مقصد العدل في القرآن الكريم

شارك:

محمد سليم العوَّا: مفكر إسلامي وخبير قانوني وهو عضر مجمع اللغة العربية بمصر، والأكاديمية الملكية الأردنية، ومجمع الفقه الإسلامي الدولي – منظمة لمؤتمر الإسلامي – جدة

محتويات المقال:
أولا: بين الشاب والشيخ
ثانيًا: ما هو العدل؟
ثالثًا: العدل في النص القرآني
رابعًا: تحقيق العدل بالنهي عن الظلم
خامسًا: العدل في قصص القرآن وأمثاله
سادسًا: العلماء ومقصد العدل

أولا: بين الشاب والشيخ

1) لم يدر بخلدي قط أن مقصد العدل في القرآن الكريم، أو في الشريعة الإسلامية بوجه عام، يقتضي بيانًا جديدًا، أو تجديدًا لبيان قديم. إذ تصورت –دائمًا– أن هذه المسألة من البدهيات الواضحات التي قيل في مثلها: «توضيح الواضحات من أصعب المشكلات»(!)

2) ثم كان أن جمع عشاء دعا إليه الأخ الكبير معالي الشيخ أحمد زكي يماني، في مناسبة مقاصدية، بين عالم شاب نابه، حاد العقل دقيق الجسم (أو هكذا كان يومئذ!) وشيخ عظيم الجِرم، كث اللحية أشيبها؛ وأراد الشاب أن يشغل الشيخ عن جيد الطعام ببعض مفيد الكلام، فحدثه عن المقاصد ودورها في الاجتهاد الفقهي... حتى جاء على ذكر العدل، فنفى الشيخ أن يكون «العدل» من المقاصد، وأبى أن يفهم عن العالم الشاب مراده أو ينشغل بمحاورته(!)

3) وتعجبت، وتعجب كثيرون، من أمثالي من طلاب العلم، من هذه القصة، ولم نستطع فهم نفي الشيخ -الذي كان آنئذٍ مفتيًا رسميًا مرموقًا- لكون العدل مقصدًا من مقاصد الشريعة الإسلامية، على الرغم من كثرة ما كتبه الفقهاء والأصوليون المقاصديون في هذا الشأن(!)

4) ونسيت مع مرور الأيام، إذ اختلاف النهار والليل ينسي، نسيت القصة كلها، أو أُنسيتها... إلى أن أشار عليَّ الأخ العزيز الأستاذ محمد ادريوش بأن أجعل موضوع مشاركتي في هذه الدورة المباركة عن مقصد العدل في القرآن الكريم، فكانت قصة العالم الشاب والشيخ الأشيب أول ما تبادر إلى ذاكرتي، ووجدت أن من حقكم عليَّ أن أخبركم بها لئلا تضيع مرة ثانية مع الأيام، ولتكون عبرة يستحضرها من يَرِدُ عليه سؤال يَفْجَؤه فيتروى ويتأمل ولا يعجل بكلام لا يحب –من بعد– أن يؤثر عنه(!!)

ثانيًا: ما هو العدل؟

5) العدل هو ما قام في النفوس أنه مستقيم، وهو اسم من أسماء الله، تعالى، إذ هو، سبحانه، لا يميل به الهوى فيجور في الحكم. والعدل الحكم بالحق. والعدل من الناس المرضيُّ قوله وحكمه وشهادته1، والعدل هو الاستقامة، يقال هذا قضاء عدلٌ غير حَدْل، فالحدلُ ضدُّ العدل2. والعدل هو الإنصاف3. والعدل تقويم الشيء إذا مال ولو أدنى ميل، والعدل الحكمة.4 والعدل القسط، يقال أقسط إذا عدل وقسط إذا جار5. وعَدَلَ الشيء بالشيء أي سواه به، وعَدَّلتُ الشهود: إذا قلت إنهم عدول6. والعدل هو الأمر المتوسط بين طرفي الإفراط والتفريط، وهو الاعتدال والاستقامة والميل إلى الحق7. والعدل نقيض الجور، يقال «عَدَلَ بين الخصوم أي أنصف ولم يظلم8». وعلى هذه المعاني المتقاربة يدور استعمال كلمة العدل، وكلمة القسط، في لغة العرب.

6) والعدل عند المعتزلة هو أحد أصولهم الفكرية الخمسة التي لا يعد معتزليًا من لم يجمع القول بها9. وحاصل قولهم في العدل أنه «التصرف على مقتضى الحكمة10». وهم يقصدون بالعدل تقرير حرية الإنسان ومسؤوليته عن أفعاله11، ولهم في تعريفات العدل عبارات كثيرة يواجهون بها فكرة الجبر التي نشأت زمن بني أمية12. ولأهل السنة والجماعة مناقشات مستفيضة لهذا الأصل، ردًا على وجهة النظر المعتزلية.

7) ولأهل اللغة استعمال خاص لمصطلح العدل، لا يريدون به أيًا من المعاني السابقة لهذه الكلمة، بل يريدون به العدول عن باب الأصل إلى باب فرع من فروعه أو صيغة من صيغه13.

8) وشيوع استعمال اللفظ في مجالات معرفية متعددة، أو تعدد تصريفاته التي يؤدي كل منها معنىً مغايرًا للمعنى الذي يؤديه سواه، يجعله من زمرة الألفاظ التي يسميها علماء اللغة الألفاظ «الشريفة». وهكذا نجد لفظ «العدل» شائعًا في علوم كثيرة بمعانٍ متعددة، ونجد المعنى –معنى العدل– شائعًا تعبِّر عنه في لغة العرب كلمات مختلفة المباني. وهذا وذاك دليلان على أهمية العدل من الجهتين جميعًا: جهة اللفظ المعبِّر عنه أصلا، وجهة المعنى الذي يهدي اللفظ إليه14.

9) فإذا تركنا جانبًا العدل الاعتزالي، والعدل في مصطلح أهل اللغة، إذ كل منهما مستعمل في نطاق لا صلة له بمقاصد الشريعة، وعلى رأسها المقاصد القرآنية، فإن الأمر يقتضينا أن نيمم الوجه شطر القرآن الكريم لنقف على مواطن ذكر العدل والقسط فيه، وما إذا كان ذكره إياها يشير إلى «مقصد قرآني» أم هي أحكام
–بأنواعها– لا يستفاد منها مقصد قائم بذاته، كما زعم الشيخ المعمم؟!

ثالثًا: العدل في النص القرآني

10) عرض الدكتور محمد حسن جبل لمعاني تعبير «العدل» ومشتقاته في القرآن الكريم وانتهى بعد استقراء مواضع الاستعمال القرآني لهذه الكلمة إلى أنها ترد في مواضعها كلها بمعنى العدل الذي هو ضد الظلم، اللهم إلا في أربعة مواضع.15 ويذكر الدامغاني أن العدل في القرآن الكريم يفسَّر على خمسة أوجه هي: الفداء، الإنصاف، القيمة، شهادة أن لا إله إلا الله، الشرك16.

11) وقد ورد لفظ العدل وما اشتق منه في القرآن الكريم، تسع عشرة مرة، مستعملا بمعاني الحكم بالحق، وضد الجور، والإنصاف، والقسط، والسوية وما إليها، مما سبق ذكره17. على أنه ينبغي التنبه دائمًا إلى أن المقاصد القرآنية هي أصل المقاصد الكلية للشريعة الإسلامية. ومقاصد القرآن مبسوطة في الكتاب العزيز كله لا يقتصر البحث عنها على الآيات التي ورد فيها اللفظ الدال عليها أو المؤدي معناها، وإنما يرتحل للوقوف عليها بين دفتي المصحف الشريف، المرة بعد المرة، ليقف الراغب في التعرف على مقاصد القرآن الكريم على طلبته. كيف لا وهو الذي لا يخلق على كثرة الرد ولا تنقضي عجائبه، ويظل غضًا في فم كل قارئ وقلبه ما أخلص النية في تلاوته، وقصد بها وجه الله تعالى.

12) فمن ذلك قول الله تعالى في سورة البقرة: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وقوله في الآية نفسها ﴿فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ...[البقرة:282]. والمراد بالعدل في هذه الآية، بموضعيها، الحق18، بألا يزيد في الدَّيْن ولا ينقص منه بل يتحرى الحق والمعدلة بينهم19.

13) ومن ذلك قول الله تعالى في سورة النساء: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ…[النساء:58].

والخطاب الآمر بالحكم بالعدل في هذه الآية موجه للذين يتولون الحكم بين الناس في الخصومات، والمكلف بالحكم بين المتنازعين –كالقاضي والمحكّم ومن إليهما– عليه العناية بإظهار المحق منهما من المبطل، أو إظهار الحق لأحدهما وأخذ حقه ممن اعتدى عليه. والعدل: مساواة بين الناس في تعيين الأشياء لمستحقيها، وفي تمكين كل ذي حق من حقه. والعدل يدخل في جميع المعاملات، وهو من حسن الفطرة. والعدل في الحكم، وفي أداء الشهادة بالحق هو قوام صلاح المجتمع الإسلامي، والانحراف عن ذلك ولو قِيدَ أنملة يجر إلى فساد متسلسل20.

والعدل –في هذه الآية– عند الشوكاني هو فصل الخصومة على ما في كتاب الله وسنة رسوله ﷺ. وليس الحكمُ بالرأي المجردِ من الحقِّ في شيء21.

14) ولا ريب في أن هذا المعنى –لو انفرد– لجعل العدل مقصدًا قرآنيًا عامًا، ذلك أنه لا يختلف اثنان في أن صلاح المجتمع والأمة من أعظم المقاصد التي رعاها الإسلام وحثَّ عليها القرآن الكريم. ولا ريب في إتيان الشريعة بالنهي عن الفساد كله. والعدل هو الذي يحقق منع الفساد، فهو مقصود لذاته ومقصود لغيره. فأما أنه مقصود لذاته فبيانه أن القرآن والسنة متظاهران على الأمر بإيتاء كل ذي حق حقه، وعلى تحريم العدوان، ورده إن وقع، بإعادة الحق إلى صاحبه أو بتعويضه عما لحقه من ضرر؛ وأما أنه مقصود لغيره فبيانه أن صلاح العالم لا يكون إلا به، وما يقتضيه المقصود الشرعي بحيث لا يتحقق إلا به يكون مقصودًا كذلك وإلا تناقضت أدلة الشرع وتهاترت، وهذا عبث ينزه الشارع –سبحانه وتعالى– عنه في قول المسلمين كافة22.

15) ومن مواضع ذكر «العدل» في القرآن الكريم قوله سبحانه: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [النحل:90].

وقد اختلف في تأويل العدل والإحسان في هذه الآية، فنقل الطبري عن عبد الله بن عباس I أن المراد بالعدل قول لا إله إلا الله، والإحسان أداء الفرائض23، وأصَّل الطبري ذلك على فهم العدل على أنه «الإنصاف، ومن الإنصاف الإقرار بمن أنعم علينا بنعمته، والشكر له على أفضاله، وأن نولي الحمد أهله... فلزمنا أن نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له24».

ونُقِل عن علي بن أبي طالب I أن العدل هو الإنصاف، والإحسان التفضل. وعن سفيان بن عيينة أن العدل ها هنا استواء السريرة، والإحسان أن تكون السريرة أفضل من العلانية.25

واستحسن الشوكاني –بعد ذكره لتلك المعاني– تفسير العدل بمعناه اللغوي وهو التوسط بين طرفي الإفراط والتفريط، فيكون المقصود أن يكون العباد على حالة متوسطة في الدين، ليست بمائلة إلى جانب الإفراط وهو الغُلوّ المذموم في الدين، ولا إلى جانب التفريط وهو الإخلال بشيء مما هو من الدين26، وذهب ابن عطية إلى أن العدل هو فعل كل مفروض من عقائد وشرائع، وأداء الأمانات وترك الظلم، والإنصاف وإعطاء الحق27.

16) وأولى ما قيل، في معنى العدل هنا، بالصواب هو ما ذهب إليه الشيخ محمد الطاهر بن عاشور28 من أن العدل كلمة مجملة جامعة فيصار فيها إلى ما هو مقرر بين الناس في أصول الشرائع، وإلى ما رسمته الشريعة من البيان في مواضع الخفاء، إذ مرجع تفاصيل العدل إلى أدلة الشريعة. وحقوق الناس بعضهم على بعض قد أصبحت من العدل بوضع الشريعة الإسلامية. وهو يصف هذه الآية بأنها جامعة أصول التشريع. وأن العدل فيها يعني إعطاء الحق لصاحبه. وهو الأصل الجامع للحقوق الراجعة إلى الضروري والحاجيّ من الحقوق الذاتية وحقوق المعاملات29.

وإذا كان العدل أصلا جامعًا للحقوق، على هذا النحو، فلا ريب أنه يمثل مقصدًا عامًا من المقاصد القرآنية التي يتحقق بمراعاتها والنزول عندها مراد الشارع من التشريع بوجه عام.

17) وقد روي عن الحسن البصري أنه تلا هذه الآية: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ إلى آخرها ثم قال: «إن الله عز وجل جمع لكم الخير كله والشر كله في آية واحدة، فوالله ما ترك العدل والإحسان من طاعة الله شيئًا إلا جمعه، ولا ترك الفحشاء والمنكر والبغي من معصية الله شيئًا إلا جمعه30».

ورُوي عن عبد الله بن مسعود أنه قال: «هذه أجمع آية في القرآن لخير يُمتَثَلُ، ولشر يجتنب31».

18) وفي القرآن الكريم أمرٌ لرسول الله ﷺ: ﴿فَلِذَٰلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ [الشورى:15]. قال الشوكاني: «والظاهر أن الآية عامة في كل شيء32»، ونقل الطبري عن قتادة أنه قال: «أُمر نبي الله ﷺ أن يعدل فعدل حتى مات صلوات الله عليه. والعدل ميزان الله في الأرض، به يُأخذ للمظلوم من الظالم، وللضعيف من الشديد، وبالعدل يصدِّق الله الصادق، ويكذِّب الكاذب، وبالعدل يردُّ المعتدي ويوبخه33». والمقصود بالعدل هنا هو العدل في جميع الأحوال34.

19) وقد أمر الله بالتزام العدل في الشهادة على الوصية فقال سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ…﴾[المائدة:106]35.

وقال تعالى في الإشهاد على الطلاق:﴿ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّه...﴾[الطلاق:2]36.

ويقول الشيخ محمد الطاهر بن عاشور: «المقصد الشرعي أن تكون الشهادة في الحقوق بينة واضحة، بعيدة عن الاحتمالات والتوهمات»37.

20) ولم يأمر القرآن الكريم بالعدل في الحكم والفعل فحسب، بل فرض الله، سبحانه وتعالى، في كتابه، العدل في الكلام المنطوق ﴿وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ﴾ [الأنعام: 152].

قال الشيخ ابن عاشور: «وهذا جامع كلَّ المعاملات بين الناس [التي تكون] بواسطة الكلام... والعدل في ذلك أن لا يكون في القول شيء من الاعتداء على الحقوق: بإبطالها أو إخفائها... ومنه التزام الصدق في التعديل والتجريح وإبداء النصيحة في المشاورة، وقول الحق في الصلح... وإذا وعد القائل لا يخلف، وإذا أوصى لا يظلم أصحاب حقوق الميراث، ولا يحلف على الباطل، وإذا مدح أحدًا مدحه بما فيه. وأما الشتم فالإمساك عنه واجب ولو كان حقًا فذلك الإمساك هو العدل لأن الله أمر به... والمرء في سعة من السكوت إن خشي قول العدل. وأما أن يقول الظلم والباطل فليس له سبيل إلى ذلك... وجاء طلب الحق بصيغة الأمر بالعدل، دون النهي عن الظلم أو الباطل...»38. ومرد هذا الفهم الصحيح للآية الكريمة أن كلام الناس يكون حقًا أحيانًا، ويكون باطلاً أحيانًا أخرى، والأمر بالعدل أمر بألا يكون الكلام إلا بالحق، فهذا هو مراد الشارع من الآية. وفي قوله تعالى ﴿وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ﴾ نهي عن التعصب لقريب أو التعصب على بعيد، ونهي عن الميل مع صديق أو على عدو، بل الواجب هو التسوية في الحق بين الناس لأن ذلك هو العدل الذي أمر الله به39.

21) ولأن واجب القيام بالعدل، أو بما يوجبه العدل من حق للغير لا يسقط عن المسلم في أي حال كان، ولأن الإنسان قد لا يستطيع القيام بالواجب منه على الوجه الأكمل فإن القرآن الكريم لم يأمر بالعدل الكامل التام في كل حال، بل أمر بما يمكن منه عندما يكون الوصول إلى تحقيقه كاملا غير مستطاع. برهان ذلك قوله تعالى: ﴿وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ  وَإِن تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾ [النساء:129]. فالعدل الذي تنفي هذه الآية إمكانه هو العدل المطلق الكامل، الذي يسوي فيه الرجل بين زوجاته في الأقوال والأفعال والمحبة والمعاشرة، وغير ذلك من صور التعامل بين الرجل ونسائه.40 وعبّرت الآية الكريمة بــ (لَن) للمبالغة في نفي إمكان العدل التام، وعلل ذلك ابن عاشور بأن «أمر النساء يغالب النفس، لأن الله جعل حُسْنَ المرأة وخُلُقَها مؤثرًا أشد التأثير، فرب امرأة لبيبة خفيفة الروح، وأخرى ثقيلة حمقاء، فتفاوتهن في ذلك وخلو بعضهن منه يؤثر لا محالة تفاوتًا في محبة الزوج بعض أزواجه، ولو كان حريصًا على إظهار العدل بينهن، فلذلك قال﴿وَلَوْ حَرَصْتُمْ﴾وأقام الله ميزان العدل بقوله: ﴿فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ﴾ أي لا يُفْرِطْ أحدكم بإظهار الميل إلى إحداهن حتى يسوء الأخرى بحيث تصير كالمعلقة41».

وقد نهى الله تعالى عن الميل كل الميل، لأن ترك الجور كل الجور في وسع الرجل، فليكن الميل بقدر، وليتجنب ما يعد منه جورًا تصبح معه إحدى الزوجتين –أو الزوجات– كالمعلقة42.

22) ومع أن العدل الكامل غير مستطاع –بصريح النص القرآني– فإن القدر الممكن منه واجب على الزوج إعمالا لقاعدة التكليف بالوسع.

والعدل في أداء حقوق الزوجة الواحدة –حال عدم التعدد– واجب وجوبه بين الزوجات المجتمعات إذا تعددن. فلا يجوز للرجل أن يميل عن زوجته ميلا يعد ظلمًا لها ولو لم يبلغ بها أن تكون كالمعلقة. فإن من واجب الأزواج البرُ بالزوجات وإحسان الصلة بهن وهذا بعض معنى قول الله تعالى ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ﴾ [النساء:34]، فإن القوَّام هو القائم على الشيء بما يصلحه. وليس الإصلاح أن يظلمها أو يميل عنها أو يقصر في حقوقها.

فإن «من الحب حظًا هو اختياري، وهو أن يَرُوضَ الزوج نفسَه على الإحسان لامرأته، وتحمل ما لا يلائمه من خَلْقِها أو أخلاقها ما استطاع، وحسن المعاشرة لها، حتى يحصل من الإلف بها والحُنُوَّ عليها، بطول التكرر والتعود، ما يقوم مقام الميل الطبيعي43». وهذا أحد المواضع التي استنبطت منها القاعدة القائلة: «ما لا يدرك كله لا يترك جله».

23) وأمر الله سبحانه أن يكون العدل أساس الحكم في جزاء قتل الصيد عمدًا في الحرم ﴿...فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ...﴾ [المائدة:95]. والحكمان من ذوي العدل –في هذا المقام– يجب أن يَجْمعا، إلى العدالة الذاتية، المعرفةَ بقيمةِ الصيد الذي قتله المُحْرِم لأنه ليس كل عدلٍ يعرف ذلك. وما يحكم به الحكمان يكون ملزمًا للمحكوم عليه44.

24) وفرض الله –تبارك اسمه– القيام بالعدل بين المسلمين وأعدائهم ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ[المائدة:8]. والشنآن هو البغض، أو شدته، فنهى الله تبارك وتعالى عن ترك العدل الواجب على المؤمنين بسبب البغضاء بينهم وبين غيرهم. ثم أكد سبحانه وجوب العدل في كل حال بجملة ﴿اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ، أي أقرب لأن تتقوا الله، أو لأن تتقوا النار45.

25) وقد جمع القرآن الكريم بين الأمر بالعدل الخاص والأمر بالعدل العام في آية واحدة هي قوله تعالى في شأن قتال البغاة من المسلمين: ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [الحجرات:9]. فبعد أن تبغي إحدى الطائفتين على الأخرى يأتي الأمر بالإصلاح بينهما بالعدل. والمراد به العدل الخاص في شأن الخسائر التي لحقت بكل فريق إذ تفاوتها يوجب النظر الذي يراعي تحقيق العدالة لكل منهما. والفئة التي خضعت للقوة وألقت السلاح تكون شاعرة بانتصار الفئة الأخرى عليها، كسيرة الخاطر لهزيمتها، فأوجب الله تعالى على المسلمين أن يستعيدوها إلى الجماعة ويشعروها بأخوة الإسلام لئلا يورث القتال بينها وبين الطائفة الأخرى بغضاء ذميمة، أو شحناء مستكنة، يستثيرها أدنى مثير فينشب القتال من جديد.

26) ثم بعد هذا العدل الخاص أمر ربنا –تبارك اسمه– بالعدل العام بقوله ﴿ وَأَقْسِطُوا، ومؤداه أن يعدل المسلمون في كل أمورهم، وزاد الترغيب فيه بقوله ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ. فالعدل العام واجب في كل حال، والعدل الخاص واجب عند وقوع ما يقتضيه، فلا تنفك الأمة، أو الجماعة المسلمة، عن أن تكون على حال في العدل دائمة لا يسوغ لها التحلل منها أو التغاضي عن النزول على حكمها46.

27) ويلفت النظر في الآيتين الكريمتين، من سورة المائدة وسورة الحجرات، أن القرآن الكريم قدم في إحداهما ذكر القسط على العدل، وقدم في الثانية ذكر العدل على القسط. وقد يلوح للمتأمل أن المغايرة في الصيغة يترتب عليها مغايرة في المعنى ولابد، لكن الصحيح أن اللفظين بمعنى واحد في كلام العرب وفي الاستعمال القرآني، وما التقديم والتأخير في النظم القرآني إلا أداة من أدوات البلاغة المعجزة لهذا الكتاب العزيز.

28) وقد ورد لفظ القسط ومشتقاته منفردًا مرادًا به العدل في واحد وعشرين موضعًا من القرآن الكريم.

فمن ذلك قوله تعالى: ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ[آل عمران: 18]. وأهل التفسير متفقون على أن ﴿بِالْقِسْطِ تعني بالعدل47.

قال الشيخ محمد الطاهر بن عاشور «والقسط: العدل... وقد أقام الله القسط في تكوين العوالم على نظمها، وفي تقدير بقاء الأنواع، وإيداع أسباب المدافعة في نفوس الموجودات، وفيما شرع للبشر من الشرائع في الاعتقاد والعمل: لدفع ظلم بعضهم بعضًا، وظلمهم أنفسهم، فهو القائم بالعدل سبحانه، وعدل الناس مقتبس من محاكاة عدله»48.

29) وذهب الشيخ ابن عاشور في تفسير قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ…﴾[النساء:135]، إلى أن القسط هو العدل، غير أن القسط كلمة معربة أدخلت في كلام العرب لدلالتها في اللغة المنقولة منها على العدل في الحكم، وأما لفظ العدل فأعم من ذلك49. ومقصود الآية أمر المؤمنين بالشهادة بالحق –وهو العدل– على أنفسهم بحقوق الغير، وعلى والديهم أو الأقربين بما يلزم أيًا منهم من حقوق لغيره، وذكر الأبوين لأنهما أحب الخلق، في العادة، إلى الإنسان، وذكر الأقربين لأنهم مظنة المودة والتعصب، فإذا شهد المرء بما على نفسه وبما على هؤلاء المقربين إليه من حقوق للغير كان أحرى أن يشهد على الأجنبي من الناس حيث ينتفي داعي كتمان الشهادة أو تغيير وجه الحق فيها50.

30) ومن تلك الآيات الكريمة قوله تعالى: ﴿...وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا[الأنعام:152]. ومثله قوله سبحانه في سورة هود ﴿أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾ [هود:85]، ومثل ذلك في الآية (35) من سورة الإسراء، وفي الآيتين (181) و(182) من سورة الشعراء، وفي الآية (9) من سورة الرحمن. ودلالة هذه الآيات، في تكرارها، على أهمية العدل في العلاقات التجارية، من بيع وشراء ونحوها لا تخفى، إذ في مثل ذلك يكثر الطمع والتغابن والتطفيف، فنبه الله –تبارك اسمه– على خطورة ذلك وعلى أهمية اتباع العدل في تلك المعاملات ونظائرها، وفاءً بالحقوق لأصحابها وتوقيًا لأكل مال الناس بالباطل الذي تَفسدُ به الدنيا، وتُمحقُ به البركة، وهذا كله مخالف لمقصود الله تعالى في إحقاق الحق وإبطال الباطل.

31) ولعل أجمع آية في وجوب حمل الناس على العدل هي قوله تعالى ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ [الحديد:25].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «فالمقصود من إرسال الرسل وإنزال الكتب أن يقوم الناس بالقسط في حقوق الله تعالى وحقوق خلقه. ثم قال سبحانه وتعالى ﴿وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ﴾ فمن عَدَلَ عن الكتاب قوِّم بالحديد، ولهذا كان قوام الدين بالمصحف والسيف. وقد رُوي عن جابر بن عبد الله أنه قال :«أمرنا رسول الله أن نضرب بهذا –يعني السيف– من عَدَل عن هذا–يعني المصحف51».

ومذهب بعض أهل التفسير في هذه الآية أنها خبر عن إرسال الرسل وإنزال الكتب وشَرْعِ العدل (=القسط) وتعليم صناعة السلاح ليحاربَ به من عاند، ولم يهتد بهدي الله، فلم يبق له عذر52. والقسط في هذه الآية هو العدل في جميع الأمور، فهو أعم من الميزان المذكور، لأن القسط يقتضي إجراء أمور الناس كلها على ما يقتضيه الحق، فهو عدل عام. أما العدل الذي يقتضيه ذكر الميزان فهو مختص بالفصل بين متنازعيْن في كل منازعة على حدة53.

32) والآية رقم (25) من سورة الحديد، مثلها مثل الآية رقم (9) من سورة الحجرات، تذكر كل منهما عدلين: عدلا عامًا وعدلا خاصًا، في تنبيه، لا يخطؤه النظر، من القرآن الكريم على وجوب العدل في كل حال وتحريم الجور في كل مجال. ولذلك قال الشيخ محمد الطاهر بن عاشور: «أنبأنا استقراء الشريعة من أقوالها وتصرفاتها بأن مقصدها أن يكون للأمة ولاة يسوسون مصالحها، ويقيمون العدل فيها وينفذون أحكام الشريعة بينها... وقد أشار إلى هذا قوله﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ﴾ [الحديد:25]... ومقصد الشريعة من نظام هيئة القضاء كلها على الجملة أن يشتمل على ما فيه إعانة على إظهار الحقوق وقمع الباطل الظاهر والخفي... وقد ظهر أن مقصد الشريعة من القاضي إبلاغه الحقوق إلى طالبيها، وذلك يعتمد أمورًا: أصالة الرأي، والعلم، والسلامة من نفوذ غيره عليه، والعدالة» وهي «الوازع عن الجور في الحكم والتقصير في تقصِّي النظر في حجج الخصوم؛ فإن القضاء أمانة ولذلك قرنه الله بالأمانات في قوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ﴾ [النساء:58]54».

33) وقد نصت الآيات المذكورة آنفًا على العدل في جميع مجالات الحياة، جليلها وصغيرها، ليتبين أولو الألباب أن العدل –باعتباره مقصدًا قرآنيًا– يجب تحقيقه في كل علاقة بين طرفين، نُصَّ عليها في القرآن الكريم أم لم ينص؛ فوجوبه بين الرجل وأهله، وبين الحاكم والمحكومين، وفي كتابة الديون والإشهاد على الوصية، والإشهاد على الطلاق، ووجوبُه في القول وجوبَه في العمل... كل ذلك دليل يقاس به ما لم يُنَصَّ عليه من أفعال الناس وأقوالهم وعلاقاتهم وتصرفاتهم، من حيث وجوب العدل فيه، على ما نص عليه القرآن بخصوصه.

34) وينبغي التنبه إلى أن الاحتفاء بمفهوم العدل في القرآن الكريم لا يتبين من تتبع مواضع ورود الألفاظ الدالة عليه وحدها، ففي القرآن الكريم آيات كثيرة دالة على وجوب العدل دون أن تكون متضمنة كلمة «العدل» أو «القسط»، أي إن هذه الآيات تدل على مقصد العدل، وكونه من مقاصد القرآن الكريم، بطريق الإشارة أو الإيماء دون طريق العبارة الصريحة اللفظ. مما يقتضي تأمل القرآن الكريم كله، فإن كثيرا من آياته التي لا تتضمن تلك الألفاظ تدل بمؤداها على كون العدل مقصدًا قرآنيا أساسيًا. تأمل، إن شئت، قول الله تعالى ﴿وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا[البقرة:143]. والوسط: السواء والعدل والنصف55.

35) ومن أمر القرآن الكريم بالعدل، دون إيراد لفظه أو لفظ مرادف له، ما جاء في قوله تعالى: ﴿وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا﴾ [النساء:9]. ودون خوض في تأويلات المفسرين، من القدامى والمحدثين، لمعنى هذه الآية، فإن الذي يعنينا منها هو تفسير القول السديد. قال الطبري: «والسديد من الكلام هو العدل والصواب56»، وكذلك قال القرطبي، ثم قال: «وقيل المعنى قولوا للميت قولا عدلا57»، أي في حال احتضاره.

36) وأحكام الميراث مبناها كلها على العدل في قسمة المال الموروث بين مستحقيه، وهو عدلٌ لو أنفق أهل الأرض فيه أعمارهم ما هم ببالغيه، وكفى دليلا لصحة ذلك قول الله تعالى: ﴿آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا[النساء:11]. وذهب الطبري إلى أن معنى هذه الآية الكريمة أن الله تعالى «لم يزل ذا حكمة في تدبيره، وهو كذلك فيما يقسم لبعضكم من ميراث بعض، وفيما يقضي عليه من مواضع المصلحة في البدء والعاقبة58».

37) ومن هذه الآيات قوله سبحانه في شأن النساء ﴿وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُواﱐ[البقرة:231]. وقوله: ﴿وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:232]. وقوله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا  وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ [النساء:19]. وقوله: ﴿وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا ۚ أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا[النساء:20].

38) وتأمل، كذلك، الآيات الكريمة الدالة على التوسط في الأمور المذكورة فيها، من مثل قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا [الإسراء:29]، وقوله ﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ  وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَاﳃ[القصص:77]، وقوله سبحانه ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا [الفرقان:67]. فهذه الآيات، ونظائرها، تدل على معنى العدل وإن لم يرد فيها لفظه أو لفظ مرادف له59.

39) ونظائر هذه الآيات الكريمة كثيرة جدًا في القرآن الكريم، وهي مفرقة في مجالات متعددة، الأمر الذي يدل على أن مقصد العدل مقصد محيط، في التشريع القرآني، بأحكام العلاقات الإنسانية كافة. ولينظر من شاء في أحكام الزواج والطلاق والميراث والوصية، والبيع والشراء، والحدود والقصاص فإنه يجد مدار الأمر فيها على العدل ومناط النهي فيها هو الظلم. وهذا قاطع في اعتبار العدل مقصدًا قرآنيًا يُتحرى ويُتبع ويُؤمر به ويُنهى عن ضده، وهو الظلم، في أي نوع من أنواع العلاقات الإنسانية.60

رابعًا: تحقيق العدل بالنهي عن الظلم

40) إن القرآن الكريم، كما أمر بالعدل، وحض عليه، ورغب بصور مختلفة من الخطاب فيه، نهى عن الظلم، وحذر منه وكرَّه إلى الناس الوقوع فيه. وتكفي الإحالة هنا إلى قول الله تعالى ﴿وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَٰئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيل-41- إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ  أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ[الشورى:41-42]. وقوله سبحانه، بيانا لعلة إنزال القرآن الكريم وَهَٰذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَانًا عَرَبِيًّا لِّيُنذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَىٰ لِلْمُحْسِنِينَ61[الأحقاف:12]. وحكم هذه الآيات عام في الظلم كله سواء أكان واقعًا على المسلمين من عدوهم أم واقعًا من بعض المسلمين على بعض62.

41) والأمر القرآني بالعدل، والنهي القرآني عن الظلم يتسع ليشمل عدل الإنسان مع نفسه بعدم تعريضه إياها للمهلكة أو المضرة. قال الله تعالى ﴿وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا  إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [البقرة: 195]. قال الطبري، بعد أن ذكر أقوال المفسرين في الآية «فالصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله -تعالى ذكره- نهى عن الإلقاء بأيدينا لما فيه هلاكنا والاستسلام للهلكة –وهي العذاب– بترك ما لَزِمَنا من فرائضه، فغير جائز لأحد الدخول في شيء يكرهه الله منا مما نستوجب بدخولنا فيه عذابه»... و«الأغلب من تأويل الآية: وأنفقوا أيها المؤمنون في سبيل الله ولا تتركوا النفقة فيها فتهلكوا63».

وذهب ابن عاشور إلى أن وقوع فعل (تُلْقوا) في سياق النهي يقتضي عموم [النهي عن] كلَّ إلقاء باليد إلى التهلكة، أي كل تسبب في الهلاك عن عمد فيكون منهيًا عنه محرمًا ما لم يوجد مقتضٍ لإزالة ذلك التحريم، وهو ما يكون حفظه مقدمًا على حفظ النفس»64.

42) ولا مراء في أن هلاك النفس، أو ارتكاب ما يؤدي إليه، هو ظلم للنفس، منافٍ لوجوب العدل معها، فتكون هذه الآية بما تضمنته من نهي عن ذلك نظيرة للآيات التي نعى القرآن الكريم فيها على الذين يهلكون أنفسهم من مثل قوله تعالى عن المعرضين عن الذكر –أو عن النبي ﷺ- الناهين الناس عن الاستماع إليه ﴿وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ ۖ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ65 [الأنعام:26]. وقوله سبحانه في القاعدين عن الغزو مع النبي ﷺ، يوم تبوك، وهم قادرون عليه ﴿ لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَٰكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ  وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ66 [التوبة:42].

43) وآيات القرآن الكريم الناهية عن ظلم الإنسان نفسه، والناعية على الذين ظلموا أنفسهم كثيرة كثرة تسترعي الانتباه. فمن ذلك قول الله تعالى في معاملة المرأة المطلقة ﴿وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ  وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِّتَعْتَدُوا وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ...﴾[البقرة:231].

وقوله تعالى، حكاية لقول موسى :﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُم بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَىٰ بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ  إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾[البقرة:54]. وقوله سبحانه، في بيان الأشهر الحرم: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ...[التوبة:36]. وقوله، في شأن اليهود: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ[النحل:118].

44) ومن هذه الآيات قول الله تعالى في شأن النهي عن التعامل بالربا ﴿وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ [البقرة:279]. وقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا  وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا[النساء:10]. وقوله سبحانه: ﴿وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ  إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا[الإسراء:33].

خامسًا: العدل في قصص القرآن وأمثاله

45) والنظر في سياق القصص القرآني يؤكد كون العدل مقصدًا قرآنيًا. فقد أتى القصص بوعظ المؤمنين وتذكريهم بعاقبة المكذبين والظالمين لئلا يقعوا في مثل ما وقعت فيه الأمم السابقة من الظلم والتكذيب.

46) ففي قصة ابني آدم نقرأ قوله تعالى: ﴿إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ  وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ[المائدة:29]. فالقرآن الكريم يبين، في سياقِ حكايةِ أولِ حادثةِ قتلٍ في تاريخ البشرية، أن عاقبة الظالمين النار، ودلالة المفهوم هنا ظاهرة على أن عاقبة الملتزمين بالعدل الجنة. وفي هذه الدلالة تنبيه وتوجيه للمؤمنين إلى أن العدل من المقاصد القرآنية التي توجب مخالفتها العقوبة الأخروية فضلا عمّا توجبه في الدنيا من خسران وندم: ﴿فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ  قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَٰذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ [المائدة: 30-31].

47) وفي قصة يوسف  يتكرر المعنى نفسه في قول الله تعالى ﴿ قَالُوا جَزَاؤُهُ مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ  كَذَٰلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ [يوسف:75]، وقوله سبحانه: ﴿ قَالُوا۟ يَٰٓأَيُّهَا ٱلْعَزِيزُ إِنَّ لَهُۥٓ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُۥٓ إِنَّا نَرَىٰكَ مِنَ ٱلْمُحْسِنِينَ قَالَ مَعَاذَ ٱللَّهِ أَن نَّأْخُذَ إِلَّا مَن وَجَدْنَا مَتَٰعَنَا عِندَهُۥٓ إِنَّآ إِذًا لَّظَٰلِمُونَ[يوسف: 78-79]. وهذه الآيات، ونظائرها في قصص المرسلين والأنبياء، تقول بلا خفاء إن العدل أساس لا غنى عنه في العلاقات الإنسانية ما بقيت على الأرض حياة.

48) وفي قصة قارون جعل القرآن الكريم سبب هلاكه بغيَهُ على قومه –والبغي الظلم– قال تعالى: ﴿ إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَىٰ فَبَغَىٰ عَلَيْهِمْ﴾[القصص:76].

49) وفي خبر داود  في شأن الحكم بين الخصمين، أمر صريح بالحكم بالعدل والحق وتجنب الهوى: ﴿ يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ  إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ [ص:26].

50) ثم في قصته مع سليمان، ومع الخصمين اللذين انطلقت غنم أحدهما في زرع الآخر فأفسدته، صورة أخرى من صور الإشارة إلى خطورة الفصل في الخصومات التي تقع بين الناس، ومدى احتياج القاضي إلى التخلص من الهوى، عند خفاء وجه الحق الذي يقتضي بذل مزيد من الجهد وإنعام النظر، في موضع النزاع، ليصل من يقضي بين الناس إلى قضاء عادل. يقول القرآن الكريم:﴿ وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ ۚ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا...الآية [الأنبياء:78-79]67.

51) وهكذا يؤكد القصص القرآني على مقصد العدل في مواطن كثيرة مما أورده القرآن الكريم من أنباء الرسل، عليهم الصلاة والسلام، التي لم يقصها القرآن الكريم إلا للعبرة والتذكر والاقتداء ﴿أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ  فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ [الأنعام:90].

52) وقد ذكر القرآن الكريم عدة تعليلات لضرب الأمثال، فقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ[الزمر:27]. وقال سبحانه: ﴿ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا  أَفَلَا تَذَكَّرُونَ [هود:24]. وقال: ﴿وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَمَثَلًا مِّنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ[النور:34]. وقال تعالى:﴿وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ  وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ[العنكبوت:43]. و﴿وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ [الحشر:21].

53) فإذا احتفت الأمثال القرآنية بالعدل –لفظًا أو معنىً– فإن ذلك يدل، مع ما تدل عليه موارد ذكره الأخرى في القرآن الكريم، على كونه مقصدًا للكتاب العزيز بلا مراء.

يقول الله تعالى ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَىٰ مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ[النحل:76]. قال عبد الله بن عباس في الذي يأمر بالعدل: هو المؤمن68.

54) وهكذا يتبين لقارئ القرآن الكريم، أينما ولى وجهه فيه، احتفاء النص القرآني بالعدل: في التشريع، والقضاء، والعلاقات الأسرية، والعلاقات التجارية والاقتصادية، وفي التعامل البشري بوجوهه كافة، وما كان كذلك فهو مقصد قرآني ولا ريب.

سادسًا: العلماء ومقصد العدل

55) كان شيخ الإسلام ابن تيمية هو أول من أشار إلى العدل باعتباره مقصدًا شرعيًا «العدل نظام كل شيء، فإذا أقيم أمر الدنيا بالعدل قامت، وإن لم يكن لصاحبها في الآخرة من خلاق، ومتى لم تقم بالعدل لم تَقُم، وإن كان لصاحبها من الإيمان ما يُجزى به في الآخرة69».

56) وقد تابعه، في الاحتفاء بمقصد العدل، تلميذه ابن قيم الجوزية فقال: «ومن له ذوق في الشريعة، واطلاع على كمالاتها وتضمنها لغاية مصالح العباد في المعاش والمعاد. ومجيئها بغاية العدل الذي يسع الخلائق، وأنه لا عدل فوق عدلها، ولا مصلحة فوق ما تضمنته من المصالح: تبين له أن السياسة العادلة جزء من أجزائها، وفرع من فروعها، وأن من له معرفة بمقاصدها ووضعها، وحَسُن فهمه فيها: لم يحتج معها إلى سياسة غيرها البتة. فإن السياسة نوعان: سياسة ظالمة فالشريعة تحرمها. وسياسة عادلة تخرج الحق من الظالم الفاجر، فهي من الشريعة. علمُها من علِمْها وجهلها من جهلها70».

57) واستطرد  فقال: «إن الله سبحانه أرسل رسله وأنزل كتبه ليقوم الناس بالقسط الذي هو العدل الذي قامت به الأرض والسماوات. فإن ظهرت أمارات العدل، وأسفر وجهه بأي طريق كان فثم شرع الله ودينه71».

58) وذكر ابن قيم الجوزية –أيضًا– أن الشريعة «مبناها وأساسها على الحِكَمِ ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها، ورحمة كلها، ومصالح كلها، وحكمة كلها؛ فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور، وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث فليست من الشريعة وإن أدخلت فيها بالتأويل. فالشريعة عدل الله بين عباده...72».

59) وقد بلغ شأن الاعتداد بالعدل مقصدًا قرآنيًا، عند ابن قيم الجوزية أن جعله قرين التوحيد، قال: «الشرك أظلم الظلم كما أن أعدل العدل التوحيد. فالعدل قرين التوحيد والظلم قرين الشرك»73. وقال: «التوحيد هو رأس العدل وقوامه74».

60) ولم تُحْدِث عناية شيخ الإسلام وتلميذه بمقصد العدل الأثر الذي كان ينبغي لها أن تحدثه في أوساط علماء المقاصد والأصول والفقه، إلى أن جاء العلامة الشيخ محمد الطاهر بن عاشور، مجددًا النظر في المقاصد، فاعتنى –على نحو ما أسلفنا– بمقصد العدل ضمن عنايته بمقاصد القضاء والشهادة75. واعتنى به –كذلك– عناية تفصيلية في تفسيره الجليل «التحرير والتنوير». ثم تتابع العلماء من بعده في الإشارة إلى مقصد العدل والتنويه به والاستدلال له.

60) وكلامنا في هذا المقام مداره على العناية بالعدل باعتباره مقصدًا من المقاصد القرآنية ومن مقاصد الشريعة على وجه العموم. أما العدل باعتباره قيمة إنسانية، وقضية سياسية، ومعنىً يقوم في النفوس الفاضلة ضدًا للظلم الذي يقوم في النفوس الخسيسة، فهذا لم ينقطع ذكر العلماء والفقهاء والأدباء له على مر العصور76.

62) ففي كتاب أبي الحسن العامري (ت381ھ) «الإعلام بمناقب الإسلام» ذكر متكرر للعدل باعتباره أمرًا اتفقت الفِرقُ كلها على اختياره77، وباعتباره عاصمًا من تضييع ذي السلطان نصيبه من إكرام الله له وباعتباره مقصدا لبعثة الرسول ﷺ.78

63) وفي كتاب أبي الحسن الماوردي (ت405ھ) «أدب الدنيا والدين» جعل قواعد صلاح الدنيا ستة هي: دين متبع، وسلطان قاهر، وعدل شامل، وأمن عام، وخصب دارٌّ، وأمل فسيح.79 وقال في شرح القاعدة الثانية (السلطان القاهر) إنه يلزمه سبعة أشياء، الخامس منها: «معاناة المظالم والأحكام بالتسوية بين أهلها، واعتماد النَّصَفَةِ في فصلها80».

64) وتحدث عن القاعدة الثالثة (العدل الشامل) فوصفه بأنه: «يدعو إلى الألفة، ويبعث على الطاعة، وتعمر به الأرض، وتنمى به الأموال، ويكثر معه النسل، ويأمن به السلطان... وليس شيء أسرع في خراب الأرض، ولا أفسد لضمائر الخلق من الجور؛ لأنه ليس يقف على حدٍّ، ولا ينتهي إلى غاية، ولكل جزء منه قسط من الفساد حتى يُستكمل81».

65) وللراغب الأصفهاني (ت502ھ)، في كتابه «الذريعة إلى مكارم الشريعة» فصل في العدل والظلم والمحبة والبغض82، قال فيه: «والعدل تارة يقال: هو الفضائل كلها من حيث إنه لا يخرج شيء من الفضائل عنه، وتارة يقال: هو أكمل الفضائل من حيث إن صاحبه يقدر أن يستعمله في نفسه وفي غيره، وهو ميزان الله المبرّأ من كل ذلة، وبه يستتب أمر العالم... ومن فضيلة العدل أن الجور الذي هو ضده لا يستتب إلا به، فلو أن لصوصًا تشارطوا فيما بينهم شرطًا فلم يراعوا العدل فيه لم ينتظم أمرهم...83»!

66) وأضاف: «والعدل هو وسطٌ أطرافه كلها جور، فالجور: هو الخروج عن الوسط بزيادة أو نقصان84»... «وعلى الجملة فالشرع مجمع العدالة وبه تعرف حقائقها... فالعدل المحمود هو الذي يتحرى فعله لا رياءً ولا سمعة ولا رغبة ولا رهبة وإنما يكون تحريًا للحق عن سجية85».

67) وقال –في كلام نفيس-: «أحد أسباب انتظام أمور الناس المحبة ثم العدل، ولو تحاب الناس وتعاملوا بالمحبة لاستغنوا بها عن العدل...86».

68) ونقل الزمخشري (ت538ھ) في كتابه «ربيع الأبرار وفصوص الأخبار» عن بعض السلف قولهم: «العدل ميزان الله، والجور ميزان الشيطان» و«الملك العادل مكنوف بعون الله محروس بعين الله» و«...لا عمارة إلا بعدلٍ وحسن سياسة»87.

69) وذكر الإمام عز الدين بن عبد السلام في كتابه الفذ «شجرة المعارف والأحوال وصالح الأقوال والأعمال88» العدل في مواضع عدة منها الحض على التخلق بالعدل، والإحسان بالعدل العام حيث قال: «العدل إحسان يتعدى نفعه إلى كل من يتعلق به، من ظالم ومظلوم، وغابن ومغبون، وباذل ومبذول له». والعدل في الحكم والولاية، والعدل في الإملاء والكتابة، والعدل في الإصلاح89. وكلام العز بن عبد السلام –في هذه المواضع– نفيس كله فينبغي الوقوف عليه وتأمله.

70) وقد عقد ابن خلدون (ت808ھ) فصلا في مقدمته عنونه بأن «الظلم مؤذن بخراب العمران» بيّن فيه فضيلة العدل في استقرار الدول ومغبة الظلم وعاقبته في زوالها وانهدام حضارتها90.

71) ويقول الإمام الشاطبي (ت790ھ): «...العدل كما يطلب في الجملة يطلب في التفصيل؛ كالعدل بين الخلق إن كان حاكمًا والعدل في أهله وولده ونفسه...»91.

72) ويقرر العلامة محمد بن تاويت الطنجي أن التشريع الإسلامي جعل دعامته الأولى «العدل» وإعطاء كل إنسان حقه في حياة كريمة تليق بالمنزلة التي أنزله فيها الإسلام... [و] من مسلمات مبادئ الحرية والعدل في تعاليمه، أن يحمي مال المسلم كما يحمي ماله وعرضه92.

73) وبالإضافة إلى هذه الكتابات العامة –على امتداد تاريخنا الفكري والثقافي– عن العدل في الشريعة الإسلامية فإن بين أيدينا كتابات حديثة ومعاصرة، متخصصة، عن تجليات العدل في المجالات السياسية والاجتماعية والجنائية؛ ومدارها جميعا على النظر في آيات الكتاب الحكيم التي تقطع بأن العدل هو الشرع وأن شريعة الله هي العدل.

  ففي المجال السياسي تناول العدل الدكتور نور الدين الخادمي فكتب: «ولا شك أن العدل بين الناس في مقام الدولة من أعظم القواعد الأساسية في الحكم والسياسة، وهو موضوع رئيسي لعمل الحاكم وسياسته...93». وتناوله الدكتور عبد النور بزا مقررًا أن «العدل أعظم مقاصد الشرائع التي كافح من أجلها جميع الرسل» وينقل عن ابن تيمية قوله «فالكتاب والعدل متلازمان، والكتاب هو المبيَّن للشرع، فالشرع هو العدل، والعدل هو الشرع، ومن حكم بالعدل فقد حكم بالشرع94». وتحدث في الأمر نفسه الشيخ أحمد جاب الله فقرر أن «مقصد العدل من المقاصد الشرعية العامة، وهو مقصد ثابت ودائم يحتاج إلى رعاية من المتعاملين، إذ إن استمرار تبادلهم للمصالح مرهون بمدى ما يقيمونه من العدل والتوازن فيما بينهم95». وذكر مقصد العدل السياسي ببعض التفصيل الدكتور حسن الترابي  في كتابه «السياسة والحكم96». وكذلك تناوله كاتب هذه السطور باعتباره قيمة يؤسس عليها –مع قيم أخرى– النظام السياسي للدولة الإسلامية97.

74) وفي المجال الاجتماعي تناول الشيخ محمد الطاهر بن عاشور مقصد العدل في كتابه «أصول النظام الاجتماعي في الإسلام»؛ فقال إنه في غنى عن «الإطناب في مكانة العدل من أصول النظام الاجتماعي في الإسلام فحسبي قوله تعالى: ﴿ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ...﴾[النحل:90]، مؤكدًا هذا الخبر التشريعي بحرف (إن) ومفتتحًا باسم الجلالة الذي يُلقي الحرمة على هذا الخبر ويقوي دواعي الأمة لتلقيه والعمل به. ومخبرًا عن الاسم بالجملة الفعلية المفيدة تجدد الأمر وتكرره... وحسبنا أيضًا اتفاق البشر كلهم في جميع الأعصار على مدح العدل وتمجيده والمطالبة بنشره على الإجمال... وحسن العدل مستقر في الفطرة... واتفقت الشرائع والحكماء على التنويه بالعدل وأهميته»98. وتناول العدل في المجال الاجتماعي علماء كثر آخرون اهتموا بقضية المجتمع ونظامه من وجهة نظر إسلامية.

75) وثمة كتابات كثيرة عن مقصد العدل في المجال الجنائي لعل أهمها وأكثرها إحكامًا هو بحث أستاذنا الدكتور عوض محمد عوض: مقصد العدل وصداه في التشريع الجنائي الإسلامي99. وهو يقول في وضوح لا ينقصه القطع «المقصد الذي تدور حوله عامة أحكام هذا التشريع (=الجنائي الإسلامي) أو أصوله هو العدل. وهذا لا يعني أن هذا المقصد أكثر وضوحًا في هذا المجال منه في سائر المجالات، بل الصحيح أنه شديد الوضوح فيها جميعًا، بل لعل له الصدارة على غيره من المقاصد في كل الأحكام... ومما يجري على ألسنة الفقهاء أن العدل عماد الشريعة كما أن التوحيد عماد العقيدة. والعدل مركوز في الفطرة الإنسانية، ولذلك فالشرائع كلها تقرّه ولا تقرره، أي إنها تنزل على حكمه ولا تنشئه100». ولعل أستاذنا الجليل، ومن قال من العلماء قبله إن العدل مركوز في الفطر السليمة، قد أخذوا ذلك من مثل قول الله تعالى في محكم القرآن الكريم: ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا ۚ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾[الأنعام: 115].

76) ويتوقف المرء طويلا عند سر الصمت الفقهي والأصولي عن مقصد العدل منذ القرن الثامن الهجري إلى القرن الرابع عشر الهجري فقد توفي ابن تيمية سنة 728ھ، وتوفي ابن قيم الجوزية سنة 751ھ، فكلاهما من علماء القرن الثامن الهجري، وأنجز ابن عاشور كتابه في المقاصد سنة 1360ھ أي في القرن الرابع عشر الهجري، وفيه توفي سنة 1393ھ/1973م.

78) ولعل السبب في هذه الفترة التي طالت نحوا من ستة قرون ونصف القرن يعود إلى خمول العمل العلمي الاجتهادي، والركون إلى التقليد، والوقوف عند المنقولات المحضة في الدين، وترك التفاعل بين أهل العلم وطلابه وبين الواقع السياسي والاجتماعي والقضائي في المجتمعات الإسلامية. لذلك لم يُبعثْ النظر في هذا المقصد الأساسي الكلي من مقاصد الشريعة الإسلامية إلا مع انتشار النهضة الفكرية الإسلامية التي واجهت محاولات التغريب الثقافي واللغوي والقانوني. وإذا كان الفضل الثابت للعلامة الشيخ محمد الطاهر بن عاشور لا ينكر، في هذا المجال، فإن الذين اتبعوه بإحسان، منذ ظهر كتابه إلى يوم الناس هذا، لهم الحسنى وزيادة بما أضافوا من نظر صائب وفهم دقيق لهذا المقصد القرآني/الشرعي المهم.

   والله تعالى أعلم وأحكم.

   والحمد لله رب العالمين.

مصادر البحث

ــ الأزهري، أبو منصور محمد بن أحمد، تهذيب اللغة، تحقيق رياض زكي قاسم، دار المعرفة، بيروت 1422/2001م.

ــ ابن تيمية، أبو العباس أحمد بن عبد الحليم، الاستقامة، تحقيق محمد رشاد سالم، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الرياض 1404ھ/ 1983م.

ــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ، السياسة الشرعية، دار الشعب، القاهرة 1969.

ــ ابن جني، أبو الفتح عثمان، الخصائص، تحقيق الشيخ محمد علي النجار، الهيئة المصرية العامة للكتاب 1999، وفهارسه، صنعة الدكتور عبد الفتاح السيد سليم، معهد المخطوطات العربية، القاهرة 1997م.

ــ ابن الجوزي، أبو الفرج عبد الرحمن بن أبي الحسن علي بن محمد القرشي، زاد المسير في علم التفسير، المكتب الإسلامي، بيروت، 1384ھ/1964م.

ــ ابن خلدون، ولي الدين عبد الرحمن بن محمد، المقدمة، تحقيق إبراهيم شبوح ودكتور إحسان عباس، دار القيروان، تونس 2006م.

ــ ابن دريد، أبو بكر، الاشتقاق، تحقيق عبد السلام هارون، دار الجيل 1991م.

ابن سيده، أبو الحسن علي بن إسماعيل، المحكم والمحيط الأعظم، الطبعة الثانية، بعناية عبد الفتاح السيد سليم وفيصل الحفيان، معهد المخطوطات العربية الثانية، القاهرة 2003م.

ــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ، المخصص، بعناية محمد نبيل طريفي، دار صادر، بيروت 2012م.

ــ ابن عاشور، محمد الطاهر، أصول النظام الاجتماعي في الإسلام، دار سحنون، تونس، ودار السلام، القاهرة 2010م.

ــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ، التحرير والتنوير (تحرير المعنى السديد، وتنوير العقل الجديد، من تفسير الكتاب المجيد)، دار سحنون، تونس 1997م.

ــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ، مقاصد الشريعة الإسلامية، تحقيق محمد الطاهر الميساوي، دار النفائس، عمان 1421ھ/2001م.

ــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ، طبعة الشيخ محمد الحبيب ابن الخوجة، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، قطر (على نفقة أمير قطر) الدوحة 1425/2004م.

ــ ابن عطية، أبو محمد عبد الحق، المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، دار ابن حزم، بيروت 1423ھ/2002م.

ــ ابن فارس، أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا، مقاييس اللغة، بعناية أنس محمد الشامي، دار الحديث، القاهرة 1429ھ/2008م.

ــ ابن قيم الجوزية، شمس الدين محمد بن أبي بكر، أعلام الموقعين، بعناية طه عبد الرؤوف سعد، مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة 1388ھ/1968م.

ــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ، الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي، المطبعة السلفية، القاهرة 1397ھ.

ــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ، الطرق الحكمية في السياسة الشرعية، بعناية صالح أحمد الشامي، المكتب الإسلامي، بيروت 1423ھ/2002م.

ــ  ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ، الفوائد، مكتبة المتنبي، القاهرة (د.ت).

ــ ابن منظور، جمال الدين أبو الفضل محمد بن مكرم، لسان العرب، تحقيق علي عبد الله الكبير ومحمد أحمد حسب الله وهاشم محمد الشاذلي، دار المعارف مصر، 1979م.

ــ ابن منصور، سعيد بن منصور بن شعبة الخراساني، السنن، تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي، دار الكتب العلمية، بيروت (د.ت).

ــ أبو حماقة، أحمد (مشرفًا)، معجم النفائس الكبير، دار النفائس، بيروت 1428ھ/2007م.

ــ أبو الدهب، أشرف طه، المعجم الإسلامي، دار الشروق القاهرة، 2002م.

إسماعيل، محمد بكر، قصص القرآن، دار المنار، القاهرة 1418ھ/1997م.

ــ بزّا، عبد النور، التداول على السلطة والفصل التكاملي بين السلطات، ضمن مجموع (تفعيل مقاصد الشريعة في المجال السياسي)، مؤسسة الفرقان، لندن 2014م.

ــ الترابي، حسن، السياسة والحكم، دار الساقي، لندن 2003م.

ــ جاب الله، أحمد، مقاصد الشريعة في قوانين العمل وحقوق الإنسان، ضمن مجموع (تفعيل مقاصد الشريعة في المجال السياسي)، مؤسسة الفرقان، لندن 2014م.

جبل، محمد حسن، المعجم الاشتقاقي المؤصل لألفاظ القرآن الكريم، مكتبة الآداب، القاهرة 2010م.

ــ الجرجاني، علي بن محمد السيد الشريف، كتاب التعريفات، تحقيق د. عبد المنعم الحفني، دار الرشاد، القاهرة 1991م.

ــ الحاكم، أبو عبد الله محمد بن عبد الله النيسابوري، المستدرك على الصحيحين، تحقيق محمود مطرجي، دار الفكر، بيروت 1422ھ/2002م.

ــ الخادمي، نور الدين، فقه السياسة الشرعية بين النصوص والمقاصد، ضمن مجموع (تفعيل مقاصد الشريعة في المجال السياسي)، مؤسسة الفرقان، لندن 2014م.

ــ الدامغاني، الحسين بن محمد، الوجوه والنظائر لألفاظ كتاب الله العزيز، تحقيق محمد الزفيتي، وزارة الأوقاف، القاهرة 2008م.

ــ الراغب الأصفهاني، أبو القاسم الحسين بن المفضّل، الذريعة إلى مكارم الشريعة، تحقيق أبو اليزيد العجمي، دار السلام، القاهرة 1428ھ/2007م.

ــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ، مفردات ألفاظ القرآن، تحقيق صفوان داوودي، دار القلم، دمشق 1423ھ/2002م.

ــ الريسوني، أحمد، الذريعة إلى مقاصد الشريعة، دار الكلمة، القاهرة 2015م.

ــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ، مقاصد المقاصد، الشبكة العربية للأبحاث والنشر بيروت، ومركز المقاصد للدراسات والبحوث، الرباط، الطبعة الثالثة 2014م.

ــ الزمخشري، جار الله محمود بن عمر بن محمد بن أحمد الخوارزمي، ربيع الأبرار وفصوص الأخبار، تحقيق عبد المجيد دياب ومرزوق إبراهيم، دار الكتب المصرية، القاهرة 1425ھ/2004م.

ــ سيد، فؤاد (محقق)، مجموع رسائل معتزلية لأبي القاسم البلخي، والقاضي عبد الجبار، والحاكم الجشمي، نشرها بعنوان (فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة) الدار التونسية للنشر 1974.

ــ الشاطبي، أبو إسحاق إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي، الموافقات، ط دار ابن عفان، الخُبَر، المملكة العربية السعودية 1417ھ/1997م، تحقيق مشهور بن حسن آل سلمان.

ــ شلتوت، محمود، الإسلام عقيدة وشريعة، دار القلم، القاهرة 1964م.

ــ الشوكاني، محمد بن علي بن محمد، فتح القدير الجامع بين فنيَّ الرواية والدراية من علم التفسير، دار ابن حزم ودار الورّاق، بيروت 1421ھ/2000م.

ــ الطبري، أبو جعفر محمد بن جرير، جامع البيان عن تأويل آي القرآن، تحقيق عبد الله التركي، دار عالم الكتب، الرياض 1434ھ/2013م.

ــ الطناحي، محمود، مستقبل الثقافة العربية، دار الهلال، القاهرة 1999م.

ــ العامري، أبو الحسن محمد بن يوسف، الإعلام بمناقب الإسلام، تحقيق أحمد غراب، دار الكاتب العربي، القاهرة 1967م.

ــ عبد الجبار، القاضي، طبقات المعتزلة، بعناية فؤاد سيد، الدار التونسية للنشر 1974 (ضمن المجموع المسمى فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة).

ــ عتريس، محمد، المعجم الوافي لكلمات القرآن الكريم، مكتبة الآداب، القاهرة 1427/2006م.

ــ عز الدين بن عبد السلام، عبد العزيز السلمي، شجرة المعارف والأحوال وصالح الأقوال والأعمال، تحقيق إياد خالد الطباع، دار الفكر المعاصر، بيروت 1416ھ/1996م.

ــ عمر، أحمد مختار، المكنز الكبير، سطور، القاهرة 1421ھ/ 2000م.

ــ العوَّا، محمد سليم، في النظام السياسي للدولة الإسلامية، الطبعة 11، دار الشروق، القاهرة 2012م.

ــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ، المدارس الفكرية الإسلامية، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، بيروت 2016م.

ــ العوتبي، سلمة بن سالم، الإبانة في اللغة العربية، تحقيق عبد الكريم خليفة وزملاؤه، وزارة التراث القومي والثقافة، عُمان.

ــ عوض، محمد عوض، مقصد العدل وصداه في التشريع الجنائي الإسلامي، ضمن مجموع (مقاصد الشريعة وقضايا العصر)، مؤسسة الفرقان، لندن 2007م.

ــ الفارابي، أبو إبراهيم اسحق بن إبراهيم، ديوان الأدب، تحقيق أحمد مختار عمر، مجمع اللغة العربية، القاهرة 1395/1975م.

ــ القرطبي، أبو عبد الله بن محمد الأنصاري، الجامع لأحكام القرآن، مصورة عن طبعة دار الكتب المصرية، وزارة الثقافة 1387ھ/1967م.

ــ الكفوي، أبو البقاء أيوب موسى الحسيني، الكليات، تحقيق عدنان درويش ومحمد المصري، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الثانية 1419ھ/1998م.

ــ الماتريدي، الإمام أبو منصور، تأويلات أهل السنة، تحقيق مجدي باسلوم، دار الكتب العلمية، بيروت، 2005م.

ــ الماوردي، أبو الحسن على بين محمد بن حبيب، أدب الدنيا والدين، دار المنهاج، جدة 1434ھ/2012م.

ــ المناوي، محمد عبد الرؤوف، التوقيف على مهمات التعاريف، تحقيق د. محمد رضوان الداية، دار الفكر المعاصر، بيروت 1423ھ/2002م.

ــ النشار، علي سامي، نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام، الطبعة الثامنة، دار المعارف، القاهرة 1996م. ــ النفاتي، برهان، مقاصد الشريعة إطار عام للعمل السياسي، ضمن مجموع (تفعيل مقاصد الشريعة في المجال السياسي)، مؤسسة الفرقان، لندن 2014م.

ملاحظة:
نشر هذا النص في الكتاب التالي:
مقاصد القرآن الكريم (2): مجموعة بحوث، 2016، مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، لندن،ص 9 – 56.

يرجى الملاحظة بأن بعض الصور المستخدمة في هذه المقالة المنشورة على الموقع قد لا تكون جزءًا من نسخة المقالة المنشورة ضمن الكتاب المعني.

صوت وصورة

مقالات مختارة

إقرأ المزيد

الحقوق والحريات في الإسلام

أحمد فرَّاج محتويات المقال:الأمر الأول: إزالة ما علق بالإسلام من تشويهالأمر الثاني: الذي أرى أننا مـدعوون إليه هوالتطوّرالتقويمالحريات في الإسلامالقيود حماية الحق عندما نتحدّث عن حقوق الإنسان وحرياته في الإسلام، نتحدّث ع...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

مقاصد الشريعة ومؤتمرات السّكان: تحليل موقف الإسلام من اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة - 1979

أحمد أبو الوفا: أستاذ القانون الدولي العام- كلية الحقوق- جامعة القاهرة محتويات المقال:أولًا: مقدمة عامةثانيًا: الأصل في الإسلام هو عدم الارتباط بأي ميثاق دولي يتعارض مع القواعد الإسلامية العليا _القواعد الدولية الآمرة في...

مقالات عن مقاصد الشريعة الإسلامية
إقرأ المزيد

مقصد الحرية عند الطاهر بن عاشور

محمد سليم العوا بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فإننا لو تحدثنا عن مقصد الحرية عند الطاهر بن عاشور منذ شهرين لكان حديثاً مكروراً مُعاداً لا يجد الإنسان له صدى في واقع حياته اليومية...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

تقارير حقوق الإنسان في ميزان نظريّة المقاصد (حالات مختارة)

جمال الدين دراويل: أستاذ الحضارة الحديثة وتاريخ الأفكار بكلية الآداب والعلوم الإنسانية – القيروان، رئيس منتدى الثقافة والحوار، رئيس تحرير مجلة الحياة الثقافية. محتويات المقال 1- أصول الحقوق الفردية في الإعلان العالمي لحق...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

مقاصد الشريعة الإسلامية الكلية ومكافحة الإتجار بالبشر

فايز حسن إن أخطر مشكلة بين مجتمعي الشرق والغرب تتمثل في اختلاف الرؤية الأوروبية الغربية لحقوق الإنسان عن الرؤية الإسلامية، وهو المعيار الذي يتم به تصنيف الدول والعلاقات الدولية، ومن أهم هذه الجوانب جانب جريمة قديمة، ولكن...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

مقاصد الشريعة الإسلاميّة والمحكمة الجنائية الدولية

عوض محمد عوض: أستاذ بكلية الحقوق- جامعة الإسكندرية محتويات المقال:فكرة المحكمة الجنائية الدولية: نشأتها وتطورهاالجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدوليةالمحكمة الجنائية الدولية في ميزان الشريعة الإسلاميةأولًا:...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

مقاصد شريعة الإسلام واتفاقيات حظر انتشار الأسلحة النووية

إبراهيم أحمد خليفة : أستاذ ورئيس قسم القانون الدولي العام- كلية الحقوق- جامعة الإسكندرية محتويات المقال:مكانة شريعة الإسلام في النظام القانوني الدوليمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية ومقصد حفظ النفس والمال مكانة شريعة ال...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

مقاصد القرآن الكريم وأثرها في بناء المشترك الإنساني

عبد الرحمن الكيلاني: أستاذ الفقه وأصوله بكلية الشريعة، الجامعة الأردنية محتويات المقال:مقصد إعمار الأرضمقصد بناء القيم الأخلاقيةالمقاصد الضرورية والحاجية والتحسينيةمقصد التعارف الإنسانيالخاتمة والتوصياتقائمة المراجع الحم...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

التأسيس المقاصدي للمشترك الإنساني

وائل الحارثي: محاضر بكلية الشريعة بجامعة أم القرى بمكة، وباحث دكتوراة بكلية الشريعة بفاس/جامعة القرويين. محتويات المقال:(1) في مفهوم المشترك الإنساني(2) المشترك الإنساني والمصطلحات أو المفاهيم المقاربة (3) أصول المشترك ا...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

مَقْصِدُ حِفْظِ اْلَأمْنِ في الْقُرْآنِ الكَرِيمِ

عبد الكريم بن محمد الطاهر حامدي: أستاذ الفقه وأصوله، كلية العلوم الإسلامية، جامعة باتنة، الجزائر محتويات المقال:المبحث الأول: مفهوم حفظ الأمن والأدلة على كونه مقصدا قرآنياالمطلب الأول: مفهوم حفظ الأمنالمطلب الثاني: الأدل...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

مقصد العدل وصداه في التشريع الجنائي الإسلامي

عوض محمد عوض محتويات المقال:المقاصد الشرعيةأولا: مبدأ الشرعيةثانيا: مناط المسؤوليةثالثا: العلم شرط لاستحقاق العقابرابعا: شخصية المسؤوليةخامسا: المساواةسادسا: التناسب بين الجرم والعقاب  (1) الأصل في الشرائع كلها أنها...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

مقصد الرحمة في السنة النبوية: رحمة الرسول ﷺ بأهل الكتاب أنموذجا

أحمد عزيوي: أستاذ التعليم العالي بالمركز الجهوي لمهن التربية والتعليم فاس/ مكناس، المملكة المغربية. محتويات المقال:مقدمةإشكالية البحثأهداف البحثمنهج البحثخطة البحثالمبحث الأول: مفهوما الرحمة وأهل الكتابالمطلب الأول: مفهو...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

مقصد الرّحمة وتطبيقاته في السنّة النبوية

عبد المنعم الفقير التمسماني: أستـاذ الحديث والفقه بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة عبد المالك السعدي، تطوان. محتويات المقال:مقدمةمدخلأولا: مفهوم المقاصدثانيا: تعريف «الرحمة»ثالثا: مقصدية الرحمةالمبحث الأول: تأصيل مق...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

تنظيم الدفاع عن حقوق الإنسان

محاولة للتأصيل من منظور إسلامي محمد سليم العوّا 1- لا يخطيء من يقول إن «حقوق الإنسان» هي شعار الـربع الأخيرمن القرن العشــرين الميلادي. فـقـد نشطت حـركة الـدفاع عن حقوق الإنسان منذ أواسط السبعينيات من هذا القرن نشاطا فاق...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

مقاصد الشريعة الإسلاميّة وتحفظات الدول الإسلامية على الاتفاقيات الدولية

أحمد عوض هندي: أستاذ قانون المرافعات- كلية الحقوق- جامعة الإسكندرية محتويات المقال:1- مقاصد الشريعة الإسلامية:2- العلاقة بين مقاصد الشريعة وأحكام القانون:3- مفهوم الاتفاقيات الدولية وأثرها:4- ظهور المعاهدات ذات الطابع ال...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

مقاصد الحرية في الفقه الإسلامي المعاصر حق التنظيم الحزبي والانتخابات نموذجًا

راشد الغنوشي: مفكر وسياسي إسلامي، زعيم حزب النهضة التونسي محتويات المقال:الحريّة مقصدٌ شرعيٌّحرية الاعتقاد والضميرحق التنظيم الحزبي والانتخاباتحق التنظيم الحزبيأ- مفهوم الحزب لغةب - مفهوم الحزب اصطلاحًاخلفيات النظرة السل...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

مقاصد الشريعة في قوانين العمل وحقوق الإنسان

أحمد جاب الله: مدير المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية – باريس محتويات المقال:تعريف العملالمقاصد الشرعية للعمل1- مقصد التعبد2- عمارة الأرض وتنمية الثروة3- تحقيق الاكتفاء الذاتي4- التعبير عن القدرات الذاتية في العمل والإنتا...

مقالات متعلقة بأيام دولية
إقرأ المزيد

العدل في النص القرآني

محمد سليم العوَّا عرض الدكتور محمد حسن جبل لمعاني تعبير (العدل) ومشتقاته في القرآن الكريم وانتهى بعد استقراء مواضع الاستعمال القرآني لهذه الكلمة إلى أنها ترد في مواضعها كلها بمعنى العدل الذي هو ضد الظلم، اللهم إلا في أرب...

مقالات متعلقة بأيام دولية

أنشطة ذات صلة

Back to Top