسّنة النّبوية، هو التفات لطيف للأبعاد الجمالية الواردة ضمن السّياقات القرآنية التي تدعو إلى التفكر في خلق الله ومخلوقاته من إنسان وحيوان ونبات وطبيعة، على نحو مفصل أو عام على حد سواء. وهذه الإشارات الجمالية المتضمنة في هذه السّياقات لا ينبغي إغفالها عند التدبر في الآيات الكريمة، كونها غير منفصلة عن المجال التشريعي وحكمته وغاياته في التوازن ما بين «مقصدية المنافع المادية (الدفء، الأكل، حمل الأثقال...) ومقصدية المنافع الجمالية (جمال، زينة)»20. وهو الأمر الذي يتحرى الكاتب التأكيد عليه في أكثر من موضع من كتابه.

ومنه، يكونُ استحداثُ بابٍ في «نوازل الجمال والفنون» - على غرار ما استُحدث من قضايا فرضتها الضرورة المعيشية لحياة المسلم المعاصرة «أولويةَ الأولوياتِ؛ ينبغي أن يوليها الفقهاء والعلماء والمتخصصون في الفنون، كلَّ العناية والاهتمام من أجل تجديد الوعي الجمالي والمناحي التذوقية لكل ما يُحيط بالمسلم من الداخل أو الخارج، فتتسع بذلك المَدارِكُ الجمالية، وتتعمّق صلته بنفسه وبخالقه وبالكون وما سُخر من أجله، بغاية العبادة والاعتبار وحب الجمال في كل الموجودات، عملاً بالمأثور من الحديث «إنّ الله جميل يُحب الجمال»21.

2: صناعة الزينة والجمال في المصادر العربية القديمة:

يتحرّى الكاتبُ شربل داغر المصادرَ العربية القديمة التي تناولت في متونها الصناعات والصُّناع. وقدم دراسةً تعتني «بتاريخ الفن الإسلامي، والوقوف على جماليته خصوصًا»22؛ وذلك من خلال كتاب الموشي (القرن العاشر الميلادي/القرن الرابع الهجري)، ومخطوط البوزجاني «فيما يحتاج إليه الصانع من أعمال الهندسة»، في القرن نفسه. فضلاً عن كتابات الجاحظ وابن الهيثم والتوحيدي والجرجاني، في باب «الحسن»، وكذا رسائل إخوان الصفاء وخلان الوفاء في نظرتهم إلى «صناعة الزينة والجمال». ويرجعُ الكاتبُ إلى «الصناعة»، لكونها ميدان الفنون ومجالاته بما هو متعارف عليه اليوم في الفن.

ينطلقُ الكاتبُ من «تصنيف الصناعات»، بحسب ما ورد في المعاجم اللغوية القديمة، أو كتبِ التاريخ القديم، في محاولةٍ للبحث عن أخبار «الصناعات» والمصنوعات وتصنيفاتها وفق تاريخها الاجتماعي. وتأتي دراسة «الأصناف المفردة» على اعتبار المتواتر من المصنوعات، من قبيل: «أسواق المهن»، اعتماداً على ما قدّمه في عشرينيات القرن العشرين المستشرق الفرنسي لويس ماسينيون في درس «أهل المهن والمدينة الإسلامية»؛ و«محاسن الأمم في الصناعات» نقلاً عن رسائل الجاحظ؛ و«الصناعات في الحسبة» كما ورد ذكرها ومراتبها عند ابن خلدون، والشيرازي، وابن الأخوة.

هذا، ويلتفتُ الكاتبُ في سياق هذا التصنيف، إلى «تنظيم الصناَّع» وظاهرة إهمال التوقيع عند الصانع المسلم باستثناء فن الشعر، «فيما افتقرت الفنون الأخرى، مثل العمارة والنحت والتصوير وصناعات الزينة، لمثل هذه المواد الإخبارية المنسقة والمصنفة»23. كما يُلاحظ الكاتب في «تجمعات الصناع» أنّ «تأريخ هذه التجمعات وطرق عملها والأفكار والدعوات التي تحكمت بخياراتها، تبقى قيد التجاذب والتحقق التاريخيين، إلا في العهود العثمانية التي نمتلك عنها معلومات شديدة التفاصيل والغنى، بالإضافة إلى »دساتير« (أي كتابات ترصد أحوال التنظيم الداخلي لمثل هذه التجمعات وطقوسها الخاصة) عديدة عنها»24. وهو ما يُفضي إلى اختلاف تراتبية التصنيف في الثقافة العربية، استنادًا إلى كتابات: الجاحظ، والفارابي، والغزالي، واليعقوبي، وابن خلدون.

إنّ ما يستخلصه الكاتب من مبحث تصنيف الصناعات، هو وجود «منظومة متمايزة من الصناعات والعلوم والصفات»25 في المُدوّنات القديمة، ترتب عنها انفصالُ «الجمال الماورائي» عن «الجمال الفني»، نتيجة مقتضيات العقيدة. وقد تجلى ذلك في كتابات الفلاسفة والمفكرين المسلمين، من خلال وجود تفاضل بين صناعة وأخرى، حيث بقيت «الصناعات اليدوية» التي يتجسّد فيها الجمال الفني، أقلَّ شأنًا من الصناعات الفكرية، على اعتبار صفتها الدنيوية، وارتباطها بالمعيش اليومي.

وبغرض معرفة ما «يتصل باستخدامات أو توظيفات بعض العلوم - خصوصًا الحسابية والهندسية - في النتاجات الفنية البصرية، ومنها بناء العمائر في المقام الأول وزخرفتها»26، ونتيجة أنه: «لا نجد في ما نُشر وعرف من المصادر شيئا عن «الزّخرفة»، على الرغم من كونها خصيصة الفن الإسلامي الأولى في تمايزها عن غيرها من الفنون»27، يجدُ الكاتبُ شربل داغر في مخطوط البوزجاني المهندس: «فيما يحتاج إليه الصانع من أعمال الهندسة» (ت 387هـ/997م؟)، مصدرًا نادراً وغنياً عن الهندسة العملية أو «الزّخرفة المعمارية»28 الموجهة إلى الصُناع تحديدًا.

يوضح الكاتبُ في شرحه هذا المخطوطَ: «أنّ إقدام البوزجاني على إظهار توليدات الأشكال، المربعة أو الدائرية، وما ينتج عنها من أشكال متساوية أو غير متساوية فيها، هو السعيُ الممكن تبيانه في الزّخرفة الهندسية الإسلامية. فالمربع، كما نعلم، هو في أساس الأشكال المتعددة الأضلاع الأكثر استعمالاً، التي ترد غالبًا في صور تربيعية مضاعفة. كما أنّ الدائرة قابلة لتوليدات المثلث والأشكال المنجّمة بدورها، كذلك فإنّ الدائرة قابلة لأن تتضمن مربعاً، أو أكثر، في مساحتها، مثلما المربع قابل لأن يتضمن دائرة أو أكثر. وهو ما يسميه البعض بـ «تربيع الدائرة» وبـ «تدوير المربع»29. وفي هذا التمثيل الهندسي ما يضيءُ صلة الهندسة بالزّخرفة في الفن الإسلامي،

إذ «لا مجال لتوليد الأشكال الزّخرفية من دون طرق هندسية مصاحبة لها، محسوبة ومضبوطة بالمسطرة والبركار والكونيا وغيرها»30.

ويخلصُ الكاتب إلى ملحوظةٍ لطيفة تتصل بالجانب الإبداعي في الزّخرفة، على اعتبار الإضافة التي أنجزت في هذا الفن، بالمقارنة مع منجزات الحضارات السابقة التي تأثر بها الفن الإسلامي: حيث «إذا كان الصناَّع الأوائل أخذوا في مجال الزّخرفة من الفنون السابقة عليهم، فإنّ تجديداتهم اللاحقة ما كان لها أن تتخذ هذا المنحى الهندسي المتسق والمركب إلا بعد التوصلات الهندسية التي انتهى إلى ابتكارها المهندسون الإسلاميون بأثر مما خلص العلماء الإسلاميون إلى صياغته واقتراحه بعد اتصالهم بالإغريق وبلاد الهند وفارس»31. وهو ما يجعل من الزّخرفة حقلا هندسيًا، له أصوله المعرفية والفنية في مجال التطبيقات الحسابية على وجه الخصوص

ويعتقد الكاتبُ أنّ «ما يصح في نشأة «التفلسف الإسلامي»، تكوينًا وسبيلاً، يصح في نشأة هذه الزّخرفة الهندسية؛ كما نجد أن التوليف الابتكاري بين «العقل» و«الشرع» تحقق بدوره بين «الهندسة» و«تحريم الصورة العبادية» في الفن الإسلامي»32. وتكمنُ مُسوِّغات هذا الرّأي في وجود «الخوف»و«الريبة» من العلوم البرهانية من قبل بعض الفقهاء، نتيجة «التداخل والتبادل في المفاهيم»33 بين الجانب العقدي والجانب العلمي. ويستندُ الكاتب في ذلك إلى مجال الرؤية البصرية في كتاب القزويني وكتابات ابن الهيثم، فضلا عن رأي الغزالي في العلوم الرياضية.

ومن المصادر العربية التي يخصها الكاتب شربل داغر بالدراسة، كتاب الموشى، أو الظرف والظرفاء لأبي الطيب محمد بن إسحاق بن يحي الوشاء (ت 325هـ/937م)؛ ومن محتويات الكتاب (بقسميْه الأول والثاني)، نجد حديثًا عن «الظرفاء» وأركان الظرف وخصاله، وما يستحسنه الظرفاء من الألبسة والعطور، ومذاهبهم في المأكل والشراب والسواك. ويُفيد الكِتابُ في التعرف على مواقع إنتاج الصناعات «المستحسنة»34، وعلى أنواع اللباس المطلوب لجودته35، وعلى فنون كتاباتهم. وينتهي الكاتب إلى أنّ «الكتاب ينعم بمادة واسعة تتصل بمقتنيات الظرفاء وسلوكاتهم»36. وهو مجال يُحيل على أنواع من الفنون من قبيل تصميم الملابس والحُلي والمجوهرات، ويشير إلى أنها ربما كانت منتشرة في تلك الحقبة التاريخية من الحضارة الإسلامية.

هذا، ونجد الكاتب يتأمّلُ عدداً من «القراءات» ذات صلة «بالنثر الفني»، تُقارب بين فن النثر وفنون الوشي والنّقش والتصوير، وهو ما يمكن أن يكون شذراتٍ في النّقد الفني، سواء في نظم الجرجاني: دلائل الإعجاز وأسرار البلاغة، أو في رسالة علم الكتابة لأبي حيّان التوحيدي، أو في كتاب تنقيح المناظر لذوي الأبصار والبصائر لابن الهيثم، أو كتاب تحقيق أمر المناظر لكمال الدين أبي الحسن الفارسي.

ومن المصادر العربية القديمة التي حرص الكاتب شربل داغر على تحليل محتوياتها، نذكر رسائل إخوان الصفاء وخلان الوفاء، كونها «توفر، أكثر من غيرها من الكتابات الإسلامية القديمة، نسقًا بينًا ومتتابعًا، نتمكن بواسطته من النظر إلى مفهومات الجمال وتصوراته، بدل «النتف» المتنوعة من هذا الكتاب أو ذاك»37.

تصدُرُ صناعة الزينة والجمال عند هذه الجماعة عن تقسيم الإنسان إلى جوهريْن: روحاني وجسماني. وبمقتضى ذلك يتحدث «الإخوان» عن نوعيْن من الصناعات: روحاني وجسماني، و«الروحاني هو الموضوع في الصناعة العلمية»، و«الجسماني هو الموضوع في الصناعة العملية»38. ومفهوم «الصناعة العملية» هنا ينتمي إلى «علم الحرف والصنائع»، وهو من جنس «المصنوعات البشرية»، ويكون «الحذق» هو وجه التفاضل الذي تفوز به الصناعات عن غيرها، ويبلغ الحذقُ هذا مبالغ عالية، لنا أن نراها في قلّة المواد التي تحتاجها أحيانًا، أو في تعويلها على هيولى غير مادية مثل الموسيقى، أو في القدرة على الصنع والمحاكاة39.

وتقعُ الموسيقى في أعلى الصناعات بسبب تأثيراتها الروحانية، أما صناعة الزينة والجمال فهي تختلف عن الصناعات «النافعة» و«الضرورية»؛ لكونها «مصنوعات نفيسة ومتصلة بتحسين الهيئة المظهرية والتأنق الشخصي»40؛ «كصناعة الديباج والحرير وصناعة العطر وما شاكلها». ويستخلص الكاتب أنّ «الصناعة «تقرب» إلى الله، ومن الحُسن، في أحد وجوهها، بالإضافة إلى كونها تحقق المعيشة فوق الأرض، وتوفر للإنسان زينة وجمالاً ما، لبدنه ولمصنوعاته، ولبعضها أكثر من غيرها، كما تجلب لحواسه كلها مشاعر من الإعجاب والدهشة. كما أن وقوف الصناع على أحوال المصنوعات تمكنهم من التعرف على صنائع الله»41. ومن المُفيد في هذا السياق، التفات «الرسائل» إلى مراتب الحُسْن (المُرادف «للجمال» و«الزينة») على نحو يتعالقُ فيه العُلوي، وهو «عالم الجواهر الروحية»، بالسّفلي وهو «الدّنيوي»؛ بحيث يحتاج هذا الحُسن إلى الحذق وقوّة المُخيِّلة، حتى يُدرِك صورة الكون الذي أبدعه الله، فيتحققُ بذلك، حُسن إدراك الجمال لصنائع الله، لأنّ الوصول إلى هذا الإدراك، بمثابة التقرّب إلى الخالق في أقصى حدود الجمال.

في خاتمة الكتاب، يسوق الكاتب عدداً من المُستخلصات المستمدة من معطيات توثيقية مرجعية تخص مصادر الفن الإسلامي. ولأهمية هذه المستخلصات، نثبت بعضها بغرض تدعيم الرؤية البحثية لهذه الدراسة:

إنّ معرفتنا الحالية بـ«الفن الإسلامي»، على عوراتها ونواقصها، مشدودة النسب والتكوين إلى متن الدراسات الأجنبيّة، سواء في تاريخها أو في تعليلها42.

إنّ ما تعرضه كتب «الفن الإسلامي»، سواء في تبويبها التاريخي للعهود والأساليب، أو في تفسير فني وجمالي له، لا يستند إلى تاريخ تبويبي، ولا إلى تفسير فني وجمالي مستقييْن من الثقافة التي تحدد بها هذا الفن43.

الخطأ التكويني الذي قامت عليه دراسات «الفن الإسلامي» الغربية، وهو أنها تعاملت مع مواد هذا الفن وفق منظور «القطعة الفنية»44.

نعتقد أنّ مثل هذه المستخلصات لها وجاهتها العلمية في البحث والتوثيق المنهجييْن، كونها تصدرُ عن باحث له مكانته المرجعية في حقل الجماليات والفن الإسلامي والفنون بشكل عام45. وهو ما يطرح إشكالات منهجية لدى الباحثين في الفن الإسلامي، لعلّ أبرزها يتمثل في «المسألة التصنيفية»46 لمواد الفن الإسلامي من الناحيتيْن المادية والعلمية من جهة، ومن الناحية التاريخية من جهة أخرى. ولقد أوضح الكاتب في غير موضع من كتابه، مشكلة انفصال الدراسة لمقتنيات الفن الإسلامي ومواده عن الثقافة التي نشأ فيها، ومعاملته بمصطلحات الثقافة الغربية وتصنيفاتها تحديدًا.

3: نحو رؤية جديدة للفن العربي الإسلامي:

يتناول الكاتب راتب مزيد الغوثاني عددًا من الموضوعات الفنية والجمالية المتصلة بالتذوق الفني والجمالي. ويهتم أكثر بالتأثير الموجود بين الذوق الجمالي والواقع الجغرافي والبيئي، حيث يرى أنّ هنالك "جماليات فرعية متعددة وثقافات جمالية متعددة في إطار الثقافة والجمالية الواحدة، وذلك بمعيار تعدد الجماعات الفرعية في المحيط البيئي الواحد47. وهذا التعدد ينعكس بالإيجاب على أنماط السلوك الثقافي لدى الأفراد، بحيث يكون حافزًا على استثمار المعطى البيئي لديهم في الممارسات الثقافية والجمالية المحلية. وتمثلُ الفنون الشعبية في خضم هذه «المعايشة الجمالية»، مجالاً لابتكار الحاجات الجمالية المتلائمة مع المحيط البيئي (يظهر ذلك في الألبسة، والقلائد، والحُلي، والأفرشة، والمصنوعات اليدوية الفنية، والأساطير،). وهو جانبٌ يقتربُ من التفكير المقاصدي الذي يُحسنُ استغلال الواقعة بأسبابها وغاياتها.                 

وفي ضوء هذه الرؤية الذّوقية والجمالية، يتأمّل الكاتب الفضاءات البصرية للفن العربي بشقيْها القديم والمعاصر على حد سواء48؛ حيث يتوقف الكاتب عند «واقعية الفن العربي» من خلال ما أنجزه الفنان محمّد بن يحي الواسطي49 (القرن السابع الهجري/القرن الثالث عشر ميلادي)، الذي  قدّم الواقع «بلغة تشكيلية خاصة، لها مقوّماتها الفنية الجديدة بالنسبة للإرث اليوناني والروماني والبيزنطي»50. ويلتفتُ الكاتب إلى المعطيات الاجتماعية من الحياة اليومية التي تناولتها منمنمات الواسطي، وكذا مُكوِّناتها التشكيلية من تقنية وخط ولون وشكل، وكيف أن التصوير عند هذا الفنان «يتسم بالتركيز على العناصر الإنسانية الأساسية للموضوع، دون إضافاتٍ أو إشارات إلى المكان والزمان؛ ولذلك برزت الفعاليات التعبيرية لهذه الرسوم في الوجوه وحركة الأيدي والألوان. لكن ثمة رسوم تكشف عن محاولة للإحاطة بالموضوع من جوانبه المختلفة»51. هذا، وقد حقق الواسطي ما يسميه الكاتب «بالحرية الإبداعية»، كون الفنان «لم يتقيّد تماما بالنص ونقله بحرفية؛ كما في نماذج الفن اليونانية والرومانية. وهذا ما يدفعنا للاعتراف بأن رسوم الكتب العربية - عند الواسطي أو غيره - لا يمكن أن تعد رسومًا توضيحية بل هي أعمال فنية متكاملة»52.

إنّ التميّزَ الحاصلَ في هذه الأعمال الفنية مرجعُه مستوى النضج الفني الذي وصلت إليه مدرسة بغداد في عهد الواسطي، فضلا عن كون «فن الواسطي محصلةً للفنون السابقة للإسلام وتوجيه لها»53، من حيث إنّ التوجه نحو الوحدانية قد أحدث تغيّراً على مستوى المضامين الفنية، ولا سيما في فنون الخط والكتابة والزّخرفة.

وقد «عبر الواسطي عن هذه الفلسفة في الحركة»54؛ يتعلقُ الأمرُ هنا بالحركة الجدلية بين لونيْن وأثر تداخل اللون في اللون الآخر على مستوى تشكيل اللوحة، ويسوق الكاتبُ لوحةَ قافلة الجمال تمثيلاً لذلك؛ إذ جسّد فيها الواسطي «الإضاءة الداخلية المنبثقة من داخل الأشكال. وأضاف إليها حركة خارجية تتجلى في تشابك الرؤوس والأرجل وتداخلها بجدلية. وساعدت حركة الرؤوس وتبدلها على إعطاء المشهد حيوية»55. ولعلّ مستويات التداخل الناشئة عن تركيب الخامات اللونية وتكويناتها الخطية والهندسية، إنما تجد لها امتداداً تشكيليًا في الزّخرفة العربية، من خلال «ما تقدمه من صيغ للتعبير الجدلي بين عالم الحس وعالم المطلق. فهي تسعى للتأكيد على المطلق عن طريق فلسفة التكرار لشكل حسي ونسبي وتصل عبر ذلك إلى علاقات هندسية محيرة بتداخلها»56.

إنّ الانتهاء إلى المطلقِ هو «إدراك للجمال بمعناه الحقيقي كمثل أعلى هندسي عقلاني تصل إليه بصياغة ما هو حسي وتنظيمه»57. وهو ما أدركته الفنون الإسلامية حسيًا وجماليًا من خلال تجسيدها لمفهوم التوحيد في نظر الكاتب، عبر محاولات «إيجاد حركة وصل بين المتناهي واللامتناهي، بين العميق والقريب، بين الظاهر من السكون والحركة الباطنة العميقة...أو في البحث عن الصيغ التي تمزج بين عنصريْن وشكليْن في تشكيل واحد»58.

وفي فصل آخر للكاتب عن الواسطي، يؤكد على مكانته وتجربته الفنيتيْن في عصره (القرن 13م)، ويخوض في آراء المستشرق بابا دي بولو  Alexandre Papadopoulo القائلة «بانفصال الشكل عن المضمون في الأدب كله»59. ويرى الكاتب أنّ تعميم هذا الحكم غير صائب، وإنْ كان يصدق على فن المقامة التي ظهرت بعد مقامات الحريري (1054م-1121م)، واتسم العصر فيها بالانحطاط. وذلك على اعتبار ما عرفته مقامات الحريري من صيت وانتشار واسعين جعل الفنانين «يرغبون في رسم هذه المقامات، حتى أنه وصلت إلينا عشر نسخ مرسومة لما احتوته من صور معبرة»60. وهو ما يؤكد- بشكل ما- المكانة المرجعية والتاريخية لهذه المقامات في عصرها.

وفي المقابل، يجد الكاتب رأي بابا دي بولو غير مقنع بشأن انفصالِ الشكل عن المضمون في تصوير المنمنمات عند الواسطي، ويستشهدُ بلوحاته: المقامة الصعدية (السابعة والثلاثين)، ولوحة العيد، ولوحة قافلة الجمال، ولوحة الحج، التي تنعم بالترابط بين المضمون والشكل، في مختلف التكوينات اللونية والتعبيرية. غير أنّ «التطور التاريخي لفن رسم المنمنمات والمخطوطات قد اتجه بعد الواسطي وجهة شكلية بعيدة عن الواقع (نحو نوع من الركوكو61»،62 وهو ما يُقرُّ به الكاتب ويراه صائباً في حكم النّاقد بابا دي بولو. كما أنّ ابتعاد الفنان المسلم عن مبدأ المحاكاة (محاكاة الطبيعة)، مُستبعِدًا البُعْد الثالث (العمق)، وكذا الخداع البصري، جعله يُبدع رسوماته من دون منظور، ومن دون أن يتقيّد بالقواعد الغربية التي كانت سائدة عند الإغريق من ظل وكتلة وفراغ، «وما لجوء الفنان العربي إلى تقديم فراغ شاقولي بدل الفراغ الأفقي إلا لكي يتمكن من تقديم الشخصيات فوق بعضها البعض في مخطط من أسفل العمل حتى أعلاه، وإعطائها بنية ذاتية (الحلزون الشاقولي، أو البعد اللولبي)»63.

لقد أفاد الفن الغربي الحديث من منجزات الفن الإسلامي، وبالأخص في تجريدياته وزخرفته. ومن المنجزات الفنية الشاهدة على ذلك، ما يندرجُ ضمن الاستشراق الفني من خلال أعمال الفنان هنري ماتيس (1869-1954) والفنان بول كلي (1879-1940)، والفنان كاندينسكي (1866-1944) وغيرهم كثير. ذلك أنّ «الفنان المسلم طوّع وبتقنية عالية العمل الإبداعي والزّخرفي لقواعد فلسفية وفكرية وحضارية خاصة به»64؛ ممّا يُفسر الخصوصية التي استلهمها من واقعه الفكري والحضاري في منجزاته الفنية بشكل عام. ويبرز في هذا الصدد فن الخط والمعمار العربي الإسلامي وفن المنمنمات.

ويجدر الالتفات هنا إلى عددٍ من الملاحظات التي جاءت في ثنايا فصول هذا الكتاب، ولعلّ أبرزها ما يتعلق «بمشكلة إهمال تراثنا وخاصة البصري منه والفني»65، وهي مشكلة تنتبه إلى غياب آليات القراءة النّقدية لمدوّناتنا التراثية البصرية والفنية، التي تُحصي بشكل علمي دقيق فهرسة المواد الفنية وتصنيفها ونقدها. وهذه المشكلة نجد لها امتدادات في المنجزات الفنية العربية المعاصرة أيضًا، كونها غير متابعة نقديًا وجماليًا؛ ولأجل ذلك، «أمام الفكر العربي مهام أساسية تتعلق بمواكبة تطور الحساسية العربية ومدى نمو قدراتها على إدراك واستيعاب تغييرات الحداثة الجمالية»66. إذ في نظر الكاتب، «تقع علينا مسؤولية تصحيح المفاهيم المغلوطة في الذهن العالمي عن فننا ولساننا وأرضنا ووجودنا»67. وهنا تكمنُ الخطوات العلمية الحقيقية التي من الواجب أن يتحمّلها الفنانون المسلمون والنّقاد والفلاسفة وعلماء الجمال والمؤرخون ومؤرخو الفن وعلماء الاجتماع وعلماء النّفس تجاه الأعمال الفنية العربية الإسلامية القديمة والحديثة والمعاصرة. ونحسبُ أنّ هذه الملاحظات لها مشروعيتها من الوجود أمام فن عريق مثل الفن الإسلامي، وذلك من حيث إنّ السّياقات المقصدية التي يتمظهرُ فيها، ينبغي أن تحظى بالتأمّل والبحث العلمي في الوجوه التي تحققُ المصالح الجمالية العامّة.

خلاصة الدراسة:

إنّ ما جرى التأكيد عليه في هذه المراجعة، من خلال ما أوردناه من مضامين نصوص معاصرة (مؤلفات محمّد إقبال عروي، وشربل داغر، وراتب مزيد الغوثاني)؛ يُبيِّن جانبًا من الغموض المعرفي والتاريخي الذي لا يزال يكتنف دراسات الفن الإسلام؛، سواءً في المنطلقات المنهجية، أو في المضامين التصنيفية، أو في الرؤية الأجنبيّة للدراسات التي أطّرت النّشأة التاريخية والجمالية لمواد الفن الإسلامي ومقتنياته المتحفية بشكل عام.

ومن ثمّة، فإنَّ كلَّ نص من هذه النصوص قد التفت إلى أحد السياقات المقصدية للجمال الإسلامي تكوينًا جماليًا ومنهجيًا: حيث ألفينا الكاتب محمّد إقبال عروي، يتأمّل المعطى الجمالي من النص القرآني بوصفه «القادح الجمالي» الذي يمكنه أن يُحفز الفنان المبدع على إبداع أشكال فنية جديدة، خارج ما هو متداول من الفن الإسلامي، وفي ذلك توسعٌ لطيف في المقاصد التي ينبغي على المسلم أن يتعايش معها ويؤدي حقوقها تجاه الله ومخلوقاته.

كما رأينا الكاتب شربل داغر يستعيرُ من المصادر العربية القديمة، ما يُقرِّبه من فهم خصوصية الفن الإسلامي في ضوء الصناعة والمصنوعات وأصنافها والزّخرفة والهندسة الرّياضية والفكرية والكتابة؛ كي يُنْعِمَ النظرَ من جهة في صلةِ الفن الإسلامي بالحياة الثقافية والفكرية التي عايشها الفنان المسلم في حياته اليومية، وفي صلة هذه الكتابات بعلوم ذلك العصر من جهة أخرى. وهو الهَمُّ نفسه الذي اشتغل عليه الكاتب راتب مزيد الغوثاني ولكن في تطبيقات أخرى تركّز على الأعمال الفنية التي تندرج في الفن الإسلامي، من تصوير جداري وزخرفة وخط ومنمنمات ومعمار.

هذا، ويمكنُ التنويه في هذا المقام بجملة الأدوات المعرفية التي انتبه إليها الفنان المسلم في منجزاته الفنيّة، وكانت موضوع تفكير بين ثنايا هذه النصوص: من ذلك العلاقة المنهجية بين الرّياضيات والهندسة في تحديد الأشكال الزّخرفية، وكذا التقنيات التصويرية المبتكرة داخل السطوح المستوية، فضلا عن حضور علوم البرهان في تأسيس المُكوّنات الجمالية للصورة. وهذه الاعتبارات التقنية تستند أساسًا إلى نظام معرفي وجمالي يكون الفنان المسلم قد تكيَّفَ معه داخل المنظومة القيْمية الإسلامية.

كما ينضاف إلى ذلك التقاطع الموجود بين هذه النصوص المعاصرة التي تناولناها، اتفاقُها بشأن الأحكام الفقهية68 الصادرة في بعض الفنون؛ من قبيل التصوير والنّحت والموسيقى والغناء...إلخ، أنّها لم تتغيّر إلاّ نسبيًا في أرض الواقع69، وظلَّ التفاوت ما بين الكراهة والتحريم سندًا مرجعيًا في النفور من هذه الفنون؛ كونها «غير ضرورية»في حياة الإنسان المسلم، ويمكن الاستغناءُ عنها. وكأن حياةَ المسلم «في جميع الحقب التاريخية- قد انصرفت إلى الزّهد ولم تحفل بنعم الله المشروعة! وقد أوضح الكاتب راتب مزيد الغوثاني أنّ الفن الإسلامي» لم يكن مثاليًا يدعو إلى رفض الحياة والتخلي عن الحسّي نهائيًا. بل كان يريد إقامة التوفيق بين الحياة الخارجية والداخلية. ولهذا أقام وحدة بين الأشكال وانتقالاً بين ما يرضي الحياة وما يرضي العالم الآخر»70.

هذا، وأنّ ما أحدثته الطّفرات الرّقمية في حياتنا المعاصرة، لم يعد من المقبول أن نعيش في ظلّ أحكام فقهية أثبتت مع الزّمن تخلّفها عن مواكبة العصر. هذا لا يعني الدعوة إلى انتهاك المقاصد الشرعيّة للكون، وإنما تحكيم العقل في التعامل مع المناحي الذوقية للفنون بما يخدم المصالح الجمالية العامة، مثلما ما هو موجود في التشريع الإسلامي من ضوابط للمحظور والمباح، عملاً بقاعدة أنّ «الضرورات لا تبيح كل المحظورات، وإنما هناك محظورات لا تُباح مطلقًا»71. ويمكن أن نلاحظ في هذا الصدد، مدى تخلّفنا التقني في صناعة الرسوم المتحرّكة - على سبيل المثال لا الحصر، تمثيلاً على تخلّفنا في فن التصوير وفروعه - حتى أنّ أطفالنا باتوا ضحية الغزو الأجنبيّ لكل ما يُنتَج في بلاد الغرب من هذه الصناعات الفنية. بينما كان أسلافنا من المصوِّرين في مدرسة بغداد، قد أتقنوا الصنعة وأضافوا إلى جانب محليتهم الثقافية والاجتماعية، رؤيتهم الدينية على رسوماتهم. فقد «كانت المنمنمات التي رسمها الواسطي (على مقامات الحريري) مثالاً نموذجيًا لهذا الإبداع التصويري في شكله الهندسي الذي تجاوز المنمنمات الشرقية الأولى. كأَّن ثمّةَ إصراراً على الكمال في رسم الطبيعة المجرّدة في أبهى صورها وفي أزهى ألوانها»72.

وفي ضوء ما تقدّم بيانه من معطيات، نحسبُ أنّ الحاجة إلى «التنمية الفنية»-على حد تعبير الكاتب محمّد إقبال عروي-، إنما هي أولوية الأولويات في مجتمعاتنا المسلمة، نظراً لآثارها الصّحية والنّفسية على شخصية الإنسان المسلم في تربية مداركه الذّوقية والجمالية والأخلاقية، وفي تحقيق الاتزان النّفسي لديه بوجه عام. ونحسبُ أنّ الارتقاء الروحي مرتبة جمالية وذوقية في إدراك نِعم الله علينا، فيحصل الشّكر ويزداد تقرّب العبد من خالقه ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾ [الضّحى:11]. ولقد سبق أن أشرنا إلى أنّ «الصّناعة» تقرّبٌ إلى الله.

وعليه، لا مندوحة من القول إنّ التأمّل في الفن الإسلامي لا يزال «حقلاً بكراً»، على حد تعبير الكاتب شربل داغر، يحتاج مزيدًا من العمل المنهجي والنّقدي حتى تتضح هويته وماهيته وحدوده. ونحسبُ أنّ مقاربتنا للموضوع تدفعُ نحو التفكير في الفن الإسلامي بآليات جمالية مختلفة، على اعتبار المتغيِّرات التقنية والرّقمية التي دخلت إلى عوالمنا الداخلية والخارجية، والتي باتت تؤثتُ جزءًا كبيرا من السّياقات المقصدية للجمال الإسلامي المعاصر. وهنا نستعير عبارة ابن سينا التي مفادها «لا حجاب إلاّ في المحجوبين»73، بمعنى أنّ الجمال الإلهي لا ينكشف إلاّ لمَنْ يُدرِكُ المبصرات من حوله، ويكون مهيئا لاستقبال تجلي الذات الإلهية، وأما مَنْ يفتقد ذلك، فسيظلّ أعمى في الوصول إليها. وكذلك الفن الإسلامي، سيظلّ «محجوبًا» عن المنتمين إليه، إذا بقينا ننظر إليه بغير فهم وعلم. ومن هنا، نرى من الضروري التوسع في حقل الفن الإسلامي، وذلك بعدم الاكتفاء بتاريخه الماضي وحسب، وإنما باعتبار ممكناته المستقبلية أيضًا، كأنْ تُدرَج أشكال فنية أخرى، تُواكب الحياة المعاصرة للمسلم، وتؤدي البُعْد المقصدي من جوانبها الذّوقية والجمالية. وما توفيقي إلاّ بالله.

التوصيات:

 تجنيد علماء الأمّة بمعية المختصين في الفنون على الاجتهاد المقاصدي في باب الفنون والجمال، وذلك بتوسيع مجال الضرورات المقصدية: كأن تكون «الضرورة الجمالية» واجبة التأصيل في حياة المسلم، لها مشروعية وجودها، على اعتبار أنّ الخالق أوجد الجمال في جميع مخلوقاته، وحضّ على تأمّل هذا الجمال كي يستوعب الإنسان المسلم حكمة استخلافه على الأرض، والشاهد على ذلك آيات كثيرة من القرآن، منها: ﴿الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ﴾[السّجدة: 7]، ﴿بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [البقرة:117]، ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ  كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: 32]

تشجيع مراكز البحث في الفنون الإسلامية على إعداد فهرسة تقنية مختلفة عمّا أنجز في الدراسات العلمية الغربية؛ الهدف منها إعادة تقنين التصنيفات في مواد الفن الإسلامي ومقتنياته، سواء الموجودة منها على الأراضي العربية الإسلامية، أو تلك الموجودة في المتاحف العالمية. وكذا التوثيق العلمي لجميع ما يدخل في مواد الفن الإسلامي، ضمن موسوعات متخصصة يتمّ إنجازها على المدى القريب والبعيد.

تشجيع الاستثمار في حقل الفنون (صناعة السينما، صناعة الرسوم المتحركة، المسرح المدرسي، الفنون التطبيقية، بينالي لمعارض الفنون التشكيلية، فنون التصميم الرّقمي، فنون التصميم الخزفي، فنون التصميم الخشبي، صناعة الكتاب الفني...) لأن هذه الفنون تحتاج إلى تمويل مستمر حتى تنجز صورة جمالية مختلفة عن أشكال جديدة للفن الإسلامي لها حضور في جميع المحافل والمعارض الوطنية والدولية.

توجيه الاستراتيجيات الثقافية في بلدان العالم الإسلامي إلى التنمية  الفكرية والجمالية للإنسان المسلم، وذلك بإعادة تفعيل المؤسسات الثقافية (من دور الثقافة، والمتاحف، والمسارح، ومعاهد الموسيقى، والمكتبات العمومية، والمراكز الثقافية...) لخدمة المقاصد الجمالية المشروعة فوق الأرض.

المراجع

بخيت علي (سيد أحمد)، تصنيف الفنون العربية والإسلامية دراسة تحليليّة نقديّة، ط.1، هرندن- فرجينيا- الولايات المتحدة الأمريكية، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، 1433هـ/2012م.

حمادي (حميد)، جمالية التصوير في الفن الإسلامي والتجربة الجزائرية، ضمن كتاب جماعي: التجربة الجمالية للفن الإسلامي بالجزائر، ط.1، تحت إشراف: أ.د. حميد حمادي، الجزائر، البرامج الوطنية للبحث: الثقافة والحضارة، منشورات مركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية/مديرية البحث العلمي والتطوير التكنولوجي CRASC/DGRSDT ،2014.

الحيسن (إبراهيم)، التربية على الفن حفر في آليات التلقي التشكيلي والجمالي، ط.1، المغرب-الدار البيضاء، منشورات عالم التربية، 1430هـ/2009م.

داغر (شربل)، الفن الإسلامي في المصادر العربية: صناعة الزينة والجمال، ط.1، الكويت/ بيروت- الدار البيضاء، دار الآثار الإسلامية/المركز الثقافي العربي للنشر والتوزيع، 1999.

عروي (محمّد إقبال)، أصول في جماليات الفنون الإسلامية، ط.1، الكويت، مركز الكويت للفنون الإسلامية، 1433هـ/2012م.

الغوثاني (راتب مزيد)، جماليات الرؤية تأمّلات في الفضاءات البصرية للفن العربي، ط.1، دمشق، دار الينابيع للطباعة والنشر والتوزيع، د.ت.

مسلم (أبو الحسين مسلم بن حجاج)، صحيح مسلم بشرح النووي، بيروت، دار الكتب العلمية، ط.1، 1421هـ/2000م.

الدوريات:

خطاب (حسن السيد)، «قاعدة الضرورات تبيح المحظورات وتطبيقاتها المعاصرة في الفقه الإسلامي»، مجلة الأصول والنوازل (المملكة العربية السعودية)، العدد الثاني، 1430هـ (نسخة PDF).

النصوص الالكترونية:

بناني (عبد الكريم)، الاجتهاد المقاصدي: مفهومه، آلياته وعلاقته بفقه الواقع وقضايا العصر، 14 نوفمبر 2013،

https://bennanikarim.wordpress.com

ملاحظة:
نشر هذا النص في الكتاب التالي:
الفنون في ضوء مقاصد الشريعة 2 ، 2019، مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، مركز دراسات مقاصد الشريعة الإسلامية، لندن، ص 413-442.

يرجى الملاحظة بأن بعض الصور المستخدمة في هذه المقالة المنشورة على الموقع قد لا تكون جزءًا من نسخة المقالة المنشورة ضمن الكتاب المعني.

صوت وصورة

مقالات مختارة

إقرأ المزيد

الفنون الخادمة للمقاصد، والمقاصد الخادمة للفنون

نور الدين بن المختار الخادمي؛ وزير الشؤون الدينية السابق بالجمهورية التونسية، وأستاذ جامعي. محتويات المقال:أولا: تأطيرُ البحث وأهميتهثانيا: أهداف البحثثالثا: إشكالية الموضوعرابعا: موضوعات البحث ومنهجهخامسا: خطة البحثسادس...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

إشكالية الفنون الجميلة في علاقتها بمقاصد الشريعة

إبراهيم البيومي غانم؛ عضو مجلس خبراء مركز دراسات مقاصد الشريعة الإسلامية، مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، لندن، ومستشار المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، مصر. محتويات المقال:تمهيدأولاً: في النظرية العامة للفنون ا...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

فقه الحسنِ: الـتأصيل المقاصدي لمفهوم الفن الإسلامي وحدوده المعرفية

إدهام محمد حنش؛ عميد كلية الفنون والعمارة الإسلامية، جامعة العلوم الإسلامية العالمية، الأردن. محتويات المقال:المقدمةفقه الفنأسلمة الفن وإسلاميتهالالتزام والفن الإسلاميإشكاليات التكييف الفقهيمن التكييف الفقهي إلى التأصيل ...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

المسألة الفنية في النظرِ المقاصدي من خلال مدخل التكييف والتوظيف

أحمد الريسوني؛ مدير مركز المقاصد للدراسات والبحوث بالرباط – المغرب، وعضو مجلس خبراء مركز دراسات مقاصد الشريعة الإسلامية بمؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي. محتويات المقال:تقديمالمبحث الأول: المسألة الفنية من خلال مدخل التكيي...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

الفنون ومقاصدها عند الإمام القرضاوي: الرؤية والتطبيق

وصفي عاشور أبو زيد؛ دكتوراه في مقاصد الشريعة الإسلامية، كلية دارالعلوم، جامعة القاهرة. محتويات المقال:مقدمةالمبحث الأول: الفنون عند الإمام القرضاوي: تتبعٌ واستقراءأولا: الفنون الإبداعية أو ما كتبه الشيخ في الفنونثانياً: ...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

اللغة الكونية للفن الإسلامي

منور ثامر المهيد؛ مدير عام مؤسسة آل البيت الملكية للفكر الإسلامي- عمان - الأردن محتويات المقال:انعكاس الحقائق في الظواهر الطبيعيةالجيومتري وانعكاسها في الطبيعةالدائرةالنسق الهندسي في الفن المقدس وتجلياته الوجوديةالنِسبُ ...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

روح العمارة الدينية: أنموذج جامع السليمانية

رجب شنتورك؛  رئيس جامعة ابن خلدون، اسطنبول. محتويات المقال:1- علاقة الرمز والمرموز له وطريقة التأويل في الفكر العثماني2- جامعُ السليمانية بلسان المهندس المعماري سنان3- القانوني وسنان: سلطانا ومهندسا من حيث الخلفية ا...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

مقاصد الشريعة وهندسة الحروف كمقبسين للإرادة الإلهية

أحمد مصطفى؛فنّان وعالم معروف دوليًا، وزميل في الفن الإسلامي والتصميم بمركز الدراسات الإسلامية بأكسفورد- المملكة المتحدة. على النقيضِ مما يفترضه عديد من الغربيِّين؛ فإنَّ الإسلامَ لا يعتريه أي إجهادٍ في الجمع بين العلم وا...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

رؤية فلسفية للجمال في النظر الإسلامي الأصولي

الشيخ محمد غورماز، الرئيس الأسبق لهيئة الشؤون الدينيَّة بتركي إنَّ علمَ المقاصد والغايات، هو من العلوم المفتخرة لدى المسلمين، فهو - وإن ظن البعض بساطته - ذو أثرٍ ضخم، وامتدادٍ عريض؛ يلقي ظلالَه على كل العلوم الإسلامية، ب...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

ترقية الإيمان مقصداً للفنّ

عبد المجيد النجار: رئيس المركز العالمي للبحوث والاستشارات العلمية تونس. محتويات المقال:توطئةأولاً: الدين والفنّثانياً: دور الفنّ في ترقّي الإيمان التصديقي1 - دور الفنّ في حصول الإيمان2 - دور الفنّ في تقوية الإيمانثالثاً:...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

الأصول المُعْربة عن الفنون، والفنون المُعَبرة عن الأصول

نورالدين بن مختار الخادمي: وزير سابق، وأستاذ التعليم العالي بتونس. محتويات المقال:تمهيدإشكالية البحثالدراسات السابقةموضوع البحثالمحور(1) تأطير الأصول للفنونالمحور(2) تعبير الفنون عن الأصولالمحور(3) محور الأدلة الشرعية أو...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

مقاصد القرآن الجمالية وتمثُّلاتها المعرفية في الفنون الإسلامية (التعريف والتأصيل والتصنيف)

إدهام محمد حنش: عميد كلية الفنون والعمارة الإسلامية جامعة العلوم الإسلامية العالمية (الأردن). محتويات المقال:المقدّمةعلمُ المقاصدِ: الدينُ والفلسفةُالنظريات المقاصديةنظرية العمل المقاصديالمقاصد؛ غايات، ووسائل، وطرائقالطر...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

إسلامية الفنون الإسلامية: بين التنظير المعرفي والتطبيق الإجرائي

صلاح الدين شيرزاد: دكتوراه في تاريخ الفن الإسلامي، عضو هيئة التدريس في جامعة السلطان محمد الفاتح بمدينة إستانبول- تركيا. محتويات المقال:تمهيدبدايةُ التسميةالدافع لضبط المصطلحميادين فنون المسلمينفن العمارةأصناف العمارة- ا...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

مقاصدُ الفنونِ العُمرانِية في المدينةِ الإسلامية: قراءةٌ في نصوصٍ تراثيةٍ ورؤيةٌ في الواقعِ المعاصر

إبراهيم البيومي غانم: أستاذ العلوم السياسية ومستشار المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية (مصر)، وعضو مؤسس وعضو مجلس خبراء مركز دراسات مقاصد الشريعة الإسلامية مؤسسة الفرقان لندن. محتويات المقال:استهلالأولاً: المدينة ...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

وظائف الفنون الأدبية في ضوء مقاصد الشريعة الإسلامية (دراسة تأصيلية في طبيعة الفنون الأدبية ومقاصدها الجمالية)

عبد الملك بومنجل: مدير مخبر المثاقفة العربية في الأدب ونقده، جامعة سطيف، جمهورية الجزائر محتويات المقال:1: أسئلة الجوهر والغاية في فلسفة الفن وعلم الجمال.1.1: جمال المُدرَك أم ذوق المدرِك؟2.1: جمال الشكل أم جمال المضمون؟...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

المسرح الإسلامي وفق النسق المقاصدي

جميل حمداوي: أستاذ التعليم، وأديب وناقد، وكاتب ـ المملكة المغربية. محتويات المقال:المقدمةأولاً: مفهوم المسرح الإسلاميثانياً: التصورات المسرحية الإسلامية1ــ نجيب الكيلاني ومقصديةُ المتعة والفائدة2: محمد عزيزة، ومقصدية الص...

مقالات متعلقة بأيام دولية

أنشطة ذات صلة

Back to Top