مقاصد الشريعة الإسلامية الكلية ومكافحة الإتجار بالبشر

شارك:

فايز حسن

إن أخطر مشكلة بين مجتمعي الشرق والغرب تتمثل في اختلاف الرؤية الأوروبية الغربية لحقوق الإنسان عن الرؤية الإسلامية، وهو المعيار الذي يتم به تصنيف الدول والعلاقات الدولية، ومن أهم هذه الجوانب جانب جريمة قديمة، ولكن ظهرت في شكل جديد اسمها «الإتجار بالبشر».

أما الولايات المتحدة الأمريكية فقد سنت قانون اسمه The Protection Act«قانون الحماية» سنة 2000م، هذا القانون متعلق بالحماية أو Human trafficking أي الإتجار بالبشر، وهذه الترجمة الإنجليزية له، أما في الولايات المتحدة فهم يسمونه Trafficking in personnel أي الإتجار بالأشخاص، وهذا القانون نص فيه على أشياء معينة.

بداية من سنة 2000م بدأت الدول العربية تتجه بإصدار قوانين لمكافحة الإتجار بالبشر أو الإتجار بالأشخاص، فالاثنان بمعنى واحد، وفي مصر صدر القانون 64 بشأن مكافحة الإتجار بالبشر. في بعض الدول فيها القانون الإتجار بالأشخاص، ولكن الصحيح الإتجار بالبشر، وليس الإتجار بالأشخاص، لأن «الشخص» في القانون قد يكون طبيعيًا أو يكون معنويًا أو اعتباريًا، ولكن هذه الجريمة هي التعامل مع إنسان بقصد استغلاله، بحيث يلزم أن يكون فيها ركن الاستغلال، وقد ذكرت الاستغلال وعلاقته بالمقاصد، فكانت أول دولة عربية تقوم بسن قانون الإتجار بالبشر هي الإمارات العربية المتحدة أواخر 2005م – 2006م، وبعد ذلك تلتها الأردن.

فالدول العربية التي بها قوانين الإتجار بالبشر: الأردن – مصر، الإمارات، البحرين، السعودية – أما سوريا والجزائر – فقد عدلت قانون العقوبات – هذه هي الدول التي وضعت قوانين الإتجار بالأشخاص، أو مكافحة الإتجار بالبشر، وهذه القوانين جميعها حقيقة متأثرة بفكرة قانون الولايات المتحدة الأمريكية في مكافحة الإتجار بالبشر.

بالإضافة أيضًا أن هذا القانون بالذات من ضمن بنود Protection Act قانون الولايات المتحدة الأمريكية لسنة 2000م أن تلتزم وزارة الخارجية الأمريكية أن تضع تقريرًا سنويًا عن الإتجار في البشر على مستوى العالم كله اسمه Trafficking in personnel report.

وفي هذا التقرير يتم دراسة حالة الإتجار بالبشر في كل دول العالم في 177 دولة، ويتم إرسال مندوب عن طريق وزارة الخارجية والهيئات الدبلوماسية إلى وزارات الخارجية بكل دولة من الدول، ويسألون عن وضع الإتجار بالبشر في هذه الدولة.

وهذا التقرير دائمًا يصدر في شهر يونيو من كل عام، يتم تجميعه طوال العام من يونيو إلى يونيو مثل السنوات المالية المعروفة، ويرون في هذه الدولة هل تراعي المعايير أم لا؟ هل يوجد لدينا زواج للقاصرات أم لا؟ هل فيها إتجار بالعمال أم لا؟ فيها ظاهرة استغلال التسول أم لا؟ يعني جلب مجموعة من الأطفال واستغلالهم في التسول.

فهذا القانون أساس المعايير في العالم، بدأت معايير العلاقات الدولية، بالذات مسألة الإتجار بالبشر، تحتل حيزًا كبيرًا جدًا، والذي ساعدني في دراسة هذا الموضوع بصراحة الأستاذ الدكتور الذي وجب شكره – كما في الحديث: «لم يشكر الناس من لم يشكر الله1» – كان بجامعة الإسكندرية هنا والآن في جامعة جونس هوك بالولايات المتحدة الأمريكية اسمه الدكتور محمد مطر، كان في مشروع لهذه الكلية، فقد كنت مديرًا لهذا المشروع منذ حوالي سنتين، وقد تلقيت دورات في قوانين حماية حقوق الإنسان والإتجار بالبشر في مصر وبعض الدول، فاطلعت على بعض القوانين غير الدورات، فاكتشفت أن هذه نقطة جوهرية يلزم الاهتمام بها.

فكانت تشغلني فكرة أنه يلزم عدم استغلال العمال، والإسلام أيضًا يلزم بذلك كما جاء في الحديث: «أعط الأجير حقه قبل أن يجف عرقه2»، فلا تستغله، أعطه فترات راحة، فلو لم تعطه فترات راحة يصبح هذا إتجارًا بالبشر. فهذا الكلام أصله من الإسلام؟ فمن هنا جاءتني فكرة تقديم الرؤية الإسلامية وكيفية مكافحتها لهذه الجريمة الجديدة.

فما هو الإتجار بالبشر؟ لما ظهر عصر العولمة، بعض الجرائم القديمة اتخذت شكلًا جديدًا، فالإتجار بالبشر نسميه «رق عصر العولمة»، أي هو «رقيق عصر العولمة»، فهو ينصب على إنسان من شخص القانون إلى محل العقد.

فيحول الإنسان البشر المكرم من الله سبحانه وتعالى إلى شيء يُستغل كما تُستغل السلع، من أجل ذلك أُطلق المصطلح «الإتجار»؛ لأن التجارة لا ترد إلا على الأشياء. هذه هي فكرة المصطلح.

وكلمة الإتجار بالبشر والإتجار بالأشخاص بمعنى واحد، ولكن الصحيح الإتجار بالبشر. ولو قرأت كتابًا وجدت فيه كلمة Trafficking in personnel تأكد أنه أمريكي، وهذا هو المصطلح الأمريكي، أما إذا وجدت المصطلح Human Trafficking فهذا إتجار بالبشر، حتى الاتفاقية الأوروبية لمكافحة الإتجار بالبشر استخدمتHuman Trafficking Being يعني الإتجار بالبشر.

فالمؤسسات الأكاديمية وكل الدول اهتمت بهذا الأمر، ومصر اهتمت به، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل بداية من سنة 2000م، لما ظهرت مشكلة الإتجار بالبشر، هل قبل ذلك القوانين المصرية والعربية كانت لا تعالج أو لا تقدم حماية كافية للأشخاص من الإتجار بهم؟ لا كان موجودًا، فقانون العقوبات فيه، والقانون المدني فيه، وأيضًا قانون العمل فيه، ولكن الميزة أن هذه القوانين أفردت حماية خاصة، وخصوصًا أنها أخذت مبادئ كثيرة، ومبادئ جديدة في القانون الجنائي، بمعنى أن هذا القانون لو قرأته تجده آخذًا بمبدأ العالمية، مبدأ عالمية تطبيق القانون على أن الأصل لدينا في قانون العقوبات مبدأ الإقليمية.

فالإتجار بالبشر محرم طبقًا للقانون الدولي لحقوق الإنسان وطبقًا للقوانين الداخلية، وبالتالي فالفقه الإسلامي باعتباره أحد النظم القانونية العالمية التي تم الاعتراف بها من قبل فقهاء القانون المقارن، هذه نقطة أساسية جدًا، لدرجة أنه يمكننا القول بأن مكافحة الإتجار بالبشر يعتبر فرعًا جديدًا من فروع القانون الدولي العام.

فهناك فروع كثيرة في القانون الدولي العام ظهرت، مثل القانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الدولي لمكافحة الإتجار بالبشر، والقانون الدولي للهجرة يسمونه International Migration Law.

ومشكلة الهجرة مشكلة غريبة لأن فيها جانبًا يتعلق بسيادة الدولة. وهذا القانون من الفروع القانونية التي تحتاج إلى دراسات، فهل نسمع هنا عن أن هناك قانونًا دوليًا للهجرة؟ ستجد له أبعادًا كثيرة جدًا، هجرة شرعية وغير شرعية، الاتفاقية الدولية لمكافحة العمال المهاجرين وما إلى ذلك. هذه الاتفاقية كثير من الدول ترفض التصديق عليها لسبب معين.

لقد قدم الإسلام رؤية جامعة لحقوق الإنسان نابعة من النظر للإنسان باعتباره مخلوقًا مكرمًا، والتكريم الذي لحق بالإنسان جاء بالنص الإلهي في قوله سبحانه وتعالى:  ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾ [الإسراء: 70]. أما القوانين فوضعت له الشخصية القانونية، ولكن الميزة الإسلامية في الرؤية لحقوق الإنسان أن التكريم للإنسان لم يأت لا من دستور ولا من قانون، بل جاء من العلي العظيم الله سبحانه وتعالى؛ لأن الدساتير متغيرة وتتأثر بعوامل كثيرة.

فالمفهوم الجوهري للمقاصد الشرعية يقوم على فكرة غايات وأهداف التشريع، فمن باب أولى فالتشريع الإسلامي الكبير لا يمكن أن ننكر أن يكون من أهدافه مكافحة الإتجار بالبشر؛ لأن التكريم نفسه جاء في صلب القرآن الكريم، فيصبح من باب أولى أن تكون المقاصد الشرعية كلها تهدف إلى مكافحة الإتجار بالبشر.

وتعظيما لجريمة الإتجار بالبشر هذه جاءت اتفاقية روما لتقول: إن جريمة الإتجار بالبشر من جرائم Crimes against humanity، بمعنى جرائم ضد الإنسانية، وهذه أيضًا من النقاط الأساسية.

ولو نظرنا بتأمل دقيق للتشريع الإسلامي نجد أنه يتضمن المحاور الخمسة التي جاءت بها كل التشريعات العالمية لمكافحة الإتجار بالبشر والاستراتيجيات – حيث كل دولة تسن قانونًا وتقر استراتيجية لكيفية مكافحة هذه الجريمة، ونحن لدينا استراتيجية في مصر وكل دول العالم، حيث يتم عمل ملاحقة، وحماية، من أجل عمل استراتيجية جيدة يلزم منها ملاحقة، حماية تشريع، منع، ومشاركة المحاور الخمسة هذه لمكافحة الإتجار بالبشر موجودة فعلًا في المواجهة الإسلامية في التشريعات ضد الإتجار بالبشر، وهنا سؤال يطرح نفسه: هل يوجد نص صريح في القرآن والسنة يمنع الإتجار بالبشر؟ الإجابة لا. ولذلك انتهى الفقهاء إلى «أن الشرع الإسلامي وإن كان لا ينص تحديدًا على حظر الإتجار بالبشر، فإنه ينص صراحة على حظر كثير من الأفعال والعناصر التي تتكون منها هذه الجريمة».

فمنطق الاستدلال والقواعد الكلية التي جاءت في القرآن الكريم وإعمال الاجتهاد، وأن الشريعة صالحة لكل زمان ومكان في أنها تتسع لكل شيء، وتستجيب له، وعوامل التطور كامنة فيه وليست لظروف خارجية.

الإتجار بالبشر لم يبين صفته بالقرآن أو السنة، ولذلك فإنها تعتبر جريمة تعزيزية، ولذلك فإننا ندخلها في الفقه الإسلامي بالتقسيم الإسلامي في القانون الجنائية باعتبارها من الجرائم التعزيرية المعروفة.

سنحاول أن نربط فركتين ببعضهما: العلاقة بين التحليل المقاصدي الشرعي في كتاب الطاهر بن عاشور، ومحاور جريمة الإتجار بالبشر.

ثانياً: كيفية الاستدلال المقاصدي الشرعي على مكافحة جريمة الإتجار بالبشر باعتبارها إحدى الشرائع القانونية طبقًا لتقسيمات فقهاء القانون المقارن.

لقد وجدت مجموعة مقاصد شرعية ومعالجتها في إطار ما يقابلها في القانون الدولي لحقوق الإنسان، وكذا الاتفاقيات الدولية والداخلية، هذه رؤية، وهي فكرة التحليلات القانونية المقارنة.

فأولا: ما في المقاصد الشرعية الكلية ومفهوم الإتجار بالبشر، إن مقاصد التشريع العام من خلال ابن عاشور، هي المعاني والحكم الملحوظة للشارع في جميع أحوال التشريع أو معظمها، يعني أهداف التشريع، لو تتبعنا أكثر الأحكام الشرعية نجد أنها تهدف إلى المحافظة على المجتمع وتحقيق مصالح الناس، المقاصد الشرعية تنقسم إلى ضرورية وحاجية وتحسينية، ومن خلال دراستنا للإتجار بالبشر نجد أن محاور مكافحة الإتجار بالبشر متعلقة بالنوع الأول بالمقاصد الضرورية.

إذن ما هو الإتجار بالبشر؟ ذكرنا أنه رق عصر العولمة، ففي القديم كان هناك ما يسمى بالرق، ولما جاء الإسلام أوجد وسائل للقضاء على الرق، بحيث قضى على الرق الموجود فعلًا، وكذا منع إنشاء رق جديد؛ لأنه معروف أن الرق في العالم القديم له مصادر معلومة، إما من الميلاد لأب رقيق أو أم رقيقة، أو التجارة، أو العقوبة، أو الأسر في الحرب. هذه مصادره، فجاء الإسلام فأقر تبادل الأسرى. أما العقوبة فلا يوجد في الإسلام عقوبة تقتضي أن يفقد الإنسان حريته، أما التجارة فالإسلام منع التجارة التي تنصب على الإنسان. أما بالنسبة لعدم الوفاء بالديون فقد كان سببًا في وقوع الإنسان في الرق، فإذا لم يفي المدين بما عليه من ديون يتحول إلى حالة رق، فجاء الإسلام وقال: ﴿وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ﴾ [البقرة: 280]. فإذا تعثر أكثر فإنه يطلب من الدائن أن يعفو عنه، بالإضافة إلى ذلك جعل التنفيذ ليس على جسم المدين، إنما على مال المدين.

فهذه الوسائل منعت ظهور طبقة رقم جديدة، أما طبقة الرق التي كانت موجودة أساسًا فالإسلام قضى عليها عن طريق فتح طرق المكفرات... وهكذا مع فترة معينة انتهى الرق، ولذلك فإن الإسلام أول ما جاء قضى على الإتجار بالبشر في مهده بحيث قضى على طبقة الرق الموجودة التي كان يتم المتاجرة بها، ومنع ظهور طبقة جديدة.

ولكن هذه الجريمة النكراء تحولت مع عصر العولمة إلى جريمة أكبر والتي يتجلى فيها ركن الاستغلال.

ولو نظرنا إلى القانون المصري لدينا فقد عرف الإتجار بالبشر: «يعد مرتكبًا لجريمة الإتجار بالبشر كل من يتعامل بأي صورة في شخص طبيعي، بما في ذلك البيع، أو العرض بالبيع، أو الشراء، أو الوعد بهما، أو الاستخدام، أو النقل أو التسليم، أو الإيواء، أو الاستقبال، أو التسلم، سواء داخل البلاد، أو عبر حدودها الوطنية، إذا تم ذلك بواسطة استعمال هذه الوسائل: القوة، أو العنف، أو التهديد بهما، أو الاختطاف، أو الاحتيال، أو الخداع، أو استغلال السلطة، أو استغلال حالة الضعف، أو الحاجة، أو الوعد بإعطاء، أو تلقي مبالغ مالية، أو مزايا مقابل الحصول على موافقة شخص على الإتجار بشخص آخر له سيطرة عليه، وذلك كله إذا كان التعامل بقصد الاستغلال».

وقصد الاستغلال هنا هو المكون للجريمة، وهو قصد خاص عنصر في الركن المادي: إذن فالتعامل بقصد الاستغلال، أيًا كانت صوره، بما في ذلك الاستغلال في أعمال الدعارة، هذه ضمن أعمال الإتجار بالبشر، كوسائل استغلال الأطفال في المواد الإباحية، أو الممارسات المشابهة للرق أو التسول، أي شخص يجلب مجموعة من الأطفال ليقفوا في إشارات المرور، أو استئصال الأعضاء، أو الأنسجة البشرية أو جزء منها.

هذا بالنسبة لفكرة الجريمة، الميزة في هذه الجريمة أنه لا يعتد برضاء المعتدي عليه، فقد جاء النص صراحة: «لا يعتد برضاء المجني عليه على الاستغلال بأي صورة من صور استغلال البشر، متى استخدمت أية وسيلة من وسائل لا يعتد به».

ولو كان طفلًا لا يشترط أيضًا استخدام الوسائل؛ لأن القانون عمل استثناء للأطفال حتى يتم حماية الطفولة. وقبل صدور هذا القانون تم تعديل قانون الطفل وقانون العقوبات لإدخال هذه الجريمة، أما هذا القانون فقد جمع كل هذه الأفكار.

جاء أيضًا في بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الإتجار بالأشخاص، وبخاصة النساء والأطفال، المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطن، وصدر هذا البروتوكول سنة 2000م، وصدق عليه كثير من الدول ومنها مصر، ويحتوي على الأصول الدولية لهذه الجريمة.

وهذه الجريمة حتى تقع طبقًا لما جاء في هذا البروتوكول والقانون المصري يلزم أن يكون هناك فعل، كنقل ناس أو استقبال ناس، أما الوسائل مثل أن تستخدم القوة معهم، أو تهدد بها أو تستغل السلطة، واحد من الناس يستغل سلطته بجلب مجموعة من الناس ويهددهم إذا لم يقوموا بالتسول، أو لم يقوموا بممارسة جنس مقابل أموال، هذه صورة من صور استغلال السلطة، أو استغلال ضعف، مثل طفل أو امرأة من النساء لديه عيب من العيوب، أو إعطاء أو تلقي مبالغ مالية، أما الغرض فيتمثل في الاستغلال الجنسي، السخرة3، العمل القسري، أو نزع الأعضاء أو الأنسجة.

فهذه الجريمة لها ثلاثة أركان: الأفعال، الوسائل، الغرض، والغرض هو الاستغلال.

وجريمة الإتجار بالأطفال لا يشترط فيها الوسيلة، حيث إن هناك فرقًا بين الإتجار بالأطفال والإتجار بالأشخاص.

النقطة التالية هي: ما صلة المقاصد الشرعية بمكافحة الإتجار بالبشر؟

تتمثل هذه الصلة أن المقاصد الشرعية ومكافحة الإتجار بالبشر من أجل حماية حقوق الإنسان، فالمقاصد الشرعية بمحاورها الثلاثة تهدف إلى حماية حقوق الإنسان، وأيضًا القوانين المتعلقة بالإتجار بالبشر تهدف إلى حماية حقوق الإنسان، فترتبط المقاصد الشرعية بمكافحة الإتجار بالبشر، فنحن نعلم أن أعلى مرتبة من مراتب المقاصد الشرعية، وهي المرتبة الأولى، هي المقاصد الضرورية، وهذا يؤكد مدى سبق الإسلام لهذه القوانين، ولكن يعيب علينا أننا لا نستطيع تقديم ما لدينا من بضاعة رائجة بطريقة جيدة. هذه حقيقة فنحن لدينا علماء وكنت أود أن يظهر فقيه إسلامي ويعرض هذا الكلام ويترجمه له مترجم، فالغربي يريد أن يسمع بلغته التي يفهمها.

ما هو السر في انتشار الثقافة القانونية الغربية أو كل أنواع الثقافات بالإنجليزية؟ بسبب أنها اللغة التي تعلمناها. وللأسف فالألمان مثلًا عندهم علم كثير لكن ليس كلنا لدينا معرفة باللغة الألمانية، وكذلك الإيطالية أو الأسبانية، لذلك يجب الاهتمام باللغة.

إن غالب مقاصد الشريعة الإسلامية جعلت الإنسان محل عنايتها ومحور اهتمامها، فقد قال الطاهر بن عاشور: تهدف المقاصد الشرعية إلى حفظ نوع الإنسان وفطرته. على النحو الذي سيرد تفصيله لاحقًا، وهذه هي علاقتها – المقاصد الشرعية – بقوانين مكافحة الإتجار بالبشر. فجريمة الإتجار بالبشر هذه هي جريمة تتنافى مع الطبيعة الإنسانية، فالأمر المستقر، والذي ندافع عنه أن الشريعة صالحة لكل زمان ومكان. هذا الكلام أشار إليه الطاهر بن عاشور وقال: نظرًا لأنها قابلة بأصولها وكلياتها للانطباق على مختلف الأحوال بحيث تساير أحكامها مختلف الأحوال بدون حرج ولا مشقة ولا عسر.

ونحن ننطلق من هذه الفكرة ونقول للناس: إن القوانين التي وضعتموها هذه تحت تأثير كذا وكذا، نحن لدينا الشريعة تحارب جميع المظاهر السيئة والتي منها الإتجار بالأشخاص، وإنها دومًا – مقاصد الشريعة – تعمل من كرامة الإنسان، وتمنع استغلال ضعف أي إنسان.

إن الصلة بين المقاصد الشرعية ومكافحة الإتجار بالبشر تلعب دورًا كبيرًا في نقطة مهمة في تدعيم وتفعيل التشريعات والاستراتيجيات التي وضعتها الدول الإسلامية بالذات ولفرض الرؤية الإسلامية على الناس في الغرب.

ففي مجتمعاتنا الإسلامية نفترض دائمًا أن كل ما يتعلق بحقوق الإنسان يعتبر من الرؤية الأوروبية، بل يجب علينا أن نواجهه المواجهة العلمية، فالغربي إنسان يفكر بعقله، فيجب مواجهته بالتفكير بعقل أقوى منه.

وبمراجعة القانون المصري لحقوق الطفل نجد فيه إشارات للاتفاقيات الدولية، وهذا شيء جديد، ونجد فيه انعكاسات التأثيرات القانونية الدولية على القوانين الداخلية، وهي كثيرة جدًا يجب تتبها.

ونحن نجد أن الطاهر بن عاشور تكلم عن مقصد اسمه مقصد حفظ نوع الإنسان، وكيف يمكن معالجته من زاوية الإتجار بالبشر، فأشار ابن عاشور في مقصد حفظ نوع الإنسان، وهذا المقصد يتضمن كل ما من شأنه حفظ نوع الإنسان، وهل التشريعات المتعلقة بالإتجار بالبشر تتعلق بهذا؟ نعم.

فنجد أيضًا ابن عاشور في مقصد حفظ نوع الإنسان يشير إلى الإصلاح وإزالة الفساد، وذلك في تصاريف أعمال الناس، حيث نجد أن أول أسباب جرائم الإتجار بالبشر هي «الفساد«، فساد الموظفين أنفسهم، لذلك تجد كافة الاستراتيجيات والاتفاقات الدولية تعمل على الحد من الإتجار بالبشر، وهذه الجريمة بالذات لكي يتم مكافحتها، يلزم مواجهة الفساد الموجود بالبلد، فالموظف الذي يصدر تراخيص، والموظف الذي يذهب للقبض على أناس يمارسون الدعارة مثلًا، وبمجرد أن يعطوه رشوة يتركهم.

ولذلك يلزم من أجل عمل قوانين تكافح الإتجار بالبشر، يجب عمل قوانين Anticorruption تكافح الفساد وتكون فاعلة؛ لأن مشكلة جريمة الإتجار بالبشر أن لها محاور كبيرة جدًا جدًا.

أولًا: لها طبيعة خاصة، فهي جريمة لها أشكال متعددة داخلية ودولية، بالنسبة للمجتمع العالمي رؤية جريمة الإتجار بالبشر ليست واضحة تمامًا في أشياء كثيرة، بالرغم من أن هذه القوانين صدرت منذ فترة، ولكن الكتابات فيها قليلة جدًا، لأنه يلزم أن تتضامن مؤسسات المجتمع المدني، ولكن هذه المؤسسات إلى وقت قريب جدًا، وخاصة في مجتمعاتنا، كان عليها حظر شديد جدًا، فنجد أن بعضًا منها له نشاط متميز يجب تنميته، فيمكن أن نعتبر الجامعات من مؤسسات المجتمع المدني بحيث يكون لها دور.

ثانيًا: تنوع أدوار الدول في ظاهرة الإتجار بالبشر: فطبقًا للتقرير الأمريكي الصادر في يونيو 2010م والذي يشمل 177 دولة، فالدول العالمية، إما دولة منشأ (مصدر)، أو دولة عبور (يتم العبور من خلالها)، أو دولة استقبال. هذه التقسيمات موجودة في الدول العربية، فمثلًا الإتجار بالعمالة موجود في 19 دولة، وهي دول المنشأ، ونحن من دول المنشأ التي تقوم بالإتجار بالبشر، لأن العمال عندنا يذهبون إلى دول الخليج. وهناك دول ترانزيت (العبور) يمشي العمال من خلالها لدول أخرى، وهناك دول (استقبال) مثل دول الخليج العربي، بالنسبة لنا فنجد تنوع أطراف الدول، فنجد أن هذه الجريمة تتميز بالتعاون الدولي.

ولكن الغريب في الأمر والذي ورد بهذا التقرير أن أكبر نسبة لهذه الجريمة في العالم كانت من نصيب الاستغلال الجنسي، حيث تم رصده في 176 دولة من 177.

أما الإسلام فقد واجه مشاكل الأسر والاستغلال الجنسي مواجهة صريحة وحاسمة، بخلاف ما تجده بالنسبة للتسول، حيث تجده بنسب ضعيفة في كثير من الدول؛ لأنه ليس كل الدول فقيرة، أما الاستغلال الجنسي، فأنت تجده في كل الدول.

ومقصد الإصلاح وإزالة الفساد يتضمن في داخله مكافحة الإتجار بالبشر، حيث إن الإتجار بالبشر يمثل نوعًا من الفساد، والفساد هذا منهي عنه في القرآن الكريم صراحة حيث قال سبحانه وتعالى: ﴿وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا﴾ [الأعراف: 56]. فنجد أن الفقهاء اتفقوا على أن الفساد هو من أهم وأول العوامل التي تؤدي إلى الإتجار بالبشر.

مقصد حفظ الفطرة الإنسانية:

أشار الشيخ الطاهر بن عاشور في كتابه إلى مقصد اسمه حفظ الفطرة الإسلامية وقال صراحة: إن المقصد العام للتشريع لا يعدو أن يساير حفظ الفطرة الإنسانية والحذر من قلتها واختلالها، وهذا المقصد يقترن بأن تحافظ على الفطرة الإنسانية السليمة، والإتجار بالبشر يخالف الفطرة الإنسانية؛ لأنه حول الإنسان المكرم من خارج دائرة التعامل التجاري إلى داخل دائرة التعامل التجاري، ويجب نقل هذه الرؤية للغرب، فإن التشريعات الغربية تبين أن جريمة الإتجار بالبشر تخالف الطبيعة الإنسانية، ونحن لدينا فقهاء تكلموا عن هذا أيضاً.

هذا المقصد يتناول أيضًا حماية الإنسان من تحوله من حالة الحرية إلى حالة الرق، ويمكن القول أن مقصد عدم الاستغلال يؤدي إلى مكافحة الإتجار بالبشر، لأن من ضمن أركان جريمة الإتجار بالبشر قصد الاستغلال، حيث إنه لو لم يكن هناك ركن الاستغلال لا تصبح جريمة إتجار بالبشر.

ولو قلنا: إن هذه الجريمة لا تتعلق بالاستغلال، لاستطعنا أن نقول: إن دول الخليج جميعها متاجرون بالبشر. طبقًا لوجود نظام الكفالة لديهم التي يكتب عنها أنها دائمًا مخالفة لقواعد حقوق الإنسان، وبعض الدول ألغت نظام الكفالة، ومع هذا فإن نظام الكفالة لا يعتبر إتجارًا بالبشر، ولكن قد يكون وسيلة من وسائل الإتجار بالبشر.

فلو قلت: إن نظام الكفالة صورة من صور الإتجار بالبشر، لتحولت معظما لدول العربية إلى متاجرون بالبشر، وأصبح يحق لك ملاحقتهم قانونيًا داخليًا وعالميًا.

بالإضافة إلى أن نظام الكفالة هذا ينقسم إلى نوعين، حيث يوجد العمل لدى الدول أو العمل لدى الأشخاص، فإن كان العمل لدى الدولة فإنه ينتفي تمامًا صفة الاستغلال. أما المظاهر البسيطة التي تم رصدها فتتمثل في العمل لدى الأشخاص. أي: الكفالة الخاصة وليست العامة.

مقصد عدم الاستغلال

إن الاستغلال هو العنصر الأساسي من عناصر جريمة الإتجار بالبشر، وهو ما يميزه عن أية جريمة أخرى، وفي صوره مثل السخرة، العمل الجبري وأشكال الاستغلال الجنسي وما شابه ذلك، فنجد أن الشريعة الإسلامية حرمت الاستغلال قولًا واحدًا، وربما أن الشريعة الإسلامية حرمت الاستغلال، وأن الاستغلال هو ركن هذه الجريمة، فإنه ينتج من ذلك أن الشريعة واجهت هذه الجريمة وذلك بمنطق الاستغلال.

إذن ما هي علاقتها بالمقاصد الشرعية؟ وهل هناك مقصد اسمه عدم الاستغلال؟

نعم، الكثير من الفقهاء قالوا: إنه يمكن الاستدلال على المقاصد بإعمال الاجتهاد، فمثلًا الأستاذ الدكتور عوض محمد عوض قال في مقالة له اسمها «مقصد العدل وأثره في التشريع الجنائي الإسلامي» مقالة منشورة في مقاصد الشريعة الإسلامية وقضايا العصر مركز دراسات المقاصد 2007م، ذكر فيها الطريقة المثلى لاستقصاء مقاصد الشرع يجب أن تتجاوز هذه النظرة الضيقة، وأن تتسع لتشمل جملة أوامر الشرع ونواهيه؛ لأن الشرع لا يأمر إلا بما يحفظ أو يحقق مصلحة، ولا ينهي إلا عما يعد مفسدة، ومن جماع الأوامر والنواهي يسهل استنباط مقاصد.

وهذا يبين رؤية توسيع فكرة المقاصد والاستنباط منها، ومن هذه الفكرة يمكن القول: إن مقصد عدم الاستغلال من المقاصد الشرعية مع اختلاف في الاتجاه في الاستدلال.

هل يمكن أن نؤسس المقصد في النهي عن الاستغلال أو لا؟

نقول: إن الشريعة الإسلامية حرمت أكل أموال الناس بالباطل؛ فقد حرمت الربا، والغش، والخديعة، كما حرمت التطفيف في الكيل والميزان، وحرمت كذلك الوسائل غير المشروعة، وهي التي يمكن أن تؤدي إلى الجريمة عن طريق القوة، والقوة من وسائل جريمة الإتجار بالبشر طبقًا للقانون الذي سبق، وهذه كلها من وسائل جريمة الإتجار بالبشر، وحرمت استغلال حالة المدين، فقال سبحانه وتعالى: ﴿وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ﴾ [البقرة: 280]. حرمت أيضًا استرقاق المدين في حالة تعثره عن الوفاء بالدين بالعفو عنه، وكذا الاستغلال الجنسي الذي تم رصده في 176 دولة من 177.

هذا كله نشأ من فكرة القيم الأخلاقية غير الموجودة وضعفها في المجتمعات، ولا يمكن أن ننكر ما تهدف إليه الشريعة في تهذيب هذه القيم، ولذلك قيل: «والشريعة تبين بإجمال التحريم العام للاستغلال، وتحرم على نحو محدد الأنواع المعينة للاستغلال التي تشمل على نحو مشابه لبروتوكول الإتجار بالأشخاص، وحظر استغلال الأيدي العاملة، وهو ما ذكره في البرتوكول وحظر استغلال دعارة الغير، حظر الإتجار بأعضاء جسم الإنسان، وحظرت التبني وحظرت الزواج بالإكراه«.

إذن كيف نقول: إن هذه الجريمة التي عالجها القانون الدولي والقوانين المحلية لها أصول لدينا؟

وأيضًا يوجد بعض الاتفاقيات والمواثيق الدولية مثل الميثاق العربي لحقوق الإنسان أيضًا واجه هذا الأمر.

وقد منع الإسلام أيضًا الكسب الذي صاحب مصدرًا خبيثًا، فالإنسان الذي يتاجر بإنسان ويستغله من أجل أن يكسب فهذا محرم.

نريد أن نعرف المقاصد الشرعية والحقوق الاقتصادية ومكافحة الإتجار بالعمال، حيث إن من صور الإتجار بالبشر الإتجار بالعمالة، أو استغلال العمال، وهذه أخطر وأوسع الصور انتشارًا للإتجار بالبشر، وهي أكثر الصور الموجودة بالمنطقة العربية، ولذلك فإن القانون المصري قانون مكافحة الإتجار بالبشر، حماية للعامل المصري الذي سيسافر للعمل بالخارج حماية له وضع عالمية تطبيق هذا القانون فأخذ استثناء من مبدأ الإقليمية، وجعل القانون يأخذ مبدأ العالمية. ويتبين هذا في نطاق تطبيق القانون من حيث المكان بالمادة 16 «مع مراعاة حكم المادة 4 من قانون العقوبات المادة الإقليمية، تسري أحكام هذا القانون على كل من ارتكب خارج جمهورية مصر العربية من غير المصريين جريمة الإتجار بالبشر المنصوص عليها في المادتين 5 و6 منه، متى كان الفعل معاقبا عليه في الدولة التي وقع فيها تحت أي وصف«.

وهذه صياغة دقيقة جدًا، وذلك حتى يحمي المصري الذي وقعت عليه جريمة من الجرائم المنصوص عليها في قانون الإتجار بالبشر وهو في الخارج، حتى ولو كانت الدولة الخارجية التي بها لم يكن لديها قانون مكافحة جرائم الإتجار بالبشر.

فإذا كان مصري يعمل في الإمارات، فهناك قانون مكافحة الإتجار بالبشر، أو يعمل في قطر ولا يوجد بها قانون مكافحة جرائم الإتجار بالبشر، وبفرض أن هناك أعمالا معينة كأن لم يحصل على أجره، أو تعرض للاستغلال، إذا كان المجني عليه مصريًا فيطبق هذا القانون، فإذا تم تسليمه فالمادة 16 هذه تختص بنطاق التطبيق.

لقد رصد بكثير من الدول ومنها الدول العربية إتجارًا بالعمال، نجد في دول العبور والاستقبال الجزائر وليبيا وقطر، ودول الاستقبال هي البحرين والأردن والكويت والسعودية وسوريا والإمارات العربية المتحدة، ودول منشأ وعبور واستقبال، مصر والسودان وتونس واليمن، لم يرصد الإتجار بالبشر على المستوى الداخلي، ولكن على المستوى الدولي.

والإتجار بالعمالة يوجد منه نوع آخر اسمه الإتجار بعمالة الأطفال، وهنا تم رصده في 142 دولة من إجمالي 177 دولة، وهذه نسبة مرتفعة جدًا بالنسبة للدول العربية.

وهناك أيضًا الإتجار بالعمالة المنزلية، وهذا تم رصده في 166 دولة من 177 دولة شملهم التقرير، ويتم تصنيفه. الإتجار بعمالة الأطفال وجد في 29 دولة، والإتجار بالنساء والأطفال سويًا في 10 دول.

وبالنسبة للدول العربية فإن الإتجار بالأطفال يتم في مصر والأردن واليمن، والإتجار بالنساء يتم في العراق وليبيا وسوريا والإمارات العربية المتحدة، دول العبور والاستقبال بالذات ليبيا وعمان وقطر، دول المنشأ والعبور والاستقبال مصر وتونس والمغرب واليمن.

ولكن كيف يمكن القول بأن المقاصد الشرعية تكافح هذه الجريمة؟

نقول: إن هذا مرتبط بالحقوق الاقتصادية، فالحقوق الاقتصادية هي إحدى صور حقوق الإنسان، الحق في العمل، والحق في الملكية، حيث إن هناك ارتباطًا وثيقًا بين المقاصد الشرعية وحقوق الإنسان، فتعاليم الإسلام كلها تكافح جميع صور الإتجار بالعمالة التي تم رصدها.

الوسائل التي وجدت في الفقه الإسلامي من خلال قراءة المقاصد الشرعية والتي كافحت الإتجار بالبشر.

أولًا: يجب صحة العقود الواردة على العمل، فالإمام محمد بن عاشور قال في كتاب «المقاصد الشرعية«: فالعقد الصحيح هو الذي يستوفي القاصد الشرعية منه فكان موافقًا للمقصود منه في ذاته، والعقد الفاسد هو الذي اختل منه بعض مقاصد الشرعية.

وقال: الحق في العمل هذا حق من حقوق الإنسان، والمعاملات الواردة عن معاملات الإنسان هي تجارة الأبدان والمساقاة والمزارعة.

لقد تكلم فقهاء الإسلام عن مكانة العمل في الإسلام، ومكانة حقوق العامل، فالإسلام اهتم اهتمامًا كبيرًا بمسألة العمل، هذه حقيقة، ويجب الاهتمام بها، وعلى حد علمنا فنحن لسنا مهتمين بفكرة الحقوق الاقتصادية للإنسان، ومنها الحق في العمل، إننا لم نهتم بها في المنطقة العربية؛ لأننا نعتبر الكلام عن الحقوق الاقتصادية يمثل نزعة من النزاعات الاشتراكية إلى حد ما.

ولكن هل مذهب معين هو الذي أدخل عدم الاهتمام به؟! فيجب الاهتمام به وتوضيح أن الإسلام نظم فكرة الاهتمام بالعمل، وقد نظمها التنظيم الأمثل: ساعات العمل، حقوق العمال.

نحن في حاجة ماسة إلى دراسات في مجال الحقوق الاقتصادية. ونأخذ مثالًا واقعيًا: فجامعة في إيطاليا بالاشتراك مع جامعة مصرية قالت: إنها تريد مجموعة من المتخصصين كي يكتبوا في موضوع الحقوق الاقتصادية دراسة مقارنة بين الفقه الإسلامي والتشريعات الوضعية والقوانين الدولية، فشكل فريق من الأوروبيين يدرسون الحقوق الاقتصادية في دول الاتحاد الأوروبي بالإضافة إلى مجموعة الأساتذة المصريين. فهم قد ركزوا على هذه الفكرة بالذات، وهي الحقوق الاقتصادية، فهي تتعلق بالحق في العمل، والحق في الملكية، وهذه أسس الاقتصاد العالمي.

صحة العقود الواردة على العمل في المقاصد الشرعية:

اتفق الفقهاء على أن الإسلام كفل الحق في العمل ووضع له أسسًا وضمانات للحماية.

فالعمل من مستلزمات الحياة الإنسانية، فالرسول عليه الصلاة والسلام حث على العمل فقال: «إن أشرف الكسب كسب الرجل من يده»4. والعمل حق على كل فرد قادر عليه، فالإسلام كفل حرية العمل، ثم جاء الإسلام بقواعد أساسية لحماية حقوق العامل، فلو تم المساس بها في صورة استغلال فقد تحققت جريمة الإتجار بالبشر.

ولابد أن يكون العمل جائزا من الناحية الشرعية، فلا يجوز استغلال أحد استغلالًا جنسيًا، وكذا الأعمال غير المشروعة. ففرض أولًا مشروعية العمل، وشرط ثانيًا أن يكون العمل مشروعًا، ولكن تقع جريمة الاستغلال مثل عدم دفع الأجر للعامل، فالإسلام أقر بضرورة دفع الأجر للعامل كما في الحديث: «أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه»5. حتى إننا نلاحظ في الحديث أن العامل يلزم أن يعمل بجدية حتى إنه يتصبب منه العرق، وفي حديث آخر: «ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة». ومنهم: «رجل استأجر أجيرًا فاستوفى منه ولم يعطه أجره6». فهذا الحديث ينهي صراحة عن الإتجار بالعمالة، فلو آمن الإنسان بهذا الحديث وعمل به فمن أين سيأتي الإتجار بالعمالة؟!.

ومن المقاصد الشرعية التي أوردها ابن عاشور مقصد التعجيل بإيصال الحقوق لأصحابها، ومنها طبعًا الحق في الأجرة، وهو مقصد من السمو بمكان، فإن الإبطاء في إيصال الحقوق لأصحابها يتبع ظهوره ظهور مفاسد كثيرة، فهذا المقصد نستدل منه أنه يستوجب إيفاء الأجرة للعامل، وهو ما يشكل وسيلة من وسائل مكافحة الإتجار بالبشر.

ومن ضمن الضوابط التي وضعها الإسلام لمكافحة الإتجار بالبشر، في دائرة الإتجار بالعمالة، مراعاة إنسانية العامل: عدم إرهاقه، عدما لمساس بكرامته، إعطاؤه فترة من الراحة، أن العمل نفسه لا يؤدي إلى رابطة عبودية بين العامل وصاحب العمل، وهذا ما يسمى بالعمل الجبري، وهذه صورة من صور الإتجار بالبشر المنصوص عليها في القوانين الداخلية والدولية، يجب عدم الإثقال على العامل وعدم استغلاله بتشغيله ساعات طويلة.

قيمة العمل في نظرية التوزيع في الاقتصاد الإسلامي، يوجد فيها دراسات كثيرة تدرس الحقوق الاقتصادية، وقيمة العمل، وفكرة عدالة التوزيع. العمل في نظرية التوزيع الاقتصادية أساس هام للحصول على الدخل، والإسلام نهى عن الحصول على الدخول من دون عمل، فقد منع عقود الغرر والسمسرة والمقامرة والربا.

إن الإتجار بالبشر من أكثر أنواع التجارة التي تدر أرباحًا كثيرة بعد تجارة السلاح.

إذن مقصد عدم الاستغلال من المقاصد الشرعية التي تكافح وتجرم كل صور وأشكال جرائم الإتجار بالبشر.

مقاصد أحكام الأسرة، ومكافحة الاستغلال الجنسي:

أشار الشيخ الطاهر بن عاشور في كتابه إلى مقصد اسمه مقصد أحكام الأسرة قال فيه: إن انتظام أمر العائلات في الأمة أساس حضارتها، فلذلك كان الاعتناء بضبط نظام الأسرة من مقاصد الشرائع البشرية كلها، وكان ذلك من أول ما عني به في إقامة أصول مدينته بإلهام إليه، روعي فيه حفظ الأنساب من الشك في انتسابها.

وبناء عليه فإننا إذا رغبنا في ربط هذا المقصد بجرائم الإتجار بالبشر الواردة بالاستغلال بالأسرة، فسوف نجد أن الاستغلال بالجنس هو صورة من صور الاستغلال بالبشر، وقد حرمه الإسلام بما يلي: تحريم الزنى، وضع تنظيم أمثل للزواج.

وهنا نشير إلى واحدة ممن ترصد التقرير عن حالات الإتجار بالبشر في الشرق الأوسط، وهذه سيدة من نيجيريا مبعوثة الأمم المتحدة في نيجيريا، وكنت معها في هذا المؤتمر في جنوب أفريقيا وأخذنا نتناقش قضية، وكان جُلُّ اهتمامها في الأسئلة ما يخص المنطقة الشرق أوسطية كلها فقالت لي: لديكم ظاهرة الزواج بالنساء القاصرات، وكذلك الزواج الموسمي، فكان ردنا لها أن الإسلام واجه هذه المشاكل بتنظيم عمليات الزواج، وإن كان هناك بعض الخلل في التطبيق فهذا لا ينفي صلاحية النظرية العامة، فالإسلام حث على الزواج من أجل منع مظاهر الاستغلال وممارسة الدعارة، واشترط الإشهار في الزواج، ولا يجوز توقيت الزواج، وحرم الإكرام على البغاء بقوله سبحانه وتعالى: ﴿وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ﴾ [النور: 33].

هناك أمر آخر وهو مسألة التبني من أجل الإتجار، وهذه الحالة لم ترصد بالعالم العربي؛ لأن التبني ممنوع في شريعتنا، فالإسلام حظر التبني.

وقال من كتب في هذه المسألة: إن عدم ممارسة التبني – حسب مفهومه بالغرب – أدى إلى خفض الطلب على أطفال التبني في جميع أنحاء العالم الإسلامي؛ لأن في العالم الأوروبي والعالم الغربي يتم طلب تبني الأطفال، حيث يتبنى الطفل من أجل استغلاله، يعني أن عملية مشروعة تؤدي إلى عملية غير مشروعة، فالإسلام قضى على هذا التبني من أساسه.

أخيرًا هناك مقصد اسمه مقصد المساواة ومكافحة الاسترقاق والممارسات الشبيهة بالرق، ومقصد المساواة ومكافحة الاسترقاق أشار إليه ابن عاشور، فنحن لدينا من ضمن صور الإتجار بالبشر: الاسترقاق والممارسات الشبيهة بالرق، مثل المدين المتعثر بدينه، فمقصد المساواة هذا من المقاصد الكلية للشريعة الإسلامية، والطاهر بن عاشور قال صراحة الإسلام دين الفطرة، فكل ما شهدت الفطرة بالتساوي فيه ما بين المسلمين.

فالتشريع يفرض فيه التساوي بينهم، وكل ما شهدت الفطرة تفاوت البشرية فيه بالتشريع، فهو بمعزل عن فرض أحكام متساوية فيه، ويكون ذلك موكولا للنظم المدنية التي تتعلق بها سياسة الإسلام.

مقصد المساواة يقترن بمقصد الحرية، وقد أشار إليه الطاهر بن عاشور وقال صراحة: نحن نتحقق أن المساواة من مقاصد الشرعية الإسلامية، لزم أن يتفرع على ذلك أن استواء أفراد أمة في تصرفهم بأنفسهم مقصد أصلي من مقاصد الشريعة، وذلك هو المراد بالحرية.

نحن نستغل الفكرة ونتقدم للفكر الغربي ونقول له: إن من صور الإتجار بالبشر هو استرقاق الناس، أو حالات شبيهة بالرق تقيد حريتهم وتؤدي إلى استغلالهم، وهذه الأشياء ممنوعة لدينا بشريعتنا، ومن مقاصد الشريعة، وهو مقصد المساواة، ولذلك نستدل على الإتجار بالبشر، فقد ذكرنا أنه رق عصر العولمة.

وقد قال ابن عاشور في هذا المقصد: الإسلام سلط عوامل الحرية على عوامل العبودية بتقليلها وعلاج المتبقي منها، وذلك بإبطال أسباب كثيرة من أسباب الاسترقاق، فأبطل استرقاق الاختيار، وهو بيع المرء نفسه، أو بيع كبير العائلة لبعض أبنائها.

فلو نظرنا إلى المادة 2 من قانون مكافحة الإتجار بالبشر من القانون المصري، نجدها مطابقة لما ورد في كلام ابن عاشور، فهو قد أبطل الاسترقاق للبشر لأجل الجناية، وأبطل الاسترقاق في الدين.

يمكننا القول بأن خلاصة هذه الفكرة كلها أن مقاصد مكافحة الإتجار بالبشر من المقاصد الكلية الشرعية.

ثانيًا أن من مجموعة المقاصد الكلية الشرعية التي وردت في هذا الكتاب – كتاب الطاهر بن عاشور – مجموعة المقاصد التالية: مقصد حفظ الفطرة – مقصد التعجيل بالوفاء بالحقوق – مقصد الحرية والمساواة – حفظ النوع الإنساني – حفظ النسل – مقصد حفظ المال.

وتم بيان كيفية تأسيس تجريم الإتجار بالبشر من خلال الاستدلال بهذه المقاصد، هذه الفكرة التي حاولت عرضها بإيجاز بسيط، وبالإضافة إلى ذلك استعنت ببعض الملاحق منها: إعلان القاهرة حول حقوق الإنسان في الإسلام، وكثير من الناس لا يعرف هذا الإعلان، وهو موجود على شبكة الإنترنت، بالإضافة إلى ذلك البيان العالمي عن حقوق الإنسان في الإسلام سنة 1981م، بالإضافة إلى الميثاق العربي لحقوق الإنسان.

هذه هي الرؤية الإسلامية التي وضعها المشاركون في وضع هذه الإعلانات، وهم فقهاء على أعلى مستوى من العلم، وانتهوا إلى هذه الخلاصة الموجزة، وإذا أردنا أن نقابلها بالرؤية الغربية فسوف نقرأ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

فحقوق الإنسان هي الحقوق التي يتمتع بها الإنسان بوصفه إنسانًا مجردا عن أي وصف آخر، فهذا هو مصدر الاتفاق بين الرؤيتين الإسلامية والغربية، فمثلًا الحق في الحياة هو حق من حقوق الإنسان، سواء في الإسلام أو الغرب، فهل يجوز الإجهاض؟

كذلك الحق في تكوين أسرة، هو من حقوق الإنسان في الرؤية الإسلامية والمفهوم الغربي، ولكن كيف تشكل هذه الأسرة، ولذلك يجب الدخول في تفصيلات الحق، ونحن لدينا في الإسلام حق تكوين الأسرة وله شكل معين.

الحق في الميراث، حق من حقوق الإنسان، ولكن عندما يقول: حق المساواة بين الرجل والمرأة. يكون لدينا تحفظ، ولذلك تجد أن الدول العربية كلها قد تحفظت على هذه الجزئية لمخالفتها الشريعة، لأن مشكلة حقوق الإنسان هي مشكلة على المستوى الداخلي علاقة بين السلطة والحرية، فالسلطة ضرورة من ضروريات المجتمع، والحرية أساس من الأساسيات، لا نستطيع أن نعيش بدون حرية، وفي نفس الوقت حتى تمارس الحريات نحتاج إلى سلطة ليتم تنظيمها، فمن الممكن استخدام وسيلة حقوق الإنسان لتحقيق التوازن بين الأمرين.

فمشكلة حقوق الإنسان على المستوى الدولي التوفيق بين أمرين، سيادة الدولة واعتباراتها الداخلية الاقتصادية والدينية والسياسية، وهكذا، ووجودها كعضو في المجتمع الدولي، هذه هي مشكلة حقوق الإنسان، فعلى المستوى الداخلي كيف نستطيع عمل قوانين ودساتير توفق بين السلطة والحرية؟

ولو قرأنا كلاما لفقهاء العالم الإسلامي عن حكم الإدارة، نجد يتكلم عن السلطة ويذكر أن السلطة ضرورة شرعية، ولكن بما أنها ضرورة شرعية تحول للاستبدال بالدخول من خلال الحريات.

وعلى المستوى الدولي كيف نوفق بين وجود الدولة في المجتمع الدولي وما عليها من التزامات وما لها من حقوق، وبين اعتبارات السيادة وعواملها الداخلية ومقوماتها الإسلامية وهكذا؟

ملاحظة:
نشر هذا النص في الكتاب التالي:
مقاصد الشريعة عند الطاهر بن عاشور (مجموعة بحوث(، 2013،، مؤسسة الفرقان بالتراث الإسلامي، لندن، ص209-238 .

يرجى الملاحظة بأن بعض الصور المستخدمة في هذه المقالة المنشورة على الموقع قد لا تكون جزءًا من نسخة المقالة المنشورة ضمن الكتاب المعني.

مقالات مختارة

إقرأ المزيد

الحقوق والحريات في الإسلام

أحمد فرَّاج محتويات المقال:الأمر الأول: إزالة ما علق بالإسلام من تشويهالأمر الثاني: الذي أرى أننا مـدعوون إليه هوالتطوّرالتقويمالحريات في الإسلامالقيود حماية الحق عندما نتحدّث عن حقوق الإنسان وحرياته في الإسلام، نتحدّث ع...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

موقف المنظمات الدولية من جرائم الدول ضد الإنسانية مع رؤية من منظور إسلامي

محمد شكري الدقّاق موقف المنـظمات الدوليةالمسؤولية عن الجرائم ضد الإنسانية في القانون الدولي الجنائيأ– القــانون الـدولي الجنـائيب– القـــانون الدولي الجنـائيالتفرقة بين المسؤولية الجنائية للدولة ومسؤوليتها عن العمل غير ا...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

حقوق غير المسلمين في المجتمع الإسلامي

فهمي هويدي محتويات المقال:هل الإيمان بالإسلام شرط للمواطنة في المجتمع الإسلامي؟ما هي حقوق غير المسلمين في المجتمع الإسلامي؟ النظر إلى حقوق غير المسلمين في مجتمع المسلمين لا يتحقّق إلا إذا استوعبنا أمـوراً عدة في البداية ...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

تنظيم الدفاع عن حقوق الإنسان

محاولة للتأصيل من منظور إسلامي محمد سليم العوّا 1- لا يخطيء من يقول إن «حقوق الإنسان» هي شعار الـربع الأخيرمن القرن العشــرين الميلادي. فـقـد نشطت حـركة الـدفاع عن حقوق الإنسان منذ أواسط السبعينيات من هذا القرن نشاطا فاق...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

مقصد الحرية عند الطاهر بن عاشور

محمد سليم العوا بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإننا لو تحدثنا عن مقصد الحرية عند الطاهر بن عاشور منذ شهرين لكان حديثاً مكروراً مُعاداً لا يجد الإنسان له صدى في واقع حياته اليومية...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

مقصد العدل في القرآن الكريم

محمد سليم العوَّا: مفكر إسلامي وخبير قانوني وهو عضر مجمع اللغة العربية بمصر، والأكاديمية الملكية الأردنية، ومجمع الفقه الإسلامي الدولي – منظمة لمؤتمر الإسلامي – جدة محتويات المقال:أولا: بين الشاب والشيخثانيًا: ما هو العد...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

مقاصد الشريعة الإسلاميّة وتحفظات الدول الإسلامية على الاتفاقيات الدولية

أحمد عوض هندي: أستاذ قانون المرافعات- كلية الحقوق- جامعة الإسكندرية محتويات المقال:1- مقاصد الشريعة الإسلامية:2- العلاقة بين مقاصد الشريعة وأحكام القانون:3- مفهوم الاتفاقيات الدولية وأثرها:4- ظهور المعاهدات ذات الطابع ال...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

مقاصد الشريعة الإسلاميّة والمحكمة الجنائية الدولية

عوض محمد عوض: أستاذ بكلية الحقوق- جامعة الإسكندرية محتويات المقال:فكرة المحكمة الجنائية الدولية: نشأتها وتطورهاالجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدوليةالمحكمة الجنائية الدولية في ميزان الشريعة الإسلاميةأولًا:...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

مقصد العدل وصداه في التشريع الجنائي الإسلامي

عوض محمد عوض محتويات المقال:المقاصد الشرعيةأولا: مبدأ الشرعيةثانيا: مناط المسؤوليةثالثا: العلم شرط لاستحقاق العقابرابعا: شخصية المسؤوليةخامسا: المساواةسادسا: التناسب بين الجرم والعقاب  (1) الأصل في الشرائع كلها أنها...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

مقاصد الحرية في الفقه الإسلامي المعاصر حق التنظيم الحزبي والانتخابات نموذجًا

راشد الغنوشي: مفكر وسياسي إسلامي، زعيم حزب النهضة التونسي محتويات المقال:الحريّة مقصدٌ شرعيٌّحرية الاعتقاد والضميرحق التنظيم الحزبي والانتخاباتحق التنظيم الحزبيأ- مفهوم الحزب لغةب - مفهوم الحزب اصطلاحًاخلفيات النظرة السل...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

مقاصد الشريعة في قوانين العمل وحقوق الإنسان

أحمد جاب الله: مدير المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية – باريس محتويات المقال:تعريف العملالمقاصد الشرعية للعمل1- مقصد التعبد2- عمارة الأرض وتنمية الثروة3- تحقيق الاكتفاء الذاتي4- التعبير عن القدرات الذاتية في العمل والإنتا...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

العدل في النص القرآني

محمد سليم العوَّا عرض الدكتور محمد حسن جبل لمعاني تعبير (العدل) ومشتقاته في القرآن الكريم وانتهى بعد استقراء مواضع الاستعمال القرآني لهذه الكلمة إلى أنها ترد في مواضعها كلها بمعنى العدل الذي هو ضد الظلم، اللهم إلا في أرب...

مقالات متعلقة بأيام دولية
Back to Top